عقوبة الزنا :
أولاً : في الدنيا :
عقوبة الزاني والزانية الرجم إن كانا محصنين ، والجلد والتغريب إن لم يكونا محصنين ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم من زنا في عصره ، وكذلك الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم رجموا من زنا في عصرهم ، وقد تلقى المسلمون هذا الحكم بالقبول إلى يومنا هذا ، قال صلى الله عليه وسلم : [ لايحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ، وذكر منها ( الثيب الزاني ) . . . ] ( متفق عليه ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ إذا ظهر الزنا والربا في قوم فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله ] ( الحاكم وصحح إسناده ) ، وقال صل الله عليه وسلم : [ لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ] ( ابن ماجة ) .
وقال صل الله عليه وسلم : [ والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ] ( مسلم وغيره ) .
كيفية الجلد :
اتفق الفقهاء على أن الجلد يكون بسوط معتدل ، ليس رطباً ، ولا شديد اليبوسة ، ولا خفيفاً لا يؤلم ، ولا غليظاً يجرح ، ولا يرفع الضارب يده بحيث يبدو بياض إبطه ، ويفرق الجلدات على بدنه .
ويتقي المقاتل لأنها مواضع يسرع القتل إلى صاحبها بالضرب عليها ، والقصد من الحد الردع والزجر لا القتل ، ويجتنب الوجه لأنه أشرف أعضاء الإنسان ومعدن جمله فلا بد من تجنبه خوفاً من تجريحة وتقبيحة ، قال صل الله عليه وسلم : [ إذا ضرب أحدكم فليجنب الوجه ] ( البخاري في الفتح وأحمد ) ، وقال علي رضي الله عنه للجلاد : [ أعط كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير ] . ويجلد الرجل قائماً ، والمرأة جالسة وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد .
كيفية الرجم :
إذا كان المرجوم رجلاً أقيم عليه حد الرجم وهو قائم ولم يوثق ولم يحفر له سواءً ثبت زناه ببينة أو بإقرار ، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء .
أما المرأة فيحفر لها عند الرجم إلى صدرها إن ثبت زناها ببينة ، لئلا تتكشف عورتها ، ويؤتى بحجارة متوسطة تملأ الكف ، ويضرب المرجوم حتى الموت ، ويخص بالرجم مقاتل المرجوم ، ويقف الناس صفوفاً كصفوف الصلاة وهذا قول الحنفية ، وقال الحنابلة : يسن أن يدور الناس حول المرجوم من كل جانب كالدائرة إن ثبت زناه ببينة ، ولا يسن ذلك إن ثبت زناه بإقرار ، وقال الشافعية : يحيط الناس به . ( الموسوعة الفقهية زنا ، رجم ، جلد ) .
فمن يطيق أن يفعل به هذا العذاب الأليم ، وهذا العقاب الشديد ، وهذا في الدنيا أما الآخرة فهي أشد وأبقى { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب } ( النساء 56 ) . أم كان له أن ينقذ نفسه من رق العبودية للشهوة والهوى ، ويقي جسده من نار تلظى . أما كان من الواجب عليك أن تتعظ بما حل بالأمم السالفة ، وما يحصل من سوء خاتمة لمن بلوا أنفسهم بفاحشة الزنا ممن نعاصرهم .
فاعتبروا يا أولي الأبصار !! .
ثانياً : في القبر :
يوضع الزناة والزواني في تنور ( فرن ) أسفله واسع وأعلاه ضيق ، وتعلق الزانيات بثديهن وتأتيهم النار من تحتهم وهم يصرخون ويتضأضأون ، ولكن هيهات هيهات لهم أن يخرجوا ، ففي الحديث الطويل الذي رواه البخاري رحمه الله عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : [ . . . وإنه قال لنا ( النبي صل الله عليه وسلم ) ذات غداة : " إنه أتاني الليلة آتيان ، وإنهما قالا لي انطلق ، وإني انطلقت معهما ، . . . ، فانطلقنا فأتينا على مثل التنور فأحسب أنه قال فإذا فيه لغط وأصوات ، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة ، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضئوا ، قلت ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، . . . ، إلى أن قال : فإني رأيت الليلة عجباً ؟ فما هذا الذي رأيت ؟ قالا لي : أما إنا سنخبرك : إلى أن قال : وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني ] وهذا هو مصيرهم في القبورإلى قيام الساعة ، والساعة أدهى وأمرّ .
فهل من توبة ؟ وهل من عودة إلى الله سبحانه وتعالى ؟ وهل من معتبر ؟
ثالثاً : في الآخرة :
قال صل الله عليه وسلم :[ ثلاثة لايكلمهم الله ولاينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم : وذكر منهم : شيخ زان ] ( مسلم وأحمد والنسائي ) .
