خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط تتلاشى
الرئيس الأميركي دونالد ترامب في اجتماع مع مجلسه الوزاري في واشنطن مؤخراً
بِن كاسبيت* - (المونيتور) 31/7/2017ترجمة: علاء الدين أبو زينةفي هذه الآونة، أصبح من الواضح أن "الصفقة النهائية" التي وعد بها الرئيس دونالد ترامب في أيامه الأولى في المنصب بإبرامها بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لم تكن أكثر من خداع بصري. وترسم سلسلة من المحادثات التي أجريناها مع مصادر إسرائيلية وفلسطينية ودبلوماسية صورة مختلفة تماماً. لقد تعثرت العملية الدبلوماسية. فالرئيس ترامب ليس منخرطاً بأي طريقة، ولا لديه اهتمام بالانخراط. والرئيس الفلسطيني محمود عباس محبط بشدة من الولايات المتحدة، و"فريق السلام" الأميركي فقد أي بقايا قليلة من المصداقية كانت لديه بالنسبة للجانب الفلسطيني. وفي الأثناء، تشعر حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالارتياح بعد أن ذهبت كل المخاوف الجدّية التي عكرت مزاج الأشهر القليلة الماضية. ويهمس الوزراء من حزبي الليكود والبيت اليهودي برضا متعالٍ: لا شيء سيحدث، لأنه ليس هناك شيء يحدث. نستطيع جميعاً أن نهدأ.
القصة التي توضح هذا الوضع أفضل ما يكون هي ما حدث في الأسابيع الأخيرة الماضية، عندما هددت أزمة جبل الهيكل بإشعال كامل منطقة الشرق الأوسط والتسبب بحريق عالمي هائل ينشأ من المسجد الأقصى. وخلال كامل الأزمة، كانت الإدارة الأميركية عملياً غائبة تماماً. ومع أنها حاولت أن تنسب لنفسها بعض التدخل العميق في جهد للتوصل إلى حل، فإن الحقيقة هي أن الأميركيين لم يكونوا عاملاً مهماً في سير الأمور خلال الأيام الأقسى من الأزمة، عندما بدا أن منطقة الشرق الأوسط بأكملها سوف تنحدر في دوامة إلى جولة جديدة من العنف.
لم ينخرط الرئيس ترامب نفسه في الأحداث بينما تتكشف. وفقد مبعوثه الخاص، جيسون غرينبلات، موقفه كـ"وسيط نزيه" مباشرة في الأيام الأولى من الأزمة. وقال مصدر فلسطيني رفيع للمونيتور -شريطة عدم ذكر اسمه- إن "غرينبلات اختار الانحياز إلى طرف، ومثَّل نتنياهو خلال الأزمة". ووفقاً لمصدر فلسطيني رفيع آخر، فقد تبنى الأميركيون مواقف الحكومة الإسرائيلية في كل مرحلة. وأضاف المصدر: "عندما تم تثبيت أجهزة الكشف عن المعادن، دعموا ذلك. ثم أيّدوا نصب الكاميرات الذكية، ثم، عندما كان هناك حديث عن التفتيش اليدوي، دعموا هذا أيضاً".
عزز سلوك الأميركيين خلال كامل الأزمة فقط الشعور السائد في رام الله على مدى الأسابيع القليلة الماضية، من أن غرينبلات وجاريد كوشنر ليسا ذوي صلة بالمسألة. وقال مصدر فلسطيني آخر للمونيتور أيضاً: "إنه ليس شيئاً يحسن قوله. لكنهما ليسا على دراية مطلقاً بالجانب الآخر. إنهما لا يفهمان المنطقة ولا يفهمان الموضوع. إنك لا تستطيع أن تعرف عما يحدث هنا بمجرد حضور حلقة بحث أو ندوة تنتهي في غضون بضعة أسابيع فحسب".
عند هذه النقطة، وصلت الأمور ذروتها. وقرر عباس إرسال غرينبلات لإجراء حديث حميم مع مستشاره المقرب، صائب عريقات، ورئيس جهاز المخابرات الفلسطيني، ماجد فرج، الذي يُعتبر أقوى شخص في الضفة الغربية. ووصف دبلوماسي فلسطيني رفيع تحدث شريطة عدم ذكر اسمه ذلك الحديث بأنه كان "توبيخاً". وقال: "تلقى غرينبلات تفسيراً صارماً عن الوضع الذي تقف عنده الأمور. وقيل له أن يعود إلى نتنياهو ويطلب منه إزالة كل شيء تم تركيبه في جبل الهيكل. وقال له عريقات وفرج: ‘ليس هناك حل آخر، ولكن يكون هناك حل آخر أيضاً’".
وقال مصدر فلسطيني رفيع إن غرينبلات كشف عن جهلٍ مُطبِق خلال الحدث كله، وفشل حتى في فهم الحساسيات المختلفة التي تتعلق بجبل الهيكل. وبمجرد أن أوضح الفلسطينيون موقفهم، أصبح يتأمل الوضع على ما يبدو. وفي بعض الأحيان، عبر عن المفاجأة والدهشة -حتى أنه اعترف لهم عند إحدى النقاط بأنه لم يكن على دراية ببعض المعلومات التي كانت تُنقل إليه.
بالإضافة إلى ذلك، تقدم المحادثات التي أجراها مع الجانب الإسرائيلي رواية مشابهة، ولو أنها جاءت من منظور ونظرة عالمية مختلفة تمام الاختلاف. فقد اعترف سياسي إسرائيل مهم ورفيع المستوى للمونتيور، شريطة عدم الكشف عن هويته، بأنه "في الوقت الحالي، يبدو أن مبادرة ترامب للسلام استقرت تماماً في القاع. الفلسطينيون فقدوا الثقة بفرق مفاوضات السلام. ويقترب غرينبلات حثيثاً من وضع الشخص غير المرغوب فيه، تماماً مثلما هو حال السفير الأميركي إلى إسرائيل ديفيد فريدمان وسفير الأمم المتحدة، نيكي هالي. كما أن الرئيس غير منخرط، ويبدو أنه نأى بنفسه إلى حد كبير عن شؤون الشرق الأوسط، خاصة بالنظر إلى المشكلات الجدّية التي لديه داخل البيت الأبيض".
وتقول المصادر الإسرائيلية المشاركة في القضية إن غرينبلات يواصل ممارسة ضغط كبير على إسرائيل حتى تقدم إيماءات وتتخذ خطوات لتحسين الحياة اليومية للفلسطينيين. ثم يقولون إن أي شيء لن يأتي من هذا.
في إحدى المرات، كان الشعور السائد في رام الله والقدس أن الرئيس ترامب بنفسه ملتزم بالتوصل إلى اتفاق تاريخي. وكان يُعتقد بأنه راغب في الخروج من الصندوق وعمل أشياء لم يفعلها أحد من قبل في المنطقة. لكن ذلك الشعور ذوى منذ ذلك الحين وذهب إلى النسيان. ويقول مسؤول إسرائيلي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته: "في الوقت الحالي، فقد ترامب أي رصيد تمكَّن من جمعه في الشرق الأوسط". وأضاف مسؤول فلسطيني كبير طلب عدم ذكر اسمه أيضاً: "حتى الشعور التلقائي بالرهبة الذي كان لدى الناس ذات مرة منه، لم يعد كما كان. كلما مر المزيد من الوقت، اتضح أكثر أنه نمر من ورق، مركِّز على الشؤون الداخلية وغير قادر على حشد القوة الداخلية الضرورية لمصالحة الإسرائيليين والفلسطينيين".
وكما قال مسؤول إسرائيلي رفيع، فإن "الأميركيين ليسوا موجودين حقاً هنا. إنهم يدعوننا نفعل ما نشاء. إنهم لا يحددون لهجة الخطاب، ولا هم يفرضون الأجندة".
ظاهرياً، ينبغي أن تكون شبه الحرية هذه في العمل حلم اليمين الإسرائيلي. ولكن، يشرع الناس حتى في أوساطهم في التعبير عن قلقهم إزاء الأمور التي تتكشف. وكما قال مصدر من اليمين الإسرائيلي للمونيتور: "كان ذلك واضحاً تماماً خلال أزمة جبل الهيكل. لم يكن هناك أحد راشِدٌ ومسؤول في الخليط. لم يكن هناك ’مفوض شرطة‘ على الأرض. حدّق الأميركيون فاغري الأفواه بذهول في ما كان يحدث هناك. وبين الحين والآخر كانوا يلتقطون سماعة الهاتف، وإنما لم يكن لهم أي تأثير حقيقي على مسار الأحداث التي وقعت، وهم عرفوا ذلك. الوضع خطير، بل وربما غير مسبوق أيضاً".
