الإعجاز الرباني في عملية ” التوليد”
في الماضي كانت الولادة عملية شديدة الخطورة لدرجة أن بعض حالاتها كانت تنتهي بوفاة الأم أو الجنين أو وفاتهما معا. كما كانت حمى النفاس منتشرة بين الوالدات.[1]..
ولكن بحمد الله تعالى وفضله ثم بفضل التقدم العلمي الحديث في مجال الطب والتعقيم أدى إلى خفض مضاعفات الحمل والولادة إلى حد كبير.
ولعل ما دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع هو حرصي الشديد على نقل جانب يسير من الإعجاز الرباني في عملية ” التوليد” للقارئ العزيز. تذكرته وتأملته في لحظات قليلة عندما دعيت لمساعدة [2] فتاة في العقد الثالث من عمرها في ولادتها.
وبرغم أن هذه ليست هي المرة الأولى
ن
لي ولا المائة من نوعها إلا أني وقفت مشدوها أتأمل كل حركة وسكنة للجني، وكل انقباضه للرحم إلى أن تمت عملية طرد الجنين من رحم أمه بطريقة فسيولوجية منظمة تستدعى منا أن نحنى الجباة لخالق ا
لموت والحياة ..
وهكذا خرج المولود إلى حياتنا الدنيا باكيا وكأنه يعلم مدى الشقاء والعناء الذي سيلاقيه في هذه الدار.. وصدق الإمام الشافعي:
ولدتك أمك يا بن آدم باكيا والناس حولك يضحكون سرورا
فاعمل ليوم أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكا مسرورا
إن الوضع هو نهاية الحمل عن طريق خروج الطفل من الرحم في حالة طرد نتيجة للانقباضت المتزايدة للرحم والتي تصير قوية لدرجة تمكنها من طرد الطفل.
ويقر الطب الحديث أن الولادة نفسها عملية لا دخل لأي إنسان فيها، فهي عملية لا إرادية. فعندما يصل الحمل إلى نهايته ويحين موعد الولادة الذي لا يعلمه إلا الله.. عندما يشاء الله للحامل أن تلد.. ينقبض الرحم على الجنين ليطرده إلى الخارج. ولم يعرف الطب بعد شيئا عن هذا الانقباض ولا عن الأجهزة التي تشرف عليه.
ولعل ما وصل إليه الطب للآن كلها نظريات لم تصل إلى درجة اليقين العلمي بعد…
بهذا تعلم – أخي القارئ – بأن الطبيب أو القابلة يتلخص دورهما في مساعدة الحامل في استقبال مولودها وإعداده.. وكما رأينا ونرى أن هناك ملاين الولادات تتم دون الاستعانة بأحد.
وصدق الحق تبارك وتعالى حيث يقول في سورة النحل:
)والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا…… (آية ( 78)
وتمر عملية الولادة بمراحل ثلاث:
§ المرحلة الأولى:”1 St.se ” اتساع عنق الرحم ” Effacement ” .
§ المرحلة الثانية:”2nd. se” ولادة (طرد) الجنين من الرحم “Expulsion” .
§ المرحلة الثالثة:”3 rd. se ” وتشمل ولادة المشيمة (الخلاص) بأغشيتها
المرحلة الأولى:
قد تستغرق عملية توسيع عنق الرحم ساعتين وأحيانا تمتد إلى ست عشرة ساعة (16) ساعة أو أكثر. وفى البداية ينقبض الرحم وتكون مدة كل انقباضه من ( 30 -35) ثانية. وتحدث هذه الانقباضات كل 15 – 20 دقيقة، وتكون هذه الانقباضات لا إرادية بحيث لا تستطيع الأم أن تبدأها أو توقفها أو تجعلها تسرع أو تبطئ.
