منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75483
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Empty
مُساهمةموضوع: فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها    فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Emptyالأربعاء 16 يناير 2019, 6:46 am

فاحشة الزنا


إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وأوجدهم لغاية سامية ، واستخلفهم في الأرض لأمر عظيم ألا وهو عبادته وحده سبحانه دون سواه ، وأن يُطاع أبداً ، ولا يُعصى أبداً ، ولهذا قال تعالى : [ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ] ( الذاريات 56 ) ، ولقد فرط كثير من المسلمين بأوامر الله عزوجل ، وأوامر نبيه صل الله عليه وسلم ، بل وارتكبوا مانهوا عنه فاستحلوا ما حرم الله عليهم من المعاصي والفواحش بلا خوف ولا حياء حتى غطى الران قلوبهم واستحقوا غضب الله ومقته .
ولقد قرن الله سبحانه وتعالى الشرك والزنا واللواط بالنجاسة والخبث في كتابه دون سائر الذنوب ، وإن كانت جميع الذنوب تشتمل على ذلك ، لكن الله عزوجل خص هذه الذنوب الثلاثة لغلظها وقباحة فاعلها ومرتكبها عند الله تعالى وشناعة وبشاعة فعلها ، واستقذار ممارسيها عند الله تعالى ، وعند عباده ، لما فيها من تعد لحدود الله ، وعدم مبالاة بأوامره سبحانه وأوامر نبيه عليه الصلاة والسلام ، فقال تعالى : { ياأيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس } ( التوبة 28 ) ، وقال في حق اللواط : { ولوطاً أتيناه حكماً وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين } ( الأنبياء 74 ) ، وأما الزناة فجاء وصفهم صريحاً فقال تعالى : { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات } ( النور26 ) .
قال بن القيم رحمه الله تعالى : [ والمقصود بيان ما في الزنا واللواطة من نجاسة وخبث أكثر وأغلظ من سائر الذنوب ما دون الشرك ، وذلك لأنها تفسد القلب وتضعف توحيده جداً ، ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركاً ، فكلما كان الشرك في العبد أغلب كانت هذه النجاسة والخبائث فيه أكثر ، وكلما كان العبد أعظم إخلاصاً كان منها أبعد ، فليس في الذنوب أفسد للقلب والدين من هاتين الفاحشتين ] .
وقال بن حجر رحمه الله : [ لقد عد العلماء الزنا من الكبائر ، وبعض الزنا أغلظ من بعض ، فالزنا بحليلة الجار ، أو بذات الرحم ، أو بأجنبية في شهر رمضان ، أو البلد الحرام ، فاحشة مشينة ] .
ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم كل الأسباب المؤدية إلى الزنا ، وجميع الدوافع الدافعة إليه ، فقال صل الله عليه وسلم : [ أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية ] ( النسائي وغيره ) ، وحذر نبي الأمة والرحمة من الدخول على النساء أو الاختلاط لأن ذلك مما قد يدفع ضعاف النفوس إلى ممارسة هذه الفاحشة العظيمة المشينة المحرمة ، فقال : [ إياكم والدخول على النساء ] ، فذكر له رجل ، فقال : أرأيت الحمو يارسول الله ، فقال : [ الحمو الموت ] ، أو كما جاء في الحديث ، فإذا كان هذا مع أخ الزوج ، فما بالنا بمن يتركون الرجال الأجانب يدخلون على نساءهم ومحارمهم دون أن يحرك ذلك ساكناً فيهم من شعور بالغيرة على أعراضهم ومحارمهم ، مدعين بذلك العفة لدى الجنسين ، وأقول : والله إنه ضعف في الدين ، وقلة حيلة لدى أولئك المساكين .
ولهذا قال تعالى محذراً من الدخول على النساء : { وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب } ثم ذكر المولى جل وعلا الحكمة البالغة من ذلك فقال : { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } ( الأحزاب 53 ) ، وحرم الإسلام على المرأة أن تخرج أمام الرجال الأجانب وهي متخذة زينتها لما في ذلك من جنوح إلى الذنب والمعصية ، وإقبال على الفاحشة والرذيلة ، واستمالة ضعاف النفوس والإيمان والتقوى للإنجراف في بحر الفاحشة ، والوقوع في براثن الزانيات العاهرات الداعيات إلى البعد عن عالم الخفيات فاطر الأرض والسموات ، فقال تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباءهن أو أباء بعولتهن أو أبناءهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نساءهن أو ماملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورا النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } ( النور31 ) ، ثم أمر المولى جلت قدرته عباده الذين لا ستطيعون النكاح ولا يجدون له طريقاً ومسلكاً ، أمرهم بالعفة إلى أن يكتب الله لهم ذلك ، فقال تعالى : { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله } ( النور 33 ) .
وحذر الله تعالى عباده من كل ما من شأنه أن يكون ذريعة إلى فعل فاحشة الزنا ، من الستر وعدم الاختلاط بين الرجال والنساء ، وعدم التكسر في كلام النساء مع الرجال ، وعدم خروج المرأة من بيتها بغير محرم لأن ذلك يفضي إلى عواقب وخيمة ، فيه فساد هذه الأمة ، وجاء الخطاب صريحاً لأمهات المؤمنين ، وقصد به نساء الأمة أجمعين ، فقال تعالى : { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله } ( الأحزاب 32/33 ) .
ومع ذلك كله فقد استهان كثير من الناس اليوم بكثير من المحرمات حتى أصبحت لديهم كأنها من المأمورات ، فاختلط الحلال بالحرام عند تلك الفئة من الناس ، فأضحوا لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ، ومن هذه الفواحش التي لعب الشيطان بعقول مرتكبيها فاحشة ( الزنا ) ، وسوف نتطرق إلى هذا الموضوع الهام والفاحشة العظيمة التي حرمها الإسلام ، ويمقتها أصحاب العقول والإلمام ، ويأباها صاحب الدين والخلق ، بل ترفضها البهائم العجماوات ، ولا تقبلها على ما فيها من فقد للعقول والأفهام ، قال تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق . . . } ( الأعراف 33 ) ، وقال تعالى : { ولا تقربوا الفواحش ماظهر منها وما بطن } ( الأنعام 151 ) . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : [ ليس أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل ، من أجل ذلك مدح نفسه ، وليس أحد أغير من الله عز وجل ، من أجل ذلك حرم الفواحش ، وليس أحد أحب إليه العذر من الله عز وجل ، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل ] ( مسلم ) .
ومن هذه الفواحش الزنا ، والزنا من أبشع الفواحش التي حرمها الله جل وعلا وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأجمعت الأمة قاطبة على تحريمه ، وهو من أقبح المعاصي والذنوب على الإطلاق ، ومن أعظم الجرائم ومن كبائر الذنوب والمعاصي ، لما فيه من اختلاط الأنساب الذي يبطل بسببه التعارف والتآلف والتعاون على الحق وفيه هلاك الحرث والنسل ، لأنه اشتمل على هذه الآثار القبيحة ، والنتائج السيئة ، ورتب الله عليه حداً صارماً وقاسياً ، وهو رجم الزاني بالحجارة حتى الموت إن كان متزوجاً ، والجلد والتغريب إن لم يكن متزوجاً ، ليحصل بذلك الارتداع والابتعاد عن هذه الفاحشة القبيحة ، والزنا من أكبر الكبائر بعد الكفر والشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، قال صل الله عليه وسلم : [ اجتنبوا الكبائر وسددوا وأبشروا ] ( أحمد في صحيح الجامع برقم 146 ) . 
وهو محرم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة الذي نقله كثير من أهل العلم ، قال تعالى : { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } ( الإسراء 32 ) ، وقال صل الله عليه وسلم : [ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ] ( متفق عليه ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ إذا زنى العبد خرج منه الإيمان وكان كالظلة ، فإذا انقلع منها رجع إليه الإيمان ] ( قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ) .
فجاء التحريم مواكباً لما تقتضيه الطبيعة البشرية ، ولما يسببه الزنا من أضرار وأمراض بالغة ، سواءً العضوية أو النفسية أو الاجتماعية ، فالزنا يسبب أمراضاً خطيرة وفتاكة بالجسم ، ويؤدي إلى اضطراب المجتمعات ، وتفكك الأسر ، ولا أدل على ذلك من التفكك والضياع الذي تعيشه معظم الأسر الغربية وانحلال الحياء بسبب اقتراف فاحشة الزنا ، فمجتمع لا هم له إلا إشباع شهواته الغريزية ، ولذاته الجنسية ، ذاك مجتمع فاشل هابط ساقط ، ولا يأمن بعضه بعضاً لاستفحال هذه الفاحشة فيهم . فهم معرضون لشديد عقاب الله وأليم عذابه .
فعند إقدام الزاني على الزنا وعند قيامه به في هذه الحالة قد ارتفع الإيمان فوق رأسه فهو بلا إيمان ، ففي هذه الحالة انتفى الإيمان من قلبه وجوارحه حتى يترك هذه المعصية ـ عياذا بالله من ذلك ـ فكيف إذا جاء ملك الموت لتنفيذ أمر الله وقبض الأرواح ، والزناة والزواني في هذه الحالة التي تغضب جبار السموات والأرض ، كيف سيكون المصير ؟ كيف وقد خرج الإيمان وجاء الموت ؟ على أي حال كان هذا الزاني وهذه الزانية ؟ إنهما كانا على حال تُغضب الله العزيز الجبار شديد العقاب ، فالله يمهل للظالم ولا يهمله ، وإذا أخذه لم يُفلته ، بل يأخذه أخذ عزيز مقتدر ، قال صلى الله عليه وسلم : [ إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } ( هود102 ) ، فهل هناك أقبح من أن يأتي رجل امرأة لا تحل له ؟ وهل هناك أفظع من أن يضع رجل نطفته في فرج حرام لا يحل له ؟ فكيف إذا داهم ملك الموت هؤلاء الزناة ؟ كيف سيكون الخلاص ؟ وأين المهرب والملتجأ ؟ وأين الناصرون ؟ وأين المنقذون ؟ وأين الآمرون بالزنا ؟ وأين شيطانهم الذي دفعهم لارتكاب تلك الفاحشة الشنيعة ؟ إن الشيطان الذي زين لهم القيام بالزنا وهون أمره في قلوبهم سيتخلى عنهم في ذلك الموقف العصيب الرهيب ، ومن ينفع إذا جاء الموت ، وغرغرت الروح وبلغت الحلقوم ، والله لن ينفع العاصي في تلك اللحظة أحد من الخلق أجمعين ـ فنسأل الله أن يحسن خاتمتنا ـ ويرد عليهم الشيطان في قول الله تعالى : { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لاغالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب } ( الأنفال 48 ) ، ويقول جل وعلا : { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم } ( إبراهيم 22 ) ، ماذا سيقول الزناة لهادم اللذات ؟ ومفرق الجماعات ؟ ماذا سيقولون لملك الموت ؟ أيقولون أمهلنا حتى نتوب إلى الله ، أم يقولون انظرنا حتى نعاهد الله ألا نعود لمثل ذلك ؟ يقول الله جل شأنه في أمثال أولئك : { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن وراءهم برزخ إلى يوم يبعثون } ( المؤمنون 100 ) ، أتدري ما البرزخ ؟ إنه حياة القبر وما أعده الله للزناة والزواني فيه من ألوان العذاب التي لا يعلمها إلا هو سبحانه ، يقول تعالى : { وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لايفرطون * ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين } ( الأنعام 61/62 ) ، وقال تقدس في علاه : { قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال أخسئوا فيها ولا تكلمون } ( المؤمنون 106/107 ) . إن هناك من العذاب مالا تطيقة الجبال الراسيات ، فضلاً عن أن يطيقه إنسان اكتسى لحماً وعظماً ، أما كان لهؤلاء أن يصبروا على طاعة الله ، ويصبروا عن معاص الله ، ويعلموا أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ، وقد أمروا بترك الزنا والابتعاد عنه وأوجد لهم نبيهم عليه الصلاة والسلام طريقاً ومسلكاً يتبعه من لايستطيع الباءة والقدرة على الزواج من البنين والبنات ، فبين نبي الرحمة والهدى معالم الدين الحنيف لكافة الأمة ، كيف لا ؟ وقد قال الله عن نبيه صلى الله عليه وسلم : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } ( التوبة 128 ) ، فهاهو النبي صل الله عليه وسلم يبين الطريق الأمثل لمن لم يستطع الزواج والقدرة عليه بقوله عليه الصلاة والسلام : [ يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ] ( البخاري ) ، ثم ماذا بعد الموت ؟ أين مصير الزناة والزواني ؟ يقول تعالى :{ ومن وراءهم برزخُ إلى يوم يبعثون } ( المؤمنون 100 ) ، البرزخ كما قلنا هو حياة القبر ، فماذا سيكون مصيرهم هناك ، إنه تنور ( فرن ) أسفله واسع وأعلاه ضيق يوضع فيه الزناة والزواني ويأتيهم العذاب والنار من تحتهم وهم يصرخون ويصيحون ، فمن ينصرهم في ذلك الموقف العسير ؟ فلا إله إلا الله ، ولاحول ولاقوة إلا بالله . اللهم أجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة




ثم كيف بالزناة والزواني يخشون الناس ولايخشون الله ، ويستحيون من الناس ولايستحيون من الله ، ويستخفون من الناس ولايستخفون من الله . فتراهم يهربون إلى أماكن بعيدة حتى لا يراهم أحد من الناس ، ونسوا بل تناسوا أن الله يراهم وينظر إليهم في تلك اللحظات المشينة ، قال تعالى : { يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون مالا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً } ( النساء 108 ) ، وقال تعالى : { أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين } ( التوبة 13 ) .
ولكنه اتباع الهوى والشهوات ، والبعد عن خالق الأرض والسموات ، قال تعالى : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً } ( مريم 59 ) ، وغي هذا هو واد في جهنم بعيد قعره ، فيه من ألوان العذاب مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، نسي أولئك أنهم سيعودون إلى الله سبحانه وتعالى فيجازيهم بأعمالهم ، قال المولى جل وعلا : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون } ( المؤمنون 115 ) ، وأنه سيذكرهم ويقررهم بما عملوا ، فإن نسوا هم فإن الله لاينسى ، قال تعالى :{ في كتاب لايضل ربي ولا ينسى } ( طه52 ) ، نسوا أن الله سيسجل عليهم ذلك ويجدونه في صحائف أعمالهم ، وقال تعالى :{ ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً } ( الكهف49 ) ، وقال تعالى :{ يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شئ شهيد } ( المجادلة6 ) . 

والآيات الدالة على البعث والحساب كثيرة وأن هؤلاء العصاة والبغاة سيعودون إلى الله ويحاسبون على أعمالهم الشنيعة التي أغضبت المولى جل وعلا ، وسيحاسبون على أفعالهم القبيحة التي لا يرضى عنها حتى من لا يؤمن بالله ، فالطباع السليمة لا ترضى مثل هذه الفاحشة التي توجب غضب الله وعقابه وسخطه ومقته ، وعندما بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء على ألا يشركن بالله شيئاً ولايسرقن ولا يزنين ، قالت هند بنت عتبة : أوَ تزني الحُرة ؟ ما كان نساء الصحابة رضوان الله عليهن يصدقن أن الحرة تزني ، ما كن يعرفن الزنا ، لأنه لم يكن موجوداً عند أهل الإيمان والتقوى ، فصاحب الزنا يشعر بأنه من أفسق الناس ومن أفجرهم ومن أجرم الناس على الإطلاق ، فهو أيضاً يُحس بوحشة وضيق في صدره من شناعة الجُرم والفاحشة التي قام بها فيتمنى لو أن الأرض تنشق وتبتلعه من قُبح ما فعل ، فإذا فعل فعلته التي فعل ، وانتهى من جرمه الذي عمل ، ضاق صدره وتألم قلبه لسوء فعلته ، وخساسة عمله فيُحس بقذارة ما فعل من فاحشة ( الزنا ) ويتمنى لو أنه لم يفعلها فيريد التوبة والعودة والإنابة إلى الله سبحانه ، والإقلاع عن تلك المعصية ، ولكن يأتيه الشيطان فيهون عليه تلك المعاصي والآثام ، ويُطمئِنُ قلبه بفعل تلك الذنوب العظام ، والكبائر الجسام ، والموبقات المهلكات ، فيهلكه بفعلها ويغرقه في لجج المعاصي والآثام فيقع فريسة سهلة للشيطان ، فتضيق عليه معيشته ويصبح كثير الشكوك وافر الظنون ، لأنه يخاف أن يفعل الناس بأهله الفاحشة كما يفعلها هو بمحارم الناس ( فكما تدين تدان ) ، قال صل الله عليه وسلم : [ من وقاه الله شر ما بين لحييه ، وشر ما بين رجليه دخل الجنة ] ( السلسلة الصحيحة برقم 509 ) فصاحب الزنا يعيش بصير العين أعمى القلب ، ومن عمي قلبه فحياته فيها من التعاسة الشيء الكثير ، فهو خائف وقلق وفزع من هول تلك المعصية فيخاف من العقوبة في الدنيا ، أما الآخرة فقد نسيها ونسي الخالق سبحانه فالله سوف ينساه لأنه ماعرف لله حقاً ، وما ترك لله حداً ، فالجزاء من جنس العمل .

قال تعالى : { نسوا الله فنسيهم } ( التوبة 67 ) ، وقال تعالى : { استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } ( المجادلة 19 ) .




أدلة تحريم الزنا :



أولاً : من الكتاب :

قال تعالى : { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } ( الإسراء32 ) ، وقال تعالى :{ ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مُهاناً } ( الفرقان68/69 ) ، وقال تعالى :{ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولاتأخذ كم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } ( النور2 ) ، ومما أنزله الله تعالى ثم نُسخ لفظاَ وبقي حُكماَ قوله تعالى :{ والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيزٌ حكيم } ورد ذلك في الحديث المتفق عليه ، ومعنى الشيخ والشيخة أي (الثيب والثيبة) ، وقال تعالى :{ الزاني لاينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لاينكحها إلا زان أو مشرك وحُرم ذلك على المؤمنين } ( النور3 ) ، وقال الإمام الفخر الرازي من أحسن ما قيل في تفسير هذه الآية أن الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنا والفسق لايرغب في الزواج منه النساء الصوالح ، ولا يرغب هو في ذلك ، وإنما يرغب في نكاح فاسقة مثله أو في مشركة ، والفاسقة الخبيثة لايرغب في نكاحها الرجال الصلحاء وينفرون منها ، ويتنحون عنها ، ولا يرغب فيها إلا من هو من جنسها من الفسقة والمشركين ، ومن أدلة تحريم الزنا قوله تعالى : { ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن } ( الأنعام151 ) ، وقال تعالى : { الخبيثت للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم } ( النور26 ) ، فصاحب الزنا خبيث وصاحبة الزنا خبيثة والخبيث للخبيثة ، أما الطاهرون من هذه الفاحشة الشنيعة فهم الطيبون والطيبات فهؤلاء لبعضهم البعض ، هؤلاء من التزموا أوامر اله تعالى ، وأوامر نبيه صل الله عليه وسلم فهم الفائزون المفلحون بإذن ربهم ، لتمسكهم بتعاليم دينهم وعدم العدول عنه قيد أنملة ، فهنيئاً لهم . وتعساً لمن رضي الزنا والهوى ديناً ومسلكاً وطريقاً .



ثانياً : من السنة :

في الزنا إماتة في قلب الزاني والزانية لروح الإيمان والتقوى والخوف من الجبار سبحانه ، ولا يقبل فاحشة الزنا ذو عقل أو همة أو من في قلبه غيرة .

قال صل الله عليه وسلم : [ خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ] ( مسلم واحمد وغيرهما ) .

وقال صل الله عليه وسلم : [ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة ] ( متفق عليه ) . 

وقال عليه الصلاة والسلام : [ ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له ] .

وقال صلى الله عليه وسلم : [ ثلاثة لايكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذابُ أليم : شيخٌ زان ، وملك كذاب ، وعائل مستكبر ] (مسلم وأحمد والنسائي) ، وقال صلى الله عليه وسلم :[ لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ] (متفق عليه) ، ولما سئل صل الله عليه وسلم عن أعظم الذنب ذكر منها : [ أن تزاني بحليلة جارك ] ( متفق عليه ) ، وحليلة جارك يعني زوجة جارك .

وعن بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : [ إياكم والزنا ، فإن في الزنا ست خصال : ثلاث في الدنيا ، وثلاث في الآخرة . فأما اللواتي في الدنيا : فذهاب نور الوجه ، وانقطاع الرزق ، وسرعة الفناء . وأما اللواتي في الآخرة : فغضب الرب ، وسوء الحساب ، والخلود في النار ، إلا أن يشاء الله ] ( رواته ثقات وفيه انقطاع) .



ثالثاً : الإجماع :

أجمعت الأمة الإسلامية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا أجمعت الأمة على تحريم الزنا وأن الزاني يُرجم إن كان محصناً ، ويجلد ويُغرب إن كان غير محصن ، فرجم النبي صل الله عليه وسلم ماعزا ورجم الغامد ية ورجم التي زنا بها العسيف ( الأجير ) ورجم اليهوديين ، ثم بعد موته عليه الصلاة والسلام ، رجم الصحابة من زنا في عهدهم رضي الله عنهم أجمعين ، وتلقى الناس هذا الحكم وعملوا به إلى يومنا هذا في كل بلد تطبق أحكام الإسلام . (مجلة البحوث الإسلاميةج8 ) .

وقد أجمع أهل الملل على تحريمه ، فلم يحل في ملة قط . ولو أحل في ملة ما لكان ذلك مشاهداً عياناً بياناً ، ولعلم ذلك لارتكاب مستحليه علانية وجهراً لا خفية وسراً ، ولكن لما لم يحدث ذلك ولم ينقل عن أهل ملة من تلك الملل عُلم بذلك تحريمه في جميع الملل . ولذا كان حده أشد الحدود ، لأنه جناية على الأعراض والأنساب . وهو من جملة الكليات الخمس ، وهي حفظ النفس والدين والنسب والعقل والمال التي حرم الإسلام التعرض لها ، وجاء التحريم أيضاً في سنة المصطفى صل الله عليه وسلم في خطبة الوداع عندما حرم الدماء والأموال والأعراض بين المسلمين ، وأوضح عليه الصلاة والسلام أنها حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في عامكم هذا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75483
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Empty
مُساهمةموضوع: رد: فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها    فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Emptyالأربعاء 16 يناير 2019, 6:49 am

عقوبة الزنا :



أولاً : في الدنيا : 
عقوبة الزاني والزانية الرجم إن كانا محصنين ، والجلد والتغريب إن لم يكونا محصنين ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم من زنا في عصره ، وكذلك الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم رجموا من زنا في عصرهم ، وقد تلقى المسلمون هذا الحكم بالقبول إلى يومنا هذا ، قال صلى الله عليه وسلم : [ لايحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ، وذكر منها ( الثيب الزاني ) . . . ] ( متفق عليه ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ إذا ظهر الزنا والربا في قوم فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله ] ( الحاكم وصحح إسناده ) ، وقال صل الله عليه وسلم : [ لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ] ( ابن ماجة ) .
وقال صل الله عليه وسلم : [ والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ] ( مسلم وغيره ) .



كيفية الجلد :
اتفق الفقهاء على أن الجلد يكون بسوط معتدل ، ليس رطباً ، ولا شديد اليبوسة ، ولا خفيفاً لا يؤلم ، ولا غليظاً يجرح ، ولا يرفع الضارب يده بحيث يبدو بياض إبطه ، ويفرق الجلدات على بدنه .
ويتقي المقاتل لأنها مواضع يسرع القتل إلى صاحبها بالضرب عليها ، والقصد من الحد الردع والزجر لا القتل ، ويجتنب الوجه لأنه أشرف أعضاء الإنسان ومعدن جمله فلا بد من تجنبه خوفاً من تجريحة وتقبيحة ، قال صل الله عليه وسلم : [ إذا ضرب أحدكم فليجنب الوجه ] ( البخاري في الفتح وأحمد ) ، وقال علي رضي الله عنه للجلاد : [ أعط كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير ] . ويجلد الرجل قائماً ، والمرأة جالسة وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد . 


كيفية الرجم :
إذا كان المرجوم رجلاً أقيم عليه حد الرجم وهو قائم ولم يوثق ولم يحفر له سواءً ثبت زناه ببينة أو بإقرار ، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء .
أما المرأة فيحفر لها عند الرجم إلى صدرها إن ثبت زناها ببينة ، لئلا تتكشف عورتها ، ويؤتى بحجارة متوسطة تملأ الكف ، ويضرب المرجوم حتى الموت ، ويخص بالرجم مقاتل المرجوم ، ويقف الناس صفوفاً كصفوف الصلاة وهذا قول الحنفية ، وقال الحنابلة : يسن أن يدور الناس حول المرجوم من كل جانب كالدائرة إن ثبت زناه ببينة ، ولا يسن ذلك إن ثبت زناه بإقرار ، وقال الشافعية : يحيط الناس به . ( الموسوعة الفقهية زنا ، رجم ، جلد ) .
فمن يطيق أن يفعل به هذا العذاب الأليم ، وهذا العقاب الشديد ، وهذا في الدنيا أما الآخرة فهي أشد وأبقى { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب } ( النساء 56 ) . أم كان له أن ينقذ نفسه من رق العبودية للشهوة والهوى ، ويقي جسده من نار تلظى . أما كان من الواجب عليك أن تتعظ بما حل بالأمم السالفة ، وما يحصل من سوء خاتمة لمن بلوا أنفسهم بفاحشة الزنا ممن نعاصرهم .
فاعتبروا يا أولي الأبصار !! .


