القضية الوطنية في زمن الإضطراب الإقليمي
فهد سليمان
أين موقع قضيتنا في زمن الإضطراب العربي والإقليمي؟
- يمر الوضع العربي والإقليمي في مرحلة من الإضطراب السياسي والأمني والإقتصادي والإجتماعي الشامل، بكل ما تحمله هذه المرحلة من تداعيات مختلفة سيكون لها تأثيراتها على مجمل الخارطة الجيوسياسية في المنطقة، وعلى ملفات الصراع المختلفة فيها، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب تسليط الضوء على موقع هذه القضية في الحالة الإقليمية السائدة، لإعادة رسم الصورة، وتنقيتها من شوائب الغموض، وإستعادة زمام الأمور، لصالح سياسات وطنية، تصون مصالح الشعب الفلسطيني، وحقوقه الوطنية والقومية المشروعة، وتتعامل مع الوقائع اليومية، العربية والإقليمية، بإرادة سياسية متماسكة، وبرؤية إستراتيجية واضحة.
1- إستهداف الدولة الوطنية ومن خلالها الجغرافيا السياسية للمنطقة
- أولى علامات هذا الإضطراب أن الدولة الوطنية العربية باتت مستهدفة في كيانيتها، وأن الجغرافيا السياسية للمنطقة باتت مهددة، بل ومرشحة لتغييرات، ترسم حدودها ومضامينها في أكثر من عاصمة خارجية، الأمر الذي يعيدنا بالذاكرة إلى نهايات الحرب العالمية الأولى، في زمن إنهيار الإمبراطورية العثمانية، وتكالب العواصم الأوروبية الإستعمارية على تقسيم التركة، وتحويلها إلى مناطق نفوذ خاصة بكل منها، تحت مسمى أريد له أن يكون حضارياً هو "الإنتداب" بالإنطباع الذي يشيعه كمقدمة لـ "حق تقرير المصير" لشعوب المنطقة. وقد رسمت خرائط هذا التقسيم تفاهمات بريطانية ــــــ فرنسية (1916)، باتت تعرف باتفاقية "سايكس ــــ بيكو"، التي شملت لاحقاً "وعد بلفور" عند المصادقة عليها في مؤتمر سان ريمو (1920).
منطقتنا تعيش أجواء مشابهة لتلك التي سادت عشية إنتهاء الحرب العالمية الأولى، تتمثل في تلك الهجمة التي تتعرض لها الدولة الوطنية العربية، في مشاريع تفكيك الكيانات الوطنية، كما هو الحال في سوريا والعراق وليبيا واليمن باستهداف جيشها الوطني، ومؤسساتها، لا بل بنيانها الإجتماعي، وإغراقها في حروب محلية، تستنزف طاقاتها البشرية والإقتصادية، وتفتح على إحتمالات عدة، قد تقود إلى إعادة تقسيم بعض هذه الدول، أو إلى إعادة صياغة الأسس الإجتماعية التي تقوم عليها، باعتماد مفاهيم ومعايير مذهبية أو جهوية أو إثنية، على حساب معايير المواطنة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد، ما يعمق أزماتها السياسية ويؤسس لحروب مديدة، داخلية، أهلية، تبقي الوضع العربي بصورة عامة في حالة إنشغال عن همومه القومية، وفي حالة من القصور السياسي، وبما يقود – تالياً - إلى إنهيار في النظام العربي الرسمي، لصالح تشكيلات أخرى أقل حصانة ومَنَعة، تبقي أبوابها مشرعة لكل أشكال التدخل الخارجي، على حساب إستقلال الدول وتقدمها والسيادة الوطنية لشعوبها.
- ومما لا شك فيه، أنه ما كان ممكناً الوصول إلى هذا الواقع بمشهده المعقد، لولا ضعف بنيان الدولة الوطنية العربية، وفشل النخب السياسية الحاكمة في إمتلاك مشروع بناء دولة المواطنة، والمساواة في المواطنة، دولة الدستور والقانون، دولة الحرية والعدالة الإجتماعية، والذهاب بدلاً من ذلك بعيداً في الفساد السياسي والمالي والإداري، وتغليب المذهبية والطائفية والجهوية على مباديء المواطنة والعقد الإجتماعي والتعددية السياسية، وإعتماد سياسات إقتصادية لا تؤسس لإقتصاد وطني يأخذ في الإعتبار مصالح أوسع القطاعات الإجتماعية، بل تقود إلى حرمان الأخيرة من حقوقها السياسية والإجتماعية، وتغييب الديمقراطية بقوانين إنتخابية ذات طبيعة إقصائية تخل بقواعد التمثيل المنصف.
