منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مفاهيم ضائعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفاهيم ضائعة Empty
مُساهمةموضوع: مفاهيم ضائعة   مفاهيم ضائعة Emptyالخميس 21 يناير 2016, 4:19 am

مفاهيم ضائعة (1)



مفهوم الجار في الإسلام



 

وقفة تربوية مع معاناة مجتمعية منتشرة:

كم من رجلٍ هَجر بيته وكره الحيَّ الذي فيه كله ضجرًا وتعبًا من جاره وأسلوب عجرَفَته وتماديه في إيذائه!

كم من بيتٍ بِيعَ بنصف ثمنه فرارًا من الجار ذي الأخلاق السيِّئة!

كم من جارٍ كان سببًا لضيقٍ وهمٍّ وحزن، وكان بابًا من أبواب الشقاء بدل السعادة!

 

واقعنا المرُّ:

كم تحتاج أمَّتنا اليوم لنموذج من الجار المسلم الذي يتعبَّد ربَّه بالإحسان لجاره، فإن لم يستطع الإحسانَ كفَّ على الأقل أذاه:

فلا يؤذيه ولا يخذله، ولا يضَع حاجياته أمامَ بيته، ولا يهضم حقَّه، ولا يُقلِقه حين دخوله وخروجه وعند نومه.

جار حين تَراه تكاد تقبِّل يدَه ورأسه؛ من طِيب خلقه، وحُسن تربيته، وجمال روحه.

جار حين ترى سلوكَه وجميل خلقه يَسكن قلبك، فتظلُّ تذكره في دعائك.

 

وتتشرَّف به وتفخر بجواره بقولك: طبتَ والله وطاب مَمشاك، وتبوَّأتَ من الجنَّة منزلًا، فما زالت الدنيا بخير طالما أنَّ فيها أمثالكم.

 

مفهوم الجار الصالح في الإسلام:

إنَّ مفهوم الجار الصالح ومدى عظمته وأهميَّته لَهو من أخطر المفاهيم التي غَفل عنها كثير جدًّا من المسلمين.

إنَّ مفهوم الجار الصالح هو مفهوم تربويٌّ خُلقي، ومدخل من مداخل السعادة إلى قلوب جيرانه.

إنَّ مفهوم الجار الصالح لهو مَفهوم ذو إشارات تربويَّة ودلالات واضحة على مدى فهمه لدينه وتربيته وسلوكه.

 

مفهوم إكرام الجار:

إنَّ إكرام الجار مَفهوم بالفعل ضائع بين المسلمين؛ بل إنَّ الأمر الذي يلفِتُ النَّظر في الأحاديث النبويَّة الشريفة أنَّ النَّبي عليه الصلاة والسلام ربط الإيمانَ كلَّه بإكرام الجار، بل نفى الإيمانَ عن الذي لا يَأمنُ جارُه أذاه.

 

ممَّا يؤكِّد العلاقة الوثيقة والخطيرة بين خُلق إكرامِ الجار والإيمان، وأنَّها علاقةٌ وشيجة، هامَّة قويَّة، يجب أن تكون متينة.

 

بل هي علاقة ترابطيَّة؛ بحيث إذا ماتَت هذه الفضيلة - فضيلة إكرام الجار، التي أقلها عدم إيذائه - مات معها الإيمانُ عن صاحبه.

 

لَفتة إنسانية سريعة:

إذا كان عدَم إيذاء الجار يُعدُّ قيمة أخلاقيَّة إسلاميَّة نبوية جميلة، فما بالك بالإحسان إليه؟

 

الجار في القيم الإسلامية:

للجار على الجار في القِيم الإسلاميَّة حقوق كبيرة.

للجار على الجار في الآداب الشرعيَّة حقوقٌ تُشبه حقوقَ الأرحام؛ وهو الشيء الذي يَلفِتُ النَّظر.

 

من هذه الحقوق: المواصلة بالزِّيارة، والتهادي - أن يُهدي كلٌّ منهم إلى الآخر هديَّةً تعبيرًا عن المودَّة - والعيادة حين المرض، والمواساة حين المصيبة، والمعونة حين الحاجة.

