أوراق داود الحسيني
جوانب مستترة من النضال الفلسطيني في فترة الإنتداب
سميح حمودة
تلعب الأوراق الشخصية لأي سياسي دورا هاماً في إضاءة جوانب معتمة من مساحة التاريخ الذي تحَرك به ومارس دوره خلاله.
فعادة لا نجد في الأوراق الخاصة وصفاً للأحداث كما عايشها كاتبها فقط، وإنما نجد انطباعات شخصية وخواطر ذاتية حول الأحداث الهامة والأشخاص الذين شاركوا في صنعها، ونجد تفاصيل دقيقة تشكّل مع الانطباعات والخواطر ركيزة أساسية للباحث في فهم وتحليل التاريخ واستيعاب حركته، وعلاقات أشخاصه المتشابكة.
ثمة قضايا عديدة من التاريخ الفلسطيني، تضيئها أوراق السياسي الفلسطيني الدكتور داود صالح الحسيني )أبو المنذر( 1فهو من الناحية الشخصية ابن العائلة التي لعبت الدور الأول في قيادة لحركة الوطنية الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني، وتساهم وراقه في الاطلاع على تفاصيل مهمة حول بعض ما كان يجري اخلها من قضايا. وهو أيضاً من فئة النخبة الفلسطينية التي لقت تعليماً عاليًا وقتذاك ومثلت الصفوة من المجتمع. كما أنه عضو ناشط وفاعل في القتال ضد الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية منذ نشوب الثورة العربية الكبرى سنة 1936 م، وحتى النكبة وقيام إسرائيل عام 1948 . وهو أخيرا سياسي مقدسي لعب دورا في الحياة السياسية في العهد الأردني. إذ كان نائباً في البرلمان ثم عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وكان بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس، من مؤسسي الهيئة الإسلامية العليا وبقي عضوا فيها إلى أن أبعدته إسرائيل إلى الأردن.
وأمّا مجموعة أوراقه الشخصية، ففي غناها بالتفاصيل لبعض الإحداث وشمولها لرؤية نقدية لممارسات وسلوكيات عدد من قياديي الحركة الوطنية، مما يجعلها مصدرا هاماً لكشف جوانب لم تكشف ودرس علاقات لم تدرس فهو تتضمن نظرات في الوضع الداخلي للحركة الوطنية الفلسطينية تحت زعامة المفتي الحاج أمين الحسيني، كما أنها تعطي الفرصة لتقويم وتصحيح1939 والتي نشرت في كتب عدة. إلى - بعض الروايات المتعلقة بالثورة العربية الكبرى1936 جانب ذلك ففي الأوراق ما ينفذنا إلى عقل الحاج أمين الحسيني وكيف كان ينظر لبعض القضايا الهامة. وتمكننا الأوراق من فهم علاقته بموسى العلمي وبالمكاتب العربية. كما تمثل حياة داود السياسية التطور في الحركة الفلسطينية من العمل ضمن هيمنة الإطار العائلي، بقيوده وعلاقاته المتشابكة، إلى الإطار القومي العربي العام.
تضم مجموعة الأوراق في قسمها الأول والعائدة لفترة الانتداب البريطاني حتى قيام إسرائيل 1939 ، ومجموعة من الرسائل القيمة بينه - مذكراته عن نشاطه خلال الثورة العربية الكبرى 1936 وبين رأس الحركة الوطنية الحاج أمين الحسيني في الأربعينيات من القرن الماضي. وملف حول نشاطه في بيروت خلال عمله مديرا للمكتب العربي فيها. وأوراق أخرى حول زيارته لطهران عام1948 والمتعلقة – 1947 . ثم مراسلاته مع المفتي خلال الحرب العربية – الصهيونية1947 بنشاطات وأحوال الجهاد المقدس خلال الحرب.
أماّ القسم الثاني من الأوراق فيعود لفترة الحكم الأردني للضفة الغربية والقدس، وفيه مجموعة أوراق تتعلق بدعايته لانتخابات مجلس النواب الأردني وخطب ألقاها في المجلس بعد انتخابه.
ومذكرات وخواطر كتبها أثناء اعتقاله في الجفر عام 1963 ، وتبدأ المذكرات في الأول من حزيران. 1963 وتنتهي في الثامن والعشرين من أيّار 1964تقدم هذه الدراسة قراءة جديدة لبعض الجوانب من التاريخ الفلسطيني في عهد الانتداب، ومن خلال عرض لأهم محتويات الأوراق سنحاول أيضاً إغناء معرفتنا بما كان يدور داخل صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية من حوار نقدي بين الأطراف المتقاربة أو صراع وخلاف بين الأطراف المتباعدة.