وتزداد معدل الانقباضات في هذه المرحلة (1 st. Se) من الوضع حتى تصير كل دقيقة أو دقيقتين وتستغرق مدة أطول حتى تصل إلى 90 ثانية . ولعله من الضروري أن نشير إلى تأثير الحالة النفسية على عملية الولادة.. فالعامل النفسي أمر بالغ الأهمية إذ أن الخوف والقلق من أهم أسباب تعسر الولادة.. والرضا والاطمئنان من أهم أسباب تيسير الولادة. وإذا لاحظنا الحالة النفسية للأم في المرحلة الأولى نجد أنها متغيرة.. في البداية تشعر الأم بالراحة أثناء الانقباضات لأن ما انتظرته على مدى تسعة أشهر قد حان موعده.. ولكن بعد عدة ساعات من الولادة وعندما تصير الانقباضات أسرع وأطول فإنها تنشغل عن هذا التفكير بشدة الألم.
المرحلة الثانية:
وقد تستغرق هذه المرحلة عدة دقائق في الأم المتعددة الحمل إلى نصف ساعة أو أكثر في أول حمل.
وفى هذه المرحلة يحدث طرد “Expulsion” وفيها تكون الانقباضات الاإرادية أطول مدة وأقصر مسافة فيما بينها.
ولعلم فإن كمية الضغط على عضلات الرحم والبطن أثناء الولادة على المولود تعادل ما يوازى 25 رطلا تقريبا أثناء كل انقباض قوية. ومن رحمة الله تعالى أن تحدث انقباضات الولادة متقطعة، لأنه في كل انقباض قوية يمنع الدم من الوصول من خلال المشيمة للمولد، ولذلك فلو كانت هذه الانقباضات مستمرة فإنها تسبب وفاة الجنين.
ولعل هذا ينبهنا كأطباء إلى خطورة استخدام بعض الأدوية القابضة للرحم مثل “Oxytocin” التي تجعل الرحم في حالة تشنج لدرجة أنها تؤدى إلى وفاة المولود إذا ما أسيء استخدامها.
ونلاحظ أنه في كل انقباضة يظهر جزء من رأس المولود، ثم يختفي هذا الجزء ثانية بعد زوال الانقباضة.. ولكن في كل انقباضة يزداد ظهور هذا الجزء إلى أن تخرج رأس الطفل كلها حرة خارج المهبل .
وفى بعض الحالات لا يحدث هذا تلقائيا نظرا لكبر رأس المولود…. الخ، وفى هذه الحالات يلجأ أطباء الولادة إلى شق العجان في اتجاه فتحة الشرج ليساعد خروج الرأس وليمنع أي تمزق للأنسجة.
ولنعلم أن 19 من كل 20 ولادة تكون الرأس فيها هي أول جزء في الطفل عند الخروج. أما باقي الحالات فقد تكون المقعدة أو أحد القدمين أو الحبل السري هي أو ما يخرج من الطفل.. وعلى الطبيب أن يتعامل مع هذه الحالات بالمهارة المطلوبة.
وعلى الطبيب أن يلاحظ الأم والمولود باستمرار وإذا حدث أي قلق على أي منهما فعليه أن يتدخل إما بإخراج الجنين بالشفط (Suction) أو باستخدام الآلات كالجفت ” Forceps” وغيره أو حتى بالتدخل الجراحي عن طريق “العملية القيصرية”.
وهى عملية ” Cessarian Section” تنسب إلى يوليوس قيصر لأنه أول من ولد بهذه الطريقة.. إذ مات أمه أثناء الطلق.. وقام الطبيب عندئذ بشق بطنها وأخرجه منها. وعاش قيصر ليصبح إمبراطور روما.. وأطلق عليه ” قيصر ” ولهذا نسبت إليه هذه العملية وهى الآن تجرى بيسر ومهارة فائقة إذا دعت الحاجة إليها.
آلام الطلق ومنشؤها
إن آلام الطلق ربما فاقت أي ألم آخر، ولكن لا يكاد الطفل يخرج إلى الدنيا ويلامس جسده جسد أمه حتى ينفرج ثغرها عن ابتسامة متعبة. ولعل منشأ الألم في المرحلة الأولى من الولادة يرجع إلى نقص الأكسجين لعضلات الرحم بسبب الانقباض على الأوعية الدموية للرحم.