غير أن الدعوة للإصلاح الديمقراطي والإجتماعي شيء، وتدمير الدولة الوطنية شيء آخر، فالأول هو دعوة لتطوير بنيان الدولة وتحصين المجتمع، أما الثاني فهو تدمير للكيان وتفتيت للمجتمع، وتمزيق للمنطقة؛ لذلك ومن موقع التمييز بين هذا وذاك (بين الإصلاح ومشاريع التدمير) ننحاز إلى الإصلاح الديمقراطي والإجتماعي، وندعو لصون الدولة الوطنية، أي صون وحدتها ووحدة جيوشها ومؤسساتها وشعوبها وسيادتها على أرضها وحدودها، ووقف الحروب فيها وعليها، لصالح عملية سياسية إجتماعية، تقوم على أسس ديمقراطية متكاملة، تضمن مستقبل شعوب المنطقة وإزدهارها وحفظها لثرواتها، ضد سياسات النهب الخارجي والداخلي، وتصون إستقلالها وسيادتها ضد سياسات القمع الداخلية والتدخلات الخارجية.
2- تحالف التوحش
- ما يعمق خطورة ما تعيشه منطقتنا العربية من حالة إضطراب سياسي وإجتماعي وأمني، ما أسفرت عنه الإنتخابات الأميركية الأخيرة عن ولادة إدارة ذات نزوع عدواني وجدت في حكومة أقصى اليمين الإسرائيلي برئاسة نتنياهو حليفاً جاهزاً للإنخراط معها في ما يمكن أن نسميه بـ "تحالف التوحش". فالسياسة الأميركية الجديدة(
[1])، بعد أن أزاحت عنها ستار الغموض، بدا واضحاً أنها تتسم بسمات ثلاث:
الأولى أنها سياسة تدخلية، بشكل سافر في شؤون المنطقة، التي تعتبرها منطقة نفوذ لها، وتحاول أن تقدم إستراتيجية بديلة لاستراتيجية الرئيس السابق أوباما؛ ويتمثل ذلك بزيادة قواتها، إن في سوريا، في إطار التدخل الفظ في الشأن السوري الداخلي، أو في العراق، تحت ذريعة محاربة "تنظيم الدولة الإسلامية"، أو في اليمن بدعوى مطاردة عناصر القاعدة. إننا نرى في مثل هذه السياسة ما يؤسس لأشكال أخرى من التدخل، كفرض شروطها على بعض العواصم العربية، ما يعيدنا بالذاكرة إلى السياسات التدخلية لإدارة بوش الإبن والتي جرّت على منطقتنا ويلات وكوارث مازلنا نعاني تداعياتها.
وفي السياق نفسه تندرج جهود واشنطن لتحجيم دور روسيا الإتحادية المتعاظم (من خلال البوابة السورية) في الإقليم، والسعي لتقليص رقعة التقاطع الإستراتيجي الروسي – الإيراني، وبالتوازي مع هذا محاولة وضع حد للنفوذ الإيراني في المنطقة من خلال تشجيع بعض البلدان العربية – التي على الأرجح لا تحتاج إلى تحفيز – على فتح بوابة التطبيع والتعاون الأمني والإقتصادي مع إسرائيل.
السمة الثانية أنها سياسة عدوانية، بدأت منذ اللحظات الأولى لدخول ترامب البيت الأبيض بدق طبول الحرب ضد كوريا الشمالية وضد الجمهورية الإسلامية في إيران، عبر فرض المزيد من العقوبات الإقتصادية على الأخيرة، والتحريض ضد الإتفاقية النووية، في تناغم مكشوف مع السياسة العدوانية لحكومة نتنياهو، والتهديد بإلغاء الإتفاقية، في عودة إلى السياسات التوتيرية الأميركية ـــــ الإسرائيلية، والتي من شأنها أن تدخل المنطقة في دهاليز خطيرة، وأن تضعها على حافة حرب لا يستفيد منها سوى إسرائيل والمجمع الصناعي ـــــ الحربي الأميركي. وفي هذا الإطار نلاحظ الدعوة المبكرة للرئيس الأميركي لاقتطاع مناطق كاملة من التراب السوري بمسمى "المناطق الآمنة" وبالحماية العسكرية الأميركية وغيرها من الدول، ما شجع تركيا على المطالبة بإحياء نفس المخطط باعتبارها الأصل في الدعوة إليه، الذي سرعان ما تلقفته إسرائيل من أجل المطالبة بما يماثلها، إنما بصيغة أقرب إلى صيغة محمية "الشريط الحدودي" التي شهدها لبنان على إمتداد أكثر من عقدين قبل التحرير.
أما السمة الثالثة، فهي أنها سياسة أكثر تحيّزاً لإسرائيل من أيٍ من الإدارتين السابقتين (بوش الإبن وأوباما). لقد تبدّى ذلك في عديد المحطات ، كالإعلان عن مشروع نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، بكل ما تعنيه هذه الخطوة من إعتراف بشرعية إحتلال إسرائيل للمدينة وشرعية ضمها عاصمة لها، وبكل ما يمكن أن تحدثه هذه الخطوات من تداعيات على المستوى الدولي، كممارسة الضغوط على بعض العواصم لتتخذ خطوة مماثلة. كما يتمثل الإنحياز الأميركي الفاقع لإسرائيل في تأييد واشنطن للإستيطان الصهيوني في القدس وأنحاء الضفة الفلسطينية، وإدانتها لقرار مجلس الأمن الرقم2334، والدعوة في السياق إلى "صفقة سلام" إقليمية، تقوم على تطبيع العلاقات العربية ـــ الإسرائيلية وإنهاء حالة الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، وتهميش الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ولعل الشروط /المطالب التسعة التي قدمها المبعوث الخاص لترامب جيسون غرينبلات إلى السلطة الفلسطينية أثناء جولته في المنطقة (14/3)(
[2])، لاستئناف المفاوضات في إطار مؤتمر إقليمي، تشكل مثالاً ساطعاً لطبيعة السياسة الأميركية المنحازة للجانب الاسرائيلي.
- أما السياسة الإسرائيلية، في إطار"تحالف التوحش" مع الإدارة الأميركية الجديدة، فقد شهدت نقلات جديدة نحو المزيد من التطرف، وتعريض الحقوق الوطنية والقومية الفلسطينية للمزيد من مخاطر التهميش والتبديد؛
فهي سياسة لم تعد تكتفي بالتوسع الإستيطاني، بل تسعى إلى الضم التدريجي للمستوطنات وغيرها من المناطق المستهدفة. أما الجدل حول هذا الموضوع بين مختلف الأحزاب والكتل في الكنيست، فإنه لا يطول المبدأ، بل مدى الضم وتوقيته. وقد جاء قانون "تبييض المستوطنات" الذي أقره الكنيست، ليوفر لحكومة نتنياهو الذرائع "القانونية" تمهيداً لضم المستوطنات بشكل رسمي، عبر ما يسمى بـ "تطبيق القانون الإسرائيلي" عليها.
[في إطار ما سبق يندرج الضغط من أجل التسليم الفلسطيني بأن"الحدود الآمنة" شرقاً لدولة إسرائيل، تمتد على حدود المملكة الأردنية الهاشمية، ما يعني ضم أراضي واسعة لإسرائيل في المنطقة المسماة ج (62% من مساحة الضفة المحتلة). كذلك تبني حكومة نتنياهو مشروعاً إستراتيجياً لشق المزيد من الطرق الإلتفافية وبناء الجسور، وحفر الأنفاق، ومد خطوط السكة الحديدية في أنحاء الضفة، للربط المحكم بين "القدس الموحدة" والكتل الإستيطانية، و"الداخل الإسرائيلي"، ما يؤدي إلى المزيد من تفتيت مناطق السلطة، وتحويلها إلى معازل سكانية، على هامش الإقتصاد الإسرائيلي، وخاضعة لهيمنتها الأمنية، الأمر الذي يعني قطع الطريق على أي حل وطني فلسطيني، وإغلاق أفق التطور والتنمية الإقتصادية والإنسانية والسياسية أمام الفلسطينيين، وتعرضهم لمزيد من الإقصاء والتهميش في دورة الإنتاج المادي والتبادل الإجتماعي، أي – باختصار – تقويض مرتكزات حياتهم الطبيعية].
كما هي سياسة إنتقلت إلى المزيد من التصعيد لتعطيل العملية السياسية، حتى في إطار إتفاقيات أوسلو بسقفها الهابط أصلاً، وفرض وقائع جديدة بمطالب سياسية تعجيزية. من بين خطوات التصعيد هذه إشتراط نتنياهو على السلطة الفلسطينية لإستئناف المفاوضات، إعترافها بإسرائيل "دولة قومية للشعب اليهودي"، بكل ما يعنيه هذا من تداعيات سياسية لاحقة، ليس أقلها ما يهدد الحقوق السياسية والمدنية لشعبنا في مناطق الـ 48 الذين يناضلون من أجل الإعتراف بهم كأقلية قومية على قاعدة المساواة القومية ومن أجل الحقوق المدنية في إطار المساواة الحقيقية في المواطنة؛ وما يهدد أيضاً حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى الديار والممتلكات الذي يكفله القرار 194.
