شخصيات كردية حكمت الجمهورية السورية الحديثة بين أعوام 1932-1954م
الرؤساء الأكراد الذين حكموا الجمهورية السورية الحديثة
1 - محمد على بيك العابد : حكم من (1932 إلى 1936 ).
2 - حسني الزعيم : حكم من (20 مارس 1949 ـ 14 أغسطس 1949 ).
3 - فوزي السلو : حكم من (1951 وحتى استلام الشيشكلي السلطة عمليا في 1953).
4 - أديب الشيشكلي : حكم من (1953 ـ 24 فبراير 1954).
مقدمة: يشكل الأكراد اليوم جزءا أساسيا من النسيج السياسي والاجتماعي والاقتصادي السوري منذ زمن بعيد، وخاصة أكراد مدن دمشق وحماة وحلب، وهم من عشائر وعائلات ذات وجاهة ومكانة اجتماعية راقية فيها، وقد برزت من بينهم قيادات إدارية ودينية وسياسية إبان العهد العثماني وفي العصر الحديث، فلنتصور مثلا بأن محمد علي العابد سليل هولو باشا والي الشام وأمير الحج الشامي قد تخرج من جامعة السوربون في باريس خلال العهد العثماني، وعمل مستشاراً لدى السلطان عبد الحميد العثماني، ثم عينه وزيراً مفوضاً للدولة العثمانية في واشنطن (1905 - 1908م). كما تخرج من الكلية الحربية في اسطنبول الرئيس حسني الزعيم، وهذه الحقيقة تؤكد أن أبناء كرد سوريا كانوا في تلك الحقبة على درجة عالية من العلم والمعرفة والشهادات العلمية مما مكنهم من تبوء المناصب العليا في الدولة العثمانية والدولة السورية الحديثة، لكن بعد مجيء البعثيون إلى الحكم طهروا المؤسسات العسكرية والإدارية والقيادية من العنصر الكردي، واعتبروهم مواطنين من الدرجة الثالثة، وحرموا الآلاف من الجنسية، وحاولوا تعريبهم بكل الوسائل المتاحة، أما الذين سارَ منهم على نهج البعث فقد نالوا بعض المكاسب العارضة.
لقد كان هؤلاء الزعماء من العابد والزعيم وسلو والشيشكلي سوريون أكثر من السوريين أنفسهم، ولم يقدموا شيئا يذكر لبني جلدتهم الكرد، وإذا كان فهو نزر قليل لا يذكر، مما دفع البعض إلى القول لماذا تكتب عن هؤلاء الأكراد المنتسبون إليه بالاسم فقط، ولم يقدموا نفعاً لأبناء جنسهم، أو يدافعوا عن أمتهم الكردية المقهورة على الرغم من امتلاكهم السلطة والجاه والمال والقلم؟ نعم يا صاحبي؟ لقد صادفت الكثير منهم ممن لا يمتلكون هذا الشعور، وأنه شيء مؤسف حقاً ويملاء القلب غصة وكمداً يا صاحبي! فقد ألفت (الموسوعة الكبرى لمشاهير الكرد عبر التاريخ) في ثمانية أجزاء، صدرت عن الدار العربية للموسوعات في بيروت خلال سنوات 208-211م، ودونت بين دفتيها عشرات الأدباء والشعراء والمفكرين والسياسيين الذين ينحدرون من أصل كردي ممن عاشوا وترعرعوا في البلاد العربية كسوريا ومصر والأردن ولبنان و تركيا وإيران وبقية دول العالم الأخرى، لكن ثقافتهم وتوجهاتهم الفكرية وهمومهم الإبداعية كانت غير كردية، بل متلونة بلون الدول التي يعيشون بين ظهرانيها، وسبب ذلك يعود لعدم امتلاكهم الحس القومي الكردي الذي يدفعهم إلى الوقوف مع القضايا الفكرية والسياسية واللغوية لأمتهم الكردية، لذا لم يوظفوا سلطتهم وأقلامهم ونفوذهم في الدفاع عن قضايا أمتهم، كما أن الدم الكردي الذي كان يجري في عروقهم لم يؤثر لا في تفكيرهم ولا في كتاباتهم، ولم تهتز لهم ولو شعرة واحدة وهم يرون أبناء جلدتهم في كردستان يتعرضون للعذاب والقمع والقهر والنفي والإبادة بالأسلحة الكيماوية، بل كان البعض منهم عونا لتلك الدول ضدهم كما فعل عصمت إينونو في تركيا..
