د. عالية شعيب: السحاق يعادل الزنا في الدين الإسلامي
أستاذة فلسفة الأخلاق في جامعة الكويت لـ«الشرق الأوسط»: فكري مستقل سمته التقدمية على أسس دينية وأخلاقية
الكويت: عيد الرميزان
أعلنت الدكتورة عالية شعيب استاذة فلسفة الاخلاق في قسم الفلسفة بجامعة الكويت انها استخرجت من القرآن والسنة ما يثبت ان السحاق في الدين يعادل الزنا، وكشفت عالية التي شارفت على الانتهاء من البحث الذي بدأته عام 1996 عن مشكلة السحاق والبغاء، ان منهجها هو «طرق كل ما هو جديد والبحث عن قضايا تهم المرأة لتنبيهها من المخاطر».
ولفتت الدكتورة عالية التي ادت مناسك الحج لهذا العام، في حوار مع «الشرق الأوسط»، انها رسمت لنفسها اتجاها خاصا بها تراه اتجاه المستقبل وهو ان تلج الحضارة والتكنولوجيا والتقدم لكن من خلال القرآن. وأشارت الى ان لها فكرا مستقلا سمته التقدمية الحضارية المنفتحة على أسس دينية واخلاقية. وأكدت انها ستكرس جهدها مستقبلا للبحث في القرآن ونقد آراء وطروحات الكثيرين، ملمحة الى انها ستصدر احكاما وفتاوى في شأن القضايا العامة.
وأشارت الدكتورة عالية التي صدر ضدها حكم بالسجن بسبب كتاب بعنوان «العناكب»، الى انها غير متعصبة لأي من المذاهب كما انها غير منتمية الى اي من الجماعات والتيارات الاسلامية. وأوضحت انها لا تمارس عملا دعويا في الجامعة لكنها تحاول «اذا سنحت الفرصة وبشكل هادئ اقناع الفتيات بارتداء الحجاب».
وهذا نص الحوار:
* ما السبب الذي جعلك ترتدين الحجاب؟
ـ كانت فكرة قديمة منذ الصيف وتدريجيا زاد اهتمامي وحماسي للموضوع وجاء شهر رمضان كدفعة معنوية قوية وارتديت الحجاب وذهبت بعد ارتداء الحجاب الى العمرة في العشر الأواخر من رمضان وهناك زادت الدفعة المعنوية والايمانية لديّ وظللت متمسكة بالحجاب منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
* هل أنت ملتزمة مذهبا اسلاميا معينا ومتأثرة به؟
ـ لست متعصبة لأي من المذاهب لكن اهتمامي منصب على النصوص القرآنية فقد انجزت رسالة دكتوراه في حقوق المرأة في القرآن وما زال اهتمامي في هذا المجال وارغب في العمل اكثر في مجال تحليل وقراءة النص القرآني.
* هل لك اي علاقة بالجماعات او التيارات الاسلامية في الكويت؟
ـ حدث اهتمام كبير من بعض الجماعات الاسلامية المختلفة. عدد كبير من الشخصيات المعروفة اتصلت وباركت وما زال كثيرون يباركون لي هذه الخطوة، ولا اعتقد ان فرح ارتدائي الحجاب الذي ابداه الكثيرون مرده الرغبة في جذبي الى تيار معين انما الفرح الذي حصل هو سعادة الانسان المؤمن لاخيه المؤمن من دون اي اعتبارات أخرى.
* هل تمارسين من خلال المحاضرات والندوات ومن خلال عملك في الجامعة عملا دعويا الى الاسلام؟
ـ أولا احتكاكي بالطلبة في الجامعة هو يومي لكن ليس بصورة مباشرة واذا كان فيه مجال ان انصح طالبة واتكلم معها ممكن لكن ليس بصورة مباشرة، اي ان اتبنى هذا الدور وامارسه بشكل مكثف، انما عندما تسنح الفرصة امارس هذا العمل في شكل بسيط وهادئ وايضا عندما اشاهد طالبة ترتدي زيا قصيرا فانني اطلب منها مراجعتي بالمكتب واتحدث معها في هذا الموضوع.
* هل لاحظت تبدل افكار طلبة وطالبات الجامعة ام أنهم قلدوا الدكتورة عالية في ارتدائها الحجاب؟
ـ لم يحصل تقليد فوري بالطبع خصوصا ان البنات في السن الشبابي وفي مرحلة الجامعة ما زلن متأثرات بمغريات اللبس والماكياج وحب الدنيا، ومنهن أكثر من انسانة ناضجة يمكن ان تترك كل هذا وتعود الى الدين وقد جاءت بعض المكالمات التي أوضحت صاحباتها تأثرهن بارتدائي الحجاب.