[إن الحكومة الإسرائيلية تبرر مطالبتها م.ت.ف بصيغة إعتراف بها لم تطلبها من الدولتين (مصر والأردن) اللتين عقدت معهما معاهدة سلام (1979 و 1994)، لاعتبار أن الصراع معهما كان صراعاً بين دول كان بالإمكان تسويته من خلال تبادل الأراضي والإعتراف بالحدود الدولية(!)(
[3]). وبالمقابل فإن الصراع مع الفلسطينيين هو صراع على الهوية القومية (والمقصود هنا أن هويتهم القومية مستهدفة من الحركة الفلسطينية)، حيث ليس كافياً أن تعترف م.ت.ف بحق إسرائيل في الوجود (كما حصل في 9/9/1993 تمهيداً للتوقيع على إتفاق إعلان المبادئ – أوسلو – في 13/9/1993)، بل بحقها في الوجود كدولة قومية للشعب اليهودي على كامل التراب الوطني الفلسطيني، أي دولة يهودية لمواطنيها اليهود المقيمين فضلاً عن اليهود غير الإسرائيلين في أرجاء العالم. باختصار ما بات مطلوباً من الفلسطينيين هو شطب الذات والتخلي عن الأرض وتزوير التاريخ، أي "العلاقة التي لا إنفصام فيها بين الشعب (الفلسطيني) والأرض والتاريخ" كما ينص على ذلك إعلان الإستقلال].
وهي سياسة باتت تدور حالياً حول الدعوة لمفاوضات في إطار إقليمي عربي، بديلاً للمفاوضات الفلسطينية ــــــ الإسرائيلية العبثية والهابطة أصلاً، والتي لم تعد بصفتها الثنائية ذات صلة وموضع إهتمام إسرائيلي، ما يقود إلى تطبيع العلاقات العربية ــــ الإسرائيلية، وتهميش المشروع والحقوق الوطنية والقومية الفلسطينية، وإعادة صياغة النظام الاقليمي العربي، لصالح نظام شرق أوسطي بديل، تكون إسرائيل تحت مظلة واشنطن، هي محوره الأمني والاقتصادي■
(2)
السياسة الرسمية الفلسطينية
- مقابل هذا المشهد الأميركي ــــ الإسرائيلي بتداعياته الواسعة على المشروع الوطني الفلسطيني، لا بد من وقفة صريحة إزاء السياسة التي تتبعها القيادة الرسمية الفلسطينية ليس وحسب في إمتداد ما سبق، إنما بالتخصيص منذ أن توقفت العملية التفاوضية في نيسان (أبريل) 2014 وحتى الآن. ويمكن لنا أن نصف هذه السياسة بأنها تتسم هي الأخرى بثلاث سمات رئيسية:
السمة الأولى أنها سياسة إنتظارية، تترقب على الدوام المبادرات الأميركية لاستئناف العملية السياسية، وتحجم بالمقابل عن رسم سياسات خاصة بها، خارج إطار المبادرات والتوصيفات الأميركية للعملية السياسية. وحتى مع توقف العملية السياسية تبقى القيادة الرسمية الفلسطينية في حالة ترقب وإنتظار لاستئناف جولة جديدة من المفاوضات، في الوقت الذي تتسارع فيه خطوات الجانب الإسرائيلي، لفرض الأمر الواقع ميدانياً، عبر عمليات التوسع والضم الإستيطاني، وإطلاق المبادرات والمشاريع السياسية التي تخدم أهدافه.
وهي في الوقت نفسه، سياسة أحادية، تعتمد المفاوضات الثنائية مع الجانب الإسرائيلي بالرعاية الأميركية، خياراً سياسياً وحيداً لها، وحتى المكاسب الدبلوماسية التي تحققت وطنياً، كقبول فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة، أو كصدور قرار مجلس الأمن 2334 المناهض للإستيطان، أو ما كان قد صدر عن مجلس حقوق الإنسان من تقارير، وعن محكمة لاهاي الدولية بشأن "الجدار"؛ حتى هذا كله، بقي خارج التثمير السياسي في المواجهة الدبلوماسية مع الجانب الإسرائيلي، بما في ذلك تعطيل قرارات المجلس المركزي في دورته الأخيرة [وقف التنسيق الأمني، الشروع بخطوات عملية لمقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي، إستئناف المقاومة الشعبية وتطويرها، تدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية]، والإحجام عن إحالة الشكاوى إلى محكمة الجنايات الدولية بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية. إن مثل هذه السياسة تحرص دوماً على عدم خرق سقف السياسة الأميركية بشأن التسوية، والإلتزام بالحدود التي تعتقد أنها ضرورية لتبقى في إطار المعادلة الأميركية أو رؤية واشنطن للتسوية في المنطقة.
