لماذا فرض الله الحجاب
( ياأيُها النبي قل لأزواجِك وبناتِك ونساء المؤمنينَ يُدنينَ عليهن من جلابيبهِن ذلك أدنى أن يُعرفنَ فلا يؤْذينَ وكان اللهُ غفوراً رحيما). سبحان من هدى الناس الى جوامع الخير في أوامره وأبعدهم عن كل مايؤذيهم في نواهيه، الحكمة الواردة في الآية الكريمة جلية واضحة بأن نساء المؤمنين يستترن ويغطين وجوههن خوفاً من الكفار وأذاهم، حينما يعلمون أن هذه المرأة مسلمة أو زوجة أحد المسلمين.
وكان من عادة النساء في مكة ومن القبائل التي تزور مكة للحج تغطية الوجه وإسدال الثياب، فلذلك كان من المتعارف عليه أو من الطبيعي وجود نساء مستترات ولا يُظهرن وجوههن، لذلك لم تكن المسلمات مميزات بين النساء بستر الوجه وإلا لكانت ميزة تميزهن عن غيرهن وبالتالي يُعرفن أيضاً.
الهدف من الحجاب السُترة والهدف من السُترة أمور عديدة منها:
أولاً: حفظ المرأة بالدرجة الأولى من طمع الطامعين وعدم عرض جسمها لغير محارمها، فكثير من شبة المرأة بالجوهرة التي تُحفظ في أجمل الفاترينات وتُغطى بالحرائر وتلف بأجمل علب الهدايا ويمنع أي شخص من لمسها.
ومنهم من شببها بملكة أنجلترا التي لا تكلم الرعية ولا تسلم إلا على المقربين جداً، وكذلك المرأة فهي يجب أن تبقى بعيدةً عن الإختلاط وكذلك هناك فئات محددة من الرجال مسموح لهم رؤيتها في زينتها كالأب والأبن والأخ ...الخ.
ثانياً: من باب رد الفتنة وحفظ المجتمع، فالمرأة حين تستر عورتها وتغطي كل تفاصيل جسمها هي بذلك تحمي نفسها من مضايقات الآخرين وتستر عورتها وتصون أعين الرجال من النظر اليها وبالتالي رد الفتنة.
ثالثاً: منظر جمالي للمرأة يحفظ أنوثتها ويستر عيوبها ولا يظهر مفاتنها أو يظهر تفاصيل جسمها أو يشُف عن جسمها.
وقد قال عليه الصلاة والسلام مخاطباً أم المؤمنين عائشة ( يا عائشة إن المرأة اذا بلغت المحيض لم يصُح أن يُرى منها إلا هذا وهذا وأشار الى وجه وكفيه في الصلاة) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وهذا أمر تأكيد بحديث شريف على وجوب الحجاب، رغم أن العلماء في المذاهب الأربعة كان بينهم خلاف على ما هو واجب، هل هو تغطية الوجه مع الرأس أم فقط الرأس مع كشف الوجه، وكما هو واضح في الحديث الشريف فإن سن التكليف هو سن بلوغ المرأة، ومن الأولى تعويد الطفلة من صغرها على الحشمة وعلى اللباس الساتر الطويل كي تعتاد عليه عند بلوغها ولا تجد صعوبة في التعامل مع الحجاب.
رغم أن كثير من أعداء الدين يدعون ويحرضون على نبذ الحجاب وتركه وإتباع الغرب في لباسهم وطريقة تعاملاتهم في علاقة الرجل بالمرأة، وما هذا إلا عداء وكره للدين يرديون به أن يترك المسلمين صفاتهم وعاداتهم وتعاليم دينهم الحنيف، ولكن يأبى الله سبحانه وتعالى إلا أن يثبت في كل حين أن الدين الإسلامي وتعاليمه هي الصحيحة، فها نحن نرى الغرب والشرق يتحلون ويتعاملون بتعاليم الإسلام ويعودون الى أحكامه عند ظهور مشاكل جديدة في مجتماعاتهم سواء إجتماعية أو اقتصادية أو غيرها.
فكثُرت الأمراض والعلاقات المحرمة التي تُنتج أبناء الخطيئة الذين يحملون الدول عبء نفقتهم ورعايتهم ولا يُعرف لهم أب أو أم، كما وظهرت مشاكل من نوع جديدة كزواج المثيلين جنسياً، وأيضاً تجارة صغار السن من الفتيات الجميلات اللواتي يتم اختطافهن في بلدانهن وبيعهن كالعبيد، وهذا كله ما كان ليحدُث لو كان المجتمع محتشم بعيداً عن المفاتن والمفاسد،فسبحان من فرض الحجاب حماية للمجتمع ورفعةً في قيمة المرأة بالمجتمع.
كيف يكون الحجاب الصحيح
الحجاب سترة للفتاة لشعرها ، و أيضاً هو رمزٌ لفتيات أمة محمد صل الله عليه و سلّم .
و الحجاب ليس قطعة قماش تضعها الفتاة على رأسها فقط ، بل يجب أن يكون الحجاب صحيحاً متكاملاً كما يحبه الله تعالى و يرضاه ، فلا تخرج الفتاة متبرجةُ متعطرةَ متزينةَ ، لبسها لافتٌ ضيقُ شفافٌ ، فلا يجوز أن تلفت هذا و تغري ذاك ، حجابها يمتد من رأسها لكامل جسمها ، فالمرأة كلها عورة لا يجوز لها إلا كشف الوجه و الكفين ، فتلبس حجابها و تستر جسدها باللباس الذي يحب الله و يرضاه . فما أقسى أن تخسر الفتاةُ جنة عرضها السموات و الأرض ، جنةٌ لها ثماني أبواب ، فلا تفت من أي باب ؛ فقط لأنها التفت لمرضاة الناس في لبساها ، و نسيت رضى الله عز و جلّ ، فظهرت متبرجة ، باللباس الملفت ، لم تراعي أحكام الله و تراعيها .
