اردوغان يواجه الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ويطالب بتغيير النظام العالمي
إسماعيل جمال
إسطنبول ـ «القدس العربي»: بات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يفوت مناسبة أو خطابا إلا ويجدد فيه التأكيد على ضرورة تغيير النظام العالمي المتمثل في هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عبر عبارة «العالم أكبر من 5 دول»، في سياسة قد تجلب مزيدا من المتاعب للرئيس الذي اعتاد على مهاجمة الدول الكبرى في العالم.
ومن خلال هذه العبارة يرى الرئيس التركي أن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (أمريكا، بريطانيا، روسيا، فرنسا، الصين)، لم تعد قادرة على القيام بمهامها لضبط الأوضاع في العالم لا بل باتت جزءا مهم من المشكلة لا الحل.
ويرى أن هيئات الأمم المتحدة فشلت في التعامل مع الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية حول العالم، ويدلل على ذلك بالأزمة السورية وفشل مجلس الأمن في وضع حد للحرب الدائرة هناك منذ خمس سنوات، والعجز عن حل المأساة الإنسانية التي نجمت عنها وخاصة مشكلة المُهَجرين واللاجئين والمحاصرين.
وفي خطابه، الثلاثاء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة دعا أردوغان إلى «إصلاح منظمة الأمم المتحدة وتحقيق أوسع توافق ممكن من أجل إصلاح شامل يُعزز التمثيل في مجلس الأمن الدولي، بشكل أكثر عدلاً وديمقراطية وشفافية، ويزيد من فعاليته»، مضيفاً: «نُذكر في كل فرصة للرأي العام العالمي حقيقة أن العالم أكبر من 5».
كما يستند أردوغان في مطالبه على ضرورة أن يكون هناك ممثل للمسلمين بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، معتبرا انهم يمثلون ربع سكان العالم ويجب أن يكون لهم صوت في المجلس الأهم بالعالم.
ويرى أردوغان في الدول المنضوية تحت إطار منظمة التعاون الإسلامي التي تتراسها بلاده حاليا القاعدة الأساسية للتغيير انطلاقا من مبدأ ضرورة وجود ممثل للمسلمين في مجلس الأمن الدولي، حيث سعى لترسيخ هذه الفكرة خلال خطاباته أمام مؤتمر القمة الذي عقد في اسطنبول في نيسان/ابريل الماضي.
حيث انتقد آنذاك عدم وجود أي دولة إسلامية دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، رغم أن المسلمين يشكلون ربع العالم، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في النظام العالمي الذي بني «بشكل ظالم». وقال إنه يجب تغيير تركيبة مجلس الأمن الحالية بشكل يتوافق مع الخريطة الدينية والعرقية في العالم.
كما ترى تركيا في كسب أصوات ودعم الدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا أبرز الوسائل لتحقيق التغيير في النظام العالمي، حيث ركزت أنقرة جهودها خلال السنوات الأخيرة على تقديم دعم واسع للعديد من الدول الأفريقية في محاولة لكسب مواقفها في الهيئات الأممية وأبدى أردوغان الذي زار مرارا القارة السمراء اهتماما خاصا بهذا الشأن.
لكن مراقبين يرون أن أردوغان يخوض مغامرة غير محسوبة بقراره مواجهة «الكبار» بهذا الشكل المباشر، فيما ذهب محللون أتراك إلى أبعد من ذلك باعتبار أن محاولة الانقلاب الأخيرة التي سعت للإطاحة باردوغان في منتصف تموز/ يوليو الماضي دبرتها ودعمتها أطراف دولية في محاولة للتخلص من الرئيس الذي بات مزعجا لهذه الدول.
وتقول تركيا إنها أكثر دولة في العالم قدمت مساعدات إنسانية للمنكوبين من الأزمة السورية، بلغت قيمتها أكثر من 25 مليار دولار، وأنها أكثر دولة استقبلت لاجئين في العالم تجاوز عددهم الثلاثة ملايين، معتبرة أنها باتت نموذجاً في استقبال اللاجئين وتقديم الخدمات الإنسانية والتعامل مع الأزمات العالمية، وهي إشارات متكررة يطلقها كبار المسؤولين الأتراك لتعزيز موقفها على الصعيد الدولي.
وبينما تجاهلت الدول الكبرى على الدوام هذه الدعوات المتكررة، وجد أردوغان بعض الصدى لها لدى عدد من الدول، كان أبرزها قطر التي أبدى أميرها تميم بن حمد آل ثاني مواقف مشابهة في الأشهر الماضية كان آخرها في خطابه، الثلاثاء، أمام الجمعية العامة في نيويورك، حيث قال: «لم يعد ممكنا تجاهل الضعف في النظام القانوني والمؤسسي لمنظمة الأمم المتحدة، وعجزها في كثير من الحالات عن تطبيق معايير العدالة والإنصاف في آليات عملها.. ثمة نمط متكرر باستمرار في هذه الحالات وهو انتقائية مجلس الأمن في معالجة القضايا، ولا سيما عندما يتعلق الأمر باستخدام الدول للقوة في العلاقات الدولية».
وتظهر هذه المواقف لأردوغان رغبة جامحة للرئيس القوي في بلاده للعب دور عالمي أكبر في المنظمات الدولية، حيث يأمل على المدى البعيد أن تصبح تركيا ممثلا للدول الإسلامية في مجلس الأمن الدولي في حال نجاح أي تغيير في النظام العالمي.
كما يرجح على نطاق واسع أن تركيا تعمل بقوة من أجل الحصول على منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وجرى الحديث سابقا عن نيتها لترشيح الرئيس السابق عبد الله غل لهذا المنصب وحديثا عن أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء السابق.