ربما يجد البعض لهم العذر والمبرر، ويقول: أننا لا نلومهم في ذلك؟ فقد نشاؤوا في بيئات غير كردية، وكانوا بعيدين عن أي تأثير اجتماعي وسياسي وثقافي كردي...
وبكل حسرة وغصة نقول:لقد خسرت الأمة الكردية خيرة من أبنائها الذين خدموا الأمم الأخرى- من ترك وفرس وعرب وغيرهم- بكل شرف وصدق، ورفعوا من قدرها في مختلف الجوانب السياسية والفكرية والأدبية، وهنا يستحضرنا قول المستشرق الأرمني الكبير يوسف اوربيلي في مقولته الشهيرة
لقد أضاع الشعب الكردي أبناءه العظام الذين يزينون بأسمائهم تاريخ الثقافات والشعوب الأخرى).
ورغم ما سبق، فأن الأمة الكردية ستبقى حيَّة تناضل من أجل حريتها وكرامتها حتى تظفر بهما، ومهما حاول أعداؤها الوقوف بوجه هذه التطلعات أو النيل منها، وسيبقى الكرد يعزفون على أسماع العالم نشيدهم الوطني الخالد:
" أيها الأعداء، سيبقى الكردُ بلغتهم وأمتهم باقونَ للأبد، لا تقهرهم ولا تمحوهم مدافعُ الزمان .. نحنُ أبناء اللون الأحمر . . أبناءُ الثورةِ، تمعّنْ بماضيِنا المخضبُ بالدماءِ ..نحنُ أَبناءُ الميديين وكيخسرو، دينُنَا إيمانُنا هو الوطن ...انتفضَ شبابُ الكردِ مثلَ الأسود، كي يسطروا بدمائِهم تاجَ الحياةِ ، نحنُ أَبناءُ الثوراتِ، والدمِ الأحمرِ، انظروا إلى تاريخِنا المليء بالدماءِ، شبابُ الكردِ على أهبةِ الاستعدادِ دائماً للتضحيةِ بأرواحِهم، لا يقلْ أحدٌ أنَّ الكردَ زائلون.... إنَّ الكردَ باقونَ، باقونَ ...كرايتَنا الخفاقة الشامخة إلى الأبد".
وعودة إلى سيرة زعماء سوريا الأكراد:
محمد علي بيك العابد
(1867 - 1939م)
هو محمد علي بن أحمد عزت بن محيي الدين أبو الهول ابن عمر بن عبد القادر العابد:أول رئيس للجمهورية السورية في عهد الانتداب الفرنسي. وهو سليل هولو باشا الوالي الكردي المعروف على بلاد الشام، وأمير الحج الشامي. ولد في دمشق عام 1867م، ونشأ فيها، وتعلم القراءة والكتابة في معاهدها الابتدائية، ثم انتقل ليكمل دراسته في بيروت، وبعد أن نال شهادتها انتقل إلى الأستانة لاحقاً بأسرته، فدخل المدرسة العليا المسماة (غلطة سراي)، ثم أُرسل إلى باريس فدخل كلية الحقوق بجامعة السوربون ونال شهادتها، عاد إلى الأستانة فعُين في قلم المستشار القضائي لوزارة الخارجية، ثم درس أصول الفقه الإسلامي بعدما درس الفقه الروماني والتشريع الأوروبي، وعين مستشاراً لدى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وظل يتدرج في مناصب وزارة الخارجية بفضل نفوذ والده وقربه من السلطان العثماني حتى عُين سنة 1905 وزيراً مفوضاً للدولة العثمانية في واشنطن، فقصدها مع زوجته وأولاده.ولم تطل إقامته في واشنطن، واضطر أن يغادرها على أثر إعلان الدستور العثماني يوم 23 تموز عام 1908، وفرار والده من الأستانة بباخرة خاصة خوف فتك الشعب به، وشعر محمد علي وهو في واشنطن بما شعر به والده من الخوف من الأستانة فغادرها سراً، ومنها قصد كاليفورنيا وركب البحر متخفياً وانضم إلى والده وظلا يتنقلان مع أسرتيهما بين سويسرا وفرنسا وإنكلترا ومصر حتى وضعت الحرب العالمية أوزارها، فقدما مصر وفيها توفي والده.
