[size=30]عصام الروابدة .. إقالة ام إستقالة ؟[/size]
ينحني مسؤول أخطأ ويقول للناس إنه 'آسف'. مشهد نراه كثيرا في بلاد الشرق والغرب. إلا عندنا.
تخيلوا لو أنه اعتذر. سيتحول إلى نجم. لو كنت مسؤولا سأبحث عن أول خطأ أقع به لأهرع إلى الناس معتذرا، لأني بذلك سأسجل سابقة أردنية، سيذكرها الناس كتاريخ.
ليقل مثلا: لوهلة ظننت اني أملك الارض كلها. أنا أسف.
في بريطانيا استقال وزير التنمية الدولية البريطاني مايكل بيتس قبل أيام لأنه تأخر عن جلسة البرلمان البريطاني 60 ثانية.
هكذا كان المشهد: دخل، ووقف، ثم اعتذر، ولملم أوراقه، وقال إني استقيل، وغادر. ضج مجلس النواب مستهجنا. لكنه واصل خطواته نحو الباب. وخرج.
رفضت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاستقالة، على أنه سجل موقفا أخلاقيا سيبقى مثالا يذكر.
على أن مسؤولينا معذورون. الدولة نفسها تشجعهم على عدم الاعتذار. هنا. تشعر كأن أجهزة الدولة ستصاب بالحمى لو أنها أعلنت عن إقالة مسؤول، مثلا. لكأنها تفترض انهم انصاف ملائكة. وأنصاف الملائكة لا يخطئون.
كل الظروف الموضوعية تقول إنهم أقيلوا ولم يستقيلوا، فلماذا لا يقولونها؟ هل لأنهم يُعدون لمنصب آخر مستقبلا؟
أسئلة طرحت اليوم في الرأي العام. ما المانع لو أن الدولة أشعرت الناس بأنهم مهمين، وأن من يخطئ يعاقب كما من يصيب.
أُعلن اليوم عن قبول استقالة معالي السيد عصام عبدالرؤوف الروابدة/ مستشار في الديوان الملكي الهاشمي من منصبه اعتبارا من تاريخ 15/2/2018.
الاستقالة لم تذكر كالعادة سببا لها. لكنها جاءت بعد يوم واحد من حادثة سائق حافلة 'جت'.
الناس تخطئ. هذا مؤكد. من قال إن المسؤول معصوم. المسؤول انسان. إنه بشر يصيب ويخطئ. الفرق في التفاصيل. في ردة الفعل. عندما يخطئ المسؤول في دولة شرقية او غربية إما ان يسارع هو الى الاستقالة نزولا عند رأي الناس أو أنه يُقال.
هذه الحادثة جعلت المواطنون يسألون: لماذا تهاب الدولة من أن تقول إن المسؤول الفلاني أقيل لانه خطأ. لماذا لا تشجّعه على الاعتذار. الاعتذار كرامة.
"ورقة مخالفة سير" تطيح بالمستشار القانوني لديوان ملك الاردن وقد تطيح بجنرال كبير
دخلت ورقة مخالفة سير عادية حررها شرطي اردني المربع الاعلامي والسياسي من اوسع الابواب عندما تسببت بالنتيجة بإقالة المستشار القانوني الابرز في الديوان الملكي وقد تتسبب لاحقا بمغادرة جنرال أمني بارز.
وتم الإعلان في عمان عن تقديم المستشار عصام الروابده لإستقالته وصدور الارادة الملكية بقبولها فورا وبعد 24 ساعة فقط من "إعتذار" قدمه الاخير لسائق حافلة إشتبك معه في الشارع العام.
الروابده يحمل رتبة وزير ويدير مكتب الشؤون القانونية التابع للديوان الملكي وهو اصلا من مسؤولي الظل .
لكن الاضواء لاحقته بعد صورة لنسخة من مخالفة سير حظيت بشهرة واسعة بعدما تسبب بها الروابده لمواطن يقود حافلة سياحية في حادثة الهبت مشاعر الرأي العام.
لاحقا لإعلان استقالة الروابده وهو نجل رئيس الوزراء الاسبق عبد الرؤوف الروابده نشر الملك عبدالله الثاني تغريدة قال فيها بان "لا أحد افضل من آخر إلا بالمنجز".
اعتبرت التغريدة تأكيد على ان الروابده الابن اقيل من منصبه الرفيع على خلفية حادثة الحافلة وسائقها بالرغم من إعتذار الاخير وسط الاشتباه بان خصوم الروابده الاب وسط بعض دوائر القرار استغلوا الحادثة لإقالة ابنه وإخراجه من دائرة المواقع الرفيعة.
الجانب الاخطر في المسألة كشفته عمليا النسخة الورقية لمخالفة السير التي حررها شرطي مرور بحق سائق حافلة تزاحم مع سيارة رسمية يقودها الروابده على الطريق العام.
الشرطي الذي تمتع بالذكاء الميداني بدا واضحا انه تعاطف مع السائق في مقابل المستشار الملكي فاراد تمييز نفسه عن مخالفة السير فاعد المخالفة وكتب بهامشها العبارة التي اثارت ضجيجا سياسيا وهي عبارة "بأمر مباشر من عطوفة مدير الامن العام".
تلك العبارة كشفت صدقية رواية السائق الذي افاد مبكرا بان الروابده اوقف حافلته بالشارع العام وإتهمه بمضايقته واتصل هاتفيا بمدير الامن العام الذي امر بإقامة كمين وضبط الحافلة وتوقيف السائق والقيام بما يلزم.
لاحقا قال الامن العام في تصريح رسمي بان توجيهات المدير كانت بالتحقق من مخالفة محتملة بناء على بلاغ ورد من مواطن فيما كان المواطن هو المستشار القانوني للملك الذي تصرف بصورة غير قانونية.
الامن في تصريحه ربط الخلل في التعامل مع الحادثة بتصرف الشرطي الذي اثار الضجة بدوره عندما كتب عبارة تربط مخالفة السير بأمر مباشر من مدير الامن العام وبدون أمر بالتحقيق.
مئات الاردنيين تداولوا على نطاق واسع نسخة مخالفة السير على وسائط التواصل .
الديوان الملكي حاول إحتواء الجدل بعدما اثبت السائق تعرضه ظلما للإهانة من قبل المستشار الروابده وبدون وجه حق وبطريقة غير قانونية.
وانتهى الامر بالاطاحة بالروابده وإستقالته وسط ترحيب شعبي عام قبل ان تبرز مجددا المطالب بتحديد دور مدير الامن العام الجنرال احمد الفقيه في المسألة وسط دعوات لإقالته ايضا.