داود الحسيني: سيرة الحياة
ولد داود الحسيني في مدينة القدس عام 1903 م، ودرس في مدارس القدس والقاهرة، ثم التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت وتخرج منها طبيباً للأسنان. عاد بعدها إلى فلسطين وافتتح عيادة خاصة في مدينة يافا. وخلال عمله في المدنية اشترك في النشاطات الشبابية إذ أسّس مع مجموعة من الشبان النادي الرياضي الإسلامي سنة 1928 ، ولعب في صفوف أول فريق لكرة القدم للنادي، وانتخب لاحقاً سكرتيرا للنادي، وهو منصب بمنزلة الرئيس و لكن اصطلح في القانون الأساسي للنادي بجعله تحت مسمّى السكرتير، 2 كما اشترك أيضاً في تأسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني وكان أمين السر فيه. اشترك أثناء وجوده في يافا في الحياة السياسية حيث انضم إلى مؤتمر الشباب العربي الفلسطيني .لأول المنعقد في 4 كانون الثاني )يناير( 1932 ، وانتخب عضوا في لجنة القانون الأساسية. 3 انضم للعمل الوطني المسلّح ضد الانتداب والصهيونية في شهر أيار )مايو( 1936 ، حيث ساهم مع صديقٍ له يرمز إليه في مذكراته عن الثورة بالحرف م )والأرجح أنّ المقصود هو محمد العفيفي، مأمور أوقاف يافا آنذاك( في تسليح عبد الرحيم الحاج محمد، بعد أن تم الاتفاق معه على العمل المسلح ضد قوات الانجليز في الجبال، كما قام داود الحسيني بعدها مباشرة بتزويد عارف عبد الرازق بالأسلحة والمتفجرات لنفس الغرض. وبقي يقوم بمهمة تزويد الثوار بالأسلحة بواسطة الأموال التي جمعها خصيصاً لهذا الغرض من متبرعين في يافا وغيرها، وكان ينقل الأسلحة بنفسه، مستخدماً سيارته الخاصة، من المخازن إلى معاقل الثوار في الجبال، 4 وممن عملوا معه في هذا المجال الشهيد الشاب خليل بدوية الذي كان مديرا للنقليات بين المخازن والقادة في1936 ، في اشتباك مع القوات الانجليزية في معركة /9/ الجبال، إلى أن استشهد يوم الخميس 3 بلعا الشهيرة، والتي خططها وقاد المجاهدين العراقيين والسوريين والأردنيين والفلسطينيين فيها القائد المعروف فوزي القاوقجي. وقد بقيت جثة الشهيد بدوية في أرض المعركة ليوم الجمعة لتالي، وحين وصل خبر استشهاده لداود والذي كان في منزل عارف عبد الرازق في قرية الطيبة، وجّه فورا للموقع ووجد الشهيد، كما يصف ذالك في المذكرات، ملقاً على ظهره والابتسامة تعلوشفتيه، وقد اخترقت رصاصة جبينه، فقام داود ومن معه بنقل الجثمان إلى معقل الشهيد بدوية في قرية فرعون، قضاء طولكرم، حيث ووري التراب.
اضطر لمغادرة البلاد لاحقاً إلى لبنان بعد مقتل أندروز، حاكم لواء الجليل على يد الثوار القساميين. وقد قامت الحكومة الأنجليزية بشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف الوطنيين، الأمر الذي أدّى لهروب عددٍ منهم، وتبع ذالك خروج المفتي نفسه إلى لبنان في أكتوبر 1937 وحسب العديد من المصادر 5 فقد كان يدخل البلاد لإيصال تعليمات وأموال للثوّار، وقد ترك لعمل بالطب ليشتغل رسولاً خاصاً بين المفتي وقادة الثورة في الجبال. وكان منزله في بيروت فتوحاّ للمجاهدين الذين يذهبون لبيروت لمقابلة المفتي أو للعلاج. 6 إلاّ أنه اضطر في أوائل ربيع عام 1938 إلى ترك لبنان بناءا على أوامر صدرت إليه من القيادة العليا )المفتي(، وذالك بسبب غوطات وإلحاحات مدير الأمن العام في لبنان الفرنسي المسيو كولومباني. وتركت له حرية لاستقرار في لواء الإسكندرونة، فسافر إليها وبقي فيها مدة، وكان قد سبقه مضطرا إلى هناك معين لماضي وعائلته لنفس السبب.
أصيب خلال وجوده في الإسكندرونة بمرض اضطره للعودة إلى دمشق فبيروت، بعد توسطات1939 ، بعد أن /9/ عديدة لدى كولومباني. ثم ترك لبنان وسوريا إلى العراق فوصلها في27 أصبحت مستقرا للثوار الفلسطينيين عقب انتهاء الثورة الفلسطينية 7. وفي العراق رحّب به مدير المعارف العراقية الدكتور سامي شوكت، وعينه في قسم الصحة بوزارة المعارف طبيباً للأسنان.
