فساد من نوع آخر
[4/28/2016
ماهر ابو طير
اسوأ انواع الفساد في البلد، ما يتعلق بالشركات المساهمة، حيث تأتي مجموعة من الاغنياء وتطلق مشروعا، وتدفع مبالغ مالية محددة، وتجمع بقية رأسمالها من الاسهم التي يتداعى الناس لشرائها.
ما يحدث ان المواطن هنا، مجرد ممول لنفقات مجلس الادارة، والذي يقرأ نفقات مجالس ادارات اغلب شركات القطاع الخاص، يلمس انفاقا جنونيا للمال، بحيث يتم سحب ارباح هذه الشركات لصالح مجالس الادارات، ورؤسائها، وبحيث يكون صاحب الاسهم هنا، مجرد سردين في بطن الحوت.
ملف الشركات ملف يتوجب فتحه، وهو ملف خطير جدا، لان نفرا قليلا يقرر في غياب المساهمين طوال عام، وبالتفاهم فيما بين المساهمين المسيطرين على مجالس الادارات، كل طرق الانفاق، وفي حالات كثيرة يسترد المساهم الكبير، اسهمه، جراء سيطرته على قرارات الشركة، التي تصب لصالحه عبر شركات او مؤسسات اخرى، او حتى عبر مخصصاته التي تتراكم عبر السنين، وهو الذي يقررها بالتفاهم مع مجموعة من الشركاء الكبار، وبحيث تكون ارباحه هنا ضعفين.
مشكلة المساهمات ان الانسان يدفع مبلغا ماليا، قليلا او متوسطا، وجراء انشغاله او تفويضه لمجلس الادارة او عدم اهتمامه، يكون بمثابة الذي دفع ثمن رفاه غيره، وقد يتذكر بعض المساهمين احوال الشركة التي اشترى بها اسهمه، فيأتي لهذا الاجتماع او ذاك، ويجد ان كل الامور تم ترتيبها في غيابه، وكل تساؤلاته لا قيمة لها، فأسهمه قليلة، وبقية المساهمين غير موجودين، فيكتشف بكل بساطة ان شراء الاسهم هنا، كان مجرد طعم.
الذي يتتبع موازنات كثير من الشركات، والمشاريع التي تتورط بها، او المكآفأت التي تدفعها الشركة لمن يديرها او يرأس مجلس ادارتها، وهم اساسا من المساهمين، يعرف ان هذا مجرد فخ، والمشكلة هنا، ان الجهات الرسمية لا تمتلك أي آلية للتشكيك بأداء الشركة، او الاعتراض على قيمة الرواتب او المساهمات، ما دامت تتم وفقا لتغطيات قانونية، في الاجتماعات، او اجتماعات الهيئة العامة، وغير ذلك من لقاءات.
هذا ليس طعنا في القطاع الخاص، لكنه تحذير شديد، من ابقاء الفساد موصوفا بكونه حكوميا وحسب، فهذا هو ظن اغلب الناس، الذين يعتقدون ان الحكومات فقط هي التي تفرط بالمال العام، فيتعامى كثيرون عن القطاع الخاص، جراء طريقة عمله وخصوصيته، والترتيبات التي تجري فيه، بمعزل عن عين الدولة، وبعيدا عن اعين الشركاء الصغار.
لقد آن الاوان، دون ان تتسبب هذه الدعوة، بتخريب القطاع الخاص، الذي يعاني من مشاكله اصلا، ويخسر ماليا، فلا يحصل المساهمون على ارباح، فيما يحصل الكبار على مخصصاتهم بكل الطرق، حتى لو افلست الشركة، ان يتم فتح العين على ما يجري في الشركات، اذ ليس من العدل ان يكون مئات الاف المساهمين، مجرد ضحايا في بطن الحيتان، يتغذون على اموالهم، ومدخراتهم، واحلامهم ايضا.
الدستور