ثمة حقيقتان مقلقتان أخريان يجب إضافتهما إلى هذا المزيج. الأولى هي الأخبار التي تشق طريقها عبر إسرائيل عن تدهور صحة الرئيس محمود عباس. والثانية أن نتنياهو جلب معه خلال محادثاته مع الفريق الأميركي الذي يعمل على عملية السلام خطة قديمة كان قد اقترحها منذ وقت طويل وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان لتبادل الأراضي والسكان. ووفق الخطة، تقوم إسرائيل بتسليم الأراضي التي يقطنها عرب إسرائيليون -بشكل رئيسي في منطقة شمال وادي عارة- في مقابل ضم الكتل الاستيطانية. وقد اعتُبِرت فكرة ليبرمان بمثابة بداية فاشلة بوضوح، حتى لو كان هناك نوع من المنطق السليم خلفها. ويعرف كل من يطرحها أن الفلسطيني سوف يرفضونها مباشرة من جهة، بينما سيغضب عرب إسرائيل مباشرة لدى سماعها أيضاً. ويُظن الآن أن السبب الرئيسي وراء جلب نتنياهو تلك الفكرة في المقام الأول كان تكثيف الشعور بالحرج الذي يشعر به الأميركيون، وإثارة الحد الأقصى من المعارضة لدى الطرف الآخر.
حتى الآن، تُرك الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لمصيره الخاص. فعباس في نهاية حكمه؛ والأميركيون يركزون على المناطق الساخنة الأخرى في أنحاء الكوكب، وليست هناك أي قيود ولا ضوابط يُعتد بها على حكومة إسرائيل اليمينية. وإذا ما أُخِذت هذه العوامل معاً، فإنها وصفة لمشكلات خطيرة كامنة على الطريق.
*كاتب عمود في المونيتور. وكاتب عمود رفيع ومحلل سياسي لعدد من الصحف الإسرائيلية، ولديه برنامج إذاعي يومي ويظهر في برامج تلفزيونية متكررة ليتحدث حول سياسات إسرائيل.
*نشر هذا التحليل تحت عنوان: Trump’s plan for Mideast peace fades
Trump’s plan for Mideast peace fades
By now it is obvious that the "
ultimate deal" between Israelis and Palestinians, which President Donald Trump promised in his first days in office, was little more than an optical illusion. A series of conversations with Israeli, Palestinian and diplomatic sources depicts a very different picture. The diplomatic process is bogged down. President Trump is not involved in any way, nor does he have any interest in getting involved. Palestinian President Mahmoud Abbas is severely disappointed with the United States, and the US "peace team" has lost what limited credibility it had on the Palestinian side. Meanwhile, Prime Minister Benjamin Netanyahu's right-wing government is rubbing its hands eagerly beneath the table and dismissing all the serious concerns that sullied the mood of the past few months.
Nothing will happen, because there is nothing there, ministers from the Likud and HaBayit HaYehudi whisper with smug satisfaction. We can all calm down.
The story that best illustrates this situation occurred last week when the Temple Mount crisis threatened to ignite the entire Middle East in a global conflagration originating in the Al-Aqsa Mosque. Throughout that entire crisis, the US administration was effectively AWOL. Although they attempted to take credit for some deep involvement in efforts to reach a solution, the truth is that the Americans were not a significant factor during the harshest days of the crisis, when it looked like the entire Middle East would spiral downward into a new round of violence.
President Trump himself was not involved in events as they unfolded. His special envoy, Jason Greenblatt, lost his standing as an "impartial mediator" in the very first days of the crisis. One senior Palestinian source told Al-Monitor on condition of anonymity that "Greenblatt picked a side and represented Netanyahu throughout the crisis." According to a senior Palestinian source who spoke on condition of anonymity, the Americans adopted the
Israeli government's positions at every stage. "When the metal detectors were installed, they supported that. Then they supported the installation of smart cameras, and then, when there was talk of manual checks, they supported that too."
