منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة Empty
مُساهمةموضوع: عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة   عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة Emptyالأربعاء 10 يوليو 2013, 11:11 pm


عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة





نقف اليوم في رِحاب عَلَمٍ من أعلام المسلمين، وشخصيَّة من الشخصيَّات العظيمة، مع الرجل الذي لم يكن قِمَّةً في الزُّهد فحسب، ولا قِمَّة في العبادة فحسب، ولا قِمَّة في الوَرَع فحسب، وإنما كان قِمَّة في ذلك كلِّه، فكانت حياته قِمَمًا شامخة في كلِّ ذلك، مع الرجل الذي أقبلتْ عليه الدنيا بخيَلِها ورجلها، فأعرض عنها؛ رغبةً في النعيم الْمُقيم في جوار ربِّ العالمين، مع الرجل الذي كانتْ حياته معجزة، الرجل الذي ملأ الأرض عدلاً بعد أن مُلِئَت ظُلمًا وجورًا، إنه عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله تعالى.

المسلم الكريم:

عندما تقرأ قَصصَ المهتدين والعابدين تجدُ أنَّ نقطةَ التحوُّل في حياتهم كانت إمَّا بسبب موت قريبٍ، أو فجيعة في عزيز، أو كِبَر في السنِّ، أو مَرض زعزع كيانهم؛ حتى أفاقوا إلى رشدِهم.

لكن عمر بن عبدالعزيز كانت نقطةُ التحول في حياته يوم أن فُتِحَتْ زخارف الدنيا كلُّها بين يديه، يأخذ ما يشاء ولا يحاسبه أحدٌ إلا الله، هذه اللحظة التي تضعُف فيها النفوس كانت نقطة الاستفاقة في حياة عمر، فخاف أعظم ما يكون الخوف، وعدل أحسن ما يكون العدل، لقد خاف عمر ولم يكن خوفه إلا من الله، فلم يكن بينه وبين الله أحدٌ من الخَلْق يخشاه.

لذلك عندما وصل نبأُ موتِ الخليفة "عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه - إلى إمبراطور الروم الذي كان خَصمًا عنيدًا لدولة الإسلام، بكى بكاءً شديدًا أذهل حاشيته، فسألوه عن ذلك، فأجابهم بكلمات تُعتبر من أصدق وأجمع ما قِيل في تأبين الخليفة أمير المؤمنين - رضي الله عنه - حيث قال: ماتَ والله رجلٌ عادلٌ، ليس لعدله مثيلٌ، وليس ينبغي أنْ يَعجبَ الناس لراهبٍ ترك الدنيا؛ ليعبدَ الله في صومعته، إنما العجبُ لهذا الذي أتته الدنيا حتى أناختْ عند قدمه، فأعرض عنها.


ما رأيكم - أيها الناس - برجل يبكيه أعدى أعدائه؟!

وقال عنه مالك بن دينار - رحمه الله -: الناس يقولون عنِّي: زاهد، وإنما الزاهد عمر بن عبدالعزيز الذي أتته الدنيا فتركها.


فتعالَ - أخي المسلم - لنعيش وإيَّاكم مع بعض من مواقف هذا الرجل الذي ضرب فيها أروعَ الأمثلة في العدل ورَفْعِ الظلم عن الناس، وفي الزهد والوَرَع والخوف من الله، وكم نحن اليوم بحاجة إلى سماع مثل هذه الأخبار؛ لعلَّها تكون دافعًا لنا إلى التغيير.

الموقف الأول: أين المسلمون من عمر؟ وأين نساء الأمة من زوجته فاطمة؟

عندما تولَّى "عمر" الخلافة نَظَرَ في بيت مال المسلمين، ثم نظر إلى ما في يده، ثم نظر إلى ما في يد أمراء بني أُميَّة، فماذا فعل يا تُرى؟

بدأ بنفسه، فدعا زوجه فاطمة ابنةَ الخليفة عبدالملك بن مروان، وزوجةَ الخليفة عمر بن عبد العزيز، وأختَ الخلفاء الأربعة: الوليد، وسليمان، ويَزِيد، وهشام، هم خلفاء بحكم الوراثة، فسألها عمر سؤالاً، قال لها: اختاري يا فاطمة، قالت: أيَّ شيءٍ اختار يا أمير المؤمنين؟

قال لها: إما أن تختاري الذهب والجواهر والزُّمُرُّد ومتاع الدنيا، وإما أن تختاري عمر بن عبدالعزيز، نَعَمْ، خَيَّرَها عمر بين نفسه وبين ما تملك من زينة زُفَّتْ بها؛ لأنها بنت الخليفة.

فماذا قالت فاطمة؟ هذه السيدة المسلمة التي تربَّت في مدارس الإسلام، ونهلت من مناهل القرآن، قالت بلسان اليقين، ومنطق الحق المبين: والله لا أختار عليك أحدًا يا أمير المؤمنين، هذا ذهبي، وتلك ثياب زفافي المرصَّعة بالماس والزُّمُرُّد، ثم قالت: إلى أين تريد الذهاب بها يا عمر؟ قال: سأذهب بها إلى بيت مال المسلمين؛ لتكون للفقراء والمساكين!

الله أكبر، هذا هو العدل كله، وهذه هي النزاهة كلُّها، وهذا هو الزُّهد كلُّه، والإخلاص كلُّه.

يا عمر، إلى أين تذهب بجواهرها وذهبها وزينتها وثياب زفافها؟ إلى أين تذهب بهذا كلِّه يا عمر؟ إلى بيت مال المسلمين؛ لتكون للفقراء والمساكين !وإذا بفاطمة تقول بلسان يَقِينها: جعلني الله وإياك - يا عمر - فِداءً لله ورسوله.

وعندما مات عمر، وتولَّى الخلافة بعده "يزيد بن عبدالملك" أخو فاطمة، فقال لها: يا فاطمة، أنا أعلم أنَّ عمر أخَذَ مالك كلَّه، ووضعه في بيت المال، أتأذنين أنْ أعيدَه إليك؟ فقالت له بلسان الحقِّ: ماذا تقول يا يَزِيد؟! أتريد أن آخذَ شيئًا وضعه عمر في بيت مال المسلمين؟! فو الله الذي لا إله إلا هو، لن أعطيه حيًّا وأغضبه ميِّتًا أبدًا، وما غادرتْ بيتها قط بعد عمر، حتى وافتها المنيَّة - رضي الله عنها.

هكذا كان عمر، وإلى كمْ عمر نحتاج من الرجال في عصرنا هذا؟! وإلى كمْ فاطمة نحتاج من النساء؟!

