ما الذي يحدث في البلد؟!
عبدالله المجالي
القطاع التجاري يصيح والقطاع التجاري يصرخ والقطاع الزراعي يئن وقطاع
الإنشاءات يشتكي؛ جميع هذه القطاعات تحذر وتحذر وتحذر: نحن على وشك الانيهار.
أما المواطن فقد بح صوته منذ زمن، فكل صرخاته وصيحاته كانت في واد سحيق لم
يسمعها أحد من أولي الشأن، فبات الآن كالمضروب على رأسه لا يعرف إلى أين يسير،
أو إلى أين يسير به أولو الشأن.
أربعة قطاعات تمثل الاقتصاد الحقيقي والمنتج في البلد تشتكي مر الشكوى، وتحذر من
كارثة قادمة، فعلى ماذا تعتمد الحكومة في تصريحاتها أننا سنخرج من عنق الزجاجة
في منتصف 2019؟!
هل يعقل أن كل تلك القطاعات تكذب أو تراوغ حين ترفع صوتها بالشكوى؟
أسباب وتداعيات أزمة قطاع العقار في الأردن
د. خليل عليان (*)
يعد قطاع العقارات في الأردن «Real Estate Sector « من أهم
القطاعات الحيوية في الأردن من حيث الترابطات الخلفية والأمامية للقطاع مع حوالي
32 قطاعا اقتصاديا أردنيا « Forward and Behind
Linkages» وتعزيز إيرادات الخزينة وتوفير فرص العمل، وكذلك تأمين
احتياجات السوق من الشقق السكنية في ظل تنامي الطلب عليها من قبل الأردنيين
والوافدين ويساهم قطاع العقارات والبناء في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة تقارب
10% .
يقدر أن الأردن يحتاج سنوياً إلى حوالي 80 ألف شقة لتلبية الطلب من قبل المواطنين
والعرب والأجانب المقيمين، فيما لا يتم حاليا إنشاء أكثر من 45 ألف شقة سنويا مما
يؤدي الى نقص العرض عن الطلب مما يساهم في زيادة اسعار العقار طبقا لمرونة
الطلب السعرية السالبة» Price Elasticity of Demand»
والتي تنص على أن الكمية المطلوبة تتناسب عكسيا مع زيادة السعر.
تتفاقم أزمة قطاع العقارات في الأردن في الوقت الراهن نتيجة لعدد من الأسباب نذكر
منها الآتي:
* بدء العمل بنظام جديد للأبنية في العاصمة عمان يحد من أعمال البناء ويرفع الكلف
خلال الفترة المقبلة. ويحدد نظام البناء الجديد عدد الطوابق ومساحات الشقق، ويحد من
بناء الشقق ذات المساحات الصغيرة، وهي اشتراطات، وفرض رسوم وغرامات كبيرة
في حال المخالفات تصل إلى 200% من الغرامات السابقة.
* هروب كثير من رؤوس الأموال في هذا النشاط إلى الخارج. وأن عدد شركات
الإسكان التي أخذت بتصفية أعمالها منذ بداية العام الحالي 2018 في ارتفاع مستمر،
فيما هاجرت شركات أخرى إلى الخارج بحثا عن فرص أفضل للاستثمار... وأن جمعية
الاسكان التي تمثل شركات الاسكان الأردنية تتلقى بشكل دوري طلبات تصفية لشركات
استثمارية، ما يعد مؤشراً خطيراً على مناخ الاستثمار في الأردن، ما سيكون له
انعكاسات سلبية على الاقتصاد بشكل عام... يتوقع أن يبلغ عدد الشركات التي سيتم
تصفيتها والتي ستهاجر إلى بلدان أخرى بنحو ألف شركة إسكان من أصل 3 آلاف
شركة عاملة في القطاع حالياً... وأن الاستثمارات العقارية للأردنيين في الإمارات
تحتل المرتبة الأولى من بين الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال هناك، وجاءت في
المرتبة العاشرة في تركيا العام الماضي، بعد أن كانت في المرتبة 16 قبل عدة أعوام،
وأن هناك وجهات أخرى للاستثمارات العقارية الأردنية مثل مصر وقبرص ودول
أخرى.
* ارتفاع تكلفة السكن بنسبة لا تقل عن 20%، بسبب زيادة كلف الإنشاء في ظل صعود
أسعار مستلزمات البناء.
* ارتفاع أسعار الشقق السكنية بنسبة كبيرة بسبب تراجع عمليات البناء مقابل الزيادة
في الطلب فقد ارتفع مؤشر الرقم القياسي لأسعار الأصول العقارية بنحو 50% في
آخر 10 سنوات وصعدت أسعار العقارات السكنية بكافة أشكاله.
* ارتفاع أسعار الأراضي خلال السنوات العشر لتصل تكلفها في البناء لنسبة تصل الى
ما يزيد على 50% الى 70% من تكلفة الشقق مع أن المفروض أن لا تتجاوز 30%.
* تراجع الإقبال على شراء الشقق السكنية خلال السنوات الماضية، بسبب انخفاض
القدرات الشرائية للمواطنين. إن الأعباء المعيشية أصبحت ترهق كاهل الأسر الأردنية،
ما أدى إلى زيادة الإنفاق على المتطلبات الأساسية، وتراجعت بالتالي قدراتهم على
امتلاك الشقق السكنية أو الاقتراض من البنوك ومؤسسات التمويل. وتقدر مديونية
الأفراد في الأردن لنحو 13.5 مليار دولار، لتمثل نحو 69.3% من دخلهم وفق بيانات
صادرة عن البنك المركزي.
وتشير البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي في كانون الثاني
الماضي، أن نسبة الفقر في الأردن قفزت إلى 20% خلال عام 2016، مقارنة بنحو
14.4% عام 2010م.
* ارتفاع أسعار الفائدة لدى الجهاز المصرفي وهو المقرض الرئيسي للمستثمرين في
قطاع العقارات حيث تبلغ نسبة القروض العقارية 40% من تكلفة العقار.
يؤمل أن يؤدي القرار الذي اتخذته الحكومة مؤخرا بشأن منح الجنسية والإقامة
للمستثمرين إلى إعطاء ميزة للمستثمرين في قطاع العقار وتقليل فرص خروج
المستثمرين الأجانب منهم كما يؤمل من معالي أمين العاصمة التريث في تطبيق النظام
الجديد للبناء في عمان الكبرى والأخذ بمقترحات جمعية الأسكان في الأردن لمواجهة
أزمة قطاع العقار في الأردن.
نطالب معالي أمين العاصمة بإعادة النظر في اشتراطات الأبنية الجديدة التي تم نشرها
في الجريدة الرسمية والتي سيتم تطبيقها خلال شهرين من الأن وأن يتم اشراك شركات
الأسكان ومؤسسات المجتمع المدني في تعديل نظام الأبنية الجديد الذي يواجه بانتقادات
كثيرة تتعلق باشتراطات يصعب تطبيقها تتعلق بعدد كراجات السيارات ومساحة الشقق
والارتدادات والارتفاع للعمارات والرسوم والغرامات والتي من شأنها زيادة كلفة
الأنشاءات مما يرفع أسعارها على المواطنين الذين يعانون واسرهم من صعوبة توفير
سكن كريم لهم بسبب تراجع قوتهم الشرائية نتيجة للغلاء وارتفاع التكاليف والأسعار.
(*) أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية