ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: تونس.. المنحنى الطويل والهزيل للثورة الديمقراطية الإثنين 22 يناير 2018, 10:41 am | |
| تونس.. المنحنى الطويل والهزيل للثورة الديمقراطية
حاتم مراد - (لوموند) 15/1/2018 ترجمة: عبد الرحمن الحسيني تونس- كان من المفترض أن تؤشر الثورة التونسية على انفصال جوهري عن الماضي. لكنننا نتفاجأ، بعد سبعة أعوام من اندلاعها، برؤية أن العديد من الشرائح التونسية ما تزال ملتصقة بالماضي وبقاياه وطقوسه. وهي تدافع عنه بقوة. وقد ترددت أصداء المذكِّرين بإصرار بالّدين، رائد الاستقلال التونسي الحبيب بورقيبة وخلفه المعزول زين العابدين بن علي، بصوت عالٍ في الأعوام التي أعقبت الثورة، وآذنت بدخول البلاد فترة من الندم. إننا نتحدث عن الحرية، ومع ذلك نحب أن نستعيد الحكم المطلق القديم. ونتحدث عن الديمقراطية، لكننا نحب أن نفسح المجال لإدارة إسلاموية. وفي العام 1789، وبعد أن تمكنت الثورة الفرنسية من استئصال الأرستقراطية ورجال الدين الفرنسيين، وأظهرت أنهم بلا معنى، هل كان باستطاعتهم استعادة كل شيء كانت التيارات قد جرفته بعيداً؟ وبعد سبعة أعوام من ثورة كانون الثاني (يناير) 2011 التي أطلقت الربيع العربي، أصبح أولئك الذين يشعرون بالحنين إلى الدين وسلطة الدولة يعثرون على أرضية مشتركة. يلتصق الإسلاميون بقانون مقدس غير قابل للتغيير، والذي شاهده المغاربة وعاشوه من خلال أعراف ومُثُل "السلف الصالح" -وهو نموذج ظل متمتعاً بحصانة على مدار الأربعة عشر قرناً التي تلت. وبذلك، تلخص الحالة الاجتماعية والروحية التي عاشها مسلمو القرن السابع تاريخ إنسانية المسلمين-العرب بأكمله. إنه صالح لكل زمان ومكان. ولا حاجة إلى إضافة أن القانون الوضعي لم يعد مهماً، فهو مدنس. والتاريخ يتوقف هنا. على نحو مشابه، يتمسك الحداثيون العلمانيون ببقايا الماضي أكثر من تمسكهم بفكرة التقدم. وهم يوقرون رؤية للتاريخ ظلت تتدفق حتى أوقفها رجل واحد: بورقيبة، والد تونس الحديثة الذي أصبح، وفقاً لرؤيتهم، نوعاً من كائن نبوئي، بل وحتى عابر للتاريخ: إنه في كل مكان وفي لا مكان، وهو يعيش داخل كل التونسيين عابراً للزمن. بعد عبادة صنم بورقيبة، جاءت عقيدة عبادة الفرد لبن علي، الرجل العسكري الذي أحب الأساليب الوحشية والحكم من خلال سيادة الصمت. وكان الرجل ماهراً في فن نزع الأسلمة. وطبق معاملة شبه بوليسية على ظاهرة سياسية واجتماعية. ويشكل ذلك تضاداً واضحاً مع قادة اليوم، المتواطئين مع الإسلاميين، الذين هم ميكافيليون في حد ذاتهم. باختصار، بالنسبة لبعض الحداثيين، فإن النظام كان مزية للماضي بقدر ما هو الاضطراب والارتباك بالنسبة للحاضر المخنوق. ويسود الالتصاق بالأوتوقراطية على التقدير الحالي لوضع ديمقراطية ما تزال تترنح بالتأكيد. لكن غضبهم ضد الثورة أو ضد الرجال الممسكين بالسلطة التي تقود الانتقال السياسي هو حقيقة من حقائق الثورة، من حقائق الحرية التي تأتي بعد سلبية أسلافهم أو إذلالهم من جانب السلطة، أو الحزب المفرد أو العائلة الحاكمة. وما تزال هذه الجهات الحداثوية تتعرض للتثبيط بفعل التدفق الهائل للإسلاميين في المرحلة الانتقالية، كما لو أنهم جاؤوا من العدم. وهكذا، يكون من المألوف، بعد ثورة جُعلت ملعونة بسرعة، أن يتم القبول بابتهاج بالماضي -البعيد أو المعاصر على حد سواء- للحفاظ على تقاليد نظام عفا عليه الزمان، وحتى الندم على مزاياه. ولكن عندئذٍ، كيف تمكن إزاحة دكتاتور وتأسيس نظام ديمقراطي جديد، من دون الإسلاميين، الذين كانوا هم في حد ذاتهم ضحايا من الدرجة الأولى للدكتاتورية؟ يشكل الإسلاميون ثلث الناخبين التونسيين، ويجب بذلك أن يُحاربوا باستخدام الديمقراطية، لا الإرهاب –كما كان الحال في عهد بن علي- ولا عن طريق قطع رؤوسهم، كما أراد بورقيبة أن يفعل عشية الانقلاب الذي نفذه بن علي في العام 1987. في الديمقراطية، يتواجه الأضداد مع بعضهم بعضا. ونحن نحاول التمدن والتحضر من خلال الحرية ومن خلال حكم القانون. وتتطلب الديمقراطية الشجاعة أكثر بكثير من الأساليب السريعة. وعلى عكس الأنظمة الأخرى، تتجرأ الديمقراطية على مواجهة الرذائل مباشرة، حتى لو كان ذلك في خضم الفوضى الواضحة. كانت الثورة، قبل سبعة أعوام، مصادفة وقابلة للتنبؤ بها في الوقت نفسه. والناس يصنعون الثورات لأن الحالة الاجتماعية والسياسية السابقة تصبح غير محتملة ولا تطاق، ولأنها لا تعود تواكب حركة