- اقتباس :
في الوقت الذي يتعرّض فيه قطـاع غزة الى عدوان اسرائيلي غاشم ، وتعاني فيه كل من مصـر وسوريـا من اهتزازات سياسيـة وأمنيـة عنيفــة .. ولكن الأمل مازال موجوداً ، ويُراهن على عروبة هذه الامة ..
في 10 يناير عام 1973 صدر قرار من مجلس اتحاد الجمهوريات العربية بتعيين الفريق احمد إسماعيل وزير الحربية المصري قائدا عاما للقوات الاتحادية و تعيين بهي الدين نوفل رئيسا لهيئة عمليات القيادة الاتحادية و بدأت هذا القيادة تخطيطها لعملية هجومية علي الجبهتين المصرية و السورية في وقت واحد و ان انتفت أهميه تلك القيادة عندما قامت الحرب فعليا حيث انعدم تقريبا التنسيق المصري السوري اثناء الحرب.
كان الهدف النهائي للخطة السورية استعادة هضبة الجولان بأكملها اما الخطة المصرية الاولي “المآذن العالية” التي وضعها الفريق سعد الشاذلي رئيس اركان حرب القوات المصرية فكانت تتضمن انشاء منطقة رءوس كباري علي عمق 10-12 كم داخل سيناء و اعترض عليها الفريق احمد إسماعيل مما ادي الي تطوير الخطة السابقة الي الخطة “بدر” لتقوم علي مرحلتين :
المرحلة الاولي :
عبور قناة السويس و انشاء رءوس الكباري بعمق 12 كم شرق القناة .
المرحلة الثانية :
بعد وقفة تعبوية او بدونها(الوقفة التعبوية: مصطلح يطلقعلي وقف الجيش لهجومه من اجل أعادة التنظيم و التسليح و صد هجمات العدو المضادة حتي يتمكن من شن هجومه التالي) يتم تطوير الهجوم شرقا حتي خط المضايق الجبلية بعمق 30 كم داخل سيناء ; هذه المرحلة كانت موجودة نظريا فقط و لم تدخل فعليا في استراتيجية القوات المسلحة و لم يتم التدريب عليها.
و قبل كل شيء دعونا نقارن بين القوة العسكرية المصرية و السورية ضد القوة الإسرائيلية :
ملحوظة : تتدرج تشكيلات الجيوش من الأصغر فالاكبر كالتالي :
فصيلة و يكون تعدادها من 30-40 مقاتل, سرية و يتراوح تعدادها من 100-200 مقاتل ,كتيبةويختلف تكوين كتيبة المشاة عن الكتيبة المدرعة فكتيبة المشاة تضم ما يقرب من 1000 مقاتل اما كتيبة الدبابات فتضم 33 دبابة ثم نتدرج الي اعلي حيث اللواء(اللواء مدرع يتكون من 3 كتائب مدرعة اما لواء المشاة فيضم ما بين 3000-4000 مقاتل) فالفرقة(تتكون الفرقة المدرعة من لواءين مدرعين و لواء مشاه مع كتيبة مدفعية و دفاع جوي ,اما فرقة المشاة فتتكون من لواءي مشاه و لواء مدرع مع كتيبة مدفعية و دفاع جوي و يتراوح عدد المقاتلين بها من 10000-20000 مقاتل).
القوة المصرية :
خمس فرق مشاه ,فرقتا مشاة ميكانيكية ,فرقتان مدرعتان , ثلاث الوية مظلية,بعض مجموعات الصاعقة .
القوة السورية :
3 فرق مشاه ميكانيكية ,فرقتان مدرعتان و لواءان مدرعان مستقلان.
القوة الإسرائيلية :
حشدت إسرائيل 10 الوية مدرعة للجبهة المصرية مقسمة الي 3 فرق ,اما علي الجبهة السورية فحشدت فرقتين فقط .
نلاحظ جيدا في التوجيه الاستراتيجي الصادر من الرئيس السادات انه لم يحدد مدي الاختراق الذي يجب ان تحدثه القوات المصرية بل ترك ذلك للعسكريين .
في الساعة الثانية ظهرا يوم السادس من أكتوبر انطلقت 200 طائرة مصرية و 20 طائرة عراقية من طراز “هوكرهنتر” من 20 قاعدة جوية مصرية و قد استخدمت في الضربة طائرات ميج17,سوخوي 7,سوخوي 20 و قاذفات TU-16 تحميها مقاتلات ميج 21 و نجحت الضربة في تحقيق أهدافها بنسبة 90% حيث تم شل ثلاث ممرات رئيسية و ثلاث ممرات فرعية في مطاري المليز و بير تمادا و اسكات حوالي 10 مواقع صواريخ ارض-جو “هوك” و موقعي مدفعية ميدان و تدمير مركز القيادة الرئيسي في أم مرجم و مركز الإعاقة و الشوشرة في أم خشيب و تدمير و اسكات عدد من مراكز الارسال و الرادار و خسرت مصر 5 طائرات فقط .
