د. ديمة طهبوب وقصة الخاتم الذي وُهب للأقصى
ذات مرة كتبت ضيفتنا مقالا حمل عنوان "وينك عن الأقصى؟" تتساءل فيه عن موقفنا من أقصانا الحبيب فاستحال مقالها فعلاً من ديمة معطاءة مثلها عرفت بمواقفها الثابتة في قلمها النابض بالحق، ونصرة وطنها فلسطين، وهي الديمة الكريمة حين جعلت من خاتم زواجها العزيز عليها فداءً للأقصى ونصرة للمرابطين هناك، ليأتي جواب السؤال مكللاً بدعوة لكل من يحمل هم الأقصى بأن يتخذ من موقفها قدوة.
"نساء من أجل فلسطين" تأخذكم بلقاء خاص مع د. ديمة طهبوب زوجة الشهيد طارق أيوب الذي استشهد في العراق على يد سلاح الجو الأمريكي أثناء عمله مراسلاً صحفياً لقناة الجزيرة الفضائية.
بطاقة تعريفية:
ديمة "محمد طارق" عبد الرحيم طهبوب مواليد عمان عام 76 من خليل الرحمن، أم فاطمة، أستاذة لغة إنجليزية، حاصلة على بكالوريوس لغة إنجليزية ودكتوراه من جامعة مانشستر في بريطانيا.
فلسطين.. ماذا تعني للدكتورة ديمة طهبوب؟
فلسطين قضية ووقف إسلامي وليست مجرد وطن أو جنسية أو جذور، وعملنا لتحريرها هو جهاد وقربى إلى الله، فهي ببعدها المقدس فوق القطرية والإقليمية الضيقة وما خذلت فلسطين إلا عندما قصرت على شعب وحدود.
لكم مواقف كثيرة في نصرة الأقصى. حدثينا عن موقفك الأخير الذي تبرعت فيه بخاتم زواجك؟
ربما أحتاج لأن أقرض القارئ قلبي وعقلي ليشعر بكلماتي ويعرف أنها ليست من قبيل الدروشة ولا من قبيل التواضع أو الإخلاص وإنما شهادة حق لله..
لأول مرة في حياتي في ذلك الموقف أحس بأني مسيرة تماماً وأني أسير على طريق خطها الله لي ولم يكن علي سوى الاتباع.. الله أراد لهذا الأمر أن يكون وأن البشر كانوا وسائل لإرسال الدروس إلى الناس..8/4 الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد طارق أيوب، ويشاء الله أن تذكره الجزيرة هذا العام بتقرير مفصل لا خبر سريع لتذكر من نسي من الناس ليأتي المهرجان في آخر الشهر نفسه، حلمت في ذات الأسبوع أني أزور القدس وأتنقل فيها وأنا أبكي بصوت عال، أحلامي في العادة يختلط فيها الحابل بالنابل إلا هذا الحلم كان واضح المعالم، خمس سنين من دراسة العلوم المقدسية وحضور الدورات لتتكلل في لحظة واحدة، كان شبه مستحيل أن أسافر خلال الفصل الدراسي فالأعذار المقبولة لدى الجامعة هي الأعذار المرضية فقط، أخذت إجازة دون راتب لم أبدِ الأسباب وسافرت ووضعت الجامعة أمام الأمر الواقع، أثناء التحضير للكلمة فكرت كيف يمكن أن أؤثر في الناس فقذف الله في قلبي فكرة الخاتم وكأنها سهم استقر فيه وما أزال أحس أثره للآن، لم يصدر مني وكأنما جاء من الخارج وانغرس في، كان في دهاليز عقلي موقفان مشابهان لنفس التبرع من نساء 48 وأخت جزائرية.
أسبوعان بعد ذلك إلى أن سافرت وأنا أتصارع مع نفسي، ذكرى الخاتم عزيزة لأنها مرتبطة بذكرى صاحبه، لم يحفر عليها ذكرى عقد القران وإنما ذكرى أول لقاء في مظاهرة لنصرة الحجاب عندما عمل معي طارق لقاء صحفيًّا، فقدت طارق وهذا ما بقي من أثره، أنا، ابنتي، لي لها، صارعت كل الحجج وكان سوط آخر يضربني ماذا عما تكتبينه وتقولينه للناس؟! أين إنفاق الحب؟ أين إنفاق البر؟!
