رسالة هرتزل إلى السلطان عبد الحميد الثانى
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج1، ص 133 - 134"
رسالة- هرتزل إلى السلطان عبد الحميد الثانى
17 /6 /1901
اتباعا للخط الذى رأى جلالتكم من المناسب اقتراحه على اعتقدت ان من الواجب الحصول على مليون ونصف المليون جنيه تركى حالا لتأخذ محل مهمة تصفية الدين وهى المهمة الصعبة إن لم نقل المستحيلة والتدبير الذى عملته وأصدقائى هو حسبما يلى: يمكن جمع المليون ونصف المليون جنيه تركى بانشاء مصدر جديد للدخل حالا. لكنه يجب أن يكون من نوع يجعل اليهود يدركون المشاعر الكريمة جدا التى يكنها صاحب الجلالة تجاههم فى قلبه الحنون. بهذه الطريقة سوف نعد الطريق للاجراءات العتيدة.
من أجل هذه الغاية أصدقائى مستعدون لتأسيس شركة مشتركة الاسهم يبلغ رأسمالها خمسة ملايين جنيه تركى هدفها تنمية الزراعة والصناعة والتجارة وباختصار الحياة الاقتصادية فى آسيا الصغرى وفلسطين وسورية. ومقابل الامتيازات الضرورية التى تمنحها جلالتكم سوف تدفع الشركة اشتراكا سنويا بستين ألف جنيه تركى لحكومة جلالتكم وعلى أساس هذا الاشتراك المضمون برأسمال الشركة. يمكن الشروع بقرض يستهلك في واحدة وثمانين سنة لن يكلف هذا القرض شيئا لأن الشركة ستمتص الفائدة والاستهلاك وهى التى ستأخذ السندات ثم تستبدلهـا. وما على الحكومة الا أن تسحب مليونا ونصف المليون جنيه تركى. ومفهوم بالطبع أن الشركة ستسجل فى تركيا وأن المهاجرين اليهود الذين سوف تستقدمهم سيصبحون رأسا رعايا أتراكا خاضعين للخدمة العسكرية تحت راية جلالتكم المجيدة.
سيتاح الوقت بهذا المليون ونصف المليون جنيه لدرس الموارد الاخرى. للدخل ولاستثمارها. وقد تفضلتم جلالتكم بذكر الكبريت. إن بين اصدقائى من يقدر أن يتولى المشروع. وبينهم من يستعد لبذل كل جهد لتقديم افضل الشروط لجلالتكم لتستعمل مداخيل الكبريت كأساس لقروض أخرى بدون ارهاق دافع الضريبة كثيرا. الأسلوب نفسه يستعمل فى استغلال مصادر النفط والمناجم والقوى الكهربائية.
سوف توضع عروض هذه المشاريع الأخرى بالتفصيل وتقدر حالما تأمرون جلالتكم أما مسألة الكبريت فيمكن الاتفاق عليها الآن بينما المسائل الأخرى تحتاج الى مزيد من الدرس. وأسمح لنفسى أن أضيف إلى ذلك أن خدماتى الخالية من أية مصلحة فى هذه المشاريع هى تحت تصرف جلالتكم حتى وإن كنتم لا تعتقدون أن من المناسب البدء الآن وهنا في مشروع الشركة العثمانية - اليهودية الكبيرة فى آسيا الصغرى. وفوق كل شئ على أن أبرهن لجلالتكم أننى خادم غيور ومخلص. لا اسأل
في عملي لجلالتكم الا شرف استعادة ثقة جلالتكم في لأني مقتنع انه في وقت غير بعيد ستدركون أنه من مصلحة الامبراطورية العثمانية ان تجتذبوا الموارد الاقتصادية اليهودية لحماية شعبنا المسكين. ثم انه لمن مصلحة اليهود أن يجدوا تركيا دولة قوية ومزدهرة. انها فكرة حياتى.
سيكون لمشروع الشركة العثمانية - اليهودية ولاعطاء الاشارة للشعب اليهودي بأسره فائدة أخرى وهي أن دافعى الضرائب بشرا وممتلكات سيزدادون فى كل المناطق التي ستعمل الشركة فيها. وستدفع الشركة المزيد من الضرائب بنمو عملها وسيتدفق رأس المال اليهودى من كل زاوية ليوطد نفسه هناك وليبقى في الامبراطورية. وفي الوقت نفسه سيسير هذا العمل الهادئ الذي سمى "سحب شوكة الأسد" بدون معرفة أولئك الذين يريدون خراب الامبراطورية.
تبقى كلمة واحدة. اذا شئتم جلالتكم أن يدبر المليون ونصف المليون جنيه قبل تشرين الأول فان الوقت يمر بسرعة. ويجب الا ننسى أن رجال المال والاعمال يطلبون اتفاقات محدودة ليدفعوا المبالغ اللازمة. يجب أن نتوقع ثلاثة أشهر قبل تسلم المبالغ كلها. فاذا ارتأت حكمة جلالتكم العظيمة الدخول فى هذه المفاوضات لتسلم المليون ونصف المليون جنيه قبل شهر تشرين الأول يجب تحديد الامتيازات للشركة الكبيرة فى اوائل تموز. وإنى لآتى إلى القسطنطينية بدون تأخير اذا أمرتم بذلك.
لست أعلم اذا كان يحق لى أن اذكر موضوعا أخيرا وأنا أذكره بتردد راغبا فى عدم ازعاج جلالتكم بأى طريقة كانت. جاء أحدهم ليخبرنى أنه يوجد كاتب فى باريس اسمه أحمد رضا عرف بهجماته على الحكومة الامبراطورية. وقد علمت بوجود سبيل لتوقف هذه الحملات. وقد أخذت علما بهذا الأمر دون أن الزم نفسى بأى شكل لأن ليس من عملي أن أخوض أمورا كهذه أنا الحريص على خدمة جلالتكم المعظمة في كل فرصة لن أفعل شيئا بدون أمر. بل أني لن أرى الرجل بدون تفويض. لكن إذا ارتأت جلالتكم سأقوم بالأمر. وطبيعي أني لن أطلب مقابل إيقاف هذه الحملات تعويضا الا كلمة ثناء من جلالتكم وهي عندي أعظم تعويض.