بعد الحرب العامة الأولى، وانحلال الدولة العثمانية 1918م، ووقوع سورية تحت الانتداب الفرنسي، عاد إلى دمشق في صيف 1920 بعدما تم للفرنسيين الاستيلاء عليها، ولما أنشأ الجنرال غورو الاتحاد السوري سنة 1922 عينه وزيراَ للمالية، فظل في هذا المنصب نحو سنة ثم غادره لإلغائه عام 1923م.
أجاد محمد علي العابد عدا اللغة العربية اللغتين التركية والفرنسية إجادة تامة، وكان محيطاً بتاريخ الأدب الفرنسي وبالعلوم الاقتصادية فلا يكاد يفوته الإطلاع على شيء، وكتب في جميع هذه العلوم تقريباً. وكذلك كان ملماً بالإنجليزية والفارسية ويستطيع التفاهم بهما.
انتخب محمد علي العابد في 30 نيسان 1932 نائباً عن دمشق بصفته أحد مرشحي السلطة الفرنسية، وأصبح عضواً في المجلس التأسيسي، وقد أيدته كتلة النواب الوطنيين في رئاسة الجمهورية السورية في يوم 11 حزيران من سنة 1932م، ودعمت صبحي بركات في رئاسة المجلس، وقد استمر في منصبه رئيساً للجمهورية أربع سنوات وست أشهر وعشرة أيام، وبعد أن استقال من منصبه عام 1936م غادر دمشق إلى باريس حيث توفي بها عام 1939، ثم نقل جثمانه إلى دمشق ليدفن في مسقط رأسه (1).
حسني الزعيم
(1897-1949م)
هو حسني بن الشيخ رضا بن محمد بن يوسف الزعيم، رئيس الجمهورية السورية السابق. وهو سياسي و ثائر سوري من أهل دمشق الأكراد، تخرج من الأكاديمية الحربية في اسطنبول أيام الدولة العثمانية، وخدم بالجيش العثماني، وفي زمن الثورة العربية الكبرى اشترك بها ضد الأتراك، وبعد نهاية حكم العثمانيون لبلاد الشام 1918م التحق في عام 1921 بالقوات الحربية الفرنسية المنتدبة على سورية، فتلقى تدريباً عسكريًّا في فرنسا، وفي الحرب العالمية الثانية 1942-1944م حارب مع قوات فيشي حتى سجنته قوات الحلفاء بعد انتصارها.
التحق بالجيش الفرنسي أيام احتلالهم لسورية، وترقي في عهد استقلالها إلى رتبة (كولونيل)، حتى تولى أركان الحرب في عهــد الرئيس شكري القوتلي، وسادت ظروف معينة، مثل تذمر الشعب من الفساد الحياة السياسية في العاصمة، وغضب الجيش الذي حصد هزيمة حرب فلسطين 1948، وتهجم البرلمانيين عليه، فقفز على الفراغ القائم بتشجيع سري من الولايات المتحدة الأمريكية كما أشيع مؤخراً، وثار في دمشق (العاصمة) متفقاً مع بعض الضباط، فاعتقل رئيس الجمهورية ( شكري القوتلي) ورئيس وزرائه وبعض رجاله ليلة 30 آذار 1949، وفض البرلمان، وقبض على زمام الدولة، وتلقب بالمشير، وألف وزارة على هواه، ودعا إلى انتخاب رئيس الجمهورية، فخافه الناس وانتخبوه يوم 26حزيران 1949، فوضع نصب عينيه صور نابليون وأتاتورك وهتلر، وأظهر نشاطاً غير مألوف في الشرق الأوسط، فأحدث هزة، واعترفت الدول به وبحكومته، وظهر بمظهر الحاكم المطلق، فحكم سوريا مدة 136 يوماً، فساء ذلك بعضه أنصاره من العسكريين بقيادة سامي الحناوي، فشكلوا له محكمة صورية وقتلوه يوم 14 آب 1949.
