5. أسلوب الكتابة على الآلة الكاتبة
في نهاية القرن التاسع عشر، أخذ المهتمون بالآلة الكاتبة، في تطوير أساليب الكتابة عليها. وقد انحصر هذا التطوير في دقة الكتابة، وحجم لوحة المفاتيح المستخدمة. ووجدوا أن الكتابة عليها ممكنة بأسلوبين مختلفين: الأول منهما هو ما يسمى بطريقة اللمس، وهو يعتمد على جميع أصابع اليدين، مع النظر إلى الورقة. والأسلوب الآخر يعتمد على وجود لوحة مفاتيح مزدوجة، بها ضعف عدد المفاتيح. ويُستخدم في هذه الطريقة اثنان أو أربعة من الأصابع، مع النظر إلى المفاتيح.
وهذه الطريقة (استخدام أصبعين أو أربعة)، فضلاً عن أنها مضيعة للوقت، فهي مليئة بالأخطاء، لأن الطابع يكتب بإصبع واحد من كل يد، ويعتمد على حاسة البصر، متنقلاً بين ما يكتبه ومفاتيح الآلة. ويمضي يكرر هذه العملية، كلما انتهى من كتابة سطر أو مجموعة من الكلمات، وهكذا حتى يفرغ من عمله. وهذا الإجراء لا يمكن أن يحقق أياً من الشروط المطلوبة للعمل المتقن، وهي النظام، والدقة، والسرعة.
وظلت الطريقتان في تنافس مستمر حتى أقيمت مسابقة في يوليه 1888م، جذبت نظر العالم كله. وخلال المنافسة أثبتت طريقة الكتابة باللمس أنها أسرع وأمثل.
أ. طريقة اللمس
سميت بهذا الاسم، لأن أطراف الأصابع تتلمس مواقع مفاتيح الحروف، دون النظر إليها. وهي الطريقة المثلى، التي كانت متبعة في جميع أنحاء العالم، بل وأكثر دقة ونظاماً وسرعة. ولنجاح العمل لابد من تحقيق بعض الشروط، وأهمها:
(1) تركيز العينين على المادة المراد طبعها، وعدم النظر إلى مفاتيح الحروف، إلاّ في الحالات الاضطرارية.
(2) أن يضرب كل إصبع المفتاح المخصص له، حسب اللائحة الخاصة، مع الانتباه إلى عدم رفع باقي الأصابع من مكانها، على صف الارتكاز أو الاستراحة.
(3) صف الارتكاز أو الاستراحة هو صف الحروف الثاني، بادئاً بالعدِّ من أسفل الصفوف إلى أعلى.
ب. صف الارتكاز:
(1) هو المركز الرئيسي لتركيز أصابع اليد، على حروفه.
(2) إعادة كل الأصابع إلى أماكنها المخصصة لها على هذا الصف، بعد نقرها للحروف الأخرى، على الصفوف الأخرى.
(3) في الآلة أربعة صفوف، تشتمل على جميع المفاتيح المطلوبة، وفي الخطوات التالية بعض المبادئ البسيطة لأسلوب الكتابة على الآلة الكاتبة.
(أ) يوضع خنصر اليد اليمنى، على مفتاح حرف ـ الكاف.
(ب) يوضع بنصر اليد اليمنى، على مفتاح حرف ـ الميم.
(ج) توضع الوسطى من اليد اليمنى، على مفتاح حرف ـ نون.
(د) توضع السّبابة من اليد اليمنى، على مفتاح حرف التاء.
(هـ) توضع خنصر من اليد اليسرى، على مفتاح حرف ـ الشين.
(و) يوضع بنصر اليد اليسرى، على مفتاح حرف ـ السين.
(ز) يوضع الوسطى من اليد اليسرى، على مفتاح حرف ـ الياء.
(ح) يوضع سبابة اليد اليسرى، على مفتاح حرب ـ الباء.
ويُلاحظ الطّابع أن حرف "أ" يقع على يسار حرف "ت"، وحرف "ل" على يمين حرف "ب"، ولهذا فإن إصبع السبابة الأيمن يختص بضرب حرف "أ"، إضافة إلى حرف "ت"، وإصبع السبابة الأيسر يختص بضرب حرف "ل"، إضافة إلى حرف "ب".
(ط) يُستخدم الإبهامان في الضرب على مسطرة المسافات.
ج. كيف تُكتب الحروف العالية
تنقسم مفاتيح الآلة إلى نصفين:
(1) القسم الأسفل، ويشمل الحروف المستخدمة في ابتداء الكلمة، أو في متنها.
(2) القسم الأعلى، ويشمل معظم الحروف المستخدمة في آخر الكلمة، متصلة أو منفصلة عن الحروف، التي قبلها.
ويُلاحظ وجود الهمزة فوق الألف، في مفتاح السّبابة الأيمن. كما يُلاحظ وجود الإشارات الأخرى، عند استخدام مفتاحي العالي. ولمّا كان مفتاحا العالي موجودين إلى يمين الصف الأول لمفاتيح الحروف ويساره، لذا فالضرب على حرف عال من الحروف المخصصة في اليد اليمنى، يقتضي الضغط بخنصر اليد اليسرى على مفتاح العالي الأيسر، ويحدث عكس ذلك إذا أُريد الضرب على حرف عال من الحروف المخصصة لليد اليسرى.
