أمانة عمان الكبرى ... وقصة أم رامز
احمد حمد الحسبان
غالبية الذين تعاطوا مع قضية الحاجة ام رامز التي تبيع الساندويشات في احدى مناطق عمان الراقية، تناولوا القصة من بعد شخصي يتعلق بتلك السيدة وواقعها المعيشي، وما حدث لها جراء « غزوة» مراقبي الأمانة الذين استخدموا خلالها عضلاتهم ونفوذهم في تدمير ما وجدوه امامهم.
مع ان القضية يمكن ان تناقش من منظور عام، وكقضية عامة تهم آلاف المعتاشين من وراء البيع على البسطات بكل اشكالها وانواعها، ليس في العاصمة عمان فقط، وانما في كافة بلديات المملكة.
البائعون على البسطات، يعلمون انهم يخالفون القانون، لكنهم يرون انها الوسيلة الوحيدة التي تتيح الفرصة امامهم لكسب لقمة العيش لهم ولاسرهم، في ضوء ارتفاع نسبة البطالة والفقر، لكنهم يمارسون تلك المهنة بقدر كبير من التعسف والاعتداء على الشوارع وعلى حقوق المشاة وفي كثير من الأحيان على صحة العامة.
صحيح ان الكثير من التجار يشكون من منافسة أصحاب البسطات لمحلاتهم، ومن ان تلك المنافسة ليست عادلة لجهة ان صاحب البسطة يعمل براسمال محدود، ولا يتكلف اية نفقات مثل أجور المحلات والكهرباء والماء ورسوم الترخيص والضرائب وغيرها، لكن القضية لا تنتهي عند هذه الحدود فالكثير من أصحاب المحلات التجارية يعرضون بضائعهم على البسطات، ويشغلون وافدين من اجل البيع على تلك البسطات، وبالتالي فإنهم يفاقمون المشكلة، ويوسعون مداها بحيث لا تتوقف عند حدود الافراد الساعين الى لقمة العيش.
بالطبع لا يمكن لوم الأمانة والبلديات على بعض عناصر الرقابة، ولا يمكن لومها على منع بعض البسطات ومنها التي تتعامل بالمواد الغذائية وتحديدا الساندويتشات التي تحتاج الى رقابة صحية.
لكن اللوم يقع عليها من زاوية آلية الرقابة، وادواتها، ومن ذلك قيام المراقبين بتكسير العربة، او البسطة، ونثر ما عليها في الشارع، خاصة وانه لا يوجد أي قانون يمنح المراقبين حق تكسير الأدوات، واتلاف السلع المعروضة.
وان كانت هناك اية تعليمات بهذا الخصوص فالاصل ان يتم تعديلها، بما ينصف كافة الأطراف، بحيث يكون بإمكان المراقب ان يتحفظ على المواد المعروضة والبسطة وغيرها، وان يجري التعامل مع صاحبها وفقا للقانون، وبما يصل الى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنعه من ممارسة البيع بهذه الطريقة، وان تكون هناك عقوبات لمن يكرر المخالفة، وبحيث يتم إيقاع العقوبة من خلال القضاء.
هذا من حيث المبدأ، اما في التفاصيل، فالواقع يؤكد اننا نمر بظرف استثنائي، يستدعي معالجات تستند الى روح القانون وليس نصه، وان يتم تغليب البعد الإنساني في التعامل مع مثل تلك الأمور المرتبطة بلقمة العيش.
فالاصل ان يعمل المطبخ الحكومي على إيجاد الحلول الممكنة لاستمرار هؤلاء الناس في كسب لقمة العيش، مع الحفاظ على القانون، وعلى عناصر السلامة العامة.
ويمكن ذلك من خلال تحديد أماكن لبعض البسطات في أماكن الاكتظاظ، وان تكون تلك البسطات مرخصة، او على شكل اكشاك ثابتة، مزودة بالماء والكهرباء ويتم تاجيرها لاصحاب الحاجة من المواطنين، بحسب متطلبات المنطقة، وان تكون التراخيص محكومة باسس مشددة، ويكون التخصيص تحت رقابة واشراف هيئة النزاهة، وبحيث لا تتكرر القصص السابقة عندما سيطر متنفذون على الكثير من البسطات.
وان يتم تخصيص مواقع للبسطات في انحاء متفرقة من العاصمة تكون متاحة لمن يرغب من أصحاب الحاجة للاستئجار بأسعار رمزية، وتحديدا بسطات الملابس والألعاب ومثل تلك الأشياء.
فمثل تلك البسطات يمكن ان تساعد في التقليل من حجم البطالة ان تم التعامل معها بحرفية ونزاهة.