وعن نهايته التراجيدية، تقول القصة أنه في فجر يوم الأحد 14 آب 1949 وقفت أمام قصر «المشير حسني الزعيم» في دمشق عدد من السيارات المصفحة، وحاصرته، ونزل منها عدد من الضباط والجنود، واشتبكوا مع حراس القصر في معركة صغيرة بودلت فيها الطلقات النارية، وبعد قليل ساد الهدوء، واقتحم الضباط القصر حتى وصلوا إلى غرفة رئيس الجمهورية، وطلب إليه أن يتبعهم، فقاوم، ثم اقتادوه إلى الخارج، وأركبوه في سيارة مصفحة وساروا به إلى قلعة المزة التي تبعد حوالي عشرة كيلو مترات عن دمشق، وكان معه رئيس الوزراء «محسن البرازي»، وهناك تألف مجلس عسكري برئاسة «الكولونيل سامي الحناوي» حيث حوكم حسني الزعيم ومحسن البرازي بتهمة الخيانة والغدر بأنطوان سعادة زعيم الحزب القومي السوري، وقرر المجلس- في أقل من ساعة- إعدامهما رمياً بالرصاص، ونفذ القرار في الحال، واستمر إطلاق الرصاص على حسني الزعيم زهاء خمس دقائق، كان الرصاص خلالها يخترق جسمه كخيط من النار، ثم قام الضباط الثلاثة بالدوس على جثته.
ويروى أن حسني الزعيم قال قبيل إعدامه للجنود الذين أشهروا رشاشاتهم وبنادقهم نحوه: «أنا حسني الزعيم، أنا الذي جعلت لكم كرامة، وللجيش هيبة، تقتلونني بدلاً من قتل هؤلاء الكلاب السكارى؟».
ويقول أحد وزرائه المدعو (فتح الله ميخائيل صقار) في كتابه: «من ذكريات حكومة الزعيم حسني الزعيم» عام 1952م: أن حسني الزعيم كان يشعر بأن حياته مهددة بالخطر، وسمعناه مراراً يقول: «إن دمي على كفي، ولا أخشى الموت إن كان في مصلحة للوطن؛ ولم يكن يخطر في بباله أن يكون حتفه بين رفقائه الذين ناضلوا معه السنين الطوال، والذين اشتركوا معه في ثورة على القوتلي».
كانت في «حسني الزعيم» شدة وحدة، يخالطها استهتار وعبث، وينقصه الكثير من عفة اللسان إذا مزح أو سخط، وكان تواقاً إلى السلطة، وله كلمة كان يرددها في مجالسه الخاصة: «ليتني أحكم سورية يوماً واحداً، ثم أقتل في صباح اليوم التالي». وقد استطاع تحقيق هذا الحلم، فحكم سورية 136 يوماً، وفي اليوم الأخير من ولايته استقرت في جسده 176 رصاصة (2).
الزعيم فوزي السلو
(1905 - 1972م)
الزعيم فوزي سلو: عسكري ورجل دولة مخضرم، وهو من أصل كردي. ولد بدمشق عام 1905م، وتعلم بها، ثم دخل المدرسة الحربية في حمص عام 1922. وبعدها التحق بالقوات الخاصة الفرنسية Troupe Speciales والتي أنشئت عندما فرضت فرنسا انتدابها من قبل عصبة الأمم على سوريا في يوليو 1920، وعمل في الفترة 1924 - 1932 في الفيلق الأول المختلط السوري، والفوج الثاني، وفوج الشرق السابع، والفوج الخامس حتى رقي في عام 1934 إلى رتبة رئيس (نقيب)، لينقل بعدها إلى المدرسة الحربية في حمص، وفي عام «1936» أتم دورة عسكرية في فرنسا، واتبعها بدورة أركان في العام 1937، وخدم في الفوج الشرقي السابع منذ عــام 1939 إلى أن ســـرح في العام 1941.
