الناس والشتاء .. بينهم ذكريات ترويها عمان القديمة
الناس والشتاء .. بينهم ذكريات ترويها عمان القديمة
في الذاكرة مباهج وصورعزيزة .. وحياة الناس قديماً في عمان المدينة البهية بتفاصيل استقبال ومعايشة فصل الشتاء فصل الخير والبركة .
فقد كانت أكثرالعائلات الاردنية في عمان تجهز نفسها وبيتها لإستقبال حلول فصل الشتاء بفرح غامر .. مثل إخراج الملابس الشتوية المركونة في إحد الصناديق .. وشراء بعضها من أسواق عمان .
وهذه الملابس أكثرها من الجرازي الصوفية، والبناطيل الثقيلة القماش، وتحضير الطواقي ولفحات العنق وكفوف الأيدي والجوارب السميكة، وجزمات الأقدام والبالطوتات الطويلة، وشماغات الرأس للرجال والمظلات الواقية من ماء المطر.. كل ذلك من أجل الدفء ضد برد الشتاء القادم.
وكانت أكثر النساء والصبايا يقمن قبل ذلك بشهور بشراء كُرات خيوط الأصواف الملونة من المحلات الخاصة بذلك من شارعي بسمان وفيصل، ليقمن بنسج الجرازي و الكفوف والجوارب لأفراد العائلة وربما للأقارب أو الجيران .
الشتاء في الستينيات القرن الماضي
في بداية الستينات من القرن الماضي كان لدى معظم الناس في بيوتهم في عمان كوانين فحم يوقدونها للتدفئة قبيل المساء حالما يعود أفراد الأسرة من أعمالهم ومدارسهم للمنزل .
وكان أبي يشتري مع الفحم من السوق ( الدُقة ) أي الفحم شبه المجروش وذلك لوضعه فوق الفحم في الكانون المعدني للإسراع باشتعال نار وجمرات الفحم ..و بعد إدخاله من ساحة البيت الى داخل البيت ليكون بذلك قد زالت رائحة ودخان الاشتعال المزعج .
ونتحلق حول الكانون بعد ان يتم تنفيس بعض الشبابيك قليلاً - خوفاً من الإختناق - لتبدأ اجمل السهرات الشتوية مع افراد الاسرة، وربما مع وجود بعض الاقارب الزائرين .
ومن تلك التسالي الشتوية – وربما يكون الجو في الخارج ماطراً أو بارداُ بهوائه الشديد .. نضع إبريق الشاي فوق الكانون، ونضع في بعض الليالي حبات الكستناء والبطاطا الحمراء الحلوة وربما بعض حبات من البصل والبطاطا العادية الصغيرة ما بين جمرات الفحم الحمراء أو فوقها بعيداً عن السكن الناعم .
وفي ليالٍ أخرى يطيب لربة البيت الأم الحنون ان تسعد أفراد أسرتها وبالذات الصغار بصنع حلويات و مأكولات للتسالي - وسط هتافات الفرح والتصفيق والتشجيع للأم للقيام بذلك – مثل عمل السحلب الساخن والهيطلية والأرز بالحليب وسلق البليلة ( الحمص ) والفول النابت، وشرب الشاي والقرفة .
ويلعب الكبار لعبة ورق الشدة , ويأخذ الصغار يشاركهم اكثر الاحيان الكبار بلعب ألعابٍ أخرى ورقية مثل : حاكم، وزير، جلاد، لص . ولعبة الكبريتة , ولعبة تخبئة الاشياء , ولعبة وصل الخمسات، ولعبة كتابة اسم بلد اسم نبات اسم حيوان اسم شخص اسم جماد ,
اما أكثر وجبات الطعام فتكون مثل العدس المجروش، المجدرة بالبرغل، والبصارة، والمفتول، وأكلات أخرى عادية .
اما إذا شمست الدنيا في بعض الايام وصار في الجو بعض الدفء فيخرج الاولاد والبنات لخارج البيت للعب ألعاب الاستغماية والحجلة الإكس و لعب الجلول – البنانير للأولاد بالذات في الحارات .
وإذا ما كان المطر غزيراً في الايام الماضية فإن سيل عمان يصبح فرجة لمئات من الناس يشاهدون السيل بمائه البني الهدار الذي تزيغ من البحلقة فيه العيون !! .
مطر بالنعمة انهمر
وفي كتبنا المدرسية يطلب منا المعلمون ان نحفظ أنشودة الشاعر العربي المعروف سليمان العيسى , التي يقول فيها :
مَطَرْ.. مَطَرْ.. مَطَر
بِالنِّعْمَةِ انْهَمَر
بِالعُشْبِ والثَّمَر
تَهَلَّلي يا أَرْضُنا السَّمْراءْ
واسْتَقْبلي هّدِيَّةَ السَّماءْ
مَطَرْ.. مَطَرْ.. مَطَر
غَداً يَمُوجُ حَقْلُنا سَنابِلا
غَداً تُغَنِّي أَرْضُنا جَداوِلا
سَنَابلاً.. سَنَابِلا
جَدَاوِلاً.. جَدَاوِلا
تَسْقي بِها العِطاشَ يا مَطَر
تُحَيي بِها النُّفوسَ يا مَطَر
تَهَلَّلي يا أَرضَنا السَّمْراء
وَعانِقي هَدِيَّةَ السَّماءْ
بِالنِّعْمَةِ انْهَمَرْ
بِالعُشْبِ والثَّمَر
يا مَرْحَباً ، يا حُلْوُ ، يا مَطَر .
كانونان .. !!
هما شهرا كانون الأول وكانون الثاني , وهناك من يُطلق عليهما تسمية : كانون الصغير و كانون الكبير.
كانون الأول
تشتد بهذا الشهر الزوابع والعواصف وتسقط الأمطار بفترات متقطعة وفي نهاية كانون أول يبدأ المزارعون بحرث أرضهم وبذرها بالمحاصيل الموسمية مبتدئاً بالقمح ثم الفول والشعير والكرسنة والعدس.
كانون الثاني
في نهاية كانون الأول وبداية كانون الثاني تزداد حدة البرد مع اقترابنا من أعياد الميلاد ، ويستكمل الفلاح في هذا الشهر حرث أرضه وبذر ما استطاع قبل فوات الاوان .
في الأمثال..
بين كوانين وشباط عند جارك لا تبات
عرس المجانين في كوانين
عرس المجانين تفانين
بكانون كنّ في بيتك، وكـثر من حطبك وزيتك
في كانون كنّ وعَ الفقير حِنّ
في كانون كنّ وعَ البعير حِنّ
أجا كانون حضّر الفحم للكانون
شمس كانون مثل الطاعون
الشغل في كانون، أسلم ما يكون
سيل الزيتون، من سيل كانون
كانون فحل الشتا (أي أغزر الاشهر مطرا)
كانون ألاجرد بيخلي الشجر أمرد
كانون فحلها ونيسان محلها
لا تغرك صحوة كانون ولا غيمة شباط
” زي عتمة كانون ” كناية عن سواد ليل كانون لكثرة الغيوم في السماء ابرد من ميَّة كانون
“ ميِّة كانون بتشفي كل معلول” وذلك لبركتها
بعد كانون، الشتا بيهـون
عيد البربارة في كانون
من الأعياد التي يحتفل بها المسيحيون في شتى أنحاء العالم، وذكرتها المصادر المختلفة، بما فيها المصادر العربية القديمة، عيد القديسة بربارة، أو عيد الشهيدة بربارة، أو عيد البربارة، الذي يحتفل به الغربيون يوم الرابع من كانون الأول، والشرقيون في السابع عشر منه وفي هذا العيد يضع الاولاد اقنعة على وجوههم ويجولون الازقة والحارات بالرقص والغناء .