فمن لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ، فمن ينظر في حاجته يوم القيامة ، فياله من موقف عصيب وشديد ، موقف وضع الزناة والزواني أنفسهم فيه بمحض إرادتهم ، فمن لم ينظر الله إليه فعاقبته وخيمة ، وخاتمته سيئة ، ومن لم ينظر الله إليه فأين مصيره وأين قراره ؟ هل هو في أعلى عليين ؟ أم في أسفل سافلين ؟ وهل يستوي هؤلاء العصاة مع من امتثل أوامر الله وأوامر رسوله عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى : { أفمن يُلقى في النار خير أمن يأتي آمناً يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير } ( فصلت 40 ) . وقال تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون * والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } ( يونس 26/27 ) .
فالعاصي هو الأعمى يوم القيامة ، وأما المبصر السامع فهو الطائع المتقي ، الخائف الوجل ، فهذا يمشي بنور الله عزوجل في هذه الحياة الدنيا ويوم القيامة له الأمن من ربه سبحانه ، قال تعالى : { أوَمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون } ( الأنعام 122 ) .
وقال تعالى : [ الذي آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } ( الأنعام 82 ) .
وقال تعالى في شأن العُصاة العُمي يوم القيامة : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى } ( طه124/125/126 ) ، فهؤلاء نسوا الله ، نسوا أوامر الله عز وجل عصوا الله في الخلوة ما تذكروا الله في الرخاء ، فنسيهم وهم في أشد الحاجة إليه سبحانه تخلى الله عنهم لأنهم ما عرفوا لله طريقاً ، ما قدروا لله حقاً ، فالله سوف ينساهم في ذلك اليوم ، الذي يشيب فيه المولود ، ذلك اليوم الذي يفر فيه المرء من أمه وأبيه وأخيه وصاحبته وبنيه ، ولا يتذكر إلا نفسه ، يحتاج إلى حسنة فلا يجدها ، فأولئك العصاة من الزواني والزناة ، لم يتذكروا أن ورائهم موت وسكرة ، وقبر ووحشة ، ومنزل ووحدة ، ونار تلظى ، لا يصلاها إلا الأشقى ، فيالها من خسارة فادحة ، وندامة وأي ندامة .
أما من أطاعوا الله جل وعلا ، الذين اتقوا ربهم في السر والعلانية ، فلهم الجنات بإذن الله رب الأرض والسموات .
ولذلك ترتب على فعل فاحشة ( الزنا ) تلك العقوبة الصارمة في الحياة الدنيا ، والقبر ، والآخرة .
أسباب الزنا :
1- الاختلاط : ويحدث هذا كثيراً في المستشفيات والأسواق والملاهي والحدائق العامة وغيرها.
وما دعوة أعداء الملة والدين للتبرج والاختلاط إلا لحقدهم الدفين على المسلمين لتمسكهم بدينهم القويم ، الذي هداهم إلى الصراط المستقيم ، ولهذا قال الله تعالى : { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير } ( البقرة 120 ) .
ولقد جاءت فتاوى العلماء المصلحون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر جاءت موافقة لما جاء به كتاب الله وسنة نبيه صل الله عليه وسلم من تحريم الاختلاط والتبرج والسفور ، فما انتشرت تلك الفواحش في كثير من المجتمعات إلى لبعدها عن منهج الله القويم ، ولتحليلها ما حرم الله ، ولاتباعهم دعاة الفساد ، ومن هم من المسلمين وعالة على العباد ، فضلوا وأضلوا كثيراً .
قال صل الله عليه وسلم : [ لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ] ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ] ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون زوجاً أو ذا محرم ] ( مسلم )
وفتنة النظر إلى النساء الأجنبيات فتنة عظيمة لما تسببه من تعلق الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، فليحذر المسلمون من الوقوع في الزنا أو دواعيه لأن الأسباب مفضية إلى عواقب وخيمة وأخطار جسيمة .
وليحذر المسلمون من التمادي في الغي والباطل في السلام على النساء القريبات اللاتي لا يحللن لهم أو مصافحتهم ، فهذه هي الفتنة والمصيبة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ إني لا أصافح النساء ] ، وقالت عائشة رضي الله عنها : [ والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ما كان يبايع النساء إلا بالكلام ] ، هكذا كان التوجيه النبوي الشريف لعامة الأمة دون تخصيص ، فمن أين أتى العلماء الذين يفتون في وسائل الإعلام الهابطة بجواز النظر والتبرج والاختلاط ؟ من أين استقوا تلك العلوم ؟ ومن أين جاءوا بتلك المعارف ؟ والدين كامل ولله الحمد والمنة : { فليحذر الذين يخافون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } ( النور 63 ) ، ولهذا أمر النبي صل الله عليه وسلم بحجز صفوف الرجال عن النساء في الصلاة وهي عبادة بل أهم عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه ، فقال عليه الصلاة والسلام : [ خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ] وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف ، فعجباً لمن يريدون ويؤيدون الاختلاط في المدارس بين البنين والبنات ، ويا أسفاه على من يرضى بأن يجلس أجنبي بجانب قريبته ، أين الغيرة ؟ أين الخوف من الله ؟ والله لا يرضى بذلك إلا الديوث ، وهو الذي يقر فعل الفاحشة في محارمه ، عياذاً بالله من ذلك .
