[rtl]
بعد توصية صندوق النقد بعدم رفع الدعم عن الخبز[/rtl]
[rtl]
خبراء: "إيصال الدعم لمستحقيه" عبارة لا يثق فيها الأردنيون[/rtl]
عمان - رغدة خليل
القضاة لـ"البوصلة": الحكومة غير مسؤولة عن تقديم دعم نقدي للاجئين بشكل مباشر
خبير اقتصادي: "إيصال الدعم لمستحقيه" عبارة لا يثق فيها الأردنيون
"النقد الدولي" يوصي بعدم رفع الدعم عن الخبز.. وخبراء لا يثقون بإيصال الدعم
أوصى صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء الماضي بعدم رفع الدعم عن الخبز، باعتبارها خطوة من شأنها أن تضع عبئا إضافيًا على الفقراء.
وجاء في بيان الصندوق أنه لم يوصي برفع الدعم عن الخبز، وأن بعض تقارير وسائل الإعلام أعطت فكرة خاطئة عن موقفه من هذه المسألة، مشددًا على أن "تصميم إجراءات السياسة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار تأثيرها على الاقتصاد الأردني وعلى الفقراء".
آلية الدعم المباشر
وفي هذا السياق، أكّد وزير الصناعة والتجارة المهندس يعرب القضاة لـ"البوصلة" أن الحكومة لم تتخذ قرارا حتى الآن بشأن آلية دعم الخبز، التي من خلالها يفترض تقديم الدعم المباشر للمواطنين الأردنيين، مشددًا على أن الحكومة عازمة هذه المرة على توجيه الدعم مباشرة للمواطنين دون غيرهم من المقيمين والمقدر عددهم بحوالي 35 % من السكان، أي ليس لكل من يسكن في الأردن، على حد تعبيره.
وقال القضاة: "إن الدعم المباشر للأردنيين يتطلب من الحكومة أن توفر آلية تحفظ كرامة المواطن وتضمن استمرارية الدعم، مع اختلاف الحكومات، ولا يتوقف الدعم بتغيير الحكومة".
ولم يذكر القضاة تفصيلات حول الآلية التي من الممكن اعتمادها لدعم الخبز، وكذلك آلية تقديم الدعم النقدي للمواطنين.
غياب الثقة
من جهته، قال الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت لـ"البوصلة: إن قصة "إيصال الدعم لمستحقيه" هذه عبارة لا يثق فيها الأردنيون؛ لأنه سبق وطُرِحت أكثر من مرة وبصيغ مختلفة جميعها تؤدي إلى نفس المعنى، وفي نهاية المطاف يختفي الدعم ويستمر الرفع.
"وبدليل ذلك أثناء حكومة الكباريتي كان كيلو الخبز 80 فلس والآن هو 160 فلس، فكانت الحكومة آنذاك قد رفعت الأسعار بحجة تقديم الدعم، فتوقف الدعم واستمرت الأسعار في ارتفاع، ولذلك لا ثقة للمواطن الأردني بالحكومات بأن تلتزم بوعودها، ومن هنا أصبح لدى المواطن فكرة "إيصال الدعم لمستحقيه" هي عبارة عن رفع لأسعار السلع"، على حدّ قول الكتوت.
واعتبر الكتوت أن إجراء رفع الدعم عن الخبز غير مقبول، من حيث المبدأ، ولا يسهم هذا الإجراء في خفض حجم الموازنة كما تقول الحكومة، وأن الحديث يدور عن رفع الدعم عن الخبز الذي بلغ 140 مليون دينار، وهذا مبلغ زهيد مقابل عجز الموازنة والذي يقدر بمليار و700 مليون دينار ـ
وأضاف "أن 140 مليون دينار لن يكون لهم أثر على عجز الموازنة، بالإضافة إلى أن الحكومة تسعى إلى زيادة الإيرادات الضريبية وفق موازنة عام 2017 بحوالي 950 مليون دينار".
تأثر اللاجئين برفع الدعم المباشر عنهم
وأوضح المهندس يعرب القضاة أن الحكومة غير مسؤولة عن تقديم عدد نقدي للاجئين بشكل مباشر، وذلك بسبب تجاوز عددهم فوق 1.5 مليون لاجئ من الجنسيات المختلفنة.