سمة ثالثة تعمقت مؤخراً في سياسات السلطة التي باتت أكثر توجساً من الحركة الشعبية (وهذا ما ينطبق أيضاً على السلطة في غزة)، ومن تحركات الشارع حتى في المطالب الإجتماعية الحياتية، كما هي متوجسة من الإلتزام بتبعات صون الوحدة الوطنية وصون الإئتلاف الوطني. وعلى خلفية هذه السياسة بدأت تنزاح أكثر فأكثر نحو العداء للحراكات الشعبية، كما هو حالها مع تحركات المعلمين، والموظفين العموميين وغيرهم، ولعل القمع الوحشي الذي جوبهت به تحركات المحامين مؤخراً، والتظاهرة الشعبية إحتجاجاً على محاكمة الشهيد باسل الأعرج(!) ورفاقه، شكل بداية لظاهرة شديدة الخطورة تبين إلى أي حد باتت السلطة، تلجأ إلى القمع الأمني للجم تحركات الشارع الفلسطيني، إن في إحياء المناسبات الوطنية [ كما وقع مع تظاهرة للجبهة الديمقراطية في عيد تأسيسها الـ 47] أو في الإحتجاج على السياسات العدوانية للإحتلال الإسرائيلي. ولا شك في أن هذا الإنزياح يعكس في طياته إحساساً من أركان السلطة بمدى الهوة الواسعة التي تفصل بين سياستها العقيمة في الشأن الوطني العام، وبين مشاعر الناس وتطلعاتهم الوطنية الأصلية.
فضلاً عن ذلك، فإن السلطة في الوقت نفسه متوجسة من تبعات المشاركة السياسية في إطار المؤسسات والعلاقات الوطنية، منها على سبيل المثال إصرارها على إضعاف مؤسسات المنظمة وفي مقدمها دور اللجنة التنفيذية، وشلّ بعضها الآخر، كالمجلس المركزي وتعطيل إجتماعاته، وعندما يلتئم تعطيل قراراته المعبرة عن الإجماع الوطني، وتفردها بالقرارات والسياسات، بما في ذلك اللجوء إلى القرارات التعسفية والكيدية والموترة للعلاقات الوطنية، كما فعلت حين جمدت، بقرار تعسفي، حقوق الجبهتين الديمقراطية والشعبية في الصندوق القومي الفلسطيني، متوهمة أنها بذلك تضعف من قدراتهما على التمسك بسياساتهما الوطنية، والمعارضة للسياسات الرسمية.
- يمكن لنا، كخلاصة لوصف حالة السياسة الرسمية الفلسطينية إزاء التطورات الإقليمية والإسرائيلية والداخلية والعلاقات الوطنية، أنها تعاني من قصور في التفكير، ومن عجز في التدبير، ومن ضعف في الإرادة السياسية، ما يبقيها أسيرة قيود إتفاق أوسلو وبرنامجه، وقيود مصالحها الفئوية، مصالح الفئات العليا من البيروقراطية الفلسطينية المندمجة بالكومبرادور، التي تدير شؤون السلطة، وتمتلك زمام القرار السياسي على رأس المؤسسة. "إن هذه الحالة توفر شروط تطويع الموقف الفلسطيني الرسمي للعودة إلى طاولة المفاوضات بسقف سياسي منخفض وخاصة إذا ما واصل مركز القرار الرسمي في إدارة الظهر للتفاهمات الوطنية ودخل من جديد في متاهة مفاوضات الإطار الإقليمي، مفاوضات تنعقد مع إستمرار الإستيطان وبدون مرجعية سياسية وقانونية، مفاوضات مفتوحة على زمن قد يطول، تتخللها تسويات إنتقالية"(
[4]).
- إزاء هذا الواقع، لا بد من الإعتراف أننا في زمن الزرع، ولسنا في زمن الحصاد. إن أي تفكير معاكس لهذه المعادلة أو من خارجها، إنما يعكس حالة من الوهم السياسي ليس إلّا، فربع قرن من السياسة الفاشلة، أدت فيما أدت إليه إلى تبديد عديد المكاسب التي حققتها المسيرة الوطنية الفلسطينية تحت أقدام إتفاق أوسلو، وقاد الحالة الفلسطينية إلى مستويات شديدة الهبوط، وأفقد القضية الفلسطينية كثيراً من هيبتها وإهتمامها بعيون الحالة الشعبية العربية، وكبّل المؤسسة بسلسلة من القيود والإلتزامات. وبالتالي، فإن أي تفكير بالعودة إلى المفاوضات بالشروط الأميركية - الإسرائيلية، في ظل موازين القوى الحالية، وفي ظل سياسة التوحش التي تعتمدها الإدارتان الأميركية والإسرائيلية، على خلفية حالة الإضطراب التي تعيشها المنطقة، والإنشغال العربي عن القضية الفلسطينية، وإنحرافه نحو معادلات خاطئة تضع دولة إيران في مكان إسرائيل، كخطر مباشر على المصالح العربية.. في ظل هذا كله، معطوفاً على تفتتت الحالة الفلسطينية، يجعل من الذهاب إلى المفاوضات بالشروط إياها، مغامرة فاشلة على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية وتعريضها لمخاطر هي بغنى عنها. وبالتالي علينا أن نعيد التأكيد أننا في زمن الزرع، زمن النضال التراكمي في الميدان مترافقاً مع إعادة الإعتبار للبرنامج الوطني، باعتباره هو الحل في مواجهة سياسات البدائل الفاشلة، التي طرحت في إطار ربع قرن من العبث السياسي، والتي كان هدفها الرئيس التشويش وقطع الطريق على البرنامج الوطني الفلسطيني، برنامج الإجماع الوطني، برنامج العودة وتقرير المصير والإستقلال الناجز■
(3)
في قضايا الإنقسام وإستعادة الوحدة الداخلية
- منذ حوالي عشر سنوات والحالة الفلسطينية تعاني وضعاً إنقسامياً، طرفاه حركتا حماس وفتح في صراع مفتوح على السلطة ومغانمها، وإن كان كلا الطرفين يحاولان في بعض المرات تغليف هذا الصراع بمسحة سياسية تبرر مواقف كل منهما من الإتفاقات العديدة التي تم التوصل إليها، إن في حوارات شاملة، أو ثنائية، بهدف إنهاء هذا الإنقسام التدميري والعبثي، والعودة إلى رحاب الوحدة الداخلية.