فالحذر الحذر من دعاة المدنية والتقدم الحضاري الزائف ، الذي يقوده من لادين لهم ولا خلق ، الذين لا همّ لهم إلا إخراج المرأة المسلمة من حياءها وحشمتها ، وخلع حجابها وعفتها ، وإبعادها عن دينها وعقيدتها حتى تكون فريسة لأهوائهم وشهواتهم ونزواتهم .
وفيما سبق ذكره من الأدلة خير دليل وأفضل شاهد على منع كل ما يفضي إلى ( الزنا ) فلتراجع للفائدة .
2- غلاء المهور : فبعض الأولياء جعلوا بناتهم سلعاً تُباع وتُشترى ، فمن يُعطي فيها أكثر هو الفائز بها ، والحائز لها . أما صاحبة الشأن التي ستمضي بقية عمرها مع زوجها فلا رأي لها عند جهلة الناس وظلمتهم ، لا لشيء ؟ ولكن لحب المال والجاه . وما يدريك أيها الأب الكريم يارعاك الله أن ذلك الخاطب الذي لا يملك العقارات والسيارت والفلل والعمارات أنه عند الله خير من ذلك الغني المستكفي ، وما يدريك أن سعادة ابنتك مع من لا يملك الكثير خير من حياتها مع من يملك الكثير ، واسمع قول الله عز وجل إذ يقول : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } ( النور 32 ) ، ولقد حث النبي صل الله عليه وسلم على أخذ إذن البنت في الزوج وعدم جبرها وقهرها على من لا ترغبه ولا تريده ، فقال عليه الصلاة والسلام : [ لا تنكح البكر حتى تستأذن ] ( البخاري ومسلم ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ البكر يستأذنها أبوها ] ( مسلم ) ، وعلى هذا لا يجوز للأب إكراه ابنته على الزواج بمن لا تريده ولو كان كفأ ، وقد جاءت فتاوى العلماء موافقة لذلك ، فقال الشيخ محمد بن عثيمين في فتاواه ما نصه : [ وعلى هذا فيكون إجبار الرجل ابنته للزواج برجل لا تريد الزواج منه يكون محرماً ، والمحرم لا يكون صحيحاً ولا نافذاً لأن إنفاذه وتصحيحه مضاد لما ورد فيه النهي ، وما نهى الشارع عنه ، فإنه يريد من الأمة ألا تتلبس به أو تفعله ، وعلى هذا فالقول الراجح يكون هذا الزواج فاسداً والعقد فاسد يجب النظر في ذلك من قبل المحكمة ] انتهى . ومن المعلوم أن رضى الزوجين شرط لصحة النكاح ، فمن زوج وليته بغير إذنها فالزواج باطل غير صحيح .
فكم هم الذين ندموا حين أجبروا بناتهم بالزواج ممن لا يرضونهن ولكن لا ينفع الندم بعدما حصل ما حصل ، فتصبح المسكينة رهينة غرفتها بعد طلاقها وقد لا يلتفت إليها أحد ، فتقع في مصيبة كان أهلها في معزل عنها .
3- حُجة إكمال الدراسة أو التدريس : فمن الفتيات من يتحججن بحجة إكمال الدراسة ، بل إن بعضهن يبقى قابعة في فصل واحد عدة سنوات حتى يفوتها قطار الزواج ، فتجد نفسها وقد بلغت من الكبر عتياً فلم يعد يلتفت إليها أحد لكبر سنها ، فتقع فيما لا تُحمد عُقباه . وكذلك لا يمتنع الفتاة بسبب انشغالها بالتدريس أو لجمع بعض المال من وظيفتها حتى يفوتها سن الزواج الذي يرغب فيه الشباب ثم تطلب الزواج فلا يقبل إليها إلا من يريد نقودها وما جمعته خلال تلك السنين العجاف ، فتعيش زوجاً أو عازباً حياة نكدة مليئة بالمنغصات ، فلا تعرف للحياة طعماً ولا للراحة سبيلا ولا للسعادة وجوداً . أختي الكريمة !! إذا أتاك خاطباً كفأ فاقبلي به لعل أن يديم السعادة بينكما ، ويرزقكما ذرية صالحة .
4- أصدقاء السوء : اختر أيها الأب لأبنائك من الأصدقاء من يكون عوناً لهم على طاعة الله ورسوله ، وحذرهم من أصدقاء الشر والسوء ، وإذا أردت أن تعرف أخلاق ابنك فسأل عن قرينه وصاحبه فالجواب هناك .