وقال إن "على المجتمع الدولي القيام بدوره من حرصه على حقوق اللاجئين بأن يتكفل بدفع التكاليف المترتبة على وجود اللاجئين، وكذلك دفع فرق الدعم لهم، لأن الحكومة غير ملزمة بالدفع مباشرة للاجئ من أجل دعم السلع، وهذا سيزيد من الأعباء التي تحملتها الحكومة من وجود اللاجئين".
ومن جهته، أشار الخبير الاقتصادي محمد البشير إلى أن صندوق النقد الدولي يلجأ فقط إلى التأكد من تحقيق شروط الصندوق، وعدم تأثر اللجوء السوري خاصة وغير الأردنيين من رفع الدعم عن الخبز، وأن الصندوق لم يلزم الأردن بشيء إنما كان مجرد رأي، ودليل ذلك أن الحكومة ما زالت تعمل من أجل رفع الدعم عن الخبز.
وأكّد البشير في حديث لـ"البوصلة" أن الحكومة لم تنجح في ظل الواقع الاقتصادي الأردني بالاستفادة من الكفاءات الكبيرة لدى اللجوء السوري في التوظيف ومن نواحي اقتصادية سواء في الصناعة أو في الزراعة، وبالتالي الاقتصاد الأردني اليوم بحاجة لاستراتيجية لوضع الحلول مع مراعاة تخفيض ضرائب المبيعات على السلع ذات الاستهلاك الواسع من قبل الشعب الأردني، والعودة لضريبة الدخل على دخول الأغنياء، بحيث تصبح بدائل واردات خزينة الدولة من تلك الدخول، وكذلك فيما يتعلق برفع نسب الفوائد في البنوك في الفترة الآنية.
وذكر الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت لـ"البوصلة" أن صندوق النقد يترك للحكومة الأردنية أن تختار السبل التي من خلالها يمكن تحقيق تخفيض عجز الموازنة، وتخفيض عجز ميزان المدفوعات، لكن الحكومة لا تملك برامج تنموية اقتصادية، لتحقق نمو اقتصادي أو إيرادات للخزينة بشكل أفضل، وهذا يجعلها تلجأ بنهاية المطاف إلى الجيوب المواطنين، وبالتالي هنا نعود إلى الحالة الاستثنائية للأردن وهي استضافة اللجوء السوري.مؤكدًا أن الصندوق لا يرغب بتحميل المسؤولية للحكومة الأردنية لوقفها الدعم للاجئين.
هل يلبي الأردن شروط صندوق النقد الدولي؟
وذكر محمد البشير لـ"البوصلة" أن الأردن يلجأ لرفع الدعم عن الخبز من أجل تلبية شروط صندوق النقد، التي لها علاقة بتخفيض المديونية إلى نسبة أقل من 95% من الناتج المحلي، وخفض عجز الموازنة بما يتناسب مع وقف اللجوء إلى الاقتراض بشكل أو بآخر، وإيجاد كل الوسائل التي تساهم في رفع نسبة النمو التي أصبحت أقل من 2%.
وبيّن البشير أن المجال الوحيد لدى الحكومة هو رفع الضرائب على السلع، وعلى نخبة معينة في مختلف القطاعات، لأن اللجوء لحلول أخرى تعد "مؤشرات ثابتة" كاللجوء لرفع الرسوم الجمركية وهذا تحدده منظمة التجارة العالمية، مما يصطدم مع اتفاقيات وقعها الأردن مع منظمة التجارة، وبالإضافة إلى ما تعانيه موازنة الميزان التجاري.
وقال الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت: "عندما يتقدم الأردن أو غيره بطلب قرض من صندوق النقد الدولي، الصندوق يطلب ما يسمى بـ"كتاب النوايا" والذي يتضمن عادةً من قبل الحكومة الأردنية تعهدات باتخاذ سلسلة من الإجراءات التي تتعلق في تخفيض عجز الموازنة، وتخفيض عجز ميزان المدفوعات، وبالتالي الحكومة تبحث عن الوسائل من أجل تحقيق تلك الإجراءات، ولا تجد إلا جيوب المواطنين والفقراء، وزيادة الضرائب ورفع أسعار السلع والخدمات بما في ذلك الخبز".