بعد حل القطاعات الفرنسية، لم يلبث إلى أن أعيد إلى الخدمة في ظل الانتداب، ورفع إلى رتبة مقدم عام 1942، ثم إلى رتبة عقيد مؤقت في العام 1944، كما تلقى دورة إدارية في مديريات المحاسبة، حتى أحيل إلى التقاعد في منتصف عام 1945.
التحق بالجيش السوري من جديد في 23 - 6 – 1945، وأصبح مديراً لمصلحة الميرة (الإمداد والتموين بالجيش)، وعين بعدها مديراً للكلية العسكرية1945، حتى حصل على رتبة عقيد 1946، وجرى بعدها تعينه قائداً للواء الثالث 1947. وعين بعدها عام 1949 رئيساً للمحكمة العسكرية التي تشكلت بعد أن تسلم الجيش مهمة المحافظة على الأمن في 23 - 12 - 1948 بقيادة حسني الزعيم وإعلان الأحكام العرفية في البلاد، وذلك بسبب المظاهرة التي عمت سورية وأدت إلى انقلاب حسني الزعيم، ثم رقي إلى رتبة زعيم «عميد» في 16 - 4 – 1949، وعين بعدها رئيساً للأركان العامة، وقد ترأس الوفد السوري الذي فاوض إسرائيل ووقع معها اتفاقية الهدنة بتاريخ 7 - 2 - 1949، التي اعتبرت من ضمن اتفاقيات «رودس» على الرغم من أنها وقعت على الحدود في إطار اتخذ طابعاً عسكريًّا بحتاً.
بعد انقلاب أديب الشيشكلي في 19 - 12 - 1949، وتزايد تدخل الجيش في الحياة السياسية، عين فوزي سلو مديراً عامًّا في وزارة الدفاع التي تولاها أكرم الحوراني 27 - 12 - 1949 إلى أواخر أيار 1950. ثم عين بتاريخ 4 - 6 - 1950 وزيراً للدفاع في وزارة ناظم القدسي. وكان بحكم منصبه ممثلاً للجيش في الحكومات التي تعاقبت في أواخر العام 1951.
على إثر استقالة وزارة حسن الحكيم بتاريخ 10 - 11 - 1951، وقيام رئيس الجمهورية حينذاك هاشم الأتاسي بتعيين معروف الدواليبي رئيسا للوزراء في محاولة لوضع حد لتدخل العسكريين في الحياة السياسية، عطل البرلمان مما دفع برئيس الجمهورية إلى الاستقالة، فأصدر رئيس الأركان العامة - رئيس المجلس العسكري أديب الشيشكلي مرسوماً بتولي فوزي سلو بموجبه منصبي رئيس الدولة ورئيس الوزراء 3- 12 - 1951. ثم تولى في آذار 1952 مهام وزارة الدفاع بالإضافة إلى منصبه. حتى رفع إلى رتبة لواء في 1-5-1952، ليحال بعدها على التقاعد في 11-3-1953.
لوحق بعد سقوط نظام أديب الشيشكلي في 25/2/1954م من قبل القضاء بجريمة تغيير دستور الدولة، وإفساد الانتخابات، والانخراط في هيئة سياسية. إلا أن المحكمة أوقفت ملاحقته قضائيًّا، توفى عام 1972م(3).
أديب الشيشكلي
(1909-1964م)
أديب بن حسن آغا الشيشكلي، رئيس الجمهورية السورية الأسبق. ولد ونشأ في مدينة حماة، وهو كردي الأصل وأمه (منور) البرازي أيضاً كردية، تخرج من المدرسة الزراعية في بلدة سلمية، ثم من المدرسة الحربية في دمشق، وشارك في الثورة السورية الكبرى سنة 1925، وفي معركة التحرر من الفرنسيين عام 1945، ثم كان على رأس لواء «اليرموك الثاني» بجيش الإنقاذ في حرب فلسطين عام 1948، وقد الحق بالعدو خسائر ليست بالقليلة، كما عمل نائباً لقائد جيش الإنقاذ فوزي القاوقجي، وكانت مدينة (صفد) آخر مواقعه.
كان إلى جانب حسني الزعيم في ثورته العسكرية (الانقلاب الأول) في 30 آذار 1949. إذ قاد وحدة المشاة والمدرعات التي نفذت الانقلاب، وكان من أكثر العسكريين مساندة وحماسة لهذا الانقلاب، واستلم وظيفة المدير العام للشرطة علاوة على وظيفته في الجـيش.
