4 عقبات تواجه السيسي في ولايته الثانية: سد النهضة وحلايب وشلاتين والإرهاب والوضع الاقتصادي
المعارضة المصرية تعتبر سياسة الحلول الأمنية ناقصة وتطالب بوضع حلول شاملة
تامر هنداوي
Apr 04, 2018
القاهرة ـ «القدس العربي»: مع فوز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بولاية ثانية، تنتهي عام 2022، تبدو هناك ملفات تمثل عقبات أمام حكمه، تتعلق بالحفاظ على الأمن وتنفيذ وعوده بدحر الإرهاب، وملف المياه الذي يمثل الحياة للمصريين في وقت يهدد سد النهضة حصة مصر التاريخية من مياه نهر النيل، إضافة إلى الملف الاقتصادي الذي عانى منه المواطنون في الولاية الأولى بسبب ارتفاع الأسعار والإجراءات الإصلاحية التي اتخذت مثل تعويم الجنيه، إضافة إلى أزمة ملف مثل حلايب وشلاتين التي تسببت في توتر العلاقات بين القاهرة والخرطوم على مدار السنوات الماضية.
ومن المتوقع، أن تبدأ أثيوبيا عمليات تخزين المياه في سد النهضة مع بداية الولاية الثانية للسيسي، في وقت لا تزال المفاوضات الثلاثية بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، تعاني حالة الجمود، ولا تشهد تقدما يحمي حصة مصر من المياه خلال فترة التخزين.
وتقتصر الاستعدادات التي تتخذها مصر، على إجراءات داخلية، مثل خفض نسبة زراعة الأرز الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه، ونشر الوعي بثقافة الترشيد لدى المواطنين، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في الري، وبناء محطات تنقية لسد العجز المتوقع.
ويتوجه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اليوم إلى العاصمة السودانية الخرطوم للمشاركة في فعاليات الاجتماع التاسع بشأن سد النهضة على مستوى وزراء الخارجية والري ورؤساء المخابرات بكل من مصر والسودان وإثيوبيا. وحسب المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، الاجتماع «يأتي في إطار ما تم الاتفاق عليه بين الرؤساء الثلاثة لكل من مصر والسودان وإثيوبيا خلال اجتماعهم على هامش القمة الأفريقية في أديس أبابا في يناير/ كانون الثاني الماضي، بشأن تذليل كافة العقبات القائمة أمام المفاوضات في إطار اللجنة الفنية الثلاثية، ومن أهمها اعتماد التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري، حتى يتسنى البدء الفوري في إعداد الدراسات الخاصة بتأثير السد على كل من دولتي المصب مصر والسودان».
مصر ستسعى، وفق المصدر «خلال الاجتماع إلى التأكيد على ما تم الاتفاق عليه بين قادة الدول الثلاث بشأن أهمية الالتزام بتطبيق اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015، خاصة ما يتصل بضرورة اتمام الدراسات الخاصة بالسد لضمان تجنب أية آثار سلبية محتملة على دولتي المصب».
وأكد «تطلع مصر لتطوير التعاون بين الدول الثلاث في كافة المجالات على ضوء الإمكانيات والفرص الكبيرة للتعاون المشترك، خاصة في مجالات الاستثمار والتجارة والتعاون الفني».
تصريحات الخارجية المصرية تفيد أنه حتى الآن لم يشهد الملف تطورا منذ إعلان وزارة الري المصرية أواخر العام الماضي، عن توقف المفاوضات بعد الاجتماع الذي استضافته القاهرة يومي 11 و12 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بسبب رفض أثيوبيا التقرير الاستشاري، رغم موافقتها على الشركة التي أعدت التقرير.