ثانياً : في القبر :
يوضع الزناة والزواني في تنور ( فرن ) أسفله واسع وأعلاه ضيق ، وتعلق الزانيات بثديهن وتأتيهم النار من تحتهم وهم يصرخون ويتضأضأون ، ولكن هيهات هيهات لهم أن يخرجوا ، ففي الحديث الطويل الذي رواه البخاري رحمه الله عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : [ . . . وإنه قال لنا ( النبي صل الله عليه وسلم ) ذات غداة : " إنه أتاني الليلة آتيان ، وإنهما قالا لي انطلق ، وإني انطلقت معهما ، . . . ، فانطلقنا فأتينا على مثل التنور فأحسب أنه قال فإذا فيه لغط وأصوات ، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة ، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضئوا ، قلت ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، . . . ، إلى أن قال : فإني رأيت الليلة عجباً ؟ فما هذا الذي رأيت ؟ قالا لي : أما إنا سنخبرك : إلى أن قال : وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني ] وهذا هو مصيرهم في القبورإلى قيام الساعة ، والساعة أدهى وأمرّ .
فهل من توبة ؟ وهل من عودة إلى الله سبحانه وتعالى ؟ وهل من معتبر ؟ 


ثالثاً : في الآخرة :
قال صل الله عليه وسلم :[ ثلاثة لايكلمهم الله ولاينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم : وذكر منهم : شيخ زان ] ( مسلم وأحمد والنسائي ) .
فمن لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ، فمن ينظر في حاجته يوم القيامة ، فياله من موقف عصيب وشديد ، موقف وضع الزناة والزواني أنفسهم فيه بمحض إرادتهم ، فمن لم ينظر الله إليه فعاقبته وخيمة ، وخاتمته سيئة ، ومن لم ينظر الله إليه فأين مصيره وأين قراره ؟ هل هو في أعلى عليين ؟ أم في أسفل سافلين ؟ وهل يستوي هؤلاء العصاة مع من امتثل أوامر الله وأوامر رسوله عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى : { أفمن يُلقى في النار خير أمن يأتي آمناً يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير } ( فصلت 40 ) . وقال تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون * والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } ( يونس 26/27 ) .
فالعاصي هو الأعمى يوم القيامة ، وأما المبصر السامع فهو الطائع المتقي ، الخائف الوجل ، فهذا يمشي بنور الله عزوجل في هذه الحياة الدنيا ويوم القيامة له الأمن من ربه سبحانه ، قال تعالى : { أوَمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون } ( الأنعام 122 ) . 
وقال تعالى : [ الذي آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } ( الأنعام 82 ) .
وقال تعالى في شأن العُصاة العُمي يوم القيامة : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى } ( طه124/125/126 ) ، فهؤلاء نسوا الله ، نسوا أوامر الله عز وجل عصوا الله في الخلوة ما تذكروا الله في الرخاء ، فنسيهم وهم في أشد الحاجة إليه سبحانه تخلى الله عنهم لأنهم ما عرفوا لله طريقاً ، ما قدروا لله حقاً ، فالله سوف ينساهم في ذلك اليوم ، الذي يشيب فيه المولود ، ذلك اليوم الذي يفر فيه المرء من أمه وأبيه وأخيه وصاحبته وبنيه ، ولا يتذكر إلا نفسه ، يحتاج إلى حسنة فلا يجدها ، فأولئك العصاة من الزواني والزناة ، لم يتذكروا أن ورائهم موت وسكرة ، وقبر ووحشة ، ومنزل ووحدة ، ونار تلظى ، لا يصلاها إلا الأشقى ، فيالها من خسارة فادحة ، وندامة وأي ندامة .
أما من أطاعوا الله جل وعلا ، الذين اتقوا ربهم في السر والعلانية ، فلهم الجنات بإذن الله رب الأرض والسموات .
ولذلك ترتب على فعل فاحشة ( الزنا ) تلك العقوبة الصارمة في الحياة الدنيا ، والقبر ، والآخرة . 


أسباب الزنا :


1- الاختلاط : ويحدث هذا كثيراً في المستشفيات والأسواق والملاهي والحدائق العامة وغيرها.
وما دعوة أعداء الملة والدين للتبرج والاختلاط إلا لحقدهم الدفين على المسلمين لتمسكهم بدينهم القويم ، الذي هداهم إلى الصراط المستقيم ، ولهذا قال الله تعالى : { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير } ( البقرة 120 ) .
ولقد جاءت فتاوى العلماء المصلحون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر جاءت موافقة لما جاء به كتاب الله وسنة نبيه صل الله عليه وسلم من تحريم الاختلاط والتبرج والسفور ، فما انتشرت تلك الفواحش في كثير من المجتمعات إلى لبعدها عن منهج الله القويم ، ولتحليلها ما حرم الله ، ولاتباعهم دعاة الفساد ، ومن هم من المسلمين وعالة على العباد ، فضلوا وأضلوا كثيراً . 
قال صل الله عليه وسلم : [ لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ] ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ] ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون زوجاً أو ذا محرم ] ( مسلم ) 
وفتنة النظر إلى النساء الأجنبيات فتنة عظيمة لما تسببه من تعلق الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، فليحذر المسلمون من الوقوع في الزنا أو دواعيه لأن الأسباب مفضية إلى عواقب وخيمة وأخطار جسيمة .
وليحذر المسلمون من التمادي في الغي والباطل في السلام على النساء القريبات اللاتي لا يحللن لهم أو مصافحتهم ، فهذه هي الفتنة والمصيبة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ إني لا أصافح النساء ] ، وقالت عائشة رضي الله عنها : [ والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ما كان يبايع النساء إلا بالكلام ] ، هكذا كان التوجيه النبوي الشريف لعامة الأمة دون تخصيص ، فمن أين أتى العلماء الذين يفتون في وسائل الإعلام الهابطة بجواز النظر والتبرج والاختلاط ؟ من أين استقوا تلك العلوم ؟ ومن أين جاءوا بتلك المعارف ؟ والدين كامل ولله الحمد والمنة : { فليحذر الذين يخافون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } ( النور 63 ) ، ولهذا أمر النبي صل الله عليه وسلم بحجز صفوف الرجال عن النساء في الصلاة وهي عبادة بل أهم عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه ، فقال عليه الصلاة والسلام : [ خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ] وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف ، فعجباً لمن يريدون ويؤيدون الاختلاط في المدارس بين البنين والبنات ، ويا أسفاه على من يرضى بأن يجلس أجنبي بجانب قريبته ، أين الغيرة ؟ أين الخوف من الله ؟ والله لا يرضى بذلك إلا الديوث ، وهو الذي يقر فعل الفاحشة في محارمه ، عياذاً بالله من ذلك .
فالحذر الحذر من دعاة المدنية والتقدم الحضاري الزائف ، الذي يقوده من لادين لهم ولا خلق ، الذين لا همّ لهم إلا إخراج المرأة المسلمة من حياءها وحشمتها ، وخلع حجابها وعفتها ، وإبعادها عن دينها وعقيدتها حتى تكون فريسة لأهوائهم وشهواتهم ونزواتهم .
وفيما سبق ذكره من الأدلة خير دليل وأفضل شاهد على منع كل ما يفضي إلى ( الزنا ) فلتراجع للفائدة . 


2- غلاء المهور : فبعض الأولياء جعلوا بناتهم سلعاً تُباع وتُشترى ، فمن يُعطي فيها أكثر هو الفائز بها ، والحائز لها . أما صاحبة الشأن التي ستمضي بقية عمرها مع زوجها فلا رأي لها عند جهلة الناس وظلمتهم ، لا لشيء ؟ ولكن لحب المال والجاه . وما يدريك أيها الأب الكريم يارعاك الله أن ذلك الخاطب الذي لا يملك العقارات والسيارت والفلل والعمارات أنه عند الله خير من ذلك الغني المستكفي ، وما يدريك أن سعادة ابنتك مع من لا يملك الكثير خير من حياتها مع من يملك الكثير ، واسمع قول الله عز وجل إذ يقول : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } ( النور 32 ) ، ولقد حث النبي صل الله عليه وسلم على أخذ إذن البنت في الزوج وعدم جبرها وقهرها على من لا ترغبه ولا تريده ، فقال عليه الصلاة والسلام : [ لا تنكح البكر حتى تستأذن ] ( البخاري ومسلم ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ البكر يستأذنها أبوها ] ( مسلم ) ، وعلى هذا لا يجوز للأب إكراه ابنته على الزواج بمن لا تريده ولو كان كفأ ، وقد جاءت فتاوى العلماء موافقة لذلك ، فقال الشيخ محمد بن عثيمين في فتاواه ما نصه : [ وعلى هذا فيكون إجبار الرجل ابنته للزواج برجل لا تريد الزواج منه يكون محرماً ، والمحرم لا يكون صحيحاً ولا نافذاً لأن إنفاذه وتصحيحه مضاد لما ورد فيه النهي ، وما نهى الشارع عنه ، فإنه يريد من الأمة ألا تتلبس به أو تفعله ، وعلى هذا فالقول الراجح يكون هذا الزواج فاسداً والعقد فاسد يجب النظر في ذلك من قبل المحكمة ] انتهى . ومن المعلوم أن رضى الزوجين شرط لصحة النكاح ، فمن زوج وليته بغير إذنها فالزواج باطل غير صحيح . 
فكم هم الذين ندموا حين أجبروا بناتهم بالزواج ممن لا يرضونهن ولكن لا ينفع الندم بعدما حصل ما حصل ، فتصبح المسكينة رهينة غرفتها بعد طلاقها وقد لا يلتفت إليها أحد ، فتقع في مصيبة كان أهلها في معزل عنها .


3- حُجة إكمال الدراسة أو التدريس : فمن الفتيات من يتحججن بحجة إكمال الدراسة ، بل إن بعضهن يبقى قابعة في فصل واحد عدة سنوات حتى يفوتها قطار الزواج ، فتجد نفسها وقد بلغت من الكبر عتياً فلم يعد يلتفت إليها أحد لكبر سنها ، فتقع فيما لا تُحمد عُقباه . وكذلك لا يمتنع الفتاة بسبب انشغالها بالتدريس أو لجمع بعض المال من وظيفتها حتى يفوتها سن الزواج الذي يرغب فيه الشباب ثم تطلب الزواج فلا يقبل إليها إلا من يريد نقودها وما جمعته خلال تلك السنين العجاف ، فتعيش زوجاً أو عازباً حياة نكدة مليئة بالمنغصات ، فلا تعرف للحياة طعماً ولا للراحة سبيلا ولا للسعادة وجوداً . أختي الكريمة !! إذا أتاك خاطباً كفأ فاقبلي به لعل أن يديم السعادة بينكما ، ويرزقكما ذرية صالحة .


4- أصدقاء السوء : اختر أيها الأب لأبنائك من الأصدقاء من يكون عوناً لهم على طاعة الله ورسوله ، وحذرهم من أصدقاء الشر والسوء ، وإذا أردت أن تعرف أخلاق ابنك فسأل عن قرينه وصاحبه فالجواب هناك .


5- الوسائل المعينة على الزنا : وهذه النقطة هي محور هام ينبغي لجميع أولياء الأمور التنبه لها ، فها هي البيوت قد اكتست حُلة من السواد والظلمة فوق أسطحها بما يسمى ( بالدش ) ، فهو الآن أساس كل بلاء وشر ونقمة ، وفساد وفتنة ، فهو والله يدعوا إلى الرذيلة والعهر والجريمة ، والفسوق والأعمال المشينة ، وقد يعرض في بعض برامجه ما يدعوا إلى الكفر والإشراك بالله تعالى ـ فلاحول ولاقوة إلابالله ـ فسبحان الله العظيم ، كيف يعرف أولئك المسلمون أن هذا شر وبلاء وفتنة ومع ذلك يدخلونه إلى بيوتهم أما علموا أنهم سيُسألون عن هذه الأمانة التي بين أيديهم من الأولاد والنساء ، قال صل الله عليه وسلم : [ ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ] ( متفق عليه ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، والأب راع ومسؤول عن رعيته ] ( متفق عليه ) ، ومن الوسائل المعينة على فعل فاحشة الزنا ، جهاز ( الفيديو ) ، ( والتليفون ) ، إذا أساء الناس استخدامها فستكون من الوسائل الهدامة بلا شك ، ومن الأسباب أيضاً ( المجلات الخليعة ) ، ثم عمت البلوى وانتشرت اللأوى ، وصاحت البيوت بالآهات ، ودعت بالويلات بسبب ما يسمى ( بالإنترنت ) فاحذروا أيها الشباب واحذرن أيتها الشابات من الوقوع فريسة لمخططات أعداء الإسلام فلا تكونوا معاول عدم لأمتكم ، بل كونوا أداة بناء فعالة ترجوا الخير لأمتها .


6- الغناء : فقد قيل أن الغناء بريد الزنا ، وهو من الأسباب الرئيسة لوقوع صاحبه في الفاحشة ، وهو محرم بكتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صل الله عليه وسلم ، وإجماع الأمة .


وإليك أيها القارئ الكريم أدلة تحريم الغناء :
قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث لضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين } ( لقمان 6 ) ، ولهو الحديث هو الغناء كما فسره ابن مسعود قال : والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء ، رددها ثلاثاً ، وقال ابن عباس : نزلت في الغناء وأشباهه .
وقال تعالى : { وأنتم سامدون } ( النجم 61 ) ، ومعناه الغناء ، واسمدي لنا : أي غني لنا .
وقال تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } ( الإسراء 64 ) ، قال مجاهد : بصوتك : أي الغناء والمزامير . فالغناء صوت الشيطان ، والقرآن كلام الرحمن ، فاختر أي الكلامين تريد وتسمع . 
وقال صل الله عليه وسلم : [ لا تبيعوا القينات ( المغنيات ) ، ولا تشتروهن ، ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، وفي مثل هذا أنزلت هذه الآية : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث لضل عن سبيل الله } إلى آخر الآية . ( الصحيحة رقم 2922 ) .
وقال عليه الصلاة والسلام : [ صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما : صوت مزمار ورنة شيطان عند نغمة ومرح ، ورنة عند مصيبة لطم حدود وشق جيوب ] ( القرطبي وصححه محققه وقال أخرجه الترمذي والبزار والمنذري في الترغيب والترهيب ) .
وقال صل الله عليه وسلم : [ ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر ( كناية عن الزنا ) والحرير والخمر والمعازف ( آلات اللهو والطرب والغناء ) ] ( البخاري ) .وأقوال العلماء في ذلك معلومة مستفيضة




- وهناك وسائل أخرى كثيرة تدعوا إلى الشر والفاحشة . فانتبهوا أيها المسلون من عقوبة جبار السموات والأرض ، واحذروا من عذاب شديد العقاب ، واحذروا أن تهلككم الفواحش ثم بعد ذلك لاينفع الندم ، فالحذر الحذر من هذه الأجهزة الهدامة والمدمرة ، التي في ظاهرها النفع والفائدة ، وفي باطنها الضر والسم الزعاف .



8- التبرج والسفور : إذ كيف برجل يرى امرأة كاشفة الوجه واليدين والرجلين وحاسرة الرأس كاسية عارية تجوب الشوارع والأسواق بلا محرم ، ألا يطمع فيها من كان في قلبه مرض ، ولهذا قال النبي صل الله عليه وسلم : [ صنفان من أهل النار لم أرهما : نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ] ، قال سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في شرح الحديث السابق : ( وهذا تحذير شديد من التبرج والسفور ، ولبس الرقيق والقصير من الثياب ، والميل عن الحق والعفة ، وإمالة الناس إلى الفاحشة والباطل ) انتهى كلامه يرحمه الله . 



9- الخضوع والتكسر في الكلام : فيوجد بعض النساء من تتكسر وتتميع في الكلام مع الرجال ولاسيما أصحاب المحلات التجارية ، ومنهن من تكثر من الضحك سواءً في التليفون أو مع بعض المحارم أو غيرهم مما قد يوقع الشيطان في قلب بعض أولئك شراً وهي لاتدري نتيجة هذا الضحك ، فانتبهي لذلك أيتها المسلمة .


10- التصوير بشتى أنواعه ووسائله : فعلى الرغم من التحريم والوعيد الشديد للمصورين ، فهو أداة يستخدمها مرضى العقول والقلوب ، عبيد الشهوة واللذة ، يستخدمونها لإرغام الضحية والتي قبلت بالتصوير لتهديدها وعمل الفاحشة بها ، ثم يتركونها ملطخة بثوب العار والفضيحة ، عندها لا ينفع الندم . والعتاب موجه للأولياء إذ كيف تسمح لمن هي تحت ولايتك أن تذهب إلى أي اجتماع تعرف أن فيه منكراً ومحرماً خصوصاً أنواع التصوير أو الاختلاط ، فإن رضيت بذلك ولا أظنك ترضى فأنت رضيت بفعل الفاحشة في أهلك ، فأنت ديوث ، والجنة حرام على الديوث ، وسيبقى عار ذلك الفعل في وجهك وأهل بيتك أينما ذهبت وأينما غدوت ، فقد تهدد زوجتك أو ابنتك أو أختك أو قريبتك ، وخوفاً منها ألا تنتشر صورها ترضى بما لم يقبله إنسان ، وإذا افتضح أمرها بحثت عن ستر تسترها به ، وعن سبب ذلك . فاقبل النصيحة واحفظ أهلك وعارك وشرفك ، وعش في بيتك قرير العين مستقر القلب ، وإياك ثم إياك من مجتمعات يسودها التصوير والضحك بين النساء والرجال . 


11- كتابة الرسائل الغرامية : فهي من وسائل الضغط والتهديد ، التي يستخدمها ضعاف النفوس ، وعباد الشهوات للوصول إلى بغيتهم ومطلبهم المحرم ، ولو أن الفتاة حينما أخطأت تابت إلى الله عز وجل وعادت وأنابت إلى غافر الذنب ، لجعل الله لها من كل ضيقاً مخرجاً ، ومن كل هم فرجاً ، ولجعل لها من أمرها يسراً .
أقول : لو حصل منها ما حصل من غواية شيطانية ، وأعطت الرسائل الغرامية فليس معنى هذا أنها تقع ضحية تلك الرسائل ، بل مع توبتها الصادقة تخبر أقرب من يكون إلى فهمها من محارمها حتى تصل إلى حل لتلك المشكلة التي وقعت فيها ، لحصل بإذن الله تعالى العلاج والحل لتلك المشكلة ، أو تستعين بمن يساعدها في ذلك الأمر ، ولكن لا ترضخ للتهديدات والتخويفات من لدن أولئك العصاة المجرمون ، لو احتاج الأمر لأن تخبر والديها بذلك حتى تنقذ نفسها من براثن السفلة الفسقة عشاق الهوى واللذة ، ولا تكون صيداً سهلاً ، فبدل أن تنقذ نفسها من مشكلة قد تبدوا بسيطة ولكنها مصيبة كبيرة ، تقع فيما هو أصعب وأقبح .
فاحذري أيتها الفتاة تلك الرسائل الغرامية القاتلة للعفة والشرف . 


12- امتناع بعض الزوجات من فرش أزواجهن : مما قد يقع معه ضعاف الدين في فخاخ الفاحشة والرذيلة ، فأقول للمرأة : اتقي الله في زوجك ولا تكوني داعية له إلا فعل الزنا ، وكوني عوناً له على إحصان فرجه ، وإليك قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشها فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ] ( متفق عليه ) ، وفي رواية ، قال رسول الله صل الله عليه وسلم : [ والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها ] .


13- إهمال الرجال لحقوق النساء : إن من أهم حقوق للمرأة على الرجل إعطاؤها حقها في المبيت ، فبعض الرجال يهمل هذا الحق المهم بالنسبة للمرأة فتقع فريسة للأهواء والشهوات ، وتصبح صيداً سهلاً في أيدي اللاعبين بالأعراض ، فتورد نفسها وشرفها المهالك .


14- عدم القسم بين الزوجات : وهذه النقطة تخص التعدد ، فالبعض ممن لديه أكثر من امرأة تراه عابثاً لا عباً غير آبهٍ بما أمره الله به في قوله سبحانه : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة } ( النساء 3 ) ، فالبعض من الناس أصحاب التعدد لا يعدل بين زوجاته بل يميز بين هذه وتلك ولا شك أن ذلك حرام ، ولا بد من العدل بين الزوجات في المبيت الذي هو آكد حقوق الزوجة على الزوج .


15- امتناع الأولياء عن تزويج بناتهم : ويحصل ذلك غالباً عند من ركنوا إلى الدنيا واطمأنوا بها ورضوها واتخذوها وطناً وسكناً ، فمنعوا بناتهم من الزواج من أجل أكل رواتبهن إن كن عاملات ، وهذا حرام ، فلا يجوز عضل البنات ومنعهن من الزواج ، ومن فعل ذلك فعليه من الله ما يستحق من العذاب والعقوبة ، وعلى الفتاة رفع أمرها بعد الله تعالى إلى من بيده الحل والربط ، فترفع أمرها إلى المحكمة لتنظر في أمرها وتتخذ ما تراه مناسباً لها .
أختي بارك الله فيك : لا تستحيي من الحق بل اعرضي أمرك على ولاة الأمر خير لك من أن تقعي في أيدي المفسدين في الأرض فيضيع عرضك وشرفك ، ثم لا ينفع الندم .
وأنت أيها الأب الحنون : اتق الله في هذه الأمانة التي بين يديك ، فوالله إنك مرتحل من هذه الدنيا إلى حياة لا ونيس فيها ولا جليس إلا عملك ، فإن كان خيراً فاحمد الله ليل نهار ، وإن كان غير ذلك فالويل والثبور ، اتق الله في بناتك وارعهن حق الرعاية ، واحرص على تعليمهن ما ينفعهن من أمور الدين ، حتى يكن حجاباً لك من النار بإذن الله الواحد القهار ، واحذر من مغبة ظلمهن وعضلهن فيكن سبباً في دخولك النار ، فإذا بلغن سن الزواج فاحرص كل الحرص أن تنتقي لهن الأزواج الأخيار حتى تجني برهن وبر أبناءهن ، والله يرعاك ، ويسدد على الخير خطاك. 


16- عدم تزويج الخاطب الكفء : فبذلك تقع مفاسد كثيرة ووخيمة بسبب عدم تزويج البنات للخاطب الكفء الذي تقوم حياته على أساس المخافة من الله تعالى ، ويعدل عن ذلك إلى الخاطب الذي يدفع في البنت المهر الكثير والمال الوفير ، أما سعادة البنت فلا قيمة لها عند بعض الأولياء ، وهذا من قلة الدين وضعف اليقين عند أولئك الأولياء ، الذين لا يريدون إلا الملايين ، ولهذا حث النبي صل الله عليه وسلم على تزويج الخاطب الكفء صاحب الخلق والأمانة والدين وقال : إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ، فبتزويج البنت إلى الخاطب غير الكفء تحصل المفاسد ، وتقع البنت ضحية لتلك الزيجة الظالمة المجحفة ، التي لا أساس لها إلا حب الدنيا الفانية على الآخرة الباقية ، فتنتهي أغلبها إن لم يكن كلها بالطلاق ، بسبب التعدي وعدم الاحترام ، وحب الظلم والانتقام ، من ذلك الزوج الصاخب اللوام . فإلى الله المشتكى من قسوة قلوب الأولياء .


17- إثقال كاهل الشباب بالطلبات : فما إن يأتي الشاب للخطبة إلا وكأنه كنز وقع في أيدي أهل المخطوبة ، فيطمع فيه الطامعون ، ويتلقفه اللاعبون واللاهون ، مع أن المهر ملك للفتاة ولا يحل لأحد كائناً من كان أن يأخذ منه شيئاً ولو كان يسيراً إلا برضاها من غير قهر ولا إكراه ، فتأتي الطلبات من سيارات وأراض وعقارات ، وذهب ومجوهرات ، حتى ينقل الخاطب إلى المصحات من هول تلك الطلبات ، فالأب يطلب ، والأم تريد ، والاخوة ينتظرون ، والأقارب يتطلعون .
وقد ذكر لي أحد الأخوة أن أحدهم تقدم لخطبة إحدى الفتيات فكان أن قدم له ورقة طويلة عريضة أثقل من الأثقال ، وتعجز عن حملها الأفيال ، كثيرة الطلبات والتعقيدات . وشاب آخر فرض عليه الذهب فقط حوالي اثنين وتسعين ألفاً من غير بقية الشروط المطلوبة ، أهكذا حث الدين الحنيف في أمور الزواج ؟ أهكذا يكون تزويج البنات ؟ 
إنه والله التعقيد بذاته ، والطمع بعينه ، فالشاب ما إن يتخرج ويعمل لمدة سنة أو سنتين كي يجمع من المال ما يعف به فرجه عن الحرام ، إلا ويقابل بكثرة الطلبات وزيادة المهور ، فينحرف بسبب الطمع والجشع ، فاتقوا الله يا من بليتم أنفسكم بحب الدنيا ومتاعها الزائل ، واعلموا أنكم ستقدمون على ربكم فيسألكم عن تلك الأمانة الملقاة على عواتقكم والتي عجزت عنها الجبال الراسيات ، والأرض والسموات ، فأبين أن يحملنها خوفاً من عدم تحملها أو أداءها حق الأداء ، ثم تحملتها أنت أيها المسكين ، فاحرص أن تؤديها على أكمل وجه ، وتقوم بها خير قيام ، وإلا فالنار النار .


18- عدم نظر الخاطب إلى المخطوبة : وهذا حق من حقوق الخاطب أن يرى مخطوبته ، كيلا يقع ما لا تحمد عقباه ، فبعض الأولياء يعاند ويكابر عند هذه النقطة وكأن الشرع لم يأمر بذلك ، بل لقد أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن ينظر الخاطب إلى مخطوبته لأن ذلك أدعى لأن تدوم المودة والمحبة وحسن العشرة بين الزوجين ، قال صل الله عليه وسلم : [ أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ] ( صحيح الترمذي ) .
فالنظر سبب بإذن الله تعالى لمواصلة المودة والعشرة الحسنة بين الزوجين ، أما من يمنع ذلك فقد يوقع ابنته في حرج شديد ، فقد لا تروق للزوج بعد الزواج لقلة جمالها أو لعاهة فيها أو غير ذلك من الأسباب فمن ثم يقع الطلاق ، وتحصل الفرقة بين الزوجين وتصبح هذه الفتاة حبيسة الجدران لا يرغب في نكاحها الشيب والشبان ، ثم قد يقع ما لم يكن في الحسبان ، فيكون الولي هو المتسبب في ذلك . فما أحرانا بالتمسك بالكتاب والسنة ، وما أحوجنا إليهما فمن تمسك بهما لن يضل أبداً . 


19 - التساهل بلباس الصغيرات : فالتساهل بلباس الفتيات الصغيرات يُطمع من في قلبه مرض فتقع الصغيرات ضحية الموضات ، وإهمال الآباء والأمهات . 