عاد للعمل الوطني مشاركاً في ثورة رشيد عالي الكيلاني ضد الانجليز عام 1941 ، واضطر1941 قبل انهيار جبهتها بيومين، واستطاع بعد /5/ لترك بغداد مع المفتي وأعوانه في ليلة29تعبٍ مضنٍ وعذاب طويل الوصول إلى طهران. وكان قد وصلها كل من المفتي أمين الحسيني وجمال الحسيني وعثمان كمال حداد )السكرتير الخاص للمفتي وحلقة الوصل مع الألمان(. واضطر جميعهم لاحقاً لمغادرة طهران خوفاً من الوقوع في أسر البريطانيين الذين غزوا إيران مع القوات الروسية، فتقدموا لطلب المساعدة من السفارات الايطالية والألمانية واليابانية، التي رفضت مساعدة الجميع قائلة أنها لن تتمكن إلا من تهريب واحد فقط، وكان ذلك الواحد هو المفتي الحاج أمين الحسيني والذي استطاع في 23 أيلول )سبتمبر( الهرب إلى تركيا ومنها إلى ايطاليا.
قبضت قوات الشرطة الإيرانية على أعوان المفتي ومنهم.اود الحسيني، وسلمتهم للإنجليز الذين نقلوهم إلى معتقل الأهواز وأبقوهم شهرا واحدا قبل نفيهم إلى روديسيا. وهناك وضعوا في معسكرات اعتقال جماعية، مع الضباط العراقيين الذي شاركوا في ثورة الكيلاني، وكانت الأوضاع في هذه المعسكرات سيئة للغاية، فمرض أغلب السجناء، وتوفي البعض نتيجة لذلك ومنهم أمين التميمي، وعارف الجاعوني، وناجي الوادي. 8 في نيسان )إبريل( 1946 ، وبعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها، أفرج عن المعتقلين وسمح لهم بالعودة. فعاد داود الحسيني إلى مدينة القدس، وفضل البقاء في البيت معللاً ذلك لأني وجدت أن من برع في فرك اليدين لا من عمل، ومن أحسن الادعاء لا من سعى، هو : بالقول المبرز.
في أواخر أيار )مايو( 1946 فكر بالسفر إلى أمريكا للعمل مع المكاتب العربية التي أنشأها وأدارها السياسي الفلسطيني موسى العلمي إلا انه انتدب للعمل مديرا للمكتب العربي في بيروت.
فسافر إلى هناك، وهذه الخطوة تدل على ميله للاستقلال الفكري عن المفتي وأنصاره الذين كانوا يتهمون العلمي بالخيانة. وقد انضمت عائلته إليه في بيروت بعد أن منحتها مديرية الأمن العام اللبنانية إذن إقامة لمدة ستة شهور )رغم تقدمه بطلب الإقامة لمدة سنة). وقد ساهم من خلال المكتب في حل مشاكل عدد من اللاجئين السياسيين الفلسطينيين في لبنان مع الحكومة اللبنانية، كما عمل على مراقبة أعمال الصهيونيين في بيروت، والتي كانت تتم تحت ستار التجارة والشركات.
وكتب تقارير حول النشاطات الصهيونية في لبنان للحكومة اللبنانية وللمفتي أمين الحسيني.
عرض عليه موسى العلمي في نيسان )إبريل( 1947 العمل في المكتب العربي بنيويورك، فبعث يستشير المفتي بالأمر، فأشار عليه الأخير برفض العرض وطلب منه العمل معه في صفوف الهيئة العربية العليا. فسافر إلى القاهرة في حزيران )يونيو( بعد سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع المفتي حول موقعه وعمله في صفوف الحركة الوطنية، وعاد من القاهرة بانطباعات سيئة عن حاشية المفتي والعاملين تحت أمرته، ثم اتفق الإثنان على أن يسافر إلى القاهرة في تشرين أول)أكتوبر( 1947 للعمل، ويبدو أن إقامته في القاهرة لم تطل، إذ استدعت الأحداث التطورات1947 عودته إلى /11/ التي طرأت على القضية الفلسطينية بعد صدور قرار التقسيم في25 وبعد استشهاد عبد القادر الحسيني في القسطل ». الجهاد المقدّس « القدس للعمل في صفوف1948 ، عين المفتي ابن عمه خالد شريف الحسيني قائدا للجهاد المقدّس، وعيّن كامل /4/ في 6 بد الرحمن عريقات نائباًَ له، وقاسم الريماوي أميناً للسِّر. وعين منير أبو فاضل مفتشاً للشؤون العسكرية، وداود الحسيني مفتشاً للشؤون الإدارية. 9 وفي 12 أيار )مايو( هبط عمان وفد من قابل الوفد « . رجال القدس، مؤلف من داود الحسيني والدكتور عزة طنوس ومنير أبي فاضل الملك عبد الله وطلب منه دفع الخطر المحيق بالمدينة، وتزويد الحامية بالذخائر والسلاح والرجال.