1– السمة الأساس للإنقسام مؤسسية تقود إلى إزدواج السلطة جغرافياً
- بتقديرنا، إن الإنقسام، الذي خرج إلى العلانية يوم 17/6/2007 حين حسمت حماس الخلافات باللجوء إلى العمل العسكري الذي أدمى أوضاعنا الوطنية، هو إنقسام يطال الوحدة الداخلية للمؤسسة، ما يضعنا أمام سلطتين "حاكمتين"، واحدة في رام الله، وأخرى في قطاع غزة. وحتى عندما تشكلت حكومة الوفاق الوطني (2014)، والتي شاركت فيها حماس بوزيرين، بقي الإنقسام الإداري قائماً، حيث بقيت المؤسسات الرسمية في القطاع، خاضعة لسلطة حماس ونفوذها، خاصة بعد أن أدخلت الحركة الإسلامية على كل الوزارات والمؤسسات تغييرات وزرعت على رأسها وفي محطاتها الإدارية المختلفة، موظفيها ورجالها. وبالتالي بقيت حكومة رام الله عاجزة عن إدارة الشأن العام في القطاع. وقد تعمق الأمر مؤخراً، حين شكلت قيادة حماس المنتخبة حديثاً، "لجنة إدارية" للإشراف على المؤسسات الرسمية، لتشكل بذلك المرجعية المعلنة (حكومة خلفية) لوزارات السلطة في القطاع ومؤسساتها؛ وبالتالي فإن الحوارات، الوطنية الشاملة أو الثنائية، كما تؤكد محاضرها، إنصبت على وضع آليات إعادة توحيد المؤسسات وجمع شملها تحت إدارة رسمية واحدة، ولم تكن معنية بالدخول، كما تؤكد الوقائع، في الموضوعات السياسية.
في هذا السياق يمكن أن نُذكِّر أن المباحثات المطولة، التي دارت بين الرئيس محمود عباس، وبين إسماعيل هنية أول رئيس حكومتين (العاشرة والحادية عشرة) تشكلهما حركة حماس، والتي إمتدت أشهراً طويلة بعد التوقيع على وثيقة الوفاق الوطني في26/6/2006، إقتصرت على البحث في توزيع الوزارات والصلاحيات ورسم المرجعيات، ولم تتدخل في معالجة الشأن السياسي العام الذي، كما يبدو، وكما حرصت حماس أكثر من مرة على تأكيده، أنه لا يشكل عقبة في الوصول إلى إتفاق بينها وبين فتح، على تشكيل وتشكيلة الحكومات.
- الوجه الآخر للمشهد يؤكد أن الإنقسام لم يمس بآثاره المدمرة الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، في مناطق إنتشاره المختلفة. فالشعب بقي موحداً خلف م.ت.ف ممثله الشرعي والوحيد، (رغم كل ما يمكن أن يسجل على مؤسسات المنظمة، من ترهل وغياب وتراجع في الدور). ومازال الشعب الفلسطيني موحداً خلف برنامجه الوطني، برنامج الخلاص من الإحتلال والإستيطان، ومازال يحتضن المقاومة بكل أشكالها، بعد أن أثبتت له التجارب المرة، فشل مشروع أوسلو في الوصول إلى تسوية تضمن له الحد الأدنى من حقوقه الوطنية. ومازال الشعب الفلسطيني يتخذ موقفاً مبدئياً ضد الإنقسام، المؤسسي الإداري، والسياسي، وضد كل أشكال الإقتتال، أياً كانت ذرائعه. وإذا كان البعض حاول في العام 2007 أن يروج للإقتتال الدموي بين أبناء الشعب الواحد، بذرائع مفبركة ثبت بطلانها، فإن تلك الدعوات سرعان ما تحطمت على صخرة وعي الشعب الفلسطيني وتمسكه بوحدته الوطنية، حتى أن الذين تقدموا الصفوف، في تلك الآونة، يقرعون طبول الفتنة الداخلية، وجدوا أنفسهم تحت ضغط الإرادة الشعبية الصلبة، وتحت ضغط إرادة الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، مرغمين على تبني شعارات الوحدة الوطنية وشعارات إنهاء الإنقسام، وإستعادة الوحدة والمصالحة الداخلية.