ثم انقلب عمر بعد أن بدأ بنفسه إلى بني أُميَّة، فقطع كلَّ صلاتٍ كانوا يأخذونها وأعطياتٍ كانوا يستلمونها، نظر إلى بيت المال، فإذا اسمه بيت مال المسلمين، ليس بيتَ مال عمر، ولا بيت مال الأمراء، ولكن بيت مال المسلمين.

فكلُّ مال أُخِذَ من بيت مال المسلمين فدُفِع إلى أمير، قام عليه عمر فردَّه من حيث أُخِذ، واستشاط أمراء بني أُميَّة غضبًا، فأرسلوا إليه ابنَه عبدالملك، فقالوا: يا عبدالملك، إما أن تستأذنَ لنا على أبيك، وإما أن تبلِّغه عنَّا، قال: قولوا، قالوا: أخبِره أنَّ مَن كان قبله من الأمراء يعطوننا أعطيات ويصلوننا بصلاتٍ، وأنه قد قطعها عنَّا، مُرْهُ فليردَّها علينا، وأَبْلَغَ عبدالملك أباه المقالةَ، فقال: ارْجِع إليهم، فقل لهم: إن أبي يقول: إني أخاف إن عصيتُ ربِّي عذابَ يومٍ عظيم، إني أخاف إن عصيتُ ربِّي عذابَ يوم عظيم.

أرأيْتُم كيف حافظ عمر على أموال المسلمين؟ فيا  أصحاب الوظائف، يا أيُّها الأُمَنَاء على المسلمين، حافظوا على أموال المسلمين كما تحافظون على أموالكم، وخذوا الدرس والعِبْرة من ابن عبدالعزيز، واجعلوا شعاركم: "إني أخاف إن عصيتُ ربِّي عذابَ يوم عظيم".

الموقف الآخر: حال بيت عمر:

عاد سيدنا عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه - يومًا إلى داره بعد صلاة العِشاء، ولمح بناته الصغار، فسلَّم عليهنَّ كعادته، وبدلاً من أن يسارعْنَ نحوه بالتحيَّة كعادتهنَّ، رُحْنَ يتبادَرْنَ البابَ ويُغَطِّينَ أفْوَاهَهُنَّ بأَكُفِّهِنَّ، فسأل: ما شأنهُنَّ؟ فأُجِيب بأنه لم يكن لديهِنَّ ما يَتَعَشَّيْنَ به سوى عدس وبصل، فَكَرِهْنَ أن يُشَمَّ مِن أفَوَاهِهِنَّ ريحُ البصل، فتحاشَيْنَه لهذا، فبكى أمير المؤمنين، وقال يخاطِبُهُنَّ: يا بناتي، ما ينفعُكُنَّ أن تَعِشْنَ الألوان والأطايب، ثم يُذهَبُ بأبيكُنَّ إلى النار.

الله أكبر، بنات أمير المؤمنين، لا أقول: أمير العراق، أو أمير مصر، أو أمير الشام، إنما أقول: عمر بن عبدالعزيز الذي وصلتْ خيول الدولة في عهده إلى أبواب باريس غربًا، وإلي الصين شرقًا، ولم يكن لدى بناته ما يَتعَشَّيْنَ به سوى "عدس، وبصل".

لنقل على لسان أمير المؤمنين، لنقل لِمَن يملؤون بطونهم بالألوان والأطايب في نفس الوقت الذي تشكو عوائل كاملة الجوع على مقربة منهم، اعقلوا كلمات ابن عبدالعزيز، وتخيَّلُوا حال بنات خليفة يَتَعَشَّيْنَ العدس والبصل، وأبوهُنَّ خليفة لأكبر دولة!

لا نريد منكم أن ترفضوا الأطايب والألوان من الطعام والشراب، ولكن الْتَفِتُوا ولو بالشيء القليل إلى الأرامل والأيتام والمساكين؛ لتربحوا خيرًا عند الله.

بل في يوم من أيام العيد جاءت بناتُ عمر بن عبدالعزيز، وقُلْنَ له: يا أمير المؤمنين، العيد غدًا، وليس عندنا ثياب جديدة نَلْبَسُها - بناته يوم العيد لا يَجِدْنَ ثيابًا يَلْبَسْنَها - فماذا كان ردُّ أمير المؤمنين عليهِنَّ؟ - نظر إليهنَّ، وقال :يا بناتي، ليس العيد من لبس الجديد، إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد!

فقال له وزير ماليته: يا أمير المؤمنين، ما ضرَّ لو صرفنا لك راتبَ شهرٍ مُقَدَّمًا، فنظر إليه عمر نظرةَ غضبٍ، تكاد من شدة غضبها أن تهتكَ حِجاب الشمس، وقال له: ثكلتك أُمُّك، هل اطلعت على علم الغيب، فوجدتني سأعيش يومًا واحدًا بعد الآن، صدقت يا أمير المؤمنين، هل يوجد هذا اليقين عند المسلمين في دنيا اليوم؟! هل يتذكرون قول الله - تعالى -: ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].

إذًا ليكنْ يقينُنا كما قال ابن عمر: "إذا أصبحت، فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت، فلا تنتظر الصباح".

الموقف الآخر : تذكر قدرة الله عليك:

كتب عمر - رضي الله عنه - إلى أحد وُلاتِه موعظة، فقال: أمَّا بعد، فإذا دَعَتْكَ قدرتُك على الناس إلى ظلمهم، فاذكر قدرةَ اللهِ عليك في نفاد ما يأتي إليهم، وبقاء ما يُؤْتَى إليك.

واسمعوا إلى هذا الموقف العظيم:

يقتحم ذات يوم رجلٌ من عامة الناس مجلسَ أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز، ويتهجَّم على أمير المؤمنين بكلمات تثير غيظ الحليم، فماذا تظنون من عمر أن يفعل؟

والله تحدِّيان رهيبان مخيفان يَعصفان به في وقتٍ واحدٍ؛ التحدي الأوَّل: هو اعتداء من رجل عادي على خليفة، وعلى أمرٍ باطلٍ وليس على حقٍّ، والثاني: مقاومة إغراء الشيطان بالانتقام الآني من أَجْل هيبة الخلافة على أقل تقدير.

ولكن لابن عبدالعزيز في هذا الموقف وقفةٌ شامخة؛ لينبِّه المسلمين من خلالها إلى خُلُق الحِلْم، ويذكِّرهم بقوله - تعالى -: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

قال عمر لهذا الرجل: لعلَّك أردتَ أن يستفزني الشيطان بعزَّة السلطان، فأنال منك اليوم ما تتقاضاه منِّي غدًا عند الله، ولكن قُمْ، عفا الله عنك!