ويبدو أن الموقف الأثيوبي لم يتغير من المفاوضات، حتى بعد استقالة رئيس الوزراء هايلا مريام ديسالين على خلفية أزمة سياسية شهدتها بلاده، وتعيين أبي أحمد خلفا له، حيث تعمد الأخير خلال كلمته أمام البرلمان بعد المصادقة على تعيينه أمس الأول الاثنين، الحديث عن السد، ووصفه بأنه الموحد للشعوب الأثيوبية، ودعا الشعب الإثيوبي للاستفادة من الروح الوحدوية التي شكلها هذا المشروع في بناء النمو الاقتصادي في البلاد، حسب قوله.
عقدة سيناء
ومن ملف سد النهضة، إلى الملف الأمني، الذي استمد السيسي شرعيته أمام العالم من خلاله، حيث قدم نفسه باعتباره محاربا للإرهاب، ومحافظا على تماسك المنطقة، كما قدم نفسه للشعب بوصفه محافظا على تماسك الدولة في مواجهة المخاطر الأمنية.
ورغم مرور 4 سنوات على توليه الحكم، ومع بداية الولاية الثانية، لا يبدو أن القضاء على الإرهاب في مصر أمر سهل المنال، وهو ما اعترف به السيسي نفسه، خلال حواره مع المخرجة ساندر نشأت قبل أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية، حينما قال إن هدف العمليات التي تجري في سيناء حالياً ليست للقضاء على الإرهاب بشكل مطلق. وأضاف أن من يظن ذلك سيكون واهمًا، موضحاً أن دولا حاولت علاج الإرهاب على سنوات طويلة وفشلت، لكن التحدي في التنمية الحقيقية في سيناء.
وجاء حديث السيسي مفاجئا، حيث سبق وألزم رئيس أركان الجيش الفريق محمد فريد حجازي خلال شهر نوفمبر/ تشرين الماضي، باستعادة الاستقرار والأمن في سيناء خلال 3 أشهر، وانطلقت عملية «سيناء 2018» بمشاركة قوات الجيش والشرطة لتطهير سيناء والظهير الصحراوي في التاسع من فبراير/شباط الماضي، وكانت من المفترض أن تستمر العملية لمدة 3 أشهر، قبل أن يعلن الرئيس المصري استمرارها حتى القضاء على الإرهاب.
وجدد الهجوم الإرهابي الذي وقع في مدينة الإسكندرية السبت قبل الماضي التساؤلات حول فعالية السياسة الأمنية التي انتهجها السيسي خلال سنوات حكمه الأربع الأولى.
إذ استهدفت سيارة مفخخة مدير أمن المحافظة ما أسفر عن مقتل رجلي شرطة وإصابة آخرين، وجاء هذا الهجوم قبل يومين من انطلاق الانتخابات الرئاسية.
وتنتقد المعارضة المصرية سياسة السيسي في مواجهة الإرهاب، وتعتبرها ناقصة بسبب اعتمادها على الحلول الأمنية فقط، وتطالب بوضع حلول شاملة تتضمن مواجهة فكرية واقتصادية وسياسية لغلق الباب أمام استقطاب إرهابيين جدد.
مجلس قومي
وبعد مرور 9 أشهر على قرار الرئيس السيسي رقم 355 لسنة 2017، بإنشاء المجلس القومي لمكافحة الإرهاب، صدق مجلس النواب على مشروع قانون المجلس.
ويشكل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية كل من، رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب وشيخ الأزهر الشريف وبابا الاسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، والقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والانتاج الحربي ووزير الأوقاف والوزير المعنى بشؤون الشباب والرياضة والوزير المعنى بشئون التضامن الاجتماعي ووزراء الخارجية والداخلية والعدل والوزير المعنى بشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والوزير المعنى بشئون الثقافة والوزير المعنى بشؤون التربية والتعليم والتعليم الفني، والوزير المعنى بشؤون التعليم العالي والبحث العلمي ورئيس جهاز المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الادارية، ومن مهامه ضع إقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخليا وخارجيا كل خمس سنوات.
