المجتمع المكي قبل الاسلام
في العصر العدناني (قبل البعثة النبوية) كان المجتمع المكي، مجتمع حضاري من ارقى المجتمعات واكثرها استقرار، وكانت مكة تنقسم الى قرى : 1 بكه (بطن مكة) 2 الشعيبة الميناء، 3 وادي حنين، 4 وادي نخلة.
وكان قريش بن كنانة في العصر قد سور بكة (بطن مكة) وعزلها عن باقي قرى مكة المكرمة ومنع فيها شرب الخمور او بيعها، ومنع القتال فيها وحفر بئر زمزم التي ردمها قيس عيلان بالجواهر والتماثيل، ومنع دخول النصارى والتجار الاجانب من احباش وروم وغيرهم من معتنقي الديانات الضالة، وانشأ سجلات لمواليد مكة، وعبد جميع الطرق في بطن مكة واوصلها بالطائف شرقاً والشعيبة غرباً، وعين لها الحرس، فحصنها كمجتمع راقي بعيد عن الرذيلة.
كانت العديد من القبائل العربية تقطن مكة المكرمة : قبائل قريش وربيعة وبكر بن عبدمناة وغافق وهذيل وخزاعة وغنى وفهم وعك، وبلغ عدد سكان مكة مابين عام الفيل وعام البعثة اكثر من مائة الف، فقبائل قريش وحدها كان تعدادها نحو ثلاثون الف.
كان المجتمع المكي ينقسم الى عدة طبقات : الحراس / الخدم / الفلاحين / الصناع / العمال / التجار .
بالنسبة لبيوت قريش (بنو عامر وبنو عبدالدار بنو نوفل وبنو تيم وبنو سهم وبنو عدي وبنو مخزوم وبنو عبدشمس وبنو زهرة وبنو هاشم) فكانت في الجهة اليمانية، مجاورين لبنو ذهل وبنو نمر من ربيعة. وكانت بيوت بنو يشكر وبنو هزان في الشعيبة، وبنو تغلب في الجهة الشرقية تمتد بيوتهم من الطائف الى الباحة، وتغلب اكثر قبائل ربيعة عدداً فمنهم الملوك وبنو اكلب الفرسان.
اما بيوت قبائل هذيل وقبائل خزاعة وقبائل بكر بن عبدمناة فكانت في الجهة الشامية، وكانت بيوت قبائل غافق وقبائل غني في الجهة الغربية.
وكانت بيوت مكة متنوعة في بنائها، في الجهة الشامية كانت البيوت من الخشب ومكونة من طابقين، وفي الجهة اليمانية كانت البيوت من الحجر، وكانت ازقة مكة مرصوفة بالحجر ومضاءة بالمصابيح ليلاً.
كان التعليم في مكة المكرمة يرتكز على “القراءة والكتابة والانساب والاحساب” ولم يكن يوجد في مكة طفل بلغ العاشرة من عمره الا ويسرد نسبه ونسب اخواله الى رابع جد، لأن تعليم النسب كان من اساسيات الحياة لدى العرب خاصة اهل مكة المكرمة.
اما التعليم العالي فكان للكبار (من تخطى سن 18) فكان يطلب في الطائف، ويرتكز على علوم “القضاء والادب والتاريخ والنحت والطب والصناعة” وكانت دار الحكمة في الطائف مركز التعليم واجتماع العلماء.
اما عن الحالة الدينية فكانت الديانة الحنيفية (ملة ابراهيم عليه السلام) هي الديانة السائدة في مكة المكرمة، وكان اهل مكة يصلون ويسجدون ويركعون ويحجون ويصومون ويزكون (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) لكن بعضهم انحرف وغلى في تقديس الصالحين والصالحات فنصبوا لهم تماثيل عظيمة في بطن مكة، منها: هبل والعزى ونائلة، تخليداً لذكراهم (العرب لشدة احترامهم للأرباب والمعلمين كانوا يعملون لهم تماثيل تذكارية لإحياء ذكراهم لتبقى تعاليمهم راسخة في النفوس, فصناعة التماثيل ابتكارعربي قديم من غاياته التعبير عن ما يكنون من عظيم الولاء والتقدير والتبجيل لأجدادهم وآباءهم وأربابهم المبدعين في مجالات الحضارة وكذالك للإعتزاز بانتسابهم لهم لأن العربي معروف باعتزازه بنسبه والمحافظة عليه في الوقت الذي كانت تحيط به شعوب لم تتجاوز درك الهمجية)
اجتماعياً كان أهل مكة ملتزمين بقوانين وتقاليد العرب، فكانت دار الندوة مخصصة لاجتماع الرجال وكانت دار العجلة مخصصة لاجتماع النساء.
ومن التقاليد المتبعة في العزاء ان يرتدي الرجال الرداء الابيض 3 ايام حداد على ميتهم
ومن مظاهر الترف في المجتمع المكي، ان الاثرياء يأكلون في آنية من الذهب ويشربون في كؤوس من الفضة، ويفترشون ريش النعام والحرير، وتقام قصورهم بأعمدة الرخام، وترصف بالفسيفساء الملونة.
العرب عامة واهل مكة خاصة كانوا يميلون إلى الأناقة في لباسهم والتنوع في الازياء والإهتمام بمظهرهم العام، وقد اعتنى اهل مكة اعتناءً خاصًا بنظافتهم فكانوا يتعطرون ويستعملون الملح والسواك والقرنفل لتنظيف أسنانهم، ويستحمون بالماء الحار والصابون، ودرجت بين الرجال والنساء عادة صبغ الشعر بالحناء.
كان أهل مكة أشد خلق الله عناية بنظافة ما يلبسون وما يفرشون، وفيهم من لا يكون عنده قوت يومه فيطوي يومه صائمًا ليبتاع صابونًا يغسل به ثيابه. وبما ان مكة تتميز باعتدال جوها طوال العام، فلايصيبها حر شديد و لا برد قارس، وهذا ماجعل سكانها يتمتعون بحرية في ارتداء الملابس، فلم يكونوا مضطرين لارتداء ملابس شتوية تدفئهم من البرد ولا ملابس تقيهم من الحر، بل كانت ازيائهم خفيفة تتميز بالتحرر، وكانوا حاسرين الرؤوس.
كانت مكة تتميز بحماماتها العامة الأنيقة التي قاربت الـ1000، و كان اهل الحبشة تنادي العرب قديما ًبالناس المتعطرون فقد كان العرب قطعوا شوطاً كبيراً في صناعة العطور.