فأين المسلمون من هذه الأخلاق؟! أنا أدعو المسلمين من خلال هذا الموقف، ليكنْ شعارنا مع من أخطأ وأساء في حقِّنا: قُمْ عفا الله عنك!

وأختم كلامي بهذا الموقف الرائع:

لما حضرته الوفاة، ذهب بعض الأصحاب ليعودوه، وكان عمر قد ترك من الأولاد خمسة عشر ولدًا، فقالوا له وهو يعالجُ سكرات الموت: ماذا تركت لأولادك يا أمير المؤمنين؟ كم مليارًا في بنوك أوروبا؟ كم مليارًا في بنوك أمريكا ؟ ماذا تركت لأولادك الخمسة عشر؟ كم قصرًا؟ كم طيارة؟ كم عمارة؟ كم سيارة؟ كم تركت لأولادك؟ وإذا بأمير المؤمنين يجيب بكلمة واحدة: تركت لهم تقوى الله!

لا إله إلا الله، كيف يا أمير المؤمنين؟! فيقول أمير المؤمنين: إن كانوا صالحين، فالله يتولَّى الصالحين، وإن كانوا غير ذلك، فلن أترك لهم شيئًا يستعينون به على معصية الله.

وإذا بعمر يصدر الأمر إلى زائريه بالانصراف فورًا؛ ليتركوه وحدَه على فراش الموت، وتدخل عليه فاطمة الوفيَّة، الأمينة، الزاهدة، بنت الخلافة، ولكنها رَمَتِ الدنيا كلَّها وراء ظهرها، تدخل عليه وهو في السكرات، فيقول لها: يا فاطمة، اخرجي الآن؛ فإنني أرى خَلْقًا يزاحمون عليَّ مكاني هذا، أرى خَلْقًا غريبًا ذوي أجنحة لم أرهم قبل الآن، اخرجي يا فاطمة، اخرجي يا فاطمة، آن للغريب أن يرى حماه، آنَ للغريب أن يرى رباه، آن للغريب أن يعودَ إلى دار البقاء، اخرجي يا فاطمة؛ إن هناك أجسامًا نورانيَّة ذوي أجنحة؛ مثني، وثُلاث، ورُباع، اخرجي يا فاطمة، فإن الرُّوح تُزَف؛ لأنها ستصل إلى خالقها الأعظم، ستكون في ضيافة الرحمن؛ ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر:27 -30].

إن عمر وهو في ساعة الاحتضار كان يرتِّل آيةً واحدة في كتاب الله، ختم بها سِجِلَّ حياته، هذه الآية هي قوله - تعالي -: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83].

قال مالك بن دينار - رحمه الله -: لما وَلِيَ عمر، قالت رُعاة الشاة في ذروة الجبال: من هذا الخليفة الصالح الذي قد قام على الناس؟ فقيل لهم: وما علمكم بذلك؟ قالوا: إنا إذا قام على الناس خليفة صالح، كَفَّت الذئاب والأُسْد عن شِيَاتِنا.

وقال حسن القصار - رحمه الله -: كنت أحلب الغنمَ في خلافة عمر، فمررت براعٍ وفي غنمه نحو من ثلاثين ذئبًا حسبتهم كلابًا، ولم أكن رأيتُ الذئابَ من قبل، فقلت: يا راعي، ما ترجو بكل هذه الكلاب؟ فقال: يا بُني، إنها ليست كلابًا، وإنما هي ذئاب، يا بُني، إذا صلح الرأس، فليس على الجسد بأس.

فرحم الله عمر رحمة واسعة، وجزى الله عمر عن الإسلام والمسلمين خيرَ الجزاء، كما نسأله - جل وعلا - أن يجعلَ فَرجَ هذه الأمة بأمثال عمر، اللهم آمين.

أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله.






رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/21572/#ixzz2YfvqXEnm


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأربعاء 10 يوليو 2013, 11:23 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة Empty
مُساهمةموضوع: رد: عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة   عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة Emptyالأربعاء 10 يوليو 2013, 11:13 pm

خطبة لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله





قال أبو الحسن: حدثنا المغيرة بن مطرف، عن شعيب بن صفوان، عن أبيه قال: خَطب عمرُ بن عبدالعزيز بخُناصرة خُطبةً لم يَخْطب بعدها حتَّى مات رحمه الله؛ حَمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

"أيها الناس، إنكم لم تُخْلقوا عَبَثًا، ولم تُتركوا سُدًى، وإنَّ لكم معادًا يحكم الله بينكم فيه، فخاب وخَسِر مَن خَرج من رحمة الله التي وَسِعَت كلَّ شيء، وحُرم جَنَة عرضها السماواتُ والأرض.

واعلموا أنَّ الأمان غدًا لمن يخاف اليوم، وباع قليلاً بكثير، وفانيًا بباقٍ، ألا تَرَوْن أنكم في أصلاب الهالكين، وسَيخلفها مِن بعدكم الباقون، حتى تُرَدُّوا إلى خير الوارثين.

ثم إنِّكم في كُل يوم تشيِّعون غاديًا ورائحًا إلى الله، قد قَضى نَحْبَه، وبَلغ أجَلَه، ثم تغيِّبونه في صدْعٍ في الأرض، ثم تَدَعُونه غير مُوَسَّد ولا مُمَهَّد، قد خَلَع الأسباب، وفارق الأحباب، وواجه الحساب، غنيًّا عما تَرك، فقيرًا إلى ما قَدَّم.

وايم الله، إني لأقول لكم هذِه المقالة وما أعلم عندَ أحدٍ منكم من الذنوب أكثرَ مِمَّا عندي؛ فأستغفر الله لي ولكم، وما تَبْلُغنا حاجةٌ يتَّسع لها ما عِنْدنا إلا سَدَدْناها، ولا أحدٌ مِنكم إلا وَدِدْت أنَّ يَده مع يدي ورحمي الذين يلونني، حتى يَسْتوي عيشُنا وعيشُكم.

وايم الله، إني لوْ أرَدتُ غيْرَ هذا من عيش أو غضارة لكان اللسانُ به ناطقًا ذَلُولاً عالمًا بأسبابه، ولكنَّه مَضى من الله كتابٌ ناطقٌ وسُنَّةٌ عادلةٌ، دلَّ فيهما على طاعته، ونَهى عن مَعْصيته... ".

ثم بَكى، فتلقَّى دُموعَ عَيْنَيْه بردائه ونَزل، فلم يعُد بعدَها على تلك الأعواد حتى قَبَضَه الله تعالى. 




رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/2847/#ixzz2YfwTPNlm
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة Empty
مُساهمةموضوع: رد: عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة   عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة Emptyالأربعاء 10 يوليو 2013, 11:16 pm




 
في رحاب عمر بن عبدالعزيز



إخوة الإيمان:

ما أروعَ الحديثَ حينما يكونُ عن الإصلاح! وما أجملَ الكلماتِ حينما تدور حولَ المُثُل والعدل! ولكن أروع من ذلك وأجمل أن نرى المُثُل والعدلَ رجالاً، والإصلاح فعالاً، أن نرى ذلك كله في شخصياتٍ عاشتْ ذلك واقعًا ملموسًا، وشاهدًا محسوسًا.

نقف - إخوة الإيمان - مع عَلَمٍ من أعلامِ الدنيا، وشامةٍ من شاماتِ الإسلام، مع عَلَمٍ أدهشَ التاريخ، وأذهلَ البَشَريَّة، إذا ذُكِر العدلُ تَلأْلأَتْ مَسَامتُه، وإذا ذُكِرَ الزُّهْد رَفْرَفَتْ رايتُه، وإذا ذكر الخوف تَأَلَّقَتْ نساكتُه، وإذا ذُكر الإصلاحُ والإصلاحيون كان هو أوَّلَهم، وحامل رايتهم؛ لقد كان بحقٍّ عَالَمًا في فرد، فأصبحَ بعد ذلك فردًا في العالَم، نحن اليوم في رحاب ابن عبدالعزيز الأغر، في رحاب ابن عبد العزيز عمر.

ذاك الرَّجُل الذي كان نَبَؤُه عَجَبًا، فماذا عسانا أن نأخذَ من سيرتِه؟ وماذا ندع؟

ذاك الرجل الذي كان دعاتُه يسيحيون في الأمصار: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ حتى أغنى كل هؤلاء.

ذاك الرجل الذي كان عُمَّالُه يطوفون مملكتَه؛ يحملون الزكاة فلا يجدون من يأخذها.

ذاك الرجل الذي عمَّ في عهده الأمنُ والأمان، فهدأت الثورات، وصلح المعاش، واختفتْ مظاهرُ الظُّلم، وغابت مَعالِمُ الفِسْق، وازدانت الأرض بعدْلِه وصلاحِه وإصلاحه.

إن سألتمْ عن سرِّ عظَمَةِ عمر، وندرةِ تَكرارِ شخصية عمر، فهو ذاك التَّحَوُّل العجيب في حياته؛ لقد كان ابن عبدالعزيز قبل الخلافة يعيشُ حياةَ البَذَخِ والتَّرَف، فكان يمتلك أعلى القُصُور، وتُضَمَّخ ثيابُه بأغلى العُطُور، وَيركَبُ أحسنَ المراكب، ويَلْبَسُ أبْهى الحُلل، حتى قال عن نفسه: ما لبسْتُ ثوبًا قط، فَرُئِي عليَّ، إلاَّ خُيِّلَ إليَّ أنه قد بَلِي.

هذا الرجلُ المُتْرَفُ الذي بلغَ في المظهريةِ غايتَها، تَحَوَّلَ منَ النقيضِ إلى النقيض، من الغِنى الفاحش إلى الزُّهْد المعضل.

لم تتغَيَّرْ حالُه بسبب موتِ قريب، ولا بفجيعةٍ لعزيز، ولا أنه قد كبر في السِّنِّ، أو اعتلَّه المرض، كلاَّ، لقد كانتْ نقطةُ التحوُّلِ في حياةِ عمر أن تولَّى الخلافة، فأصْبَحَتْ خزائنُ الدُّنيا بحذافيرها بين يديه في هذه اللَّحظة، التي تضعف فيها النُّفوس، كانت نقطة الاستقامة والتحوُّل في حياة عمر.

عندها غيَّر عمر مسار حياته؛ لأنه تَيَقَّن أنَّه قد تَحمَّلَ حِملاً عظيمًا كبيرًا، فَرفَضَ أطايبَ الحياةِ ومناعمها، ولاذَ بِتَقَشُّفٍ وشَظَفٍ، لا يَكاد يُطاق.

بدأ ابن عبدالعزيز خلافته بإصلاح مملكتِه، فبدأ بنفسِه، فنظَر إلى ثروتِه، فرأى أن ذلك ثراء حَصَّلَه من بيت مال المسلمين، فباعَ ما يملك، وردَّه في بيت المال، ثم غدا على زوجته فاطمة بنت عبدالملك، ابنة الخليفة، وزوجة الخليفة، وأخت الخليفة، والتي قال فيها الشاعر:

بِنْتُ  الخَلِيفَةِ  وَالخَلِيفَةُ   جَدُّهَا        أُخْتُ الخَلاَئِفِ وَالخَلِيفَةُ زَوْجُهَا


غدا إليها فخيَّرها بين ثَرَائِها وحُليِّها، وبين أن تَبْقَى معه، فاختارتْ زوجَها، وتَخَلَّت عن كلِّ حُليِّها وأموالِها إلى بيتِ المال، ثم كَتَبَ إلى بني عُمُومته من أمراءِ بني أُمية فوعَظَهُم، وذكَّرهم أن يردُّوا الأموال إلى خزائنِ الدولة، ثم قَطَعَ عنهم كلَّ صلاتٍ كانوا يأخذُونها، وهدايا كانوا يستلمونها، وأبلغهم برسالةٍ واضحةٍ أن الناس في سُلطانِه سواء، ثم التَفَتَ إلى الوزراء والقادة والعمَّال، فعزلَ مَن ليسوا أهلاً للمناصب، ثم تَخَيَّر من رعيتِه مَن يثقُ في دينِه وأمانتِه، ويعرفُ قوَّتَه وأهليَّته، فعينَهم تلكَ المناصب، وأرفقهم برسائل يذكِّرهُم فيها بِعِظَم ما تحمَّلوه، وأمانة ما كلفوا به.

وأثارتْ تَصرُّفات عمر وحِفْظه للمالِ العامِّ بعضَ أقاربه، ممَّن عاشوا على الأعطياتِ والمخَصَّصات، فأرسلوا من يُبَلِّغُه غضبَهم، وعدمَ رضاهم عنه؛ فكان جوابُ عمرَ للرسول: قل لهم: إن عمرَ يقول: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام: 15].

