وفاة مؤسس الحركة الإسلامية الشيخ عبد الله نمر درويش
تُوفي مؤسس الحركة الإسلامية في البلاد، الشيخ عبد الله نمر درويش، من مدينة كفر قاسم، صباح اليوم الأحد، في مستشفى 'هشارون' بمدينة بيتح تكفا.
ونعى رئيس الحركة الإسلامية، الشيخ حماد أبو دعابس، وأبناء الشيخ المرحوم عبد الله نمر درويش ووالدتهم وعائلة عيسى في كفر قاسم، وفاته، وجاء في النعي: 'راضية بقضاء الله تعالى ومسلمة الأمر إليه، تنعي الحركة الإسلامية في البلاد وعائلة عيسى في كفر قاسم والخارج، إلى عموم شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية، فضيلة شيخنا الوالد العلامة والداعية الشيخ عبد الله نمر درويش، مؤسس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني'.
وأضافوا: 'لقد أسلم سيدنا الشيخ أبو محمد عبد الله الروح لبارئها صباح هذا اليوم، عن عمر ناهز ثمانية وستين عاما، راضيا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا. وسيشيع جثمانه الطاهر ظهر اليوم الأحد الساعة الثانية ظهرا من بيته في كفر قاسم إلى مقبرة الشهداء في كفر قاسم. عاش شيخنا راضيا بقضاء الله، وصابرا على ما أصابه من بلاء في جسده مدة حياته، لم يقعده ذلك عن طلب العلم الشرعي والجهاد في سبيل الله تعالى. منذ أواخر ستينات القرن الماضي وهو يحمل لواء الدعوة إلى الله تعالى، مقتفيا أثر النبي محمد صل الله عليه وسلم وسيرته، ليمنّ الله عليه من فضله، وتنتشر الدعوة في كل بلد من بلداننا الفلسطينية ولتدخل كل بيت".
وجاء في النعي أيضا: "ظل سيدنا الشيخ عبد الله نمر درويش يجاهد في الله تعالى لأكثر من خمسين عاما فأسس الحركة الإسلامية أوائل سبعينيات القرن الماضي، ودخل سجن الاحتلال ظلما وعدوانا سنوات عديدة، ثم خرج ليكمل مسيرة الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية مؤسسا ورئيسا لها حتى العام 1998، حيث سلم راية رئاسة الحركة الإسلامية، ولكنه استمر يحمل راية الدعوة والإرشاد والتربية والفكر الإسلامي على خير منهج وأقوم طريق، كان وفيا لمدرسة الإمام الشهيد حسن البنّا رحمه الله تعالى، وكان توأم الشيخ الشهيد أحمد ياسين رحمه الله تعالى".
وختم النعي بالقول: 'لقد أرسى سيدنا الشيخ عبد الله خطابا إسلاميا أصيلا في مبادئه وجذوره، معاصرا في وسائله وأهدافه، حمل راية الوسطية والاعتدال، وبث روح الأخوة والتسامح والوئام بين أبناء شعبه الفلسطيني، واجه الظلم والعدوان وناصر قضية شعبه الفلسطيني ضد الاحتلال، حمل همّ الأمة العربية والإسلامية ودعا إلى الحكم الشوري الرشيد على قاعدة العدل بين الناس والرحمة بهم. دعا إلى التعارف والحوار ونشر قيم العدل والسلام في ربوع العالم بأسره. ظل شيخنا الفاضل يؤدي أمانة النصح للحركة الإسلامية بقيادتها وأبنائها، ويمارس دوره في التربية والدعوة وتفسير القرآن الكريم حتى أيامه الأخيرة. رحمك الله يا أبا محمد وغفر الله لك وجزاك الله خيرا وأدخلك فسيج جناته بصحبة النبي المصطفى صل الله عليه وسلم وآل بيته وأصحابه'.
بركة ينعى الشيخ درويشونعى رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، مؤسس الحركة الإسلامية في البلاد، الشيخ عبد الله نمر درويش، وقال في بيان أصدره اليوم، إن "الشخصية ذات المكانة الدينية والشعبية والاجتماعية المرموقة بين جماهيرنا العربية في البلاد، كانت له على مر السنين، بصمات في السعي لوحدة الجماهير العربية، ومحاولات رأب الصدع في أكثر من محطة من مسيرة جماهيرنا".
وأضاف: "رحم الله الشيخ عبد الله نمر درويش الداعية والقائد المجتمعي والصديق المخلص والأخ الكريم والكبير. لقد جمعتني بالشيخ محطات ومحطات، ولا أذكره فيها كلها إلا بالخير والمحبة، وسيأتي يوم نقول فيه ما يجب أن يقال".
وختم بركة بالقول إن "قلبي حزين على هذا الرحيل وعلى هذه الخسارة لشعبنا ولوحدته. وقلبي حزين على هذه القامة التي تركت بصمات ساطعة في حياة شعبنا ومجتمعنا. لقد كان الشيخ عبد الله متحيزا للجنة المتابعة العليا، بصفتها الإطار الجامع لكل أطياف مجتمعنا العربي، في السعي للوحدة الكفاحية المشتركة، من أجل قضايا جماهيرنا وشعبنا ككل. كما أن موقفه كان وازنا، من أجل تشكيل القائمة المشتركة. فإلى جنات الخلد بمشيئة المولى وبرحمته، يا شيخنا الجليل".
وقال أحد قيادات الحركة الإسلامية (الجنوبية) الشيخ محمد دهامشة، إن 'المنية وافت الشيخ عبد الله نمر درويش فجر اليوم الأحد، بعد أن دخل المستشفى يوم الجمعة لإجراء فحوصات، بسبب صراعه مع مرض في الرئتين'.