5- الوسائل المعينة على الزنا : وهذه النقطة هي محور هام ينبغي لجميع أولياء الأمور التنبه لها ، فها هي البيوت قد اكتست حُلة من السواد والظلمة فوق أسطحها بما يسمى ( بالدش ) ، فهو الآن أساس كل بلاء وشر ونقمة ، وفساد وفتنة ، فهو والله يدعوا إلى الرذيلة والعهر والجريمة ، والفسوق والأعمال المشينة ، وقد يعرض في بعض برامجه ما يدعوا إلى الكفر والإشراك بالله تعالى ـ فلاحول ولاقوة إلابالله ـ فسبحان الله العظيم ، كيف يعرف أولئك المسلمون أن هذا شر وبلاء وفتنة ومع ذلك يدخلونه إلى بيوتهم أما علموا أنهم سيُسألون عن هذه الأمانة التي بين أيديهم من الأولاد والنساء ، قال صل الله عليه وسلم : [ ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ] ( متفق عليه ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : [ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، والأب راع ومسؤول عن رعيته ] ( متفق عليه ) ، ومن الوسائل المعينة على فعل فاحشة الزنا ، جهاز ( الفيديو ) ، ( والتليفون ) ، إذا أساء الناس استخدامها فستكون من الوسائل الهدامة بلا شك ، ومن الأسباب أيضاً ( المجلات الخليعة ) ، ثم عمت البلوى وانتشرت اللأوى ، وصاحت البيوت بالآهات ، ودعت بالويلات بسبب ما يسمى ( بالإنترنت ) فاحذروا أيها الشباب واحذرن أيتها الشابات من الوقوع فريسة لمخططات أعداء الإسلام فلا تكونوا معاول عدم لأمتكم ، بل كونوا أداة بناء فعالة ترجوا الخير لأمتها .
6- الغناء : فقد قيل أن الغناء بريد الزنا ، وهو من الأسباب الرئيسة لوقوع صاحبه في الفاحشة ، وهو محرم بكتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صل الله عليه وسلم ، وإجماع الأمة .
وإليك أيها القارئ الكريم أدلة تحريم الغناء :
قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث لضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين } ( لقمان 6 ) ، ولهو الحديث هو الغناء كما فسره ابن مسعود قال : والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء ، رددها ثلاثاً ، وقال ابن عباس : نزلت في الغناء وأشباهه .
وقال تعالى : { وأنتم سامدون } ( النجم 61 ) ، ومعناه الغناء ، واسمدي لنا : أي غني لنا .
وقال تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } ( الإسراء 64 ) ، قال مجاهد : بصوتك : أي الغناء والمزامير . فالغناء صوت الشيطان ، والقرآن كلام الرحمن ، فاختر أي الكلامين تريد وتسمع .
وقال صل الله عليه وسلم : [ لا تبيعوا القينات ( المغنيات ) ، ولا تشتروهن ، ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، وفي مثل هذا أنزلت هذه الآية : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث لضل عن سبيل الله } إلى آخر الآية . ( الصحيحة رقم 2922 ) .
وقال عليه الصلاة والسلام : [ صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما : صوت مزمار ورنة شيطان عند نغمة ومرح ، ورنة عند مصيبة لطم حدود وشق جيوب ] ( القرطبي وصححه محققه وقال أخرجه الترمذي والبزار والمنذري في الترغيب والترهيب ) .
وقال صل الله عليه وسلم : [ ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر ( كناية عن الزنا ) والحرير والخمر والمعازف ( آلات اللهو والطرب والغناء ) ] ( البخاري ) .وأقوال العلماء في ذلك معلومة مستفيضة
- وهناك وسائل أخرى كثيرة تدعوا إلى الشر والفاحشة . فانتبهوا أيها المسلون من عقوبة جبار السموات والأرض ، واحذروا من عذاب شديد العقاب ، واحذروا أن تهلككم الفواحش ثم بعد ذلك لاينفع الندم ، فالحذر الحذر من هذه الأجهزة الهدامة والمدمرة ، التي في ظاهرها النفع والفائدة ، وفي باطنها الضر والسم الزعاف .
8- التبرج والسفور : إذ كيف برجل يرى امرأة كاشفة الوجه واليدين والرجلين وحاسرة الرأس كاسية عارية تجوب الشوارع والأسواق بلا محرم ، ألا يطمع فيها من كان في قلبه مرض ، ولهذا قال النبي صل الله عليه وسلم : [ صنفان من أهل النار لم أرهما : نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ] ، قال سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في شرح الحديث السابق : ( وهذا تحذير شديد من التبرج والسفور ، ولبس الرقيق والقصير من الثياب ، والميل عن الحق والعفة ، وإمالة الناس إلى الفاحشة والباطل ) انتهى كلامه يرحمه الله .
9- الخضوع والتكسر في الكلام : فيوجد بعض النساء من تتكسر وتتميع في الكلام مع الرجال ولاسيما أصحاب المحلات التجارية ، ومنهن من تكثر من الضحك سواءً في التليفون أو مع بعض المحارم أو غيرهم مما قد يوقع الشيطان في قلب بعض أولئك شراً وهي لاتدري نتيجة هذا الضحك ، فانتبهي لذلك أيتها المسلمة .
