أهلاً بكم في.. «إسرائيل الكبرى»!
محمد خروب
ليس في العنوان تهكم او محاولة لاصطناع الخطر، فالمحذور قد وقع بعد ان شرعَن برلمان العدو الاسرائيلي القانون الذي حمل اسم «قانون التسويات», الذي طرحه اقطاب اليمين الفاشي الاسرائيلي وعلى رأسهم زعيم البيت اليهودي وزير التربية والتعليم.. نفتالي بينيت، والذي «هدّد» بنيامين نتنياهو بأنه «لن» يكون هناك ائتلاف حكومي قائم, اذا لم يتم تمرير هذا القانون، رغم ان هذا الحزب الفاشي لا يتوفر إلاّ على ثمانية مقاعد، لكن نتنياهو,المتورِّط في قضايا فساد, ويخضع لتحقيقات لم تنته بعد وقد تُسفِر عن توجيه تُهَم جنائية له, تُفقدَه مُستقبله السياسي, عمِل بدأب ومثابرة من اجل ان تتم المصادقة عليه, ولم يكن مُستغربا او صادِما ان يحوز «القانون» هذا على 60 صوتاً مؤيدا مقابل 51 فقط بالقراءتين الثانية والثالثة’ ما سيجعله ساري المفعول، اللهّم إلاّ إذا، قامت المحكمة الاسرائيلية العليا بشطب القانون والغائه, كونه غير قانوني او باللغة الاسرائيلية المغسولة «غير دستوري», وكأن في اسرائيل دستور (ليس هناك دستور مكتوب ومتكامل في اسرائيل, مثل باقي دول العالم، بل قوانين متعددة, يُسمى كل واحد منها «قانون اساس» يجري الاحتكام اليها بين الصهاينة, عند بروز اي خلافات، مع التذكير ايضا بان اسرائيل هي الكيان الوحيد في العالم الذي لا «حدود» معروفة له ومحدّدة له، كي يبقى مشروعها الاستيطاني الكولونيالي قائما على سرقة المزيد من الاراضي الفلسطينية, بل يتعدى اراضي فلسطين التاريخية, الى ما تستطيع الاستيلاء عليه من اراضي دول عربية مجاورة بالقوة العسكرية، طبعا، تطبيقا للقاعدة التي كرستها اسرائيل منذ قيامها, وهي ان حدودها تُعرَف عند أي منطقة يقف عليها «بسطار» الجندي الاسرائيلي).
نقول: اذا ما استجابَت المحكمة العليا الاسرائيلية للإلتماسات التي سترفعها قريبا منظمات حقوقية اسرائيلية، لشطب هذا القانون الذي يُناقض القانون الدولي ويُشكِّل خروجا سافرا عليه (وكأن اسرائيل تُقيم وزنا لمثل هذه المصطلحات والمرجعيات)، فإنه لن يرى النور، لكن الهجمة الاستيطانية المُتصاعِدة بشراشة ونَهَم منذ وصول ترامب الى البيت الأبيض, ستتواصل دون اكتراث باحتجاجات الفلسطينيين، او بيانات قادة السلطة التي يرشح منها الغضب (اقرأ العجز والتلعثُم) ويتبارى اهلها في اجتراح المصطلحات وعبارات الإدانة الصاخبة والتلويح او الدعوة للذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية، وكأن الطريق الى لاهاي سيكون مُعبَدا, او انه مسموح به من قِبل عواصم القرار الدولي وخصوصا ادارة الرئيس الاميركي الجديد, الذي لا يمكن الرهان عليه, والذي توّعد السلطة الفلسطينية بشديد العقاب في حال توجّهها الى الجنائية الدولية, على ما نقل موقع صحيفة هآرتس الاربعاء الماضي نقلا عن دبلوماسيين غربيين وعربا، «اكّدوا» ان ادارة ترامب نقلت رسالة «واضحة جداً» للسلطة الفلسطينية, حذّرتها فيها من مغبة التوجه للمحكمة الدولية، لمقاضاة اسرائيل على خلفية قراراتها الاستيطانية الاخيرة.
والمؤسف (حتى لا نقول المُهين) ان الرسالة الاميركية وصلت السلطة من خلال القنصلية الاميركية في القدس الشرقية, التي اتصلت هاتفيا بأحد القيادات الفلسطينية المرتَبط مباشرة مع رئيس السلطة, وليس من خلال البيت الابيض مباشرة او وزارة الخارجية الاميركية.. كما جرت العادة، وكل ذلك على عُهدة «موقِع هآرتس» الذي نحسب انه صحيح.. واكيد.
فاذا كان العقاب الشديد ينتظر السلطة, قبل ان يُقَرّ قانون سرقة الاراضي الفلسطينية بالقراءتين الثانية والثالثة, فكيف سيكون شكل وطبيعة هذا العقاب للسلطة الفلسطينية، بعد ان تم شرعَنة وتبييض خمسة آلاف بيت اقامَتها اسرائيل في المستوطنات اليهودية على اراضي فلسطينية «خاصة» (اي ان اصحابها معروفون ويمتلكون الوثائق الرسمية «القواشين»)، على افتراض ان المستوطنات المُقامَة على «اراضي الدولة» او املاك الغائبين التي استولت عليها... مشروعة وقانونية؟.
نحن إذاً امام «قفزة» اسرائيلية نحو تكريس وإقامة «اسرائيل الكبرى» التي قد لا تكون في هذه المرحلة وفق الشعار الصهيوني القديم الذي يقول: «ارضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل»، لكنها على الاقل ستضمن «ضمّ» المنطقة (ج او C) من الضفة الغربية, والتي تُشكّل 62% من اراضي الضفة المحتلة الى اسرائيل, وِفق ما يدعو اليه المستوطِن اليهودي نفتالي بينيت، زعيم حزب الإستيطان المُسمى...البيت اليهودي، والذي يدعو الى منح سكانها الفلسطينيين «الجنسية الاسرائيلية», علما ان عددهم لا يزيد على مائة الف نسمة, وهذه «كلفة» تستطيع اسرائيل «اليهودية» تَحمُّلها اذا ما قيست بمساحة الاراضي الفلسطينية الشاسعة التي ستضمها اسرائيل اليها.
في السطر الأخير.. نحسب ان السلطة الفلسطينية لن «تجرؤ» ولن تُقدِم على خطوة الذهاب الى محكمة لاهاي, وان كل الخطابات والتصريحات «النارِّية» التي بدأت تصدر عن اركانها, وعن قيادات حزبية وسياسية وفلسطينية, ستبقى في دائرة الكلام ذاته, خصوصاً ان نتنياهو الذي عاد فجأة وفي سرعة لافتة من زيارته الى بريطانيا, اصدر تصريحا لافتا وخطيراً يقول: انه «نَسَّق امر التشريع هذا مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب»، فيما لم تُصدِر الادارة الاميركية – حتى كتابة هذه المقالة – اي توضيح، نفي او تأكيد.. وهذا يزيد من ارتباك السلطة وتلعثمها وفي بطء حِراكها.