هل يمضي الوقت سريعاً مع تقدم العمر.. وكيف يمكن إبطاؤه؟
عواصم: تقول العبارة التقليدية الشهيرة "إن الوقت من ذهب".. لكن أين يذهب هذا "الذهب" في أغلب الأحيان؟ إلى أين ينصرف الوقت؟
مع التقدم في السن، يصبح هذا السؤال أكثر إلحاحاً وصعوبة، حيث يبدو أن الوقت يمضي بعجلة أكثر عن سنين الشباب والطفولة.
ففي الطفولة تطول الأيام جداً، وغالباً ما يقول كبار السن إن "اليوم في الماضي كان أطول من يومنا الحاضر"، فهل هذه حقيقة؟ وكيف يمكن تفسير هذا الشعور؟
في هذا الصدد، أنفق العديد من علماء الأحياء وقتهم في سبيل التوصل لإجابة مقنعة، عن علاقة الزمن بـ"بيولوجيا الإنسان"، ولماذا هو "أسرع" مع كبار السن؟
هل جربت هذه القاعدة؟
هناك قاعدة غريبة تقول إن مقدار الإحساس بالزمن لدى طفل عمره خمس سنوات، يحسب كالآتي: السنة عنده تساوي خمس عمره. أما لدى الطفل في سن العامين، فإن السنة عنده تساوي نصف عمره.
بمعنى أن طول السنة، من ناحية الإحساس بها، يساوي واحداً مقسوماً على عمر الإنسان في الوقت الراهن.
وهذا يعني أن عند الإنسان الذي عمره 25 سنة، #السنة ستساوي واحداً إلى 25 من عمره. ويعني ذلك أنه كلما تقدم عمر الشخص، فإن الإحساس بالزمن يتضاءل، لأنه افتراضياً أن الطفل في عامه الأول تكون السنة عنده هي كل حياته، كل عمره. وبحسب هذه النظرية أيضاً، قبل أن يولد المرء الوقت يكون لانهائياً، لأن حاصل قسمة واحد على صفر، يكون ما لا نهاية.
لذا كلما كبر الإنسان فإن السنة عنده تصغر، وبالتالي فإنها تسرع بأكثر من المتوقع، وتتوالى السنون عجولة بلا هوادة.
الذكريات والزمن
يعتمد تقييم الوقت أو الإحساس بالزمن أيضاً على حجم الذكريات التي نجمعها، فكلما زادت، مرّ الوقت بطيئاً والعكس صحيح.
لذا عندما ينخرط الإنسان في أنشطة متعددة، بما يخلق نشاطاً وحيوية في الذكريات وحجمها، فإن الوقت عنده سيكون أقل سرعة.
فمثلا إذا كنت في عطلة وكان لديك حزمة من الأنشطة التي تقوم بها، فإن هذه التجربة سوف تعاظم من أثر الزمن عندك، بخلاف الأمر لو كانت جالساً بلا نشاط.
وهذا المفهوم يعارض الفكرة السائدة بأن "الأوقات السعيدة تمضي سريعاً"، فالواقع أن الزمن يبطئ مع الأنشطة الكثيرة والممتعة.
وفي هذا السياق تقول المؤلفة البريطانية، كلوديا هاموند: "إن الأيام تبدو غالباً كما لو أنها تمضي بسرعة متوسطة، ولكن الأمر يبدو غير ذلك عندما نتوقف فجأة لنراقب حجم ما مضى من الأيام والشهور والسنين، أو نتوقف مع مناسبة حال عليها الحول كالأعياد مثلا، ونبدأ في التساؤل، كيف عادت هذه المناسبة من جديد بهذه السرعة؟".
وتضيف: "في واقع الأمر، ومع التقدم_في_العمر، فإن التجارب الجديدة عند الإنسان تقل ويصبح الروتين هو الأكثر هيمنة على الحياة.. وبما أن المرء يلجأ لاستخدام الذكريات الجديدة عنده لقياس الوقت، فعندما يمضي أسبوع بلا ذكريات عظيمة فهو سيعطي الوهم بأنه قصير جداً".
ماذا أفعل؟
النصيحة هنا لكل من يريد أن يعطي وقته إضافة نوعية تجعله أطول في الإحساس به، تتمثل في الانخراط في أنشطة جديدة ومختلفة تجعله يشعر بأن الوقت أطول وأكثر قيمة.
وتشير الكاتبة فاميا بكار في مقال نشرته بصحيفة "مترو" البريطانية بعنوان "لماذا يمضي الوقت بشكل أسرع مع تقدم السن" إلى أن "التقدم في السن يعني تباطؤ الساعة البيولوجية الداخلية، وإبطاء عملية التمثيل الغذائي لدينا، كذلك نبضات القلب والتنفس".
والمفارقة هنا أن هذا الإبطاء يسارع الوقت في المقابل. ويحدث العكس مع الأطفال فنشاطهم زائد ومفرط ونبضات قلبهم أسرع، لكن #الزمن عندهم يمضي بطيئاً. وتقول بكار: "لا يمكننا العودة إلى شبابنا والسماح للأيام والشهور بالتمدد أمامنا، ولكن يمكننا استخدام إحساسنا الجديد بتمرير الوقت لصالحنا".
وتضيف: "إن الوعي بأن وقتك محدود يمكن أن يجعلك أكثر عرضة للتفكير في محاولة أشياء جديدة، مما سيسمح لك بتمرير الوقت بشكل أبطأ".
الخلاصة هي.. إن أخذت وقتك وملأته بالذكريات الرائعة، ستجد أن الزمن/الوقت بات أطول من توقعك