10- التصوير بشتى أنواعه ووسائله : فعلى الرغم من التحريم والوعيد الشديد للمصورين ، فهو أداة يستخدمها مرضى العقول والقلوب ، عبيد الشهوة واللذة ، يستخدمونها لإرغام الضحية والتي قبلت بالتصوير لتهديدها وعمل الفاحشة بها ، ثم يتركونها ملطخة بثوب العار والفضيحة ، عندها لا ينفع الندم . والعتاب موجه للأولياء إذ كيف تسمح لمن هي تحت ولايتك أن تذهب إلى أي اجتماع تعرف أن فيه منكراً ومحرماً خصوصاً أنواع التصوير أو الاختلاط ، فإن رضيت بذلك ولا أظنك ترضى فأنت رضيت بفعل الفاحشة في أهلك ، فأنت ديوث ، والجنة حرام على الديوث ، وسيبقى عار ذلك الفعل في وجهك وأهل بيتك أينما ذهبت وأينما غدوت ، فقد تهدد زوجتك أو ابنتك أو أختك أو قريبتك ، وخوفاً منها ألا تنتشر صورها ترضى بما لم يقبله إنسان ، وإذا افتضح أمرها بحثت عن ستر تسترها به ، وعن سبب ذلك . فاقبل النصيحة واحفظ أهلك وعارك وشرفك ، وعش في بيتك قرير العين مستقر القلب ، وإياك ثم إياك من مجتمعات يسودها التصوير والضحك بين النساء والرجال .
11- كتابة الرسائل الغرامية : فهي من وسائل الضغط والتهديد ، التي يستخدمها ضعاف النفوس ، وعباد الشهوات للوصول إلى بغيتهم ومطلبهم المحرم ، ولو أن الفتاة حينما أخطأت تابت إلى الله عز وجل وعادت وأنابت إلى غافر الذنب ، لجعل الله لها من كل ضيقاً مخرجاً ، ومن كل هم فرجاً ، ولجعل لها من أمرها يسراً .
أقول : لو حصل منها ما حصل من غواية شيطانية ، وأعطت الرسائل الغرامية فليس معنى هذا أنها تقع ضحية تلك الرسائل ، بل مع توبتها الصادقة تخبر أقرب من يكون إلى فهمها من محارمها حتى تصل إلى حل لتلك المشكلة التي وقعت فيها ، لحصل بإذن الله تعالى العلاج والحل لتلك المشكلة ، أو تستعين بمن يساعدها في ذلك الأمر ، ولكن لا ترضخ للتهديدات والتخويفات من لدن أولئك العصاة المجرمون ، لو احتاج الأمر لأن تخبر والديها بذلك حتى تنقذ نفسها من براثن السفلة الفسقة عشاق الهوى واللذة ، ولا تكون صيداً سهلاً ، فبدل أن تنقذ نفسها من مشكلة قد تبدوا بسيطة ولكنها مصيبة كبيرة ، تقع فيما هو أصعب وأقبح .
فاحذري أيتها الفتاة تلك الرسائل الغرامية القاتلة للعفة والشرف .
12- امتناع بعض الزوجات من فرش أزواجهن : مما قد يقع معه ضعاف الدين في فخاخ الفاحشة والرذيلة ، فأقول للمرأة : اتقي الله في زوجك ولا تكوني داعية له إلا فعل الزنا ، وكوني عوناً له على إحصان فرجه ، وإليك قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشها فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ] ( متفق عليه ) ، وفي رواية ، قال رسول الله صل الله عليه وسلم : [ والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها ] .
13- إهمال الرجال لحقوق النساء : إن من أهم حقوق للمرأة على الرجل إعطاؤها حقها في المبيت ، فبعض الرجال يهمل هذا الحق المهم بالنسبة للمرأة فتقع فريسة للأهواء والشهوات ، وتصبح صيداً سهلاً في أيدي اللاعبين بالأعراض ، فتورد نفسها وشرفها المهالك .
14- عدم القسم بين الزوجات : وهذه النقطة تخص التعدد ، فالبعض ممن لديه أكثر من امرأة تراه عابثاً لا عباً غير آبهٍ بما أمره الله به في قوله سبحانه : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة } ( النساء 3 ) ، فالبعض من الناس أصحاب التعدد لا يعدل بين زوجاته بل يميز بين هذه وتلك ولا شك أن ذلك حرام ، ولا بد من العدل بين الزوجات في المبيت الذي هو آكد حقوق الزوجة على الزوج .
15- امتناع الأولياء عن تزويج بناتهم : ويحصل ذلك غالباً عند من ركنوا إلى الدنيا واطمأنوا بها ورضوها واتخذوها وطناً وسكناً ، فمنعوا بناتهم من الزواج من أجل أكل رواتبهن إن كن عاملات ، وهذا حرام ، فلا يجوز عضل البنات ومنعهن من الزواج ، ومن فعل ذلك فعليه من الله ما يستحق من العذاب والعقوبة ، وعلى الفتاة رفع أمرها بعد الله تعالى إلى من بيده الحل والربط ، فترفع أمرها إلى المحكمة لتنظر في أمرها وتتخذ ما تراه مناسباً لها .
أختي بارك الله فيك : لا تستحيي من الحق بل اعرضي أمرك على ولاة الأمر خير لك من أن تقعي في أيدي المفسدين في الأرض فيضيع عرضك وشرفك ، ثم لا ينفع الندم .