أما في المرحلة الثانية من الولادة فإن المولود في خروجه من المهبل يصحبه آلام أكثر شدة وذلك بسبب اتساع عنق الرحم واتساع العجان والمهبل مع محاولة التمزق.
المرحلة الثالثة:
وتبدأ هذه المرحلة مع ولادة الجنين وتنتهي بولادة المشيمة (الخلاص). ونعنى بولادة المشيمة: انفصال المشيمة وأغشيتها من جدار الرحم، وبعد أن تنفصل هذه المكونات تطرد من الرحم بفعل الانقباضات التي تحدثها عضلات الرحم والتي تشترك جميعها في هذه العملية حتى العضلات الموجودة في مكان التصاق المشيمة بالرحم..
ولكن ينبغي أن نعلم أن المشيمة نفسها لا تنقبض ولكن ما يحدث هو أن مكان التصاق المشيمة بالرحم ينكمش بالتدريج مع كل انقباضة للرحم حتى تنفصل نهائيا وتصبح حرة في الرحم، وعندئذ تطرد بفعل قوة الطرد التي تحدثنا عنها آنفا.
وتستغرق هذه المرحلة من 15-60 دقيقة في كل من الأم المتعددة الحمل وكذلك الحامل في أول حمل ” Primipara ” . أي أن متوسط هذه المرحلة 30 دقيقة.
وباختصار فإنه بعد عملية ولادة الجنين بحوالى نصف ساعة ينقبض الرحم إلى حجم صغير جدا بحيث يحدث انفصال بينه وبين المشيمة.
ومن المعلوم أنه لولا رحمة الله التي جعلت الرحم ينقبض انقباضا شديدا بعد الولادة حتى يصير مثل الكرة لنزفت النفساء حتى الموت .. ذلك لأن فوهات دموية عديدة تنفتح بعد زوال المشيمة وتبقى الأوعية الدموية التي كانت تصل ما بين الرحم والمشيمة مفتحة وكأنها الجداول والأنهار….
ولولا هذه الانقباضات الرحمية الشديدة لجرت الدماء من النفساء جريان الجداول والأنهار.
ومن إعجاز الحق سبحانه وتعالى أن نظم عضلات الرحم بطريقة خاصة على شكل حرف ” 8 ” بحيث تضغط هذه العضلات على الأوعية الدموية وتقفلها . لذا فإن انقباض الرحم بعد الولادة يقفل الأوعية الدموية التي كانت تغذى المشيمة.
وبعد الولادة بأربعة أو خمسة أسابيع يعود الرحم إلى حجمه الطبيعي قبل الحمل. أما بقايا الجزء من المشيمة في جدار الرحم فإنه يتحلل وينزل إلى الخارج مدمما في البداية ثم أصفر الون. وصدق الله العظيم إذ يقول في سورة فصلت:
)وما تحمل من أنثى ولا تضع إلى بعلمه (فصلت آية : ( 47 )
مضاعفات الحمل والولادة
بالنسبة للأم:رغ التقدم العلمي الكبير في مجال الولادة إلا أنه لم يتمكن من إزالة جميع مخاطر الولادة وإن كان فعلا قد تمكن من خفض نسبتها. فهناك مجموعة من النساء يصبن بأمراض الكلى المزمنة وضغط الدم من جراء الحمل، وبعضهن يصبن بحالات تسمم للحمل.
أما مضاعفات الحمل خارج الرحم وما ينتج عنه من إنثقاب قناة الرحم مما قد يؤدى إلى وفاة الأم فلا تزال نسبة الوفيات فيها عالية .ولا تزال بعض مضاعفات الولادة من تمزقات بعنق الرحم وانثقاب بالمثانة أو إنثقاب جدار المهبل.. وكذلك حدوث ناصور خلفي وأمامي.. الخ.ات عضلات العجان… الخ .