20- التشبه بنساء الكفار : ولا شك أن ذلك من الحرام مصداقاً لقول الحبيب صل الله عليه وسلم : [ من تشبه بقوم فهو منهم ] ، فالعتب كل العتب يقع على أولياء أمور النساء من أزواج وآباء واخوة ومحارم .
فعندما وقر الإيمان في قلوب بعض أولئك الكفار وعكفوا على دراسة الدين الإسلامي الحنيف وتبين لهم الحق من الباطل ، بدأ نساء من آمن منهم بلباس الحجاب الكامل ، مصدقين بذلك قول الله وقول رسوله عليه الصلاة والسلام ، غير آبهين بما يدور حولهم من تشكيك في الحجاب .
وللأسف الشديد حال كثير من نساء المسلمين يبدلن شكر النعمة كفراً ، ويستبدلن الخير بالشر ، والحجاب والحياء بالسفور والبغاء ، ففسدت كثير من مجتمعات المسلمين اليوم بسبب اتباعهم للحضارة الزائفة التي لا يأخذون منها إلا مايضرهم ويتركون ما ينفعهم ، فهم كالأنعام بل هم والله أضل ، فالأم مدرسة يدرس على يديها الأبناء والبنات ، وهي راعية في بيت زوجها ومسؤولية عن رعيتها التي استرعاها إياها ربها سبحانه ، ثم زوجها الذي أعطها كل ثقته لتربي أولاده وبناته وفق شرع الله عز وجل من غير تقليد لأهل الكفر والشرك والإلحاد ومن اقتفى أثرهم من ضعاف النفوس من أهل هذا الدين الذين لا هم لهم إلا إخراج المرأة من دينها وحياءها ، وحجابها وحشمتها لتكون فريسة تشبع نزواتهم الغريزية ، ونزغاتهم الشيطانية . 
فاحذري أيتها الأخت المباركة ، احذري بارك الله فيك ومتعك بالعقل والفهم أن تنجرفي وراء تيرات الحياة الفانية ، أو تنخدعي بمغريات الدنيا وبهرجتها ، واطلبي الحياة الباقية ، واخشي عذاب الله وعقابه ، وسخطه ومقته ، فوالله لن ينفعك من الله أحد من العالمين ، ولن ينقذك من عذاب الله إذا حل بك الإنس والشياطين .
وكوني أداة فعالة في مجتمعك ووطنك بتربيتك السليمة لأبنائك وفق كتاب الله وسنة نبيه صل الله عليه وسلم ، وكوني أداة بناء واحذري أن تكوني معول هدم تهدمين دينك وشرفك ومجتمعك ، وطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه ، وكوني مفتاح خير لأمتك ، وانتبهي أن تكوني مفاتحاً للشر ، سدد الله على الخير خطاك ، وحفظك الله ورعاك . ووفقك للخير أينما كنت . 


21- الخلوة : وقد ذكرنا أدلة ذلك مستفيضة في نقطة سابقة فلتراجع .


22- الجهل : وهذا من أعظم الأسباب على الإطلاق ، فالجهل يوقع المسلم في شراك أهل الكفر والشرك ، وأصحاب الزيغ والإلحاد ، فيقع فيما لاتحمد عقباه ، فيصبح الحق عنده باطلاً والباطل حقاً ، بل يستوي لديه المعروف والمنكر ، فلا يعرف ولا ينكر ، فيورد نفسه المهالك .


23- التساهل في الدين : وهذا أيضاً من أعظم الأسباب على فعل فاحشة الزنا ، فتجد أن بعض الآباء وأولياء الأمور يتساهل بدخول الغريب غير المحرم على نساءه تساهلاً منه وثقة بغيره فتقع الطامة الكبرى والمصيبة العظمى ، فيقول : ياليتني ما سمحت لفلان بالدخول على البنات والنساء ، فلا ينفع الندم ؟
فلا يجوز التحابي والتساهل في دين الله عز وجل فيما لم يأذن به الله .


24- الفراغ : ذلك الجندي المجهول الذي يعمل في الشباب والشابات ليل نهار ، فالفراغ قاتل إذا لم يحسن المرء استغلاله فيما يعود عليه بالنفع عند الله عزوجل . وداع إلى فعل الفاحشة والمعصية ، فمعاشر الشباب والشابات حصنوا فروجكم بالصوم والعمل الذي يرضي ربكم سبحانه ، التحقوا بحلقات تحفيظ القرآن الكريم ، والمراكز الصيفية الهادفة التي يعني بها الشباب الأخيار ، وإياكم والخضوع للقنوات الفضائية ومقاهي الإنترنت ، أو كثرة الجلوس على الأرصفة والطرقات ، أو مصاحبة الأشرار والفساق . أصلح الله نياتكم وسدد أقوالكم وأفعالكم فيما يرضي ربكم .


25- الطلاق : وقد يسأل سائل فيقول : كيف يكون الطلاق سبباً من الأسباب المؤدية إلى الزنا ؟ وأقول : نعم ، قد يكون الطلاق سبباً من الأسباب المباشرة لوقوع فاحشة الزنا والعياذ بالله ، فعندما تحدث الفرقة بين الزوجين يكون ضحية ذلك الأبناء ، فيتشرد الأبناء غالباً ، ويقعون في حيرة عند من يذهبون ؟ إلى الأم ؟ أم إلى الأب ؟ وناهيك عما يحصل لهم من حزن وقلق بسبب ذلك الفراق والطلاق ، فلا اهتمام ولا رعاية فكل مشغول بكيفية الانتقام من صاحبه . 
ولو حصل زواج لأحدهما ـ أي الأبوان ـ أو كليهما لكانت الكارثة الكبرى ، فحتماً سيصبح الأبناء ضحية حقيقية لذلك الطلاق ، فتعبث بهم الأهواء ، ويكونون صيداً في أيدي العابثين ، ويصبحون عوناً لأهل الجريمة ، فلا مأوى ولا ملبس ولا مأكل ولا مشرب . فما عساها تكون النتيجة ؟ 


26- الخدم : وهذه من المصائب التي ابتلينا بها ، فقد يكون الخدم سبباً من أسباب الزنا ، إذا لم يحسن الأبوان العناية بهم ، وتعليمهم تعاليم الإسلام الحنيف التي تدعوا إلى عبادة الله وحده دون سواه ، وتدعوا إلى إحصان الفروج ، وتنهى وتحذر من ارتكاب الفواحش .
أما إذا أطلق لهم العنان وترك لهم الحبل على الغارب فستقع مفاسد كثيرة ومآسٍ عديدة ، للإباحية التي يعيشونها في بلادهم ، فقد يمارس الخدم الفاحشة مع أصحاب المنزل أو مع غيرهم من الجيران أو العمالة الأخرى فاحذر أخي رب الأسرة من شر تلك البلوى التي منينا بها في بلادنا .
فنسأل العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة .


27- السياحة الخارجية : وهي محور مهم ينبغي الوقوف عنده ، والحديث عنه ، فماذا يتعلم أولئك الذين يسيحون خارج البلاد المقدسة ؟ أيتعلمون القرآن ؟ أم السنة والأدب والأخلاق ؟ لا والله ، لا هذا ولا ذاك ؟ وإنما هي نزوات شيطانية يستقون فيها حضارة الغرب الزائفة ، التي لو فادت أهلها لما وصلوا إلينا جاهدين من أجل الإسلام وأهله ، ثم يرتضع أولئك السائحون من تقاليد الغرب الفاشلة الساقطة التي يقوم عليها إخوان القردة والخنازير . فهناك الإباحية والدعارة والفاحشة على مصراعيها لا زاجر ولا ناهي ، بل الكل ينادي ويدعوا إلى الرذيلة والفاحشة والبعد عن الخالق الواحد الماجد سبحانه .
هناك حرب للإسلام وأهله ، وتشويه للدين وناصره ، بل دعوة إلى النصرانية واليهودية الزائفة الكاذبة ، دعوة إلى الكفر والإلحاد . 
ولقد حرم الله سبحانه السياحة إلى بلد الكفر من أجل النزهة والفرجة واللعب والعبث ، وإنما تكون السياحية الحقيقة من أجل طلب العلم أو الدعوة إلى الله سبحانه ، واعلم رب الأسرة أنك مسؤول أمام الله تعالى عن تلك الأمانة التي في عنقك وأولها نفسك التي بين جنبيك ثم أولادك وأزواجك ، فما عساك تقول لربك عند سؤالك . فأعد للسؤال جواباً ، وللجواب صواباً . وحذار من أن تكون سبباً لانتكاسة أبناءك وبناتك ، أو تكون داعياً ومسهلا لهم لارتكاب الفواحش الظاهرة والباطنة ، فتبوء بالإثم والتبعة ، ويتعلقون برقبتك يوم القيامة طالبين من ربهم سبحانه أن يقتص لهم منك يا مسكين .


28- شرب الخمور والمسكرات : إذا غاب العقل استحكم الشيطان على بن آدم وحوله من إنسان خائف وجل من ربه إلى حيوان عدواني شهواني يطيع شهواته ويحقق رغباته ، فهو كالحيوان بل أضل سبيلاً ، نتيجة لفقد عقله وانطماس بصيرته .
وفيما ذكرنا من الأسباب كفاية بإذن الله لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وإلا فالقصص والوقائع كثيرة وهي شاهدة على ذلك . فاعتبروا بغيركم ، ولا تكوني عبرة لغيركم . فالسعيد من وعظ بغيره ، والشقي من وعظ به غيره 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75483
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Empty
مُساهمةموضوع: رد: فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها    فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Emptyالأربعاء 16 يناير 2019, 6:51 am

أضرار الزنا :

للزنا أضرار عديدة وكثيرة جداً ولكن سنقتصر هنا على بعض منها :
1- الزنا يجلب الفقر : وذلك لما يقوم به الزاني من صرف أمواله فيما يُغضب الله ، وواقع كثير من الشباب هذا اليوم أن أحدهم إذا أخذ راتبه الشهري انطلق به إلى تلك البلاد ليفعل تلك الفاحشة الدنيئة ، والمعصية الشنيعة ، ونسي أولاده وأهله ، ونسي والداه اللذان سهرا وتعبا ليالٍ طويلة من أجله وأجل راحته ، وهما بحاجته بعد أن كبرا ، وحاجة أن يعطيهما بعضاً من ماله فكم كانا ينتظران هذا اليوم الذي يأتي ذلك الولد ليعطيهما جزئاً من الدين الذي عليه لوالديه ، ولكنه آثر وفضّل العاهرات والزانيات عليهما ، نسي ذلك المسكين أنه سيُحاسب على هذا المال من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟ فماذا سيكون الجواب في ذلك اليوم الرهيب ؟
2- ظُلمة في وجه الزاني : هذه الظلمة والسواد في وجه الزاني سببها الرئيسي بعده عن الله ووجوده دائماً في الظلام متخفياً عن الناس فهو في ظلام دائم ، حتى اكتسى وجهه ظلمة وسواداً ، وهذا واقع ملموس قد لا يخفى على الكثير من الناس .
3- الزنا يوقع فيما هو أكبر منه : فقد يوقع صاحبه في كبائر الذنوب الأخرى ، فقد يقع صاحب الزنا في شرب الخمور ، فيؤدي به ذلك إلى ارتكاب جرائم أخرى كالقتل ، فيقتل من فعل بها الفاحشة ، فيورد نفسه المهالك ويقع في حد آخر من حدود الله ، كما قد يوقع صاحبه في السرقة من أجل الحصول على المال الذي سيساعده على ارتكاب المحرم .
4- نزع الإيمان من قلب الزناة : قال صلى اله عليه وسلم : [ لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ] ( متفق عليه ) ، وقال صل الله عليه وسلم : [ من زنى وشرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه ] ( الحاكم والذهبي والمنذري ) ، فما فائدة الحياة بلا إيمان ، إن الحياة البهيمية أفضل من حياة لا إيمان فيها ، لأن الغاية التي من أجلها خلق الإنسان أغفلها أهل البغي والشر ، قال تعالى : { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } ( الفرقان 44 ) .
5- ضعف الوازع الديني لدى الزناة : وهذا واضح معلوم فلو كان هناك إيمان وخوف من الخالق سبحانه وتعالى لما حصل ما حصل من الوقوع في هذه الفاحشة المشينة فبما أن دين الزناة في الحضيض الأسفل فقد يرضى بأن تُفعل الفاحشة بأهله وهو لايبالي بذلك وهذا من ضعف الإيمان والدين ، فهو بذلك ديوث لرضاه بفعل الفاحشة بأهله ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : [ لا يدخل الجنة ديوث ] .
6- غضب الرب سبحانه وتعالى : فالله جل وعلا يغضب إذا انتهكت محارمه ، فالله عزوجل يغار وغيرته أن تنتهك محارمه ، فمن انتهك محارم الله فقد باء بغضب من الله ، ومن مات وهذه حاله ، وربه ساخط وغضبان عليه من جراء صنيعه القبيح ، وفعله المشين فيالحرمانه ، ويالخسارته التي لا تقدر بثمن من سوء ما قدم ، ويالها من كارثة وأي كارثة .
7- ذهاب حرمة فاعل الزنا وسقوطه من عين ربه ، ثم من أعين الناس ، فإذا عرف من يمارس الزنا لم يعد هناك من يحترمه بل يحتقره الجميع ، ولايقام له وزن عند الناس ، بل يُشار إليه بالسوء والقبح ، ويحذره الناس على محارمهم فلايُؤمن ، بل قال بعضهم أن من يُمارس الزنا لايمكن أن يُؤتمن على أولاده وبناته ـ نعوذ بالله من ذلك الشر ـ فيوصف صاحب الزنا بأسماء قبيحة مثل : الزاني والفاجر والفاسق والخائن وغيرها من الأسماء التي لا تليق بالمسلم .
8- ضيق القلب ووحشته : تجده ضيق الصدر لبعده عن الله وعن أوامر الله عزوجل ، ويحس بوحشة الذنب والمعصية كلما خلا بنفسه ، لأن نفسه تُحاسبه فيخاف العقوبة في الدنيا والآخرة .
9- فقد الحسنات يوم القيامة : ففعل الفواحش والمعاصي يذهب الحسنات .
10- انتشار الأمراض الفتاكة : وهذا ما يلاحظ على أهل الزنا ، فهم في هذا الزمان السبب الرئيسي لنقل جميع الأمراض الفتاكة والخطيرة والمهلكة ، فالزنا سبب لأمراض كثيرة منها : السيلان والزهري وهما مرضان خطيران يفتكان بصاحبهما ، وهاهو مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) مرض العصر ، وسببه المباشر والرئيسي هو العلاقات الجنسية المحرمة ، وهذا المرض لم يجد له الأطباء علاجاً حتى الآن ، فليحذر أولئك العصاة المارقون أن يختم الله عليهم بمثل هذا المرض فتكون النهاية وخيمة والخاتمة سيئة والعاقبة أليمة .
11- تفكك المجتمعات : فكم نسمع من الويلات والنكبات التي تحصل لكثير من الدول التي استباحت هذه الفاحشة العظيمة لما في ذلك من مخالفة لأوامر الله تعالى ، وأوامر رسوله صل الله عليه وسلم ، فأنت تلك المجتمعات وعلت فيها الصيحات مما حل بها من عذاب الله تعالى ، فتفككت تلك المجتمعات ، وخاف بعضها بعضاً ، وانعدم الحياء ، وقتلت العفة هناك ، فأصبحوا كالبهائم بل هم أضل سبيلا ، ومع فقد البهائم للعقل والتفكير فهي والله لا ترضى بما رضي به أولئك المجرمون المنحلون من فعل الفواحش والرذائل .
12- الوحدة الفردية : فيعيش أهل الزنا بمعزل عن الناس ، لمقت الناس لهم واحتقارهم إياهم ، والخوف من أن لصق عار هذه الفضية بمن يخالطهم ويجالسهم ، فلا يرغب في نكاحهم أحد ، ولا يريد صداقتهم أحد ، فهم في عزلة عن الناس كالمرض المعدي ، يرغب الجميع بترهم عن المجتمع لإفسادهم له . 
وأضرار الزنا كثيرة جداً ولكن فيما ذكرنا كفاية لمن أراد العبرة والعظة ، وهذا قليل من كثير ، فليرتدع أولئك عن فعل هذه الفاحشة المشينة وليعودوا إلى الله قابل التائبين وليعرفوا السبب الحقيقي لوجودهم على هذه الأرض ، وليعلموا أن الله لم يخلقهم عبثاً ولم يتركهم هملاً ، بل لا بد من الرجوع إلى الحي القيوم للجزاء والحساب ، من أجل فعل مثل هذه الفواحش .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75483
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Empty
مُساهمةموضوع: رد: فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها    فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Emptyالأربعاء 16 يناير 2019, 6:53 am

طرق الوقاية من الزنا :



1- منع التبرج والاختلاط لأي سبب كان : فهاهم دعاة السوء وأصحاب الحضارة الزائفة هاهم يئنون ويصرخون من جراء خطر التبرج والسفور ودارت عليهم الدوائر ، فباءوا بتبعات ذلك كله .
2- تسهيل المهور : فإذا أتى الإنسان من يرضى دينه وأمانته وخلقه فعليه أن يزوجه ، وإذا لم يفعل الناس ذلك فستكون فتنة في الأرض وفساد كبير ، ولنا في رسول الله صل الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم لنا فيهم أسوة حسنة في تسهيل المهور ، وينبغي نصح أولئك الأولياء الذين لاهمّ لهم إلا جمع الأموال من وراء تزويج بناتهم ، ومن لم يرتدع منهم فلابد من رفع أمره إلى ولاة الأمر . 
3- ردع السفهاء عن التعدي على النساء في الأماكن التي يرتادها النساء .
4- عدم خروج المرأة من بيتها إلا لحاجة ماسة جداً وشديدة ، ويكون الخروج مع محرمها .
5- عدم خروج المرأة مع السائق بأي حال من الأحوال .
6- منع الخلوة بين الرجال والخادمات في المنازل .
7- الحذر من الوسائل المعينة على الزنا ، وهي ما ذكرناها في أسباب الزنا .
8- التحذير من عواقب الزنا الوخيمة .
9- اجتناب النظر إلى النساء سواءً في الأجهزة المرئية أو المقروءة أو غيرها .
10- نشر مبادئ الفضيلة والأخلاق الحميدة بين الناس .
11- عدم خلوة المرأة بأي رجل أجنبي إلا ومعها محرمها . 
12- طاعة الله ورسوله ، وذلك باتباع أوامرهما واجتناب نواهيهما ، قال تعالى : { تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذابٌ مهين } ( النساء13/14 ) .
13- اختيار الجليس الصالح : فاحذر أصدقاء السوء وعليك بالنصح لهم وإرشادهم إلى طريق الحق والصواب ، وعليك بمجالسة أهل الخير والصلاح فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
14- المداومة على قراءة القرآن : فالقرآن فيه تخويف ووعد ووعيد وتهديد لمن يفعل الفواحش مما قد يردع الإنسان عن فعلها . 
15- أداء الصلوات جماعة في المساجد : فالصلاة ناهية عن فعل الفواحش بإذن الله تعالى :{ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ( العنكبوت45 ) .
16- تذكر عذاب الله عزوجل وعقابه لمن يفعل هذه الفاحشة وغيرها من المعاصي .
17- الغيرة على المحارم . فالله جل وعلا يغار وغيرته سبحانه أن تنتهك محارمه ، فكيف لا تغار أنت أيها الإنسان على عرضك وشرفك . فبالغيرة يصعب وقوع الزنا بإذن الله تعالى .
18- كثرة الصيام .
19- الزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة .
20- قراءة الكتب النافعة والمواضيع المفيدة التي تخص الزنا والتحذير منه .
21- التفريق بين الأبناء في المضاجع : وهذا أمْرٌ أمَرَ به النبي صلى الله عليه وسلم ، محذراً من عواقب الخلطة بين الذكور والإناث في مكان واحد أثناء المبيت ولذلك جاء التحذير من الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة في التفريق بين الأبناء في المضاجع ، فقال صلوات ربي وسلامه عليه : [ مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليه لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ] ، وفي مستدرك الحاكم قال صل الله عليه وسلم : [ إذا بلغ أولادكم سبع سنين ففرقوا بين فرشهم ، وإذا بلغوا عشر سنين فاضربوهم على الصلاة ] ( قال صحيح على شرط مسلم ) .



قصص وعبر :


***** قيل أن راهباً يُسمى برصيصاً كان يعبد الله ستين سنة ، وأن الشيطان أراد أن يغويه فما استطاع ، فعمد الشيطان إلى امرأة فأجنها وكان لها أخوة فقال الشيطان : لإخوتها عليكم بهذا القُس ، فيداويها ، فجاءوا بها إليه فداواها وكانت عنده ، فبينما هو يوماً عندها إذ أعجبته فأتاها فحملت ، فعمد إليها فقتلها ، فجاء إخوتها فطلبوها ، فقال الشيطان للراهب أنا من عمل بك هذا لأنك أتعبتني ، فأطعني أنقذك منهم ، فاسجد لي سجدة ، فلما سجد له ، قال : إني برئ منك ، إني أخاف الله . ( رواها بن جرير في تفسيره ) .


***** وفي واقعنا وفي زماننا هذا كثيرٌ من مآسي الزناة والزواني ، يحكى أن شاباً سافر إلى بلاد الكفر والفجور والفسق والسفور ، من أجل الزنا وشرب الخمور ، سافر هذا الشاب إلى تلك البلاد ، وفي يوم من الأيام وبينما هو في غرفته ينتظر تلك العاهرة أن تأتيه ، إذا بها قد تأخرت عن موعدها ، وعندما أتت ودخلت عليه غرفته ، شهق شهقة عالية وسجد لها ، فكانت هذه السجدة هي السجدة الأولى والأخيرة في حياته ، لكن لمن كانت هذه السجدة ؟ وما سببها ؟ وما نتائجها ؟ 
أخي الحبيب : إنه سوء الخاتمة ، أعاذنا الله من ذلك .


***** وقيل أن عابداً من بني إسرائيل عبد الله في صومعته ستين عاماً ، فأمطرت الأرض فاخضرت ، فنظر من صومعته ومعه رغيفان من الخبز فقال : لو نزلت فأذكر الله فأزداد من الخير ، فلما نزل لقيته امرأة فأخذ يكلمها وتكلمه حتى وقع ( زنا ) بها ، فأغمي عليه من شدة ما فعل ، فنزل الغدير ليستحم ووضع الرغيفان ، فمر سائل فأعطاه الرغيفان ، ثم مات ذلك العابد ، فعندما وزنت عبادة ستين سنة بتلك الزنية ، رجحت 
الزنية بحسناته فخسر خُسراناً مبيناً ، إلا أن الله تغمده برحمته فوضع الرغيفان ، في ميزانه فرجحت حسناته .
أخي المسلم وأختي المسلمة : إن باب التوبة مفتوح فمن تاب تاب الله عليه وقد يُختم له بخاتمة حسنة ، ونتابع معاً بقية القصص ، قصص التائبين والعائد ين إلى الله .


***** وفي قصة الثلاثة الذين سدت عليهم الصخرة باب الغار ، قال أحدهم : إنه كانت لي بنت عم فدعاها إلى الزنا فأبت وفي يوم من الأيام حصلت لها حاجة ماسة إلى المال فأتته تستقرضه فأبى إلا أن تُخلي بينه وبينها ، فرضيت نظراً لحاجتها الشديدة للمال ، فعندما جلس منها كما يجلس الرجل من أهله قالت له : لايحل لك أن تَفَضَ الخاتم إلا بحقه ، فتذكر قدرة الله عليه وأن الله سبحانه يراه ، قام عنها وأعطاها المال لوجه الله ، فقال : اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا ما نحن به ، فانفرجت الصخرة فخرجوا جميعاً .


***** وفي زماننا هذا ذهب شاب إلى إحدى الدول المجاورة للنزهة والتمتع ولم يخطر بباله الزنا نهائياً ، وفي يوم من الأيام إذا به يقع فيما لم يكن في الحسبان فوقع في الزنا ، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يقع فيها في الزنا ، فندم ندماً شديداً ، وحزن حزناً كبيراً ، وعاهد الله على التوبة ، وعاد إلى بلده والحزن يملأ قلبه ، والندم يملأ جوارحه وعاد إلى الله وبدأ الصلاة ، واخذ يُكثر من النوافل لعلّ الله أن يغفر له ، وفي يوم من الأيام وهو ساجد لله عزوجل أتاه الزائر الذي لاتقف له الأبواب والأقفال ، أتاه هادم اللذات ومفرق الجماعات ، أتاه ملك الموت ، وهو على أحسن حال وهو ساجد لله تعالى ، فانظر كيف ختم الله له بهذه الخاتمة الحسنة .


***** وذكر أن قصاباً ولع بجارية لبعض جيرانه ، فأرسلها أهلها في حاجة لهم إلى قرية أخرى فتبعها فراودها عن نفسها ، فقالت : لا تفعل ، لأنا أشد حباً منك لي ، ولكني أخاف الله . قال : فأنت تخافين الله وأنا لا أخافه ؟ فرجع تائباً .
إن الله جل وعلا يقبل توبة المذنب مالم تغرغر الروح ، أو تطلع الشمس من مغربها . فبادروا بالتوبة النصوح لعل الله أن يتوب عليكم .


***** وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله ، وذكر منهم النبي صل الله عليه وسلم : [ ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها ، فقال : إني أخاف الله تعالى ] ( البخاري ) .