 

وإذا كان للجار حقوق قد خصَّها الشرع وأمر بها وحثَّ عليها لدرجةٍ تُشبه حقوق الأرحام، فإنَّه ومن باب أولى أن يكون الحق الأكبر هو دَفع الأذى عنه؛ فهو مُقدَّم على تقديم النَّفع من التهادي والزيارة وغيرها.

 

مظاهر من إيذاء الجار:

• تعلية أصوات أَجهزة التلفزيون وغيرها؛ بما يُزعج الجار ويَحرِمه من النَّوم، ويضير أعصابه، ويقلِق منامه.

 

• وضع بعض من حاجيات منزله أمام أو بجوار باب بيت جاره، وتركه المكان فارغًا أمام داره وبابه.

 

• استغلال تديُّن الجار وطِيبته، وإيثاره السَّلامةَ، وحسن خُلقه وكبر سنِّه، أو مرضه وتغاضيه عن الإساءات - في تمادي الآخر في سُوء خُلقه وخروجه عن الأدب.

 

• عدم إفساح المكان بما يسهِّل المرور، ويأتي بالسرور، ويُريح النفوس.

 

• عدم احترام الجار الصَّغير للجار الكبير.

 

تحذير نبوي شديد:

((من آذى جارَه فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللهَ، ومن حارَب جارَه فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله))؛ [رواه أبو نعيم].

 

يقول د. راتب النابلسي:

لأنَّك أنت حينما تؤذي الجار أنت تُسقِطُ عباداتك كلها، وتؤكِّد للناس أنَّ الدِّين كلامٌ فارغ، وأنَّ الدين رابطةٌ واهية؛ الدِّينُ معاملة، الدِّين تضحية، الدِّين أمانة.

 

كي نقطف ثمار الإسلام بادِر أنت، اقطع لسانَ جارك، كيف تَقطعه؟

بالإحسان إليه، قابل أنت السيِّئَ بالإحسان يصبحُ صالحًا؛ فالسيِّئ إذا أحسَنتَ إليه حجَّمتَه، حجَّمته وأربَكتَه وأسكنتَ لسانه.

 

عن أبي شُريحٍ الخُزاعي أنَّ النبيَّ صل الله عليه وسلم قال: ((مَن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُحسِن إلى جاره، ومَن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُكرِم ضيفَه، ومَن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليسكُت))؛ رواه مسلم.

 

وممَّا يعنيه الحديثُ النبوي أنَّ من لوازم الإيمان بالله تعالى وباليومِ الآخر إكرامَ الجار، وإكرامَ الضَّيف.

 

وجعلها النبيُّ من أساسيَّات أخلاق المسلم؛ فعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسولُ الله صل الله عليه وسلم: ((خيرُ الأصحاب عند الله خيرُهم لصاحبه، وخيرُ الجيران عند الله خيرُهم لجاره))؛ [رواه الترمذي].

 

صاحبان، صديقان، شريكان، جاران؛ ((خيرُ الأصحاب عند الله خيرُهم لصاحبه))، إذا فُقْتَه في الإحسان، فأنت أفضَل منه، إذا فُقتَه في الانضباط، فأنت أَفضلُ منه، إذا فُقتَه في العفو، فأنت خير منه.

 

التمادي والاستمرار في الإساءة إلى الجار:

يقول د. راتب النابلسي: المبالغة في الإساءة:

عن أبي هريرة قال: "جاء رجُلٌ إلى النبي صل الله عليه وسلم يَشكو جارَه، فقال: ((اذهب فاصبِر))، فأتاه مرَّتين أو ثلاثًا، فقال: ((اذهب فاطرح متاعَك في الطَّريق))، فطرح متاعَه في الطَّريق، فجعل النَّاسُ يَسألُونه فيُخبرُهم خبرَه، فجعل النَّاسُ يَلعنونه: فَعل اللهُ به، وفعل وفعل، فجاء إليه جارُه فقال له: ارجع لا ترى منِّي شيئًا تَكرهه"؛ رواه أبو داود.

 

معنى ذلك أنَّ الإنسان يعيشُ بسُمعَته، ويعيشُ بكرَامته، يعيشُ بثَناء الناس عليه؛ فحِينما بالَغ هذا الجار بالإساءة إلى جاره، النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام أهدَر كرامتَه؛ هذا لا كرامة له، ولا غيبة له، اذكر ما يَفعله ليَحذر النَّاس منه.

