الكنعانيون هم شعب سكن منطقة بلاد الشام منذ حدود الألف الرابع قبل الميلاد، وتاريخهم ليس واضحاً تماماً وخاضع لعدّة نظريات. وقد بنوا حضارة هامة في البحر الأبيض المتوسط وكانوا من أهم التجار في المنطقة، وابتداء من القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد وإلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد خضعوا لسيطرة حضارات مختلفة. ثم أخيرا ازدهروا ووصلوا إلى عصرهم الذهبي بعد ذلك، ثم غزاهم الفرس. وبعد الفرس سيطرت عليهم حضارات مختلفة مثل المقدونيينوالرومان ثم الخلافة الإسلامية
التسمية
بحسب التوراة فقد سموا الكنعانيون بهذا الاسم نسبة إلى إلى كنعان بن حام بن نوح. ويرى علماء اللغة أن التسمية قد تعني إما اللون الأحمر الأرجواني، للون بشرتهم الحمراء أو لصبغة حمراء أرجوانية كانوا يتقنون إنتاجها. أو أن التسمية أتت من السامية القديمة "كنع" بمعنى منخفض وبالتالي فالكنعانيونسكان الأراضي المنخفضة، وذلك بعكس الآراميين الذين تعود تسميتهم إلى الجزر "رم" بمعنى مرتفع.
وفي كلا النظريتين يكون تسمية الكنعانيين قد أطلقت عليهم من أقوام أخرى، وهناك نظريات أخرى تشير إلى أن الاسم قد يكون اسما قد أطلقه الكنعانيون على أنفسهم.
يرى بعض المؤرخون أن الفينيقيين هو الاسم الذي اطلقه الإغريق على الكنعانيين حيث تعني كلمة (phoinikie) عند الإغريق: ذو اللون الأحمر الأرجواني.
تاريخ الكنعانييين
الأصول الكنعانية
ينتمي الكنعانيون إلى عائلة الشعوب السامية، وقد استقر الكنعانيون في جنوب سورياوفلسطين وسيطروا عليها سيطرة تامّة، حتى أنها عرفت باسم أرض كنعان أو بلاد كنعان، يعتبرهم مؤرخو العرب القدامى من العماليق، هم من الشعوب في مناطق جنوب سوريا وكذلك هناك ساحل في منطقة عُمانجنوب الجزيرة العربية يعرف باسم كنعان. هناك عدّة نظريات حول أصل موطن الكنعانيين، ومن أشهر النظريات، بعض المؤرخين كـ"خزعل الماجدي" هي أن الكنعانيين من أكبر الموجات المهاجرة التي خرجت من شبه الجزيرة العربية.
وقد أعطى المؤرخون القدماء عدة فرضيات لأصلهم فرأى سترابوأن أصل الكنعانين هي سواحل الخليج العربي، وذلك لتشابه أسماء مدن تلك المناطق القديمة مع أسماء المدن الكنعانية في الشام، ويرجح اصحاب هذه النظرية ان تكون تلك الخليجية هي الأقدم وهاجروا إلى منطقة بلاد الشام في العصور القديمة. ويرى ابن تيمية أنهم سكان حران وأن ملوكهم هم النماردة "جمع نمرود".
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الكنعانيين من أولى الشعوب السامية التي قطنت الشرق الأوسط بعد وصولها من أفريقيا عبر مصر بعد انهيار الحضارة الغسولينية في فلسطين حوالي 3300 ق.م
الغزو المصري
كانت بداية الاستعمار الطويل لبلاد الكنعانيين الذي استمر 12 قرنا هو غزو المصريين لبلاد الشام في عهد الدولة المصرية الحديثة. وقد حدث الغزو خلال القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد في أيام الأسرة المصرية السادسة عشر، وقد كان قائد المصريين هو الملك المصري "وني"، ويُقال أن تعداد جيشه كان بضعة عشرات من الألوف.
وقد كان السبب الرئيسي لهذا الغزو هو تهديد المصالح التجارية لمصر في بلاد الشام، وقد بدأ هجوم المصريين من خلال معركة مجدو في عام 1468 ق.م. والتي انتصر فيها الجيش المصري في النهاية. وقد قاد المصريين في هذه المعركة تحتمس الثالث(1490 - 1436 ق.م) وقد كانت أولى حملاته الحربية، أما الجيش الذي قاتل المصريين فقد كان عبارة عن حلف بين ما يقارب الـ350 دويلة كنعانية، لكن أمير الحلف والذي سعى لجمعه هو أمير قادش "علي العاصي". وقد اضطر الكنعانيون للاستسلام بعد حصار دام سبعة أشهر على مدينة مجدو التي اجتمعوا فيها والتي سميت المعركة باسمها.
الغزو الحيثي
في خلال الفترة التي تلت ذلك قامت دولة جديدة في المنطقة هي الدولة الحورية والتي تقاتلت مع مصر في بلاد الشام لمدةٍ من الزمن. وبعد ذلك عقدوا السلم حين تزوج الملك المصري ابنة الملك الحوري، وبعد ذلك استقرت أمور شمال بلاد الشام للحوريين بينما بقي جنوبها مع المصريين. لكن خلال هذه الفترة قام الملك الأموري "عبدي عشيرتا" بالادعاء بالرغبة بتوحيد بلاد الشام، وبدأ يستولي على الإمارات الكنعانية والأمورية، وهكذا استطاع بسط سيطرته ومن بعده ابنه "عزيرو" على كل بلاد الشام.
وقد كان الحيثيون يدعمون عبدي وابنه في توحيد بلاد الشام، وقد انتظروا حتى توحدت على أيديهم ثم غزوها وضموها إلى أراضيهم. وقد حاولت بعض مدن بلاد الشام المقاومة مثلأوغاريت لكنها فشلت. وقد أحس الفرعون "سيتوس الأول" بخطر الحيثيين ولذلك سار واسترجع بعض المدن الشامية مثلمجدووحوران وبعض المدن التي تقع اليوم ضمن حدود لبنان. وحينها عقد الملك الحيثي "موواتالي" معاهدة سلامٍ مع المصريين بحيث يبقى الجزء الشمالي من بلاد الشام في يد الحثيين والنصف الجنوبي مع المصريين.
الغزاة اللاحقون
في عام 1190 ق.م سقطت الدولة الحيثية إثر مهاجمة الإغريقوبعض الشعوب العراقية لها من مختلف الجهات. وخلال ذلك الحين استغل الملك الآشوري "تجلات بلاسر الأول" (من 1090 إلى 1116 ق.م) الفرصة واجتاح جنوب سوريا، وأجبر مدينة جبيلعلى دفع الجزية واستولى على جزيرة أرواد لمدةٍ من الزمن، ولكن لم تكن فترة حكم الآشوريين طويلة كما أنها اقتصرت على مساحة صغيرة من أراضي الكنعانيين.