***** وقال بن الجوزي في كتابه ذم الهوى قال : [ كانت امرأة جميلة بمكة ، وكان لها زوج ، فنظرت يوماً إلى وجهها في المرآة ، فقالت لزوجها : أترى أحداً يرى هذا الوجه لا يفتن به ؟ قال : نعم . قالت : من ؟ قال : عبيد بن عمير . قالت : فائذن لي فيه فلأفتننه . قال : قد أذنت لك . قال : فأتته كالمستفتية ، فخلا معها ( ابتعد بها قليلاً ) في ناحية المسجد الحرام ( أي حتى لا يسمع من حوله سؤالها ) ، قال : فأسفرت عن مثل فلقة القمر ، فقال لها : يا أمة الله ! قالت : إني قد فتنت بك فانظر في أمري ، قال : إني سائلك عن شيء فإن أنت صدقتيني نظرت في أمرك ، قالت : لا تسألني عن شيء إلا صدقتك . قال : أخبريني لو أن ملك الموت أتاك لقبض روحك ، أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا . قال : صدقت .
قال : فلو أدخلت في قبرك وأجلست للمساءلة ، أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة . قالت : اللهم لا . قال : صدقت .
قال : فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين تأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك ، أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا . قال : صدقت . قال : فلو جيء بالموازين وجيء بك لا تدرين تخفين أم تثقلين أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا . قال : صدقت 
قال : فلو وقفت بين يدي الله للمساءلة أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا . قال : صدقت . قال : اتقي الله يا أمة الله ، فقد أنعم الله عليك وأحسن إليك .
قال : فرجعت إلى زوجها فقال : ما صنعت ؟ قالت : أنت بطال ونحن بطالون ! فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة ، قال : فكان زوجها يقول : ما لي ولعبيد بي عمير ، أفسد علي امرأتي ، كانت كل ليلة عروساً فصيرها راهبة .
هنيئاً لها تلك التوبة النصوح ، قبل مداهمة ملك الموت لقبض الروح ، وهنيئاً لها تلك التوبة التي تجب ما قبلها وتمحو ما سلف من الذنوب والمعاصي . وأصلح الله من كان على شاكلة زوجها من الضياع ، وألهمه رشده وصوابه قبل أن يُقتلع من فوق الأرض اقتلاع .


***** وقال بن الجوزي أيضاً : [ أن رجلاً أحب امرأة فأحبته ، فاجتمعا ، فراودته المرأة عن نفسه ، فقال : إن أجلي ليس بيدي ، وإن أجلك ليس بيدك ، فربما كان الأجل قد دنا ، فنلقى الله عاصيين ؟ فقالت : صدقت . فتابا وحسنت حالتهما .


***** حدث أبو محمد الشيباني ، قال : كان رجل بالبصرة له أكّار ( أي رجل يحرث له الأرض ) وكانت للأكار امرأة جميلة حسناء كثيرة اللحم ، فوقعت في نفس الرجل الغني ( أي أحبها ) ، ، فركب قاربه إلى قصره ، وقال للأكار : القط لنا من الرطب وصيره في الدواخل . ثم قال له : إيت به فلاناً وفلاناً ، فذهب به ، فلما مضى ، قال لامرأة الأكار : أغلقي باب القصر ، فأغلقته . ثم قال لها : أغلقي كل باب ، ففعلت ، فقال لها : هل بقي باب لم تغلقينه ؟ قالت : نعم باب واحد لم أغلقه . قال : وأي باب هو ؟ قالت : الباب الذي بيننا وبين الله عزوجل . فبكى ثم قام عرقاً وانصرف ولم يواقع الخطيئة .
فأين أولئك الذين لا يهناؤون ، ولا يهدأ لهم بال ، ولا يقر لهم حال إذا لم يرتكبوا الفاحشة ، أين أولئك الذين يمسون ويصبحون على الفواحش ليلاً ونهاراً ، أين أولئك من أولئك الرجال الذين ملأ الإيمان بالله والخوف منه سبحانه ملأ قلوبهم وجوارحهم ، وأين أولئك النساء عن تلكم اللاتي منعهن تقوى الله والحياء منه ، وخوفهن من عذاب القبر وشدة الحساب وعظمة الوقوف بين يديه الله سبحانه ، كل ذلك منعهن من فعل الفاحشة أو حتى التعرض لها .
ثم أين أولئك عن نبي الله يوسف عليه السلام ، عندما دعته امرأة العزيز إلى نفسها ، وهيأت له جميع الوسائل المعينة على هذا الفعل ، وكانت على قدر من المال والجمال ، ولكن عندما وقر الخوف من الله سكنات القلب والجوارح فسيكون الجواب : ( معاذ الله ) ، كان هذا هو جواب يوسف عليه السلام ، جاء كالصاعقة ، لتلك المرأة ، لم تتوقع أن يكون الرفض هو الجواب ، لكنه الإيمان بالله واليوم الآخر ، وأن الإنسان لابد وأن يعود إلى خالقه ليجازيه على ما قدم في دنياه ، والخوف من عذاب الله ، ومن النار وعذابها وحميمها وزقومها .
فأين الخائفون من عذاب الله وسخطه ومقته وعقابه ، إذ كيف يُنعم الله على هؤلاء بشتى النعم ، من مأكل ومشرب وملبس ، وغير ذلك من النعم التي لا تُعد ولا تُحصى ، ثم يستغلون هذه النعم في معصية الخالق المنعم تعالى وتقدس ، فبدل أن يقابلوا هذه النعم وهذا الإحسان بالشكر والعرفان لله جل وعلا ، قابلوا ذلك كله بالكفر والعصيان وارتكاب المعاصي والآثام ، بدلوا نعمت الله كفراً وأحلوا أنفسهم دار البوار . أهكذا يكون جزاء هذا الإحسان ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .


أقوال في التحذير من الذنوب :
* قال محارب بن دثار : إن الرجل ليذنب الذنب فيجد له في قلبه وهناً .
* سئل بن المسيب عن العبادة قال : التفكير في أمر الله والورع عما حرم الله عزوجل .
* وروي عن الحسن البصري أن كان إذا ذكر أهل المعاصي يقول : هانوا على الله فعصوه ، ولو عزوا عليه لعصمهم .
* وقال محمد بن كعب القرظي : ما عبد الله بشيء قط أحب إليه من ترك المعاصي .
* وقال بشر : إن العبد لذنب الذنب فيحرم به من قيام الليل .
* قال أبو الحسن المزين : الذنب بعد الذنب عقوبة الذنب ، والحسنة بعد 
الحسنة ثواب الحسنة .
* وقال أبي المعتمر بن سليمان : إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته .
* وقال الحسن : ما عصى الله عبد إلا أذله الله تبارك وتعالى .
* وقال الحسن : يا بن آدم ترك المعصية أيسر من طلب التوبة .
* وقال القائل : لا تنظر في صغر المعصية ، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت .
* وقال سفيان الثوري :
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها *** من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عوقب سوء في مغبتها *** لا خير في لذة من بعدها النار
* وقال حسين بن مطير :
ونفسك أكرم عن أشايا كثيرة **** فما لك نفس بعدها تسعيرها
ولا تقرب الأمر الحرام فإنه *** حلاوته تفنى ويبقى مريرها
* فتفكر ، رعاك الله ، في أن الذنوب تنقضي لذتها وتبقى تبعتها .


أمور يجب الحذر منها :
وهناك ثمة أمور وجب الحذر منها وتحذير الغافلين عنها ، وهي أمور داعية ومعينة على فعل الفواحش ، وقد تكون من الأسباب المباشرة إلى ارتكاب فاحشة الزنا ـ والعياذ بالله ـ فهي وسائل قد يتوصل منها إلى ما هو أكبر منها ، ومن هذه الأمور ما يلي :
1- ترك المرأة تسافر بدون محرم : والمرأة هنا يقصد بها : الأم والأخت والبنت والزوجة والعمة والخالة وغيرهم من المحارم ، فيحرم سفر المرأة بدون محرم لأن ذلك يفضي إلى مفاسد عظيمة ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله : [ لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ] ( متفق عليه ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ] ( احمد وغيره ) ، وقال صل الله عليه وسلم : [ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومين إلا مع ذي محرم ] .
فترى المرأة تخاطب السائق والخياط وحتى صاحب الصيدلية والبائع وزوجها كالكيس لا يحرك ساكناً ، ولا يقول قولاً ، فلا غرو أن يحصل بذلك مفاسد عظيمة في المجتمع نحن في غنىً عنها .
2- الحرية في لبس الملابس : فلا مانع لدى كثير من أولياء أمور النساء ترك من تحت ولا يتهم أن يلبسن ما يصف البشرة ويكشف السوءة ، من البناطيل والمكشوف من اللباس ، وذلك بدعوى التقدم الحضاري والطفرة المادية ، وإذا أردنا الحقيقة فهي من أمور الجاهلية ولكن ما عساك تقول لمن أشربت نفسه حب التقليد الماجن المصادم للفطرة البشرية . أما الغيرة فلا مكان لها في قلوب أولئك الأولياء ، قال صلى الله عليه وسلم : [ لا شيء أغير من الله ] ( البخاري وغيره ) ، وقال صل الله عليه وسلم : [ إن الله يغار ، وإن المؤمن يغار ، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله ] ( البخاري ومسلم وغيرهما ) .
3- الأماكن العامة : فقد يخرج بعض الأولياء بمحارمهم إلى الأماكن العامة التي تكون المرأة فيها عرضة للنظر ، كما تطلق هي الأخرى نظرها هنا وهناك ، فيحدث الأمر والخطب الجلل .
وهناك أمور أكثر مما ذكرت ، ولعلي نهبت على أكثرها أهمية ، والله المستعان وعليه التكلان .
أطلق أسرك من نار جهنم ، بابتعادك عما حرم الله تعالى وحرم نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأقبل على جنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدها الله لعباده المتقين الخائفين الوجلين ، المنتهين عن محارم الله ، المتبعين لهدي رسول الله صل الله عليه وسلم .


همسة :
همسة أهمسها في أذنك يا أخية ، محذراً إياك من الذئاب البشرية ، راقبي ربك عالم الخفية ، واحذري من كل رذيلة ورزية .
انتبهي أن تهتكي عرضك وعرض أهلك فهي المصيبة العظمى والطامة الكبرى فالمرأة لا عز لها بعد إيمانها إلا شرفها وحياؤها ، فإذا خلعت ذلك الحياء والشرف أصبحت فريسة في أيدي العابثين بالأعراض ، وأصبح يخشاك ويبتعد عنك أهل العفة والحياء ، فتصبحين منبوذة مبغوضة ، محتقرة منقوصة ، لا يَرغب بك أحد ، ولا يُلتفت إليك أبد ، بل تصبحين سلعة للذئاب البشرية لقضاء الوطر واللذة المحرمة ثم يبغضك كل الناس ، لأنك مبغوضة مرفوضة عند ربك ، ولو عرضت نفسك للزواج لما قبل بك إنسان ذا عفة ودين ، بل يهرب عنك الجميع ، لأنك دنست شرفك بالوحل والطين ، ولطخت نفسك وأهلك بثوب العار والفضيحة . 
أما تخافين الله ؟ احذري أن تكوني عقبة في زواج أخواتك بفعلك للزنا ، بل كوني قدوة صالحة ومثلا يُحتذى به في أخلاقك وتمسكك بدينك وشرفك وعفتك وحياءك ، وانتبهي من كل ما يدعوا إلى الفاحشة والرذيلة من أفلام خليعة ساقطة وهابطة ، واحذري التليفون والمعاكسات الفاشلة ، وحذار من المجلات المسمومة الموجهة المرسومة ، وكفي عن الموضة الأجنبية ، وإياك والتشبه بنساء الكفرة والفجور ، دعاة التبرج والسفور ، ودعي عنك مصاحبة صاحبات السوء والفساد ، والداعيات إلى قتل العفة لدى العباد .
أما تطمعين في مغفرة الرب الغفور ، إذاً اعملي لحياة القبور ، ويوم البعث والنشور ، ذلك اليوم الذي يشيب فيه المولود ولا يعرف فيه أحد أحداً ، تحتاجين إلى حسنة فلا تعطين فاتقي الله يا من تؤمنين بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً ورسولاً .
ثم عليك أيتها الأخت الكريمة أن تصاحبي الخيرات والطيبات من الصديقات والجارات والصالحات ، والزمي كتاب الله تعالى ففيه النور المبين الذي تمشين به في هذه الحياة الدنيا حتى تكوني على بينة وبصيرة بأمور دينك ودنياك . وأسأل الله سبحانه أن يثبتنا وإياك على صراطه المستقيم إنه سميع مجيب . 


وهمسة أخرى :
أهمسها في أذنك أنت ، نعم أنت أيها الزاني فاتق الله في نفسك ، ارحم ضعفك من نار تلظى ، أعدها الله لمن أذنب وزنى ، فجسدك على النار لا يقوى ، فويل لك من عذاب لا تموت فيه ولا تحيى ، فالبدار البدار بالتوبة والتقوى ، والفرار إلى عالم الجهر والنجوى ، صاحب الجزاء الأوفى ، الله العلي الأعلى . 
أيها الزاني ! اتق الله في أعراض المسلمين ، فوالله كما تدين تدان ، والجزاء من جنس العمل . يا من بليت نفسك بالزنا ! هل ترضى الزنا لأمك أو لابنتك أو لأختك أو لعمتك أو لخالتك أو لقريبتك ؟ لا أظنك إلا ستقول : لا ! إذاً كيف ترضاه لنساء المسلمين ؟ فكما أنك لا ترضاه لأهلك ، فكذلك كل إنسان لا يرضاه لأهله ، فكُفَ عن هذا الفعل المشين ، والعمل الخسيس القبيح قبل أن يداهمك هادم اللذات والشهوات ، ومفرق الجماعات والزناة ، ثم حين ذاك لا تنفع الحسرات والآهات ، ولا الصرخات والويلات . فيا من ظلمت نفسك وغيرك من المسلمين بالزنا والفعل المشين ، يقول ربك تعالى : { يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار } ( غافر52 ) ، أين أنت يا مسكين عندما يُنادى المؤمنون المتقون إلى جنات النعيم ، ثم تساق أنت ومن على شاكلتك إلى الجحيم والحميم ، فرحماك يا عليم يا حليم .
تب إلى الله قابل التائبين ، والعافي عن المذنبين ، أنسيت الموت وسكرته والقبر وظلمته والصراط وزلته والحساب وشدته ، أنسيت قول الله تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } ( النور 30 ) . أنسيت قول الله تعالى لك ولغيرك : { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً } ( الإسراء 32 ) ، أنسيت قول الله تعالى : { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } ( غافر 46 ) . إذا نسيت أنت ، فربك لاينسى : { وما كان ربك نسياً } ( مريم 64 ) وقال تبارك وتعالى : { في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى } ( طه 52 ) 
يا قاطعاً سبل الرجال وهاتكاً *** سبل المودة عشت غير مكرم
من يزني في قوم بألفي درهم *** في أهلـه يزنى بغير الدراهم
إن الزنا دين إذا استقرضـته *** كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
لو كنت حراً من سلالة مسلم *** ما كـنت هاتكاً لحـرمة مسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75483
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Empty
مُساهمةموضوع: رد: فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها    فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Emptyالأربعاء 16 يناير 2019, 7:20 am

...
فاحشة اللواط
لقد وهب الله عز وجل الإنسان العقل ليميزه عن البهائم العجماوات ، فيعرف طريق الخير ويسير فيه ، ويعرف طريق الشر ويبتعد عنه ، فالخير وعمله من طرق البر والبر يهدي إلى الجنة أما الشر وعمله فمن طرق الفجور والفجور يهدي الى النار والعياذ بالله فلهذا أكرم الله الإنسان وميزه عن سائر الحيوانات ، وسائر المخلوقات ، قال تعالى : { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً } ( الإسراء ) ، والعقل زينة الإنسان فالعاقل مميز عن المجنون ومن لا عقل له ، فهو ـ أي العاقل ـ مخاطب بالتكاليف الشرعية جميعها، ولهذا أعد الله لأصحاب العقول في الآخرة حياتين إما حياة نعيم وهي الجنة ، وإما حياة جحيم وهي النار . فمن أدى الواجبات وقام بالطاعات وترك المنكرات واجتنب المحرمات حُق له بإذن الله أن يكون من الفائزين برضوان الله ورحمته والدخول في جنته ، ومن تكاسل عن الواجبات ولم يهتم بالطاعات ، وارتكب المنكرات واجترأ على المحرمات ، كتبت عليه السيئات وحلت به الويلات وتوالت عليه النكبات ، واستحق الغضب وعدم الرضى من جبار الأرض والسموات ، فهو محروم من رحمة الله ومغفرته ، وحُق له أن يكون من أهل الجحيم والحميم وكتب عليه الشقاء الذي لا سعادة معه أبداً فشرابه الحميم : { يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد } ( الحج ) وطعامه الزقوم والضريع : { لا يسمن ولا يغني من جوع } ( الغاشية ) ، { ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم } ( الصافات ) ، وأما الحركة والانتقال ، فيقول الله تعالى : { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون * في الحميم ثم في النار يسجرون } ( غافر ) ، أما الحياة في الصباح والمساء ، فيصورها لنا القرآن الكريم في قول ربنا جل وعلا : { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } ( غافر ) ، فانتبه ! أيها العاقل الفطن أن تكون ممن قال الله فيهم { واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد* من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد * يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ } ( إبراهيم15/16/17 ) ، فاحذر الذنوب والآثام ، والمعاصي العظام ، فمن يجيرك من الله العلام، فاعمل في دنياك لتعمر آخرتك ، واحذر أن تعمر الدنيا وتخرب الآخرة فهذا هو الشقاء والتعاسة ، وكن فطناً عاقلاً ، ولا تبع دينك بعرض من أعراض الدنيا فتهلك نفسك وتندم حينما لا ينفع الندم : { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون } ( المؤمنون ) ، وقال تعالى : { يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون } ( التحريم ) .
قلنا أن الله ميز الإنسان بالعقل وجعله زينة له ، ولكن بعضهم ضيع هذه الزينة وهذه الميزة بتركها للهوى والشهوات ، وباعوها للشيطان والملهيات ، فكم من أناس تراهم وتحسبهم ذوي عقول ، وإذا هم بلا عقول ، رؤوسهم كبيرة وعقولهم صغيرة ، وأجسامهم ثقيلة وأحلامهم سفيهة . لأنهم ركنوا للأهواء وشهوات النفس الأمارة بالسوء ، فهم كالبهائم بل هم في منزلة أحط وأوضع منها ، لأنهم ما عرفوا للعقل نعمة ، فكان العقل عليهم وبالاً ونقمة فتراهم يرتكبون الحرام غير ناظرين لما يسببه من آلام في نار تحترق فيها الأجسام من الرأس إلى الأقدام ، فأين أولوا الأحلام وأصحاب الأفهام ؟وإن مما ضاعت به العقول ، وانحط به كثير من الذكور ، ارتكاب فاحشة قوم لوط الفاحشة العظمى ، والجريمة النكراء ، والكبيرة الكبرى ( اللواط ) نعوذ بالله من شرها وأهلها وعاقبة أمرها ، فإن عاقبة أمرها خُسرا في الدنيا والأخرى . 

النظر سبب الفتن : 
وقد جاء التحذير من إحداق النظر ، والمنع من إطلاقه ، لأنه من الأسباب المؤدية إلى اللواط وغيره من الكبائر ، قال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } ( النور ) ، فالنظر المحرم مفتاح الجريمة والباعث لها والحاث إليها ، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتشلشل دماً ، فقال له : مالك ؟ قال : يا رسول الله ، مرت بي امرأة ، فنظرت إليها ، فلم أزل أتبعها بصري ، فاستقبلني جدار فضربني ، فصنع بي ما ترى ، فقال النبي صل الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً عجل له عقوبته في الدنيا " ( حديث حسن بشواهده انظر ذم الهوى لابن الجوزي 144) .
وقد قيل أن النظر بريد الزنا ، فجاء النهي عن النظر إلى المردان خاصة أو مجالستهم ومؤانستهم ، أو التحدث إليهم ، لأن ذلك يفضي إلى عواقب وخيمة ونهايات سيئة لا تحمد عقباها .
قال الحسن بن ذكوان : لا تجالسوا أولاد الأغنياء ، فإن لهم صوراً كصور النساء ، وهم أشد فتنة من العذارى 0وقال النجيب بن السري : لا يبيت الرجل في بيت مع أمرد .
وقال سعيد بن المسيب : إذا رأيتم الرجل يلح بالنظر إلى غلام فاتهموه . وقال عطاء كان سفيان الثوري لا يدع أمرداً يجالسه .
وقال النجيب : وكانوا يكرهون أن يحدّ ـ أي يحدق ـ الرجل النظر إلى الغلام الجميل الوجه .
وقال أبو سهل : سيكون في الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاثة أصناف : صنف ينظرون ، وصنف يصافحون ، وصنف يعملون ذلك العمل .
يقول ابن القيم رحمه الله في الفوائد : ( الصبر عن الشهوة أسهل من ألم عقوبتها ) ، وعقوبتها في الدنيا والآخرة أشد وأحر من الصبر عنها ، فهلا فكرت في ذلك يا صاحب العقل والهمة ؟
فالشهوة تورث الحسرة والندامة ، واللذة المحرمة ممزوجة بالقبح حال تناولها ، محركة للألم بعد انقضائها ، ففكر أيها العاقل في انقطاعها وبقاء قبحها وألمها .
وعن عبدالله بن الجلاء قال : كنت واقفاً أنظر إلى غلام نصراني حسن الوجه ، فمر بي أبو عبدالله البلخي ، فقال : ما أوقفك ؟ فقلت : يا عم ! ترى هذه الصورة تعذب بالنار ؟ فضرب بيده بين كتفيّ وقال : لتجدن غِبّها (أي عقوبتها ) ولو بعد حين . قال بن الجلاء : فوجدت غِبَها بعد أربعين سنة ! أُنسيت القرآن .
قال الشاعر:
ليس الشجاع الذي يحمي مطيته يوم النزال ونار الحرب تشتعل
لكن فتىً غض طرفاً أو ثنى بصراً عن الحرام فذاك الفارس البطل
قال أبو العباس بن مسروق : من راقب الله في خطرات قلبه ، عصمه الله في حركات جوارحه . فاحذر وفقك الله من النظر الحرام فهو سبب الوقوع في الجريمة والولوج في بابها، وتفكر وقلب نظرك في ملكوت السموات والأرض ، والنجوم ومن جعلها زينة للسماء ، والجبال ومن جعلها رواسي للأرض، قلب نظرك في عظيم مخلوقات جبّار السموات والأرض ، ودع عنك توافه الأمور وسفاسفها ، فهي قاصمة الظهر والمودية إلى نار أشد حراً .

الشيطان عدوك : 
اعلم أيها المسلم أن الشيطان قد أخذ العهد على نفسه ليغوينك وليهلكنك وليجعلنك من أصحاب الجحيم وذلك إن أطعته وأسلمت له نفسك ، فهو ملعون مطرود من رحمة الله عز وجل فاحذر أن تتخذه ولياً من دون الله فتكون من الخاسرين ، وكن على حذر من مكره ومكائده ومداخله وتلبيسه ، فهو آمر بالسوء ودافع الى الحرام ومقرب الى النيران فإن أطعته فأنت من حزبه والله يقول : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان } ( الأعراف ) .
وقال تعالى : { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً * إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } ( فاطر ) .
ولقد بين الله عز وجل في كتابه الكريم كيف أن الشيطان يوقع الإنسان في حبائله وشراكه فإن هو أطاع عدوه وقال وعمل ما يأمره به ذلك العدو وبتزيينه للقبيح حتى يراه مليحاً وللباطل حتى يراه صحيحاً ، فإن فعل ذلك وتلبس بفعل المنكر ، تخلى عنه وأيقظه من غفلته ، وأفاقه من سباته ، وذكّرَهُ بأن الله هو الحق ووعده حق وقوله حق والجنة حق والنار حق ، قال تعالى : { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم} ( إبراهيم ) .
وقال تعالى : { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب } ( الأنفال ) .
فاحذر يا عبدالله أن تكون عبداً للشيطان والشهوات، فتقع في المعصيات ، وتركن للمغريات والمحرمات ، فتستحق العذاب من رب الأرض والسماوات ، فانج بنفسك واعمل لدنياك كأنك تموت غداً ، واعمل لآخرتك كأنك تعيش أبداً ، واعلم بأن الله يراك ومطلع عليك ، { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } ( الإسراء ) واحذر أن يراك على معصية { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم يوم القيامة بما عملوا والله بكل شيء عليم } ( المجادلة ) ، وكن مستعداً للموت في كل لحظة وبادر إلى الأعمال الصالحة فما تلبث قليلاً إلا وأنت مرتهن في قبرك فإما نعيم وإما جحيم وخذ العبرة ممن سبقك ، ولا تكن عبرة لمن بعدك . { كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } ( آل عمران ) . 
يقول النبي صل الله عليه وسلم:" إن الله يغار ، وإن المؤمن يغار ، وغيرة الله عز وجل أن يأتي المؤمن ما حرم عليه"( متفق عليه) ، وقال بكار سمعت وهباً يقول: إن الرب عز وجل قال بعض ما يقول لبني إسرائيل : إني إذا أُطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية ، وإذا عُصيت غضبت ، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد . نعوذ بالله من الخُسران .
وقال الحسن البصري : ما عصى الله عبداً إلا أذله الله تبارك وتعالى . 
وقال أبو الحسن المزيني : الذنب بعد الذنب عقوبة الذنب ، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة .

فيا أخي المبارك : لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت ، فقد عصيت جبّار السموات والأرض ، شديد العقاب ، واحذر أن يأخذك هادم اللذات وأنت على معصيتك فيُختم عليك بخاتمة السوء والعياذ بالله ، وتفكر رعاك الله في أن الذنوب تنقضي لذتها وتبقى تبعتها فمتى رأيت الكدر والتعب وضيق القلب والحال فتذكر ذنباً وقعت فيه وبادر بالتوبة النصوح والزم التقوى فهي لباس المؤمنين ، ونعم بها من لباس .
وتفكر في قول الشاعر:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة بعدهـا النار
فاحرص على ما ينفعك وابتعد عما يضرك فإنه والله وراءك أهوال عظام في حياة البرزخ والحياة الآخرة .
ولنعد إلى صلب موضوعنا والمهم من أمرنا وهو موضوع ( اللواط ) أعاذنا الله منه وأجارنا .
قال بن حجر في الزواجر : [ النظر بريد الزنا، ومما روي : أن عيسى عليه السلام مّر في سياحته على نار تتوقد على رجل فأخذ ماء ليطفئها فانقلبت النار صبياً وانقلب الرجل ناراً ، فتعجب عيسى من ذلك ، فقال يارب: ردهما لحالهما في الدنيا لأسألهما عن خبرهما فأحياهما الله تعالى فإذا هما رجل وصبي ، فقال لهما عيسى عليه السلام : ما خبركما وما أمركما ؟ فقال الرجل : يا نبي الله إني كنت في الدنيا مبتلى بحب هذا الصبي فحملتني الشهوة أن فعلت به الفاحشة فلما مت ومات الصبي صّير الله الصبي ناراً يحرقني مرة وصّيرني ناراً أحرقه أخرى فهذا عذابنا إلى يوم القبامة ، نعوذ بالله من عذابه ونسأله العافية والعافية والتوفيق لمرضاته ] انتهى .
كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، أنه وجد رجلاً في بعض ضواحي العرب يُنكح كما تُنكح المرأة ، فجمع لذلك أبو بكر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وفيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال :أن هذا الذنب لم تعمل به أمة إلا أمة واحدة ففعل الله بهم ما قد علمتم ، أرى أن نحرقه بالنار ، فأجمع رأى أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم أن يحرق بالنار ، فأمر به أبو بكر أن يحرق بالنار ، فحرقه خالد بن الوليد رضي الله عنه .