وأنت أيها الأب الحنون : اتق الله في هذه الأمانة التي بين يديك ، فوالله إنك مرتحل من هذه الدنيا إلى حياة لا ونيس فيها ولا جليس إلا عملك ، فإن كان خيراً فاحمد الله ليل نهار ، وإن كان غير ذلك فالويل والثبور ، اتق الله في بناتك وارعهن حق الرعاية ، واحرص على تعليمهن ما ينفعهن من أمور الدين ، حتى يكن حجاباً لك من النار بإذن الله الواحد القهار ، واحذر من مغبة ظلمهن وعضلهن فيكن سبباً في دخولك النار ، فإذا بلغن سن الزواج فاحرص كل الحرص أن تنتقي لهن الأزواج الأخيار حتى تجني برهن وبر أبناءهن ، والله يرعاك ، ويسدد على الخير خطاك.
16- عدم تزويج الخاطب الكفء : فبذلك تقع مفاسد كثيرة ووخيمة بسبب عدم تزويج البنات للخاطب الكفء الذي تقوم حياته على أساس المخافة من الله تعالى ، ويعدل عن ذلك إلى الخاطب الذي يدفع في البنت المهر الكثير والمال الوفير ، أما سعادة البنت فلا قيمة لها عند بعض الأولياء ، وهذا من قلة الدين وضعف اليقين عند أولئك الأولياء ، الذين لا يريدون إلا الملايين ، ولهذا حث النبي صل الله عليه وسلم على تزويج الخاطب الكفء صاحب الخلق والأمانة والدين وقال : إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ، فبتزويج البنت إلى الخاطب غير الكفء تحصل المفاسد ، وتقع البنت ضحية لتلك الزيجة الظالمة المجحفة ، التي لا أساس لها إلا حب الدنيا الفانية على الآخرة الباقية ، فتنتهي أغلبها إن لم يكن كلها بالطلاق ، بسبب التعدي وعدم الاحترام ، وحب الظلم والانتقام ، من ذلك الزوج الصاخب اللوام . فإلى الله المشتكى من قسوة قلوب الأولياء .
17- إثقال كاهل الشباب بالطلبات : فما إن يأتي الشاب للخطبة إلا وكأنه كنز وقع في أيدي أهل المخطوبة ، فيطمع فيه الطامعون ، ويتلقفه اللاعبون واللاهون ، مع أن المهر ملك للفتاة ولا يحل لأحد كائناً من كان أن يأخذ منه شيئاً ولو كان يسيراً إلا برضاها من غير قهر ولا إكراه ، فتأتي الطلبات من سيارات وأراض وعقارات ، وذهب ومجوهرات ، حتى ينقل الخاطب إلى المصحات من هول تلك الطلبات ، فالأب يطلب ، والأم تريد ، والاخوة ينتظرون ، والأقارب يتطلعون .
وقد ذكر لي أحد الأخوة أن أحدهم تقدم لخطبة إحدى الفتيات فكان أن قدم له ورقة طويلة عريضة أثقل من الأثقال ، وتعجز عن حملها الأفيال ، كثيرة الطلبات والتعقيدات . وشاب آخر فرض عليه الذهب فقط حوالي اثنين وتسعين ألفاً من غير بقية الشروط المطلوبة ، أهكذا حث الدين الحنيف في أمور الزواج ؟ أهكذا يكون تزويج البنات ؟
إنه والله التعقيد بذاته ، والطمع بعينه ، فالشاب ما إن يتخرج ويعمل لمدة سنة أو سنتين كي يجمع من المال ما يعف به فرجه عن الحرام ، إلا ويقابل بكثرة الطلبات وزيادة المهور ، فينحرف بسبب الطمع والجشع ، فاتقوا الله يا من بليتم أنفسكم بحب الدنيا ومتاعها الزائل ، واعلموا أنكم ستقدمون على ربكم فيسألكم عن تلك الأمانة الملقاة على عواتقكم والتي عجزت عنها الجبال الراسيات ، والأرض والسموات ، فأبين أن يحملنها خوفاً من عدم تحملها أو أداءها حق الأداء ، ثم تحملتها أنت أيها المسكين ، فاحرص أن تؤديها على أكمل وجه ، وتقوم بها خير قيام ، وإلا فالنار النار .
18- عدم نظر الخاطب إلى المخطوبة : وهذا حق من حقوق الخاطب أن يرى مخطوبته ، كيلا يقع ما لا تحمد عقباه ، فبعض الأولياء يعاند ويكابر عند هذه النقطة وكأن الشرع لم يأمر بذلك ، بل لقد أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن ينظر الخاطب إلى مخطوبته لأن ذلك أدعى لأن تدوم المودة والمحبة وحسن العشرة بين الزوجين ، قال صل الله عليه وسلم : [ أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ] ( صحيح الترمذي ) .
فالنظر سبب بإذن الله تعالى لمواصلة المودة والعشرة الحسنة بين الزوجين ، أما من يمنع ذلك فقد يوقع ابنته في حرج شديد ، فقد لا تروق للزوج بعد الزواج لقلة جمالها أو لعاهة فيها أو غير ذلك من الأسباب فمن ثم يقع الطلاق ، وتحصل الفرقة بين الزوجين وتصبح هذه الفتاة حبيسة الجدران لا يرغب في نكاحها الشيب والشبان ، ثم قد يقع ما لم يكن في الحسبان ، فيكون الولي هو المتسبب في ذلك . فما أحرانا بالتمسك بالكتاب والسنة ، وما أحوجنا إليهما فمن تمسك بهما لن يضل أبداً .