لا تزال هذه المضاعفات تؤدى إلى أمراض مزمنة. ورغم أن الطب استطاع أن يخفض من حالات حمى النفاس ” Puerperal Sepsis”… إلا أنه لم يقض عليها حتى الآن في البلاد المتقدمة طبيا.
ولا تزال الأمراض النفسية وأمراض الكآبة تنتاب كثيرا من الحوامل والوالدات أثناء الحمل والنفاس.. هذا بالنسبة للأم.
أما بالنسبة للمولد:
فلا تزال الأمراض والعيوب الخلقية موجودة بل في ازدياد نتيجة استعمال بعض العقاقير، وكذلك نتيجة تدخين بعض الأمهات أثناء الحمل، ونتيجة شرب بعضهن ( في البلاد الأوربية) للخمور.
ولا تزال مضاعفات الولادة المتعسرة عالية النسبة على الأطفال الذين يولدون بهذه الطرق المتعسرة ولم تنخفض نسبتها كثيرا خلال الفترة الماضية.
تيسير سبيل الولادة:
قال الله تعالى في سورة عبسى:
)قتل الإنسان ما أكفره، من أي شيء خلقه، من نطفة حلقه فقدره، ثم السبيل يسره (آية ( 17- 20 )
ولعله من أحد المفاهيم التي تشملها الآية هو أن الله تعالى يسَّر للمولد سبيله عند خروجه من الرحم.. هكذا تبدو الرعاية الربانية للنطفة من بداية كونه نطفة ثم بعد اكتمالها في خروجها وتيسير سبيلها ثم تنتهي الدورة.
) ثم أماته فأقبره، ثم إذا شاء أنشره (( عبس: 21-22 ).. فتمر بلقطات سريعة تبدأ بالنطفة وتنتهي بالحشر والنشر.
ومن إعجاز الله تعالى وقدرته في الخلق أن يمر الجنين في هذا الممر الضيق، وهو عنق الرحم والذي لا يسمح في العادة لأكثر من إبرة لدخوله، فيتسع ذلك العنق ويرتفع تدريجيا في مرحلة المخاض حتى يتسع إصبعا ثم إصبعين ثم ثلاثة ثم أربعة، فإذا وصل الاتساع إلى خمسة أصابع فإن الجنين يكون على وشك الخروج، ليس هذا فحسب ولكن الزوايا الموجودة بين الرحم وعنقه تنفرج لتجعل ما بين الرحم وعنقه طريقا واحدا أو سبيلا واحدا ليس فيه اعوجاج كما هو معتاد من حيث يكون الرحم مائلا للأما بزاوية درجتها تسعين درجة تقريبا. وفى الحمل يكون وضع الرحم مع الحمل بدون زوايا.
ثم يأتي دور الإفرازات والهرمونات التي تسهل عملية الولادة وتجعل عظام الحوض وعضلاته ترتخي وخاصة تحت مفعول هرمون الارتخاء. وهكذا تتضافر هذه العوامل جميعها لتيسر لهذا المخلوق سبيل خروجه
إلى الدنيا .
ولا يقتصر معنى تيسير السبيل على هذا وإنما يستمر ذلك التيسير بعد الولادة حيث يسر الله تعالى للرضيع لبن أمه وحنانها، ثم يسر له عطف الوالدين وحبهما. ثم يستمر التيسير لسبل المعاش من لحظة الولادة إلى لحظة الممات..
ولله الحمد على هذه النعم والآلاء التي لا تحصى ولا تعد
الولادة المبكرة:
ما هي الولادة المبكرة ؟؟ [3]
الولادة المبكرة هي حدوث الولادة قبل وصول الجنين إلى مرحلة النمو الكامل والمقدرة على المعيشة خارج الرحم. والطفل يصل إلى تمام المقدرة على المعيشة الطبيعية خارج الرحم بعد مرور 37 أسبوعا منذ أول يوم في آخر دورة (ثمانية أشهر وأسبوع).. هذا إذا أخذنا باستمرار فترة الحمل. أما إذا أخذنا بوزن الطفل ساعة الولادة فإن الطفل يصل إلى مرحلة تمام النمو والمقدرة على المعيشة الطبيعية خارج الرحم إذا زاد الوزن ساعة الولادة عن 2500 جم..
