عجلون.. طبيعة تجود بالغذاء المجاني والسكان يغتنمون موسمها
مواطن يقوم بقطع نباتات برية من جبال عجلون لطهيها
عجلون- النباتات البرية المتنوعة التي تجود بها الطبيعة، تشكل مصدر غذاء مجاني، وفرصة كسب من دون رأس مال لكثير من الأسر العجلونية، التي تغتنم مواسم نمو الأعشاب البرية الصالحة للطعام التي بدأت تغطي رقاعا واسعة من مساحات المحافظة.
ولا يخفي السكان سعادتهم على اختلاف إمكانياتهم المادية وثقافاتهم، بمواسم التبقل، التي تعقب ارتفاع معدلات الأمطار لتنشر بساطا أخضر ينتقون منه عشرات الأنواع من الأعشاب البرية الصالحة للطعام، وفق ما يقول سامي فريحات.
ويؤكد فريحات من سكان منطقة راجب، أنه اعتاد وأصدقاءه أن يجوب مناطق متعددة من محافظة عجلون وفي مثل هذه الاوقات من السنة، وخصوصا بعد أن تجود السماء بأمطار الخير للبحث عما اخرجته لهم من نباتات وأعشاب برية، كالعكوب واللوف والحميض والخبيزة والفطر والسلق وغيرها الكثير، ليأكلوا منها ويخصوا جيرانهم ومعارفهم بكميات فائضة.
ويضيف أن عددا من الأسر الفقيرة تجد هذا الموسم فرصة مواتية لبيع كميات فائضة بمبالغ ليست بالقليلة لمن اراد تناولها وتذوق نكهتها اللذيذة التي تعد “شهوة” لدى الكثيرين من دون عناء في البحث عنها ودون أن يطاله وخز اشواك بعض أنواعها.
ويقول بدر أبو محمود إنهم ينتظرون هذه المواسم بفارغ الصبر، كونها توفر لعائلاتهم مصدر طعام طبيعي يمتد لعدة اسابيع، ويخلو من “الكيماويات” التي ادخلت الى الزراعية الحديثة، كما انه يشكل لدى بعض الأسر الفقيرة مصدر رزق لا يحتاج الى رأس مال ولا يتعرض للخسارة، ولا يقاسمهم احد فيه، بحيث تساعدهم على تلبية حوائج أسرهم.
ويلفت إلى أن قطف هذه النباتات والاعشاب البرية لا يضر بالبيئة ولا يهدد أنواعا نباتية من الانقراض، إذا ما تم قطافها من دون اقتلاعها من جذورها، مشيرا إلى أن بعض المزارعين يستغلون جمع أنواعها كأعلاف لمواشيهم.
ويقول حسين الخطاطبة إنه اعتاد وبعض اصدقائه “التبقل” من اعشاب ونباتات برية منذ سنوات، حتى اصبحت اماكنها معروفة لديهم يرتادونها كل عام في مواسم الخير، ولا ينافسهم عليها احد باستثناء بعض الهواة الذين يتصادف وجودهم في تلك المناطق، فينالون منها كميات كبيرة، توصف لديهم بالتجارية، بحيث يأكلون قسما منها ويبيعون كميات فائضة.
ويؤكد أنهم يحترفون قطف هذه النباتات البرية بحيث لا تؤثر على انقراضها من بيئاتها وأماكن نبتها باعتبارها موسم رزق لهم يحرصون على ديمومته في سنوات قادمة.
وتؤكد أم عبدالله أنها تفضل بعض أنواع من النباتات البرية، مثل اللوف والعكوب والخبيزة على أشهى أنواع المأكولات العصرية، والتي وصفتها بأنها في غالبها غير صحية، على عكس النباتات البرية التي تعتبر علاجا للعديد من الامراض.
ويعدد صقر عريقات انواعا من النباتات البرية التي تعتبر مصدر طعام على موائد الفقراء في موسمها، فيما تكون “توصية” لمن هم أفضل حالا منهم، كنبات العكوب والفطر البلدي واللوف والخبيزة والحميض والسلق والجعدة. ويؤكد أن الحصول على كميات كبيرة منها يحتاج الى وقت وجهد كبيرين، بحيث يقطع مسافات كبيرة قد تتجاوز بضعة كيلومترات، مشيرا إلى أن تحسن الموسم المطري الموسم الحالي سيسهم في انبات تلك الاعشاب بكميات كبيرة.
واعتاد أصحاب محال خضار في هذه المواسم أن يشتروا كميات من النباتات والاعشاب البرية التي يقطفها بعض السكان ليعرضوها في متاجرهم وعلى بسطاتهم، وتحقق لهم ارباحا قد تفوق غالبا ما يجنيه التجار من بيع الكثير من أنواع الفواكه والخضراوات، مشيرا الى أن البعض من هؤلاء السكان يفضلون عرضها بأنفسهم على الارصفة ليحققوا ارباحا اكثر.
ويؤكد احد الزبائن محمد أمين أن بعض الانواع من هذه النباتات يباع بأسعار مجدية لاصحابها، مشيرا الى انه يشتري بعض انواعها بأكثر من دينار للكيلو غرام.
ويوضح المهندس ناصر عباسي من الجمعية الملكية لحماية الطبيعة أن استغلال بعض السكان لانواع من النباتات والاعشاب البرية غير المهددة بالانقراض لاغراض الطعام والتجارة لن يكون ضارا بالبيئة والتنوع الحيوي اذا ما تم المحافظة على جذور تلك النباتات وعدم اقتلاعها، مشيرا الى انها تعتبر من انواع النباتات المتجددة.