بالصور .. متحف تاريخ الطباعة بمكتبة الإسكندرية شاهد على أول مطبعة.. "مطبعة بولاق"
أنشأت فى عهد محمد على.. وأولى إصدارتها قاموس "عربى – إيطالى"..
أغلقت فى عهد سعيد باشا.. وتغير مكانها بعد ثورة 1952
مطبعة بولاق
يعد معرض تاريخ الطباعة من أهم المعارض الدائمة بمكتبة الإسكندرية، وهو يعبر عن عراقة تاريخ الطباعة فى مصر، ويذكر رواد المكتبة بطريقة طباعة الكتب فى العصور الماضية، ويعد من أهم مقتنيات هذا المعرض هو مقتنيات مكتبة بولاق الشهيرة التى نقلت إلى المكتبة للحفاظ عليها وإبراز قيمتها التاريخية، وتم وضعها وسط الأماكن المخصصة للقراءة وأقسام الكتب المختلفة
" مطبعة بولاق " أول مطبعة رسمية حكومية فى تاريخ مصر
ويقول أحمد منصور، نائب مدير مركز المخطوطات التابع إلى مكتبة الاسكندرية، أن مطبعة بولاق أوالمطبعة الأميرية، هى أول مطبعة رسمية حكومية تنشأ على الإطلاق فى مصر تقيم، وعملت على إحداث نقلة ليست نوعية فحسب بل نقلة كمية ومعرفية للعلم فى المنطقة العربية بأسرها، وقد أنشأها محمد على فى عام 1820م كما هوثابت باللوحة التذكارية لتأسيس للمطبعة، التى هى عبارة عن قطعة من الرخام طولها 110 سنتيمترات وعرضها 55 سنتيمترًا وقد نقشت بحيث برزت عليها الأبيات الشعرية باللغة التركية وترجمتها
وأوضح " منصور" أن محمد على قد بدأ بالتفكير فى إدخال فن الطباعة إلى مصر منذ عام 1815م، حينما أرسل أول بعثة رسمية إلى مدينة ميلان فى إيطاليا برئاسة نيقولا المسابكى لتعلم فن الطباعة، وحينما عاد نيقولا من بعثته كان قادرًا على تشييد أول مطبعة حكومية رسمية فى مصر
مراحل إنشاء مطبعة بولاق
وحول مراحل انشاء المطبعة يقول " منصور " أنة تم البدء فى إقامة بناء المطبعة فى سنة 1235هـ/ 1820م ولم يأت شهر ذوالحجة من سنة 1235هـ وشهر سبتمبر من سنة 1820م إلا وكان البناء قد تم تشييده، أما تركيب الآلات ووضعها فى أماكنها فقد تم البدء فيه فى سبتمبر سنة 1821م وتم الانتهاء منه فى يناير سنة 1822م
وأضاف أن فترة التجربة ( تجربة الآلات والحروف وتوزيع العمال عليها وتدريبهم على أعمالهم) قد استغرقت المدة من يناير سنة 1822م إلى أغسطس من نفس السنة وبلغ العمل فى المطبعة أشده وبدأت المطبعة فى عملية الإنتاج الفعلى بين أغسطس إلى ديسمبر سنة 1822م وأصدرت أول مطبوعاتها فى ديسمبر سنة 1822م
وجاءت أولى إصدارات المطبعة فى عام 1238هـ/1822م ممثلة فى «قاموس إيطالي-عربي» ملبية لفكر محمد على فى ضرورة الانفتاح على أوروبا لاقتباس أسباب تقدمها؛ ومن ثمَّ ظهرت الحاجة إلى الترجمة، بالإضافة إلى أن محمد على باشا اتجه أول الأمر إلى إيطاليا فى إرسال البعثات وكانت اللغة الإيطالية أول لغة أجنبية تُدرس فى مدارسه
الأسماء المختلفة للمطبعة على مر العصور
ويقول أحمد منصور، أن أول اسم للمطبعة فى اللوحة التذكارية لإنشائها، كان اسم «دار الطباعة» ثم نجد فى أول مطبوعاتها، وهو القاموس العربى الإيطالى، أن اسمها فى الجزء العربى من القاموس «مطبعة صاحب السعادة» إذ كُتب فى أسفل أولى صفحات هذا الجزء : «تم الطبع فى بولاق بمطبعة صاحب السعادة»، واسمها فى الجزء الإيطالى هو«المطبعة الأميرية»