أدلة تحريم اللواط :
لا شك أن الإنسان لا يولد من بطن أمه عالماً ، بل يولد جاهلاً بلا علم ، ثم إن منّ الله عليه بالتعليم والعلم الشرعي ، فهذه نعمة عظيمة ومنة جسيمة ، تستحق الشكر والدعاء ما عاش الإنسان على ظهر هذه البسيطة ، وقد لا يكتب لبعض الناس تعلم العلم الشرعي ، فيقع في مخاطر عظيمة ، ومصائب كبيرة ، وقد يبتعد عن مولا ه سبحانه وتعالى ، لأنه لم يعرف ربه حق المعرفة ، فتراه يتخبط في ظلمات البر والبحر ، وتتقاذفه أمواج المعصية ، وتتجاذبه أفخاخ الجريمة ، فما يلبث أن يقع فريسة سهلة لشياطين الإنس والجن ، فيقبع في السجون وتحت بوارق السيوف ، لكن من أتاه العلم ، وعلم أن هذا حرام وهذا حلال ، وجب عليه الانتهاء فوراً مما كان عليه من الذنوب والمعاصي ، حتى يقي نفسه أهوالاً جساماً في دنياه وفي برزخه وفي أخراه ، ولهذا الغرض سقت أدلة تحريم اللواط من الكتاب والسنة وإجماع العلماء ، فها هي بين يديك حتى تكون حجة عليك :

أولا : من القرآن الكريم : ـ 
1 ـ قال تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون * وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين *وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين } ((الأعراف 80 ـ 84 ))
قال القرطبي في تفسيره (واجمع العلماء على تحريم اللواط ، وإن الله تعالى عاقب قوم لوط وعذبهم لأنهم كانوا على معاص وذنوب ، ومنه الفعلة المشينة والعملة القبيحة ألا وهي اللواط ، فأخذهم الله بذلك ، ولأنه كان منهم الفاعل والراضي بذلك ، فعوقبوا الجميع لسكوت الجماهير عليه ، وهي حكمة الله وسنته في خلقه ، وبقي أمر العقوبة على الفاعلين مستمرا . 
ولما كان أمر اللواط عظيما وخطيرا فقد جاء ت عقوبته غليظة قوية ، فقد أمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه بحرق لوطي في عهده ، وكذلك أحرقهم هشام ابن الوليد ، وخالد القسري بالعراق ، ورجم بن الزبير أربعة في لواط قد أحصنوا وحد ثلاثة لم يحصنوا ) انتهى ملخصا . 

2 ـ قال تعالى : { ولما جاءت رسلنا لوطا سيئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب ... } (( هود 77 ـ 83 )) 
يقول بن كثير في تفسير الآيات السابقة ( أن لوطا عليه السلام حذر قومه من عاقبة فعلهم ذلك ، وأن الله سيعاقبهم على جرمهم وفعلهم الفاحشة العظيمة ، ولكنهم تجبروا وطغوا ولم يذعنوا إلى أمر نبيهم لهم بل قالوا إنك لتعلم أن نساءنا لا رغبة لنا فيهن ولا نشتهيهن ، بل قالوا أفظع من ذلك وأشنع إذ قالوا : ليس لنا غرض إلا في الذكور وأنت تعلم ذلك فأي فائدة من تكرار القول علينا في ذلك . 
فعند ذلك نزل بهم العذاب الأليم فألقوا من السماء الدنيا إلى الأرض وحلت عليهم لعنة رب العباد ، فلم يكن لهم من الله من ولي ولا نصير ) انتهى ملخصا . 

3 ـ قال تعالى : { قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * …} ((الحجر 57 ـ 77 ))
يقول الفخر الرازي في تفسير الآيات السابقة : ( أن لوطا عليه السلام لما ذكر قومه بالله والتقوى والخوف منه سبحانه أعرضوا عنه ولم يلقوا له بالاً بل طالبوه بضيوفه ليفعلوا بهم الفاحشة ولم يدر بخلد هم أنهم ملائكة من الله تعالى ليشهدوا عليهم فعلهم ذلك ثم ليقيموا عليهم العذاب ، فلما قال لهم نبيهم عليه السلام (اتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي ) كان ردهم بأن قالوا (ألسنا قد نهيناك أن تكلمنا في أحد من الناس إذ قصدناه بالفاحشة ، فاستمروا في غيهم وسكرتهم وفقد عقولهم فكيف سيتقبلون قول نبيهم . 

واعلم أن الله تعالى عذبهم بثلاثة أنواع من العذاب : ـ 
1 ـ الصيحة الهائلة . 
2 ـ أنه جعل عاليها سافلها . 
3 ـ أنه أمطر عليهم حجارة من سجيل . 
فوقع العذاب عليهم بفعلهم الفاحشة التي لم تفعلها أمة قبلهم ، وكانت قراهم وما ظهر فيها من آثار قهر الله وغضبه لبسبيل مقيم ثابت لم يندرس ولم يخف ، والذين يمرون من الحجاز إلى الشام يشاهدونها ) انتهى ملخصا . 

4 ـ قال الله تعالى : { كذبت قوم لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون * .. } ( الشعراء 160 ـ 175 ) . 
يقول ابن جرير الطبري في تفسير الآيات السابقة ((قال لوط لقومه : ـ الله أيها القوم إني رسول الله إليكم وأمين على وحيه وتبليغ رسالته ، فاتقوا الله في أنفسكم أن يحل بكم عقابه على تكذيبكم وعنادكم وتجبركم وتعنتكم وأطيعون فيما دعوتكم إليه من الحق والهدى أهدكم سبيل الرشاد ولا أسألكم على نصيحتي لكم ودعوتكم إلى ربي جزاء ولا ثوابا ولكن أجري على الله رب العالمين . 
أتنكحون الذكران من بني آدم في أدبارهم وتتركون ما أباحه الله لكم من أزواجكم ، بل أنتم قوم تتجاوزون ما أباح الله لكم إلى ما حرم عليكم .فما كان جواب قومه إلا أن هددوه بالإخراج من قريتهم لإنكاره عليهم تلك الفاحشة المشينة وهي فعل اللواط بالذكور منهم . فلما استمروا على ذلك الفعل القبيح وعدم اتباعهم نهي نبيهم استغاث لوط عليه السلام بربه سبحانه وتعالى فجاء العقاب سريعا من شديد العقاب ، من بيده ملكوت السموات والأرض ، من له جنود السموات والأرض . ثم أهلك الله عز وجل قوم لوط العصاة المجرمين بالتدمير وإرسال حجارة من السماء مطرا عليهم وبئس ذلك المطر مطر القوم الذين أنذرهم نبيهم فكذبوه ، وإن في إهلاك قوم لوط لعبرة وعظة لمن خافه من الأقوام وماربك بظلام للعبيد )انتهى ملخصا . 

5 ـ قال الله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن أبتغىوراء ذلك فأولئك هم العادون} (المؤمنون 5 ـ7 )
قال الشنقيطي رحمه الله في تفسيره (( ذكر جل وعلا أن من صفات المؤمنين المفلحين الذين يرثون الفردوس ويخلدون فيها ، حفظهم لفروجهم ، من اللواط والزنا ونحو ذلك ، وبين أن من لم يحفظ فرجه عن الحرام بل تعدى حدود الله فهو ظالم لنفسه ومهلكها وموبقها وموقعها في شديد عذاب الله تعالى )) انتهى . 

6 ـ قال الله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } ( المعارج 29 ـ30ـ 31 ).
قال بن سعد يرحمه الله في تفسيره (( الذين لايطأون بفروجهم وطئا محرما من زنا أو لواط أو وطء في دبر أو حيض ونحو ذلك ، ويحفظونها من النظر إليها ومسها ممن لا يجوز له ذلك، ويتركون وسائل الحرام الداعية لفعل الفاحشة ، فأولئك هم الذين وصلوا إلى أعلى منازل الكرامة والنعيم المقيم ، فهم أصحاب الصفات الطيبة الحسنة ، وما عداهم فأولئك المجرمون المعتدون الذين أعد الله لهم العذاب الشديد الذي تذوب من شدته الجبال الراسيات الشامخات )) انتهى . 

ثانيا : من السنة المطهرة : ـ 
وقد سمى الله عز وجل فعل عمل قوم لوط فاحشة في قوله تعالى على لسان نبيه لوط عليه السلام إذ قال ( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) ، ولقد جاء تحريم الفاحشة عموماً ومنها اللواط في قوله تعالى ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن )0 
ولقد جاءت الأحاديث الصحيحة متضافرة من تحريم الفواحش بكل أنواعها وحرم التعدي على حدود الله وإليكها من مضانها :
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صل الله عليه وسلم قال [ إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه ] ( رواه البخاري ومسلم ) 0
وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء ، فيجعلها الله هباءً منـثوراً ، قال ثوبان : يا رسول الله ! صفهم لنا ، جلهم لنا ، لا نكون منهم ونحن لا نعلم 0 قال : أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون ،من الليل كما تأخذون ، ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ] حديث صحيح رواه بن ماجة ] ، فأولئك القوم كانوا يقومون الليل ويعملون من أعمال الخير ما تعجز عن حمله الجبال ،ولكن ما امـتـثلوا أمر الله عز وجل ولا أمر نبيه صل الله عليه وسلم ، فإذا أغلقوا عليهم أبوابهم وسترهم ارتكبوا محارم الله من زناّ ولواطٍ وغير ذلك ، فأولئك كانوا على علم وعلى أعمال صالحة أما أهل اللواط والفواحش فليسوا على ذلك فأي أعمال صالحة لديهم حتى يجعلها الله هباءً منـثـوراً ، إن أعمالهم كلها سيئة فلا صلاة ولا صوم ولا قيام بل نوم فوالله لو كانوا من أهل الصلاة لاجـتـنبوا الفواحش وما قربوها ولهابوها ، يقول ربنا تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ] ( العنكبوت ) 0
فالعمل السيء يتبعه عمل سيء آخر، وهكذا حتى تـتراكم السيئات على العبد فيلقي ربه وليس لديه حسنة ، ثم النار النار ، بئس المصير وبئس القرار 0
فياليت شعري ! لو أن أكثر الناس أدركوا لماذا خلقوا لهانت عليهم الدنيا ولجدوا في طلب الآخرة ، ولكن عميت منهم العقول والقلوب والأبصار ، فأضحوا لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ولا حول ولا قوة إلا بالله 0
فيا عبد الله ، تب إلى الله ، وارجع إلى الله ، لعله سبحانه أن يقيل عثرتك ، ويمحو حوبتك ، ويتجاوز عن قبح فعلك 0
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صل الله علية وسلم قال : [ ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً ، وعن جنبتي الصراط سوران فيها أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعند رأس الصراط داع يقول : استقيموا على الصراط ولا تعوجوا ، وفوق ذلك داع يدعو كلما هَمّ عبد أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب ، قال: ويلك ! لا تـفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه ، ثم فسره فأخبر أن الصراط هو الإسلام ، وأن الأبواب المفتحة محارم الله ،وأن الستور المرخاة حدود الله ، والداعي على رأس الصراط هو القرآن ، والداعي من فوقه هو واعظ الله في قلب كل مؤمن ] ( أنظر صحيح الترغيب والترهيب ) . 
إن الله عز وجل لايقبل ديناً غير الإسلام ولهذا قال سبحانه : { إن الدين عند الله الإسلام } ( آل عمران ) ، وقال تعالى : { ومن يـبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } ( آل عمران ) فالإسلام دين الاستقامة والهدى من تمسك به لن يضل أبداً ،ولهذا نرى اليهودية والنصرانية والشيوعية كيف حل بهم البلاء والعذاب والضيق والضياع والانحلال ، وضعف الأمن وقلة الأمان ، بسبب ما هم عليه من الضلال والجور ، والعناد والتكبر على الله تعالى ، أما الإسلام فهو الدين الذي ارتضاه الله جل وعلا لعباده ، وهو سبيل النجاة من النار والورود إلى جنة الرحمن .
وقد جعل الله عز وجل لعباده عقبات وابتلاءات يختبر بها عباده ، ليرى منهم الصابر عن محارم الله عز وجل ممن يقع فيها وهذا مصداقُُ لقوله تعالى : { آلم أحسب الناس أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فـتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقون سـاء ما يحكمون } ( العنكبوت ) . 
فكلما قوي إيمان العبد كلما زاد بلاؤه ، ولهذا كان أكثر الناس الأنبياء ، ومن الناس من إذا ابتلى بلاءً يسيراً ذهب ضحية ذلك البلاء بلا صبر ولا دعاء إلى الله عز وجل أن يثبته ويقيه شر ذلك البلاء ، إنما هو اتباع للشيطان والهوى ، ووقوع في الحرام بلا خوف ولا حياء ، فياويله من العذاب الأليم والعقاب الشديد .
قال تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون } ( البقرة ) .
فالصبر من أعلى المراتب في الدين الإسلامي ، ولهذا جاء مدح الصابرين ومالهم من منازل عليا كثير في القرآن الكريم ، منها قوله تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } ( الزمر ) .
وقال صل الله عليه وسلم : [ لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة قي نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة ] ( رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ) .
وقال صل الله عليه وسلم : [ ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطى أحد عطاً خيراً وأوسع من الصبر ] ( متفق عليه ) .

وقد قسم العلماء الصبر إلى ثلاثة أقسام :
الأولى : صبر على أقدار الله .
الثانية : صبر على طاعة الله .
الثالثة : صبر عن محارم الله .
فهنيئاً لمن حرّم على نفسه ما حرّم الله عليه من لواط وغيره من الفواحش والذنوب والآثام ، وهنيئاً لمن تمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صل الله عليه وسلم فوقف عند حدود الله ولم يتعداها إلى حرمات الله تعالى ، لان الله تعالى يغار ، وغيرته أن يأتي المرء ما حرم الله عليه فليحذر العبد من عاقبة انتهاك الحرمات ،فعاقبتها سيئة ، وآخرتها نار موقده ، نارُُ تلظى لا يصلاها إلا الأشقى . 
بل على المؤمن أن يتمسك بكتاب الله تعالى ، فهو الصراط المستقيم والنور المبين يهدى به الله من اتبع رضوانه ، سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور ، ولهذا جاء التحذير من هجر القرآن ، لان في هجره انتهاك لحرمات الله تعالى ، وارتكاب لنواهيه ، وابتعاد عن الطاعات وزهد في الأوامر ، فقال تعالى : { وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً } ( الفرقان ) .
فالقرآن شاهد لك ، أو شاهد عليك .
فاحرص يا عبد الله أن تكون من الموفقين في هذه الدنيا الزائلة ، واستعد للقاء ربك بفعل الطاعات واجتناب الفواحش الظاهرة والباطنة .
واجعل مخافة الله نصب عينيك ، فأنت لا محالة راحل من هذه الدنيا عاجلاً أو آجلاً ، فاحذر الموت وكربته والقبر وظلمته ، والصراط وزلته .
3 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه ،أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : [00000 اتق المحارم تكن أعبد الناس 000 ] (حديث حسن لغيره رواه الترمذي وغيره ) .
4-وعن بريده رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال : [ 000 ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت ] ( رواه الحاكم وهو حديث صحيح لغيره ) .
5-وعن بن عمر رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال : [ 000 لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يلعنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ] ( رواه بن ماجة وغيره وهو حديث صحيح لغيره ) .
6ـ عن بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم 
[ ملعون من عمل بعمل قوم لوط ] ( صحيح الجامع برقم 5891 ) . 
7 ـ وعن بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم 
[ من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ] ( صححه الألباني في الإرواء برقم 2350 ) ، وعند الترمذي (( أحصنا أو لم يحصنا )) .
فاللواط ذنب عظيم ومعصيته كبيره من كبائر الذنوب التي حرمها الله عز وجل ، إذ كيف يتخذ الإنسان لقضاء وطره من هو مثله من الرجال ففيه انتكاس للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها وفي ذلك تعد لحدود الله تعالى بفعل الحرام وترك الحلال ، وفي ذلك محاربة لخالق الأرض والسماء بعدم لزوم أوامره عز وجل بل تعد إلى نواهيه سبحانه وتعالى ، وفي ذلك تشبه بالقوم الذي أنزل الله بهم عذاباً لم ينزله بأمة قبلهم ، وفي ذلك عدم خوف من شديد العقاب بالتساهل وعدم قبول ما جاء في تحريم اللواط بل وإتيان لهذا الذنب الكبير وعدم مبالاة بعقاب هذا الفعل المشين والعمل القبيح . 
والمؤمن الكيس الفطن العاقل الذي يعرف عواقب الأمور يضع كل عاقبة سيئة في حسبانه لئلا يقع فيها ، ويحذر من سوء الخاتمة ، ويتخذ ممن سبقه من الأمم عبرة وعظة لئلا يصيبه ما أصابهم ، ثم يحذر كل الحذر ألا يكون هو عبرة لغيره فيبوء بالحسرة والندامة يوم لا ينفع الندم . يقول الله تعالى : { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدىً ورحمة لقوم يؤمنون } ( يوسف ) .
8 ـ عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : [ إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط ] ( حديث صحيح رواه الترمذي وابن ماجة ) . 
قال بن عباس : ( إن الرجل ليأتي الرجل فتضج الأرض من تحتها والسماء من فوقها ، والبيت والسقف ، كلهم يقولون : أي رب ! ائذن لنا أن ينطبق بعضنا على بعض ، فنجعلهم نكالاً ومعتبراً ، فيقول الله عز وجل : إنه وسعهم حلمي ولن يفوتوني ) . قال الله تعالى : { ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } ( غافر ) ، وقال تعالى : { وما للظالمين من نصير } ( الحج ) .
قال صل الله عليه وسلم : [ إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )) ( هود 102 ) ] ( متفق عليه ) . 
فهب أن الله قد كتب عليك الشقاء ثم جاءك ملك الموت وأنت على تلك الصورة البشعة وتلك الفعلة القذرة ، فما المخرج ؟ ومن المنجي من عذاب الله ؟
واعلم يا من عذبت نفسك وبليتها بعمل قوم لوط أن من مات على شيء بُعث عليه ، فمن مات وهو ملب لله تعالى بحج أو عمرة يبعث من قبره مسروراً فرحاً مفتخراً بتلبيته لله عز وجل ، فيخرج من قبره وهو يقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، وأما من مات وهو يعمل عمل قوم لوط والعياذ بالله فيقول بن عباس : من خرج من الدنيا على حال خرج من قبره على تلك الحال ، حتى أن اللوطي يخرج يعلق ذكره على دبر صاحبه مفتضحين على رؤوس الخلائق يوم القيامة . فأي فضيحة وأي خزي وأي عار سيواجهه اللوطيون يوم القيامة ؟ فما اشدها من فضيحة ؟ وما أفظعها من نتيجة ؟ وما أسوأها من خاتمة ؟ وما أعظمه من خزي ؟ وما أقبحه من عار ؟ 
ولكنه الهوى الأعمى الذي دب في نفوس أولئك البغاة العصاة ، وإنه إعراض عن الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، يقول ربنا جل وعلا : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا * ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى * وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى } ( طه 124-127 ) ، فالموعد يوم أن تتطاير الصحف ، وتعرض السجلات ، وتجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ، إنه اليوم الذي يشيب فيه المولود ، ويفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ، فكل إنسان يقول : نفسي نفسي ، إنه يوم القيامة عند من لا تخفى عليه خافية . 
فأين المعتبر ؟ وأين التائب ؟ وأين العائد إلى ربه ؟ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له . والله المستعان وعليه التكلان . 
ولقد جعل الله سبحانه وتعالى بحكمته ورحمته في الحلال غنية عن الحرام . فاللهم لك الحمد والفضل والمنة على جميع نعمك الظاهرة والباطنة ، واللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك . 
9 ـ قال صل الله عليه وسلم : [ لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا ، أو امرأة في دبرها ] ( أنظر ترتيب صحيح أحاديث الجامع الصغير وزيادته ص70 ) . 
فمن لم ينظر الله إليه يوم القيامة فمن ذا الذي ينظر إليه إذاً ؟ . فكل الأنبياء الذين هم صفوة الخلق وأفضل العباد يقول كل منهم : نفسي نفسي ، وهم الذين كتب الله لهم العصمة من الذنوب ، فأين أنت أيها اللوطي يوم القيامة من الأهوال العظام والآيات الجسام ؟ أتحسب أن الله غافلُُ عما كنت تعمل من عمل قوم لوط ؟ أم تحسب أن الله جل وعلا نسيك ونسي فعلتك ؟ أم تحسب أن الله تعالى سيتركك هملاً وسدى ؟ أم تحسب أن الله لا يقدر على عذابك ؟ كلا والله بل ستحاسب على أفعالك وتعاقب على ذنوبك ومعاصيك ما لم يدركك الله بتوبة قبل موتك . 
قال تعالى : { ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون * إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء * وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل } ( إبراهيم ) . 
ولسان حال أهل اللواط والفحش والكفر والعناد أنهم يقولون : { ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } فيرد عليهم ربهم سبحانه وتعالى الذي أمهلهم في الدنيا ليتوبوا ولكنهم أصروا على فعل الفواحش والكبائر ، يقول لهم ربهم : { اخسئوا فيها ولا تكلمون } ( المؤمنون ) . 
ويقول الله تعالى : { وما كان ربك نسياً } ( مريم ) . 
وقال تعالى : { في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى } ( طه ) . 
أتحسب أيها اللوطي أن الله ينسى فعلك القبيح وعملك المفضوح ؟ لا والله ، ولكن الله تعالى قد منّ عليك بتأخير عقوبتك في الدنيا لعلك تتوب أو تعود إلى ربك سبحانه ، ولكنك بتماديك في غيك واستمرارك في معصيتك ستلقى جزاء ذلك جزاءً موفوراً ، وكل ذلك في كتابك وصحيفتك مسطرٌ لك إلى يوم تلقى ربك ، وستقاسي مرارة ذلك عذابا أليما ، وغساقاً وحميماً . 
فارحم نفسك وعالجها بالتوبة النصوح والتجارة الرابحة مع ربك جل وعلا ، وأخلص نيتك بإقبالك على الله تعالى وأر ربك صدق النية وإخلاص التوبة لعله سبحانه أن يتوب عليك ويبدل سيئاتك حسنات ، فالله يفرح بتوبتك وإنابتك إليه . 

ثالثا : الإجماع : -
أجمع العلماء على أن اللواط حرام ، وفاعله ملعون والعياذ بالله ، نقل ذلك الإجماع أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن . 
وذلك لأن في اللواط شذوذ جنسي وأخلاقي وإنزال للنفس البشرية إلى منزلة البهائم بل أسفل من ذلك ، ولما فيه من انتكاس للفطر السليمة التي فطر الله الناس عليها ، وفيه حدوث علاقات جنسية محرمة بين الرجال بعضهم البعض ولما فيه من إيذان بعذاب الله تعالى إن لم توقع العقوبة على الفاعل والمفعول به ، لذا جاء التحريم شرعاً وعرفاً لفعل فاحشة اللواط والعياذ بالله . 
وقد أجمع الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به ولكنهم اختلفوا في كيفية القتل . 



... يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75483
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Empty
مُساهمةموضوع: رد: فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها    فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Emptyالأربعاء 16 يناير 2019, 7:25 am

... تابع


أقوال العلماء في اللواط : ـ 
1 ـ يقول النووي رحمه الله في كتاب المجموع شرح المهذب : ( فإن اللواط وهو إتيان الذكور في أدبارهم محرم وهو من الكبائر لقوله تعالى : { إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة } فسماه فاحشة والله يقول : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } انتهى . 
2 ـ وقال الذهبي رحمه الله تعالى في كتاب الكبائر : ( قد قص الله عز وجل علينا قصة قوم لوط في غير موضع ، فعاقبهم بأن أرسل عليهم حجارة من طين طبخت حتى صارت كالأجر وصبها عليهم يتلو بعضها بعضا ، معلمة بعلامة تعرف بها أنها ليست من حجارة أهل الدنيا ، وما هي من الظالمين في هذه الأمة إذا فعلوا فعلهم أن يحل بهم ما حل بأولئك من العذاب . 
وأجمع المسلمون على أن اللواط من الكبائر التي حرمها الله تعالى ، فقال تعالى : { ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين } ( الأنبياء 74 ) .
وكان من القوم الذين أرسل إليهم أو القرية التي أرسل إليها سدوم ، وقد كان أهلها يعملون الخبائث التي ذكرها الله سبحانه في كتابه كانوا يأتون الذكران من العالمين في أدبارهم ويتضارطون في أنديتهم مع أشياء أخرى كانوا يعملونها من المنكرات . 
وروى الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال : رسول الله صل الله عليه وسلم : [ أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله تعالى ، قيل : من هم يا رسول الله ، قال : المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة ، والذي يأتي الذكر ] يعني اللواط . 
وقال بعض العلماء : لا يبيتن رجل مع أمرد في مكان واحد ، وحرم بعض العلماء الخلوة مع الأمرد في بيت أو حانوت أو حمام قياساً على المرأة . 
جاء رجل إلى الإمام أحمد رحمه الله ومعه صبي حسن فقال : الإمام : ما هذا منك ؟ قال ابن أختي ، قال لا تجئ به إلينا مرة أخرى ، ولا تمش معه في طريق لئلا يظن بك من لا يعرفك ولا يعرفه سوءاً ) انتهى . 
3 ـ قال الشوكاني في نيل الأوطار : ( وأخرج البيهقي عن علي رضي الله عنه أنه رجم لوطيا ، قال الشافعي : وبهذا نأخذ برجم اللوطي محصناً كان أو غير محصن ، وقد اختلف أهل العلم في عقوبة الفاعل للواط والمفعول به بعد اتفاقهم على تحريمه وأنه من الكبائر للأحاديث المتواترة في تحريمه ولعن فاعله ، وذهب علي بن أبي طالب إلى أن اللوطي يقتل بالسيف ثم يحرق لعظم المصيبة ، وأجمع الصحابة على قتله ، وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين ويعذب تعذيباً يكسر شهوة الفسقة المتمردين فحقيق بمن أتى فاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشابها لعقوبتهم ، وقد خسف الله تعالى بهم واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم . 
4 ـ وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في الزواجر : ( وأجمعت الأمة على أن من فعل بمملوكه فعل قوم لوط من اللوطية المجرمين الفاسقين الملعونين فعليه لعنة الله ثم عليه لعنة الله ثم عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، فعليهم أشد اللعنة الدائمة الظاهرة وأعظم الخزي والبوار والعذاب في الدنيا والآخرة ماداموا على هذه القبائح الشنيعة البشعة الفظيعة الموجبة للفقر وهلاك الأموال وانمحاق البركات والخيانة في المعاملات والأمانات ، ولذلك تجد أكثرهم قد افتقر من سوء ماجناه وقبيح معاملته لمن أنعم عليه وأعطاه ولم يرجع إلى بارئه وخالقه وموجده ورازقه بل بارزه بهذه المبارزة المبينة على خلع جلباب الحياء والمروءة والتخلي عن سائر صفات أهل الشهامة والفتوة والتحلي بصفات البهائم ، بل بأقبح وأفظع صفة وخلة ، إذ لا تجد حيواناً ذكراً ينكح مثله ، فناهيك برذيلة تعففت عنها الحمير . فكيف يليق فعلها بمن هو في صورة رئيس أو كبير ، كلا بل هو أسفل من قذرة وأشأم من خبرة ، وأنتن من الجيف ، وأحق بالشرور والسرف ، وأخو الخزي والمهانة ، فبعداً له وسحقاً وهلاكاً في جهنم وحرقاً ) انتهى . 
5 ـ وقال بن القيم رحمه الله في زاد المعاد : ( ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قضى في اللواط بشيء لأن هذا لم تكن تعرفه العرب ، ولم يرفع إليه صل الله عليه وسلم ، ولكن ثبت أنه قال : (( اقتلوا الفاعل والمفعول به )) وحكم به أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكتب به إلى خالد بعد مشاورة الصحابة ، وكان علي أشدهم في ذلك . 
وأجمعت الصحابة على قتله ، وإن اختلفوا في كيفية القتل ) انتهى . 
كانت تلك جملاً من أقوال العلماء الأفذاذ عليهم رحمة الله في اللواط وأهل اللواط ، ومن استمرأه وقبله ، ورضيه دستوراً وطريقاً يلتمسه .
وإنه والله سبب لسوء الخاتمة ، وسبب للغفلة المهلكة ، نسأل الله السلامة والعافية. 

عقوبة اللواط :
اللواط جريمة شنيعة وفاحشة قبيحة ، ورذيلة مذمومة ، وفعلة منكوسة ،وفطرة مطموسة وفاعلها ملعون مجرم فاسق ، وممارسها منكوبٌ استحق العذاب على عظيم جرمه ، وجسيم فعلة ، ولهذا كان له عقوبة عجيبة غريبة في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة تختلف عن عقوبة بقية الفواحش والكبائر بسبب عظيم الجرم ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .

1) في الدنيا :
اعلم أن الله عز وجل قص علينا من قصة عمل قوم لوط إيثارهم الفاحشة وميلهم إليها ، وشرح عقابه إياهم في الدنيا ، فأطال في ذكر ذلك ما لم يطل في ذكر كفرهم ومعلوم أن الكفر أعظم من الفاحشة ولكن أراد تحذيرنا من تلك الأفعال ، وقصة القوم في القرآن في مواضع ، وقد عرفنا منها أنه عاقبهم في الدنيا بالخسف والرجم بالحجارة .
فعن ابن عباس أن النبي صل الله عليه وسلم قال : [ من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط يقتل الفاعل والمفعول به ] ( انظر صحيح الجامع ) .
وقد أوردنا الأحاديث في باب سابق .
وقد أمر أبو بكر رضي الله عنه بحرق اللوطي .
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط فاقـتلوه .
وسئل بن عباس : ما حد اللوطي ؟ قال : يُنظر أعلى بيت في القرية فيرمى منكساً ثم يتبع بالحجارة .
وعن سعيد بن المسيب قال : على اللوطي الرجم ، أحصن أو لم يحصن .
وقال جابر بن زيد في اللوطي يرجم .
وكذلك قال الإمام أحمد والزهري ومالك والشافعي وغيرهم من التابعين أن اللوطي يرجم أحصن أولم يحصن .
وقال النخعي : لو كان أحد ينبغي أن يرجم مرتين لكان ينبغي للوطي أن يرجم مرتين .
وقال الفضيل بن عياض : لو أن لوطياً اغتسل بكل قطرة من الماء لقي الله غير طاهر .
وقال عبدالله بن عمرو : يحشر اللوطيون يوم القيامة في صورة القردة والخنازير . 
وقال الحسن : في الرجل خالط الرجل ـ أي فعل به فاحشة اللواط ـ إن كان أحصن جلد ورجم ، وإن كان لم يحصن جلد ونفي .
وقال مجاهد : لو أن الذي يعمل ذلك العمل ـ يعني عمل قوم لوط ـ اغتسل بكل قطرة من السماء وكل قطرة من الأرض لم يزل نجساً ، وقد ذكر الله سبحانه عقوبة اللوطية وما حل بهم من البلاء في عشر سور من القرآن وهي : سورة الأعراف ، وهود ، والحجر ، والأنبياء ، والفرقان ، والشعراء ، والنمل ، والعنكبوت ، والصافات ، والقمر ، وجمع على القوم بين عمي الأبصار ، وخسف الديار ، والقذف بالأحجار ، ودخول النار ، وقال محذراً لمن عمل عملهم ما حل بهم من العذاب الشديد : { وما قوم لوط منكم ببعيد } ( هود 89 ) .
وقال بعض العلماء : إذا علا الذكر الذكر هربت الملائكة ، وعجت ـ صاحت ـ الأرض إلى ربها ، ونزل سخط الجبار جل جلاله عليهم ، وغشيتهم اللعنة ، وحفت بهم الشياطين ، واستأذنت الأرض ربها أن تخسف بهم ، وثقل العرش على حملته ، وكبّرت الملائكة ، واستعرت الجحيم ، فإذا جاءته رسل الله لقبض روحه نقلوها إلى ديار إخوانهم ، وموضع عذابهم ، فكانت روحه بين أرواحهم ، وذلك أضيق مكاناً وأعظم عذاباً من تنور الزناة ، فلا كانت لذة توجب هذا العذاب الأليم ، وتسوق صاحبها إلى مرافقة أصحاب الجحيم . تذهب اللذات ، وتعقب الحسرات ، وتفنى الشهوة ، وتبقى الشقوة . وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ينشد : 
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الخزي والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار 
( أنظر روضة المحبين 378 لابن قيم الجوزية ) .
فالأمر خطير والخطب جسيم ، والفاحشة شنيعة والجرم قبيح ،والفعل مشين ،والعمل مذموم فاتق الله أيها اللوطي ، فملك الموت لك بالمرصاد واحذر من سخط ربك سبحانه وأليم عقابه وشديد عذابه .
فالله يمهل ولا يهمل ، أم حسبت أنك لن تعود إلى ربك فيجازيك بأعمالك وأفعالك { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون } ( المؤمنون ) .
أم حسبت أنك ستخلد في هذه الدار ؟ كلا ! بل كل ذلك مسطر في صحائف أعمالك وستلقاه يوم القيامة منشوراً ، { في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى } ( طه ) ، قال تعالى : { أيحسب الإنسان أن يترك سدى } ( القيامة ) .
فاحرص يا عبد الله أن يكون رجوعك إلى ربك رجوعاً حسناً وعودك عوداً جميلاً ، بفعل الطاعات والابتعاد عن المحرمات ، فالجنة دار الأتقياء ، والنار دار الأشقياء ، فاخـتر لنفسك أي المصيرين تريد ؟ وأي الدارين ترغب ؟ .
ففي النار أهوال عظام والحميم والجحيم ، نعوذ بالله من العذاب الأليم ، وفي الجنة خيرات حسان والنعيم المقيم ، نسأل الله من فضله العميم .
واعلم أنك في قبضة ربك سبحانه ، ولن تعجزه هرباً ، بل أنت أقرب إليه مطلباً ، ألم تسمع قول ربك جل وعلا : { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } ( الزمر ) ، وقوله تعالى : { وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هرباً } ( الجن ) ، فأين أصحاب العقول والهمم ؟ وأين من تركوا الفواحش واللمم ؟
ولا ذوا إلى الله مسبغ النعم ، ودافع النقم .
فاقصد ربك غفار الذنوب ، وقابل التوب ، فهو الرؤوف الرحيم ، وهو الغفور الودود ، عاتب نفسك وأطرها على الحق أطراً ، واجزرها عن الحرام زجراً ، فوالله إنك على النار لاتقوى ، فعليك بطريق الهدى ، وإياك وطريق الغوى والهوى ، فيكون مصيرك نار تلظى .
الله الله !! أين المشمرون ؟ وأين التائبون ؟ 
فالحق ياعبد الله بقوافل التائبين ، واركب سفينة الناجين ، واحذر أن تكون من الغريقين ، في بحور المعاصي فتكون من الغاوين ، فيسخط عليك رب العالمين ، فتخسر الدارين ، وتبوء بالخسارتين ، فياويلك ثم ياويلك من عقاب شديد العقاب وسريع الحساب .

2) في القبر :
إذا كان عذاب الزناة والزواني أن يوضعوا في تنور أعلاه ضيق وأسفله واسع ويأتيهم العذاب من أسفل منهم وهم يصرخون ويصيحون يريدون النجاة والخروج ، ولا ناصر لهم ولا معين .
فلا غرو أن يحل بأهل اللواط ـ والعياذ بالله ـ أشد العذاب ، وأقسى العقاب فإن عذابهم سيكون أشنع وأبشع ، وأشد وأغلظ . وما الله بظلام للعبيد ، وإن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون ، فأين الملجأ ؟وأين النصير ؟ فيالحسرتك يامخدوع ويالضيق الحال والمقام في قبر طوله وعرضه شبر في شبر .
واعلم أنك إن مت على هذه الفعلة المحرمة شرعاً وعرفاً فإنك تموت على شك من دينك ، ولو كنت موقناً بكلمة التوحيد لا إله إلا الله ، ومن مات على الشك فليبشر بهذه البشارة السيئة والعياذ بالله ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إن الميت يصير إلى القبر ، فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشغوف ، ثم يقال له : فيم كنت ؟ فيقول : كنت في الإسلام ، فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول : محمد رسول الله صل الله عليه وسلم ، جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه ، فيقال له : هل رأيت الله ؟ فيقول : ما ينبغي لأحد أن يرى الله ، فيفرج له فرجة قبل النار ، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً ، فيقال له : انظر إلى ما وقاك الله ، ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال له : هذا مقعدك ، ويقال له : على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله تعالى . ويجلس الرجل السوء في قبره فزعاً مشغوفاً ، فيقال له : فيم كنت ؟ فيقول : لا أدري ؟ فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون قولاً فقلته ، فيفرج له فرجة قبل الجنة ، فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال له : انظر إلى ما صرف الله عنك ، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً ، فيقال له : هذا مقعدك ، على الشك كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله تعالى ] ( رواه بن ماجة وصححه الألباني رحمه الله ).
نسـأل الله السلامة والعفو والعافية والنجاة من عذاب القبر والآخــرة .

3) في الآخرة :
وأما عذاب اللوطي في الآخرة ، فقد قال الله تعالى : { ولعذاب الآخرة أشد وأبقى } ( طه ) .
وقال تعالى : { ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } ( القلم ) .
فسيُفتضحُ أمر أهل اللواط ، لأن من مات على شئ بعث عليه ، وأهل اللواط يبعـثون وذكورهم معلقة في أدبار من فعلوا بهم ذلك الفعل المشين أمام الخلائق أجمعين ، تلحقهم لعنة الله رب العالمين ، وغضبه وسخطه لقول النبي صل الله عليه وسلم : [ لعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط ، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط ، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط ] ( انظر صحيح الجامع ) .
واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى ومن لم يرحمه الله فلن يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولن تنفهم شفاعة الشافعين ، لقبح فعلهم ، ورذيلة فاحشتهم ، فما استحيوا من الله عند فعلهم للواط ، وماخافوا من خالقهم عند قيامهم وهمهم باللواط ، نســوا الله ، ماقدروا لله قدراً ؟ وما عرفوا لله أمراً ولا نهياً ؟ فهم غارقون في بحور المعاصي ، وأنهار الفجور ، فبحار المعاصي بهم تـتـلاطم ، وأنهار الفجور بهم تـتـفاقم ، حتى يردوا على نار جهنم .
وما أدراك ما جهنم ؟ قال تعالى : { وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون } ( التوبة 81 ) .
نار جهنم أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ، وألف عام حتى احمرت ، وألف علم حتى اسودت ، فهي سـوداء يحطم بعضها بعضاً .
فأي مقر ؟ وأي مستقر لأهل اللواط ؟ إنه جهنم وساءت مصيراً .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ، فسمعنا وجبة ـ صوتاً ـ فقال صل الله عليه وسلم : أتدرون ما هذا ؟ قلنا : الله ورسول أعلم . قال : هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفا (سنة) والآن انتهى إلى قعرها ) . ] رواه مسلم [ .
وقال صل الله عليه وسلم : [ يجاء بجهنم يوم القيامة تقاد بسبعين ألف زمام ،مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ] ( رواه مسلم ) .
وقال تعالى : { لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين } ( الأعـراف 41 ) .
وأهل اللواط ظلمة معـتدون ، طغاة فاسقون ، ظلموا أنفسهم بارتكابهم فاحشة عظيمة ، ورذيلة خطيرة ، تأباها الحيوانات ، فضلاً عن أبناء الآباء والأمهات ، ومعتدون لتعديهم حدود الله تعالى ، وتعاليهم عن الحق وتجاوزهم حرمات الله عز وجل فكان المصير الأكيد ، جهنم وليس عنها محيد ، وما هي منهم ببعيد ، نسأل الله الأمن يوم الوعيد .
يقول ربنا تعالى وتقدس : { هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم آن } ( الرحمن ) .

حـد اللـواط : 
اللواط من أكبر الكبائر ، ومن أشد الذنوب والمعاصي ومن أقبح الأثام ، ومن أفظع الجرائم العظام . 
وجاء تحريمه صريحاً في الكتاب والسنة والإجماع . وأجمع الصحابة على قتل فاعله ، واختلفوا في كيفية القتل إلى أقوال فمنهم من قال يرجم ، ومنهم من قال يلقى من أعلى بناء في القرية ويتبع بالحجارة ، ومنهم من قال يحرق ، ومنهم من قال يقتل . 
وقال الحنفية من تكرر منه اللواط يقتل . 
وقال المالكية أن من فَعَلَ فِعل قوم لوط رُجِمَ الفاعل والمفعول به ، سواء كان محصنين أو غير محصنين وإنما يشترط فيهما التكليف ولا يشترط الإسلام ولا الحرية . 
وقال الشافعية أنه يجب باللواط حد الزنا . 
وإلى ذلك ذهب الحنابلة أيضا . 
ويثبت اللواط بالإقرار أو بشهادة أربعة رجال كالزنا . هذا هو قول جمهور الفقهاء . .. ( انظر الموسوعة الفقهية 35 / 340 ) .

كلمة صادقة :
قال علي بن أبي طالب ، وبن عباس ، وجابر بن زيد ، والزهري ، وابن أبي حبيب ، وربيعة ، وإسحاق ، وقتادة ، والأوزاعي ، ومالك ، والشافعي في أحد قوليه ، وأحمد في الأظهر عنه ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، قالوا : 
حد اللوطي الرجم بكراً كان أو ثيباً . واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم : [ إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان ] ( ) ، وبما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريق اللوطي ، وبما رواه أبو داود أن النبي صل الله عليه وسلم قال : [ من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ] وفي رواية : [ فارجموا الأعلى والأسفل ] ( ) [ انظر إرشاد المسترشد 3/280 ] .
فأقول وبالله التوفيق :
اعلم أيها المسلم أن الحق أحق أن يتبع ، فقتل اللوطي ، هو الذي دلت عليه الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية الصحيحة ، وتنطق به الفطر السليمة ، فلماذا الجدال والمراء فيما هو واضح كرابعة الشمس في وضح النهار ، بل لا بد أن يطبق ذلك بحق من استخف بهذا الفعل المشين ، ويقام الحد على من مارس هذه الفاحشة العظيمة . وعجباً لمن يؤول ويبدل ويضعف في الأدلة حتى توافق هواه ، فالدين ما جاء من عند الله تعالى وما شرعه نبيه صلى الله عليه وسلم ، الذي يعلمه ربه الحكمة والتأويل ، فلقد عاقب الله تعالى قوم لوط على فعلتهم بأشد العقاب ، وأنكى العذاب ، ثم جاء الأمر من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقتل الفاعل والمفعول به ، وقد امتثل الصحابة رضوان الله عليهم أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم وهم خير القرون وأعلم بسنة نبيهم منا ، فمن حقه صلى الله عليه وسلم علينا اتباع سنته ومنها ما جاء في عقوبة اللوطي ، لأنه عمل تأباه الفطر السليمة ، والعقول الصحيحة ، وينكره ذووا الألباب ، وأهل الأحلام والنهى ، بل والله إن العاقل المنصف من غير أهل القرآن لينكر ذلك الفعل المشين ، فالأجدر بنا أن نقيم الحد رجماً للفاعل حتماً ، والمفعول به إن كان راضياً بهذا الفعل ، تبرئة للذمة ، وإحقاقاً للحق ، وإزهاقاً للباطل ، وخلاصاً من الإثم أمام الله تعالى ، وأمراً بالمعروف ، ونهياً عن المنكر ، وتعاوناً على البر والتقوى ، وتناهياً عن الإثم العدوان ، واتباعاً لما جاء عن الله تعالى ، وعن نبيه صل الله عليه وسلم ، وما دأب عليه السلف الصالح من اتباع للكتاب والسنة .

وما أجمل ما قاله العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله حين قال : [ قد صح عن النبي صل الله عليه وسلم الأمر بقتل الفاعل والمفعول به ، وصح عن الصحابة امتثال هذا الأمر ، وقتلهم لمن ارتكب هذه الفاحشة العظيمة من غير فرق بين بكر وثيب ، ووقع ذلك في عصرهم مرات ، ولم يظهر في ذلك خلاف من أحد منهم ، مع أن السكوت في مثل إراقة دم امرئ مسلم لا يسوغ لأحد من المسلمين ، وكان في ذلك الزمن : الحق مقبول من كل من جاء به ، كائناً من كان .
فإن كان اللواط مما يصح اندراجه تحت عموم أدلة الزنا ، فهو مخصص بما ورد فيه من القتل لكل فاعل ، سواءً كان محصناً أو غير محصن .
وإن كان غير داخل تحت أدلة الزنا ، ففي أدلته الخاصة ما يشفي ويكفي ] انتهى كلامه رحمه الله تعالى ، ( انظر التعليقات الرضية 3/286 ) .

قصة قوم لوط :
ويجدر بنا في نهاية المطاف أن نذكر قصة قوم لوط للعظة والعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وذلك من باب قوله تعالى : { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنون } ( الذاريات ) ، فالناس ما بين ناس وجاهل ، فالناسي يُذَكّر ، والجاهل يُعَلّم ، ففي قصتهم وما حل بهم من عذاب ، ونقمة ، عظة للمتقين وعبرة للمعتبرين ، وتحذيرٌ للعالمين ، وتخويفٌ للمعتدين من الوقوع في هذا الفعل المشين ، فيحل بهم ماحل بالأقدمين .
وإليك القصة مختصرة :
لقد أرسل الله لوطاً عليه السلام يدعو قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ كل ما يعبد من دون الله ونهاهم عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش ، ولكنهم لم يستجيبوا لدعوة نبيهم ولا حتى رجل واحد ، بل زادوا عناداً وإصراراً على غيهم وعنادهم ، وفعلوا القبيح وهموا بإخراج نبيهم من بين ظهرانيهم .
وكانوا يقطعون الطريق ، ويخونون الرفيق ، ويأتون في مجتمعهم المنكر من الأقوال والأفعال ، وربما فعلوا اللواط في المحافل بلا حياء ولا خجل ولا خوف من الله ، ولا يستمعون لنصيحة ناصح ولا يرعون لوعظ واعظ ، ولا توجيه عاقل ، وكانوا في ذلك وغيره كالأنعام بل هم أضل سبيلاً ، ولم يقلعوا عما كانوا عليه في الحاضر ولا ندموا على ما سلف من الماضي ، ولا راموا في المستقبل تحويلاً ، فأخذهم الله أخذاً وبيلاً .
فما زال نبيهم يحذرهم وينهاهم من مغبة فعل المعاصي حتى طلبوا منه أن يأتيهم بعذاب الله إن كان من الصادقين ، عند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم ، فسأل رب العالمين أن ينصره على القوم المفسدين ، فأجابه ربه مجيب دعوة المضطرين ، وناصر المظلومين .
فأرسل الملائكة الكرام على صورة شبان حسـان فمروا على إبراهيم عليه السلام وبشروه بغلام عليم فسألهم عن خبرهم ، فأخبروه أنهم رسل رب العالمين أرسلوا لإهلاك الطغاة المذنبين ، والعصاة المعتدين ، من قوم لوط عليه السلام .
وقيل أن الملائكة الذين أرسلوا لإهلاك قوم لوط هم : جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام .
فأتوا قوم لوط ، اختباراً من الله تعالى لذلك القوم وإقامة للحجة عليهم ، فاستضافهم لوط عليه السلام وذلك عند غروب الشمس ، وخشي إن لم يضيفهم أن يضيفهم غيره ، وحسبهم بشراً من الناس ولم يَدُر بخلده أنهم رسل رب العالمين ، جاءوا لنصرته ، وإهلاك القوم الفاسقين ، وتدمير القوم المفسدين .
وكان في الطريق يعرض عليهم في الكلام لعلهم ينصرفون عن هذه القرية وينزلون في غيرها ، فيقول لهم : والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء ، وكرر ذلك أربع مرات ، وكانوا قد أمروا ألا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك .
فعندما دخلوا بيت لوط عليه السلام ، خرجت امرأة لوط فأخبرت قومها فقالت : إن في بيت لوط رجالاً مارأيت مثل وجوههم قط – أي حسناً وجمالاً – فجاءه قومه يهرعون إليه ، يريدون أولئك الضيوف ولوط عليه السلام يجادلهم بأن يتقوا الله وينصرفوا وألا يخزوه ولا يفضحوه في ضيوفه ، وهم يتمادون في طلبهم ويزيدون ، وهو ينهاهم عن الفاحشة ، وشهد عليهم نبيهم أنه ليس فيهم رجل ذو عقل ولا خير ، بل الجميع سفهاء ، فجرة أقوياء ،كفره أغبياء ، وكان ذلك من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعوه منه قبل أن يوقعوا بهم العذاب .
وهم يـتراددون مع نبيهم الكلام ، وهو ينهاهم ويحذرهم من بغيتهم المشينة ، وفعلتهم القبيحة وهم يجادلونه بأن يخلي بينهم وبين ضيوفه ، فعرض عليهم بناته بأن يتزوجوهن فأبوا إلا مخالفة الفطر البشرية ، وفعل الفاحشة في ضيوفه .
فلما ضاق الأمر وعسر الحال ، قام جبريل عليه السلام فضرب وجوههم خفقه بطرف جناحه فطمست أعينهم حتى قيل أنها غارت بالكلية ، ورجعوا على أدبارهم يركب بعضهم بعضاً ، ويتوعدون رسول الرحمن ، ويقولون : إذا كان الغد ، كان لنا وله شأن . فجاء الأمر من الملائكة للوطٍ وأهله – وهن بناته الثلاث – أن يسري بهم ليلاً ، ويكون هو أخرهم ولا يلتفت منهم أحد إذا سمعوا العذاب يحل بقومهم .
وكانت ساعة العذاب عند طلوع الشمس ، فلما خرج لوط عليه السلام وأهله ، وطلعت الشمس ، وكانت عند شروقها ، جاءهم من أمر الله ما لا يرد ، ومن البأس الشديد مالا يمكن أن يصد .
وكان عدد المدن التي حل بها العذاب سبــع مدن ، اقتلعهن جبريل عليه السلام من الأرض السفلى ورفعها إلى السماء الدنيا بمن فيها من الأمم ، حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم وصياح ديوكهم ، وقيل حتى سمعوا هم تسبيح الملائكة ، ثم قلبها منكسه إلى الأرض ، فجعل عاليها سافلها ، ثم اتبعوا بمطر من سجيل حجارة متتابعة مسومة مرقومة على كل حجر اسم صاحبه الذي يسقط عليه .
وقيل أن امرأة لوط خرجت مع زوجها وبناتها ولما سمعت العذاب التفتت وقد أمروا بعدم الالتفات ، فلما خالفت أمر ربها وعصته قديماً وحديثاً سقط عليها حجر فقذفها وألحقها بقومها ، لأنها كانت على دينهم وكانت عيناً لهم على من يكون عند لوط من الضيوف .
فكان ذلك عقابهم والعياذ بالله . وليس ببعيد لمن عمل عملهم ورضي فعلهم أم يحل به ما حل بهم من عذاب ربهم ، فالله قادر ولا راد لقضائه ، ولا مانع لقوته وسطوته قال تعالى : { وماهي من الظالمين ببعيد } ( هود83 ) .
ولهذا ذهب كثير من أهل العلم أن اللوطي يرجم ، سواءً كان محصناً أو غير محصن .
وذهب آخرون إلى أن اللوطي يُلقى من أعلى جبل ويُتبع بالحجارة ، وما أجمل هذا القول لأنه موافق لما جاءت به الآيات الكريمات ، والأحاديث الصحيحة .
لأنه فعل قبيح ومنكر عظيم ، استحق أهله هذا العذاب الأليم ، وما ربك بظلام للعبيد .