 

أخيرًا:

أخيرًا، إلى كلِّ جار مُؤذٍ، يتمادى في إيذائه لجاره، إليك حديث رسولِ الله صاحب الأخلاق والذَّوق والشفاعة، ثمَّ بالله عليك قل لنا رأيك بعدما تَقرأ حديثَ نبيِّك محمد صل الله عليه وسلم.

 

في حديثه المبارك الذي أَخرجه الطبرانيُّ من حديث ابن عمر قال: خرج رسولُ الله صل الله عليه وسلم في غزاةٍ فقال: ((لا يصحبنا اليوم من آذى جارَه))؛ رواه الطبراني.

 

فيا من تتمادى في إيذاء جارك، ما رأيك الآن بعدما قرأتَ قرآنَ الله وحديثَ رسوله ومصطفاه؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفاهيم ضائعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفاهيم ضائعة   مفاهيم ضائعة Emptyالخميس 21 يناير 2016, 4:20 am

مفاهيم ضائعة (2)



واجِه حياتك








سيدي/ سيدتي،

وقفة سريعة، لكنها ضرورة.

وقفة سريعة، لكنها في حقيقتها منهج حياة.

دعونا نصارح فيها أنفسنا، ونطبطب على ذواتنا بحب وصدق؛ فإذا صارحنا أنفسنا بصدق، ومعها تصالحنا، استطعنا مواجهة خشونة حياتنا.

 

سيدي/ سيدتي،

القصص (التراجيدية)، والموسيقا الحزينة، والعزلة والانطواء عن خلق الله، والنظرة التشاؤمية للأمور كلِّها، واستدعاء المواقف المبكية، وحشو الذاكرة بها، واستعمال الكلمات العميقة في الحزن السابحة فيه لحد الغرق، والاسترسال في استدعاء الذكريات المُرَّة والمؤلمة، والإحباط ودفن النفس والجسد حيًّا عند وقوع المشكلة....

 

سيدي/ سيدتي، توقفوا عن ذلك قدر الجهد والإمكان، تفاءلوا، كونوا إيجابيين، لا تتشاءموا؛ فمن كان الله معه لن يضيع، وما خلقَنا الله كي يعذِّبنا؛ فهو الغنيُّ عنا أجمعين، بل هو خلَقنا لمصلحتنا وسعادتنا نحن.

 

أليست سعادتنا في: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

سعادتنا في عبادته وحده، وبها وكفى؛ فتلك أمُّ السعادة ورأسها؛ فحين تتحقق السعادة في عبادة الله فلا حاجة بنا إلى سعادة غيرها.

 

سيدي/ سيدتي،

اعلموا أنه كلما استدعيتم ذكرى مُرَّة، فإنه ستلاحقكم ذكرى أخرى أكثر مرارة؛ فاطردوا البؤس وحاربوا اليأس؛ فهذه جميعها أمور مهلكات منغِّصات محزنات.

 

لسنا بحاجة إليها بقدر حاجتنا إلى كتابات تجعلنا نبتسم، لسنا بحاجة إليها بقدر حاجتنا إلى نفوس تجعلنا نبتسم، لسنا بحاجة إليها بقدر حاجتنا إلى قلوب تجعلنا نبتسم، لسنا بحاجة إليها بقدر حاجتنا إلى ذكريات تجعلنا نبتسم!

 

سيدي/ سيدتي،

نحن بحاجة إلى استدعاء ذكرى جميلة باسمة، أو تخيُّل للشاطئ الذي يجمعنا بمن نحبُّهم، فافتحوا دفتر مشاعركم وعواطفكم وكلماتكم الرقيقة الحنون، وافتحوا نوافذ قلوبكم؛ ليدخل منها مَن يحبُّونكم وتحبُّونهم، لا تبخلوا بمشاعركم وأحاسيسكم، ولا تدفنوها في قلوبكم، أخرجوها؛ فإخراجها حياةٌ لها ولكم، لا تكتموها؛ فكتمُها موتٌ لها ولكم!