ويجب مراعاة بقاء أصابع البنصر، والوسطى، والسبابة لكلتا اليدين، مرتكزة في أماكنها، عند استخدام مفتاحي العالي.
6. مراحل تطور الآلة الكاتبة
في عام 1714م حصل البريطاني هنري ميل، على براءة أول اختراع لأول آلة كاتبة. وتلاه المخترع الأمريكي، وليم أوستن بريت (اُنظر صورة آلة وليم استين بريت) في عام 1829م. وكانت آلته مصممة على شكل عجلة نصف دائرية. وفي عام 1833م استطاع الفرنسي بروجن (اُنظر صورة آلة بروجين)، عمل أول آلة كاتبة مصممة بطريقة حديثة، قادرة على تحريك الورقة بين الحروف والسطور، وذلك عن طريق أسطوانة بلاتينية. وظهرت أول آلة استخدمت هذه التقنية، في عام 1843م، على يد مخترع أمريكي يدعى، تشارلز جروفر. وكانت مصممة على أن الجزء الخاص بالطباعة حلقة معدنية، تدور رأسياً حول الأسطوانة، وكانت مزودة أفقياً بعدد من المفاتيح، تعمل بأسلوب دوران العجلة حتى يكون الحرف المطلوب في وسط وضع الكتابة، وبعد ذلك يُضغط عليه.
توالت الاختراعات بعد ذلك، اعتماداً على هذا التكنيك. ففي عام 1856م صمم المخترع الأمريكي، ألفريد بيتش (اُنظر صورة آلة بيتش)، آلة مشابهة، لكن باختلاف بسيط. وفي عام 1856م صمم مخترع أمريكي يدعى، صموئيل فرنسيس، آلة على شكل دائري للوحة الكتابة، وجرس يعطي إنذاراً عند نهاية السطر، وحامل ورق متحرك، وشريط التحبير. وكان تصميم لوحة الحروف يشبه البيانو، فعليه مفاتيح سوداء وأخرى بيضاء.
وخلال السنوات العشر من 1850 إلى 1860م، ظلت الاختراعات تتوالى، ولكن لم تستطع آلة كاتبة منها إثبات نفسها من الناحية العملية والتجارية. وفي عام 1868م حدثت طفرة كبيرة، عندما اشترك ثلاثة من المخترعين الأمريكيين هم، كريستوفر شولز (اُنظر صورة كريستوفر شولز)، وكارلوس جلندن، وصموئيل صول، في اختراع أول آلة كاتبة عملية ناجحة. وفي عام 1873م، وقعوا عقداً مع شركة رمنجتون، وكانت شركة لصناعة ماكينات الحياكة، وسُميت أول آلة تجارية باسم الشركة (اُنظر صورة آلة رمنجتون)، وكان لهذه الشركة الفضل في تقديم أول لوحة مفاتيح تسمى QWERTY Keyboard (اُنظر شكل لوحة المفاتيح).
وقد اعتمدت هذه الآلة في تصميمها على كل تكنيك جديد في ذلك الوقت، فكانت الورقة تثبّت بين عمود مطاطي وأسطوانة مطاطية، وكانت العربة تسير من اليمين إلى اليسار بواسطة "زنبرك"، عند كل ضغطة أو ضربة على مفتاح حرف. وكانت هذه الحركة منتظمة بتكنيك يسمى، Escapement Mecanism، وهي حركة في اتجاه واحد بنسب متساوية. أي أن العربة تسير درجة واحدة، بعد الضغط على كل حرف، حتى تصل إلى النهاية عند نهاية السطر، وهناك رافعة لإعادة العربة لبداية سطر جديد.
وكانت هذه الآلة تكتب حروفاًً كبيرة فقط، ولكن في عام 1878، أضيف إليها مفتاح ورافعة لتحريك العربة مسافة قصيرة لكتابة الحروف الكبيرة، ومفتاح ورافعة أخرى لتحريك العربة لمكانها الأصلي، لكتابة الحروف الصغيرة.
وبعد النجاح، الذي حققته شركة رمنجتون، في تقديم أول آلة عملية في السوق التجارية، توالت الاختراعات والابتكارات، بعضها يحقق نجاحاً، وبعضها يفشل في تحقيق النجاح المنشود.
وكان من بين هذه الاختراعات، آلة كاتبة تسمى UnderWood، أثبتت نجاحها في السوق الأمريكية (اُنظر صورة آلة أندروود)، وتوالت الابتكارات عقب ذلك، حتى عَرِف العالم أول آلة محمولة في حجم قاموس صغير، مصممة على أحدث تقنية في ذلك الوقت. وبعد الحرب العالمية الأولى ظهرت الآلات الكاتبة الصامتة Noiseless Typewriters. فمن الثابت أن طريقة الضرب على الحروف، كانت تسبب ضوضاء كبيرة، فاستبدل بهذا التكنيك آخر لتقليل الضوضاء.
لوحة المفاتيح دفوراك
لوحة المفاتيح
أجزاء الآلة الكاتبة
آلة رمنجتون المخترعة عام
آلة
آلة بروجين المخترعة عام
آلة بيتش المخترعة عام 1856
آلة وليم استين بيرت المخترعة عام
آلة أندروود المخترعة عام 1896