قال الله تعالى في القرآن الكريم
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) [الأحزاب: 59 ] ، فإن ارتدت الفتاة ما يرضي الله في الدنيا ، ألبسها ما ترضى في الآخرة ، قال تعالى : ( عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ) . و إن لبست ما يغضب الله فستجد في الآخرة ما يغضبها من لباس ، قال تعالى : (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ) .
ما هي صفات الحجاب الشرعي
إن الحجب هو التغطية أو الستر. وأي شيء يستر ويغطى يدل على قيمته الباهظة والحرص على حفظه وصونه، فلا تطاله يد خبيثة، ولا ينظر إليه عين لا يحق لها النظر إليه.
ولما كانت المرأة المسلمة جوهرة ثمينة وقيمة نفيسة وجب تغطيتها والحرص عليها من أن تصل إليها أعين العامة ونظر المارة لذا حرص الإسلام الحنيف على بقاء المرأة في عفة وطهر، وإبعادها كل البعد عن العابثين أصحاب النزوات والشهوات الدينية. ففرض الله تعالى الحجاب على المرأة المسلمة وخالف عادات الجاهلية الأولى في إظهار رقبة المرأة أو جزءاُ من جسدها ، وبدأ الأمر الرباني بنساء النبي- صل الله عليه وسلم- وهن أطهر النساء على وجه الأرض، وهن المثل الأعلى لباقي المسلمات فهن امهات المؤمنين، وحرم عليهم الزواج بعد النبي - صل الله عليه وسلم- إلا ان الامر الرباني خصهن قبل غيرهن " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيماً ". فامتثلت زوجات النبي - رضي الله عنهن- ونساء المسلمين لأمره تعالى حين نزل؛ فهذه ام المؤمنين عائشة بنت ابي بكر الصديق تصفهن :" كأن على رؤوسهن الغربان ".
إن الحجاب الشرعي الذي أراده الله تعالى يتصف بعدة صفات، ويشترط في أي حجاب سترتديه المسلمة أن يحتوي هذه الصفات جميعها، فهو ساتر يستر كل جسد المرأة ما عدا الكفين والوجه وفي هذا اختلاف بين العلماء؛ فمنهم من اوجب سترهما، ومنهم من أجاز كشفهما إلا في زمن الفتنة ولكل منهم دليله ومذهبه فتعددت الاراء في هذا الباب . ومن ثم يجب ان يكون الحجاب فضفاضاً لا يصف ولا يشف ولا يجسم حجم العظام او اي جزء من الجسد وغيرها. والأ يكون معطراً او مزيناً أو ملفتاً للانتباه، ولا يكون لباس شهرة أو لفت للانظار أو مشبهاً بالرجال أو بالكافرات، فللمرأة المسلمة سمة تميزها عن غيرها، ولا يحق لها تقليد غير المسلمات .
إن المسلمة تطيع أمر ربها وتحرص على رضاه لتحفظ نفسها وتنال خير الدنيا والاخرة ، فملكة في الدنيا وحورية في الجنة تلك التي تحافظ على نفسها ولا تقع في براثن الاثم وشباك أعداء الإسلام الذين يروجون لعري المراة وتحريرها من حجابها وكأنه سجن تقبع فيه ويقيدها ! مع أن المرأة في الإسلام كانت تشارك الرجل في كثير من الامور الحياتية كمشاركتها في الجهاد والدعوة والذهاب للاسواق وغيرها ولم يقيدها حجابها بل حافظ عليها ومنحها حريتها لكنهم هم يريدون ان يحرووا شهواتهم بإتجاهها، ويتلذووا بجسدها ، فباتت المراة عندهم سلعة رخيصة تتعرى على الشاشات، وتظهر في الاعلانات، وتمتهن اشد الامتهان ؛ فالمراة في الغرب في دنو وتدنيس تستغل وتفتات بجسدها ، وكأنها سلعة مسخرة للرجال بلا كرامة أو روح أو كيان.
لكن الإسلام الحنيف أعلا من شأنها وجعلها مخلوقاً مكلفاً كما الرجل، عليها واجبات ولها حقوق ، وجعل حق النفقة عليها ورعايتها على الرجل، وهو مسؤول عنها وسيحاسبه الله تعالى على تقصيره، ومنحها حقوقها التي كانت تمنع منها واعطاها حق الحياة والارث والتملك ولم يوجب عليها العمل لتعيش كما هي المرأة الغربية، كما ان النبي - صل الله عليه وسلم- أمر بالنساء خيراً فقال : " استوصوا بالنساء خيراً " ووعد من رعى بناته ورباهن وأحسن تأديبهن أن يكن عتقاً له من النار . فأي دين وتشريع وقانون كرم المراة كهذا التكريم العظيم !! أفلا يكون من المراة المسلمة بعد كل هذا أن تطيع ربها وتلتزم حجابها وتحافظ على نفسها، ولا تبدي زينتها الا لمحارمها، وإلا كانت كاسية عارية توعدها النبي – عليه الصلاة والسلام - بالنار فقال " .... ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن مثل أسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها"