سفينة التحكم عن بعد.. ابتكار فلسطيني ينأى بصيادي غزة عن دائرة الاستهداف الإسرائيلي
- اقتباس :
- تُستخدم لأغراض الصيد والمراقبة البحرية
خان يونس (فلسطين) - خدمة قدس برس | الأربعاء 08 يونيو 2016 - 09:32 ص
"الإبداع يولد من رحم المعاناة" .. ومن رحم الإرادة الحرة تتوالى وتتعاظم ابتكارات الفلسطينيين لقهر الاحتلال والتغلّب على الحصار والحروب؛ فمع التصاعد المستمر واللا محدود للانتهاكات الإسرائيلية الممارسة بحقهم، تولّد الحاجة للإبداع في مجال التكنولوجيا الحديثة بما يضمن التخفيف من وطأة ويلات الاحتلال التي يعانيها الشعب الفلسطيني.في غزة، باتت الحياة أشبه بكابوس يومي يعيشه نحو مليوني فلسطيني تحاصرهم قوات الاحتلال الإسرائيلية أرضا وبحرا وجوا، وتستهدفهم داخل مساحة 360 كيلومترا مربعا مكدّسين داخلها، الأمر الذي حدا بالعديد من الشبان الغزيين صوب ابتكار وتطوير أجهزة تساعدهم على تخطي أزماتهم؛ فمنهم من قادته أزمة الوقود والكهرباء في غزة إلى فكرة اختراع مركبة تسير على البطاريات، ومنهم من ذهب باتجاه مشاريع تطوير القطاع الزراعي والطبي والأمني، وغيرها.
الطالب الفلسطيني أنس أبو عنزة (12 عاما)، خرج بفكرة اختراع سفينة تعمل بواسطة نظام التحكم عن بعد ويمكن الاستفادة منها في مجال الصيد والمراقبة البحرية، دون أن يضطر الصيادين إلى التواجد على متنها، ما يتيح لهم إمكانية تفادي استهداف الاحتلال الإسرائيلي شبه اليومي لهم وما يتضمنه ذلك من خطر على حياتهم.
ويأتي هذا الابتكار، بعد قيام وزارة التربية والتعليم العالي بغزة، بتنفيذ خطوات وبرامج متقدمة من أجل تشجيع الطلبة المبدعين والمبتكرين ورعايتهم وإقامة مسابقة نوعية في هذا المجال "مسابقة الابتكار العلمي".
وقال أنس وهو طالب في مدرسة "عبسان الجديدة الأساسية للبنين" التابعة لمديرية شرق خانيونس (جنوب قطاع غزة)، إن فكرة مشروعه تعتمد على توظيف مكونات لعبة سيارة التحكم عن بعد والاستفادة منها في صناعة سفينة تعمل بواسطة نظام التحكم ذاته.
وأشار أبو عنزة في حديث لـ "قدس برس"، إلى أن ابتكاره قد يُساهم في التخفيف من معاناة الصيادين الذين يتعرضون لمخاطر إطلاق النار بشكل شبه يومي من قبل الزوارق البحرية الإسرائيلية.
وأضاف "هذه السفينة الصغيرة من الممكن أيضًا أن تسهل على الصيادين مهام الصيد والإبحار، وتتيح لهم إمكانية ترك سفنهم في منطقة الصيد المحددة والتحكم بها عن بعد بعيدًا عن الخطر الذي عادة ما يتعرضون له في رحلات الصيد اليومية، ثم يعودون إليها عند زوال الخطر".
والمشروع يقوم على إنشاء سفينة ذات هيكل بلاستيكي ومحركين يتحكمان في مسارات واتجاهات عملية الإبحار، بالإضافة إلى وحدة إرسال واستقبال وقضيب حديد للتوازن، وألواح من الخشب لتسوية سطح السفينة.
وتعدّ فكرة الابتكار قابلة للتطوير والتطبيق إذا ما تم عرضها على الجهات المختصة للانتفاع بها في مجال الصيد والدوريات البحرية، وفق الطالب المبتكر.
من جهته، قال مدير مدرسة "عبسان" فؤاد بعلوشة، "رغم الحصار وحالة الانقسام التي يعيشها المجتمع الفلسطيني إلا أن الشعب لم يُعدم الوسيلة وتغلب على العقبات التي تعترض طريقه في سبيل الرقي والالتحاق بالأمم المتقدمة".
وأكد بعلوشة لـ "قدس برس" أن إدارة المدرسة قدمت للطالب أبو عنزة المساعدة، حسب الإمكانات المتاحة لإنجاح مشروعه، داعيًا في الوقت ذاته المؤسسات المحلية إلى تنبي الابتكار وتعميمه حتى يمكن الاستفادة منه.
ويشار إلى إن هذا الابتكار هو واحد من عشرات الابتكارات والمشاريع العلمية الريادية التي قدمها طلبة مدارس غزة، ضمن "مسابقة الابتكار العلمي"، والتي أطلقتها وزارة التربية والتعليم العالي لأول مرة في قطاع غزة في أيار/ مايو الماضي.
وشارك في هذه المسابقة أكثر من 400 طالب وطالبة، من جميع المراحل الدراسية على مستوى مديريات القطاع، حيث قدموا 200 مشروع، وتم إخضاعها للجنة تقييم متخصصة من الخبراء، حيث أفرزت التقييمات عن فوز 39 مشروعًا إبداعيًا من تفكير وصنع الطلبة أنفسهم.
ويُذكر أن معظم المشاريع الفائزة، كانت تستهدف معالجة مشكلات الواقع المعاش في قطاع غزة نتيجة الحصار والعدوان والتفرعات الناجمة عن ذلك وخاصة مشكلات الكهرباء والإنذار المبكر والطوارئ.
بدوره، أشاد وكيل وزارة التربية والتعليم العالي، زياد ثابت، بالمشاريع المقدمة في هذه المسابقة وغيرها من المسابقات، موضحًا أن المشاريع الفائزة وغيرها من المشاريع التي تم تقديمها تؤكد على تميز طلبة غزة وإبداعهم.
وقال ثابت لـ "قدس برس" إن الوزارة، ورغم قلة الإمكانيات، ستواصل بذل الجهود في اكتشاف الطلبة الموهوبين والمبدعين والمبتكرين وتنمية قدراتهم.
وتابع "هذه الأبحاث جاءت من إبداع الطلبة، بعد أن استفادوا من مشروع الوزارة المهم، وهو نشر ثقافة البحث العلمي في التعليم العام والمدارس".
وأكد أن الوزارة تستهدف من خلال هذا المشروع تشجيع التميز الطلابي على البحث العلمي وخلق جيل لديه قدرات بحثية.
ـــــــــــــ
من عبد الغني الشامي
تحرير زينة الأخرس