القانون الدولي "بيد إسرائيل"
سجّل الأسبوع الماضي حضيضا جديدا في التواطؤ الدولي مع جرائم النظام الصهيوني، حينما صوتت 109 دول في الأمم المتحدة، لصالح ترؤس إسرائيل للجنة القانون الدولي في المنظمة. فهذا تواطؤ بمستوى جريمة لا يمكن أن يتخيلها العقل الإنساني؛ ويضاف إلى هذا أن السفير داني دنون الذي سيرأس اللجنة، كان رأس حربة في الكنيست الإسرائيلي في المبادرة وسن أشرس القوانين العنصرية.
لكن المسخرة الكونية تتجلى أمام واقع أنه في الساعة ذاتها التي صوتت فيها هذه الدول لصالح إسرائيل، كان الكنيست يمدد قانون منع لم شمل آلاف العائلات الفلسطينية، بمعنى تشتيت عشرات آلاف الفلسطينيين بين أحد الوالدين؛ في مناطق 48، والثاني في الضفة أو القطاع. ليس هذا فحسب، بل أنه في يوم الأربعاء الماضي، أي بعد يومين من تنصيب الصهيوني دنون على رأس هذه اللجنة، أقر الكنيست واحدا من أشرس القوانين العنصرية، تحت غطاء ما يسمى "مكافحة الإرهاب". والإرهاب في قاموس إسرائيل والصهيونية، هو كل من يقاتل من أجل حريته واستقلال شعبه. والقانون إياه هو بمثابة قوننة للأنظمة والسياسات كافة التي تعمّق الاحتلال، وتسلب شعبا كاملا حقه.
في أواخر أيار (مايو) الماضي، كنت عرضت مسحا وبحثا، صدر عن مركز "مدار" الفلسطيني في رام الله، حول القوانين العنصرية التي عالجها الكنيست في العام البرلماني الأول، بعد انتخابات ربيع العام الماضي 2015، ليتكشف مشهد سوداوي قاتم. فقد سجلت العنصرية الإسرائيلية ذروة جديدة في طرح القوانين العنصرية، وما من شك أن هذا لن يكون قاع الحضيض.
ووفق البحث، فقد تم تسجيل 66 قانونا عنصريا، جرى طرحها على جدول أعمال الكنيست خلال عام برلماني من ثمانية أشهر. وأقر الكنيست منها كليا 6 قوانين، بينما 6 قوانين أخرى أقرت بالقراءة الأولى، و8 قوانين أقرت من حيث المبدأ، فيما 46 قانونا تنتظر دورها للتصويت عليها في الهيئة العامة، لتدخل مسار التشريع. ومثل هذه الأعداد وأقل منها، كان الكنيست يقرها في دورة برلمانية كاملة من ثلاث أو أربع سنوات، ما يؤكد ارتفاع وتيرة سن القوانين العنصرية بأضعاف.
ومنذ افتتاح الدورة الصيفية الحالية نهاية الشهر الماضي، وحتى الأسبوع المنتهي، ارتفعت كل هذه الإحصاءات؛ إذ بات عدد القوانين المقررة نهائيا 8 قوانين، وبلغ عدد القوانين المدرجة بالمجمل حتى الآن 70 قانونا. لكن الأهم من هذا أن السياسات الإسرائيلية منذ ظهورها قبل 68 عاما، ارتكزت على الفكر الصهيوني العنصري الاستعلائي الإقصائي، وبات النظام الإسرائيلي ينافس أخطر الأنظمة العنصرية الدموية التي عرفها التاريخ في القرن الماضي.
ولا نأتي هنا بأي جديد حينما نعرض هذه الحقائق، وكل هذا معروف للعالم بأسره، ومعروف أكثر لدى عرّاب انتخاب إسرائيل لهذا المنصب الدولي، الولايات المتحدة الأميركية، التي مارست دورا فاعلا في الضغط على دول العالم.
من سيرأس لجنة القانون الدولي الآن، هو السفير الإسرائيلي العنصري المتطرف داني دنون، ومنذ وصوله لأول مرّة إلى الكنيست في العام 2009، تمسّك بخطاب عنصري دموي ضد النواب العرب، وضد فلسطينيي 48. وحينما قرر بنيامين نتنياهو تعيينه سفيرا لإسرائيل في الولايات المتحدة، لاقى القرار اعتراضات واسعة في الساحة الإسرائيلية ذاتها، ومنهم من اعتبر التعيين بمثابة تحدٍ للمجتمع الدولي.
بنظرة معاكسة، وعلى ضوء انتهاك إسرائيل اليومي للقوانين الدولية، ولمواثيق حقوق الإنسان كافة، وعلى ضوء التواطؤ الدولي مع السياسة الإسرائيلية، فبالإمكان القول، إن ترؤس إسرائيل وداني دنون للجنة القانون الدولي في الأمم المتحدة، هو "التعيين الأنسب"، ليؤكد على بؤس اختلال الموازين العالمية، وعلى انحياز الهيئات الدولية لصالح الأقوياء؛ فالشعب الفلسطيني لم تنصفه الهيئات الدولية، إلا بقشور تتطاير أمام عواصف العدوانية الإسرائيلية، وغطاء "الكبار" لها في الحلبة الدولية.
وعلى وزن أحد الأمثلة الشعبية عندنا نقول: "هيك قانون دولي بَدّو هيك رئاسة".
دول منظمة المؤتمر الإسلامي اعترضت على القرار
انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، لأول مرة، إسرائيل رئيسة لإحدى لجانها الست الدائمة.
وقد ندد الفلسطينيون بهذا القرار، واعترضت عليه الجامعة العربية و57 دولة أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي.
وعبر السفير الفلسطيني، رياض منصور، عن اعتراضه قائلا: "كان على المجموعة أن تعين مرشحا مؤهلا ومسؤولا، وليس منتهكا كبيرا لحقوق الإنسان".
ووصف السفير الإسرائيلي، داني دانون، التصويت بأنه "تاريخي لإسرائيل"، وقال: "أنا فخور بأن أكون أول إسرائيلي يرأس اللجنة".
وحصلت إسرائيل، في تصويت سري، على دعم 109 أصوات من أصل 193 دولة مشاركة.
وجاءت السويد في المركز الثاني بعشرة أصوات.
وتعنى اللجنة القانونية بنشاطات الأمم المتحدة المتعلقة بالقانون الدولي.
وقال السفير الإسرائيلي، الذي يرأس اللجنة، إن على رأس مهامه هو التقدم في وضع معاهدة دولية بشأن الإرهاب الدولي.
وجرت العادة أن يتم تعيين رؤساء اللجان الدائمة بالتوافق بين الأعضاء، دون توصيت، ولكن المعترضين على ترشيح إسرائيل طالبوا بإجراء تصويت، وهو ما أثار حفيظة نائب السفير الأمريكي، ديفيد برسمان.
وانتخبت إسرائيل ضمن مجموعة أوروبا الغربية ومجموعات أخرى.
وكانت تنتمي في العادة إلى مجموعة آسيا والمحيط الهادي، التي تضم دول الشرق الأوسط، وآسيا، التي تعارض في أغلبها دولة إسرائيل.
ولكن تحويلها إلى مجموعة أوروبا الغربية مكنها من الحصول على رئاسة لجنة دائمة، لأول مرة، منذ انضمامها إلى الأمم المتحدة عام 1949.