جلوب باشا (1897 ـ 1986م) اللفتنانت جنرال جون باجوت جلوب،
ويطلق عليه (كلوب باشا)،
ضابط بريطاني، عمل في الجيش البريطاني في العراق عام 1920م، ثم استقال من الجيش البريطاني عام 1926م، والتحق بقوات الصحراء العراقية ونجح في التصدي للغزوات القبلية بالعراق. فعينته الحكومة الأردنية في الجيش الأردني ليقوم بقمع الغزوات البدوية التي كانت تحدث في الأردن. وظل في منصبه (من 1930 ـ 1939م) إلى أن اُختير رئيسًا لأركان حرب الجيش العربي الأردني عام 1939م، وكان هذا الجيش يتلقى مساعدات بريطانية كبيرة سنويًا، ويعمل به عدد كبير من الضباط البريطانيين.
وكان جلوب يدّعي دائمًا أنه ترك ولاءه لبريطانيا، وأنه موالٍ ومخلص للقضايا العربية، إلا أنه افتضح أمره في الدور الذي لعبه في حرب 1948م بين العرب وإسرائيل.
وسيطر جلوب باشا ومعه عدد من الضباط الإنجليز، على الجيش الأردني، وبدأ الملك حسين بن طلال ملك الأردن في بداية ولايته للعرش رحلة المتاعب التي لا تنتهي، وبلغ الخلاف بينه وبين جلوب مداه عام 1956م، حينما عجز الملك حسين عن إقناع جلوب بترقية عدد من الضباط الأردنيين وتهيئتهم لقيادة الجيش في المستقبل، فكان أول قرار تاريخي يتخذه الملك حسين هو طرد الجنرال جلوب ومعاونيه من الإنجليز، وتعريب قيادة الجيش الأردني، وبعد عام واحد ألغى الأردن معاهدته مع بريطانيا والتي كانت قد أبرمت عام 1948م، وقوبل قرار الملك بارتياح عربي وتأييد شعبي (1).
سبب إطلاق لقب «أبو حنيك» عليه
ذات مرة أصابته رصاصة في حنكه ظلت آثارها عالقة حتى عرف كلوب باشا بين الأردنيين والعرب بلقب «أبو حنيك»
جلوب باشا.. والخيانة
في اجتماع كشفت عنه الوثائق البريطانية، ونسخه هيكل كاملاً في كتابه "العروش والجيوش"، تم بين "توفيق أبو الهدى" (رئيس وزراء الأردن آنذاك) ومستر "بيفن" (وزير خارجية إنجلترا).. أوضح فيه أبو الهدى لبيفن أن اليهود فيفلسطين قد أعدوا حكومة وقوة بوليس وجيشًا كي يتمكنوا من تسلم السلطة فور انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، في حين لم يستعد العرب بشيء.
وقبل أن يفرغ الجنرال جلوب من ترجمة العبارة الأخير، قاطعه بيفن قائلاً: إن ذلك هو الشيء الوحيد المعقول والمقبول من بريطانيا، شريطة ألا يتجاوز الفيلق العربي ما هو مخصص للفلسطينيين في قرار التقسيم. ثم وجه كلامه للجنرال جلوب قائلاً: كما أنني أتوقع من الفيلق العربي ما هو أكثر من ذلك، وهو أن يمنع غيره ـ من العرب ـ من اعتراض تنفيذ قرار التقسيم بالنسبة للجزء المخصص للدولة اليهودية.
تدخل الجيوش العربية ودور جلوب باشا
وتحت ضغط الشعوب الإسلامية هبت الدول العربية المستقلة حديثًا في تلك الفترة إلى الإعلان عن قمة عربية أصدرت من خلالها قرارًا يقضي بدخول الجيوش العربية إلى فلسطين نجدة لأهلها - كانت الخطة العربية تقتضي بأن تهاجم الجيوش العربية مواقع الجيش اليهودي ومستعمراته عن طريق شطر فلسطين إلى شطرين يقطع الاتصال بين المستعمرات المتناثرة ويؤمن طريق الوصول بالجيوش العربية إلى حيث المراكز الصهيونية في حيفا وتل أبيب، لكن هذه الخطة تغيرت بخطة وضعت من قبل الجنرال البريطاني كلوب وزير الدفاع الأردني في تلك الآونة، وكان هذا التغير مفاجئًا للجيوش العربية وقادتها خاصة، وأنه جاء قبل دخول الجيوش العربية فلسطين بثمانية وأربعين ساعة.
عن هذا التغير المفاجئ في الخطة يقول اللواء الركن محمود شيت الخطاب: (كان التغير مقصودًا، والذي أراده كلوب باشا من وراء ذلك زج الجيوش العربية في مأزق حرج، وذلك عن طريق كشف أجنحتها لقوات العدو؛ ما يترتب على ذلك شل حركتها وقتل فعاليتها العربية. ولو نفذت الخطة الأصلية التي وضعها العسكريون العرب والتي تهدف إلى شطر فلسطين إلى قسمين لكان من الممكن أن تأتي بفوائد إيجابية لأنها ستؤدي إلى تشتيت القوات اليهودية وتحول دون الاتصال بينها).