واشار إلى ان اسم المطبعة إختلف باختلاف تفنن الكاتب فى التعبير إلا أنة ذكر فى كل الأحوال اسم "بولاق" ثم يضاف إليها عدة أوصاف، وفى عام 1862م أهداها سعيد باشا إلى عبد الرحمن رشدى فتغير اسمها إلى «مطبعة عبد الرحمن رشدى ببولاق»، ثم عاد اسمها وتغير إلى «المطبعة السنية ببولاق» أو«مطبعة بولاق السنية» وذلك فى عهد الخديوى إسماعيل، حيث ظلت المطبعة بعيدة عن قبضة الحكومة المصرية، وفى عهد الخديوى توفيق تغير اسمها للمرة الثالثة ليصبح «مطبعة بولاق الأميرية»، ثم فى عام 1903م تغير إلى »المطبعة الأميرية ببولاق»، وفى عام 1905م أصبح اسمها «المطبعة الأميرية بالقاهرة»، وبعد قيام ثورة يوليو1952م اهتمت حكومة الثورة بضرورة الاهتمام بالمطبعة الأميرية. ففى عهد الرئيس جمال عبد الناصر أنشئت وزارة الصناعة فى عام 1956م، وصدر قرار رئيس الجمهورية بإنشاء هيئة عامة للمطابع يلحق بوزارة الصناعة يطلق عليها الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية
تغير موقع المطبعة بعد ثورة 1952
وكشف أحمد منصور نائب مركز المخطوطات، أن موقع المطبعة قد تغير عدة مرات، حيث شُيدت مطبعة بولاق فى أول الأمر فى جزء من مساحة الترسانة البحرية فى الجزء الممتد على ضفة النيل اليمنى من الشمال إلى الجنوب إلى الشمال قليلاً من موقعها المعدل ببولاق
أما بعد قيام ثورة يوليو1952م وجدت حكومة الثورة ضرورة الاهتمام بالمطبعة الأميرية وتم التفكير فى إنشاء مبنى جديد للمطابع وذلك لتلبية جميع طلبات الهيئات والمصالح الحكومية، وكذلك مسايرة التقدم فى فن الطباعة باستبدال الماكينات القديمة بماكينات أخرى حديثة ذات سرعات عالية. فى عام 1958م تم الاتفاق على إنشاء هذا المبنى الجديد للمطابع الأميرية، وتم تخصيص مساحة قدرها 30.000 متر مربع من أرض مشتل التنظيم بإمبابة لإقامة مبانى المطبعة الجديدة عليها، فى حين استقر بها الحال داخل مكتبة الاسكندرية كمتحف ومعرض لتوثيق تاريخ الطباعة.
أزمات واجهت المطبعة .. وتدهور حالتها من 1881م إلى 1896م
وقال أحمد منصور أن المطبعة قد مرت فى عدة فترات من تاريخها بعدة أزمات من أشهرها إغلاقها فى عهد الوالى محمد سعيد، ثم منحها إلى عبد الرحمن باشا رشدى فى عصر، ثم ضمها إلى الدائرة السنية فى عهد الخديوى إسماعيل، إلى أن استقرت فى كنف الحكومة المصرية فى عهد الخديوى توفيق لكنه على الجانب الآخر كانت وما زالت فى معظم فتراتها قوية فتية شاهدة على أحداث عصرها بما تصدره من مطبوعات
واستطرد أن الفترة من سنة 1881م إلى 1896م كانت تعد فترة ركود فى مطبعة بولاق فمع قيامها بكل ما احتاجت إليه الحكومة من أعمال الطباعة فإنها لم تتقدم فى أى ناحية من النواحى التقنية والاقتصادية بل وتدهورت تمامًا كما قاست مطبعة بولاق من انشغال الحكومة بالثورة العرابية، حيث توقفت مطبعة بولاق عن العمل بعض الوقت خلال الثورة العرابية واحتلال الإنجليز للبلاد، ونزح عدد كبير من الأجانب عن مصر، ومن بينهم بالطبع بعض عمال المطبعة من الفنيين
وأضاف "منصور" أن حال المطبعة قد تأرجح بين التدهور والازدهار إلى قيام ثورة 1952م، فمع قيام الثورة أنشئت وزارة الصناعة عام 1956م، وضمت إليها مطبعة بولاق تحت مسمى «الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية»، وما زالت المطبعة تلبى احتياجات الدولة من كافة أنواع المطبوعات، إلى جانب إسهامها فى تنشيط حركة الطباعة والنشر فى مصر والشرق الأوسط من خلال إصداراتها المختلفة.