أتاه عنبسةُ بن سعيد أحد بني عُمُومته، وكان سليمان بن عبدالملك قد أَمَر لَه بعشرينَ ألف دينار، فمات سليمان قبلَ أن يقبضَها، فأتى عنبسةُ يرجو من عمرَ أن يمضي عطاء سليمان، فلما جلس إليه، قال: يا أمير المؤمنين، إنَّ أقاربَك وبني عمك يشتكونك، قال: وما ذاك؟ قال: يذكرون أنَّك لا تُعطيهم كما يُعطيهم الخلفاء قبلك، قال: يا عنبسة، إن مالي لا يتَّسع لهم، فأَقسمه بينهم، قال: يا أمير المؤمنين، إنهم لا يسألونك من مالك، ولكنْ يسألونَك من بيتِ المال، قال: مِن بيتِ المال يسألونني؟! والله، ما هُم ورجلٌ في أقصى المغربِ في بيتِ المالِ إلا سواء. قال: يا أمير المؤمنين، إن سليمان قد أَمَر لي بعشرين ألفًا، وإنه مات قبلَ أن أَقْبِضَها، وأنت أحقُّ من أَمضى عطاءه، فانْتَفَضَ عمر، وقال: لا والله، لا أُعْطِيكها أبدًا، فقام عنبسة يائسًا منه. فلما وصل الباب ناداه عمر، قال عنسبة: فحدَّثتُ نفسي، وقلتُ: ذكر أمير المؤمنينَ قرابتي، وسابقَ صَداقَتي، فأشفَقَ عليَّ، وَرَجَع عما كان قاله. قال: فلما أتيتُ إليه، قال: يا عنبسة اذْكُرِ الموتَ؛ فإنه ما ذُكِرَ في قليلٍ إلا كثَّره، ولا ذُكِر في كثيرٍ إلا قلَّله، ثم انصرف عنبسةُ من مجلس عمر، بعد أن أخذ من عمر عطاء، ولكن من المواعظ التي تحيي القلوب.

نعم، لقد استشعر عمر بن عبدالعزيز الأمانة، فخافَ، فَعَفَّ، فَعَدَل.

كان همُّه الذي عاشَ له: كيف يَعيشُ الناسُ حياةَ الكرامةِ والإيمان؟ فكان قلبُه مع كلِّ يتيمٍ وفقيرٍ، وكل أرملةٍ ومسكينٍ وأسير، كان هؤلاءِ كلُّهم قابعين في ضَمِيره، تَتَلَجْلَجُ حاجاتُهم في داخلِه.

كان يستشعرُ حقًّا وصِدقًا شكواهم، وأنينهم، وبؤسَهم، وحنينَهم، أمسى ذاتَ ليلة فصلَّى ركعتين، ثم أطفأ سراجه، فجعل يبكي ويبكي طوال ليلته إلى أن بَزَغَ الصبح!! فسألتُه زوجه: يا أمير المؤمنين، أَأَمْرٌ أَلَمَّ بكَ، أم ماذا دهاك؟ فأجاب الرجلُ - الذي نَصبَ خوفَ الله أمام عينيه -: قال: إنِّي تذكرتُ البارحة رعيتي، فتذكرتُ الأسيرَ المقهور والفقير المحتاج، والمريض الضائع، واليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، وذا العيال الكثير والمال القليل، فعلمتُ أن ربِّي سائلي عنهم، وأن محمدًا - صل الله عليه وسلم – حجِيجي فيهم، فخشيتُ ألا يقومَ لي أمامَ الله عُذْر، ولا يثبت لي أمامَ رسولِ الله حُجَّة، فَخِفْتُ على نفسي، فذاك الذي أبكاني.

حدثتْ زوجُه فاطمةُ فقالتْ: كان عمر يَذكر اللهَ على فِراشِه، فينتفضُ كما ينتفضُ العصفور، ثم يستوي جالسًا يبكي، حتى إنِّي لأخاف أن يصبحَ المسلمون، ولا خليفة لهم.

سُئِلَتْ زوجه عن عبادته، فقالتْ: والله ما كان بأكثر الناس صلاة، ولا أكثرهم صيامًا، ولكني والله ما رأيتُ أحدًا أخوف لله منه.

كان عمر يذكر الآخرة؛ فإذا ذَكَرَهَا فكأنما هو رجلٌ وقف على شفيرِ جهنَّم، فرآها يحطم بعضُها بعضها، فقيل له: هذه دارُ الظالمين، ثم رُدَّ إلى الدُّنيا، فهو يخافُها خوفَ مَن رآها رأي العين.

خطب الناس يومًا فقرأ: {وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالأُولَى * فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 13 - 14]، فتَلَجْلَجَ لسانُه، واشتدَّ بكاؤُه، ولم يستطعْ إكمال خطبته.

بكى ليلةً في بيته، حتى بكتْ زوجُه لبُكائه، وبكى أهلُ الدار لبكائهما، لا يدري هؤلاءِ ما أبكى هؤلاء، فلما تجلَّت العبرةُ عنهم، سألتُه زوجه: ما يُبكيك؟ قال: ذكرتُ منصرفَ الناس بين يدي ربِّ العالمين، فريقٌ في الجنةِ، وفريقٌ في السعير.

أما زُهْدُه - رحمه الله - فما ظنُّكم برجلٍ أتتْه الدُّنيا، تَتَهَادَى فأَعْرَض عنها، وهو قادرٌ على أن يأخذَ ما يشاء منها، كانت مملكتُه من الهندِ إلى المغرب، ومن تركيا إلى اليمن.

ومع ذلك ما عاش كما يعيش الناس؛ بل عاشَ كما يعيشُ أقلُّ الناس، لقد تحوَّل عمر من الفراشِ الوثير إلى بساط الحصير، ومنَ الجبين الرقيق إلى الوجه الشاحب، ومن ثوبِ الحرير إلى القميص الخشن، فعل ذلك كله عن طوعِه واختياره وإرادته.

كان يخطبُ الناس، فينظرُ الناظرُ إليه؛ فإذا كلُّ بدنه وثيابه تقوَّم باثني عشر درهمًا.

دَخَلَ عليه يومًا محمد بن كعبٍ القُرظي، فجعل يُقلِّبُ النظرَ فيه، فليس هذا عمر الذي قد رآه قبل الخلافة، لقد عرف محمدٌ عمرَ، ليِّن العيش، زاهي الثياب، ناعم البشرة؛ فإذا هو يرى رجلاً شاحب الوجه، نحيل البدن، خشن الملمس.

فجعل محمد بن كعب يتعجَّب مما رأى، فَفَطِنَ عُمَر وقال: مالك يا كعب؟ قال: عجبتُ يا أميرَ المؤمنين من تَغيُّرِ حالك!

قال: يا محمد، لو رأيتني بعد ثلاثٍ من دفني، وقد سالتِ العينان، وانخَسَفت الوجنتان، وعاثَت في الجوفِ الدِّيدان - لكنتَ من حالي لحالي أشد عَجَبًا، وكنت أعظمَ إنكارًا، فتأثَّر محمد بن كعب مما سمع، حتى غطَّى وجهه وبكى.

أتتْ إلى عمر امرأة منَ العراق؛ تشكو ضعفَها، وكثرةَ بناتِها، فلما دخلت دارَه قلبتْ طرفها فيه، فإذا هي ترى دارًا وضيعة، وهيئةً متواضعة، فجعلتْ تَتَعجَّبُ مما ترى.

فقالتْ لها فاطمة زوجة عمر: ما لكِ؟ قالتْ: لا أراني إلا جئتُ لأعمر بيتي من هذا البيتِ الخراب، فقالت لها فاطمة: إنما خرَّب هذا البيتَ عِمارةُ بيوتِ أمثالك.

معاشر المؤمنين: 

وعَرَف عمر قدْرَ نفسه، فكان يَزْدَريها ويحاسبها على كلِّ صغيرٍ وحقيرٍ، عرف عمر قدْر نفسه، فتزيَّن بالفعال، ولم يكترث بالمدائح والأقوال، فما كان يطربُه الثناء، ولا يستهويه الإطراء؛ لذا كانت بضاعةُ الشُّعراء والمدَّاحين كاسدةً في زمن عمر.

دخل عليه جرير الشاعر المشهور، فَقَلَّبَ له وُجوه القول، فلم يلتفتْ إليه عمر، فخرج من عنده وهو يقول: أتيتُ من رجلٍ يُعطي الفقراء، ولا يُعطي الشعراء.

ويوم أنْ بارَتْ بضاعةُ المَدَّاحين والأَكَّالين، راجتْ عندئذٍ بضاعةُ الناصحين منَ العلماءِ والفقهاء، فكانوا هم بطانةَ عمر وجلساءه، وكانت أفعالُ عمرَ وقرارتُه ترجمانًا لنصحائهم وتوجيهاتهم، كان حديثُ الخليفةِ مع خاصتِه وبطانته ليس حديثًا عن إنجازاته ومآثره، وإنما كان حديثُه وحديثُهم لا ينفك من ذكرِ الموتِ، والقبرِ، والدارِ الآخرة.

قال عطاء: كان عمرُ يجمعُ في بيته كل ليلةٍ الفُقهاء؛ فيتذاكرون الموت والقيامة، ثم يبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة.

عباد الله:

ومِن ملامح شخصية عمر:

أنه كان كثير الصَّمْت، دائم التَّفكير، ولكن كان إذا تَكَلَّم أعجب السامعين ببلاغتِه وفصاحتِه وبيانِه، حتى لكأنما كلماتُه تخرجُ مِن مشكاة النبوة، ولذا فلا عجبَ أن حُفظتْ كلماتُه، ودوِّنتْ عباراتُه، لا لأنَّها منَ الخليفة، وإنما لِمَا فيها منَ العِبَر والحِكْمة.

ومن مأثور قوله:

"إنَّ الليل والنهار يعملان فيك، فاعْمَلْ فيهما".
وقال: "أيُّها الناس، أصلحوا سرائركم تَصْلُح علانيتُكُم، واعملوا لآخرتكم تكفوا دُنياكم".
وقال: "قيِّدُوا النِّعَمَ بالشُّكر، وقيِّدوا العلم بالكتابة".
وقال: "ملاقاةُ الرجال تلقيح للألباب".
وقال: "ليس الأحمقُ من بَاع آخرتَه بدنياه، الأحمقُ من بَاع آخرتَه بدينا غيره".

إخوة الإيمان:

ولما كانت هذه سيرةَ عمر، وهذا عدله، وهذا خوفه - فاضَ المال، وكَثُرَ الخير، وعَمَّت البَرَكة، ولهج المسلمون له بالدُّعاء والثناء، حتى إن غير المسلمين تعجَّبوا، وأُعجبوا بحياةِ عمر؛ ذكر ملكُ الرومِ لويس الثالث عمر بن عبدالعزيز، فقال: لو كان رجلٌ يُحيي الموتى بعد عيسى، لكان عمر.

والله لا أعجب من راهب جلس في صومعته، وقال: إني زاهد، ولكني أعجبُ ممن أَتَتْهُ الدنيا حتى أنَاختْ عند قدمِه، فأعرض عنها.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الأَلْبَابِ} [يوسف: 111].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...



الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطفى، وعلى آله وصحبه، ومَن اجتبى، أما بعدُ:

فيا إخوة الإيمان:

وما زال عُمر مَرْضِيَّ السيرة، محمود الطريقة، محبوبَ الرعية، حتى أتاهُ أمرُ ربِّه الذي لن يُخطئ أحدًا منَ البَشَر، فقد باغته المرضُ، ولازَمَه الوجعُ أيامًا عدة، فحان وداعه، ولاحَ فراقُه، فدخلَ عليه في آخرِ لحظاتِه مسلمةُ بن عبدالملك، فقال: يا أميرَ المؤمنين، إنه قد نَزَلَ بك ما أرى، وإنك قد تركت صبية صغارًا لا مال لهم، فأوصِ بهم إليَّ، أو اقسم لهم من المال، فقال عمر: ادعُ لي بَنيَّ، فجِيء بهم، وكانوا بضعةَ عشر صبيًّا، أتى بهم إلى عمر كأنهم أفراخ.

فنظر إليهم بحنان الوالد، وعطف الأبوَّة، نَظَرَ إلى ضعفِ الطفولة وبراءتِها، فلم يتمالك عمر دمعاته، وهي تتحادر من عينيه، ثم قال: يا بني، إنِّي قد تركتُ لكم خيرًا كثيرًا، فإنكم لا تمرُّونَ بأحدٍ من المسلمين، أو أهلِ ذمَّتِهم إلا رأوا أن لكم عليهم حقًّا، إن ولِيِّي عليكم الذي نزَّل الكتابَ، وهو يتولَّى الصالحين.

ثم قال: اصرفوهم عنِّي، فجعلَ عمرُ يبتهل إلى الله ببكاء صامت، ودعاء خاشع، يقول: "رباه، أنا الذي أمرتني فَقَصَّرت، ونَهيتني فعصيتُ؛ فإن غَفرتَ فقد مَنَنْتَ، وإن عاقبتَ فما ظلمْتَ".

ثم بعدها نزل الموت، وحضر الأجل، وحان الاحتضار، نزل الموت الذي طالما أفزع عمر، وأقلقه، وحركه، نزل بعد طولِ استعداد، وطولِ عمل، ثم فتح عمرُ عينيه، وأحدَّ نظره، ثم قال: إني لأرى حضرةً، ما هم بإنس ولا جانٍّ!! ثم حَرَّك شفتيه، فسمعوه يقول: {تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83]، وأسلم عمرُ الروحَ إلى باريها. قال: "وحال رأسٌ طالما أثقلتْه هموم أمَّته، واسترخت يدان طالَما قامتا بأمر الله، وأُغمضت عينان هَطَلَتَا مِن خشية الله".

