كلام حساس عن جوازات المقدسيين
قصة رفع رسوم جوازات السفر، قصة مؤسفة جدا، بما تعنيه الكلمة، بكل درجاتها، بداية من رسوم التجديد للاردني في الاردن، ثم الاردني المغترب خارج الاردن، مرورا بما تم رفعه ايضا بخصوص الجوازات المؤقتة للغزيين ولاهل الضفة الغربية ،والمقدسيين حصرا.
محاولة التخفيف من القصة عبر الكلام عن تمديد عمر جواز السفر من خمس سنين الى عشر سنين،وتمديد جواز الغزيين من عامين الى خمسة، امر لم يثبت بعد، لان الحكومة ستحيل الامر الى النواب، وتلك حكاية اخرى، حتى لايظن الناس، ان الجوازات تم البدء بتمديد عمرها فعليا، مقابل الرسوم الجديدة، وفي كل الاحوال التمديد ليس ذريعة لرفع الرسوم.
علينا ان نشير اولا الى امرين، اولهما مبلغ الخمسين دينارا للجواز الاردني، مبلغ مرتفع، ولايمكن فصله عن بقية حلقات الغلاء في البلد، فكل هذه التداعيات تصب في ذات البئر، والاردني لم يعد لديه اي مال لتغطية هذه التداعيات، هذا فوق المصيبة المتعلقة بأرتفاع قيمة التجديد عبر البعثات الاردنية في الخارج، للاردنيين وحملة المؤقت، ونحن امام ارقام فلكية تبدأ بـ 120 دينارا كما في بعض دول الخليج، وتصل الى مايتجاوز 800 دينار وفقا للحالة والنوعية، واذا ماكان اردنيا او يحمل مؤقتا...لكن بالتاكيد ان الاردنيين وحملة المؤقت تعرضوا الى ضريبة جديدة بأعتبارهم مغتربين، عبر جواز السفر، مثلما هو حال البقية، وهذه جباية عابرة للحدود، لاترحم احدا.
المشكلة الاخرى تتعلق بجوازات سفر المقدسيين، اي اهل القدس الذين يقيمون في القدس، او يغتربون في الدنيا، وهذه ارتفعت الى 200 دينار للجواز الواحد، والمقدسي لايحمل جوازا فلسطينيا، ولا جوازا اسرائيليا الا ماندر، ولايحمل سوى بطاقة اقامة اسرائيلية لعشر سنوات، وجواز اردني مؤقت لخمس سنوات، يساعده على التنقل، والسفر، الى الاردن وغيره، وعلينا ان نضيف هنا كلفة سفر المقدسي الى الاردن، لتجديد جواز سفره، وكلفة اقامته ومصاريفه، على مستوى الفرد والعائلة، والكارثة هنا، ان هذا يتنزل على المقدسيين الفقراء، وهم الغالبية،
في الوقت الذي نرفع شعارات دعم القدس، وتقوية السوار الاجتماعي المحيط بالحرم القدسي، واذا كان هؤلاء اصلا بلاعمل، ويعانون من ظروف اقتصادية كارثية، وبالكاد ينفقون على اولادهم، وهناك الاف الادلة على فقرهم، فأن مطالبة المقدسي حصرا، بمئتي دينار، يعد امرا سيئا جدا، وتمتد اثاره الى اضعاف البنية الاجتماعية المحيطة بالاقصى الذي يرعاه الاردن، وهذا الامر حصرا بحاجة الى مراجعة، فقد تسبب بصدى سلبي جدا، في القدس، وبين عائلات المدينة واهلها، ولايجوز هنا ايضا، اعتبار اهل القدس، مجرد حملة جوازات مؤقتة، دون التوقف عند التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لهكذا قرار، خصوصا، كما اشرت الى انهم لايحملون اي جوازات ثانية، ولايتاح لهم الامر من اساسه، والاردن هي روحهم التي يتنفسون عبرها في هذا الزمن الصعب، وهم فعليا سياج حماية الحرم القدسي!.
المشكلة الاخرى تتعلق بجوازات الغزيين، التي مدتها عامين، وكلنا يعرف ان اغلب الغزيين هنا في الاردن، لايحق لهم حمل جوازات سفر فلسطينية، ولولا الجواز الاردني المؤقت الذي يتم طلبه في كل المعاملات لباتت حياتهم كارثة فوق ماهم فيه، ولايعقل ان يدفعوا مائتي دينار على جواز صالح لسنة ونصف السنة فقط، فعليا، كون كل السفارات لاتمنح تأشيرة لاي جواز لم يبق من عمره الا ستة اشهر، وهو الامر الذي يواجهه الغزيون ايضا، من المقيمين في الخارج، واعدادهم كبيرة، ممن يحملون جوازات مؤقتة، وهؤلاء باتت رسومهم مرتفعة جدا، وتصل الى مبالغ فلكية تتجاوز المئتي دينار، بل ان كارثتهم تتعلق بحاجتهم لتجديد جوازاتهم كل سنة ونصف السنة، من اجل تجديد اقاماتهم، وهذا يعني مبالغ اضافية فلكية.
هناك مشكلة رابعة، تتعلق بأهل الضفة الغربية، ايضا، ممن يحملون جوازات اردنية مؤقتة، واغلب هؤلاء يحملون جوازات فلسطينية، ومشكلتهم هنا اقل ضررا، من اهل غزة المقيمين في الاردن، او من المقدسيين الذي يعيشون في القدس، لكونهم يحملون جوازات فلسطينية، لكن علينا ان نعترف ان الجواز الاردني المؤقت اقوى من جواز السلطة الوطنية الفلسطينية في العالم، ومن الطبيعي ان يتم تجديده والاهتمام به لاعتبارات كثيرة، وفي المحصلة فهم ايضا يعانون من ذات الرسوم الخيالية.
لابد ان نتحدث عن نقطة خامسة واخيرة، تتعلق بالدينار القنصلي، فسعر صرف الدينار في السفارات والقنصليات، مقابل عملات تلك الدول، يختلف عن سعر السوق، فهو سعر قديم، يتسبب برسوم لايحتملها جبل، فأنت تجدد جوازك عام 2017 وتدفع رسوما بعملة البلد الذي أنت فيه، بسعر صرف الدينار القديم، او بسعر صرف مختلف عن الواقع، وهذا يتسبب بنفقات غير محتملة.
بهذه الطريقة يتحول جواز السفر، وهو اغلى جواز سفر في الكون وجدانيا، الى اغلى جواز سفر ايضا من حيث رسومه، ويتحول ايضا الى وسيلة لجباية المال، في زمن شح فيه المال.
يقال هذا الكلام، حتى تتراجع الحكومة عن قرارها، بشأن كل الفئات، فهذا امر لايمكن احتماله من جانب اكثر من مليون اردني مغترب في الخارج، ولا من المواطنين في داخل الاردن، ولا من اهالي غزة الذين يتنزل عليهم فقر جديد فوق فقرهم، ولا من اهل القدس الذين نتغنى بدعمهم، لكننا نقذفهم بصاروخ مالي، يزيدهم فقرا، فوق فقرهم، ثم نحضهم على الصمود!!.
هذا كلام، يجب ان يتوقف عنده كثيرون، فالتعامي عنه، مهين لنا، ولطريقة تعاملنا مع مواطنينا اولا، ثم لتلك الزوايا الحساسة التي تبدأ بغزة المبتلاة، وتصل القدس المحتلة، التي نعتبرها قدسنا!.