* من تتابعين من المشايخ والعلماء وتحرصين على الاستماع اليهم؟
ـ انا انتقي بحسب اهتمامي بالموضوع وليس بالشخص ولا يوجد شخص وصل الى درجة الكمال في المعرفة انما اقرأ واتابع بحسب اهمية الموضوع فأي موضوع يمس المرأة في القرآن والاسلام هو في مجال تخصصي ويهمني ان اطلع عليه، وحقيقة احيانا اشعر بالأسى عندما أرى في بعض المحطات الفضائية باحثا في الاسلام يسمي نفسه شيخا لكن كل كلامه مغالطات واساءات، لا سيما ان الوجوه ذاتها تتكرر وهو أمر سيئ لانه عندما يتكلم عن اجتهادات شخصية فإنه يؤثر في عامة الناس الذين يشاهدون ما يقول، وهناك أحد الاساتذة لا أود ذكر اسمه وجهت له انتقادا شديدا في اطروحة الدكتوراه لكلامه السيئ عن المرأة وهو يدعي ان الاسلام هو الذي وضع المرأة في هذه المكانة لكن مع الاسف اراه حاليا في كثير من المحطات الفضائية، وهناك بعض الباحثين وصلوا الى الفضائيات بصورة وأخرى ويبثون سمومهم عن القرآن والدين بما بعيد عن الموضوعية، خصوصا في ما يخص نظرة الاسلام للمرأة وهذا الامر ينفر الفتاة من القرآن وارتداء الحجاب عندما تسمع ان الاسلام أو القرآن نظر نظرة دونية للمرأة وانه يضع بينها وبين الرجل فاصلا، وانا احاول من خلال كتاباتي تصحيح هذا الامر والرد على الكلام الذي يقال.
* هل تميلين عاطفيا أو تتابعين نشاطات وأفكار التيارات الاسلامية على الساحة المحلية؟
ـ قبل الحجاب انا مستقلة فكريا ويعلم كثير من الافراد المنتمين الى الجماعات الاسلامية انني أحمل فكرا مستقلا له سمة خاصة هو طرح اخلاقي لكن بصورة تقدمية، وأنا قبل الحجاب كنت سافرة لكن كنت اتحدث عن الحجاب وحقوق المرأة في القرآن وانتقد الفساد والجهل في المجتمع وبعد ارتدائي الحجاب بقيت في هذا المجال وهو انني آخذ من الاسلاميين والليبراليين وأقف في الوسط، انا اتجه اتجاها خاصا بي وأرى انه اتجاه المستقبل وهو اننا يجب ان نطمح للحضارة والتكنولوجيا والتقدم لكن من خلال القرآن. واعتقد ان تحرر المجتمعات الاسلامية وما صاحبه من انفتاح على الغرب والدخول في عالم الانترنت والفضائيات كل هذا لم يحل مشكلة اساسية وهي الفراغ الديني والمعنوي. رؤيتي تقدمية منفتحة لكن على أسس دينية واخلاقية.
* هل معنى هذا انه يمكن ان تصدري فتاوى وأحكاما في شأن القضايا العامة؟
ـ في المستقبل نعم، سأكرس وقتا أكبر للبحث في القرآن لكن لا ادري ان كنت سأصدر فتاوى انما سأعمل على نقد ما هو موجود في الساحة مثل انسان يقدم دكتوراه يصبح علاَّمة وشيخ دين ويظهر في الفضائيات ويقص الآيات ويأخذ المقاطع التي تناسب آراءه الشخصية ويجتهد في هذا المجال، انا الآن انتهيت من بحث بدأته في عام 1996 عن مشكلة البغاء والسحاق، عندما بدأت البحث خصوصا المتعلق بالسحاق لم أجد أي مراجع ولم يذكر في القرآن، لذلك بدأت من الصفر ثم ظهرت في النهاية مادة دينية هائلة وقد جندت اصدقائي في كل مكان لارسال اي ورقة عن الموضوع، وقد جاءت المراجع وبدأت اعمل واتضح ان السحاق في الدين يعادل الزنا. وعندما عملت استبيانا وزعته على النساء اتضح ان 23% فقط يعرفن ان السحاق محرم وهذا عمل من صميم الاسلاميات لم يتطرق له ويكتب عنه أحد، وبالتالي فاذا كنت سأبحث في الاسلاميات فإن مثل هذه المواضيع ستكون نهجي وهي طرق ما هو جديد وكتابة تحليلية دينية لقضايا تهم المرأة لتنبيهها من المخاطر.