الأفكار والآراء. إنهم ليسوا، من النظرة الأولى، الأفكار أو المفكرين هم الذين حفزوا "ثورة الكرامة"، وإنما جلبتها كتل من الأفكار والآراء التي بلا شكل، والتي عملت، بالنظر إلى مشهد نصف قرن من امتهان الكرامة اليومي، على وضع القوى المادية والفيزيائية قيد الحركة ببطء. وحتى لو فعلت ذلك بصمت وبحركة بطيئة، فإن الثورات هي أيضاً مآثر رأي يتحرك أماماً، وأحيانا يحرض ويحث المقاومة على التقدم. وفي حالة تونس، كان هذا الرأي في مرحلة تراكم منذ اندلاع الحركة الديمقراطية في أواخر السبعينيات، عندما بدأ نظام بورقيبة في الانهيار بالتزامن مع ظهور مجتمع مدني جنيني تمثله الحركة الثلاثية للديمقراطيين الاشتراكيين؛ واتحاد الشغل التونسي العام؛ ورابطة حقوق الإنسان التونسية. والآن، بعد الثورة، فإنها الدولة الديمقراطية هي التي يجب أن تشكل الحضارة السياسية والأخلاقية. وتظل الديمقراطية فوضوية، وأحيانا مخيبة للآمال. ولكن لا يمكن رفضها بذريعة أنها تتحدى ماضياً انتهى منذ أمد بعيد ولا يمكن أن يعود، ولم يعد يعبر عن حاجة الشعب. هل نستطيع أن نعيد الاسترقاق ونظام الوراثة، وحق الولادة وتعدد الزوجات؟ الجواب، بطبيعة الحال، هو: لا. حتى أن التمييز في حقوق النساء في الوراثة قد محاه التاريخ وتقدم الحضارة والرأي. فالحضارة تتحرك للأمام وليس للخلف. وحتى لو أعطت الانطباع بأنها في حالة ركود بعد حادث تاريخي (حرب أو أزمة أو مجاعة)، فإنها لا تمحو أفكار التقدم الفلسفي والأخلاقي. وكلاهما يستأنف مسيرته الطبيعية فور تدوين التاريخ للحظات فقدان الوجهة والاضطراب. دائماً ما يعلن أولئك الذين يحنون إلى الأنظمة القديمة، سواء كانت دينية أم علمانية، أن الحرية التي جلبتها الثورة تلحق الضرر بنا. لكن ما يضر بنا في الحقيقة هو أن الثورة علقت الحرية، الحرية الحقيقية، الحرية تظل موضوعاً لسوء الفهم والاستغلال من الأحزاب (من تلك التي في السلطة أو في المعارضة على حد سواء)، ومن المحرضين والحركات التي تجهل معناها، والتي تريدها لنفسها فقط وليس للآخرين. هذا هو ما يحدث في الانتقالات السياسية. يجب علينا أن ندع التاريخ يقوم بعمله. دعونا نعد الإصلاحات التي يجب أن تحسن الأشياء، ودعونا نقبل التداعيات الضرورية وتشويهات الثورة والانتقال الذي هز أركان نظام سياسي وجيوسياسي كامل، بتقاليده، ومزاياه، وتمييزه. دعونا لا نتظاهر بأننا نستطيع حل كل شيء بضربة من السيف. دعونا نسِر في الطريق التي فتحته الحرية؛ فسوف يقودنا دائماً إلى مزيد من الحرية. إن الإسلاموية شر، شر مهلك -ولا أحد ينكر ذلك. لكن دعونا لا نسئ الحكم على الوضع. إن النضال الآن سياسي وقانوني وديمقراطي، شريطة أن يُخاض في إطار مؤسسات حديثة. دعونا لا نكُن من الذين ينظرون إلى الخلف، ولا وحشيين أو غير متسامحين. ودعونا نثق في التقدم، في التعزيز القادم للمؤسسات الجديدة، من دون أن نتخلى عن احتراسنا الذي يعطينا دائماً الحق في معاقبة الشر عندما يستحق العقاب. لقد نثرت الثورة بذوراً طيبة. وسوف يترتب علينا الانتظار حتى تأتي اللحظة المناسبة للحصاد. ولعل أهم شيء هو العيش في القرن الذي يوجد فيه المرء وليس في قرن عاش فيه آخرون. دعونا لا نكُن "مقلدين حديثين للآثار البائدة" باستخدام كلمات بنيامين كونستانت الجميلة. وبدلاً من ذلك، دعونا نكُن خالقين تقدميين للحداثة.
*أستاذ العلوم السياسية في جامعة قرطاج ومؤسسة الجمعية التونسية للدراسات السياسية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Tunisia, The Long And Fragile Arc Of Democratic Revolution |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: تونس.. المنحنى الطويل والهزيل للثورة الديمقراطية الإثنين 22 يناير 2018, 10:43 am | |
| [size=35]Tunisia, The Long And Fragile Arc Of Democratic Revolution[/size] The attachment to autocracy prevails over the current appreciation of the state of democracy. Still tottering, to be sure. LE MONDE [size][url][/url] [/size] 2018-01-15 TUNIS — The Tunisian revolution was supposed to mark a radical break with the past. Seven years later, we are surprised to see that many fringes of Tunisians remain attached to the past, its vestiges and customs. And they’re vocal about it. The very insistent reminders of God, Tunisian independence leader Habib Bourguiba and his