التوفيق بين النهي عن تخليل الخمر وبين حديث: "نعم الإدام الخل"
كاتب الموضوع
رسالة
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75881 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: التوفيق بين النهي عن تخليل الخمر وبين حديث: "نعم الإدام الخل" الجمعة 29 سبتمبر 2017, 11:17 am
ما نوع الخل الذي كان يأكله به النبي صل الله عليه وسلم ومدحه؟
السؤال: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتدم بخل التفاح ، فقد وجدت حديثاً في النت ، إلا أني لم أستطع التأكد من صحته : ( لم يفتقر بيت فيه خل ) رواه الترمذي والبيهقي. ووجدت أيضاً حديثاً آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن الخل كان إدام الأنبياء من قبله . وأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الخل . وقد روى جابر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أهله الأدم ، فقالوا : ما عندنا إلا خل ، فدعا به ، فجعل يأكل به ويقول : نعم الإدام الخل ، نعم الإدام الخل ) فأريد معرفة نوع الخل الذي كان يأكله النبي صل الله عليه وسلم . فقد وجدت أن خل التفاح هو أفضل الخل للصحة . والله أعلم .
الجواب : الحمد لله أولا : ثبت أن النبي صل الله عليه وسلم أكل الخل ، ووصفه له بأنه إدام ، وأثنى عليه في مجموعة من الأحاديث الصحيحة ، فمن ذلك : قال صل الله عليه وسلم : ( نِعْمَ الإِدامُ الخَلُّ ) رواه مسلم ( 2051 ) . وروى مسلم أيضا (2052) بسنده عن طَلْحَة بْن نَافِعٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، يَقُولُ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ فِلَقًا مِنْ خُبْزٍ ، فَقَالَ : مَا مِنْ أُدُمٍ ؟ فَقَالُوا : لَا إِلَّا شَيْءٌ مِنْ خَلٍّ . قَالَ : فَإِنَّ الْخَلَّ نِعْمَ الْأُدُمُ . قَالَ جَابِرٌ : فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وقَالَ طَلْحَةُ : مَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ جَابِرٍ ) . وعَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ : ( دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟ فَقُلْتُ : لَا ، إِلَّا كِسَرٌ يَابِسَةٌ وَخَلٌّ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَرِّبِيهِ ، فَمَا أَقْفَرَ بَيْتٌ مِنْ أُدْمٍ فِيهِ خَلٌّ ) . رواه الترمذي في " السنن " (1841) وقال : " هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه...وسألت محمدا – يعني الإمام البخاري - عن هذا الحديث قال : لا أعرف للشعبي سماعا من أم هانئ ". وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي "، وفي " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (رقم/2220) . أما حديث أُم سَعْدٍ ، قَالَتْ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ ، وَأَنَا عِنْدَهَا ، فَقَالَ : هَلْ مِنْ غَدَاءٍ ؟ قَالَتْ : عِنْدَنَا خُبْزٌ ، وَتَمْرٌ ، وَخَلٌّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْخَلِّ ، فَإِنَّهُ كَانَ إِدَامَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي ، وَلَمْ يَفْتَقِرْ بَيْتٌ فِيهِ خَلٌّ ) فقد رواه ابن ماجه في " السنن " (3318)، ولكنه حديث موضوع ، فيه عنبسة بن عبد الرحمن متهم بالوضع، ومحمد بن زاذان متروك . قال الخطابي رحمه الله : " معنى هذا الكلام الاقتصاد في المأكل ، ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة ، كأنه يقول : ائتدموا بالخل وما كان في معناه مما تخف مؤنته ، ولا يعز وجوده ، ولا تتأنقوا في المطعم ، فإن تناول الشهوات مفسدة للدين ، مسقمة للبدن " انتهى من " معالم السنن " (4/ 254). وانظر الفتاوى رقم : (113941) ، (191176) ، (106196) ثانيا : وقد بحثنا في كتب الحديث والروايات ، فلم نقف على حديث يبين لنا نوع الخل الذي أكله النبي صل الله عليه وسلم ، إلا أن غالب الظن أن الخل المشتهر في ذلك الزمن هو خل العنب أو التمر ، وذلك للأدلة الآتية : الدليل الأول : أن العنب هو الثمر الأشهر في ذلك العهد ، بل كان يعد هو القوت من الثمار لكثرته وكثرة استعماله شرابا وزبيبا وخلا وفاكهة وغيرها من أنواع الاستعمال . الدليل الثاني : أن التفاح لم يكن متواجدا بكثرة ، ولم يكن في الغالب يزرع في المدينة النبوية وما حولها ، وإنما كان يستورد من الشام ، فيبعد أن يصنع منه الخل في ذلك الزمن . الدليل الثالث : ما ذكره العلماء السابقون في طريقة صنع الخل ، وفي تعريفه في اللغة وعند العرب ، بل وما ذكره الفقهاء أيضا في كتبهم ، كله يدل على شهرة " خل العنب " و " التمر ": فهذا العلامة ابن عبد البر رحمه الله يقول : " روي عن علي رضي الله عنه أنه كان يصطبغ في خل خمر . وهذا يحتمل أن يكون أراد خل عنب " انتهى من " التمهيد " (1/ 262) . وابن قتيبة الدينوري رحمه الله (ت276هـ) يقول : " إذا أردت صنعة الخل : أخذت من العنب ما بدا لك ... إلخ" ثم ذكر طريقة صنع الخل من العنب . كتاب " الجراثيم " المنسوب إلى ابن قتيبة (2/ 114) . وقال الأزهري إمام اللغة : " قَالَ اللَّيْث : الاختلال من الْخلّ من عصير الْعِنَب وَالتَّمْر " انتهى من " تهذيب اللغة " (6/301). ويقول السرخسي رحمه الله : " كما أن العنب مع التمر جنسان فكذلك الخل المتخذ منهما " انتهى من " المبسوط " (12/180) . وجاء في " المغرب في ترتيب المعرب " (ص: 153): " الخل ما حمض من عصير العنب " انتهى. وجاء في " القاموس المحيط " (ص994): " الخل ما حمض من عصير العنب وغيره " انتهى. ويقول ابن الحاج رحمه الله : " الخل أصناف أطيبه وأنفعه خل العنب " انتهى من " المدخل " (4/ 94) . الدليل الرابع : أن كثيرا من الخل كان يصنع من تحويل الخمر واستحالتها ، والخمر أكثرها من العنب والتمر . والخلاصة : أن الروايات والأحاديث لم توضح أصل الخل الذي ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم أنه أكله ، غير أن الظاهر أنه " خل العنب " أو " خل التمر ". وعلى كل حال ؛ فجميع أنواع الخل فيها النفع والفائدة الطبية بإذن الله ، ولا بد من الرجوع إلى المراجع الطبية المعاصرة ، والأبحاث الغذائية المتخصصة للوقوف على فوائد الخل واستعمالاته ، وأما المقارنة بين أنواعها وجودتها فيرجع فيه إلى المختصين في علوم الغذاء . والله أعلم .
التوفيق بين النهي عن تخليل الخمر وبين حديث: "نعم الإدام الخل"
السؤال: جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه : ( نعم الإدام الخل ). وجاء في حديث أنس رضي الله عنه عن قصة الأيتام الذين ورثوا خمرا ونهى النبي صل الله عن تخليلها , ونهي عمر رضي الله عنه عن ذلك ما لم تتخلل من تلقاء نفسها ، وأمرهم بشراء الخل من غير المسلمين إن علم أنهم لم يقصدوا تخليلها ، - كما ذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ، ولا يجوز إضافة مواد أخرى لتخليلها ، ومعلوم أن الخل أصله خمر . فإن كان هذا الحال كما هو ظاهر : ١-لا يجوز تخليلها لأنها لا تكون خلا حتى تكون خمرا . ٢- لا يجوز شراؤها حتى من غير المسلمين ، لأنهم يقصدون تخليلها ابتداءا ، ولا يمكنهم تركها تتخلل بنفسها ، لأنها تأخذ وقتا طويلا ، والخمر أغلى ثمنا من الخل . ٣-سمعنا عن طريقة هي أن يضاف إليها مواد محمضة ، قبل أن تصبح خمرا . فيكف نوفق بين النهي عن تخليل الخمر وبين حديث نعم الإدام الخل .