 

سيدي/ سيدتي،

لا داعي مطلقًا أن تتلذذوا بتعذيب ذواتكم وقهر نفوسكم بأيديكم؛ فمن تعوَّد على تعذيب ذاته اعتاد على ذلك، وظلم ذاته المسكينة وأهلك نفسه، إذا وجدت نفسك تُحبِطك وتخجلك فلا تتحرَّج منها، ارحل عنها، واذهب إلى ربك؛ فمن ذهب إلى ربه فلن يجد عنده إلا كل جميل ومُسعدٍ ومريح، وقل: ﴿ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصافات: 99].

 

سيدي/ سيدتي،

اهجروا بقوة، وابتعدوا بحزم ما استطعتم عن كلِّ منغِّص، طلِّقوا كل ما يمكن أن يعكِّر صَفْوَ أرواحكم، أَبِيدوا كلَّ ما يمكِن له أن يُقلق راحتكم، فارقوا كلَّ همِّ قد يمرضكم، وعن المسير يُقعدكم، استعينوا بربكم؛ فما خاب من استعان بخالقه؛ ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62].

 

سيدي/ سيدتي،

تميَّزوا بذَواتكم وأرواحكم في زمنٍ كَثرت فيه الخيبات، انظروا إلى السماء ولا تنظروا إلى الأرض؛ فمن تعوَّد النظر إلى السماء تعلَّق بها، وبه تعلَّقَتْ! ومن تعود النظر إلى الأرض شدَّته إليها وبه تعلَّقَتْ!

اطلبوا العلياء من ربكم في نهاركم وليلكم، وفي كل أعمالكم.

 

سيدي/ سيدتي،

إذا أردتُم مواجهة خشونة الحياة، فواجِهوها بالإيجابية، وإذا أردتم المعنى الحقيقي للإيجابية فالتمسوها عند ربكم؛ فلن تندموا ولن تُعْدَموها، والتمِسوها عند نبيِّكم؛ فلن تندموا ولن تعدموها، والتمسوها بين سطور قرآنكم، ولن تندموا ولن تعدموها.

 

تلمَّسوا الإيجابية، وواجهوا خشونة حياتكم بقراءة القرآن، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بصلاة الفرائض، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بالإكثار من النوافل، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بردِّ المظالم والحقوق، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بالاعتذار والحب والمودة، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بالأعمال المختبئات الخبيئات، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بتسبيحة، بتحميدة، بتكبيرة، بتهليلة...

 

تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بإحسان تعاملكم مع الخلق وكفِّ الإيذاء عنهم، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم باستغفار وتوبة، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بمنح الكلمة الطيبة، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بالدعاء والابتهال إلى الله، تلمسوا الإيجابية وواجهوا خشونة حياتكم بدعوةٍ في السحر، بسجدة فيه، بقرآن مشهود...

 

سيدي/ سيدتي،

واجه حياتك، صارح نفسك، نظِّف قلبك، انظر إلى السماء، عانِد أرضك، أحبِب ذاتك، اقهَر قهرك!

 

أخيرًا ولأني أحبك؛ أحب أن أخبرك أن الأمل والإيجابية الكبيرة هي أن تيئس من الشيء الذي اسمه (يأس).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفاهيم ضائعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفاهيم ضائعة   مفاهيم ضائعة Emptyالخميس 21 يناير 2016, 4:20 am

مفاهيم ضائعة (3)

نعش الحياة




حرمان:
من الصغر، ربما أنا، ربما أنت، وربما غيرنا، ربَّما الكلُّ لم يذُق أو لم يتذوَّق طعمَ الراحة والسعادة.
 
منهم من قد يكون قد حُرم منها منذ أن كان طفلًا صغيرًا، ومنهم من قد يكون قد حُرم منها وهو في عمرٍ قريب غير بعيد، ومنهم من قد يكون قد حُرم منها من أيام أو شهور أو سنة أو سنين.
 
الإنسان:
ربما، وقد يكون، بل ومن المؤكد أنَّ من أهمِّ أسباب ما سبق هو أنَّ الحال قد وصل بنا أنْ تغيَّر كثيرٌ ممَّن يسمَّى بالإنسان، ذلك المدعو الذي يَنتمي إلى بني آدم.
 