هل يعتبر الدعم النقدي ترويج لرفع أسعار الخبز؟
يرى محمد البشير أن الحكومة تجد رفع الدعم عن الخبز؛ وسيلة من وسائل التوفير التي تطمح إليها، وللتهدئة وتمرير ما تنوي إليه الحكومة في رفع الدعم عن الخبز.
وبيّن أن الحكومة قد وضعت فئات تصنف مداخيل الأردنيين، تتمثل في تقديم الدعم للأسرة التي يبلغ دخلها الشهري إما أقل من ألف دينار، أو ألف- ألفين دينار، أو أكثر من ألفي دينار، بحيث تهدف إلى دعم كل من هم أقل من ألفين، ومن الجدير ذكره أن أكثر من 90% من الأردنيين رواتبهم أقل من ألفين.
هل انقلب صندوق النقد على سياساته؟
وبيّن محمد البشير أن صندوق النقد الدولي لم يتحدث عن نقطة محددة ومع ذلك لا يوجد خيارات، بسبب الأركان التي تعتمد عليها المالية العامة؛ ومنها النفقات وبوضع الأردن ليس بمقدور الحكومة أن تخفض النفقات، والضرائب والتي شملها توصية صدرت من الحكومة في نهاية حزيران للصندوق، وتحدثت عن جملة إجراءات منها رفع الضرائب على السلع والخدمات بنسبة 4-8 إلى 16%، أو محاولة إخضاع مدخلات الإنتاج للضرائب، أو تخفيض الإعفاءات.
وأشار البشير إلى أن الاستدانة إذا لم ترتبط بتحسينات على أركان للمالية العامة، سوف سيبقى هذا موضوع حوار بين الحكومة والصندوق.
ويعتقد أن الموضوع سياسي بامتياز، لما هو مطروح في المنطقة من مشاريع سياسية، سواء كان بالملف السوري أو الفلسطيني أو العراقي، وكلها عناوين قابلة للتغيير.
وأكّد البشير أنه قد لا تلجأ الحكومة إلى كل ما تحدّث إليه "أي حديث البشير السابق"عن الرفع الضريبي أو رفع الدعم، وأن الحكومة سوف تحصل على ما تريد، وذلك في حال إذا كان هناك موقفًا سياسيًا مطلوب منها أن تتبناه.
وأوضح فهمي الكتوت، أنه في الآونة الأخيرة بات الصندوق يتحدث عن سياسة جديدة "وهي ليست جديدة بالمعنى الجوهري" تتمحور حول أخطار حقيقية، الأمر الذي استدعى صندوق النقد لتوجيه السياسات الاقتصادية للبلدان النامية بما فيها الأردن.
واستدرك الكتوت بالقول: "إن صندوق النقد أدرك مؤخرًا مخاطر هذه السياسات، والتي أصبحت تؤثر على توسيع الهوة في داخل المجتمعات الطبقية وتحدث انفعالات وتأثيرات شعبية عريضة وواسعة، ولذلك حتى لا يتحمل مسؤولية هذه النتائج، بدء الصندوق يتحدث عن ضريبة تصاعدية "بمعنى الشرائح العليا من المجتمعات"، وعن إيرادات الخزينة من جهة.
ومن جهة أخرى أن لا تصل هذه السياسات لتمسّ"الخبز والمواد الأساسية للفقراء"، محاولًا "أي صندوق النقد" ألا يتحمل ما يمكن أن يحدث ضمن هذه النتائج.
هل من المتوقع حدوث أي احتجاجات شعبية؟
ويعتقد الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت أن الاحتقانات الاجتماعية قد وصلت إلى مستويات عالية جدًا نتيجة حالة الفقر والبطالة كما هو معروف، على حد وصفه.
ونوه الكتوت إلى أن آخر الأرقام تتحدث عن أن 47% من الأسر الأردنية دخلها يقل عن 350 دينار أردني، وهي بطبيعة الحال من ضمن الأوساط التي تعتبر تحت خط الفقر، وبالتالي الخبز مادة أساسية، إذا تم رفع أسعار الخبز بلا شك فإن هذا سيؤدي إلى تعميق تلك الاحتقانات لدى المواطنين.
(البوصلة)