اختلف حــول قضية أنطون ســـعادة، حيث كان عضواً بالحزب القومي السوري، وبقي متعاطفا مع الحزب لغاية استيلائه على السلطة ووصوله إلى منصب رئاسة الجمهورية. صرفه حسني الزعيم من الخدمة عام 1948، ولم يلبث أن عاد قائداً للواء الأول برتبة «عقيد» في عهد سامي الحناوي، وانتفض مع بعض زملائه على الحناوي في 19 كانون الأول 1949 ليدافع عن النظام الجمهوري في سورية وينقذها من النفوذ البريطاني، ويضعف حزب الشعب المسيطر على الحياة السياسية في سورية، فاستولوا على الحكم، وتولى أديب الشيشكلي رئاسة الأركان العامة 1951، ثم رئاسة الجمهورية السورية 1953، واخذ يعمل على الانفراد بالحكم، والتخلص من خصومه، وإيقاع البلاد في أزمات متعاقبة لإظهار فشل السياسيين والأحزاب، حتى ألغى الأحزاب، ووضع دستوراً جديداً للبلاد عرف بدستور 1953، ودعا إلى انتخابات عامة، إلا أن الأحزاب قاطعتها.
كما برز عنفه في قمع ثورة الدروز 1954، واعتقاله كبار الساسة السوريين لعقدهم مؤتمراً في حمص قرروا فيه الدعوة إلى الديمقراطية والحريات العامة، وشجب الحكم الفردي، والنظام البوليسي، وقد بدأ الانقلاب عليه في حلب، وعندما شعر بأن الزمام أفلت من يده، سلَّم نائبه في رئاسة حركة التحرر كتاب استقالته من رئاسة الجمهورية، بوصفه رئيس مجلس النواب، وطلب منه إذاعة النبأ بعد أن يتم خروجه من سورية.
ركب السيارة إلى بيروت في 25 فبراير 1954 ناجياً بنفسه، ثم سافر إلى السعودية حيث ظل لاجئاً إلى أن توجه سنة 1957 إلى فرنسا، وحكم عليه في دمشق غيابياً بتهمة الخيانة، فغادر باريس 1960 إلى البرازيل حيث أنشأ مزرعة خاصة، وانقطع عن كل اتصال سياسي. إلا أن شخصاً «مجهولاً» يظن أنه من الدروز فاجأه في شارع ببلدة سيريس مركز حكومة جواس في البرازيل وأطلق عليه النار من مسدسه فأرداه قتيلاً في يوم 27 أيلول 1964. نقل جثمانه إلى سورية ليدفن في مسقط رأسه بمدينة حماة (4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) موسوعة أعلام سورية: 3/194، الموسوعة العربية 2/1172، حي الأكراد: 130، مذكرات محمد كرد علي: 1/269، ملوك المسلمين المعاصرين: 293، جريدة الفيحاء، دمشق، 7 آب 1923، وصوت الحجاز، بمكة، 12 رمضان 1358هـ، الأعلام: 6/304
(2) الموسوعة العربية: 1/715، الأعلام: 2/228-229، وفي منتخبات التواريخ لدمشق860 أن أسرة «الزعيم» في دمشق كانت تعرف بآل الدقاق واشتهر الشيخ رضا -أبو حسني- بالزعيم وكان فاضلاً من رجال العلم، استشهد في هجوم العثمانيين على قناة السويس في الحرب العالمية الأولى سنة 1915،هناك كتاب: أديب الشيشكلي، لهاني الخيّر: 54، وكتاب «أيام حسني الزعيم» لبشير فنصة، دمشق، 1993.
(3) موسوعة أعلام سورية: 2/450-451
(4) الأعلام، 19945-286، مجلة الأحد البيروتية، 24 حزيران 1962، ومن هو في سورية: 2/432، اللواء الدمشقية، 11 تموز 1953، الموسوعة العسكرية، موسوعة أعلام سورية: 3/82- 84، ولهاني الخير كتاب عنه «أديب الشيشكلي...»، دمشق، 1994.