* لكن الا تعتقدين ان هذا النهج سيوقعك في مشاكل مستقبلية مع علماء الدين؟
ـ اعتقد ان رجال الدين هم أول من سيشجعونني لاني انبه المجتمع من مخاطر ولاني اسير على منهج القرآن والسنة، وكما قلت انني استخرجت من القرآن والسنة ما يدعمني في القول ان السحاق يعادل الزنا، وانبه النساء اللواتي يستسهلن هذا العمل وأقول لهن ان هذا محرم.
فعدد كبير من النساء يعتقدن ان باستطاعتهن ممارسة السحاق لانه يكون مع امرأة مثلهن، وانا اعتمد على القرآن والسنة في تصحيح الفساد واعتقد ان المجتمع سيشكرني والجماعات الاسلامية أول من يساعدني في هذا المجال.
* كيف اصبحت علاقتك مع الليبراليين عقب ارتدائك الحجاب؟
ـ ليس لي علاقة مع الليبراليين سواء قبل الحجاب أو بعده، فانا لم انتم الى التيار الليبرالي ولا يشرفني ذلك كما قلت عشرات المرات ولا أؤمن بوجود هذا التيار لانه لا وجود له على الساحة الاعلامية الا في بعض مقالات متفرقة لا تؤثر نهائيا في اتخاذ القرار كما انه لا أثر له في مجلس الأمة (البرلمان) عندما اقرت قوانين منع الاختلاط والحشمة، اذاً انا لا أؤمن بوجود تيار ليبرالي في المجتمع الكويتي وهذه مجرد أوهام، وهم لم يصدروا اي بيان أو يقوموا بأي تحرك اثناء صدور حكم ضدي بالسجن العام الفائت بسبب كتابي «العناكب».
* كيف استقبل أهلك واصدقاؤك وطلبتك ارتداءك الحجاب؟
ـ الطلبة لم يتفاجأوا نهائيا فعقب عطلة العشر الأواخر من رمضان عندما دخلت على طلبتي مرتدية الحجاب كان الأمر عاديا بالنسبة لهم لانني اصلا محتشمة في لبسي وكان ينقصه فقط ارتداء الحجاب، كما انني تكلمت كثيرا عن الحجاب وبالتالي لم تكن هناك مفاجأة، انما كانت المفاجأة موجودة فقط في الإعلام لان الصحافة خصوصا تضم افراداً يحملون نية معينة وبعضهم فارغو الايمان وغير متخيلين نور الهداية لذلك تناولوا الموضوع بالسخرية وبصورة سلبية.
* هل يمكن بعد فترة من الزمن ان تخلعي الحجاب؟
ـ هذه الخطوة نهائية وانا أشعر اني بدأت حياة جديدة تماما وكأنني ولدت الآن وكأن كل حياتي السابقة ولوحاتي وكتبي كانت مجرد خربشات ومحاولات لايجاد الهوية وخلال هذه الفترة لم أكن بعيدة عن الله.
* هل ستتخلين عن كتاباتك وأفكارك السابقة؟
ـ عندي خمسة كتب، واحد منها ممنوع. هذه الخمسة لا استطيع الآن ان اعدمها أو الغيها لانها جزء من تاريخي وكما قلت لولا هذه الكتب لما وصلت الى الايمان وهناك عشرات الاسئلة في التاريخ الاسلامي ينطبق عليها المثل كرابعة العدوية التي كانت راقصة وفاسدة تماما وفجأة وجدت النور، وانا لم اصل الى هذه الدرجة من الفساد انما كانت لي بعض الكتابات واللوحات وهذه هفوات بسيطة يقع فيها عشرات الناس وحتى في المجتمع الكويتي هناك شيوخ دين كانوا مطربين واشرطتهم تباع ولم يقوموا بسحب هذه الاشرطة من الاسواق.
هذه الكتب لا استطيع ان الغيها من حياتي لانها تاريخي وانا أحمل هذا التاريخ واعتقد انني تعلمت منها والمهم ليس ماذا كتبت أو رسمت بل ماذا سأفعل الآن.