وودَّع عمرُ الأمَّة الإسلامية، ودعها بعد أن أشبعَ الجائعين، وأمَّن الخائفين، ونصر المستضعفين، ودع عمر الأمة بعد أن وَجَدَ فيه اليتامى أبًا، والأيامى كافلاً، والتائهون دليلاً.

ذهب عمر وقد حَقَّق للأمة العدل والأمان، والأمن والإيمان، والسكينة والاطمئنان، حقَّق ذلك كله ليس في عشرين أو ستين سنة، ولا عشر سنين، ولكن في سنتين، وخمسة أشهر وبضعة أيام.

فسلامٌ على عمر في الصالحين، سلامٌ على عمر في العادلين.

تلك - عبادَ الله - طرفٌ من سيرة عمر، وشيءٌ من خبره وأخباره.

وَاللهِ مَا ادَّكَرَتْ رُوحِي لِسِيرَتِهِ        إِلاَّ  تَمَنَّيْتُ  فِي  دُنْيَايَ   لُقْيَاهُ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة Empty
مُساهمةموضوع: رد: عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة   عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة Emptyالأربعاء 10 يوليو 2013, 11:20 pm




 
فاطمة.. في اليوم التالي؟!

كان عبدالملك بن مروان، الخليفة الأموي، كلما نظر إلى ابن أخيه (عمر بن عبدالعزيز)، أحس في قلبه فورة من الاعتزاز والسرور، لتلك الطلعة البهية، ذات الشجة التي جاءته بنبوءة الخلافة العادلة، والطول الفارع يضفي عليه وقارًا وهيبة وتقديرًا لا حدود له، فيدنيه منه، ويسأله عن أحواله، ويستشيره في أمور الدولة لرجاحة عقله، واستواء حجته!

وزاد في إعجابه به: صدقُه وصراحتُه وجرأتُه في مراجعة أمير المؤمنين، فيما لا يقدر أحد عليه، إلا هذا الفتى الأموي!!

لقد نشأ عمر في أحضان مدينة رسول الله - صل الله عليه وسلم - وتتلمذ في بيت عبدالله بن عمر بن الخطاب، بيت الفاروق، علامة العدل والغيرة على دين الله الفارقة في تاريخ الإسلام.

وفي بيت والده نهل من العلم والفقه والتربية الحسنة ما جعل منه الفتى الأموي الذي يسبق عصره، فلا يجالس إلا الشيوخ، ولا يعرف إلا الجد، وعلوم العصر، والتقى..!

كان أمير المؤمنين يجلس وحوله سماره ومنهم عمر بن عبدالعزيز، ويسألهم عبد الملك: كيف يختار الأب زوجًا خيرًا لابنته؟، فتحدث كل واحد برأيه، وأخذ عمر يفكر في فاطمة ابنة عمه، لكنه أبعد هذا الخاطر من نفسه، (فقد يكون عبدالملك أبقى تلك الفتاة الراجحة العقل.. الذكية والجميلة، لأحد شباب البيت الأموي من أمراء البلدان الغنية)!

وينتبه عمر من خواطره.. وعمه عبدالملك يقول: يعجبني قول الحسن البصري لما جاءه مَنْ يسأله: (إن لي بنية؛ فمن ترى أن أزوجها؟! قال الحسن: زوجها ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يُهنها).

التفت عبدالملك، بعد ذلك إلى عمر وقال: (يا ابن أخي قد زوجك أمير المؤمنين ابنته فاطمة)!

ولم يصدق عمر نفسه، واعتقل الفرح لسانه لحظة، ثم قال: (وصلك الله يا أمير المؤمنين، لقد كفيت المسألة، وأجزلت في العطية)!

جهزها والدها بأفخر الثياب، وكان ثوب عرسها من الحرير المنسوج بخيوط الذهب، والمرصع بالجواهر، وأهداها جواهر نفيسة بمائة ألف دينار!.

وبنى لها قصرًا في ضاحية من ضواحي دمشق، قضى فيها العروسان أجمل أيام عمرهما، لكن ذلك كله ما كان ليشغل عمر عن مجالس عمه، والسماع منه، والإشارة بما ينفع الناس!

ويتولى الوليد بن عبد الملك خلافة المسلمين، ويرسل عمر بن عبدالعزيز.. واليًا إلى مدينة رسول الله!

ويحمل الأمير الجديد متاعه وكتبه وثيابه وعطره على ثلاثين بعيرًا.. وأناخت القافلة في (قصر مروان) في المدينة المنورة، ويفرح أهل المدينة فرحًا عظيمًا لهذا الوالي الذي عرفوه صغيرًا يجالس الشيوخ، ويتعلم الفقه، ويتربى في بيت عبدالله بن عمر!

ويطلق عمر سجناء الرأي من السجون!

ويجمع من أهل المدينة مجلسًا لا يقطع أمرًا إلا بمشورته!

ويرفع عنهم المظالم.. ويقتص لهم من أميرهم السابق..

ولا يزال ينكر على أمراء الأمصار مظالمهم، وسفكهم الدماء وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف في العراق!

ويصله كتاب أمير المؤمنين أن يكون أميرًا على الحج عامه هذا، ويتأهب عمر لزيارة مكة... البلد الحرام، ويرى ما فيه الناس من ضيق، وحاجة، فقد انحبست الأمطار وقلت الأرزاق!

وإلى ظاهر مكة يخرج عمر ومعه الناس، ويدعو ربه ويصلي صلاة الاستسقاء، وتنزل الأمطار غزيرة، ويفرح الناس فرحًا شديدًا.. وينظرون السماء فلا يجدوا فيها سحابًا!

ويعود عمر إلى المدينة، وقد عزم أن يكلم الوليد في مظالم الحجاج، "فقد أسمعه الناس فظائع الحجاج، وسفكه للدماء وسجنه للرجال والنساء معًا، وأخذه بالظنة".

ويذهب إلى دمشق.. ويراجعه في الحجاج، ويفطن الحجاج إلى ذلك.. ويحاول أن يفسد رأي عمر..

ويرسل الحجاج أعرابيًا ناقمًا على البيت الأموي إلى دمشق، وبين يدي الوليد، يسأله الخليفة: يا أعرابي.. ما تقول في أنا؟ ويجيب في حدة: (ظالم جائر جبار).

فأمر الوليد بضرب عنق الأعرابي.. وعذر الحجاج!!

دعا الوليد عمر بعد ذلك.. وسأله: يا أبا حفص، ماذا تقول في هذا (الأعرابي) أصبنا فيه أم أخطأنا؟!