نعم لقد تغيَّر، وربَّما قد مات رغم أنه حيٌّ يُرزق، مات بأفعاله وسلوكيَّاتِه غير المقبولة واندثَر، هوَت بكثير من النَّاس الآمالُ والطموحات فدُكَّتْ دكًّا حتى صارَت تحت التراب.
 
هوَت وتصدَّعَت لدى الكثير من البشَر إنسانيَّتُه وفضائله وقِيَمُه وأخلاقيَّاته، فلم يعُد لها وجود، حتى - للأسف - ممَّن كنتَ تحسبهم أصحاب أخلاق وقِيَم ومفاهيم.
 
اسودَّت كثير من قلوب البشَر؛ الجار، الصَّديق، الزَّميل، القريب، الغريب، الرَّجل، الأنثى، الكبير، حتى الصَّغير لم يَسلم قلبُه من القسوة والسَّواد في تعامُله، ولم يعُد يعرف قيمةَ الكبير وأدبيَّات التعامل معه.
 
إجمالًا؛ قسَت النُّفوس، واسودَّت القلوبُ، وخربت الضَّمائرُ، وضاعَت الأخلاقُ، وانعدمَت الذوقيَّات في التعاملات، حتى صار المقام بشمسِ الحبِّ بين النَّاس أنها لم تعُد تسكن طويلًا داخل القلوب حتى ماتت النُّفوس.
 
نعش الحياة:
لماذا نرى الكثيرَ ممَّن ارتموا على نَعش الحياة، وقد استغشوا ثِيابهم وأصَمُّوا آذانهم، وغيَّروا وتغيَّروا، وبدَّلوا واستبدلوا.
 
ماذا يا تُرى قد حدث؟
هل صار الخوفُ من الله في عداد النِّسيان وعدم الحسبان.
 
همسَتْ لي نفسي فقالت:
يا صديقي، لقد عدتُ أستغرب من حال كثيرٍ من النَّاس حين يُخطئون في حقِّ غيرهم، ورغم ذلك لا يكون لدَيهم سوى الاستعلاء والتبرير، برُدود أو تبريرات لا شَبيه لها ولا مثيل، كأن يقول: ما فعلتُ شيئًا في حقِّك خطأ، وإنَّ ما فعلتُه إنَّما هو أمر طبيعي وعادي، فنحن على الصَّواب وأنت الذي على الخطأ، لقد باتت الموازين مقلوبة يا صديقي لدى الكثير، ماذا حصل للدُّنيا، ولماذا هكذا صارت أنفس الكثير؟ لماذا تهاوَت أخلاق الكثير إلى الهاوية؟ ولماذا لا أرى فيكَ مثلما أرى فيهم من تصرفات مخجِلة وسلوكيَّاتٍ وصفها الشيخُ الغزالي رحمه الله بوصفٍ بليغ حين قال:
"إنَّ انتشار الكفر في العالم يَحمل نصفَ أوزاره متديِّنون بغَّضوا اللهَ عزَّ وجلَّ إلى هؤلاء؛ بسوء تصرُّفاتهم، وبُغض تعاملاتهم"؟
 
فقلتُ لنفسي: هوِّني عليكِ، فالله أكبر من كلِّ تصاريف الحياة، وتنهيدات العناء، وسوء صنيع كل البشَر.
 
ثمَّ رجعَتْ إليَّ نفسي بنقاش جديد، وقالت:
هل تتصوَّر أنَّني قد صرتُ أرى كثيرًا من دِماء الأقرباء والمقرَّبين وكأنَّها صارَت كما يُقال: ماءً.
 
والله لقد رأيتُ بعضًا من خلْق الله كالفقاعات تَنتفخ في بدايتها كثيرًا ثمَّ لا تَلبث قليلًا من الوقت حتى تأفُل وتذبل، ويَنضُب منها الماء من مَعِينها فلم تعد ماءً كما كانت تَروي، وجفَّ معينُها فلم تعُد تنبع منه ولو قطرة واحدة من قَطرات القِيَم والأخلاق والمعاملة الحسنة.
 
