إسرائيل المستقبلية
يديعوت أحرونوت
ناحوم بارنيع 9/9/2016
حينما نشرت نتائج الاستطلاع الأخير في القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، تذكرت نكتة عن حديقة الحيوانات في القدس. في جانب أحد الاقفاص وضعت لافتة كتب عليها "سكن الذئب مع الخروف". وبالفعل فقد سكن في القفص حيوانان. والزوار تساءلوا "كيف أقنعتم الذئب بعدم افتراس الخروف؟"، "لم نُقنع الذئب"، قال المدير، "لكننا قمنا باستبدال الخروف كل يوم".
(خبيرة الاستطلاعات) د.مينا تسيمح وزملاؤها منحوا حزب "يوجد مستقبل"، حزب يائير لبيد، 24 مقعدا والليكود 22. ولم يكن هذا هو المعطى الصاخب الوحيد. حسب النتائج فإن 2 – 3 من المقاعد الجديدة للبيد تأتي من الليكود. وعلى فرض أن الاحزاب في إسرائيل تنقسم إلى كتل، يتبين أن هناك انتقال للأصوات من اليمين إلى وسط – يسار. عمليا، لبيد يبعد 6 مقاعد فقط، المقاعد التي منحتها تسيمح لكحلون، عن اقامة جسم مانع.
يزعمون في "يوجد مستقبل" أن الاستطلاع الذي قام باجرائه مارك ميلمان، المستطلع الأميركي، يشير إلى معطيات مشابهة لمعطيات استطلاع تسيمح. وقد تم ذلك قبل قضية القطار التي أغضبت اغلبية الإسرائيليين من نتنياهو.
النتيجة الفورية لنشر الاستطلاع هي انتهاء ولاية إسرائيل كاتس القصيرة كعدو للشعب. والآن سيتم تركيز النار على لبيد. أصحاب مدونات، مأجورو كازينو، مغردو تويتر سيستبدلون مقاطعهم ضد لبيد لأنه يمكن استبدال العدو، لكن لا يمكن العيش بدون عدو.
تعلم لبيد الدرس في السياسة. فهو يفهم أن نشر نتائج الاستطلاع له سلبيات وايجابيات. في الجانب الايجابي يُظهره كبديل وحيد لنتنياهو – ليس هيرتسوغ ولا خريجي الليكود جدعون ساعر وموشيه يعلون، ولا رؤساء الاركان ومتقاعدي غانتس واشكنازي. وفي الجانب السلبي، الاستطلاعات تنشئ التوقعات. اذا حصل في الاستطلاع القادم على 19 مقعدا بدلا من 24، ستتحدث العناوين عن انهيار. يحتمل أنه حلق مبكرا وأعلى من اللازم.
لقد تعلم لبيد درس آخر مهم: أن يصمت. لقد قالت له واحدة من زعماء حزبه إنه يجب عليه منح مقابلات أكثر لوسائل الاعلام. فأجابها من هو السياسي الذي منح أكبر قدر من المقابلات لوسائل الاعلام في الاشهر الاخيرة: لنرى اذا كان ذلك قد ساعده. وقد عادت مع اسم واحد هو يتسحاق هيرتسوغ. لبيد استمر في بخله بالمقابلات.
بعد الانتخابات التي أنزلت الحزب من 19 مقعدا إلى 11 مقعدا، قال لبيد لأعضاء حزبه: يوجد لنا خيارين، إما أن نكون معارضة وإما أن نكون البديل. وأنا أريد أن أكون البديل.
الخيار لم يكن سهلا. فقد ألزم الحركة ولبيد أيضا بترك الدور الذي أراده لهم الناخب. نشاط المعارضة بشكل ناجع كان سيدفع لبيد إلى مواقع اليسار. فهذا ما حدث لشمعون بيرس عندما كان على رأس المعارضة لبيغين في نهاية السبعينيات. لم يكن لبيد يريد استبدال بيرس، إنه يريد استبدال نتنياهو.
وعلمته الاستطلاعات أن 21 في المئة من المصوتين يبحثون عما يمكن تسميته "وطنية براغماتية". وهي الطريقة التي تدمج بين اعطاء قيمة للدولة ورموزها وبين النظرة العملية المنفتحة تجاه كل موضوع في برنامج العمل اليومي. لقد توجه إلى هؤلاء المصوتين وليس إلى اليسار الواضح، المتحصن في مواقفه، والذي يبلغ 7 في المئة من الأصوات، وليس إلى العرب وليس إلى الحريديم أو اليمين الاستيطاني أو مدن التطوير. كان الهدف ريشون لتسيون – كمكان، كرمز، ككلمة سر.
لقد خفف لهجته تجاه الحريديم وانتقل التركيز على حملة الدعاية الوطنية في الخارج. عندما وقف في الساحة في ستوكهولم ودرب الجمهور على الترديد أمام العدسات "نحن نحب إسرائيل"، كان يقصد التوجه إلى الناخبين في البلاد. لا يوجد ما يحفز الإسرائيليين أكثر من رؤية السويديين ينصاعون للإسرائيلي، واحد منا، وهو يعلمهم درسا في حرب إسرائيل. مثل لاعب الجودو أوري ساسون الذي فاز على اللاعب المصري، حيث أظهر الأدب الاولمبي أمام "الله أكبر" وحصل على الميدالية.
بمعنى ما هو مثل نتنياهو، وبمعنى آخر هو نقيضه. مثل نتنياهو هو يلائم رسائله مع طلبات الجمهور – كل واحد وجمهوره. الاثنان يستطيعان تسويق أنفسهما، وهما يفعلان ذلك بمواظبة استثنائية.
لكن نتنياهو يتحدث كثيرا بلهجة حربجية، وعند الحاجة يشعل الفتنة بين وسط وآخر. لبيد خلاف لذلك، فهو يحاول صياغة خطاباته بشكل ايجابي ومتسامح ومعانق. نتنياهو لديه ما يخسره: هكذا ينجر إلى قرارات خاطئة وفضائح مثل قضية القطار. وزراؤه وشركاؤه يتآمرون ضده ويتجادلون معه. لبيد ليس له الكثير ليخاف عليه واعضاء حزبه يوافقون على سلطته. وهو يسمح لنفسه بالتجرؤ هنا وهناك. "احذروا من
اضافة إلى كل ذلك، حزبه هو الوحيد الفاعل في الميدان. 11 ألف ناشط مسجل في "يوجد مستقبل" موزعين على 143 هيئة. وتتم صيانتهم عن طريق اجتماعات مغلقة للمؤيدين، تحت الرادار. أول أمس ليلا ألقى لبيد كلمة في كرميئيل، واللقاء الذي سبق ذلك كان في معاليه ادوميم.
المقاعد الـ 24 التي منحتها له مينا تسيمح تشير أولا إلى الفراغ الكبير في وسط الخارطة السياسية. من بين اللاعبين الموجودين، يبدو أن لبيد هو الأكثر جذبا. ولكن حتى الانتخابات القادمة سينضم لاعبون جدد، ويمكن احزاب جديدة أيضا. وسيحارب نتنياهو بكل الطرق: إنه جيد في هذا الامر، وهو الافضل