وفاة "حل الدولتين".. هل يكون على حساب الأردن؟
التاريخ:23/2/2017 - الوقت: 12:35م
حذر أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد نوفل من انخراط الأردن في أي مؤتمرات دولية تدعو لها أمريكا في المرحلة المقبلة لتسهيل تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع العرب على حساب القضية الفلسطينية والأردن.
وقال أحمد نوفل في تصريح إلى "البوصلة" إن الأردن عليه أن يكون حذرا جدا في التعامل مع أمريكا وإسرائيل وعدم الثقة بهما إذ أن لديهما حلا جاهزا لإعادة رسم خارطة المنطقة بما فيها حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن عبر عمليات "ترانزفير" يحقق لإسرائيل ما تريده من جعل الأردن وطنا بديلا، وهو الأمر المرفوض رسميا وشعبيا ولا يوجد عاقل يقبل به في الأردن.
وأكد نوفل أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب لا تريد الاستقرار للمنطقة، وهذا ما يظهر بتصريحات ترامب الأخيرة خلال لقائه نتنياهو، ولو كان يريد غير ذلك لقدم حلولا عملية وحقيقية لقضية اللاجئين وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
وقال نوفل: "لا أعتقد أن الأردن قادر لوحده على إقناع الإدارة الأمريكية بتغيير موقفها من القضية الفلسطينية، فهو يمر اليوم بظروف اقتصادية صعبة، ولا يمكن لدولة ضعيفة تعاني كل هذه الضغوط الوقوف بوجه أمريكا وإسرائيل اللتين تملكان خيوط اللعبة في المنطقة.
واستغرب نوفل من شعور كثيرين بالصدمة إزاء تغير الموقف الأمريكي من "حل الدولتين"، إذ أن كل المؤشرات التي كانت تمارسها إسرائيل على الأرض والغطرسة في تهويد القدس وبناء المستوطنات ومضاعفتها منذ اتفاق أوسلو ما هو إلا دليل على رفض إسرائيل لقيام دولة فلسطينية.
وشدد على أن المشكلة كانت تكمن منذ البداية في الذين روجوا لوهم قيام الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة وكأنه على الأبواب فيما هو تحول إلى حلم بعيد المنال، لا يمكن تحقيقه دون نضال طويل ضد دولة الاحتلال.
هل مات حل الدولتين؟
من جهته يرى الدكتور فهد الفانك أن المقاربة الأمريكية التي يرى فيها ترامب أنه لا مشكلة لديه بحل دولتين أو دولة واحدة هو "كلام مفهوم على سبيل السخرية"، خاصة فيما بتعلق بخيار الدولة الواحدة.
وأكد الفانك في مقالة له بصحيفة الرأي أن حل الدولة الواحدة من وجهة نظر إسرائيل يتحقق بطرد الشعب الفلسطيني أو أغلبيته من الضفة، فالمطلوب ضم الأرض وليس الشعب. وحتى بدون (الترانسفير) فإن قطاع غزة الكثيف السكان مستبعد سلفاً أرضاً وسكاناً ، ولا يدخل في حسابات الدولة الواحدة.
ونوه إلى أن ما يفهم من تطور محاولات الحل الفاشلة أن أميركا والعالم لن يفرضوا على إسرائيل حلاً، وأن الامر متروك لخيارها وقرارها ولها حق الفيتو على أي حل.
ويرى الفانك أن خيار إسرائيل هو استمرار الوضع الراهن، لأن مرور الزمن لم يرفع عدد سكان الضفة كما يوحي معدل النمو السكاني المرتفع، وذلك بسبب التهجير والبطاقات الخضراء والصفراء والجوازات الدائمة والمؤقتة وتسهيلات الهجرة إلى أميركا، وأخيراً وليس آخراً جعل الحياة في الضفة لا تطاق.
وشدد على أن استمرار الوضع الراهن دون حل هو الخيار الإسرائيلي، لأن مرور الوقت يسمح بإحداث تغييرات على الأرض تجعل اي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية غير وارد ، ذلك أن مصادرة الأراضي والاستيطان هي في الواقع عملية ضم تدريجية لأراضي الضفة لإسرائيل ، كما أن عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة يناهز ثلاثة أرباع مليون ونسبتهم إلى مجموع السكان في ارتفاع ، فالميزان السكاني في الضفة يميل لصالح إسرائيل.
وخلص الفانك إلى أن الباب مغلق على أي حل يلبي بعض حقوق الشعب الفلسطيني، وهذه وصفة فعالة لنشر التطرف والعنف.
ما هي البدائل؟
من جهته أكد وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر أن هدف إسرائيل واضح، وهو محاولة حل النزاع على حساب الأردن.