يا تُرى ماذا جرى؟
هل صارت رغبة الكثير في أن يَسبح في بحرٍ من التِّيه والغموض والبعدِ عن المعاملات الحسنة؟
هل نَسي الناسُ، أم أنَّهم لم يعلموا من الأساس أنَّهم متساوون في دِينهم، وأنَّه إذا علا أحدُهم على الآخر في أخلاقه، فإنَّه يكون بذلك قد علا عليه في الدِّين، وصار عند ربِّه وعند نبيِّه أفضل من الآخرين، هؤلاء الذين لا قِيَم عندهم ولا تعاملات مُرضِيه، لا لله ولا رسولِه ولا للعباد؟
 
يا تُرى ماذا جرى؟
ألا يدرِك هؤلاء أنَّهم قد يَغرَقون في ذلك البحر الممتلئ بسوء صَنيعهم، حتى يتحوَّلوا إلى جثَّة هامِدة قد قضَت على نفسها بنفسها؛ بالفَناء والضياع بعدما انفضَّ الناسُ من حولهم بسبب سوءِ صنيعهم وبُغض تعاملاتهم؟
 
يا ترى ماذا جرى؟
ماذا صار للكثير من البشَر، حتى بات الواحدُ منهم عابثًا متفلتًا يتمرَّد على كلِّ شيء، وينكر كلَّ شيء، ولا يهتمُّ بأيِّ شيء، ولا يَعتني بأي شيء، ولا يَكترث بأي شيء؟
 
هل ماتَت الأرواح؟
ثمَّ أيُّ غنيمة قد اغتنمها هؤلاء، وإلى أيِّ حدٍّ قد وصلَت ظنونهم وآمالُهم بأنفسهم؟
 
سبحان الله! كثرَت تصرُّفات البشَر المريبة والمخجِلة، فلا هُم من قيود أنفسهم قد نَجَوْا، ولا من حظوظهم التي يَسعَون إليها قد فازوا أو ربحوا.
 
إيقاع الحياة:
قد يكون قد تغيَّر إيقاع حياتك قليلًا، وأنت لا تدري أنَّك على غفلة، بل في نومٍ عميق وتِيه رهيب.
 
قد تَستهويك أشياء جديدة، أو أفكار جديدة، أو أشخاص جدد من حولك، ثمَّ ما أن تَلبث قليلًا حتى تَعود عليك تلك الأشياء الجديدة والأشخاص الجدد بموتِك أو هلاكِك، أو اقترابك من عتبات النَّار، أو التعرُّض لغضب الله الجبار.
 
أما يَدري هؤلاء أنَّ الشيطان هو الشيطان نفسه، سواء كان في صورة الجنِّ أو في هيئة الإنسان، وما أكثر شياطين بني آدم اليوم، وما أصعبهم وما أخطرهم!
 
لكن، أين الواعون؟
لكن أين الواعون، وأين المنتبِهون، وأين الكيِّسون الفطِنون، وأين الذين هم على أخلاقيَّاتهم الطيبة ومواثيقهم ووعودهم يحافِظون، وفي تزكية منظومة قِيَمهم القيِّمة كل يوم يَرتقون ويبدِعون ويتميزون؟!
 
ألم يَعلم أمثالُ هؤلاء أنَّ نقيق الضَّفادع الهيِّن البسيط حتمًا وبعد فترة لا بدَّ له من أن يلوِّث الماء الصَّافي؟
 
ألم يدرِك هؤلاء أنَّ قطرة ماء صَغيرة حين تَنسكب على حجرٍ بانتظام كلَّ فترة هي كافية لثقب الحجر؟
 
لقد وصَل الحالُ بكثير من الناس إلى البكاء سنين طويلة، تائهين هائمين، وسالَت عيونهم سيلًا، وتدفَّقَت كالشلالات تدفُّقًا، حتى أبَى القريب أن يَدنوَ من الوفاء، وأبى العدوُّ أن يَشبَع من الجفاء، يا ألله! رحماك من هذا البلاء.
 
وكأنِّي أرى الزمان غاضبًا:
وكأنَّ الزمان قد غضِب وكشَّر عن أنيابه، فصار الكثرة من النَّاس مفلِسون أيما إفلاس، ومن ثمَّ لم نعُد نحن نبرح الخيبات ليلَ نهار، يومًا يتلوه آخر.
 
لقد خيَّمَت على كثير من المخلِصين الطيبين كثيرٌ من غيوم التوجُّع والأنين، وحاصرَته لججٌ من النُّواح، كلَّ ليل وكل صباح، وهو معذور في ذلك.
 