فأجابهم الملك أنّه لا يريد حصر جيشه في القدس، وأنه ينوي أن يزحف به رأساً إلى تل أبيب، يهشم رأس الحية في وكرها قي داود الحسيني مديرا للجهاد المقدس إلى أن تم حلّ قواته وتصفية أعماله بعد النكبة.
فعاد للعمل في الطب. ثمّ اعتقل في تمّوز 1950 بتهمة الاشتراك في اغتيال الملك عبد الله، وقد كان له علاقات بالمتهم الأساسي قريبه الدكتور موسى عبد الله الحسيني، كما كان له علاقة بعبد الله التل الذي لعب الدور الأبرز في تخطيط وتمويل الإغتيال. 11 أطلق سراحه بعد أن برّأته المحكمة من لتهمة الموجة إليه. ثمّ عاد بعد ذلك وانخرط ثانية بالعمل السياسي، فرشّح نفسه وانتخب كمستقل نائباً عن القدس وأريحا في مجلس النواب الأردني الخامس )دورة 1956 (. وقد انعقد هذا المجلس12.1961 وقد وقّع /10/ في 21 أكتوبر من العام نفسه واستمر إلى نهاية مدته الدستورية في 201957 مع ثلاثة وعشرين نائباً آخرين على بيان صدر عن المؤتمر الوطني المنعقد في /4/ في 22 نابلس يدين السياسة الأمريكية الاستعمارية ويهاجم عملاء أمريكا في الوطن العربي، وفي الأردن خصوصاً، ويدين مبدأ آيزنهاور، ويطالب بوحدة الأردن مع سوريا ومصر. وكان هذا المؤتمر ممثلاً لجميع القوى والهيئات والأحزاب والشخصيات الوطنية الفلسطينية، ومجموع الموقعين على البيان سبعة وسبعون شخصية. 13 ترشح داود ثانية وفاز في انتخابات إعادة تشكيل المجلس النيابي الأردني السادس، والذي أعيد تشكيله في 27 تشرين الثاني من سنة 14.1962 وركّز في دعايته الانتخابية على الوحدة لعربية والتخلص من نفوذ الاستعمار الآتي من خلال المساعدات المالية، وعلى تحرير ما احتل من فلسطين، وعلى دعم اللاجئين والعمال والمزارعين والمعلمين. 15 وأثناء عضويته في المجلسى اعتقل في 21 نيسان )إبريل( 1963 مع عشرة آخرين من الأعضاء. كان الاعتقال في نفس اليوم الذي أعلن فيه عن تشكيل وزارة حسين بن ناصر بعد استقالة حكومة سمير الرفاعي لحجب المجلس الثقة عنها. وقد تألفت الحكومة الجديدة في ظروف اضطراب ومظاهرات عمّت بعض المدن الأردنية، وبالأخص عمّان، وسقوط بضع عشرات من القتلى، في أعقاب إعلان الوحدة1963 ، وكانت المظاهرات /4/ المصرية السورية العراقية، والتي عرفت بالوحدة الثلاثية، في 17 تطالب بالانضمام للوحدة. وقد عقد الملك حسين مؤتمرا صحفياً في 23 نيسان حول المظاهرات والوضع الداخلي وأعلن عن اعتقال أعضاء المجلس. وقد أطلق لاحقاً سراح الجميع )خلال أيام للبعض وأسابيع لآخرين( باستثناء داود، حيث بقي حوالي سنةً في سجن الجفر.
في حزيران )يونيو( 1965 ، اختاره أحمد الشقيري، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضوا في اللجنة، مع خمسة آخرين هم: الدكتور أحمد سروري، سعيد العزة، عبد الحميد ياسين، الدكتور فايز صايغ ونجيب ارشيدات. 18 وتدلّ هذه الخطوة على انفصاله الكامل عن المفتي واندماجه في الإطار الوطني-القومي الجديد، والذي تجاوز إلى حدٍ كبير الإطار العائلي التقليدي. والملفت للنظر هنا أيضاً أنّ المفتي كان يتهم الشقيري بالخيانة، كما اتهم العلمي قبله، وقد عمل داود مع كلا الرجلين مما يدل على نزوعه للاستقلال الفكري. وفي الاجتماع الأول للّجنة الذي عقد في القدس في تموز )يوليو( 1965 ، تولّى داود الحسيني مسؤولية الدائرة لسياسية للشؤون الخارجية. 19 فعمل على الاتصال مع المسؤولين الأردنيين طالباً منهم تقديم جميع التسهيلات الممكنة للمنظمة. 20 ثم سافر في تشرين الثاني )نوفمبر( 1965 على رأس وفد المنظمة إلى أمريكا اللاتينية، لتنظيم الجالية الفلسطينية في المهجر وشرح u1575 .لتطورات الأخيرة للقضية الفلسطينية، وضم الوفد في عضويته فكتوريا قنواتي، إبراهيم عياد وزهدي الترزي. 