شُبهة وردها :
يظن البعض أن امرأة لوط عليه السلام كانت تعمل الخبائث ، وتفعل الفاحشة مع قومها ، مستندين إلى ذلك بقوله تعالى : { ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين } ( التحريم10 ) ، والصحيح أن كلمة خانتاهما أي أنهما ليستا على دين زوجيهما النبيين الكريمين عليهما السلام فإن الله لا يُقّدر على نبي قط أن تكون امرأته بغياً ، كما قال بن عباس وغيره من السلف : مابغت امرأة نبي قط .
يقول بن جرير الطبري :[ ذُكر أن خيانة امرأة نوح زوجها أنها كانت كافرة وكانت تقول للناس : إنه مجنون . وأن خيانة امرأة لوط ، أن لوطاً كان يســر الضيف أي يخفيه ، وكانت تدل عليه قومها ] .
وأما من ضن أنهما كانـتا تعملان الخبائث فقد غلط غلطاً عظيماً ، وافترى إثماً مبيناً .
كانت تلك هي قصة قوم لوط وما حل بهم من العذاب بسبب بغيهم وعنادهم وتمردهم ، وعدم اتباع أوامر ربهم سبحانه وتعالى ، فكانت العاقبة والعياذ بالله العذاب الغريب على جريمتهم النكراء .

أضرار اللواط :
من المعلوم أن كل عقوبة جرى لها حد في الدنيا والآخرة ، فصاحبها على خطر عظيم من مقت الله وسخطه ، وأنه بذلك متعد لحدود الله ، ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب ، وقد تحل عليه لعنة ربه سبحانه وتعالى إن لم يتداركه ربه بتوبة نصوح قبل أن تغرغر الروح ، ففاحشة عقوبتها ما ذكرناه سابقاً حق على مرتكبها أن يخشى عذاب الله وعقوبته ، وحق له أن يرجع إلى ربه قبل فوات الأوان ، وقبل أن يطبع على قلبه الران ، فيهلك بالعصيان ، ويكون حطباً للنيران ، نعوذ بالله من الخسران .
وإذا تُرك الأمر هكذا بلا رادع ولا زاجر ، ولا ناصح ولا مرشد ، فللواط أضرار على الفرد والمجتمع ، وهذه هي : 
أولاً / الأضرار الدينية والاجتماعية :
1- أذان الله بالعذاب للجميع الفاعل والمفعول به والتارك للإنكار ، على هذه الفعلة القبيحة .
2- ضعف الوازع الديني .
3- انتشار الأمراض الفتاكة المهلكة بين أفراد المجتمع .
4- نزع الحياء والمروءة من قلوب من يمارسون فاحشة اللواط .
5- قد تجر ممارسة هذه الفاحشة إلى عواقب عظيمة ، كانتقام بعضهم من بعض بالقتل أو غير ذلك .
6- تعطل كثير من الفتيات عن الزواج بسبب انتشار هذه الفاحشة المحرمة ،واكتفاء البعض بعمل اللواط .
7- احتقار من يفعل هذا الفعل القبيح من قبل أفراد المجتمع ، فلا يكون له مكانة في قلوب الناس .
8- عدم ائتمان ممارسي هذه الفاحشة المسمومة حتى على أطفالهم أو إخوانهم في البيوت .
9- إلحاق الخزي والعار بأفراد الأسرة كافة ، بسبب ممارسة اللواط من قبل أحد أفراد الأسرة . 
10- عدم رغبة الكثير من أهل الغيرة على الأعراض تزويج بناتهم لمن يعرفون أنه قد مارس هذه الفاحشة .
11- غضب الله تعالى لمن يفعل فاحشة اللواط .
12- الخوف من سوء الخاتمة لمن يعمل عمل قوم لوط .
13- الرجم لمن علم عنه فعل هذه الفاحشة المحرمة شرعاً وعرفاً .
14- ضياع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الناس إذا رضوا بفعل اللواط بين أظهرهم بلا إنكار ولا زجر .
15- الذم والبغض من الناس لفاعلي اللواط .
16- سقوط عدالة اللوطي ، لعدم أهليته لذلك ، بسبب ارتكابه كبيرة من كبائر الذنوب العظام وهي اللواط .
17- اتصافه بأسوأ الألقاب كالفاسق والمجرم وما شابه ذلك .
18- الخوف والقلق المسيطران على فاعل اللواط من اكتشاف أمره .
19- كثرة المحن والمصائب التي يتعرض لها أهل اللواط .
20- خوف اللوطي من فعل هذه الفاحشة بأقرب الناس إليه وكما تدين تدان .

ثانياً / الأضرار الصحية :
لقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك العديد من الأضرار الصحية والطبية على مرتكبي فاحشة اللواط ، والتي أثبتها علماء الصحة والطب في العديد من دول العالم ومن هذه الأضرار ما يلي :
1- الورم الليفي التناسلي : والذي ينتشر بين اللوطيين بصورة كبيرة ، ويظهر هذا المرض على صورة قرح تنتشر في الأعضاء التناسلية ، لا سيما القضيب وفتحة الشرج .
2- التضخم الواضح في الغدد الليمفاوية المجاورة ، مما يسبب تكون الصديد وخروج خراجات صغيرة سرعان ما تنفجر فتتكون جيوب ، ويصحب ذلك عادة ارتفاع في درجة الحرارة ، وغثيان وآلام بالمفاصل ، وصداع شديد .
3- حدوث تورم كبير في الأعضاء التناسلية الخارجية ، ويحدث هذا التورم عادة نتيجة انسداد في الأوعية الليمفاوية ، بسبب الالتهاب المزمن الذي أصابها .
4- يصاب الشرج غالباً ، فيحدث به التهاب شديد يؤدي إلى إفرازات صديدية وقرح كثيرة ، وفي النهاية يحدث ضيق شديد في فتحة الشرج ينتج عنه زيادة في الإفرازات الصديدية مع نزف دموي ، مما يسبب انسداداً كاملاً .
5- الإصابة بأورام خبيثة في الأعضاء التناسلية لا سيما السرطان .
6- نقل الأمراض التناسلية والجنسية الخطيرة بسبب اللواط .
7- أثبت العلم الحديث إلى أن هناك علاقة وطيدة بين اللواط ومرض التهاب الكبد الوبائي .
8- أثبت العلم الحديث أيضاً أن اللواط سبب رئيس لمرض نقص المناعة المكتسبة المسمى ( الإيدز ) أجارنا الله منه .
9- يسبب اللواط اختلالاً كبيراً في توازن العقل ، وارتباكاً في التفكير ، وركوداً غريباً في التصور ، وضعفاً شديداً في الإرادة .
10- ويسبب اللواط إضعاف القوى النفسية ، والعصبية .
11- الموت العاجل بسبب تلك الأمراض الخطيرة ، من جراء فعل تلك الفاحشة الرذيلة . ( أنظر الإعجاز العلمي في الإسلام ) .

ولعل هناك أضراراً أخرى لم أتطرق لها ، إما لأهمية ما ذكرت ، أو للنسيان ، { وما كان ربك نسياً } ، وفيما ذكرته كفاية لمن أراد الحق والرجوع إليه . 

قصة وعبرة :
لقد حرم الشارع الكريم النظر المحرم ، أو المؤدي إلى الحرام ، سواءً كان النظر إلى امرأة أو إلى صبي أمرد أو جميل ، سداً لباب الفتنة ، وقد جاء تحريم إطلاق النظر كما في آية سورة النور حيث قال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } وقال تعالى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن } ، فربما قبضت روح من أطلق نظره للحرام قبل أن يعيدها ، لأن إطلاق النظر للحرام حرام ، وسبب لسوء الخاتمة والعياذ بالله ، وطريق إلى فعل الفواحش التي تؤدي بصاحبها إلى النار . 
فالنظر نعمة قل أن يشكرها إنسان ، بل لن يستطيع سبيلاً إلى شكرها ، فنعم على العباد لا تعد ولا تحصى ، وما في السماء موضع أربعة أصابع إلا وملك راكع وملك ساجد ، ومن الملائكة من هو راكع أو ساجد إلى يوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعاً : [ سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ] ، فهل أديت حق الله من شكر هذه النعم التي بين يديك ؟ أنى لك ذلك ؟ بل أكثر الناس غافلون لاهون ، ومن أعظم هذه النعم نعمة البصر ، التي استغلها الكثير في النظر إلى الحرام والاستمتاع بذلك والاستئناس به ، وهذا كفر لهذه النعمة العظيمة .
فيحرم تقليب النظر في المردان والصبيان الحسان ، لأن ذلك أدعى إلى تعلق القلب بهم والهيام بهم ، وقد تدفع النفس الأمارة بالسوء صاحبها إلى ما هو أفظع من ذلك وأقبح ، فيقدم على فعل فاحشة [ اللواط ] والعياذ بالله .
وهذه قصة تدل على النهاية المؤسفة لمن تعلق قلبه برجل مثله وانتكست لديه المفاهيم والفطر السليمة ، وإليك القصة :
يروى أن رجلاً عشق شخصاً فاشتد تعلقه به ، وتمكن حبه من قلبه ، حتى وقع طريح الفراش من شدة المرض بسبب تعلقه بذلك الشخص ، مع أن ذلك الشخص لم يرعه اهتماماً واشتد منه نفارة وهرباً ، فلم تزل الوسائط يمشون بينهما حتى وعده أن يزوره ويعوده ، فلما أخبر المريض بذلك فرح واشتد سروره وانجلى غمه ، وجعل ينتظر الميعاد الذي ضربه له ، فبينما هو كذلك إذ جاءه الوسيط وأخبره أنه رفض الحضور ، لأنه لا يدخل مجالس الريب والشكوك ، ولا يعرض نفسه لمواقع التهم والظنون ، فلما علم بذلك اشتد به المرض أكثر مما كان ، وبدت عليه علائم الموت ، فجعل يقول :
أسـلـم يـاراحـة الـعـلـيل ويـا شفـاء المدنـف النـحـيل
رضـاك أشـهـى إلـى فـؤادي مـن رحمـة الخـالـق الجـليـل
فقال له صاحبه : يا فلان اتق الله ، قال : قد كان ، فيقول صاحبه : فقمت عنه ، فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت . اشتدت عليه سكرات الموت من شؤم ما قال من كلمات الكفر والعياذ بالله ، فهذا لم يحسن الظن بربه سبحانه ، بل أساء الظن به ، وانفك من رحمة ربه ، واعتصم برحمة مخلوق لا يضر ولا ينفع ، فكانت الخاتمة والعياذ بالله صيحة الموت التي سمعت من باب الدار ، وهذا ليس ببعيد عمن كانت حاله مثل حال ذلك الرجل ممن تعلق بالرجال أمثاله من أجل دنيء الأفعال وسيئ الأقوال . ولقد كان السلف رحمهم الله يخافون سوء الخاتمة أكثر من خوفهم من اقتراف الذنوب ، فلقد بكى سفيان الثوري ليلة إلى الصباح ، فلما أصبح قيل له : أكل هذا خوفاً من الذنوب ؟ فأخذ تبنة من الأرض وقال : الذنوب أهون من هذه ، وإنما أبكي خوفاً من سوء الخاتمة .
وقد ذكر الإمام أحمد عن أبي الدرداء أنه لما احتضر جعل يغمى عليه ثم يفيق ويقرأ : { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون } ( الأنعام 110 ) ، فمن أجل هذا خاف السلف من الذنوب أن تكون حجاباً بينهم وبين الخاتمة الحسنة .
ولقد عد جمهور العلماء أن اللواط أعظم من الزنا ، وليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط ، وهي تلي مفسدة الكفر ، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل . ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحداً من العالمين ، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمة غيرهم ، وجمع عليهم أنواعاً من العقوبات ، من الهلاك ، وقلب ديارهم عليهم ، وخسف بهم ، ورجمهم بالحجارة من السماء ، وعذبهم وجعل عذابهم مستمراً ، وطمس أعينهم ، فنكل بهم نكالاً لم ينكله بأمة سواهم ، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الأرض أن تميد من جوانبها إذا عملت عليها ، وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شاهدوها ، خشية نزول العذاب على أهلها ، فيصيبهم معهم ، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى ، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها ، من سوء الفعلة ، وشدة حرمتها عند الله تعالى . ( الجواب الكافي لا بن القيم ) .
قال صل الله عليه وسلم : [ يبعث كل عبد على ما مات عليه ، المؤمن على إيمانه ، والمنافق على نفاقه ] ( رواه مسلم ) .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صل الله عليه وسلم قال : [ يتبع الميت ثلاثة ، فيرجع اثنان ويبقى واحد ، يتبعه : أهله وماله وعمله ، فيرجع : أهله وماله ، ويبقى عمله ] ( متفق عليه ) ، فأي عمل سيقابل به أهل اللواط ربهم في قبورهم . 
فالقبر إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار .
فاحذر أيها العاصي من أن تؤخذ على حين غرة ، وحين غفلة ، فتهلك الهلاك المبين ، وتكون في عذاب وجحيم ، فاعمل لنعيم القبر ، وإلا كنت من النادمين .

ومما يلحق باللواط وقريباُ من إثمه وعقوبته ما يلي : 

أولاً : إتيان المرأة في دبرها :
وهذه الفاحشة سميت بـ ( اللوطية الصغرى ) ، لأنها كاللواط ، وقد جاء التحريم عن ذلك في الكتاب العزيز في قوله تعالى : { فإذا تطهرن فأتوهم من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين * نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } ( البقرة 222/223 ) يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : [ من حيث أمركم الله : قال ابن عباس يعني الفرج ولا تعدوه إلى غيره فمن فعل شيئاً من ذلك فقد اعتدى ، وفيه دلالة على تحريم الوطء في الدبر ، وقوله : نساؤكم حرث لكم : الحرث موضع الولد ، فأتوا حرثكم أنى شئتم : أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد كما ثبتت بذلك الأحاديث . روى البخاري عن جابر قال : [ كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها ـ في قبلها أي في فرجها ـ جاء الولد أحول فنزلت : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } ، وروى ابن أبي حاتم عن جابر : [ أن اليهود قالوا للمسلمين : من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول ، فأنزل الله : : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } قال ابن جريج في الحديث : فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : [ مقبلة ومدبرة إذا كان في الفرج ] .
وروى عمر ابن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ الذي يأتي امرأة في دبرها هي اللوطية الصغرى ] ، وعن علي بن طلق قال : [ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤتى النساء في أدبارهن ، فإن الله لا يستحي من الحق ] ( رواه الإمام أحمد ) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه ] ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال : [ ملعون من أتى امرأته في دبرها ] ، وسئل بن عمر رضي الله عنهما عن إتيان المرأة في دبرها فقال : وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين .
وتحريم إتيان المرأة في دبرها هو قول الأئمة الأربعة وأصحابهم قاطبة ، وقول التابعين وغيرهم من السلف ، وأنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار ومنهم من يطلق على فاعله الكفر ] ( تيسير العلي القدير لاختصار تفسير بن كثير 1/181 ) .
كانت تلك جملة من أقوال النبي صل الله عليه وسلم والسلف الصالح في تحريم إتيان المرأة في دبرها لمخالفة ذلك للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها ، ولما كان عليه السلف من حب للعلم واهتمام به وترك للهوى والشهوات ، بعكس الحال اليوم فأكثر الناس حب للشهوات وانكباب على الملهيات ، وكره وبغض للعلم ، وعدم رغبة فيه ، بل البعض طلقه طلاقاً بائناً لا رجعة فيه ، فهل بعد هذه الغفلة من غفلة ـ نسأل الله السلامة ـ .
فاحذر أيها العاقل من مثل هذه الأمور التي قد تودي بك إلى النار والعياذ بالله .

ثانياً : السحاق بين النساء :
وهذا أمر محرم لما تطلبه المرأة من قضاء الوطر بطريقة غير شرعية ، ولما في ذلك الأمر من تعد لحدود الله تعالى ، وتنكب لها إلى ما حرم سبحانه من ميل المرأة إلى مرأة مثلها ، وممارسة ذلك الأمر المحرم معها ، ولا ريب أن هذه العادات دخيلة على المسلمين في بلادهم من جراء ما اقترفوه من إحضار للأطباق الفضائية وما يسمى بالإنترنت ، والمجلات الخليعة ، والأفلام المخلة بالدين والشرف والمروءة ، فمن أدخل على أهله مثل هذه الأجهزة الهدامة فلا يلومن إلا نفسه .
ولا شك أن ما تفعله بعض النساء مع بعضهن يعتبر ذلك شذوذاً جنسياً ، وانحطاط إلى منزلة متدنية في المجتمع ، إذ لا يمكن لمسلمة أن تفعل مثل هذه الأمور التي تخالف فطرتها ، وتنم عن فساد في الطبع ، وانحلال في الخلق .
وقد جاءت الأدلة محرمة هذه العادة ، في قوله صل الله عليه وسلم : [ لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة ، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد ] ( رواه مسلم وأبو داود وأحمد والترمذي ) ، فهذا تحذير نبوي كريم للحذر من أسباب الوقوع في اللواط والسحاق ، وعن أبي موسى الأشعري مرفوعاً : [ إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان ] ( رواه البيهقي ) ، ومعلوم تحريم الزنا بنص القرآن والسنة وإجماع علماء المسلمين ( انظر الفاحشة العظمى للمؤلف ) ، فهذا من ذاك ويلحق به ، ولا بد لفاعليه من التعزير حتى إن وصل التعزير لدرجة حد الزنا فلا بأس لمنع هذا الداء من أن يستفحل ، لأنه ربما بعد ذلك يستحسن النساء أموراً أخرى وفواحش كبرى ، يكون تأثيرها على الفرد والأسرة والمجتمع ، ولو ترك الأمر بلا رقيب ولا محاسب ، فقد يقع بالناس عذاب الله تعالى لتركهم إنكار المنكر ، فلا بد من قطع دابر هذه الفعلة المشينة ليكن فاعلاتها عبرة لمن يعتبر .
فالزنى والسحاق يتفقان من حيث الحرمة حيث إن كلاً منهما استمتاع محرم ، ويختلفان من حيث الحقيقة والمحل والأثر . ( الموسوعة الفقهية 24 ) .
ولا خلاف بين العلماء في أن السحاق حرام لقول النبي صل الله عليه وسلم : [ السحاق زنا النساء بينهن ] ، وقد عده ابن حجر من الكبائر ( انظر الزواجر عن اقتراف الكبائر ) .
فليتق الله نساء المسلمين وليحذرن من عاقبة هذا الأمر الخطير ، وليكثرن من العبادة والصيام والذكر والدعاء ، وليحذرن من الوسائل الهدامة التي تبث سمومها بين المسلمين على حين غفلة من عقولهن . وهذه لذة قصيرة قد يدوم عذابها مئات السنين في نار جهنم لو وقعت صاحبتها صريعة ميتة من جراء فعلها ، فالله تعالى للمعاند بالمرصاد ، وما الله بظلام للعبيد .

ثالثاً : إتيان البهائم :
وإن مما يلحق بموضوع اللواط ولا يقل حرمة عنه إتيان البهائم ، وهو أمر محرم مجمع على تحريمه بين العلماء ، فيجب على المنصف الحق الطالب له أن يترفع بنفسه عن أمر قبيح مذموم مثل هذا الأمر الذي تستقذره النفوس وتنفر منه الطباع السليمة ، وألا يركن إلى الهوى والشهوات ، فإنها تهوي به في مكان سحيق ، فقد وجد من ضعاف النفوس وضعفاء الإيمان من طوعت له نفسه إتيان البهيمة وممارسة الرذيلة معها ، مع قذارتها ووساختها ، فقد رضي بأن ينزل بنفسه إلى منزلة الحيوان والله تعالى قد ميزه ورفع شأنه عن شأن الحيوان ، وكرمه وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاً ، ولكن رضي ذلك الفاسق المارق الخارج عن أوامر ربه بهذه المهانة التي وضع نفسه فيها ، بحثاً عن قضاء وطره في أمر محرم وطلباً لشهوة ما تلبث أن تزول في ثوان معدودة ثم يقاسي آلامها أياماً طويلة وأزمنة مديدة ، وقد يجد عذابها في نار جهنم ما لم يتدارك نفسه بتوبة تمحو ما سلف من ذنب هذه المعصية وشؤمها . 
وقد وجد من النساء من تمارس الفاحشة والرذيلة مع الحيوانات ، وقد رضيت أن يقوم هذا الحيوان مقام الزوج الشرعي ، ورضيت أن تلد كلباً أو حماراً ، فالولد للفراش وللعاهر الحجر ، إنه والله انتكاس في المفاهيم ، وتغير في الفطر ، فالله جل شأنه جعل الرجل للمرأة والمرأة للرجل ، لا يقضي كل واحد منهما وطره إلا مع الآخر ، وفق ضوابط الشرع بالزواج الشرعي الحلال الذي تكتمل فيه جميع شروطه وأركانه ، قال تعالى : [ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ] ( الروم ) .
ولكن تبدل أولئك الظلمة الحق بالباطل ، والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار .
وجاء تحريم فعل الفاحشة مع البهيمة بقول النبي صل الله عليه وسلم : [ من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوها ] ( رواه أحمد وغيره وصححه الألباني في الإرواء ) . وكفى بالحديث حكماً عدلاً مقسطاً لمن أراد الحق وجد في طلبه .


.... يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75483
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Empty
مُساهمةموضوع: رد: فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها    فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها Emptyالأربعاء 16 يناير 2019, 7:27 am

... تابع


رابعاً : نكاح اليد ( الاستمناء ) :
وهو ما يسمى بالعادة السرية ، أو جلد عميرة ، وهذا أمر محرم لما فيه من تعد لحدود الله تعالى وقضاء الوطر في غير ما أحل الله عز وجل ، وقيل أن ناكح اليد يأتي يوم القيامة ويده حبلى ويفتضح أمره أمام الخلائق ، فانظر إلى الفضيحة ، وسوء العاقبة ، وقبح الخاتمة ، وأما دليل تحريم ذلك فهو قوله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } ( المعارج ) ، يقول ابن جرير الطبري : [ فمن التمس لفرجه منكحاً سوى زوجته ، أو ملك يمينه ، ففاعلوا ذلك هم العادون ، الذين عدوا ما أحل الله لهم إلى ما حرم عليهم فهم الملومون ] ( تفسير الطبري 7/372 ) . ويقول سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله العلامة البحر الفهامة : والآية السابقة استنبط منها العلماء تحريم العادة السرية وهي الاستمناء باليد ، يعني إخراج المني بيده عند تحرك الشهوة ، فلا يجوز له هذا العمل لما فيه من المضار الكثيرة التي قالها الأطباء ، ولأنها عادة تخالف ظاهر الكتاب العزيز ، وتخالف ما أباح الله لعباده ، فيجب اجتنابها والحذر منها ، وقد جاء العلاج النبوي الكريم من نبي الرحمة والهدى للشباب ، ومنعهم مما يكون حراماً عليهم ، فقال عليه الصلاة والسلام : [ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ] ( رواه البخاري ومسلم ) .
ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لا يستطيع الزواج أن يصوم ، ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صل الله عليه وسلم ، فلما لم يرشد إليه مع يسره ، علم أنه غير جائز ، وفيه مضار تعود على البدن وعلى الغريزة الجنسية ، وعلى الفكر أيضاً والتدبير وربما تعيقه عن النكاح الحقيقي . 
( انظر فتاوى علماء البلد الحرام 504 ) .
وللاستمناء مضار كثيرة وخبيثة جدير بكل عاقل أن يتعظ بها ، وأن يحرص على الخلاص منها ، ويقلع عنها ، ومن هذه المضار :
1- معصية لله تعالى ولرسوله صل الله عليه وسلم .
2- تعريض صاحبها لغضب الله وعقابه .
3- الوقوع في سوء الخاتمة .
4- احتقار من عرف بها عند الناس .
5- عدم ائتمان من عرف بها .
6- ضعف الوازع الديني .
7- قلة الحياء وانحطاط الأخلاق .
8- ارتكابه لمحارم الله إذا خلا بنفسه .
9- ضعف الأداء الوظيفي لمن يعمل هذه العادة المحرمة . 
10- إضعاف الجهاز التناسلي .
11- ضعف الأعضاء التناسلية .
12- ضعف عام في جميع أجهزة الجسم .
13- عدم القدرة على استيعاب القراءة .
14- كثرة النسيان .
15- استحالة التفكير في أي موضوع كبير .
16- اضمحلال الجهاز الهضمي اضمحلالاً تدريجياً .
17- ضعف الشهية للطعام .
18- قد يصاب بالجنون .
19- الإصابة بمرض السل .
20- إجهاد الأعصاب .
21- إنهاك القوى الحيوية .
22- ضعف البصر ، مما قد يؤدي إلى انعدامه .
23- ارتعاش في اليدين .
24- انتشار الأمراض الفتاكة في المجتمعات بسبب انتشار تلك العادة المحرمة .
25- تفشي الجريمة في المجتمعات .
26- تفكك الأسر بسبب تلك الفاحشة القبيحة .
فحري بالعاقل الفطن الذي بلغ من العمر ما بلغ وأتاه الدليل على تحريم هذه العادة المحرمة شرعاً وعرفاً أن يقلع عنها ، ويتقي الله عز وجل ، ويقضي وطره فيما أحله الله له بالزواج الشرعي وفق ما جاءت به السنة المطهرة ، وليترك العاقل وساوس الشيطان خلف ظهره ولا يلقي لها بالاً ، بل عليه أن يتعظ بمن سبقوه في هذا المضمار المحرم وما يقاسونه من جراء تلك العادة القبيحة من محن ومصائب وآفات وأمراض ، قد يكون بعضها فتاكاً والعياذ بالله .
وليكن هم المسلم ما يوصله إلى رضا ربه ثم الجنة التي أعدت للمتقين فهذا هو الفوز الذي لا فوز بعده ، قال تعالى : { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } ( آل عمران ) ، وليحذر الفطن من أن يقع فريسة للهوى والشهوات ، فيحيق به مكره السيئ ، وينزلق في مزالق المعصية ، ويغيب في غياهب الشهوات ، فبدلاً من أن يكون عبداً لله يكون عبداً لشهواته وأهوائه ، فيكون المصير إلى النار وبئس القرار ، وتكون النتيجة الحقيقية حياة جحيم وتعاسة وشقاء ، قال تعالى : { فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق * خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد } ( هود )

وسائل العلاج :

بعد أن ذكرت مخاطر تلك الفواحش ، وما تسببه من أضرار على الفرد والمجتمع ، وما قد تدفع به صاحبها إلى الخاتمة السيئة والعياذ بالله ، فها هي سبل العلاج والوقاية منها ، بإذن الله تعالى :

1- تذكر أن الله يراك : 
فالله جل وعلا معك أينما كنت لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ، معك في بيتك ، معك في عملك ، معك في خلوتك ، مع اجتماعاتك ، الله معك في كل مكان بعلمه واطلاعه عليك ، وهو فوق عرشه على كرسيه ، فإذا ما خلوت بنفسك يوماً وأنت تحسب أن الناس لن يروك فتذكر أن الله يراك وشاهد ومطلع على أعمالك ، يقول الله تعالى : { يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بكل شيء محيطاً } ( النساء ) ، وقال تعالى : { ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ، ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم } ( المجادلة ) .