صارعت نفسي كثيراً ووصلت مرحلة أني سأتبرع بأضعاف ثمنه وأنويها عنه ولن أتبرع بالخاتم، وبين مد وجزر في المشاعر والأفكار دعوت الله مطولاً أن يختار لي وإن كانت له أن ينفذها وإن كان غير ذلك أن يمنعني منه، حتى كان آخر يوم قبل السفر وأنا أعد حقيبتي توجهت نحو الخزانة وأخذته دون تفكير أو شعور بالحزن بل بالاطمئنان، رأتني فاطمة سألتني ماذا تفعلين بها؟ قلت لها أحب أن آخذها معي أثناء التحضير، سألت مسؤول الجمعية الدكتور حنون فأخبرني أن الفضائيات ستكون في حفل ميلانو الكبير يوم الأحد، وهناك قررت أن أقدم الدبلة حتى يكون التأثير أكبر وكتبت ذلك في الكلمة التي أعددتها وكنت أعلم أيضاً أن أحداً سيفتديها ولكن ليس بالصورة التي حصلت بها..
ثم ذهبنا إلى مهرجان تورينو يوم الجمعة وكان يغصّ بالناس، عشر دقائق قبل كلمتي اطلعت فيها على الجمهور وتفاعله وعدده فغيرت رأيي لتقديم الخاتم في هذا المهرجان وليس في مهرجان ميلانو لأن الله ساق الأخ أنس نيروخ الذي اشتراه سوقا على غير تدبير ولا ميعاد وكان ينوي الذهاب لمكان آخر ولكن حضر إلى تورينو ليكمل المشهد الذي بدأه الشيخ الإدريسي المغربي!! أنا لم أكن أنوي تقديم الخاتم في هذا المهرجان، أنس نيروخ كان قادماً في تجارة وذاهباً لمهرجان آخر، أغلقت البلد بسبب الأعياد جاء إلى مهرجاننا ليعقد صفقة من نوع آخر..
هو تدبير الله فقط وكلنا كنا نسير وفق أمره لإعطاء عبرة معينة تجلت فيها بركة القدس والأقصى وبركة الشهداء ونخوة الرجال والخير الباقي في الأمة وإخلاص العاملين ولا نزكيهم على الله..
حصل المقصود في ذلك المهرجان، لم يكن هناك إعلام حمدت الله فذلك أدعى للقبول والإخلاص ورجعنا إلى الفندق ونمنا على ذلك الاطمئنان لأفاجأ في اليوم التالي بحجم الأثر الذي تركه الموقف الذي تظهر فيه مجددًا بركة المعطيات السابقة والذي نرجو الله أن لا يكون وقتيا، والله فقط هو المدبر لهذا الأمر كله وهو المتفضل علينا لو قبل منا أن نكون الوسيلة والأداة فقط في إيصال رسالة لأولي الألباب وهي بركة الأقصى المستمرة لمن عمل لأجله وبركة الشهداء التي عادت لتحيا من جديد بعد 11 سنة.
في ذكرى النكبة.. ماذا تقولين لوطنك؟
أنا لا أحب مصطلح النكبة وأرى أننا يجب أن نستبدله بمصطلح أكثر أملاً وإيجابية كالعودة مثلاً لتذكيرنا بما ينتظرنا وبمشروع المستقبل، جيلنا والأجيال القادمة خرجت من ثقافة التباكي على ما مضى ومن دور الضحية إلى دور المبادرة وصناعة الحدث والإعداد للتحرير.
ماهو دور المرأة الفلسطينية في الأردن بخصوص حلم العودة؟
دور المرأة الفلسطينية في الأردن هو دور المرأة في الشتات في تربية الأجيال والحفاظ على الهوية والذاكرة الفلسطينية ومساندة أختها في الداخل ودعمها بكافة الصور والفعاليات في الأردن لدعم فلسطين مستمرة طوال العام كجزء أصيل من النشاطات مرتبط بإحياء الذكريات ولإبقاء القضية حية.
حدثينا عن اهتمام د. ديمة طهبوب بقضية فلسطين في مقالاتها؟
كتابتي عن فلسطين جزء أساسي من مقالاتي لنشر الوعي ومواكبة الأحداث المستجدة وصناعة الرأي العام والتبشير بالنصر وتقديم الدور المطلوب من الشعوب.
كلمة منكِ لـ: نساء فلسطين.. ولنساء القدس.. ولنساء غزة المحاصرة؟
لولا نساء فلسطين والتضحيات التي قدمنها في كافة الميادين لما كان لنا قدوات بدأن الدرب فسهل علينا من بعدهن الاتباع، وإننا لنسأل الله أن نكون تلميذات لهؤلاء الرائدات وفروعًا لأشجار طيبة أصولها ثابتة معطاءة في الأرض وجذورها ربانية..
كلمة أخيرة لمركز "نساء من أجل فلسطين"؟
شكراً لمركز "نساء من أجل فلسطين" الذي سبق وأن احتضن قلمي في بداياته والذي يقدم إعلامًا نوعياً في سماء الإعلام الفلسطيني والنسائي.