21 مكث الوفد في رحلته ثلاثة شهور وزار فيها 14 بلداًَ، وافتتح بحضوره في مدينة سانتياجو بالتشيلي في كانون الثاني )يناير( 1966 ، المؤتمر الأول للمغتربين الفلسطينيين في أمريكا الجنوبية، بحضور ممثلين عن الجاليات الفلسطينية في أقطار أمريكا الجنوبية، وألقى داود الحسيني كلمة الوفد في المؤتمر، وقد أدان فيها الاستعمار الغربي بوصفه مسؤولاً عن جريمة إقامة إسرائيل. وتقرر في نهاية المؤتمر إنشاء لجنة مركزية تمثل كافة العرب الفلسطينيين في أمريكا اللاتينية مقرها سانتياجو. 22 وفي شباط )فبراير( 1966 زار الجزائر لكسب دعمها للقضية الفلسطينية، وفيها أعلن رفض المنظمة لعقد مؤتمر قمة إسلامي، لأنّ وراءه دولاً تحاول، بعد فشل حلف بغداد، الإعداد لأساس جديد لعملياتها الهدّامة. 23 اشترك داود الحسني بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس والضفة والقطاع، عقب حرب حزيران(يونيو) 1967 ، في تأسيس الهيئة الإسلامية العليا، للحفاظ على الأوقاف والمقدسات لإسلامية في القدس والضفة الغربية. وإيجاد هيئة وطنية بعد غياب السلطة الأردنية. 24 ونتيجة لتحريض الهيئة على عدم التعاون مع إسرائيل، فقد قامت الأخيرة في 31 تموز )يوليو( 1967 بنفي ثلاثة من أعضاء الهيئة u1573 .لى داخل الأراضي المحتلة عام 1948 ، فنفي أنور الخطيب، محافظ القدس، إلى مدينة صفد، ونفي عبد المحسن أبو ميزر إلى طبرية، ونفي داود الحسيني إلى الخضيرة. كما نفي سياسي رابع هو إبراهيم باهر من رام الله. 25 وفي الثاني من أيلول )سبتمبر( اتخذت السلطات الإسرائيلية إجراءات أشد بحق المنفيين، إذ منعتهم من مغادرة الأماكن التي حددت إقامتهم فيها إلا لإثبات وجودهم لدى البوليس المحلي ثلاث مرات يومياً، وادعت بان هذه الإجراءات اتخذت وأتبعت السلطات هذا ». كان يجب أن لا يقابلوهم « بحقهم لأنهم أجروا اتصالات مع شخصيات الإجراء بإبعاد رئيس الهيئة الإسلامية الشيخ عبد الحميد السائح في أيلول )سبتمبر( 1967 إلى الأردن، وتبعت ذلك في أيار سنة 1969 بإبعاد أعضاء الهيئة داود الحسيني وعبد المحسن أبو ميزر وأنور الخطيب لإضعاف الهيئة وتحجيم دورها الديني والسياسي. فعاش في عمّان بقية حياته.
وما نعرفه عن حياته في عمّان بعد الإبعاد أنّه اشترك في وزارة عبد المنعم الرفاعي الثانية التي9 من السنة نفسها. وقد شغل داود فيها منصب / 1970 واستقالت في 15 /6/ تشكلت في 27 وزير الاقتصاد. وجاءت هذه الوزارة في أجواء توتر وصراع بين السلطة الأردنية والفدائيين. وكان الملك حسين قد أطلق عليها وزارة الفدائيين، لأنّها تشكلت وفيها أربعة وزراء فلسطينيين مقربين من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، تمّ ضمّهم للحكومة لتخفيف التوتر وللعمل على تنظيم العلاقة بين الطرفين، ويروي المؤرخ الأردني المعروف سليمان موسى أن المرشحين الفلسطينيين الأربعة للوزارة )وهم داود الحسيني والشيخ عبد الحميد السائح وأنطون عطا الله وسليمان الحديدي( اشترطوا موافقة المنظمة ورئيسها ياسر عرفات على انضمامهم للوزارة، 27 وهو ما حصل فعلاً. ونعرف أيضاً أنّه أثناء حياته في عمّان وقّع مع عدد من رؤساء وأعضاء النقابات المهنية وشخصيات وطنية وسياسيّة على بيان يدين التدخل العسكري السوري في لبنان، والذي بدأ في نيسان 1976 ، واعتبر الموقعون هذا التدخل موجهاّ ضد القوات الفلسطينية وطالبوا الرئيس u1575 .لأسد بوقف عمليات الجيش. وقد اعتبرت الحكومة الأردنية البيان مسيئاّ للعلاقات مع سوريا فقامت باعتقال ستة عشر من الموقعين ومنهم داود الحسيني والشيخ عبد الحميد السائح وأدعتهم سجن الجفر ثلاثة أسابيع. 28 توفي داود في عمّان في الثمانينيات من القرن المنصرم.