ousted successor President Zine El Abidine Ben Ali have sounded loud in the years after the revolution, and ushered in a period of regrets. We speak of freedom, and yet we would like to restore old despotism. We speak of democracy, and we would like to make room for an Islamist providence. In 1789, after the French aristocracy and clergy were guillotined and rendered meaningless by the French Revolution, could they have brought back everything that the currents had carried away? Seven years after the Tunisian revolution of January 2011, which launched the Arab Spring, those nostalgic for God and state authority are finding common ground. Islamists are attached to the immovable law of God, seen and lived through the mores and ideals of the "pious ancestor" — a model particularly immune to the 14 centuries that followed. The social and spiritual state of 7th-century Muslims thus sums up the whole history of Arab-Muslim humanity. It is valid at all times and in all places. No need to add that the law of men no longer counts, it is desecrated. History stops there. Similarly, lay modernists are attached to the vestiges of the past more than they are to the idea of progress. They venerate a vision of history that flowed until it was stopped by one man: Bourguiba, the father of modern Tunisia who, in their eyes, has become a sort of prophetic being, transhistorical even: He is everywhere and nowhere, he lives within all Tunisians across time. After the Bourguiba idolatry comes the cult of Ben Ali, a military man who loved brutal methods, who loved to govern through the rule of silence. The man was skilled in the art of de-Islamization. He applied a police-like treatment on a political and social phenomenon. It’s a stark contrast to the leaders of today, who are complacent with the Islamists, themselves Machiavellian. In short, for some modernists, order was as much the privilege of the past as confusion is that of an entangled present. The attachment to autocracy prevails over the current appreciation of the state of democracy. Still tottering, to be sure. Yet their anger against the revolution or against the men in power leading the political transition is a fact of revolution, a fact of freedom, coming after their ancestral passivity or their humiliation by the authority, the single party and the ruling family. These modernist fringes are still thwarted by the massive influx of Islamists in the transition, as if they’d come from nowhere. - اقتباس :
Islamists make up one-third of the Tunisian electorate. Thus, it’s customary, after a quickly reviled revolution, to joyfully appeal to the past — distant or contemporary — to preserve traditions of an outdated regime, even to regret privileges. But then, how can one remove a dictator and establish a new democratic order, without the Islamists, themselves first-degree victims of the dictatorship? Islamists make up one-third of the Tunisian electorate, and they should henceforth be fought using democracy, and not terror — as was the case under Ben Ali — nor by trying to cut off their heads, as Bourguiba wanted to do on the eve of the 1987 coup by Ben Ali. In a democracy, opposites confront one another. We try to civilize through freedom, through the rule of law. Democracy requires much more courage than expeditious methods. Democracy, unlike other regimes, dares to face vices head on, even if it’s in the midst of apparent chaos. The revolution, seven years ago, was both happenstance and predictable. People make revolutions because the previous social and political state becomes unbearable, because it no longer matches the movement of ideas and opinions. It