وصار معظم الطيِّبين الخلوقين يَجلسون السَّاعات على أبواب اللَّيالي يَفترشون أمامها الهموم، ثمَّ ينظرون لها يتوجَّعون ويتألَّمون، ولله يبثُّون الحزنَ وله يَشْكون.
 
لقد صار الحال بأصحاب النُّفوس الطيِّبة كلَّ يوم أن يَرفعوا الدموعَ والأنين قبل أن يَرفعوا أياديهم إلى ربِّهم يَشكون سوءَ أفعال كثيرٍ من عباد الله؛ القريب قبل البعيد.
 
يشكون إلى ربِّهم وله يقولون: يا رب، إنَّ لدينا آمالًا عالية كعلوِّ المآذن رغم قِصَر قاماتنا وضآلَة عِلمنا وعملنا، فهل تَقبلنا سيِّدنا، وتحقِّق آمالَنا وتكفينا شرَّ عبادك؟
 
الحياة مع الله:
لكن ما دامت حياة الطيِّبين الخلوقين تَنصهر مع الله فسيَبقى هؤلاء يخطون خطوات نحو السَّماء، تترقَّب نفوسهم ذلك اليوم الذي يَسمعون فيه ألحانَ التفاؤل لتتمايل عليهم فرِحة مستبشرة بألحانٍ تخرج من أوتار قلوبهم، وتَعزف لهم أجملَ الألحان، وتطربهم وتسعدهم.
 
سيظلُّ هؤلاء الطيِّبون الخلوقون يَسعون ويترقَّبون أن يَروا أمام أعينهم سطوعَ الشَّمس وبزوغ القمر.
 
سيَبقى هؤلاء يترقَّبون بإذن ربِّهم انبهار الأنوار تحتفل بهم، وبجميلِ أخلاقهم، وعودة ذلك الإنسان المستحدَث الجديد إلى إنسانيَّته القديمة وأصالَته وأصلِه ومَعينه الصَّافي ومعدنه القديم والأصيل، هكذا كنَّا، فمتى نعود؟
 
وسيبقى هؤلاء الطيِّبون الخلوقون يصارعون دوَّامةً بعد دوامة، ألمًا بعد ألم، حتى يَروا نورَ الفجر يتسلَّل في الآفاق يَبتسم لهم ويقول: هأنذا قادمًا فلا تَحزن، هأنا قادِمًا فلا تَحزن، هأنا قادِمًا ومعي الخير كله.
 
ويبقى في الله الأمل:
ورغم هذه المآسي الأخلاقيَّة، وانعِدام القِيَم بين النَّاس التي سبَّبَت الكثيرَ من الآلام والأحزان للكثير من أصحاب القلوب الطيِّبة والنفوس الرَّاقية.
 
ورغم ذلكم الحزن الذي صِرنا نَمتطيه في دروب الحياة، وصرنا نَمتطي معه كلَّ حزن وهمٍّ وألَم، رغم ذلك وغيره، فسيظلُّ أصحاب النُّفوس الطيِّبة ومحترفو مَنظومة الأخلاق العالية - يَحملون في أيديهم باقةً من الورود.
 
تتقطَّر عيونهم بقطرات من الدُّموع، لكنَّها تَبقى تسقي الزهرَ والورد؛ يذرفونها، يسكبونها، ثمَّ يحنون بها على ورودهم ويمسحونها.
 
فيا مولاي، هؤلاء عِبادك الطيِّبون، بين يديك دامعون موجوعون، كن لهم ومعهم، لا تَحرمهم لُطفك وعنايتَك، وجُد بجودك عليهم وامنحهم من رعايتك، وصُبَّ عليهم الكثيرَ والكثير من عفوك وعطفِك، ولطفِك وكرمك، يا خيرَ مَن سُئل، ويا أكرم مَن أعطى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مفاهيم ضائعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دول المغرب العربي: بالأرقام ثروات هائلة لكن ضائعة
» رمضان.. تصحيح مفاهيم
» مفاهيم أساسية فى علم الأدوية 
» مفاهيم تربوية فاسدة
» مفاهيم العولمة التي أرادت القوى الكبرى نشرها وتعميمها بكل الوسائل الممكنة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: