الأزمة الخليجية ومشروع إسرائيل الكبرى...
نشر بتاريخ 21 يونيو 2017
د. زبير خلف الله - خاص ترك برس
لا شك أن أزمة الخليج والخلاف بين الأشقاء ليست حالة عابرة وإنما هي أزمة تم التخطيط لها بدقة في أروقة البيت الأبيض والكرملين والكنيست الصهيوني مع الاستفادة بنصائح السيسي والإمارات وحتى إيران.
لقد تم في هذه الخطط تحديد الأهداف والمراحل والآليات وكذلك تم تحديد الأدوات التي اتفق على أن تكون أدوات عربية حتى تنجح في تحقيق تهديم داخلي عميق يستهدف كل نقاط القوة الموجودة في المنطقة، ولعل الإمارات ومصر هما الأداتان الأساسيتان في تنفيذ كل أهداف هذا المخطط أو هذا الزلزال الهائل في المنطقة العربية والإسلامية. لقد كانت زيارة ترامب إلى السعودية وحجم اتفاقية الأسلحة التي عقدت تكشف أن المنطقة قادمة على زلزال هائل سيعصف بعدة دول وسيغير من طبيعة الخارطة الجيوسياسية في المنطقة ويمهد لبناء نظام عالمي جديد.
لكن لكي يتحقق هذا كان لزاما على ترامب وهو يعقد حلفا استراتيجيا جديدا مع السعودية أن يختار الفريق الحاكم في السعودية وأن يعدل من بنية النظام السعودي حتى يضمن استمرارية هذا الحلف الاستراتيجية ويشكل به محورا قويا في المنطقة مع الإمارات ومصر وإسرائيل.
لذلك نرى حجم التغييرات كبير جدا في مشهد التعيينات الجديدة والإقالات الجديدة التي وقعت في السعودية الآن، وأهمها هو إعفاء الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد وتعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، مما يفتح الأمور على تساؤلات كبيرة حول الأزمة الخليجية والخلفيات الاستراتيجية لها في المستقبل.
هل ستنعكس هذه التعيينات والإقالات على المشهد السياسي في السعودية؟ وهل ستتأثر بنية النظام السياسي السعودي في المرحلة القادمة خصوصا وأن هناك صراع أجنحة داخل النظام؟ هل يعني هذا انتصار جناح محمد بن سلمان على جناح محمد بن نايف؟ وهل هذا يعني أن الأوضاع في الخليج ستزداد تأزما أم لا؟ إعفاء نايف يعني نقطة تحسب لصالح المحور الإماراتي الأمريكي الذي يراهن على إعادة تشكيل المنطقة من جديد ورسم خارطة جيوسياسية جديدة لمنطقة الخليج العربي والمنطقة العربية ككل، كما أن هذا يعد خطوة في اتجاه التطبيع مع إسرائيل والدخول في اتفاقية كامبديفيد جديدة تقودها الإمارات المتحدة.
النقطة الأخرى هل أن المحور السعودي التركي بات في خبر كان وأن تركيا سحب منها البساط لصالح محور الإمارات مصر وإسرائيل؟ لا شك أن التعيينات الجديدة ستفتح المشهد السياسي السعودي على وضع جديد وخيارات جديدة كما أنه سيكون له تأثير على مستقبل التوازنات في المنطقة خلال الفترة القريبة المقبلة.
ربما أزمة حصار قطر سنزداد تعقيدا أكثر وقد تتحول منطقة الخليج إلى التصادم بين عدة محاور وستظهر محاور جديدة مختلفة في المصالح لكنها متفقة في النوجهات، سنشهد ولادة محور تركي قطري إيراني روسي، في المقابل سيظهر المحور الإماراتي السعودي المصري الصهيوني.
وسيزداد حجم التصادم بين هذين المحورين لصالح المحور الخفي وهو المحور الأمريكي الروسي الصهيوني الذي سيزيد من توتير الصراع بين المحورين السابقين تمهيدا إلى رسم خارطة جيوسياسية جديدة تخدم مصالحه الاقتصادية والاستراتيجية والأمنية والتي على ضوئها سيتم عقد اتفاقية سايكس بيكو جديدة وفق معايير إثنية ومذهبية.
الأحداث المتسارعة في منطقة الخليج تنذر بانفجار هائل سينتج تغييرا هائلا في طبيعة التوازنات الإقليمية والدولية وتنبئ بولادة نظام عالمي جديد على مقاييس أمريكا وروسيا وإسرائيل.
مع الأسف الأشقاء العرب المتصارعون سيكونون أكبر الخاسرين وسيساهمون في تقسيم بلدانهم بأيديهم لصالح أعداء الأمة ولصالح مشروع إسرائيل الكبرى التي بدأ التنفيذ لها الآن فعليا ابتداء من التطبيع ثم السلام بين العرب وإسرائيل لبنتج عنه امتداد صهيوني كامل وابتلاع المنطقة بأكملها وسيكون النظام الانقلابي في مصر والإمارات أهم الأدوات التي ستحقق هذا الابتلاء الصهيوني للمنطقة بعد أن يتم ترويض السعودية أو إضعاف السعودية إما عن طريق صراع الأجنحة في السلطة أو الزج بها في حرب ضد إيران تكون فرصة لتدخل غربي ودولي في منطقة الخليج ورسم خارطة جيوسباسية جديدة.
أتمنى من الإخوة في السعودية أن يدركوا حجم المؤامرة التي تحاك ضد السعودية القلب النابض للعالم الإسلامي والتي يسعون لتقسيمها وإضعافها وإفقادها أي فاعلية ديبلوماسية واستراتيجية في المنطقة. إن المرحلة القادمة هي الانتقال من حالة توتير العلاقات بين الأشقاء العرب والمسلمين إلى حالة تضعيف القوى العربية والإسلامية الفاعلة في المنطقة خصوصا السعودية وتركيا وإيران رغم اختلافنا مع إيران التي تتلاعب بمصالح الأمة وتحاول أن تهيمن على المنطقة دون أن تقرأ اي حساب لمصالح الأمة الإسلامية ككل.
إن إضعاف القوى الإسلامية الفاعلة وربما القضاء عليها سيمهد الطريق بشكل مباشر إلى تأسيس مشروع إسرائيل الكبرى في منطقة الشرق الأوسط من النيل إلى الفرات كما رسمه مؤتمر بال سنة 1897.