لماذا يفضل الأردنيون التقاعد المبكر؟
بحدود 15 ألف عامل وموظف أغلبيتهم الساحقة من الأردنيين انضموا إلى عداد المتقاعدين بمؤسسة الضمان الاجتماعي خلال العام الماضي.61 % منهم اختاروا التقاعد المبكر.
نسبة عالية دون شك، تثير قلق القائمين على"الضمان الاجتماعي"، وتطرح سؤالا مهما، لماذا يلجأ الأردنيون إلى الخروج من سوق العمل قبل بلوغ سن التقاعد؟
عالجت التعديلات الأخيرة على قانون الضمان الاجتماعي موضوع التقاعد المبكر للحد من فاتورته المتنامية، وتم بالفعل تشديد الشروط للحد من الظاهرة، ويتردد أن هناك دراسات تجري حاليا لإلغاء مبدأ التقاعد المبكر إلا في الحالات الاضطرارية. إدارة الضمان لم تؤكد هذه الأنباء إلا أنها لم تنكر قلقها من الظاهرة.
لا نملك دراسات وافية عن الأسباب التي تدفع بالعاملين إلى التقاعد المبكر، ولا مصيرهم بعد ذلك.
ربما تكون مؤسسة الضمان الاجتماعي قد أجرت مثل هذه الدراسات، لكنها لم تتوفر لوسائل الإعلام.
هناك انطباعات تكونت من مناقشاتنا مع أشخاص اختاروا التقاعد المبكر تفيد بأنهم اتخذوا هذا القرار بعد إدراكهم بعدم وجود فوارق جوهرية في الدخل الشهري سواء تقاعد الشخص في سن مبكرة أو انتظر لحين بلوغ الستين "بالنسبة للذكور".
ومع أن شروط التقاعد المبكر تلزم المتقاعدين بعدم العمل في نفس المؤسسة أو الوظيفة، إلا أن الكثيرين يلجأون لوسائل أخرى لضمان الحصول على وظيفة بعقود. وفي حالات اخرى لا يتردد بعض المتقاعدين مبكرا عن التنازل عن راتب الضمان الشهري مقابل عقود مجزية بمجالات عمل مختلفة.
ويختار آخرون العمل في مشاريع خاصة تدر دخلا إضافيا فوق ما يتقاضون من رواتب تقاعدية، فيما يفضل البعض التقاعد المبكر بشكل فعلي والاكتفاء بالدخل المتأتي منه لتأمين حياة كريمة.
بالنسبة لمؤسسة الضمان الاجتماعي وبغض النظر عن تعدد الأسباب والموجبات، فإن ما يعنيها الكلفة المرتفعة لفاتورة التقاعد المبكر التي تشكل النسبة الأكبر من التزاماتها. في شهر شباط الماضي بلغت فاتورة الرواتب التقاعدية 81 مليون دينار، أي أن قيمة الفاتورة السنوية تناهز المليار دينار.
ثمة اقتراحات برفع سن التقاعد للرجال والنساء، وتغليظ شروط التقاعد المبكر، لكن هذه الاقتراحات تلقى معارضة من أوساط اجتماعية واسعة.
إن غياب الحوافز الوظيفية والمزايا في الرواتب الشهرية قد تكون هي الدافع وراء إقبال الأردنيين على التقاعد المبكر. لكن هذه وسواها من الاحتمالات تبقى مجرد فرضيات وتخمينات لا تقوم على دراسات علمية مستفيضة.
ولهذا ينبغي التفكير بإجراء مسح واسع يشمل عينات ممن تقاعدوا في سن مبكرة قبل وبعد تعديل قانون المؤسسة، لتحديد الأسباب الحقيقية وراء اختيارهم مغادرة سوق العمل مبكرا. والخطوات المطلوبة لتحفيزهم على الاستمرار في العمل لحين بلوغ سن التقاعد "الشيخوخة"، والمزايا التي يقبلون مقابلها رفع سن التقاعد وتقليص فرص "المبكر".
الضمان الاجتماعي مؤسسة أهلية تعني كل مواطن أردني صغيرا كان أم كبيرا، وهي فوق ذلك أكبر صندوق يحفظ "تحويشة العمر" كما يقال، وينبغي أن تخضع سياساتها وتشريعاتها لنقاش عام قبل وضع الاستراتيجية النهائية.
ارتفاع عدد متقاعدي الضمان الى (211379) متقاعدا
كشف المركز الإعلامي في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في بيان صحفي بأنَّ عدد المؤمن عليهم الذين حصلوا على رواتب تقاعدية من الضّمان خلال العام الماضي 2017 بلغ (14743) متقاعداً موزعين إلى (11280) من الذكور، و(3463) من الإناث، وقد بلغ عدد الأردنيين منهم (14367) متقاعداً، في حين بلغ عدد غير الأردنيين (376) متقاعداً، ليصل العدد التراكمي الإجمالي لمتقاعدي الضمان حالياً إلى (211379) متقاعداً من ضمنهم (39) ألف متقاعدة أي بنسبة 19% من اجمالي المتقاعدين.
وأشار المركز الاعلامي بأنَّ التقاعد المبكر سجَّل أعلى نسبة بين متقاعدي العام الماضي؛ إذ بلغ عدد المتقاعدين مبكراً (8965) متقاعداً بنسبة (61%) من إجمالي حالات التقاعد الجديدة لعام 2017 مقارنة مع (3774) شخصاً حصلوا على تقاعد شيخوخة وبنسبة (26%) من حالات التقاعد، و(910) راتب اعتلال عجز طبيعي بنسبة (6%) من حالات التقاعد، و (167) راتب اعتلال عجز ناشئ عن إصابة عمل بنسبة (1%) من حالات التقاعد، و(846) راتب تقاعد وفاة طبيعية وبنسبة تقارب (5.5%) من حالات التقاعد، و (81) راتب وفاة ناشئة عن إصابة عمل بنسبة تقارب (0.5%) من اجمالي حالات التقاعد لعام 2017.
وأضاف المركز إلى أن فاتورة الرواتب التقاعدية لشهر شباط الماضي بلغت (81) مليون دينار. وأكّد المركز بأن المؤسسة تسعى لترسيخ ثقافة العمل في المجتمع وتكريس راتب تقاعد الضمان لحالات الشيخوخة والعجز والوفاة، وليس للخروج المبكر من سوق العمل، وتغيير هذه الثقافة في المجتمع الاردني وتوضيح سلبيات الحصول على التقاعد المبكر وانخفاض الرواتب التقاعدية جرّاء ذلك، داعياً المؤمن عليهم الذين يخرجون من سوق العمل في القطاع الخاص بشكل اضطراري أو بصفة مؤقتة إلى الاستفادة من تأمين التعطل عن العمل، وعدم اللجوء إلى التقاعد المبكر إلاّ في الحالات الاضطرارية حيث يوفر لهم هذا التأمين دخلاً لفترة محدودة لحين حصولهم على فرصة عمل أخرى.