اما علي الجانب السوري فقد شن الطيران هجوما بقوة 80 طائرة مستهدفا مطار رامات ديفيد ,مجيدو ,مقر القياد في ميرون و محطة رادار النبي يوشع .
و في صباح يوم 7 أكتوبر نجحت فرق المشاة الخمس المصرية في العبور بكامل أسلحتها و عبرت معها 800 دبابة و نجحت في سحق القوات الإسرائيلية المعدة لصدها و هي اللواء 116 “القدس” و 3 الوية مدرعة ,أما علي الجانب السوري فقد نجحت القوات السورية في اختراق الدفاعات الإسرائيلية اختراقا عميقا ووصلوا الي مسافة 10 كم من بحيرة طبرية .
الهجوم المضاد الإسرائيلي :
بدأ العدو الهجوم المضاد يوم 8 أكتوبر,و كٌلفت القوات الإسرائيلية بصد الهجوم المصري و انقاذ الافراد المحاصرين في حصون خط بارليف ثم العبور الي الضفة الغربية للقناة و هذه الخطة كما يبدو خيالية ,فالقادة الإسرائيليين لم يكونوا علي وعي تام بما يحدث علي الجبهة و بالغوا في الاستهانة بقدرات الجيش المصري و هو خطأ سيرتكبه الجيش المصري لاحقا في معركة الثغرة .
استخدم العدو قواته المدرعة استخداما خاطئا حيث وجه دباباته فياتجاهات متفرقة بدلا من حشد دباباته في اتجاه احد القطاعات و توجيه ضربه قوية له تمكنه من الحصول علي نتائج حاسمه.
- في صباح يوم 8 أكتوبر هاجم العدوبأستخدام فرقة مدرعة بقيادة الجنرال”برن” الفرقة 18 مشاه و الفرقة الثانية مشاه و تمكنت القوات المصرية من صد الهجوم.
- بعد ظهر اليوم هاجم العدو الفرقة الثانية و نجحت الفرقة في إبادة احد الالوية و هو لواء “نيتكا” إبادة تامة و تم اسر المقدم “عساف ياجوري” قائد كتيبة مدرعات باللواء اما لواء “جابي” فخسر قدرته القتالية بينما هاجم اللواء الثالث الاسرائيلي الفرقة 18 مشاه و فشل أيضا.
- كرر العدو هجومه يوم 9 اكتوبرو لكن هذه المرة علي الفرقة 16 مشاه بأستخدام لواء رقم “600”و تمكن من اختراق الدفاعات المصرية في منطقة لواء 3المشاه الميكانيكي بالفرقة ثم عاودت القوات المصرية تنظيم أوضاعها و قامت بهجومها المضاد و نجحت في طرد اللواء الإسرائيلي.
علي الجبهة السورية تصدت فرقة “بيلد” الإسرائيلية يومي 9,8 اكتوبرلهجوم لواءين مدرعين سوريين و تم صد الهجوم السوري و في يوم 11 أكتوبر عادت القوات السورية الي خط بداية القتال “الخط الارجواني” .
الوقفة التعبوية :
بدت الجبهة المصرية هادئة الي حد ما ,فقد قامت الغواصات المصرية بحصار مضيق باب المندب لمنع أي سفن إسرائيلية من العبور كما ان فرق المشاه الخمس نظمت دفاعاتها تحسبا لأي هجوم إسرائيلي اخر,و لم يكن امام إسرائيل حل سوي العبور الي الضفة الغربية للقناة و العمل علي مؤخره الجيشين الثاني و الثالث كي تنجو اسرائل من مأزق الحرب الثابتة.
كان لدي إسرائيل خطة بالفعل للعبور تسمي “القلب الشجاع”,و في مساء 11 أكتوبر انعقد اجتماع برئاسة الجنرال حاييم بارليف و تم اختيار نقطة الدفرسوار ولكن واجهت القادة الإسرائيليين مشكلة صعبة و هي وجود الفرقتين المدرعتين 21.4 و كذاالفرقتين الميكانيكيتين 23,6 و لم تكن تلك الفرق موجودة بقوتها الكاملةحيث وصل ما تملكه من دبابات الي حوالي 400 دبابة و فور بدأ عبور الفرقتين 21 و 4 المدرعتين الي شرق القناة لتطوير الهجوم المصري اتخذت القيادة الإسرائيلية قرارها بتنفيذ العملية.
لم يٌفهم علي وجه الدقة السبب في قرار الرئيس السادات بتطوير الهجوم المصري,فالجبهة السورية كانت قد استقرتبعد وصول طلائع الفرقة الثالثة المدرعة العراقية و لواء 40 المدرع الاردني لمساندة القوات السورية ,اما علي الجبهة المصرية فبفضل الجسر الجوي الأمريكي استعادت القوات الإسرائيلية توازنها و امتلكت الفرق الإسرائيلية الثلاث ما يقرب من 1000 دبابة في مواجهة 800 دبابة مصرية متحصنة في مواقعها .
تطوير الهجوم المصري :
- في يوم 14 أكتوبر و في نطاق الجيش الثاني و بعد عبور الفرقة 21 المدرعة قابلتها مقاومة عنيفة و تلقت قصف جوي و مدفعي شديد استمر عدة ساعات فلم تتقدم سوي 5 كم من الحد الامامي للفرقة 16 مشاة و خسرت ما يقرب من 50% من قوتها.
- حاول اللواء 15 المدرع بعد اجتيازه الحد الامامي للفرقة 18 مشاة ان يزيح الدفاعات الإسرائيلية و فشل في هذا و عاد الي مناطق تمركزه الاصلية.
- اما في نطاق الجيش الثالث فقد حاول اللواء الثالث مدرع التقدم نحو ممر متلا الغربي الا ان القوات الإسرائيلية تصدت له و كبدته خسائر فادحة.
- بينما انطلق اللواء 11 ميكانيكي التابع للفرقة السابعة مشاة نحو ممر الجديو فشل أيضا و ارتد الي موقعه.
ملحوظة: خسرت مصر في معركة تطوير الهجوم 250 دبابة و هو عدد يفوق ما خسرته في الأسبوع الأول للحرب بينما خسرت إسرائيل ما يقرب من 50 دبابة فقط.
معركة الثغرة :
بدأت الاستعدادات الإسرائيلية لعبور قناة السويس في مساء 11 أكتوبر و خصصت لذلك 3 فرق بقيادة (شارون-برن-كلمان ماجن) بقوة 540 دبابة و لواء مظلي,لاقي الإسرائيليون مقاومة عنيفة اثناء العبور تمثلت في تدمير اللواء 16 مشاه المصري للواء “امنون” الإسرائيلي كما تعرض اللواء المظلي الإسرائيلي لخسائر فادحة في معركة المزرعة الصينية.
و قد حاولت القوات المصرية عدة مرات سد الثغرة و تدميرها و نوجز تلك المحاولاتكالتالي :ٍ
1-بناء علي المعلومات القليلة الخاطئة تم دفع اللواء 25 مدرع لملاقاة حتفه حيث ظن القادة المصريون ان القوة الإسرائيلية صغيرة مكونة من 7 دبابات فقط كما وردت البلاغاتو هي في الحقيقة 300 دبابة بينما كانت قوة اللواء المصري 75 دبابة فتم سحق اللواء المصري و لم يتبق منه سوي 10 دبابات فقط.
2-هاجم اللواء 18 ميكانيكي من الفرقة 21 المزرعة الصينية التي استولي عليها الإسرائيليون لاستعادتها لأهميتها و تكبد خسائر عالية ثم انسحب.
3-كٌلف اللواء 116 ميكانيكي بتدمير قوة العدو في الدفرسوارو نٌصب له كمين و تم تدمير اللواء تقريبا.
4-حاولت الكتيبة 73 صاعقة تأمين مطار الدفرسوارو لم تحقق نتائج إيجابية.
5-صدرت الأوامر لكتيبة 85 مظلات و كتيبة دبابات بالوصول الي مطار الدفرسوار و تكبدوا خسائر جسيمة أيضا .
6-تقدم اللواء 23 مدرع ووقع في كمين لعدم وجود استطلاع و لم يتبق منه سوي 8 دبابات فقط.
7-هوجم ما تبقي من اللواء 116 ميكانيكي بواسطة لواء مدرع إسرائيلي و استطاع العدو اختراق دفاعات اللواء ووصل لمقر قيادته و استشهد قائد اللواء العميد / احمد عبود الزمر.
مصادر :
- كتاب :المعارك الحربية علي الجبهة المصرية للواء جمال حماد
- مذكرات الفريق الشاذلي
- مذكرات الفريق الجمسي
- مجموعة 73 مؤرخين