حروب ومعارك
لم يعترف السلوقيون بسيادة البطالمة على القسم الجنوبي الغربي من الهلال الخصيب، المسمى (Coele-Syria / كل سوريا) أو سورية الجوفاء وخاضوا ضدهم سلسلة من الحروب عرفت باسم الحروب السورية (278 - 168 ق.م) لم يستطيعوا في الأربعة سنوات الأولى منها تثبيت سيادتهم العسكرية، كما حاربت الدويلات الهلنستية بعضها في الأناضول، وحارب السلوقيون مجموعات البدو البارثيين الذين نزلوا منطقة جنوببحر قزوين وشكلوا ماعرف بدولة الأشكانيان أو الأرشيكون.
ودام أمر الحروب بعد تولي أنطيوخس الأول سوتر (281- 261 ق.م) (Antiochus I Soter) ابن سلوقس الأول، حيث تحالف مع ماجاس القوريني (Magas of Cyrene) ضد بطليموس الثانيفي الحرب السورية الأولى وحقق نجاحآ محدودآ، وبعد أن قتل في إحدى المعارك ضد الكلت، وتولى بعده ابنه أنطيوخس الثاني ثيوس (Antiochus II Theos) حكم(261- 246 ق.م) الذي حصل في الحرب السورية الثانية على أجزاء من ايونيا (Ionia)، ثم تولى سلوقس الثاني كالينيكوس (Seleucus II Callinicus) حكم (246- 226 ق.م) والذي حصلت الحرب السورية الثالثة في عهده.
مع أعتلاء أنطيوخس الثالث الكبير الحكم في (123- 187 ق.م) وهو الأخ الأصغر لسلوقس الثالث كيرانوس (Seleucus III Ceraunus)، عادت الدولة السلوقية لتستعيد قوتها وتبسط سيطرتها على اجزاء واسعة، فقد أعادت السيطرة على أجزاء من الأنضول وصولاً إلى أرمينيا، وأجزاء من (كل سورية) في الحرب السورية الرابعة في معركة رفح في العام (217 ق.م) الذي واجه بها بطليموس الرابع، إلا أنه استطاع في العام (200 ق.م) السيطرة التامة على منطقة جنوب غرب الهلال الخصيب في معركة بانياس الحولة في الجولان جنوب غرب سوريا، كما وعمت سيطرت الدولة السلوقية بدأ من العام (196 ق.م) على كل آسيا الصغرى بما في ذلك المناطق الساحلية، وامتد نفوذ الدولة حتةتراقيا، مما أدى إلى المواجهه مع الرومان الذين دخلوا المنطقة اليونانية في نفس الفترة بما عرف باسم الحروب الرومية السورية (Roman-Syrian War) في القترة ما بين(192- 188 ق.م) والتي انتهت بخسارة السلوقيين في معركة ماغنسيا (Magnesia)في العام (190 ق.م) واضطر الدولة السلوقية إلى توقيع معاهدة صلح أفاميا(في فريجيا) في سوريا عام (188 ق.م) مع الجمهورية الرومية، تراجعت بموجبها الدولة السلوقية حتى كيليكيا.
بعد موت أنطيوخس الثالث (187 ق.م) استقلت الأقليم التي ضملت لدولة في عهده واقتصرت حدود الدولة السلوقية على الهلال الخصيب وغرب أيران، وبدأت الإمبراطورية الرومانية بفرض سطوتها، وكذلك الإمبراطورية الفارسية،، وعادة الأوضاع لتتحسن مع اعتلاء انطيوخوس الرابع الظاهر العرش (175-164 ق.م) حيث حدثت الحرب السورية السادسة (170 ق.م) واحتل السلوقين مصر وهزم البطالمة وتمت سيطرت الدولة السلوقية على الجزء الأكبر من مصر السفلى، وامتد حكم الدولة السلوقية في مناطق واسعة من مصر، وفي يوم إلفسينا عام (168 ق.م) ارسل مبعوث روما وتم ألأتفاق بين السلوقيين والروم وتخلى السلوقيين بموجبها عن الجزء الجنوبي، وفي طريق عودته قام بتدمير معبد أورشليم (القدس) في العام (167 ق.م) لمعاقبةاليهود الذين تحالفوا مع البطالمة ضد الدولة، وعلى أثر ذلك حدث التمرد الحشموني (المكابية اليهودية) في جنوب غرب الهلال الخصيب (فلسطين) (165 ق.م)، كذلك أعاد الظاهر انطيخوس ضم أرمينا للدولة السلوقية، ومات في إحدى المعارك على الجبهة الشرقية.
بين عامي 162 و 150 ق.م اعتلا عرش الملكلة السلوقية ديمتريوس الأول سوتر (Demetrius I Soter) ابن سلوقس الرابع الذي عاد من أسره في روما، وأعاد شرق الهلال الخصيب من يد السيطرة الفارسية، وكانت هذه الفترة بداية النزاعات على الحكم والقلاقل الداخلية في المملكة، ومع العام (142 ق.م) تسنى لديودوتوس (Diodotus Tryphon) الملك ،الأمر الذي أدى إلى ثورات في العديد من المدن واستقلال أو حكم ذاتي لكل منصوروصيداوطرطوسوطرابلسوعسقلانواللاذقيةوأورشليموبيروتومحولة منه لتهدئة الأوضاع الداخلية قام بإعفاء مقاطعة يهوذا من الضرائب ومنحها نوع من الحكم الذاتي، كما ازداد نفوذ الأنباط في جنوب غرب الهلال الخصيب وتلقب زعماؤهم بالملوك (منذ أواسط القرن الثاني)، ونافسوا دولة يهوذا، وبقيت حال الفوضى وفقدت المملكة جزأها الشرقي للفرس مرة أخرى، إلى أن تولى الحكم أنطيخوس السابع الصيديوني (Antiochus VII Sidetes) حكم (138- 129 ق.م) حيث أعاد سيطرة الدولة على كامل الهلال الخصيب.
نهاية الدولة
بعد حكم أنطيخوس السابع خضعت الدولة السلوقية لنفوذ وتدخل الممالك المجوارة، وبدأ من العام (125 ق.م) تواجد أكثر من ملك في نفس الوقت للدولة، فكان البطالمة يتحالفون مع المطالبين بالعرش في سبيل إضعاف الملوك الموجدين على العرش ،وزادت الصرعات الداخلية في المملكة وفي البيت الملكي بين الأخوة وأبناء العمومة، وبقي الحال على ذلك حتى العام (83 ق.م) حيث أستغل ملك أرمينيا تيگران (Tigranes the Great) حكم (83- 69 ق.م) هذه الفوضى وقام بمهاجمة السلوقيين والسيطرة على جزء من مملكتهم في سوريا، ولكنه مالبث أن هزم في مواجهته مع الرومان في العام (69 ق.م)، وعاد الملك السلوقي تحت حكم الملك أنطيخوس الثالث عشر (Antiochus XIII Asiaticus) حكم (69- 64 ق.م) ولكنه تابع للقيادة الرومية، وكان أن نافسه ابنه فيبيب الثاني (65- 63 ق.م)، إلا أن القائد الروماني بومبي أنهى الحكم السلوقي في العام (63 ق.م) وجعل من سوريا مركز الامبراطورية الرومانية الشرقية وهو ماعرف بالولاية الرومانية السورية.