بعد يوم من إعلان المحكمة الجنائية الدولية انضمام فلسطين رسميًا لها، بدأت إسرائيل في اتخاذ قراراتها الانتقامية من فصائل المقاومة، حيث اقتحمت القوات الصهيونية منزل النائبة عن الجبهة الشعبية في المجلس التشريعي الفلسطيني “خالدة جرار” في مدينة البيرة قرب رام الله بالضفة الغربية، وعبثت في محتوياته قبل اقتيادها لجهة مجهولة.
اعتقال “جرار”قال نادي الأسير الفلسطيني إن إسرائيل اعتقلت النائبة بالمجلس التشريعي “خالدة جرار”، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأوضح النادي أنه جرى اعتقال “خالدة” من منزلها في رام الله فجر اليوم الخميس، واعتبر رئيس النادي “قدورة فارس” أن اعتقال النائب جرار هو عمل انتقامي، وهو رد على كسرها لقرار جيش الاحتلال القاضي بإبعادها إلى أريحا قبل عدة أشهر، وأضاف أنه ليس لدى إسرائيل أي دليل يمكن أن تقدم بموجبه النائب جرار إلى أي محكمة من أي نوع، وأن هذا الإجراء يؤكد مدى إمعان الاحتلال في سياسية إدارة الظهر لكل القوانين والذي يتزامن مع انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية.
وكانت قوات كبيرة حاصرت فجراً منزل النائب “جرار”، واقتحمته بعد أن فجرت الباب، وعاثت فساداً وفتشت محتوياته، وصادرت جهازي حاسوب من المنزل، إضافة إلى الهاتف الشحصي لها، وهو ما أكدته “يافا” ابنة النائب “جرار”، حيث قالت إن قوات كبيرة من جيش الاحتلال حاصرت المنزل حوالي الساعة الثالثة فجرا، واقتحموا المنزل وطلبوا لقاء والدتها وأبلغوها أنها رهن الاعتقال،
من هي “خالدة جرار”“خالدة جرار” هي قيادية فلسطينية وناشطة نسوية سياسية في الخمسين من عمرها، كما إنها عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعضو المجلس التشريعي الفلسطينيعن الجبهة، وتنشط “جرار” في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان خاصة حقوق الأسرى الفلسطينيين.
ترأست “الجرار” مؤسسة الضمير لرعاية الأسرى والمعتقلين، وفي عام 2006 انتخبت عضواً في المجلس التشريعي عن الجبهة الشعبية، وكانت واحدة من عشرات النسوة اللواتي اعتقلن بعد قمع الاحتلال مسيرة نسوية شهيرة شاركت فيها أكثر من خمس آلاف امرأة فلسطينية رفضاً للاحتلال عام 1989 في مدينة البيرة، وحوكمت بتهمة مقاومة الاحتلال والتحريض ضده.
شغلت “جرار” منصب مديرة مؤسسة الضمير لرعاية شئون الأسرى حتى عام 2005، وتعرضت خلالها لمضايقات الاحتلال كما تعرض زوجها “غسان جرار” للاعتقال أكثر من عشر مرات وصدر قرار بإبعاده خارج البلاد عام 1992 لكنه لم ينفذ.
هذه ليست المرة الأولى الذي يقتحم فيها الجيش الإسرائيلي منزل “جرار” ويعتقلها، فقد اقتحم المنزل في أغسطس الماضي، وسلمها أمر إبعاد من مدينة البيرة إلى مدينة أريحا جنوب الضفة الغربية لمدة ستة شهور بدعوى أنها تشكل خطراً أمنياً شديدًا على إسرائيل، غير أن “خالدة” رفضت القرار ولجأت إلى الاعتصام في المجلس التشريعي لمدة شهر، وأصدر الاحتلال أمرًا عسكريًا جديدًا منتصف سبتمبر الماضي تراجع فيه عن الإبعاد، وقالت “جرار” في حينها إن القرار يعبر عن تخبط الاحتلال وعدم شرعية ما يصدر عنه.
إدانات فلسطينيةاستنكر رئيس هيئة شئون الأسرى والمحررين الفلسطينيين “عيسى قراقع”، إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على اعتقال “جرار”، وقال “هذه رسالة الى المجتمع الدولي بأسره من نتنياهو وعصابته وهو بهذا التصرف الهمجي يحدد عنوان المرحلة القادمة بأنه مستمر في ملاحقة كافة أبناء الشعب الفلسطيني بكل فئاته وأطيافه”، وأضاف “إن اعتقال النائب جرار هو عمل انتقامي وهو رد على كسرها لقرار جيش الاحتلال القاضي بإبعادها إلى مدينة أريحا قبل عدة أشهر”، مؤكدا أن اسرائيل لن تتمكن من محاكمة النائب جرار لأنها لم ترتكب أي مخالفات، وبين “قراقع” أنه باعتقال جرار ارتفع عدد النواب المعتقلين في سجون الاحتلال الاسرائيلي الى 16 نائبا، وهذا ضرب واضح للتفاهمات والمواثيق الدولية وإدارة الظهر لكل القوانين التي تعطي النواب حصانة من الاعتقال.
من جانبها أعربت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، عن استيائها بشدة لإقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على اعتقال النائب في المجلس التشريعي وعضو المكتب السياسي للجبهة “خالدة جرار”، مؤكدة أن هذا الاعتقال محاولة بائسة، وطالبت الجبهة بضرورة وقف التنسيق الأمني وكل أشكال العلاقة السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، وتابعت “أن القوات تحاول وقف النشاط والدور البارز الوطني في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وعن الأسرى وقضاياهم وفي التصدي لسياسات ومخططات الاحتلال وفضح جرائمه على مختلف الصعد”، وأضافت “أن اعتقال النائب خالدة جرار التي سبقها اعتقال النواب أحمد سعدات ومروان البرغوثي والعديد من نواب كتلة التغيير والإصلاح يؤكد من جديد أن العدو الصهيوني لا يقيم وزنًا لأي حصانات اعتقد البعض بأن الاتفاقيات الموقعة معه توفرها”.
كما أدانت حركة “حماس” إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على اعتقال النائبة، وقال الناطق باسم الحركة “صلاح البردويل”، “إن اعتقال النائب جرار جريمة صهيونية بامتياز، محذرا من خطورة وعواقب عملية الاعتقال”، وأضاف “أن هذه الجريمة تأتي في ظل استمرار سياسة الاعتداء الصهيوني على أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، والتي طالت العشرات من نواب حركة حماس، وعلى رأسهم الدكتور عزيز دويك رئيس المجلس، والدكتور محمود الرمحي أمين سر المجلس، بالإضافة إلى أحمد سعدات زعيم الجبهة الشعبية، وعضو المجلس التشريعي عن حركة فتح النائب مروان البرغوثي”، وأكد الناطق باسم حماس على أن كل من يتآمر على خيار الشعوب سيكتوي بنارها، حسب تعبيره.