وعلى هذا فإن الولادة المبكرة هي حدوث الولادة قبل ثمانية أشهر وأسبوع ( 37 أسبوع ) أو ولادة طفل يقل في الوزن عن 2500 جم.
وفى كلتا الحالتين فإن الطفل لن يقدر على الحياة خارج الرحم ويحتاج إلى وجوده داخل الحضانة.. وفى حالة الولادة المبكرة فإن الطفل يسمى ” الطفل المبتسر “.
مقومات البقاء داخل الرحم:
وفى هذا المجال فإنه يهمنا أن نشرح أن الطفل أثناء وجوده داخل الرحم يحتاج لمقومات معينة ليستمر في النمو ومن هذه المقومات مثلا: حصوله على الغذاء الكامل الازم لنموه، ويتأتى ذلك عن طريق المشيمة (الخلاص) (Placenta ) وكذلك وجود درجة حرارة مناسبة (حوالي 37 درجة مئوية وهى درجة حرارة الجسم) وكذلك بُعد الجنين عن أية مؤثرات خارجية وأهمها بعده عن الميكروبات وذلك بوجوده داخل الرحم مغلفا بالمياه ، وصدق الله تعالى حين قال : )فجعلناه في قرار مكين (. ( سورة المرسلات (21).
رعاية الطفل المبتسر:
وعلى هذا فإذا تمت ولادة طفل مبتسر فيجب وضعه في الحضانة وهو جهاز يقلد (ولكن بكفاءة أقل) ما يحدث داخل الرحم فالجهاز يستطيع ضبط درجة الحرارة بما يناسب – الطفل المبتسر – وكذلك فإن الحضانة تبعد الطفل عن الميكروبات والجراثيم الموجودة في الجو، وغالبا ما يحتاج الطفل المبتسر بخلاف وجوده في الحضانة إلى استعمال بعض المضادات الحيوية التي تساعد على وقايته من الالتهابات.
أما عن تغذية الطفل المبتسر فإن ذلك يتم عن طريق الأوردة الموجودة في الرأس، أو الموجودة في منطقة الحبل السري، أو عن طريق أنبوبة توضع من الفم لتصل إلى المعدة.
ويقر طبيب الأطفال المعالج ما يحتاجه الطفل المبتسر من الغذاء المناسب الذي يتكون غالبا من لبن صناعي أو محاليل الجلوكوز ومحاليل الأحماض الأمينية (البروتينات) وكذلك يجب إعطاء الطفل المبتسر جرعات مناسبة من الفيتامينات، إما عن طريق الحقن بالوريد أو بالعضل أو بالفم.
وأفضل الحالات التي تعطى أكبر فرصة للجني للحياة هي:
1-خلو الأم من الأمراض مثل ارتفاع الضغط أو السكر في الدم.
2- أن يتراوح وزن الطفل عند الولادة ما بين 1700 جم إلى 2500 جم.
3- عدم تعرض الطفل لأية جراثيم أو ميكروبات.
4- خبرة الأطباء القائمين على رعاية الطفل المبتسر.
5- الأجهزة والإمكانيات الموجودة بوحدة رعاية الأطفال المبتسرين.
أسباب الولادة المبكرة:
أ – عند الأم
1- ارتفاع ضغط الدم
2- مرض السكر.
3- التهاب المزمن بالكلى أو الفشل الكلوي.
4- الحمل الخطر (الحمل قبل سن العشرين، وبعد سن الخامسة والثلاثين، والحمل المتكرر والمتقارب أو بعد الولادة الرابعة).
5- الأمراض التناسلية ( مثل الزهري وغيره ).
ب- أسباب في الجنين:
1- الحمل التوأمى.
2- وجود تشوهات خلقية في الجنين.