مكتبة الإسكندرية والحفاظ على تراث مطبعة بولاق
ويقول نائب مركز المخطوطات، أنة فى عام 2004 وبفضل المناقشات المثمرة مكتبة الإسكندرية، وبين وزارة التجارة الخارجية والصناعة، تم الاتفاق على إهداء مكتبة الإسكندرية مقتنيات مطبعة بولاق من آلات، ومعدات، وماكينات طباعة، وإصدارات المطبعة النادرة بهدف الحفاظ على تراث المطبعة القديم، والبدء فى تنفيذ متحف دائم يضم هذه المقتنيات النفيسة
وأضاف قائلا :" بعد استلام مكتبة الإسكندرية لهذه المقتنيات، بدأنا فى وضع خطة العمل، والتى تضمنت، ترميم الماكينات القديمة، واختيار أنسب القطع المكتملة، والمجسدة لتطور مراحل العمل فى المطبعة، وقام الفريق البحثى بإعداد كتالوج مصور لهذه الماكينات، وتروها، وكيفية تشغليها، ودورها فى تطوير سياسة العمل بمطبعة بولاق على مدار تاريخها، ويوثق تاريخ الطباعة فى مصر
كما قام الفريق البحثى بفتح قنوات اتصال مباشرة مع متاحف الطباعة فى العالم، وخاصة فى إيطاليا، وفرنسا، حتى استطاع الحصول على بعض المواد العلمية المهمة فى عملية توثيق مقتنيات المطبعة من الماكينات والآلات
وقام أيضا الفريق البحثى بإعداد متحف لتاريخ مطبعة بولاق، تحت إشراف مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية، حيث اُفتتح رسميًّا فى عام 2007 للجمهور
مقتنيات متحف تاريخ الطباعة بمكتبة الاسكندرية
وأشار أحمد منصور إلى أن المتحف الذى تم انشاؤه بساحة المكتبة الداخلية يضم النص التأسيسى لمطبعة بولاق فى عهد محمد على، وحدة عرض تضم كل من العدد الأول من الوقائع المصرية، ونماذج الأحرف الخشبية، خزينة الأختام الخاصة بمحمد على وأسرته، وهى تعود إلى عصر إنشاء المطبعة
وكذلك آلة الطباعة الحجرية، نموذج من قالب الطباعة الحجرية، ماكينة الطباعة اليدوية "جولدينج"، وحدة العرض خاصة بالأحرف الرصاص للطباعة وأمامها مقص الأحرف الرصاص ثم إلى الخلف ماكينة الجمع الآلى اللينوتيب، وإلى جانبها ماكينة آلة طبع الأظرف ثم أكلاشيه النسر والصقر، ثم مكبس التذهيب، كذلك تحتوى المكتبة على وحدات عرض تعرض مجموعة من الكتب، وماكينة طبع البروفات، إلى جانبها نص التجديد الخاص الخديوى توفيق، ووحدات عرض تعرض مجموعة من الكتب، بالاضافة إلى كشف الحضور والانصراف وبطاقة أحد العاملين، والعدد الأول من الجريدة الرسمية، وأخيرا ماكينة التسطير وقد قام الفريق البحثى بإنشاء موقع إلكترونى خاص بتراث مطبعة بولاق
يذكر أنة فى عام 2008 أعلنت أسماء الفائزين بجوائز الدولة التشجيعية، وقد حصل الدكتور خالد عزب، مدير إدارة الإعلام بمكتبة الإسكندرية، وأحمد منصور، الباحث بمركز الخطوط التابع للمكتبة، على جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاجتماعية عن كتاب مطبعة بولاق، والذى قدّم فيه المؤلفان شرحاً مفصلاً وتعريفاً متكاملاً بهذه التحفة التاريخية التى لولاها ما وصلت الحياة الأدبية والثقافية إلى ما هى عليه الآن، ويعتبر موضوع هذا الكتاب "تاريخ الطباعة فى مصر" من الأهمية بمكان كونه يوثق تاريخ الطباعة فى مصر الحديثة
مطبعة بولاق
نماذج من الاحرف الرصاص
احد الماكينات التابعة للمطبعة القديمة
بعض مطبوعات المطبعة القديمة
موقع المتحف داخل مكتبة الاسكندرية
ماكينة قص
ماكينة للطباعة بالرصاص
أحد ماكينات المطبعة
جانب من المتحف
ماكينة قص
الماكينات تتصدر البهوالرئيسى لقاعات القراءة
مقتنيات مطبعة بولاق داخل مكتبة الاسكندرية
ماكينة طبع الاظرف
احدى الماكينات وبها المكبس