الجواب : الحمد لله أخرج مسلم في صحيحه (2051) , والترمذي (1840) , وابن ماجة (3316) , عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صل الله عليه وسلم قال: نِعْمَ الْأُدُمُ - أَوِ الْإِدَامُ – الْخَلُّ ) . قال الخطابي في شرح الحديث : " معنى هذا الكلام الاقتصاد في المأكل ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة , كأنه يقول ائتدموا بالخل وما كان في معناه مما تخف مؤنته ولا يعز وجوده , ولا تتأنقوا في المطعم ، فإن تناول الشهوات مفسدة للدين مسقمة للبدن ". انتهى من " معالم السنن " (4 / 254) . والخل قد يصنع من غير الخمر , جاء في " الإنصاف " للمرداوي (1 / 320) " الخل المباح : أن يصب على العنب أو العصير خل قبل غليانه حتى لا يغلي نص عليه في رواية الجماعة " انتهى , وفي "مطالب أولي النهى" (1 / 230) " والخل المباح : أن يصب على العنب أو العصير خل قبل غليانه ، وقبل أن تمضي عليه ثلاثة أيام بلياليهن حتى لا يغلي ، نقله الجماعة عن أحمد " انتهى. وقد نص أهل العلم على أن الخل المقصود في الحديث السابق هو الذي لم يتخذ من الخمر , جاء في " تحفة الأحوذي " (4 / 399) وأما حديث " نعم الإدام الخل " , فالمراد بالخل: الخل الذي لم يتخذ من الخمر جمعا بين الأحاديث " انتهى. وإذا كان الخل قد صنع من غير الخمر ، فإنه حلال ، بلا خلاف , وهذا ما نص عليه علماء اللجنة الدائمة حيث قالوا " إذا كان الخل ليس أصله الخمر فلا إشكال في حله ؛ لأن كل عصير حمض يسمى خلا " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " الفتوى رقم : (3429). وإن تخللت الخمر بنفسها بأن صارت خلا فإنها تصير طاهرة مباحة . جاء في " الإنصاف " للمرداوي (1 / 319) " الصحيح من المذهب : أن الخمرة إذا انقلبت بنفسها تطهر مطلقا ، نص عليه , وعليه الجمهور , وجزم به كثير منهم " انتهى. وأما تخليل الخمر ومعالجتها ، بحيث تصير خلا ، فقد وقع فيه نزاع بين أهل العلم , وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الخلاف بقوله " أما التخليل ففيه نزاع ، قيل يجوز تخليلها كما يحكى عن أبي حنيفة ، وقيل: لا يجوز ؛ لكن إذا خللت طهرت كما يحكى عن مالك , وقيل يجوز بنقلها من الشمس إلى الظل وكشف الغطاء عنها ونحو ذلك ؛ دون أن يلقى فيها شيء كما هو وجه في مذهب الشافعي وأحمد , وقيل لا يجوز بحال , كما يقوله من يقوله من أصحاب الشافعي وأحمد , وهذا هو الصحيح ؛ فإنه قد ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم : " أنه سئل عن خمر ليتامى فأمر بإراقتها ، فقيل له : إنهم فقراء فقال : ( سيغنيهم الله من فضله ) ، فلما أمر بإراقتها ونهى عن تخليلها وجبت طاعته فيما أمر به ونهى عنه ، فيجب أن تراق الخمرة ولا تخلل , هذا مع كونهم كانوا يتامى ومع كون تلك الخمرة كانت متخذة قبل التحريم فلم يكونوا عصاة " انتهى من " مجموع الفتاوى " (21 / 483) . وعليه : فلا يجوز تخليل الخمر لما دل على ذلك من الأحاديث الصحيحة . واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه : إن خلل الخمر من يعتقد حلها كأهل الذمة ، أو خللها من يرى جواز تخليلها من المسلمين فحينئذ تصير خلا يباح استعماله . قال رحمه الله : " المشهور من المذهب : أنها إِذا خُلِّلَتْ لا تطهُر ، ولو زالت شدَّتُها المسكرة ... لأن زوال الإِسكار كان بفعل شيء محرَّم ، فلم يترتَّب عليه أثره . وقال بعض العلماء : إِنها تطهُر ، وتحلُّ بذلك ، مع كون الفعل حراماً ، وعلّلوا : أنَّ عِلَّة النَّجاسة الإسكار ، والإِسكار قد زال ، فتكون حلالاً . وقال آخرون : إِنْ خلَّلها مَنْ يعتقدُ حِلَّ الخمر كأهل الكتاب ؛ اليهود والنَّصارى ، حَلَّت ، وصارت طاهرة ، وإِن خلَّلها مَنْ لا تَحِلُّ له فهي حرام نجسة , وهو أقرب الأقوال ، وعلى هذا يكون الخلُّ الآتي من اليهود والنَّصارى حلالاً طاهراً ، لأنهم فعلوا ذلك على وجه يعتقدون حِلَّه ". انتهى من " الشرح الممتع" (1/433) بتصرف . وقال أيضاً : " لكن لو خلَّله من يعتقد حِلَّ التخليل ، من مسلم أو كافر ، فهل يحل؟ الصحيح أنه يحل ؛ لأن هذا انقلب خلاًّ على وجه مباح ، فصار مباحاً ، وعلى هذا فالخل الوارد من بلاد الكفار يكون حلالاً للمسلمين ؛ وإن كان مخللاً بفعل آدمي ، لأنه مخلل بفعل آدمي يعتقد تحليله ". انتهى من " الشرح الممتع" (10 / 182) . والله أعلم .
شرح حديث (نعم الأدم الخل) -
كتاب أدب الطعام باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح حديث (نعم الأدم الخل)
شرح حديث (ما عاب رسول الله صل الله علية وسلم طعاما قط..)
مقدمة اسلامية
الحمد لله العزيز الغفار، خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار، أرسى الجبال وأجرى الأنهار
وأنزل الغيث وأنبت الأشجار، سخر لنا الفُلك ومهد لها أمواه البحار وخلق الشمس والقمر وقلب الليل والنهار
صورنا فأحسن صورنا، وجعل لنا السمع والأفئدة والأبصار ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ (إبراهيم: 34) نحمده تبارك وتعالى حمد المتقين الأبرار ونعوذ بنور وجهه الكريم من خلق الأشرار ونسأله السلامة من دار البوار
ونرجوه أن ينير لنا الطريق فنتبين النافع من الضار وأن يجعلنا بفضله من المطهرين الأطهار
وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار الملك فوق كل الملوك القوي الجبار
المستوي على عرشه دون حلول أو مماسَّة أو استقرار العظمة رداؤه والكبرياء له إزار
ليس كمثله شيء، فلا تصل إلى كُنه ذاته العقول والأفكار اللطيف الخبير، فلا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار
السميع البصير فلا تحجب رؤيتَه الظلمات والأستار ويستوي في كمال سمعِه الجهر بالقول والإسرار
القادر على كل شيء وكل شيء عنده بمقدار المحيط بكل شيء؛ فلا هروب ولا فرار
التائب على كل نادم قد أثقلته الأوزار والباسط كف رحمته للمستغفرين بالأسحار، والمبشِّر للطائعين بعُقبى الدار
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المختار إمام المتقين والأبرار المسلَّم من العيوب والمطهَّر مِن الأوضار