ج- أسباب في الرحم والمشيمة والأغشية المحيطة بالجنين:
1- ضعف عضلات عنق الرحم.
2- أورام ليفية بالرحم.
3- عيوب خلقية بالرحم.
4- ضعف الأغشية: تنفجر الأغشية ويتسرب الماء الموجود حول الجنين ويفقد الطفل واحدة من أهم العوامل التي تحافظ على وجوده داخل الرحم.
وفى كثير من الأحيان لا يستطيع الأطباء تحديد سبب معين لحالات الولادة المبكرة كما أن كثيرا من حالات الولادة المبكرة تحدث بصفة متكررة أي يتكرر حدوث الولادة المبكرة في كل حمل.
التشخيص:
يعتمد العلاج على تشخيص السبب أولا.. وهذا لا يتم إلا بأن تحصل كل سيدة حامل على رعاية كاملة أثناء الحمل …
وهنا يجب الاستعلام الكامل عن التاريخ المرضى للأم والأسرة وكذلك التاريخ المرضى لجميع الولادات السابقة.
وبعد ذلك يتم الفحص الطبي، ثم يأتي دور التحاليل المعملية، وهى هامة جدا إذ يجب عمل تحليل بول كامل لنسبة الهيموجلوبين وفصيلة الدم وأيضا عامل الريسيس.
وقد يرى الطبيب عمل أية تحاليل أخرى قد يراها لازمة مثل تحاليل وظائف الكبد أو تحاليل وظائف الكلى كما أن فحص الموجات الصوتية للجني هام جدا في هذه الحالات إذ أنه يساعد على:
1- تشخيص العيوب الخلقية بالجنين.
2- تشخيص ضعف عضلات عنق الرحم.
3- تحديد ميعاد الولادة وفترة استمرار الحمل.
4- تحديد بعض العيوب الموجودة في المشيمة.
5- تحديد الوزن التقريبي للطفل وهو داخل الرحم.
عامل الريسيس
يمكن شرح عامل الريسيس كالتالي:
عامل الريسيس هو جسم إضافي موجود على كرات الدم الحمراء، وهذا الجسم الإضافي يوجد لدى 85% من الذكور والإناث وينعدم لدى 15% منهم.
وإذا وجد هذا العامل لدى شخص ما فإنه يسمى: إيجابي الريسيس وإذا لم يوجد سمي الشخص: سلبي الريسيس.
وحين تتزوج فتاة سلبية والريسيس من شاب إيجابي الريسيس وتحمل منه، ويكون الجنين إيجابي الريسيس كأبيه، تبدأ المشكلة لأن دم الأم السلبي الريسيس يعتبر ع الريسيس الذي ينتقل إليه بصفة مستمرة عن طريق المشيمة ( الخلاص ) جسماً غريباً عليه، وبالتالي يبدأ جهاز المناعة لدى الأم في تكوين أجسام مضادة…
هذه الأجسام المضادة تقوم أول الأمر بتكسير الخلايا الواصلة من الجنين ثم تقوى هذه الأجسام بعد فترة لتقوم بتكسير خلايا الجنين نفسه ومن هنا يعانى الجنين من الأنيميا، والصفراء، وهذان المرضان قد يسببان له الوفاة داخل الرحم، أو الولادة المبكرة والوفاة بعد الولادة مباشرة.
طرق العلاج:
ويجب أن نوضح هنا بعض الطرق المستعملة للعلاج ولو أنها لا يجب أن تتم إلا بإشراف طبيب نساء وتوليد متخصص له خبرة عالية:
1- علاج أي أمراض موجودة في الأم.
2- علاج أي نقص فيتامينات أو بروتينات عند الأم.
3- علاج الأنيميا أو فقر الدم.
4- استعمال حقن البنسلين طويلة المدى.
5- ربط عنق الرحم.
6- الراحة التامة في الفراش عند ظهور أي أعراض لحدوث الولادة المبكر أو طول فترة الحمل إذا استدعت الأمور.