19 - التساهل بلباس الصغيرات : فالتساهل بلباس الفتيات الصغيرات يُطمع من في قلبه مرض فتقع الصغيرات ضحية الموضات ، وإهمال الآباء والأمهات .
20- التشبه بنساء الكفار : ولا شك أن ذلك من الحرام مصداقاً لقول الحبيب صل الله عليه وسلم : [ من تشبه بقوم فهو منهم ] ، فالعتب كل العتب يقع على أولياء أمور النساء من أزواج وآباء واخوة ومحارم .
فعندما وقر الإيمان في قلوب بعض أولئك الكفار وعكفوا على دراسة الدين الإسلامي الحنيف وتبين لهم الحق من الباطل ، بدأ نساء من آمن منهم بلباس الحجاب الكامل ، مصدقين بذلك قول الله وقول رسوله عليه الصلاة والسلام ، غير آبهين بما يدور حولهم من تشكيك في الحجاب .
وللأسف الشديد حال كثير من نساء المسلمين يبدلن شكر النعمة كفراً ، ويستبدلن الخير بالشر ، والحجاب والحياء بالسفور والبغاء ، ففسدت كثير من مجتمعات المسلمين اليوم بسبب اتباعهم للحضارة الزائفة التي لا يأخذون منها إلا مايضرهم ويتركون ما ينفعهم ، فهم كالأنعام بل هم والله أضل ، فالأم مدرسة يدرس على يديها الأبناء والبنات ، وهي راعية في بيت زوجها ومسؤولية عن رعيتها التي استرعاها إياها ربها سبحانه ، ثم زوجها الذي أعطها كل ثقته لتربي أولاده وبناته وفق شرع الله عز وجل من غير تقليد لأهل الكفر والشرك والإلحاد ومن اقتفى أثرهم من ضعاف النفوس من أهل هذا الدين الذين لا هم لهم إلا إخراج المرأة من دينها وحياءها ، وحجابها وحشمتها لتكون فريسة تشبع نزواتهم الغريزية ، ونزغاتهم الشيطانية .
فاحذري أيتها الأخت المباركة ، احذري بارك الله فيك ومتعك بالعقل والفهم أن تنجرفي وراء تيرات الحياة الفانية ، أو تنخدعي بمغريات الدنيا وبهرجتها ، واطلبي الحياة الباقية ، واخشي عذاب الله وعقابه ، وسخطه ومقته ، فوالله لن ينفعك من الله أحد من العالمين ، ولن ينقذك من عذاب الله إذا حل بك الإنس والشياطين .
وكوني أداة فعالة في مجتمعك ووطنك بتربيتك السليمة لأبنائك وفق كتاب الله وسنة نبيه صل الله عليه وسلم ، وكوني أداة بناء واحذري أن تكوني معول هدم تهدمين دينك وشرفك ومجتمعك ، وطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه ، وكوني مفتاح خير لأمتك ، وانتبهي أن تكوني مفاتحاً للشر ، سدد الله على الخير خطاك ، وحفظك الله ورعاك . ووفقك للخير أينما كنت .
21- الخلوة : وقد ذكرنا أدلة ذلك مستفيضة في نقطة سابقة فلتراجع .
22- الجهل : وهذا من أعظم الأسباب على الإطلاق ، فالجهل يوقع المسلم في شراك أهل الكفر والشرك ، وأصحاب الزيغ والإلحاد ، فيقع فيما لاتحمد عقباه ، فيصبح الحق عنده باطلاً والباطل حقاً ، بل يستوي لديه المعروف والمنكر ، فلا يعرف ولا ينكر ، فيورد نفسه المهالك .
23- التساهل في الدين : وهذا أيضاً من أعظم الأسباب على فعل فاحشة الزنا ، فتجد أن بعض الآباء وأولياء الأمور يتساهل بدخول الغريب غير المحرم على نساءه تساهلاً منه وثقة بغيره فتقع الطامة الكبرى والمصيبة العظمى ، فيقول : ياليتني ما سمحت لفلان بالدخول على البنات والنساء ، فلا ينفع الندم ؟
فلا يجوز التحابي والتساهل في دين الله عز وجل فيما لم يأذن به الله .
24- الفراغ : ذلك الجندي المجهول الذي يعمل في الشباب والشابات ليل نهار ، فالفراغ قاتل إذا لم يحسن المرء استغلاله فيما يعود عليه بالنفع عند الله عزوجل . وداع إلى فعل الفاحشة والمعصية ، فمعاشر الشباب والشابات حصنوا فروجكم بالصوم والعمل الذي يرضي ربكم سبحانه ، التحقوا بحلقات تحفيظ القرآن الكريم ، والمراكز الصيفية الهادفة التي يعني بها الشباب الأخيار ، وإياكم والخضوع للقنوات الفضائية ومقاهي الإنترنت ، أو كثرة الجلوس على الأرصفة والطرقات ، أو مصاحبة الأشرار والفساق . أصلح الله نياتكم وسدد أقوالكم وأفعالكم فيما يرضي ربكم .