2- موقف الجبهة الديمقراطية: وحدة الحقوق ووحدة التمثيل
- في هذا الميدان يحق للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن تعتز، بأنها إمتازت على الدوام بتمسكها بالوحدة الوطنية والداخلية، بل أنها رفعت هذه القضية الإستراتيجية إلى مرتبة القداسة الوطنية. فالوحدة الوطنية، كما تراها الجبهة، وكما تؤكد عليها وثائقها البرنامجية ومواقفها السياسية اليومية، هي وحدة الشعب في أماكن تواجده كافة، بشرائحه الإجتماعية وإتجاهاته السياسية المختلفة، باعتبارها حاجة أساس وطنية، لا غنى عنها ولا بد منها في معركة الخلاص من الإحتلال والإستيطان، وتحقيق أهدافه الوطنية في العودة وتقرير المصير والإستقلال والسيادة. ووحدة الشعب تتمثل بشكل رئيسي في وحدة حقوقه الوطنية والقومية، فوحدة الحقوق هي التي تحد من تأثير ومفاعيل حالة الشتات التي يعيشها شعب فلسطين، وهي التي تعبيء طاقاته في النضال الوطني، وهي التي تصون شخصيته وهويته الوطنية، وتصون إنتماءه إلى قضيته، رغم تباين الظروف وتقلبها.
لذلك إتخذت الجبهة الديمقراطية على الدوام مواقف مبدئية وصلبة لا هوادة ولا تهاون فيها، في رفضها التنازل عن أي من مكونات البرنامج الوطني الفلسطيني، أو التنازل عن أي من الحقوق الوطنية والقومية، أو المقايضة بين حق وآخر، والتمسك بها كلها بإعتبارها وحدة واحدة، لأن أي تنازل أو مقايضة، من شأنه شق وحدة الصف الوطني من خلال شق وحدة الشعب خلف برنامجه الوطني.
- مما لا شك فيه، أن تجربة الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية مع مشروع أوسلو، كبديل للمشروع الوطني الفلسطيني، وكذلك تجربته مع المشاريع التي تناسلت من مشروع أوسلو، كخطة "خارطة الطريق"، و"الحل الإقتصادي"، وأشباح "حل الدولة الواحدة" (دولة الأبارتهايد)، إنما تشكل في مجموعها تجربة غنية، تؤكد أن وحدة الشعب من وحدة حقوقه الوطنية والقومية، وأن صون وحدة الشعب هي في صون وحدة حقوقه الوطنية والقومية، وأن البرنامج الوطني الفلسطيني، برنامج العودة وتقرير المصير والإستقلال الناجز والسيادة، هو الوحيد الذي صان هذه الوحدة، وأعاد صياغة الهوية والشخصية الوطنية لشعب فلسطين، بعد أن ألحقت بها النكبة الوطنية، والتشتت والتمزق الوطني والجغرافي، كوارث غير قليلة.
- إلى جانب وحدة الحقوق، كعامل أساس لضمان وحدة الشعب، تنتصب ضرورة صون وحدة التمثيل، بما هي تكريس للوحدة الكيانية الوطنية، التي بدونها يصعب الظفر بـ "حق تقرير المصير". وفي ظل حالة الشتات الجغرافي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، تبرز بصورة صارخة الحاجة إلى وحدة التمثيل كمعادل سياسي ومعنوي لا يمكن التقليل من أهميته، خاصة في ظل تعقد القضية الفلسطينية وتشابكها كقضية وطنية مع أبعادها كقضية قومية في إطار الصراع العربي - الإسرائيلي الأشمل. من هنا تلعب م.ت.ف كممثل شرعي ووحيد لشعب فلسطين، دوراً شديد المركزية في صون وحدة هذا الشعب وحقه في تقرير المصير. وهذا ما يفسر الخلفية الحقيقية لطبيعة المعارك التي خاضتها الجبهة الديمقراطية على مدى تاريخها، لتكريس الموقع التمثيلي للمنظمة، ولصون هذا الموقع، والكفاح لأجل إستعادة وحدة المنظمة حين تعرضت للتشقق في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. وهذا ما يفسر، على سبيل المثال، دعوة الجبهة إلى كافة الأطراف الفلسطينية، للإنتماء إلى م.ت.ف، وتأكيدها في الوقت نفسه على ضرورة إصلاح أوضاع المنظمة وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية، لتكون إطاراً لوحدة وطنية أكثر رسوخاً، تقوم على مبدأ الإئتلاف الوطني، والشراكة الوطنية، بديلاً لسياسة التفرد والإستفراد بالقرار■
(4)
مبادرات سياسية لم تثمر وأهمية الوحدة في الميدان
- بعد أيام قليلة على الحسم العسكري في قطاع غزة وتكريس الإنقسام الداخلي، بادرت الجبهة الديمقراطية لتكون أول من طرح مبادرة وطنية لإنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الداخلية. ولا مبالغة في القول إن مبادرة الجبهة شكلت الأساس لسلسلة من المبادرات في الصف الوطني للغاية ذاتها، كما شكلت الأساس للتوافقات الوطنية التي توصلت إليها جولات الحوار الوطني في القاهرة للهدف ذاته.