وحذر المعشر في مقالة له بصحيفة الغد، من أننا لا نستطيع أن ندفن رأسنا في الرمل ونتصرف كأن الأمور ما تزال كما هي عليه قبل عشرين عاما.
وشدد على أنه يجب على الأردن الرسمي أن يضع السيناريوهات المختلفة ويكون مستعدا لها، بل عليه أن يبادر بالتحرك باتجاه محاولة منع المخطط الإسرائيلي. فإن كانت إسرائيل والولايات المتحدة لا تريدان حل الدولتين، أو تهدفان إلى إدامة الاحتلال، فدعونا نأخذ المبادرة بدلا من الاكتفاء بردود الفعل.
ونوه إلى أنه من المفيد دراسة إيجابيات وسلبيات تبني الدول العربية رسميا حل الدولة الواحدة بحقوق متساوية للجميع، باعتباره البديل الوحيد المقبول لحل الدولتين، وهو لن يكون بالتأكيد في مصلحة إسرائيل.
واستدرك المعشر في نهاية حديثه بالقول: "أدرك التحفظات حول حل الدولة الواحدة. مع ذلك، أعتقد أن من المفيد دراسة البدائل كافة لمحاولة إسرائيل فرض حل على حسابنا وحساب الشعب الفلسطيني، والتلويح بتبني حل الدولة الواحدة ذات المواطنة المتساوية على أرض فلسطين التاريخية، إن لم نستطع تحقيق حل الدولتين بما يلبي حاجات الشعب الفلسطيني وحاجاتنا. ولنجعل ردة الفعل تأتي من الجانب الأميركي والإسرائيلي".
تباين المواقف إسرائيليا
وفي الوقت الذي تظهر فيه الحكومة الإسرائيلية تعنتا واضحا إزاء موضوع حل الدولتين يتشكل رأي في الداخل الإسرائيلي بعضه يرى أنه لا يوجد حل للمسألة سوى بإيجاد وطن بديل للفلسطينيين على حساب الأردن وهو الوطن البديل والمقترح بحسب هذا الرأي الإسرائيلي هو "غور الأردن".
فيما يذهب اتجاه آخر في المعارضة الإسرائيلية الداخلية إلى ضرورة إنجاح حل الدولتين عبر خطة محددة تخدم إسرائيل على المدى البعيد وتحقق لها الاستقرار الأمني والرفاه الاقتصادي.
الغور لدولة فلسطينية
وهذه القصة ليست بالجديدة إذ أن إسرائيل لطالما أمعنت في الحديث عن الوطن البديل كخيار بالنسبة لها لحل القضية الفلسطينية على الأردن وهو الأمر الذي يناقشه دائما ساستهم ومحللوهم في العلن.
وفي هذا الصدد ناقش الصحفي الإسرائيلي الياكيم هعتسني بالأمس في مقالة له بإحدى الصحف الإسرائيلية عن الأضرار التي ستنبني على لقاء نتنياهو بترامب في واشنطن خاصة فيما يتعلق بإصرار نتنياهو على أن يبقى في غور الأردن سيطرة إسرائيلية أمنية.
وطرح تساؤلا مفاده أنه إذا لم تكن منطقة الغور لدولة فلسطينية فلمن ستكون؟.
المعارضة الإسرائيلية تقدم رؤية لحل الدولتين
من جهة أخرى طرحها زعيم المعارضة الإسرائيلية إسحاق هرتسوغ رؤيته في صحيفة "هآرتس، تقوم على تطبيق متدرج لخيار "حل الدولتين".
وتقوم المبادرة التي اقترحها هرتسوغ على التزام الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي والمجتمع الدولي بحل الدولتين، يعقبه فترة انتقالية لمدة تصل إلى 10 سنوات يسود خلالها الهدوء الأمني والتنمية الاقتصادية.
ولكن مبادرته تقوم في جوهرها لتحقيق مصالح إسرائيل بالدرجة الأولى إذ أن أحد بنودها استكمال بناء جدار الفصل العنصري وبناء الاستيطان بدون أي تحفظات أو معوقات، بانتظار قيام دولة فلسطينية على حدود مؤقتة تكبر وتصغر بحسب الاتفاق النهائي بين الطرفين.
كما يقترح صاحب المبادرة أن تدخل إسرائيل في مفاوضات نهائية دون شروط للتوصل إلى اتفاق نهائي، وهو الأمر المستمر من عشرات السنين دون جدوى.
وبعد أن تحقق إسرائيل ما تريد من أهداف يتم النظر باحتياجات الفلسطينيين من إعمار غزة وإتاحة بناء ميناء بحري وفقا للمبادرة.