الشماغ الأحمر
يقال: إن الشماغ الأحمر المرقط بالأبيض أدخله على العرب كلوب باشا (أبو حنيك)، الذي أسس الجيش الأردني الحديث، بعد أن عانت المصانع البريطانية التي كانت تنتج هذا النوع من أزمة مالية بسبب قلة الطلب على هذه الأغطية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، فجاء جلوب باشا وعممه على الجيش الأردني، ولبسه هو أيضًا، ثم انتشر بين عرب الجزيرة..
يقول الدكتور سيد العفاني في «أعلام وأقزام»: جلوب قائد القوات العربية في حرب 48: عاش جون جلبرت جلوب ثلاثين عامًا يجوب الصحارى العربية مختلطًا بأهلها، وتعلم [url=http://ar.islamway.net/search?domain=default&query="%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9 %D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9"]اللغة العربية[/url] ولاسيما لهجات البدو فأجادها، وعاش مع العرب في خيامهم، ثم عاد إلى بلاده عام 1956، وكان قائد الفيلق العربي في الأردن؛ حيث أوكلت قيادة الجيوش العربية إلى الملك عبد الله بن حسين الذي عين عليها هذا الخائن الصليبي لتحرير فلسطين.
ولجلوب تاريخ غير مشرف في مقاومة الوحدة العربية ومهاجمة الإسلام والعروبة، وقد كتب بحثًا في تاريخ العرب من الزاوية العسكرية، أطلق عليه "الفتوحات العربية الكبرى"، وقد استمد الكتاب من سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري والبلاذري.
وقد كتب خيري حماد مترجم الكتاب إلى اللغة العربية تعليقات إضافية على الأخطاء والانحرافات ورد الشبهات التي وردت فيه فقال: "إن أهم ما في الكتاب هو المحاولة البارزة في كل ناحية من نواحيه للتشويه والتضليل ورسم الصور الزائفة التي تشكك القارئ في الشخصيات العربية العظيمة ابتداءً من النبي صل الله عليه وسلم، وانتهاءً بصغار القادة، عبورًا بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية وخالد وأبي عبيدة وعمرو بن العاص وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم.
وقال: إن المؤلف استند في عملية التشويه إلى ذكاء نادر وإلى روايات ابتكرها من خياله أو وجد أثرًا منها في بعض الكتب الصفراء التي وضعها الشعوبيون في مختلف العصور.
وقال: إنه اتضح لنا من قراءة الكتاب تشيعه لليهود والصهيونية تشيعًا كاملاً لا شك فيه، وكانت هذه الناحية خفية على الجميع؛ ذلك أن جلوب كان يتظاهر بحب العرب حبًا شخصيًا قويًا جعل الكثيرين ينخدعون به، فهو في كتابه مؤيد تأييدًا كاملاً لليهود وإن لم يعلن تأييده هذا صراحة، فهو يروي قصص إجلاء النبي صل الله عليه وسلم لليهود من المدينة وما حولها دون أن يذكر الأسباب التي دعت النبي إلى اتخاذ هذه الخطوات، ومنها نقضهم لعهودهم معه وخيانتهم لاتفاقاتهم ومحاولتهم طعن المسلمين في ظهورهم إبان غزوة الأحزاب وحصار المدينة، أو أثناء معركة أحد، أو سعيهم إلى اغتيال الرسول على الرغم من وجود اتفاقات معقودة بينهم وبين النبي صل الله عليه وسلم.
تعبيره "الشعوب الناطقة بالعربية" الذي تكرر في بحثه تعبير استعماري ماكر يقصد منه تجزئة الأمة الإسلامية بل والعربية إلى مجموعة شعوب تشترك في لغة واحدة. كذا ما يقوم من الجزيرة العربية والشمال الإفريقي من فروق أو تباينات؛ فهو يصفها بأنها كبيرة للغاية، ولكننا لا نرى أن تزيد بأية حال على الفروق التي تقوم بين أهل أسكتلندا مثلاً وأهل ويلز، فاللغة واحدة والتاريخ واحد.
أراد جلوب أن يظهر كل من اعتنق الإسلام إنما كان بدافع الانتهاز والتقرب من الحاكمين والتساوي بهم، وهو قول خطأ كل الخطأ؛ إذ لو صح دافع الانتهاز لانقلب المسلمون على دينهم في البلاد التي خضعت لهذا الإسلام.
كما حاول التفرقة بين العرب والبربر في المغرب العربي، وهي تفرقة غذّاها الاستعمار الفرنسي طيلة وجوده في المغرب؛ إذ حاول أن يجعل من البربر أقلية مميزة.
يصر جلوب على إخفاء الدور الذي لعبه الشعوبيون وفي مقدمتهم اليهودي عبد الله بن سبأ وأتباعه في المؤامرة ضد الإسلام. وقد علق الباحث العربي محمد عبد الغني حسن على هذه الدراسة فقال: إن جلوب قد حمل على المؤرخين العرب في تواريخهم واتهمهم بسوء التقدير، ونسي أن تواريخ اليونان والرومان القديمة فيها كثير من هذا الذي عابه على العرب، وقال: إن جلوب قصد إلى رسم صورة فيها تشكيك وتضليل ورسم الصورة الزائفة التي تشكك في النبي صل الله عليه وسلم وقادة الإسلام (2).
ــــــــــــــ
(1) موقع ثبت الأعلام.
(2) كتاب أعلام وأقزام للدكتور سيد حسين العفاني.