عندما يتحول الحلم إلى حقيقة… «واليسكار» سيارة تونسية
روعة قاسم
Feb 17, 2018
تونس ـ «القدس العربي»: منذ سنوات ليست بالبعيدة، كانت مسألة إنجاز سيارة تونسية ضربا من ضروب الخيال وحلما صعب المنال، ليس لجهل بصناعة السيارات أو لافتقاد التونسيين إلى الكفاءات القادرة على تحقيق هذا الحلم، بل لأن تكلفة الإنجاز عالية وهو ما يجعل القدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية وحتى السوق المحلي أمرا شبه مستحيل. لكن الحلم أصبح اليوم حقيقة وبات للخضراء مصنع لصناعة سيارة تونسية لحما ودما وليس للتركيب، ينتج سيارات محلية معترف بها دوليا وتحمل علامة خاصة هي «واليسكار» أي سيارة والي.
وللإشارة فإن في تونس عدد من المصانع لتركيب بعض ماركات السيارات والشاحنات العالمية، ويتم أيضا صنع مكونات عديدة لعدد من السيارات المعروفة وخاصة الأوروبية مثل مرسيدس الألمانية، وهو ما أكسب المهندسين والمصممين والتقنيين والعمال التونسيين خبرات لا يستهان بها. وقد مهد كل هذا لصناعة أول سيارة تونسية لاقت الاعتراف الدولي وتم تسجيلها منذ سنوات ونال صاحب المشروع مؤخرا جائزة الصندوق الدولي للابتكار لفائدة الشباب من رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وهو مشروع يعتبر الأول من نوعه في المنطقة العربية.
تصنيع لا تركيب
وفي هذا الإطار، وفي حديثه لـ «القدس العربي» يؤكد حسان الأمين حمودة، المدير المكلف بالتطوير والتصميم لشركة «سيارة والي» أن انطلاق فكرة إنجاز أول سيارة تونسية كان على إثر مقابلة في بداية سنة 2006 تمت بين رجل أعمال تونسي مع صديق له من أصول فرنسية يمتلك مصنع سيارات ذات طابع ترفيهي، حيث اقترح الأخير فكرة تمكين التونسي من الاتصال به لمساعدته في إنتاج السيارة الأولى. فتم بعد ذلك، وحسب محدثنا، جمع الكفاءات التونسية التي قامت بتطوير السيارة الأولى والمعروفة بـ اسم wallys izis وهي تصنيع تونسي وليست تركيبا مثلما قد يذهب في أذهان البعض.
ويضيف قائلا: «في سنة 2015 انطلق تطوير الصنف الثاني IRIS وذلك بالاعتماد على مهندسين تونسيين ومكتب الدراسات hhdesign الذي قام قبل ذلك بتطوير سيارتين واحدة تشتغل بالطاقة الكهربائية وأخرى بالطاقة الشمسية. ثم وصلنا في النهاية إلى إنتاج هذه السيارة الحديثة التي بدأت تشق طريقها بنجاح وتنافس ماركات عالمية سبقتنا عقودا طويلة في ميدان صناعة السيارات».
التصدير إلى الخارج
وعن سؤال «القدس العربي» حول قيام الشركة التونسية المصنعة بتصدير منتجاتها وهل أن لديها القدرة على منافسة الماركات العالمية؟ أجاب المصمم التونسي قائلا:» لقد تمت عمليات تصدير مختلفة خاصة للدول الأوروبية ونظرا لجودة المنتوج فقد تم قبوله قبولا حسنا ونجحت السيارة والحمد لله. كما أننا لم نجد منافسة كبرى باعتبار ان كبار المصنعين قد توقفوا على إنتاج هذا النوع الشبيه بسيارتنا الأمر الذي سيساعدنا أكثر على النجاح وتدعيم تواجدنا في الأسواق الأوروبية خاصة وأن سعر السيارة يعتبر زهيدا بالنظر إلى القدرة الشرائية للمواطن الأوروبي».
كما أن شكل السيارة جميل مميز ويغري على الاقتناء، فهي تشبه السيارات رباعية الدفع ولكنها متوسطة الحجم تناسب الشوارع الضيقة لأغلب المدن التونسية. أضف إلى ذلك فخامتها من الداخل والتي يشهد بها القاصي والداني، حيث صممت بمقاييس عالمية ناهيك عن محركها القوي والمتطور حيث استفدنا من الخبرة الفرنسية في هذا المجال. وبذلك فإن محدثنا يعتبر أن الإقبال على اقتناء السيارة محترم بالنظر إلى حداثة عهدهم بهذا المجال والسبب في ذلك في رأيه هو شكلها الجميل والمميز وصبغتها الترفيهية.
سيارة عربية
وعن سؤال حول كيفية دعم هذه السيارة الوطنية والخبرات التونسية عموما أجاب حمودة بما مفاده أنه يمكن دعم هذا المنتوج التونسي من التشجيع على اقتنائه في تونس أولا وأيضا من خلال تضافر جهود الجميع كل من جهته ان كان بالمعرفة أو بالتمويل لتحقيق وتجسيد الأفكار المتعلقة بتطوير هذه السيارة مستقبلا مما يخلق مناخا يعكس الصورة الإيجابية ليس لتونس فقط بل أيضا للعالم العربي، فهي أيضا سيارة عربية.
ويضيف: «لقد واجهنا صعوبات عديدة عند إنتاج هذه السيارة وأهم هذه الصعوبات هي التكلفة العالية عند تصنيع المجسم الأول، إضافة إلى كيفية إقناع الشركات المناولة بالفكرة حتى تساند المشروع مما يخفض من التكلفة. فالمال مهم لتطوير السيارة وإنتاج أنواع جديدة خاصة وأن لدينا كفاءات تونسية معترف بها دوليا وترغب كبرى شركات صناعة السيارات في انتدابها بعد أن باتت لنا سيارة تونسية وذات مصنف خاص بها ونطمح إلى دعم هذا المنتج بأصناف أخرى ونبحث عن شركاء جدد لتطوير مشاريع أخرى.
وللإشارة فإن الشركة المنتجة تقوم بتصنيع 200 سيارة سنويا ويمثل حصول مؤسسها عمر قيقة على الجائزة العالمية المشار إليها حافزا على زيادة تطوير عملها، وهناك برنامج لدعم تصديرها إلى فرنسا والبرتغال واسبانيا وسويسرا ودول بحر الكاريبي. كما أن تونس تصنع طائرات ترفيهية خفيفة في مدينة سوسة وسط البلاد وتمكن جيشها الوطني السنة قبل الماضية من دخول مرحلة التصنيع الحربي بالتعاون مع شركة تونسية خاصة وبات ينتج السفينة الحربية «استقلال».
روعة قاسم