"الأعلى للمعوقين" يؤكد ان القانون يهدف لحماية ودمج المستهدفين بالمجتمع
وأهال يتخوفون من غياب الخدمة
توجه لاقتصار عمل المراكز الايوائية لذوي الإعاقة إلى نهارية
- رسم تعبيري يمثل أشخاصا ذوي إعاقة في مركز للعناية بريشة الزميل إحسان حلمي
[rtl]
[/rtl]
نادين النمريعمان- فيما ينص مشروع القانون الجديد، لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، على ضرورة استبدال المراكز الايوائية لذوي الإعاقة الذهنية بمراكز نهارية، يؤكد المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين أن "القانون يسعى إلى دمج الأشخاص ذوي الاعاقة وتوفير حماية أكبر لهم".
ويؤكد المجلس أن التوجه في القانون إنما يأتي انسجاما مع الدراسات العالمية، التي اثبتت ان المكان الأنسب لنماء وتطور الشخص ذي الإعاقة "هو محيطه الأسري مع الحصول على الدعم من المراكز النهارية التي تقدم خدمات تأهيلية بما يساهم في دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، ومساعدتهم ليكونوا افرادا منتجين في المجتمع"، موضحا أن فكرة "الايواء والعزل لذوي الاعاقة باتت مرفوضة عالميا".
وكان عدد من الأهالي أبدوا تخوفا من مشروع القانون الجديد، خصوصا للحالات التي لا تستطيع الأسرة رعاية الشخص داخل المنزل لأسباب تتعلق بوفاة أحد الوالدين أو كليهما، أو التفكك الأسري أو تعدد حالات الاعاقة لدى العائلة الواحدة.
وتنص المادة 17 من القانون المقترح على انه "لا يجوز استبعاد الشخص أو تقييد وصوله إلى برامج وخدمات ومؤسسات التنمية الاجتماعية والتأهيل ودور الحضانة على أساس الإعاقة أو بسببها؛ كما لا يجوز إيداع الأشخاص ذوي الإعاقة في دور الرعاية النهارية أو الإيوائية، دون الحصول على موافقتهم الحرة المستنيرة، وفقاً لأحكام هذا القانون".
كما ينص في الفقرة (ج) على أن "تتولى وزارة التنمية الاجتماعية بالتنسيق مع المجلس الأعلى لشؤون الاشخاص المعوقين وضع خطة وطنية شاملة تتضمن حلولا وبدائل مرحلية ودائمة، لتحويل الجهات الحكومية وغير الحكومية الإيوائية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة إلى جهات خدماتية نهارية دامجة، على أن يبدأ تنفيذ هذه الخطة خلال مدة لا تتجاوز سنة واحدة من تاريخ نفاذ هذا القانون، ولا يتجاوز استكمالها مدة 10 سنوات".
وإضافة الى ما سبق، تنص المادة ذاتها على أنه "لا يجوز منح ترخيص إنشاء جهات إيوائية جديدة بعد نفاذ هذا القانون، وعلى وزارة التنمية الاجتماعية العمل على أن تكون دور الحضانة ومراكز ومؤسسات رعاية الأيتام والأحداث وكبار السن وضحايا العنف الأسري دامجةً للأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة والأشكال الميسرة وإمكانية الوصول".
وفي هذا السياق، تبدي ام فادية، وهي أم لشابة تعاني من إعاقة ذهنية شديدة مخاوفها من هذه المادة، خصوصا "بعد أن لجأت الى دور الرعاية الايوائية نتيجة لعدم قدرتها على رعاية ابنتها في المنزل".
وتقول: "انفصلت عن زوجي قبل فترة طويلة، ونظرا لتنكر زوجي لمسؤوليته تجاه ابنائه وتحديدا ابنتي ذات الإعاقة، اضطررت الى العمل لساعات طويلة كي أحقق دخلا يلبي احتياجات الأسرة".
وتضيف: "خلال الأعوام الاولى من الانفصال كانت تساعدني عاملة المنزل في رعاية ابنتي، لكن مع تقدم ابنتي في السن اصطدمت بمشكلة مزدوجة هي تكرار هروب العاملات بسبب ابنتي ووضعي الصحي وعدم وجود زوج يساندني، ما اضطرني الى الحاق ابنتي في دار رعاية ايوائية، اقوم بزيارتها بشكل يومي لكنني لا استطيع رعايتها في المنزل".