7- استعمال بعض الأدوية الحديثة المهدئة للرحم. لكن هذا لا يجب أن يتم مطلقاً بإشراف الطبيب المعالج.
8- استعمال دواء ” الكورتيزون ” على أساس أن دواء ” الكورتيزون ” يرفع من كفاءة عمل الرئتين حتى يستطيع الطفل المبتسر التنفس السليم بعد الولادة. ( وذلك لمدة ثلاثة أيام قبل تحريض الولادة ).
9- العلاج الجراحي قبل الولادة لإزالة الأورام اليفية أو إصلاح التشوهات الخلقية بالرحم.
وأحب أن أوضح هنا أن نتائج علاج الولادة المبكرة عادة ما تعطى نتائج ممتازة مما يؤكد على ضرورة التعاون بين الأم الحامل وطبيبها الأخصائي وكذلك الزميل أخصائي الأطفال الذي لا يمكن الاستغناء عنه في مثل هذه الحالات.
الولادة المتأخرة
ما هي الولادة المتأخرة ؟
المقصود بالولادة المتأخرة كل ولادة بعد انقضاء وتمام فترة التسعة أشهر. فمدة الحمل عادة تقدر بأربعين أسبوعا (تسعة أشهر وسبعة أيام منذ أول يوم في آخر دورة شهرية).. ولذلك فإن تأخر الولادة إلى ما بعد الأسبوع الثاني والأربعين من بداية الحمل تسمى ولادة متأخرة (ونسبة هذه الحالة تصل إلى 60% من جميع الولادات أي أنه في كل مائة حالة حمل هناك احتمال أن تلد ست سيدات بعد الأسبوع الثاني والأربعين) وفى هذه الحالة فإنه يكون هناك خطر على الجنين سواء إذا استمر حجمه في النمو أو إذا تضاءل حجمه وصغر وزنه، وذلك للأسبا الآتية:
§ في حالة استمرار كبر حجم الجنين وزيادة وزنه فإن هذا يؤدى إلى تعسر الولادة بسبب كبر حجم الجنين بطريقة لا تتناسب مع حجم عظام الحوض وحجم عضلاته.
§ أما في حالة صغر حجم الجنين وقلة وزنه فهناك أيضا خطر على الجنين.
§ إن المشيمة ( الخلاص ) التي تقوم بوظيفة إمداد الطفل بالطعام والغذاء تكون قد وصلت إلى أقصى مداها عند نهاية الشهر التاسع ويبدأ بعد ذلك في المعاناة تماما مثل الكهل الذي وصل إلى قرب نهاية عمره فقلت كفاءته على القيام بوظائفه.
والحقيقة العلمية هي أن الرحم ليس في كل الحالات أفضل مكان للجني، فهناك حالات يكون فيها الأفضل للجني إخراجه من الرحم حتى ولو بدون اكتمال مدة الحمل أو بدون انتظار البدء الطبيعي للولادة، ومن هذه الحالات حالة استمرار الحمل بعد 42 أسبوعا إذ أن هذا يشكل خطرا كبيرا على الجنين.
شكل الطفل المولود بعد 42 أسبوعاً:
والواقع أن الطفل الذي يولد بعد الأسبوع الثاني والأربعين من بداية الحمل له مظاهر معينة:
1- له أظافر طويلة تتعدى طول الأصابع.
2- غزير شعر الرأس.
3- يبدأ الجلد في فقدان الطبقات السطحية منه.
4- تقل المادة الورنيشية حول الجنين.
5- يقل حجم السائل الأمينوسى الموجود في الرحم.
6- تبدو تغيرات الوجه مثل تغيرات شخص هرم عجوز.
7- بعد الولادة يعانى هذا الجنين من ضيق التنفس، وقلة نسبة السكر في الدم.
وهذا الطفل يجب مراعاته مراعاة كاملة كما لو كان طفلا ناقص النمو وكثيرا ما يحتاج إلى وضعه في الحضَّانة وفى حالة اكتشاف الطبيب أن الحمل قد تعدى الأسبوع الثاني والأربعين فإنه يجب عليه في هذه الحالة القيام بما يسمى تحريض الولادة.