وأشار دهامشة إلى تواجد قيادات الحركة الإسلامية في المستشفى في هذه اللحظات، وساد الحزن الشديد، مضيفا أنه 'كلنا تربينا على يدي هذا الرجل وهو من جعلنا على ما نحن عليه من حب للإسلام وإقبال على المشروع الإسلامي، نسأل الله أن يرحمه ويدخله فسيح جناته'.
وقال الشيخ رائد صلاح إنه 'في مثل هذه اللحظات لا يسعنا إلا أن نعبر عن شديد حزننا وألمنا على وفاة المرحوم فضيلة الشيخ عبد الله نمر درويش، ولا يسعنا إلا أن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرحمه رحمة واسعة وأن يكرمه بمنزلته في الجنة، ثم لا يسعنا إلا أن نتقدم إلى أهل الفقيد وإلى أحبابه وإخوانه وإلى أنفسنا كذلك بالتعزية مرددين لله ما أخذ ولله ما أعطى، وكل شيء عنده بمقدار، ثم أسأل الله تعالى أن يكرم الشيخ عبد الله نمر درويش رحمة الله عليه، بالجزاء الأوفى مقابل دوره الكبير الذي قام به في مسيرة الصحوة الإسلامية بعامة والحركة الإسلامية بخاصة في الداخل الفلسطيني، ولا يسعني إلا أن أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله وإنّا لله وإنا إليه راجعون'.
وقال الشيخ كمال خطيب إنه 'في جلال الموت وحضرته ليس لنا إلا أن نقول، إن لله ما أعطى وإن لله ما أخذ وكل شيء عنده سبحانه وتعالى بمقدار، اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيرا منها، لا أحد يستطيع أن ينكر فضل الشيخ عبد الله، ولا الدور الذي ابتدأ به وفعلا كان السبّاق فيه، في الظرف الذي تنادى الناس لغير المشروع الإسلامي بل حاربوه، تنادى هو لنصرته والدعوة إليه، ونحن إذ نؤكد على الرغم من كل ما حصل، لكننا أبدا لم نتنكر ولن نتنكر للأيام والسنين التي قضيناها في رحاب الدعوة إلى الله تعالى وسنظل نذكرها بالخير ومعها نذكره رحمه الله، ليس المقام مقام إطالة سوى أنها الأيام المباركة التي تسبق رمضان، وأسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته'.
الشيخ عبد الله نمر درويش في سطوروُلد درويش في العام 1948 في كفر قاسم، تخرج في العام 1971 من المدرسة الإسلامية (المعهد الديني) في نابلس، وباشر العمل على تأسيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر متأثرا بفكر حركة الإخوان المسلمين.
وفي العام 1972 أقام أول نواة للحركة الإسلامية في كفر قاسم؛ حيث اقتصر نشاطه على نشر الدعوة حتى العام 1974، وبدأت دعوته (العودة إلى الإسلام) تصل إلى البلدات المجاورة (كفر برا، جلجولية، الطيرة والطيبة).
وتوسعت نشاطاته في العام 1978 إلى أم الفحم وباقة الغربية وجت وسائر بلدات منطقة المثلث الشمالي، وفي العام 1979 وصلت إلى النقب، فيما اتسعت دائرة نشاطات وفعاليات حركته في العام 1980 لتشمل الناصرة وبلدات الجليل.
اعتُقل الشيخ درويش عام 1981، وحُكم عليه بالسجن 4 أعوام، أمضى منها 3 أعوام، وأفرج عنه في العام 1984، وكانت التهمة التي أدين بها صلته بتنظيم سري إسلامي (أسرة الجهاد).
عاد الشيخ درويش بعد الإفراج عنه إلى كفر قاسم ليتزعم الحركة الإسلامية، التي اهتمت بالبنية التحتية الاجتماعية، فأقامت شبكة من عشرات الجمعيات والمؤسسات التي أسست بدورها رياض الأطفال، عيادات طبية، نوادٍ رياضية وكلية للعلوم الدينية.
عمل مع بعض الشخصيات في الحركة الإسلامية على تركيز النشاط بشكل أساسي على السلطات المحلية، وحدد آلية عملها على النهوض بأوضاع العرب الفلسطينيين بالداخل ورعاية شؤونهم بأنفسهم؛ حيث قام المشاركون فيها بأعمال عامة مثل شق الشوارع والطرقات وإقامة محطات الوقوف والمواصلات العامة وترميم المدارس وتنظيف المقابر وبناء الصفوف الدراسية وتنظيم معسكرات العمل وجمع التبرعات وأموال الزكاة، كما واهتمت بخدمات المسنين وعملت على إنشاء مكتبات عامة للكتب الدينية.
وواكبت الحركة الإسلامية برئاسة مؤسسها المستجدات والتطورات، فكثفت في الثمانينيات والتسعينيات من إنشاء المؤسسات الخدماتية للمواطنين العرب؛ وشهدت انقساما بسبب قرار خوض انتخابات الكنيست تمخض عنه الحركة الإسلامية (الشمالية) برئاسة اثنين من أبرز قادتها هما الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال خطيب (حظرتها السلطات الإسرائيلية بتاريخ 17.11.2015 بموجب قرار وقع عليه في حينه وزير الأمن الإسرائيلي، موشي يعالون، وصادقت عليه الحكومة، وخاضت الحركة الإسلامية (الجنوبية) التي تزعمها انتخابات الكنيست ضمن تحالفات مع قوائم عربية، وهي اليوم ضمن القائمة المشتركة التي تمثل العرب الفلسطينيين في البلاد.