is not, at first glance, ideas nor intellectuals who provoked the "revolution of dignity," but it was brought about by shapeless masses of ideas and opinions which, considering the spectacle of half-a-century of daily indignity, have slowly set physical and material forces in motion. Even if they do so in silence and in slow motion, revolutions are also feats of opinion that move forward, sometimes become agitated, circumvent resistance to progress. In Tunisia’s case, this opinion had been in an accumulation phase since the outbreak of the democratic movement of the late 1970s: when the Bourguiba regime started to collapse, coinciding with the emergence of an embryonic civil society represented by the triptych Movement of Socialist Democrats, Tunisian General Labour Union, and Tunisian Human Rights League. Now, after the revolution, it is the democratic state which should forge the political and moral civilization. Democracy remains chaotic, sometimes disappointing. But it cannot be rejected on the pretext that it challenges a long-gone past, which won’t come back, which no longer expresses the need of the people. Can we bring back slavery, the hereditary system, the birthright, repudiation or polygamy? The answer, of course, is no. - اقتباس :
Those nostalgic of regimes say the freedom the revolution has brought is harming us. Even the discrimination of women's inheritance rights is being swept away by History, progress of civilization and opinion. Civilization moves forward, not backwards. Even if it gives the impression of receding, after an accident of History (war, crisis, famine), it does not eliminate the ideas of philosophical and moral progress. Both immediately resume their natural march as soon as History rights the moments of misguidance and upheaval. Those nostalgic of regimes, be it religious or secular, always declare that the freedom the revolution has brought is harming us. In reality, what is harming us is that the revolution has suspended freedom, the real one, the one that remains misunderstood and abused by parties (those in power as well as those in the opposition), agitators and movements that are ignorant of its meaning, who want it for themselves only, not for others. This is what happens in political transitions. We should let History do its work. Let us prepare the reforms that must improve things, let us accept the necessary consequences and deformations of the revolution and the transition that shook an entire political and geopolitical order, with its traditions, its privileges, its discriminations. Let us not pretend we can solve everything with a strike of the sword. Let us follow the path opened up by freedom; it will lead us to ever more freedom. Islamism is an evil, a gangrene — no one denies it. But let us not misjudge the situation. The struggle is now political, legal and democratic, provided it’s fought within the field of modern institutions. Let us be neither backward-looking nor brutal or intolerant. Let us trust in progress, in the coming consolidation of new institutions, without departing from our vigilance, which always gives us the right to punish evil when it is punishable. The revolution sowed a good seed. We will have to wait until the right moment comes for harvest. The most important thing is to live in one's own century, not in that of others. Let us not be "modern imitators of Antiquity," to reuse the beautiful wording of Benjamin Constant. Let us instead be progressive creators of modernity.
*Hatem M’rad teaches political science at the University of Carthage and is the founder of the Tunisian Association of Political Studies (ATEP). |
|