ورغم الجهود المبذولة فلسطينياً وعربياً، على أكثر من صعيد، وفي عشرات الجولات، مازال الإنقسام على حاله، وقد أخذ يتعمق يوماً بعد يوم، لتكريس حالة سياسية ومؤسسية، على جانبي خط الإنقسام، تتعارض مصالحها مع العودة إلى المصالحة وإستعادة الوحدة الداخلية. ويجب الإعتراف أن الضغوط السياسية، إن على مستوى فصائل العمل الوطني، أو على المستوى الشعبي، التي تمارس على طرفي الإنقسام، مازالت أضعف من أن تعيدهما إلى صف الوحدة الداخلية، بكل ما يعنيه هذا الإنقسام من تشويه للنضال الوطني الفلسطيني، ومن أذى لمصالح شعب فلسطين، خاصة لسكان قطاع غزة، الذين يعيشون في حصار قاتل، وفي ظل أوضاع خدماتية وبيئية إقتصادية وإجتماعية شديدة الصعوبة والتعقيد. والكل يدرك أن لا حل لأزمات القطاع، بما فيه رفع الحصار، إلا في إنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الداخلية، الأمر الذي يضع القوى الفلسطينية كافة أمام واجبها الوطني نحو شعبها، ويفترض، لا بل يملي مواصلة الجهود، والضغوط، خاصة الشعبية منها، لوضع حد لهذه الحالة الشاذة التي تعيشها أوضاع مؤسسات السلطة الفلسطينية، ووضع حد لحالة الإحتراب العبثي بين حركتي فتح وحماس.
- غير أن هذا الإستعصاء في إنهاء الإنقسام يجب، في الوقت نفسه، ألاّ يشكل مانعاً للوصول إلى حلول مؤقتة، يمكن أن تشكل، تمهيداً تراكمياً لإزالة العقبات الكبرى التي تحول دون الإنهاء الكامل للإنقسام. نرى في هذا السياق، وإنطلاقاً من تجارب شعبنا وحركتنا الوطنية الغنية، في النضال ضد الإحتلال والإستيطان، وفي معاركنا الإجتماعية، أن وحدة العمل في الميدان، أكانت موقعية أو عامة، حول قضايا إجتماعية أو وطنية..، من شأنها أن تشكل مدخلاً لحالة مؤقتة أو إنتقالية، كما من شأنها أن تقرب بين الأطراف المختلفة وأن تزيل بعض العوائق، وإن توفر فرصاً إضافية لخطوات لاحقة أكثر عمقاً وأبعد تأثيراً.
إن القضية الفلسطينية، بتعقيداتها المعروفة حافلة بالملفات التي تشكل أساساً لوحدة ميدانية فاعلة، بدءاً بالعمل على تبني إستراتيجية دفاعية لقطاع غزة، تحصن قدرته على الصمود وتعززها في مواجهة التهديدات والأعمال العدوانية الإسرائيلية، وصولاً إلى حل العديد من القضايا اليومية، الملحة والضرورية، والتي تتجاوز حدود الخلافات السياسية والإدارية، كالتوافق على إجراء إنتخابات محلية وبلدية في الضفة والقطاع، لما لهذه المؤسسات من دور في تنظيم صفوف المجتمع وتعزيز عناصر بناء مجتمع متماسك، أو التوافق على إنتخاب مجالس لطلبة الجامعات، والنقابات العمالية والمهنية وغيرها، بموجب نظام التمثيل النسبي الذي توافقت عليه القوى الفلسطينية في حوارات القاهرة..
إن مثل هذه الخطوات وغيرها، من شأنها أن تعزز الوعي الديمقراطي في الصف الوطني وفي صفوف الشعب، وأن تعزز من قدرته على تنظيم صفوفه، والتصدي لمشكلاته اليومية، ورفع كفاءته النضالية، ضد الإحتلال والإستيطان، وتعزيز قدرته، في السياق نفسه، في الضغط على طرفي الإنقسام، للإستجابة لضرورات المصالحة وإستعادة الوحدة الداخلية-