المنصور بالرعب على مسيرة شهر في كل الأمصار إذا جاهد فالسيف في يده بتار، وإذا سالم استوى في أمانه المسلمون والكفار
إذا سئل شيئا أعطاه بغير انتظار، إذا سكت علاه البهاء والوقار وإذا تكلم خرج من فمه نور كنور الفجر وقت الإسفار
وإذا تبسَّم أشرق وجهه كشروق الشمس في وضح النهار إذا عرق فالريح أطيب من أريج الورود والأزهار، وإذا نام فالحرس ملائكة أطهار وإذا مشى سلَّمَتْ عليه الصخور والأحجار وإذا ركب سعَتِ الركائب باختيال وافتخار، وإذا جلس انحنت عليه لتُظِلَّه الأشجار أسري به عبر الفيافي والقفار، وعرج به فوق السحاب والبخار
وزج به على حظيرة القدس في بحر الأنوار فما زاغ البصر وما طغى بل رأى من آيات ربه الكبار
ومُنح ما منح من الكنوز والأسرار اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الأخيار
ما تعاقب الليل والنهار، وما دامت الشمس في فلكها والقمر في المدار
الحديث رقم 740 - 741 باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه
740 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما عاب رسول الله ﷺ طعاما قط إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه . متفق عليه
741 - وعن جابر رضي الله عنه أن النبي ﷺ سأل أهله الأدم فقالوا: ما عندنا إلا خل فدعا به فجعل يأكل ويقول: ( نعم الأدم الخل نعم الأدم الخل ) . رواه مسلم
الشرح
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه) والطعام: ما يطعمه من مأكول ومشروب والذي ينبغي للإنسان إذا قدم له الطعام أن يعرف قدر نعمة الله سبحانه وتعالى بتيسيره وأن يشكره على ذلك وألا يعيبه إن كان يشتهيه وطابت به نفسه فليأكله وإلا فلا يأكله ولا يتكلم فيه بقدح أو بعيب ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ما عاب النبي ﷺ طعاما قط يعني لم يعب أبدا فيما مضى طعاما ولكنه إن اشتهاه أكله وإلا تركه ولا يعيبه مثال ذلك رجل قدم له تمر وكان التمر رديئا فلا يقل هذا تمر رديء بل يقال له إن اشتهيته فكل وإلا فلا تأكله أم أن تعيبه وهو نعمة أنعم الله بها عليك ويسرها لك فهذا لا يليق كذلك إذا صنع طعام فقدم إليه ولكنه لم يعجبه فلا يعيبه ويقال له إن كان هذا الطبخ قد ساغ لك فكل وإلا فاتركه وأما في مدح الطعام والثناء عليه فذكر حديث جابر رضي الله عنه أن النبي ﷺ سأل أهله الأدم فقالوا: ما عندنا شيء إلا الخل والخل عبارة عن ماء يوضع فيه التمر حتى يكون حلوا فجيء إليه بالخل يأتدم به يعني يغط فيه الخبز ويأكله ويقول: (نعم الأدم الخل نعم الأدم الخل ) وهذا ثناء على الطعام لأن الخل وإن كان شرابا يشرب لكن الشراب يسمى طعاما قال الله تعالى: ﴿ فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني ﴾ وإنما سمى طعاما لأن له طعما يطعم وهذا أيضا من هدى النبي ﷺ أنه إذا أعجبه الطعام أثنى عليه وكذلك مثلا لو أثنيت على الخبر قلت نعم الخبز خبز فلان أو ما أشبه ذلك فهذا أيضا من سنة الرسول
التوفيق بين النهي عن تخليل الخمر وبين حديث: "نعم الإدام الخل"