الفقراء يدفعون الثمن
الأزمة الاقتصادية وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين تشكل أحد التحديات التي تواجه السيسي في فترة ولايته الثانية، خاصة بعد أن ركزت أسئلة المواطنين في حوار «شعب ورئيس» على ارتفاع الأسعار والسياسات الاقتصادية وتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي.
وترى المعارضة أن الفقراء والطبقة المتوسطة تتحمل نتائج سياسات السيسي الخاطئة في المجال الاقتصادي، من الإذعان لشروط المؤسسات الدولية، وغيابٍ شبه تام للعدالة الاجتماعية وما نتج عنه من تدهورٍ شديدٍ في الأوضاع المعيشية لمعظم الأسر المصرية، ونَهمٍ للاستدانة يصاحبه إهدارٌ استفِزازي للموارد المحدودة بما يُعَّرِضُ استقلال القرار الوطني للخطر.
السودان يشتكي
كذلك، مازال مثلث حلايب وشلاتين يمثل عنوان أزمة ممتدة بين القاهرة والخرطوم، رغم التصريحات الودية التي حملتها الزيارة الأخيرة للرئيس السوداني عمر البشير إلى القاهرة.
فالتصريحات الودية، لم تمنع بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة بالتقدم مطلع الشهر الماضي بشكوى رسمية جديدة ضد مصر إلى مجلس الأمن سُجلت بتاريخ 9 مارس/ أذار الماضي ونُشرت على موقع الأمم المتحدة اعتراضا على إجراء انتخابات الرئاسة المصرية لأول مرة في مثلث «حلايب وشلاتين»، رغم اتفاق الجانب السوداني السابق مع مصر أثناء الاجتماعات الرباعية رفيعة المستوى المنعقدة بين الجانبين في فبراير/ شباط الماضي على وقف التصعيد الجاري والحديث عن إطار نهائي للحل.
وأعلن القائم بأعمال البعثة السودانية الدائمة لدى مجلس الأمن، مجدي أحمد مفضل أنه إلحاقًا بالرسائل السابقة العديدة لمجلس الأمن التي كان آخرها بتاريخ 14 فبراير/ شباط الماضي بشأن ما وصفه بـ«الاحتلال»المصري لمثلث حلايب وشلاتين، واستمرار السلطات المصرية في مساعيها وبرامجها وخططها وأعمالها الهادفة لـ«تمصير المثلث»، وتكريس الوضع القائم وفرض سياسة الأمر الواقع، يتقدم السودان بذلك الخطاب الجديد.
وأوضح في الشكوى أن السلطات المصرية انتهكت الصكوك الدولية المتعلقة بالقانون الدولي عمومًا والقانون الدولي لحقوق الإنسان، من خلال توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر والهيئة القومية للإنتاج الحربي لإنشاء ميناءين للصيد في منطقتي الشلاتين وأبو رماد، وتنفيذ المرحلة الثانية لتوسعة محطة تحلية مياه البحر الأحمر.
الرد المصري
وأعلنت الخارجية المصرية، رفض مصر القاطع لما انطوى عليه الخطاب السوداني، وأعلنت أنها توجهت بخطاب مماثل إلى سكرتارية الأمم المتحدة لرفض الخطاب السوداني، وما تضمنه من مزاعم، وللتأكيد أن حلايب وشلاتين أراضٍ مصرية يقطنها مواطنون مصريون.
وانطلقت أمس قافلة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الدعوية والطبية إلى منطقة حلايب وشلاتين، بالتعاون مع الأزهر الشريف وبيت الزكاة والصدقات المصري.
وتضم القافلة مجموعة من الأطباء لتقديم الخدمة الطبية اللازمة لأبناء منطقة حلايب وشلاتين وصرف الأدوية اللازمة لهم، فضلاً عن مجموعة من العلماء والدعاة من أجل «الالتقاء مع شيوخ وأهالي منطقة حلايب وشلاتين وتبصيرهم بصحيح الدين والتواصل معهم من أجل وضع حد للمشكلات التى تقابلهم في حياتهم اليومية».