سيدة أخرى، طلبت عدم نشر اسمها، ترى من جانبها أن القانون "يشكل معضلة للأسر خصوصا بعد وفاة الأب والأم للشخص ذي الإعاقة".
وتقول: "شخصيا أرفض الايواء، وتعهدت وزوجي بتوفير الرعاية الفضلى لابني في بيتنا، لن أقبل أن يرى شخص آخر ابني في ظل وجودي في هذه الحياة، لكن ماذا بعد؟ أنا لا أضمن ان يلقى ابني رعاية مناسبة بعد وفاتي".
لكن رئيس اللجنة القانونية في المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، الجهة التي أعدت مسودة القانون، الدكتور مهند العزة، له وجهة نظر مغايرة، مؤكدا ان "القانون سيوفر حماية للأشخاص ذوي الأعاقة ويحقق هدف دمجهم، ويوفر بدائل للحالات التي يصعب فيها بقاء الشخص ذي الإعاقة في أسرته".
ويوضح "من حيث المبدأ الايواء مرفوض عالميا، وله آثار سلبية على الشخص ذي الإعاقة، والقانون لا يتحدث عن إغلاق المراكز ولكن تحويلها من ايوائية الى نهارية".
ويتابع "القانون نص على فترة انتقالية مدتها 10 أعوام، سيتم خلالها طرح بدائل للايواء، ووضع خطة شاملة تضمن تدريب وتأهيل العائلات للتعامل مع أبنائهم ذوي الاعاقة، وتحويل دور الرعاية إلى دور دامجة متكاملة تساعد الأهل في رعاية الطفل أو الشخص ذي الاعاقة في المنزل".
ويوضح العزة أن "كثيرا من دول العالم استغنت عن دور الايواء كايطاليا والسويد وملدافيا". ويضيف "هناك حالات يكون الوالدان مسنين أو أن يكون الشخص ذو الاعاقة يتيما، أو لأن أسرته غير قادرة على رعايته"، مشيرا الى أن الحل في مثل هذه الحالات "الحاق هذا الشخص بالمراكز ودور رعاية الأطفال أو كبار السن، وخلال الفترة الانتقالية سيتم تأهيل هذه الدور لتكون قادرة على رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة من حيث الكوادر والتسهيلات البيئية".
وفي المقابل من ذلك، بين مصدر، فضل عدم الإفصاح عن هويته، ان "الهدف من إنهاء العمل بدور الايواء أنها تحولت بطريقة ما إلى التجارة والتكسب على حساب الأشخاص ذوي الاعاقة"، لافتا إلى أن "نسبة كبيرة من منتفعي هذه الدور هم في الواقع من جنسيات عربية يقيم ذووهم في دول أخرى".
ويضيف المصدر موضحا "لا يقوم ذوو هؤلاء الأشخاص بزيارة أبنائهم، وتخلوا عن أي مسؤولية تجاههم، هذا الامر مرده الثقافة الخاطئة بالخجل من أن يكون أحد أفراد الأسرة مصابا بإعاقة"، لافتا الى ان "هناك حالات لأطفال وبالغين لم يزرهم أحد منذ أكثر من 10 أعوام".
وبحسب أرقام وزارة التنمية الاجتماعية يبلغ عدد المراكز المختصة برعاية ذوي الإعاقة الذهنية 61 مركزا تابعة للقطاع الخاص، تقدم خدمات الرعاية لذوي الإعاقة، منها 30 نهارية و31 ايوائية.
وفي مقابل ذلك، تشير دراسة سابقة أجرتها الوزارة على دور الرعاية الإيوائية الحكومية الى أن 63 فقط من بين 550 منتفعا في المراكز الحكومية، تزورهم أسرهم أسبوعيا، وحوالي 20 % من هؤلاء تزورهم أسرهم سنويا، ما يؤشر إلى ضعف التواصل بين الشخص ذي الإعاقة وعائلته، بحسب الدراسة.