ويستجمع عمر شجاعته ونصحه وخوفه من الله.. ورعايته لدماء المسلمين، ويقول: (ما أصبت بقتله، ولغير ذلك كان أصوب وأرشد. كنت تسجنه حتى يراجع الله عز وجل، أو تدركه منيته؟!).

قال الوليد: شتمني، وشتم عبد الملك، وهو حروري (من الخوارج)، أفتستحل ذلك؟! قال عمر: لعمري ما أستحله، كنت تسجنه إن بدا لك، أو تعفو عنه.

فانصرف الوليد ساخطًا، وقد دخل قلبه شيء من عمر، وأصبح أكثر تقبلا لما يقوله فيه الحجاج!

اتسعت الدنيا في عهد الوليد، وانهالت الغنائم والأموال إلى عاصمة الخلافة.. وأضيفت مساحة جديدة إلى رقعة الدولة، (ومات الحجاج والي العراق، فحزن الوليد حزنًا شديدًا عليه واستبشر عمر خيرًا بذلك).

وجاء سليمان بن عبد الملك خليفة بعد الوليد، وأحل عمر بن عبدالعزيز مكانه الذي يستحقه من نفسه ومن شؤون الدولة، ولكن شدة عمر في الحق، ورأفته بالمسلمين، وميله إلى احتمال المخالفين.. والبعد عن سفك الدماء، كان ذلك بين الحين والحين يفسد تلك العلاقة التي لم يكن سليمان يحتمل فيها الجفاء الذي يبعده عن عمر، أو يبعد عمر عنه!

ومما يؤثر لعمر أنه كان سببًا في تقريب الرجل الصالح (رجاء بن حيوة) من سليمان، فاتخذه سليمان حافظ سره ومحط ثقته، يستشيره في كل أموره، ولا يقطع أمرًا دونه!

ويمرض سليمان، وعندما شعر بدنو أجله، أرسل إلى رجاء يدعوه إليه:

يا رجاء.. من ترى يصلح لولاية العهد؟

فلم يجبه رجاء!؟.

ويشتد المرض على سليمان.. وأعاد السؤال على رجاء لعله يشير عليه!!

يقول رجاء: (إنه مما يحفظ به الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح)، لكنه لم يسم له أحدًا..

ويأمر سليمان رجاء بن حيوة أن يأتيه بقلم ودواة، وهو يجلس على فراشه، ويكتب سليمان بخط يده: (من عبدالله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبدالعزيز، إني وليته الخلافة من بعدي ومن بعده يزيد بن عبد الملك، فاسمعوا وأطيعوا واتقوا الله ولا تختلفوا فيطمع فيكم) وختم سليمان الكتاب.

وصلى عمر على سليمان، وشيعه الناس إلى مثواه الأخير.

وبدا عهد الرجل الصالح عمر بن عبدالعزيز...

فلما فرغ عمر من جنازة سليمان (دعا من مكانه بدواة وقرطاس وأصدر أوامره).

يرجع مسلمة بن عبد الملك عن أسوار القسطنطينية.

يعزل أسامة التنوخي عن خراج مصر.

يعزل يزيد بن مسلم عن أفريقيا لأنه (أصبح أمير سوء، جبارًا، متألها، يعذب الرعية)!.

ويحتجب أمير المؤمنين في بيته ثلاثة أيام، يقرأ القرآن ويصلي، ويتفكر في مسؤوليته التي آلت إليه، فينخفض لعظمها، وخوفه من ربه!

وينظر في تراث عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، ماذا فيه من الحكمة، وماذا فيه من سيرة الحاكم الصالح: (يهدم الإسلام زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون).

(إن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته، وإن أشقى الرعاة من شقيت به رعيته).

(ولا تضربوا الناس فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم).

(لئن بقيت ليأتين الراعيَ بجبل صنعاء حظُّه من هذا المال وهو في مكانه).

ويأمر عمر بجمع ثيابه.. وعطوره وركائبه، فتباع ويجعل ثمنها في بيت المال!

ويكتب إلى الحسن البصري، وإلى مطرف بن عبدالله، وهما من صالحي الأمة في ذلك الوقت، أن يعظاه، ولا يزكيانهّ... ويكتبان إليه.

أما الحسن فقال: (سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن الدار مخوفة، هبط إليها آدم عليه السلام عقوبة، تهين من أكرمها، وتكرم من أهانها، وتفقر من جمع لها، لها في كل يوم قتيل، فكن يا أمير المؤمنين كالمداوي لجرح، واصبر على شدة الدواء، لما تخاف من طول البلاء).

ورد عليه مطرف بعظة، ملكت عليه نفسه!

وتدخل عليه فاطمة مجلسه، فتجده يبكي بحرقة.. (ما بك يا أمير المؤمنين) ويشعر برجفة تزلزل كيانه..... ماذا أقصاك عنا، وأنت في وحدتك منذ ثلاثة أيام؟.. يا فاطمة: (إني تقلدت أمر أمة محمد! فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري والمظلوم، والغريب والأسير، والشيخ الكبير وأشباههم في أقطار الأرض، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم يوم القيامة، وأن خصمي دونهم محمد -صل الله عليه وسلم- فخشيت أن لا تثبت لي حجة عند الخصومة، فرحمت نفسي فبكيت).!!

فقالت له: (لك الله يا ابن العم، هون عليك، فداك أبي وأمي، لكأنك تحسب أن الله ما خلق النار إلا من أجلك)!

وساد الصمت، وأشارت إليه فاطمة وكانت امرأة ذات عقل وحكمة، أن يرسل إلى عماله في الأمصار بنصائحه!!.

وعلى الفور يكتب إلى يزيد بن المهلب والي خراسان.

وكتب إلى عامله على سمرقند.

وكتب إلى عامله على الكوفة.

ثم بعد أن فرغ من رسائله، قال لها: يا فاطمة.. إني سأنظر فيما يملكه أعيان الناس..... فما كان مغتصبًا رددته إلى أهله!

ونظر إليها يتأملها كأنه يأمرها باستحضار تساؤل في ذهنها... وقال لها: (إن أردتني يا فاطمة، فردي ما معك من مال وحلي وجوهر إلى بيت المال، فإنه للمسلمين، وإني لا أجتمع أنا وهو في بيت واحد)؟!!

فردته جميعًا.. وظفرت بعمر بن عبدالعزيز!!



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
عمر بن عبدالعزيز.. كانت حياته معجزة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لن أكتب عن موت هنية.. بل عن حياته!
» الجلبي في حياته ومماته
» المعتمد بن عباد .. دروس من حياته
» نوادر جحا الكبرى مع نبذة عن حياته
» يزيد بن معاوية.. حياته ونشأته

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الدين والحياة :: السيرة النبوية الشريفة :: الخلفاء الراشدين-
انتقل الى: