"السبائية".. هل هي أصل المذهب الشيعي؟

"يهلك فيه اثنان محب غال ومبغض .." حديث شريف

سعيد الناصر

السبأية أو السبابية أو السبائية نسبة إلى عبد الله بن سبأ؛ كان يهوديا من أهل صنعاء اليمن، ثم أظهر الإسلام في زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، يقول الطبري ثم تنقل بين بلاد المسلمين يريد إضلالهم. والبلاد التي يذكر أنه دخلها هي الحجاز والبصرة والكوفة والشام، ثم استقر به المقام في مصر وهناك قام له أتباع، في بداية أمره لم يكن يدعوا إلى عقيدة معينة ولكن تدخل في الشؤون السياسية وكان له دور كبير في الفتنة التي حصلت أيام الخليفة الثالث عثمان بن عفان والتي أدت إلى قتل الخليفة رضي الله عنه، وعندما ولي الأمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قام بإظهار التشيع له وهنا بدأ في نشر بعض أفكاره الغالية وبدأ بوضع عقائد لم تكن عند المسلمين.

ولكن البعض من أصحاب السير كالطبري يذكر أنه منذ أول الأمر أظهر عقائد باطلة لم يقلها المسلمين ولكن أصحاب كتب الفرق لم يذكروا هذا، يقول الطبري أن ابن سبأ قام في مصر وقال عجبٌ ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذّب بأن محمدا يرجع! وقد قال الله عز وجل "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد" محمد أحق بالرجوع من عيسى. ثم تكلم بعد ذلك بالوصاية وهي أن لكل نبي وصي وعلي وصي محمد ومحمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء.

وعلى كل فهم من فرق الشيعة الباطنية التي خرجت عن حد الاعتدال إلى الغلو، وأصل هذه الفرق هي تأثرها بعقائد الأمم السابقة يقول الإمام الشهرستاني :"وإنما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية ومذاهب التناسخية ومذاهب اليهود والنصارى إذ اليهود شبهت الخالق بالخلق والنصارى شبهت الخلق بالخالق فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة حتى حكمت بأحكام الإلهية في حق بعض الأئمة وكان التشبيه بالأصل والوضع في الشيعة .. وبدع الغلاة محصورة في أربع : التشبيه والبداء والرجعة والتناسخ".

فقول ابن سبأ بأن علي وصي للنبي هو من عقائده القدية التي طبقها على الإسلام، فهو عندما كان يهوديا كان يعتقد بأن يوشع بن نون وصي موسى، ويرجح الشهرستاني أن ابن سبأ لم يظهر مقالته في علي وأنه إله إلا بعد موت علي رضي الله عنه، ولكنا نجد البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق يقول بأن ابن سبأ أظهر مقالته قبل ذلك في حياة علي وأن عليا أحرقه وأصحابه في النار ولكنه لم يحرق الكل بل قام بنفي البقية وابن سبأ معهم إلى المدائن.

والذي يرجح أن ابن سبأ لم يظهر كل عقائده أيام علي رضي الله عنه بل قام بإظهار بعضها فقام علي بقتل بعض أتباعه ثم عدل عن ذلك لأسباب سياسية ثم لما استشهد علي رضي الله عنه قام ابن سبأ بإظهار باقي عقائده مستغلا في ذلك تأجج مشاعر المسلمين لمقتل علي رضي الله عنه.

وقد روى عن عامر بن شراحبيل الشعبي أن ابن سبأ قيل له إن عليا قد قتل فقال إن جئتمونا بدماغه في صرة لم نصدق بموته لا يموت حتى ينزل من السماء ويملك الارض بحذافيرها.

ثم لما جاء حكم الأمويين وقام الأمويين باضطهاد آل البت ثم مقتل الحسين رضي الله عنه وآل بيته ساعد ذلك في انتشار عقائد ابن سبأ بين العوام الذين لم يفقهوا الإسلام على حقيقته وخاصة من كان لديهم بعض العقائد قبل الإسلام من نسق العقائد التي نادى بها ابن سبأ.

وهذه عقائد السبأيين كما جائت في كتب الفرق:

قال عبد القاهر البغدادي في الفَرق بين الفِرق في الرد على عبد الله بن سبأ وأتباعه السبأية أو يقال لهم السبابية، وقال أنهم ليسوا من أهل الإسلام ولا من الفرق التي تنسب إلى المسلمين :" كيف يكون من فرق الإسلام قوم يزعمون أن عليا كان إلها أو نبيا ولئن جاز إدخال هؤلاء فى جملة فرق الإسلام جاز إدخال الذين ادعوا نبوة مسيلمة الكذاب في فرق الإسلام، قلنا للسبابية إن كان مقتول عبد الرحمن بن ملجم شيطانا تصور للناس في صورة علي فلم لعنتم ابن ملجم وهلا مدحتموه فإن قاتل الشيطان محمود على فعله غير مذموم به".

ويضيف البغدادي:"وقلنا لهم كيف يصح دعواكم أن الرعد والبرق صوته وقد كان صوت الرعد مسموعا والبرق محسوسا في زمن الفلاسفة قبل زمان الإسلام ولهذا ذكروا الرعد والبرق في كتبهم واختلفوا في علتهما".

وقال أيضا ردا على ابن سبأ بقوله أنه سيفجر من مسجد الكوفة مسجد علي نبع عسل وسمن :"ويقال لابن السوداء ليس علي عندك وعند الذين تميل اليهم من اليهود أعظم رتبة من موسى وهارون ويوشع بن نون وقد صح موت هؤلاء الثلاثة ولم ينبع لهم من الأرض عسل ولا سمن بحال نبوع الماء العذب من الحجر الصلد لموسى وقومه في التيه فما الذي عصم عليا من الموت وقد مات ابنه الحسين وأصحابه في كربلاء عطشا ولم ينبع لهم ماء فضلا عن عسل وسمن".