2- تذكر الحساب :
الحساب إما يسير أو عسير ، فاعمل في دنياك ليخفف عنك الحساب ، واعلم أن كل شيء تعمله وتقوله محصي عند الله تعالى { في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى } ( طه ) ، ويقول تعالى : { يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد } ( المجادلة ) ، واعلم يا مسكين أن الله تعالى سيقررك بأعمالك ، ويقول لك الرب سبحانه وتعالى : ألم تعمل ذنب كذا وكذا في كذا وكذا ، فيالها من فضيحة وخزي وعار ، عندما تتقدم للحساب وترتعد فرائصك ، وتقوم متثاقلاً من آثار الذنوب والمعاصي ، وتنادى من بين الخلائق : أين فلان بن فلان ؟ تقدم للحساب ! تصور نفسك يا مسكين في ذلك الموقف العظيم ، عندما ينشر كتابك وتقرأه ولا تستطيع أن تنكر منه شيئاً ، فكله ذنوب وآثام ، وأخطار عظام ، وفواحش جسام ، وعندما ترى كل ذلك تتمنى أن تكون تراباً ، تتمنى أن لم تخلق ، من جراء ما اقترفت يداك ، من جراء لذة واستغراق في معصية ، ثم النارُ النارَ ، ولسان حالك يقول : { رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } ( المؤمنون ) ، وتصيح من هول ما ترى مما هو مسطر في صحائف أعمالك وتقول أنت وأمثالك عندما تقدم على النار وترى هول مطلعها : { ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } ويرد عليكم ربكم سبحانه وتعالى : { اخسئوا فيها ولا تكلمون } ( المؤمنون ) . أنسيت عندما جاءك الصالحون يناصحونك ويذكرونك بالله ويخوفنك به كي تترك ما أنت فيه من غفلة وإعراض ، وأنت غارق في لجج المعاصي ، ومستغرق فيها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، تتمنى أن لو سمعت ما قالوا لك كي تنقذ نفسك من العذاب ، ولكن ! هيهاتَ هيهات ، فالمصير لا بد منه ، والعذاب واقع ، والنار واردها لا محالة إلا ما رحم ربي ، فالحق بقوافل التائبين وانج مع الناجين ، وأقبل على ربك الغفور الرحيم ، فهو يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ، أو تطلع الشمس من مغربها .

3- تذكر هذه الشهادات :
أتحسب يا مسكين أن الله خلقك وأهملك ، إن كنت تظن ذلك فأنت إلى الكفر قريب ، ومعك حق فيما قلت ، أتدري لماذا ؟ لأنك بعيد عن كتاب ربك سبحانه ، الذي { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلف تنزيل من حكيم حميد } ( فصلت ) ، ألم تقرأ يوماً من الأيام قول الله تعالى : { ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حياً * أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً * فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً * ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتياً * ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صلياً * وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً } ( مريم ) ، وقوله تعالى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون } ( المؤمنون ) ، وقوله تعالى : { أيحسب الإنسان أن يترك سدى } ( القيامة ) ، فتذكر هذه الشهادات التي ستشهد عليك يوم أن تعرض على ربك : 
الشهادة الأولى : شهادة الله عليك ، فالله مطلع عليك يراك حين تقوم ، وتقلبك على فراشك ، يرى النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء ، وقد مرت بك الأدلة سابقاً . 
الشهادة الثانية : شهادة الملائكة الكرام : اللذين على كتفيك يقول الله تعالى : { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } ( ق ) . 
الشهادة الثالثة : شهادة جوارحك عليك : يوم أن تطلب شهيداً عليك من نفسك فتتلكم أعضاؤك شاهدة ناطقة بأفعالك وأقوالك ، يقول الله تعالى : { ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون * حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أو مرة وإليه ترجعون } ( فصلت ) ، ويقول تعالى : { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون * يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين } ( النور 24/25 ) ، يقول الله تعالى : { اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } ( يس 65 ) . 
الشهادة الرابعة : شهادة الأرض عليك : فالبقعة التي كنت تمارس عليها فعل الفواحش والحرام ستأتي يوم القيامة لتشهد عليك ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صل الله عليه وسلم : { يومئذ تحدث أخبارها } ( الزلزلة 4 ) فقال : أتدرون ما أخبارها ؟ أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، أن تقول : عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا ، فهو أخبارها ] ( رواه الترمذي ) 
الشهادة الخامسة : شهادة الناس عليك : لقد كنت غافلاً عن شهادة عظيمة ، وهي شهادة الناس الذين كانوا حولك ويعرفونك ، من الأقارب والجيران والخلان ، فهؤلاء يوم القيامة سيشهدون عليك بما كانوا يشاهدون من قبح أفعالك وسيئ صنيعك ، ألم تسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان جالساً مع بعض أصحابه ، فمرت جنازة فأثنوا على صاحبها خيراً فقال : وجبت ، ثم مرت جنازة أخرى فأثنوا على صاحبها شراً ، فقال : وجبت ، فسأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : ما وجبت ؟ قال صل الله عليه وسلم : الجنازة الأولى أثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة ، والثانية أثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار ، أنتم شهداء الله في الأرض ، أتحسب أن الله غافلاً عنك وعن تصرفاتك ولكن الله تعالى بحكمته ورحمته يمهل ولا يهمل ، لكنه عز وجل إذا أخذ المذنب أخذه أخذ عزيز مقتدر . فاحذر من عاقبة الذنوب ، وانتبه أن تؤخذ على حين غفلة منك ، وتذكر أن الله يغار ، وغيرته أن تنتهك محارمه ، واحذر من غضب الجبار ، ولا تأمن مكر الله فالله خير الماكرين : { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } ( آل عمران 54 ) ، { أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } ( الأعراف 99 ) .

4- تذكر العذاب : 
من يعمل الحرام يشعر بشيء من اللذة عندما يمارس هذه الفعلة القبيحة ، ولكن وراء هذه اللذة عقوبة ينسى معها حلاوتها ، ويذوق مرارتها ، وما يلبث أن ينسى تلك اللذة البسيطة ، ثم يقاسي ألوان العذاب في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فهو بعيد عن الله تعالى ، يعيش كئيب النفس ، ضيق الصدر ، يقول تعالى : { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على اللذين لا يؤمنون } ( الأنعام 125 ) ، فتذكر نار جهنم وما فيها من ألوان العذاب ، لو سيرت فيها جبال الأرض الراسيات لذابت ، ولو وقعت قطرة من الزقوم على الأرض لأفسدت على الناس كل شيء ، فمن أنت يا مسكين حتى تعص الخالق سبحانه ؟ ومن أنت أيها المخلوق الضعيف حتى تتحمل تلك الأهوال ؟ فبادر بالتوبة النصوح ، قبل أن تحين ساعة الرحيل ، وتنظر عن يمينك وشمالك فلا ترى إلا النار ، فما دمت في دار المهلة فاغتنم الفرصة ، ما دامت سانحة لك .

5- دور الوالدين : 
فالوالدان هما صمما الأمان في المنزل ، وعليهما تقوم المجتمعات بإذن الله تعالى إذا أحسنا التربية والتعليم وأمرا أبناءهما بالمعروف ونهوهم عن المنكر ، وبين لهم طرق الخير ورغبوهم فيها ، وبينوا لهم طرق الشر ورهبوهم منها ، وحذروهم من الفواحش الظاهرة والباطنة ، ونشئوهم التنشئة الصالحة على حب الله تعالى وحب نبيه صل الله عليه وسلم وحب الصالحين والعلماء ، وحذروهم من عذاب الله تعالى وسخطه ، ومن أصدقاء السوء وأهل الشر والفساد ، وليحذر الآباء والأمهات كل الحذر من إدخال أجهزة الدمار الشامل ، من الدشوش ، وأجهزة الفيديو ، والإنترنت والمجلات الخليعة التي تدعوا إلى الجريمة والدعارة .

6- دور الدعاة والخطباء : 
جدير بالخطباء والدعاة أن يحرصوا كل الحرص على أن يتطرقوا في خطبهم ومواعظهم لمثل هذه الجريمة النكراء لما تسببه من مرض وهلاك للفرد والمجتمع ، وأخص بذلك الخطباء لأن الخطبة يحضرها كل بر وفاجر ، أما المحاضرات والدروس فلا يحضرها إلا طلبة العلم وقليل من العوام ، فالتركيز كل التركيز على الخطباء ، فهم الذين يعنون بمشاكل المجتمعات دراسة وحلولاً ، فلا بد أن نأخذ على أيديهم ونؤازرهم في هذا الأمر ونوجه لهم النصائح والتوجيهات التي قد يغفل عنها الكثير منهم .

7- دور التعليم : 
ينبغي أن يعني التعليم عناية فائقة بالنشء فهم عماد هذا الدين بإذن الله تعالى ، وهم اللبنة التي نغرسها لنجني ثمارها في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى ، فالمناهج التعليمية لدى الجنسين لابد أن تتطرق إلى خطورة الفاحشة والعقوبة المترتبة عليها .

8- تيسير الزواج : 
من الأسباب الوقائية للقضاء على مثل هذه الفاحشة تيسير الزواج بين الشباب والشابات ، حتى يستطيع كل منهم قضاء وطره فيما أحل الله له .

9- الصيام :
لقد جاء الهدي النبوي الصحيح الصريح بسد كل الذرائع والوسائل المفضية إلى الحرام ، وكل ذلك حرصاً منه صلى الله عليه وسلم في إنقاذ أمته من عذاب الله تعالى ، فجاء تحريم اللواط وغيره من المحرمات في الكتاب والسنة ، وبينت سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ما أجمله القرآن ، ثم جاء الطريق لكبت جماح من تلاعب به الشيطان أو سولت له نفسه الأمارة بالسوء أن يعمل عمل قوم لوط أو غيره من الفواحش المنكرة المحرمة ، وذلك بسد تلك الطرق بأمر يكسب به صاحبه الأجور الثلاثة : أجر ترك الحرام لله تعالى ، وأجر امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأجر فعل الصوم الذي يقربه إلى ربه ويضيق مجاري الشيطان ، فقد قال صل الله عليه وسلم : [ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ] ( متفق عليه ) .

10- الحذر من الخلوة :
وإن مما يجلب وسوسة الشيطان وشروره بقاء الإنسان وحيداً ، ففي الوحدة شر كبير ، وخطر مستطير ، لما قد يلقيه في روع العبد عندما وحيداً ، ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الوحدة فقال : [ لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بلبل وحده ] ( رواه البخاري ) ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صل الله عليه وسلم : [ نهى عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده ] ( أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح ) . وعند الطبراني : [ ولا نام رجل في بيت وحده ] . فالوحدة مدعاة لوسوسة الشيطان ، وجاء التحذير النبوي الكريم لما قد يبثه الشيطان من الشكوك والظنون وسيئ الأفكار التي تجر إلى الحرام وعدم الاطمئنان وضيق الصدر وتقلصه ، وكل ذلك يجر إلى سوء الخاتمة والعياذ بالله ، مثل الانتحار الذي انتشر في هذه الآونة خصوصاً في بلاد الكفر والشرك والإلحاد ، واعلم أيها المسلم أن الذئب لا يأكل إلا من الغنم القاصية البعيدة عن مراقبة ربها وصاحبها ، فكذلك الشيطان لا يتسلط إلى على من ابتعد عن طاعة الله عز وجل ، فلهذا يجد الشيطان إلى تلك القلوب مسلكاً واضحاً ، وطريقاً ممهداً ، لأنها خاوية من ذكر الله وحب الله والخوف من الله ، فهذه القلوب خربة لا يسكنها ولا يعشش فيها إلا الشيطان وأعوانه فأصحابها أحياءً أمواتاً ، أحياء الأجساد موتى القلوب ، نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ، ونسأله الحياة لقلوبنا ، فإنه إذا صلح القلب صلح الجسد كله ، وإذا فسد القلب فسد الجسد كله ، فمدار الأعمال من قبول ورفض على القلب لأنه هو الذي يصدق ذلك ويكذبه . فيالها من حياة تعيسة لا خير فيها ولا رجاء منها تلك الحياة التي لا يعرف أصحابها طريقة الهداية والاستقامة ، يقول تعالى : { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين } ( الزمر 22 ) ، ويقول الله تعالى : { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون } ( الأنعام 125 ) . يقول العلامة بن سعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية : [ يقول تعالى مبيناً لعباده علامة سعادة العبد وهدايته وعلامة شقاوته وضلاله من انشراح صدره للإسلام ، أي : اتسع وانفسح فاستنار بنور الإيمان وحيى بضوء اليقين فاطمأنت بذلك نفسه وأحب الخير وطوعت له نفسه فعله متلذذاً به غير مستثقل ، فإن هذا علامة على أن الله قد هداه ومنّ عليه بالتوفيق ، وسلوك أقوم الطريق ، وأن علامة من يرد الله أن يضله أن يجعل صدره ضيقاً حرجاً ، أي : في غاية الضيق عن الإيمان والعلم واليقين ، قد انغمس قلبه في الشبهات والشهوات فلا يصل إليه خير ولا ينشرح قلبه لفعل الخير ، كأنه من ضيقه وشدته يكاد يصعد في السماء ، أي : كأنه يُكلف الصعود إلى السماء الذي لا حيلة فيه ، وهذا سببه عدم إيمانهم فهو الذي أوجب أن يجعل الله الرجس عليهم لأنهم سدوا على أنفسهم باب الرحمة والإحسان ، وهذا ميزان لا يعول وطريق لا يتغير ، فإن من أعطى واتقى وصدق بالحسنى يسره الله لليسرى ، ومن بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسييسره للعسرى ] انتهى .

11- تذكر الخاتمة السيئة :
على العبد أن يكون يقظاً فطيناً لما قد يصيبه من جراء تماديه في الباطل والطغيان ، وارتكاب الحرام ، والتهافت على المعاصي والفواحش ، فيحذر المسلم من أن يكون عبرة لغيره ، بل عليه أن يعتبر بغيره ، فتمادي العبد في فعل الفواحش قد يجره إلى الخاتمة السيئة التي يموت عليها فيصبح تسلية يتسلى بها الناس وتذكرة يتذكره بها الناس ، ويفتضح أمره في الدنيا والآخرة ، فإن من ألِفَ شيئاً شب عليه ، ومن شب على شيء شاب عليه ، ومن شاب على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بعث عليه ، فانظر إلى هذه العقبات ـ نسأل الله العافية ـ ما لم يتدارك العبد توبة نصوحاً من الله تعالى .
وهناك دور مهم يجب أن يقتنصه أهل العلم وهو دور وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية ، فهذه الوسائل إن لم تكن وسائل خير وإصلاح ، كانت وسائل شر وإفساد ، فيجب على من تولى أمر هذه الوسائل أن يتقي الله تعالى فيما أمنه إياه من أداء الأمانة على الوجه الذي يرضي ربه عنه يوم يلقاه ، وعلى أن يرعى أمانة شباب المسلمين وألا يخون هذه الأمانة ، وعليه أن يستشير أهل العلم فيما سيعرضه للناس عبر الشاشات ، فلا يعرض فيها إلا كل نافع ودال على الخير وكل ما يدع إلى الله تعالى حتى يكون المسلم على بصيرة من أمور دينه . وبذلك نقضي على كثير من الفواحش والمنكرات التي تعج بها بلاد المسلمين . ولا يخفى على العاقل المنصف ما تسعى إليه حكومتنا الرشيدة من نشر للعلم وإظهار أهله حتى يبينوا للناس الحلال من الحرام ، فأسأل الله أن يوفق القائمين على هذه الوسائل لكل خير ، وأن يجنبهم بطانة السوء ، وأهل الزيغ والفساد ، وأن يجعل هذه القنوات قنوات إرشاد وتوجيه للخير وإصلاح للمجتمعات .

الخـاتمـة

أيها المسلمون المفرطون في جنب الله توبوا إلى الله سبحانه وعودوا إليه فإنكم والله لن تُعجزوا الله أبداً ، ولاتقوى أجسادكم على النار ، قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير } ( التحريم 8 ) ، وقال تعالى : { وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } ( النور31 ) ، وقال تعالى : { واعلموا أنكم غير مُعجزي الله وأن الله مُخزي الكافرين } ( التوبة2 ) ، وقال تعالى : { وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نُعجزه هرباً } ( الجن12 ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : [ إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ] ( مسلم ) ، وفي الحديث الحسن الذي رواه أحمد والترمذي وغيره ، قال صل الله عليه وسلم : [ كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ] من حديث أنس بن مالك .
وقال النبي صل الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى : [ ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغروني أغفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ] ( مسلم ) .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : [ يُبعث كل عبد على ما مات عليه ] ( مسلم ) ، فاحذر أخي رعاك الله أن تسوف أو يسول لك الشيطان بأن تتأخر بالتوبة فبادر أن يختم الله عليك بخاتمة سيئة وعاقبة لا تحمد ، فتبعث على ما مت عليه من فعلك القبيح . 
فأين المفر والمُلتجا ؟ وأين المهرب والمنجا ؟ واعلموا يامن تفعلون الفواحش ليلاً ونهاراً ، يامن تعصون الله سراً وجهراً ، اعلموا أن الله هو الذي خلقكم وهو الذي سيبعثكم ثم يُحاسبكم ويُجازيكم على أعمالكم ، فإن كانت خيراً فهي والله السعادة الأبدية وهي الفرح والسرور ، وإن كانت أعمالكم كلها فواحش ومعاص وتعد لحدود الله وعدم خوف من الله فياشقاءكم ويالتعاستكم عند جبار السموات والأرض ، عند شديد العقاب ، والويل ثم الويل لمن يُبارز الله بالزنا وفعل الفواحش ليلاً ونهاراً ، فتلك هي الخسارة والتعاسة وذلك هو الخُسران المُبين ، ولكم أيها الزناة والزواني لكم العذاب والوحشة والشقاء ، فتصوروا خروجكم من قبوركم مذعورين خائفين ترتعد فرائصكم من هول ما ترون من العظائم والشدائد وقد رُجت الأرض وبُست الجبال وشخصت الأبصار ، فالناس في قلق وخوف وفزع لايعلم به إلا الله عزوجل فكيف بكم وقد شهد عليكم كتابكم وجوارحكم ، وشهد عليكم ذلك المكان الذي عصيتم الله فيه وفعلتم فعلتكم التي فعلتم ، فكم من كبير يقول واشيبتاه ، وكم من كهل ينادي بأعلى صوته واخيبتاه ، وكم من شاب يصيح واشباباه ، فكيف بكم وقد بُرزت النيران وسمع كل الخلائق حسيسها ، وأيقن بالهلاك والدمار كل فاجر وفاسق وزانٍ ، فكيف بكم وقد توالت المحن على الإنسان ، فأين عد تكم ياغافلين عن ذلك الموقف الرهيب ، أين تصحيح اليقين والإيمان ، أين التوبة النصوح ، ما معكم من أعمالكم إلا فعل الفواحش والكبائر.
فاتقوا الله يا من تزنون ، عودوا إلى الله سبحانه ، تذكروا ما أسلفتم وقصرتم وفرطتم وجنيتم وعملتم فإنه مثبت عليكم ، واعلموا أن التسويف وتأخير التوبة ما هو إلا من الشيطان لكي يبعدكم عن الخاتمة الحسنة ، وفي تأخير التوبة آفات منها : أنك لاتضمن أن تعيش إلا الغد ولاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الحوادث ، ومن آفات تأخير التوبة : أنك إذا بقيت للغد فلا تأمن المعوقات من مرض أو شغل أو بلاء نازل بك ، فلهذا بادر بالتوبة واغتنم الفرص وفعل الخيرات وأداء الواجبات ، ومن العجز أن تؤخر وتؤجل حتى تفوتك الفرص وإذا بك تقع في سوء الخاتمة ، وتكون عبرة لغيرك وكان ينبغي لك أن تعتبر بغيرك ، فالله الله بالتوبة والبعد عن الفواحش ، واعلموا أن الله يفرح بتوبة عبده إذا أتاه تائباً ، قال تعالى : { والذين لا يدعون مع الله إلهً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً } ( الفرقان68/69/70 ) . فلله الحمد والمنة كيف يُجازي المُسيء بالإحسان ، وكيف يبدل السيئات إلى حسنات ، إنه الإله الأحق أن يُعبد ، إنه قابل التوب ، إنه الغفور الرحيم ، إنه اللطيف بعباده ، إنه واسع المغفرة والرحمة ، فشمروا عن سواعد كم وارجعوا إلى ربكم قبل أن يُحاط بكم .
وكلمات أقولها لأولئك الذين شغفوا باللواط ، واقتنعوا به ، لمن نسوا الله والدار الآخرة ، لمن اتبعوا الهوى والشهوات ، لمن ناموا على المعاصي وقاموا عليها ، لمن فقدوا الشعور وعدم الإحساس ، لمن لاذوا بالشيطان والمفاسد العظام ، لمن نسوا جهنم وحرها ، وبُعد قعرها .
أقول : ذهبت اللذات ، وأعقبت الحسرات ، وانقضت الشهوات ، وأورثت الشقوات ، تمتعتم قليلاً ، وستعذبون طويلاً ، رتعتم مرتعاً وخيماً ، فأُعقبتم عذاباً أليماً ، أسكرتكم لذة الشهوات ، فما فقتم إلا وحل بساحتكم هادم اللذات ومفرق الجماعات ، الموت وما أدراكم ما الموت ؟ فندموا والله أشد الندامة حين لا ينفع الندم ، وبكوا على أسلفوه بدل الدموع بالدم ، فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة ، والنار تخرج من وجوههم وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم ، وهم يشربون بدل اللبن الحميم ، ويقال لهم وهم على وجوههم يسحبون ذوقوا ما كنتم تكسبون ، فإن تاب المبتلى بهذا البلاء وأناب ورزق توبة نصوحاً وعملاً صالحاً ، وكان في كبره حيراً منه في صغره ، وبدل سيئاته حسنات ، وغسل عار ذلك عنه بأنواع الطاعات والقربات ، وغض بصره وحفظ فرجه عن المحرمات ، وصدق الله في معاملته ، فهذا مغفور له وهو من أهل الجنة ـ بإذن الله ـ فإن الله يغفر الذنوب جميعاً . وإذا كانت التوبة تمحو كل ذنب ، حتى الشرك بالله وقتل النفس والسحر والكفر وغير ذلك ، فلا تقصر عن محو هذا الذنب وقد استقرت حكمة الله عدلاً وفضلاً أن [ التائب من الذنب كمن لا ذنب له ] و [ التوبة تجب ما قبلها ] و [ باب التوبة مفتوح ما زال العبد في فسحة من عمره ] ، وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنا وآمن وعمل عملاً صالحاً أنه سيبدل سيئاته حسنات ، وهذا حكم عام لكل تائب من ذنب ، وقد قال تعالى : { قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم } ( الزمر ) ، فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد ولكن هذا في حق التائبين خاصة ، وأما من كان في كبره شراً مما كان عليه في صغره ، وأصر على فعل تلك الفاحشة المذمومة ، والرذيلة المقبوحة ، والفعلة المشينة [ اللواط ] ، فمن رضي به وقبل به سواءً كان فاعلاً أو مفعولاً به ، ولم يعمل من الصالحات ، ولم يستدرك ما فات ، وأقبل على فعل المحرمات ، فهذا بعيد أن يوفق عند الممات لخاتمة يدخل بها الجنة ، وعقوبة له على عمله ، فإن الله سبحانه وتعالى يعاقب على السيئة بسيئة أخرى وتتضاعف عقوبة السيئات بعضها ببعض ، حتى يختم عليه بخاتمة السوء ، وإذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يحال بينهم وبين حسن الخاتمة عقوبة لهم على أعمالهم السيئة . ( انظر الجواب الكافي لابن القيم ) .

ثم تذكر أيها العاصي ، أيها المذنب ، تذكر هذه الآيات في قوله تعالى : { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً * وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا جاء أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً } ( النساء 17/18 ) . روى الإمام احمد رحمه الله من حديث أبي سعيد عن النبي صل الله عليه وسلم : [ قال إبليس : يارب وعزتك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الله عز وجل : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ] . 
فشمروا سواعدكم وفروا إلى ربكم الرب الرؤوف الرحيم ، الذي يفرح بتوبة عبده وإنابته إليه ، والذي هو أرأف بعبده من الأم بولدها الأوحد ، فمادمت في فسحة من أمرك فالحق قوافل التائبين ، واعتل سفينة الناجين ، فالله غفور رحيم ، يغفر الذنب ، ويقبل التوب . 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فاحشة الزنا اسبابها - خطرها - طرق الوقايه منها
» ولد الزنا في الفقه الإسلامي قراءة وتقويم
» الصدمات الكهربائيه .و اسبابها . و كيفية الوقاية منها
» فاحشة اللواط
» عقاب الزنا في الدنيا والآخرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: