متحف الآثار الأردني.. تاريخ الأردن الحضاري عبر العصور
على قمة جبل القلعة وسط عمان، بُني متحف الآثار الأردني عام 1951 ليعرض ما تزخر به المواقع الأثرية من قطع فنية متنوعة اكتُشفت خلال أعمال التنقيب في سائر أرجاء الأردن.قام بتصميم البناء بحسب موقعي ويكبيديا ووزارة الثقافةالمهندس البريطاني أوستن هاريسون، الذي صمم بناء المتحف الفلسطيني بالقدس، وذلك بإشراف مدير عام الآثار آنذاك جيرالد لانكسترهاردنج.أما مساحة المتحف فتبلغ نحو 550 مترا مربعا، بينما تبلغ مساحة الطابق الأرضي الذي تشغله المستودعات قرابة 300 متر مربع.
جُلبت خزائن العرض المصنوعة من النحاس والزجاج والخشب من بريطانيا، وكذلك الحال بالنسبة لحاملات بطاقات الشروحات للقطع.وبعد عقدين من الزمن، أضيفت خزائن من الخشب والألمنيوم والزجاج عندما تضاعفت أعداد القطع الواردة للمتحف.
صُمم متحف الآثار الأردني ليعتمد على الإنارة الطبيعية (ضوء الشمس) من خلال الشبابيك الموجودة أعلى المبنى، وعلى مصابيح كهربائية ثُبتت على جدران المتحف وفوق الخزائن بحيث لا تسلط الضوء مباشرة على القطع الأثرية فتؤذيها، وفي وقت لاحق أضيفت مصابيح الفلوروسنت المثبتة على سقف المتحف.
أما ساحة المتحف وحديقته المطلّة على معبد هرقل، فقد تم تحديثها وتطويرها وزراعتها وعرض عدد من القطع الحجرية الأثرية فيها، أهمها قطعتان رخاميتان يُعتقد أنهما تعودان لتمثال ضخم لهرقل. إلى جانب عدد من المنحوتات والحليات المعمارية والتوابيت البازلتية.
وقبل سنوات قليلة تم نقل عدد من القطع الأثرية التي يضمها المتحف الى المتحف الجديد في رأس العين وهو»متحف الأردن» والذي يؤرخ بأسلوب حديث يواكب آخر تقنيات العرض العالمية حكاية الانسان والحضارة في الأردن منذ ماقبل التاريخ وحتى عهد تأسيس الدولة الأردنية عام1921.
أسلوب العرض في المتحف
يعتمد متحف الآثار الأردني أسلوب العرض تبعا للتسلسل التاريخي الذي ينقل الزائر بنظام وتسلسل زمني سلس ما بين العصور للتعرف على النتاج الحضاري للإنسان الذي عاش على أرض الأردن عبر الحقب الزمنية كافة. بدءاً من عصور ما قبل التاريخ وحتى الفترة العثمانية، مرورا بالعصور الحجرية، والبرونزية، والحديدية، والهلنستية، والرومانية، والبيزنطية والإسلامية.أما مصادر هذه القطع فهي حصيلة التنقيبات والمسوحات الأثرية، والشراء.وفي بداية التسعينات تم توقيف استقبال القطع الأثرية نظرا لاكتظاظ المستودعات والقاعات بالقطع الأثرية، وعدم توفر مساحات إضافية لاستيعاب المزيد منها. لذلك تم إنشاء مستودعات في طبربور لتستقبل القطع الأثرية من المصادر آنفة الذكر. ولا يرد إلى المتحف حاليا إلا القطع النادرة والمهمة جدا، علما أن المتحف يضم أيضا في طابق سفلي مستودع يضم مجموعة كبيرة من الآثار والكنوز التي تم اكتشافها في الأردن وتعود لفترات زمنية مختلفة.
أبرز المعروضات
يقتني المتحف نحو عشرين ألف قطعة أثرية متنوعة ما بين فخاريات وزجاج وأدوات صوانية ونقوش وأوانٍ معدنية وحلي ذهبية إضافة للتماثيل الرخامية والحجرية والجصية، ومسكوكات ذهبية وفضية وبرونزية يزيد عددها على 36.500 مسكوكة.
قيمة تاريخية كبيرة
يمتاز المتحف باقتنائه قطعاً أثرية نادرة لا يوجد لها مثيل في أي مكان من العالم وتحمل قيمة تاريخية كبيرة، والقاسم المشترك بين معظم هذه القطع هو اكتشافها بـ»الصدفة»، مثل: تماثيل عين غزال الجصية التي اكتشفت بالصدفة سنة 1984 في موقع عين غزال شرق العاصمة وتعتبر الأقدم على مستوى العالم، حيث أنها
تعود للعصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري (حوالي 6500 قبل الميلاد)، ونقل جزء من هذه التماثيل الى «متحف الأردن».كما يعرض المتحف الملف النحاسي من مخطوطات البحر الميت التي اكتشفها صبي يرعى الأغنام أثناء بحثه عن شاة شاردة في كهف خربة قمران على ضفة البحر الميت، وعرض المتحف قارورة تل سيران النحاسية التي تعود للفترة العمونية والتي تحمل كتابات تذكر عددا من ملوك العمونيين والتي اكتُشفت أثناء بناء كلية الهندسة في الجامعة الأردنية، ونقلت حاليا الى متحف الأردن، وكان من أبرز معروضات المتحف رأس تايكي وهي الاهة ربة عمون قديماً وقد عثر عليها أثناء الحفر لأساسات المتحف، ونقلت هي أيضا الى متحف الأردن في رأس العين.
ويعرض المتحف كذلك التوابيت الفخارية الشبيهة بنظيرتها الفرعونية، والتي اكتُشفت مصادفة في جبل القصور بعمّان، وهي توابيت فخارية تعود للعصر الحديدي،
لها غطاء على هيئة رأس إنسان.
ومن القطع النادرة أيضا، المنقل البرونزي من منطقة الفدين شرق الأردن والذي يعود للعصر الأموي ويمتاز بفرادة تصميمه، والجماجم المجصصة من أريحا، وصندوق بيلا العاجي، علاوة على التماثيل العمونية المتعددة، والمعروضات التي تمتاز بالطرافة والغرابة مثل القنابل الفخارية، والقوالب المعدنية ذات الأشكال الحيوانية، وتمثال فخاري لأنثى تضع وليدها.
ويضم جداريات حجرية مزخرفة من العصر الأموي، وأسلحة من العصر المملوكي، كذلك نسخة من مسلة ميشيع الشهيرة والتي تؤرخ للصراع بين المؤابيين والعبرانيين، وقد عثر عليها في منطقة ذيبان قرب مادبا أواخر القرن التاسع عشرونقلت الى متحف اللوفر،ويطالب عدد من المثقفين والمهتمين في الآثار باستعادتها من فرنسا. ويستقبل المتحف زواره يوميا نظرا للقبال السياحي الكبير طيلة أيام الأسبوع على منطقة جبل القلعةن ويزوره سنويا قرابة المئتي ألف زائر غالبيتهم من الأجانب، وتعتبر رسوم الدخول للمتحف رمزية للغاية فهي 15 قرش للأردني وديناران للجنسيات الأخرى.