25- الطلاق : وقد يسأل سائل فيقول : كيف يكون الطلاق سبباً من الأسباب المؤدية إلى الزنا ؟ وأقول : نعم ، قد يكون الطلاق سبباً من الأسباب المباشرة لوقوع فاحشة الزنا والعياذ بالله ، فعندما تحدث الفرقة بين الزوجين يكون ضحية ذلك الأبناء ، فيتشرد الأبناء غالباً ، ويقعون في حيرة عند من يذهبون ؟ إلى الأم ؟ أم إلى الأب ؟ وناهيك عما يحصل لهم من حزن وقلق بسبب ذلك الفراق والطلاق ، فلا اهتمام ولا رعاية فكل مشغول بكيفية الانتقام من صاحبه .
ولو حصل زواج لأحدهما ـ أي الأبوان ـ أو كليهما لكانت الكارثة الكبرى ، فحتماً سيصبح الأبناء ضحية حقيقية لذلك الطلاق ، فتعبث بهم الأهواء ، ويكونون صيداً في أيدي العابثين ، ويصبحون عوناً لأهل الجريمة ، فلا مأوى ولا ملبس ولا مأكل ولا مشرب . فما عساها تكون النتيجة ؟
26- الخدم : وهذه من المصائب التي ابتلينا بها ، فقد يكون الخدم سبباً من أسباب الزنا ، إذا لم يحسن الأبوان العناية بهم ، وتعليمهم تعاليم الإسلام الحنيف التي تدعوا إلى عبادة الله وحده دون سواه ، وتدعوا إلى إحصان الفروج ، وتنهى وتحذر من ارتكاب الفواحش .
أما إذا أطلق لهم العنان وترك لهم الحبل على الغارب فستقع مفاسد كثيرة ومآسٍ عديدة ، للإباحية التي يعيشونها في بلادهم ، فقد يمارس الخدم الفاحشة مع أصحاب المنزل أو مع غيرهم من الجيران أو العمالة الأخرى فاحذر أخي رب الأسرة من شر تلك البلوى التي منينا بها في بلادنا .
فنسأل العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة .
27- السياحة الخارجية : وهي محور مهم ينبغي الوقوف عنده ، والحديث عنه ، فماذا يتعلم أولئك الذين يسيحون خارج البلاد المقدسة ؟ أيتعلمون القرآن ؟ أم السنة والأدب والأخلاق ؟ لا والله ، لا هذا ولا ذاك ؟ وإنما هي نزوات شيطانية يستقون فيها حضارة الغرب الزائفة ، التي لو فادت أهلها لما وصلوا إلينا جاهدين من أجل الإسلام وأهله ، ثم يرتضع أولئك السائحون من تقاليد الغرب الفاشلة الساقطة التي يقوم عليها إخوان القردة والخنازير . فهناك الإباحية والدعارة والفاحشة على مصراعيها لا زاجر ولا ناهي ، بل الكل ينادي ويدعوا إلى الرذيلة والفاحشة والبعد عن الخالق الواحد الماجد سبحانه .
هناك حرب للإسلام وأهله ، وتشويه للدين وناصره ، بل دعوة إلى النصرانية واليهودية الزائفة الكاذبة ، دعوة إلى الكفر والإلحاد .
ولقد حرم الله سبحانه السياحة إلى بلد الكفر من أجل النزهة والفرجة واللعب والعبث ، وإنما تكون السياحية الحقيقة من أجل طلب العلم أو الدعوة إلى الله سبحانه ، واعلم رب الأسرة أنك مسؤول أمام الله تعالى عن تلك الأمانة التي في عنقك وأولها نفسك التي بين جنبيك ثم أولادك وأزواجك ، فما عساك تقول لربك عند سؤالك . فأعد للسؤال جواباً ، وللجواب صواباً . وحذار من أن تكون سبباً لانتكاسة أبناءك وبناتك ، أو تكون داعياً ومسهلا لهم لارتكاب الفواحش الظاهرة والباطنة ، فتبوء بالإثم والتبعة ، ويتعلقون برقبتك يوم القيامة طالبين من ربهم سبحانه أن يقتص لهم منك يا مسكين .
28- شرب الخمور والمسكرات : إذا غاب العقل استحكم الشيطان على بن آدم وحوله من إنسان خائف وجل من ربه إلى حيوان عدواني شهواني يطيع شهواته ويحقق رغباته ، فهو كالحيوان بل أضل سبيلاً ، نتيجة لفقد عقله وانطماس بصيرته .
وفيما ذكرنا من الأسباب كفاية بإذن الله لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وإلا فالقصص والوقائع كثيرة وهي شاهدة على ذلك . فاعتبروا بغيركم ، ولا تكوني عبرة لغيركم . فالسعيد من وعظ بغيره ، والشقي من وعظ به غيره