1939مذكراته عن ثورة 1936
تحمل هذه الصفحات من المذكرات عنوان بريطانيا وفلسطين وواجبي، يبدأها بالحديث عن بريطانيا وخلقها للصهيونية في فلسطين ويرى أن الصهيونية مبنية على مبدأ مؤازرة شعب لإحلاله في دار شعب آمن » ضربت عليه الذلة والمسكنة إلى يوم الدين « مشتت في أنحاء المعمورة ينشد الحياة عن طريق العمل والشرف.
ثم يسرد أول لقاء له مع عبد الرحيم الحاج محمد الذي جاء به أحد الأصدقاء إلى مقهى يتباحثون في ما وصلت إليه » إخوانه « المغربي بيافا حيث كان يجلس داود الحسيني ومجموعة من البلاد من تدهور سياسي ومالي وأخلاقي بفعل السياسة التي تتبعها بريطانيا لإنشاء الوطن القومي، رحبنا به وجلس « . ويصف عبد الرحيم بأنه مديد القامة مهيبها يلبس الكوفيه والعقال والقنباز يستعرض معنا الحالة مظهرا استعداده للعمل الجدي في الجبال وذلك عن طريق تأليف فرق من الشباب النشيط لمهاجمة كل ما هو بريطاني بالسلاح، وبعد انسحاب اثنين من الحاضرين لعدم موافقتهما على الفكرة، استمر النقاش ساعة واحدة اتفق بعده على ما يلي:
إلى منطقته لإشعال النار بين » أبو كمال « يعود عبد الرحيم الحاج محمد والذي عرف بعدئذ الشباب وتأليف الفرق للعمل. وأنا وأخوين آخرين لجمع المال من الإخوان الذين يمكننا مجاهرتهم بمشروعنا ونعتقد مؤازرتهم. ن نشتري ما تيسر من السلاح والعتاد وإرساله إلى الإخوان بناءاً على تعليمات منهم وترتيباتهم الخاصة وتثبت هذه الرواية للاجتماع بين داود الحسيني ورفاقه وبين عبد الرحيم، ان اشتراك الأخير في الثورة العربية المسلحة ضد الانجليز كان عفوياً، ولم يكن اشتراكه فيها مخططاً له قبل أول شهر أيار لبدايات الثورة. ففي »ً فلسطين عبر ستين عاما « )مايو( 1936 ، وهذا يناقض رواية إميل الغوري في هذه الرواية اختلق الغوري قصة تنظيم الجهاد المقدس ونسب إليه قرار بداية الثورة ضد الإنجليز، وجعل رئاسته لعبد القادر الحسيني، ووضع عبد الرحيم عضوا بين أعضائه. والثابت تاريخياً أن منظمة الجهاد. 1948 وليس خلال ثورة عام 1936 - المقدس أنشئت خلال حرب 1947 جمع الموكلان بمهمة جمع المال مبلغاً تجاوز المائتين وخمسين جنيهاً، دفعها متبرعوها عن طيبة خاطر على ان يكرروا الدفع في حالة نجاح الثوار. بدأت إثر ذلك عملية البحث عن وبعد خمسة أيام، تمكناّ أن نشحن بواسطة ما، حوالي العشرين « : السلاح. تقول المذكرات بندقية مع عتاد واف جيد وعدد من المسدسات وصندوق من أصابع الديناميت وعلى أثر استلام أبو». كمال هذه الكميات الضئيلة بدأ بأعماله يستمر داود الحسيني في سرد الأحداث، فيذكر انه بعد شهر اتصل وصديق له، يرمز له برمز )م( والذي عمل معه يدا واحدة مدة طويلة أثناء الحوادث التي جرت بين أيار )مايو( 1936 واتفقا معه على أن يمداه بما يقدران ،» أبو فيصل « وأيلول )سبتمبر( 1937 ، بعارف عبد الرازق عليه من السلاح. وهذا دليل آخر على عدم صحة رواية إميل الغوري لأنه أدرج اسم عارف عبد الرازق ضمن أعضاء تنظيم الجهاد المقدس، ونسب للتنظيم القيام بتسليحه وإعطائه أوامر التحرك والعمل العسكري في بداية الثورة. فرواية داود الحسيني تبين أن الأمور سارت بشكل عفوي، دون. وجود تنظيم مسؤول عن بداية نشاطات عارف عبد الرازق وعبد الرحيم الحاج محمد 30 الراجح أنه ممدوح السخن الذي كان ( » أبو محمود « ويقول الحسيني بأن شخصاً يدعى سكرتيرا للقائد عبد الرحيم الحاج محمد( كان الرسول المعتمد بينه وبين عبد الرحيم الحاج محمد وعارف عبد الرازق. ويروي أنه وصديقه )م( كان في أحد المرات على موعد مع أبي محمود وكان مكان اللقاء بقّالة قرب اللّد في أحد أيام تموز )يوليو( 1937 . ولما وصلا إلى مكان الموعد لم يجداه، ولكنهما شاهدا على مسافة قريبة من المكان حشد من الناس فتوجهوا باتجاهه وفي طريقنا شاهدنا بغلة أبو محمود وحيدة فسألنا عن صاحبها وعن سبب التجمهر، فقيل لنا « انه ألقي القبض من طرف الأهلية على فلاّح مرسل من دائرة التحري للتجسس. فأخذ هذا الفلاح وضرب وأهين وهو الآن معتقل في مكان ما، فخفنا أن يكون هذا المتهم بالجاسوسية هو صاحبنا
وقد صدق ظنّنا لما وصفوه لنا، وبما أننا غير معروفين لدى المتجمهرين وجدنا أنه من المستحسن أن نستنجد بأحد الوجهاء لإطلاق سراح أبو محمود وكان ذلك. وقد أخبرني أحد المتجمهرين)حين ذهب صديقي للاتصال بوجيه( أن هذا الجاسوس اللعين كان يضحك مع كل عصاة أكلها، وكلما أهين لم ينطق ببنت شفة، فقلت في نفسي بورك فيك أبو محمود وكان الله معك كلما نزلت العصاة عليك. فسألت أحدهم كيف اشتبهتم به وكيف ألقيتم القبض عليه؟ فقال حضر في الصباح المبكر وجلس قرب البيادر وبدأ يتكلم عن الثورة مخاطباً الشباب دافعاً إياهم للعمل ضد الانجليز واليهود. فلما سألناه من هو ومن أين؟ رفض الإجابة فاشتبهنا به وضربناه وهو لا يفتر». يضحك مع كل عصا يسرد داود الحسيني بعدها ثلاثة حوادث جرت له أثناء نقل السلاح من المخزن وتسليمه لرسل الثوار. ثم ينتقل للحديث عن رحلة ورفيقه )م(، اذ سافرا يوم الجمعة بالقطار من يافا إلى طولكرم واستبدلا ملابسهما بملابس الفلاحين، وتوجها إلى قرية الطيبة لمقابلة ابو فيصل عارف عبد الرازق وكان هذا هو اللقاء الشخصيّ الأول اذ لم يكونا قد رأوه من قبل رغم وجود الاتصال والتعاون، وتناولا معه في الطبية طعام الغداء، وبلغهم قبل العصر نبأ استشهاد خليل بدوية 31 وحيد فاشتغل معنا « . أمّه الشاب ابن العشرين عاماً، والذي ترك دراسته في القاهرة لينضم إلى الثورة كمدير النقليات بين المخازن والقادة في الجبال وكان صخري الإرادة يعتمد عليه مؤمناً بواجبه لا تركنا حالاً الطيبة وعن طريق فرعون « ويتابع داود الحسيني ». يؤخر عمل يومه وكان عنيدا جسوراً اتجهنا حيث وجدنا خليلاً ملقاً على ظهره وقد اخترقت الرصاصة جمجمته. وكان جلده طرياً». ووجهه باسماً. فحملناه إلى فرعون )مركزه قبل استشهاده( حيث كان مقره الأخير بعد ذلك تابع داود الحسيني ومرافقه سيرهم إلى كفر اللبد، واجتمعوا بشيوخها وتباحثوا في لبينما تنتهي الترتيبات « أمر تعزيز حامية القرية لتعمل كاحتياط تساند المجاهدين حين الضرورة وتدل هذه الجملة الأخيرة ان الترتيب ». التي يقام بها من اجل إيجاد قيادة عامة وتقسيم الحركات النهائي لقيادة الثورة لم يكن قد انتهى بعد، رغم وصول القاوقجي وإعلانه عن نفسه قائدا عاماً للثورة.
وفي اليوم التالي )السبت( توجهوا إلى عنبتا فبلعا، فشاهدوا عمليات نسف البيوت التي بدأ وجدنا نساءها ورجالها مملوءين حميه وحماسة وقد زادهم « . بها الانجليز قبل ست وثلاثين ساعة ويصادفون بعد مغادرتهم بلعا قبل ». نسف بيوتهم إيماناً بحقهم والعمل على أخذه بالدم والحديد كل شيء في سبيل البلاد، سنقدم دمنا » الظهر امرأة مسنّة عائدة من قرية علاّر وهي تزغرد وتقول وقد تأثرنا جدا من شكلها وقالت ان الرجال في علاّر يستعدون فاذهبوا وآزروهم ». فداك يا وطن». والله يا بني لا يخلصنا من الجور والظلم الا دمنا وسلاحنا كان فوزي القاوقجي يتمركز في علاّر، ويذكر داود الحسيني أن الطريق إلى علاّر كان بها حرس القاوقجي الذين انتشروا في كل مكان ولا يدع أياً يمر إلا بعد التحري والتدقيق وأخذ الإذن ممن هم أعلى منه، وصادفهم في بداية صعودهم جبال علاّر كشّاف عرف هويتم فأعطاهم كلمة المرور. دخلوا علاّر قبيل العصر، ووجدوا الثوار على الأسمطة يتناولون طعامهم بشهية، وبعدئذ تعرف ورفيقه )م( على البطل فوزي القاوقجي ومن معه من المجاهدين الأشاوس من البلاد العربية.
ويفد على علاّر وهم فيها عبد الرحيم الحاج محمد، فيجتمعون طويلاً، ويرتبون وإياهم الخطط لجمع كلمة القرى وتجنيد أكبر عدد ممكن من الرجال، وكان ملخص الترتيبات كما يلي: أن تفرض البنادق على القرية بنسبة عدد رجالها.
يقسم الرجال في كل قرية إلى قسمين، الأول يخرج للجهاد، والثاني للاحتياط على أن يأخذ محله بعد أسبوع. وأن يعمل الاحتياط كحرس ليلي لحركات المجاهدين الذين يمرون في قريتهم أو المستريحين فيها.
تجمع القرية ما تقدر عليه من المال لمساعدة رجالها المستشهدين وعائلات المضطرين للتغيب أكثر من شهر.
يقوم داود الحسيني ورفاقه بمد الثوار بما يمكنهم من العتاد والمتفجرات والفتيل، والكبسول الخ، عدا البنادق، وبالمعلومات عن حركات الجيوش البريطانية الغاشمة والبوليس وعيونه من الخونة.
تتعدى أهمية هذه التفاصيل التي يذكرها داود الحسيني في مذكراته كونها المرة الأولى التي تذكر فيها، فقد بينت جوانب هامة من أحداث الميدان )القرى والجبال(، ومنها على سبيل المثال أنّ الثوار هم الذين عملوا بين الفلاحين لدمجهم في الثورة ولتنظيم العمل العسكري ضد البريطانيين ولم يكن للقيادة السياسية الفلسطينية المتمركزة في القدس آنذاك دور واضح في هذا الأمر.
كما تضيء الرواية مشكلة هامة واجهت الثورة منذ بدايتها وهي التمويل والتسليح، ويتبين لنا من النص ان المشكلة حلت بواسطة التبرع والتطوع الذاتي من قبل الشعب بكافة فئاته، ولم يكن هناك جهات عليا أخذت على عاتقها مسؤولية تمويل وتسليح الثوار. وهناك مسألة أخيرة من الواجب الالتفات إليها وهي أنّ الثورة من بدايتها قد اهتمت بالاستخبارات العسكرية وبدأت القيادة الميدانية بالعمل على جمع المعلومات بهذا الخصوص منذ شهر أيار )مايو( 1936 في منتصف الليل والمجتمعون مازالوا في أبحاثهم، وردت إخبارية أن الجيوش البريطانية تتجمع في طولكرم لتطويق علاّر ودير الغصون. فأوقفوا البحث وكتب القاوقجي الكتب العديدة لرؤساء الفصائل يعلمهم بما يجري. وترك داود الحسيني ورفيقه علاّر وتوجها إلى دير الغصون، وهناك وقع في حصار الجيش الانجليزي الذي شمل كل نساء ورجال القرية، وبدأت عملية تفتيش الرجال، وأخذ المشبوهين للاستجواب، ولكن العملية لم تتم إذ في الثامنة صباحاً بدأ الجيش بالانسحاب بصورة مفاجئة، فعاد داود الحسيني ورفيقه إلى طولكرم وهناك عرف أن السبب في الانسحاب كان تطويق الثوار لدير الغصون مما أدى إلى انسحاب الجيش من دير الغصون.
يعود داود الحسيني بعد ذلك لسرد روايتين أخرتين حول إرسال السلاح للثوار، وكيف تجاوز التفتيش الشديد في يافا ونظام منع التجول الليلي، ويسرد تفاصيل حول استجواب البوليس الانجليزي له في مركز بوليس يافا.
وفي القسم قبل الأخير يتحدث عن حوادث صادفته أثناء وجوده خارج فلسطين في ربيع سنة 1938 ، إذ طلب منه مغادرة لبنان إلى الاسكندرونة، فيسرد رحلته إلى أنطاكية واسكندرونة حيث نفي هناك شهرا واحداً، أصيب خلاله بمرض اضطره للعودة إلى بيروت بعد السعي لدى المسؤولين الفرنسيين.
أما في القسم الأخير فيسرد فيه رحلته من بيروت إلى الشام لإحضار الدكتور صبحي أبو غنيمة لمسائل هامة ومستعجلة، واضطر فيها لسلوك طريق صيدا مرج عيون بانياس القنيطرة فالشام، بسبب تراكم الثلوج في طريق بيروت الشام، وكانت طريق صيدا خاضعة لتفتيش الدوريات الانجليزية على حدود الحولة، وكان يرافقه في رحلته عارف الجاعوني أحد مساعدي المفتي المعروفين، وتمت المهمة بسلام رغم الصعوبات التي واجهتها.