تحريض الولادة:
يعنى عدم انتظار البدء الذاتي أو آلام الولادة ذلك بعمل طلق صناعي …وهو صناعي من حيث أن السبب فيه ليس الطبيعة الذاتية للرحم وإنما لأنه ينتج من تدخل الطبيب.
ويمكن للطبي عمل تحريض الولادة أو الطلق الصناعي بإعطاء محلول الجلوكوز وبداخله دواء معين يقوم بالتأثير على الرحم فيحدث طلقاً مماثلاً تماماً للطلق الطبيعي للرحم …وفى العادة فإن الولادة تسير سيراً طبيعياً وتنتهي بولادة طبيعية في أغلب الأحوال …وكذلك قد يقوم الطبيب أحياناً بفتح جيب المياه الموجود حول الطفل إذ أن هذا يساعد على تقوية الطلق تأكيداً لحدوث الولادة الطبيعية، لكن في بعض الحالات قد يرى الطبيب أن مصلحة الجنين أو الجنين والأم هي التوليد العاجل وعليه يضطر الطبيب إلى التوليد بالعملية القيصرية.
والتوليد بالقيصرية في الطب الحديث لا يجب أن ينظر إليه على أنه كارثة لا قدر الله …إذ أن نسبة الأمان في عمليات القيصرية الآن عالية ولا تقل تقريباً عن نسبة الأمان في الولادة الطبيعية …بل أن بعض أطباء الولادة يعتبرون أن عملية القيصرية هي مجرد طريقة من طرق الولادة وهم يقولون أن هناك طريقتين يمر بهما الجنين قبل الخروج إلى حياتنا الدنيا:
§ الطريقة الأولى:هي طريق المهبل من أسفل على نحو ما ذكرنا.
§ والطريقة الثانية:هي طريق البطن من أعلى.
هذا الكلام سليم منطقياً ودقيق علمياً، وأحب أن أعرف سيداتنا بأن الولادة عن طريق المهبل في حالات معينة قد تكون ضارة للجني أو للأم أو لكليهما معاً وفى هذه الحالة فلا يجب التردد مطلقاً في اختيار الطريق الآخر الذي ” سيكون في هذه الحالات ” هو الطريق الأكثر أماناً وهو طريق البطن من أعلى وذلك بإجراء العملية القيصرية.
والموضوع يمكن أن يكون بالبساطة التي يقول بها أحد المرشدين السياحين لمن يريدون السفر إلى الخارج مثلاً أن أمامكم السفر عن طريق البر بالباخرة أو عن طريق الجو بالطائرة وعلى كل أن يختار أنسب الطرق أي الطريقة التي تتلاءم ظروفه المالية وحالته النفسية والوقت المطلوب منه وجوده في مكان الوصول.
وكما أن اختيار طريق وسيلة السفر يهدف إلى سلامة الوصول وفى الوقت المناسب فإن الهدف في الولادة هو سلامة الأم والجنين بغض النظر عن اختيار طريق المهبل والولادة الطبيعية، أو البطن والولادة القيصرية طالما سنضمن الوصول إلى الهدف النهائي وهو سلامة الأم والجنين.
كلمة أخيرة:
بالرغم من أن فترة الحمل الطبيعية تسعة أشهر، وبالرغم من أن الأطباء يحتسبون فترة الحمل 280 يوما في المتوسط من أول أيام الحيض السابق للحمل مباشرة.. إلا أنه لوحظ أن الولادة لا تتحد في اليوم المرتقب، فقد تسبق الحامل هذا التاريخ أو تتأخر عنه بأيام قليلة أو كثيرة… وهكذا بالرغم من دقة الحسابات وتقدم الكشف… وبراعة الطب… وموالاة الفحص فإنه يستحيل تحديد يوم الوضع إذ لا دخل للحامل ولا للطب فيه…
وينتظر الطبيب كما تنتظر الحامل أمر الله بالولادة