The Americans' behavior throughout the crisis only furthered the feeling prevalent in Ramallah over the past few weeks that Greenblatt and Jared Kushner are irrelevant. "It's not a nice thing to say," another Palestinian source told Al-Monitor on condition of anonymity, "but they are both ardent supporters of the settlements. They are completely unfamiliar with the other side, they don't understand the region and they don't understand the material. You can’t learn about what is happening here in a seminar lasting just a few weeks."
At one point, matters reached a head. In response, Abbas decided to send Greenblatt for an intimate conversation with his close adviser,
Saeb Erekat, and the head of Palestinian intelligence service, Majid Faraj, considered to be the most powerful person in the West Bank. A senior Palestinian diplomatic source speaking on condition of anonymity described the talk as a "reprimand." He said, "Greenblatt received a very firm explanation about the way things stand. He was told to go back to Netanyahu and tell him to remove everything that was installed on Temple Mount. 'There is no other solution, nor will there be one,'" Erekat and Faraj told him.
A top Palestinian source claimed that Greenblatt displayed utter ignorance throughout the entire incident, failing even to understand the various sensitivities pertaining to the Temple Mount. Once the Palestinians explained their positions, he began to look pensive. At times he expressed surprise and amazement. At some point he even admitted to them that he wasn't aware of some of the information that was relayed to him.
Conversations with the Israeli side offer a similar account, though this came from a completely different perspective and worldview. A senior Israeli political figure admitted to Al-Monitor on condition of anonymity that, "As of now, Trump's peace initiative looks like it is completely bogged down." He added, "The
Palestinians have lost trust in the peace negotiations teams. Greenblatt is rapidly approaching the status of persona non grata, just like Ambassador to Israel David Friedman and UN Ambassador Nikki Haley. The president is not involved, and it looks like he has distanced himself considerably from Middle East affairs, particularly given the serious problems he has inside the White House."
Israeli sources involved in the issue say that Greenblatt continues to apply heavy pressure on Israel to make gestures and
take steps to improve the daily lives of Palestinians. Then they say that nothing will come of this.
At one time, the predominant feeling in Ramallah and Jerusalem was that President Trump himself was committed to reaching a historic agreement. He was thought to be willing to step outside the box and do things never before done in the region. That feeling has since faded into oblivion. "As of now, Trump has lost any credit that he had managed to amass in the Middle East," said one senior Israeli source on the condition of anonymity. A top Palestinian source also speaking on condition of anonymity added, "Even the automatic sense of awe that people once had of him is not what it used to be. The more time passes, the more it becomes clear that he is a paper tiger focused on internal affairs and incapable of mustering up the inner strength necessary to reconcile Israelis and Palestinians."
A senior Israeli minister speaking on condition of anonymity added, "The Americans aren't really a presence here. They let us do whatever we want. They don't set the tone, and they don't dictate the agenda."
Ostensibly, this near freedom of action should be the dream of the Israeli right. But even among them, people are beginning to express their concern about how things are unfolding. "This was as clear as can be during the
Temple Mount crisis. There was no responsible adult in the mix. There was no sheriff on the ground. The Americans gaped in amazement at what was happening there. Every so often they'd pick up the phone, but they had no real influence on the course of events that happened, and they saw that. The situation is dangerous, perhaps even unprecedented," a source on the right told Al-Monitor on condition of anonymity.
Two other disconcerting facts should be added to this mix. The first is news making its way across Israel about the
declining health of Abbas. The second is the fact that during his talks with the American team working on the peace process,
Netanyahu brought up an old plan suggested long ago by Defense Minister Avigdor Liberman for a territorial and population swap. In it, Israel would hand over land populated by Israeli Arabs — mainly in the Wadi Ara northern region — in exchange for the annexation of the settlement blocs. Liberman's idea is considered a clear "nonstarter," even if there is a certain healthy logic behind it. Anyone who brings it up knows that the Palestinians will immediately reject it out of hand, while Israeli Arabs will be
outraged by it. It is now thought that the main reason Netanyahu brought up the idea in the first place was to intensify the sense of embarrassment felt by the Americans and to provoke maximum opposition from the other side.
As of now, the Palestinian-Israeli conflict has been left to its own fate. Abbas is at the end of his rule, the Americans are focused on other hotspots around the globe and Israel's right-wing government has
no meaningful checks and balances in place. Taken together, this is a recipe for serious problems down the road.