بينما تتطاير الصواريخ: نظرة على نظام "القبة الحديدية" الاعتراضي الإسرائيلي
بطارية من نظام "القبة الحديدية" الإسرائيلي تعترض صاروخاً معادياً
مايكل جيه. آرمسترونغ* - (ذا كونفرزيشن) 20/4/2018
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
إفصاح لا بد منه:
لا يعمل مايكل جيه. آرمسترونغ مع، ولا يقدم المشورة لـ، أو يشارك في، أو يتلقى تمويلاً من أي شركة أو منظمة يمكن أن تستفيد من هذه المادة، ولم يكشف عن أي ارتباطات تتجاوز الصلة الأكاديمية.
* * *
بعد وابل الصواريخ التي أطلقت بقيادة أميركية على سورية مؤخراً، ثمة موجة من المزاعم والمزاعم المضادة حول مسألة اعتراض الصواريخ. وتقول سورية إن الدفاعات الجوية السورية أسقطت معظم الصواريخ التي أطلقتها أميركا وحلفاؤها، لكن الولايات المتحدة تقول إن الصواريخ المائة وخمسة كافة وصلت إلى أهدافها، على الرغم من إطلاق نحو 40 صاروخاً اعتراضياً.
بالنظر إلى هذا الجدل الجديد حول أنظمة اعتراض الصواريخ، من الجدير أن نلقي نظرة على جدال جارٍ آخر. ويحقق بحث نُشر حديثاً في فعالية أنظمة اعتراض الصواريخ الإسرائيلية المعروفة باسم "القبة الحديدية".
وصول أنظمة "القبة الحديدية"
بدأت أنظمة "القبة الحديدية" العمل في إسرائيل في العام 2011. وقد حققت هذه الأنظمة شهرة عالمية خلال حربي البلد مع غزة في العامين 2012 و2014. لكنها أثارت الكثير من الجدل أيضاً حول سويّة أدائها الحقيقية.
يتضمن كل واحد من أنظمة "القبة الحديدية" راداراً، وجهاز حاسوب، والعديد من أجهزة الإطلاق. ويقوم الرادار بتعقب الصواريخ القادمة، ثم يقدر الحاسوب بعد ذلك نقاط التأثير. وإذا تبين أن أياً من الصواريخ القادمة يهدد أهدافاً عالية القيمة، تقوم أجهزة الإطلاق بإسقاطه.
كلف تطوير هذه الأنظمة وبناؤها وإعادة تذخيرها إسرائيل مليارات عدة من الدولارات. وقد أسهمت الولايات المتحدة بمبلغ 1.3 مليار دولار من هذه الكلفة، وخصصت في ميزانيتها في الآونة الأخيرة بضع مئات إضافية من ملايين الدولارات لهذه الأنظمة أيضاً.
عملت خمسة من أنظمة "القبة الحديدية" خلال عملية "عمود الدفاع" التي شنتها إسرائيل ضد غزة في العام 2012. وزعم الإسرائيليون أنهم تمكنوا من اعتراض 424 صاروخاً. ويعادل ذلك 85 في المائة من الصواريخ التي اشتبكوا معها. وفي ذلك الحين، أعلن المراقبون أن هذه التقنية تشكل "مغير لعبة يبشر بنهاية الصواريخ".
ثم شاركت تسعة من هذه الأنظمة في عملية "الدرع الواقية" في العام 2014. وزعم الإسرائيليون أنهم نجحوا في اعتراض 735 صاروخاً وقذيفة هاون. ويشكل ذلك 92 في المائة من المقذوفات التي استهدفوها.
شكوك حول عمليات اعتراض الصواريخ
مع ذلك، يظل اعتراض الصواريخ صعباً وموضع شك في كثير من الأحيان، كما حدث في الحالة السورية. وكان المحللون قد دحضوا المزاعم الأميركية حول اعتراض الصواريخ العراقية خلال حرب الخليج في العام 1991. كما أن عمليات الاعتراض السعودية الأخيرة لصواريخ الحوثيين هي تحت النار بالمثل.
بالنسبة لأنظمة "القبة الحديدية"، تفتقر الفيديوهات التي تعرض محاولات اعتراض الصواريخ إلى التفاصيل التي تؤكد أنه تم تدمير الرؤوس الحربية للصواريخ المستهدفة. ولذلك، شكك المنتقدون في المزاعم الإسرائيلية. وقال أحد المحللين الأميركيين إن معدل الاعتراض الناجح ربما كان ما بين 30 و40 في المائة فقط. ووضعه آخر تحت 10 في المائة. ووصف ناقد إسرائيلي النظام بأنه "خديعة".
(العثرات التي يكشف عنها النظام في بعض الأحيان لا تساعد هذه التقنية. ففي العام 2016، أطلق أحد الأنظمة النار على قذائف هاون كانت تسقط خارج إسرائيل. وفي الشهر الماضي، أطلق أحدها الصواريخ الاعتراضية على رصاص بندقية رشاشة).
في الرد على هذه الانتقادات، أشار مؤيدو "القبة الحديدية" إلى الانخفاض الملحوظ في تدمير الممتلكات. لم يكن لدى إسرائيل أي أنظمة اعتراض للصواريخ في حرب لبنان الثانية في العام 2006. وفي ذلك الصراع، عانى البلد من مطالب تأمين عن الممتلكات المتضررة بنسبة 6.7 عن كل صاروخ. ثم هبط ذلك المعدل إلى 2.9 في العام 2012، وإلى 1.2 في العام 2014. وقال المؤيدون إن الانخفاض الحاد بعد وصول "القبة الحديدية" قد أثبت "نجاحه الحديدي".
نظرة فاحصة
لكن تلك المقارنة تتجاوز عن بعض التفاصيل المهمة. والتفصيل الأول هو ما عرضته عملية "الرصاص المصبوب" في العامين 2008-2009. وقد خلف ذلك الصراع مجرد 2.4 من المطالبات بالضرر لكل صاروخ. وباشتمال ذلك في الإحصائيات، ترافق ظهور أنظمة "القبة الحديدية" للمرة الأولى في العام 2011 مع زيادة طفيفة في معدلات الضرر.
تتعلق المسألة الثانية بالمخاوف إزاء الاختلافات بين الصواريخ. ففي العام 2006، أطلق مسلحو حزب الله في لبنان الآلاف من صواريخ "غراد" المدفعية على إسرائيل. وعززوا ذلك القصف بإطلاق عدة مئات من الصواريخ الأثقل وزناً.
على العكس من ذلك، مزج مسلحو حماس في غزة صواريخ غراد بصواريخ القسام الأصغر حجماً. وبالتالي كان حجم الرؤوس الحربية الصاروخية التي أطلقت من غزة نحو نصف حجم تلك التي أطلقت من لبنان.
يمكن لمعادلة معدلات الضرر نسبة إلى وزن الرؤوس الحربية أن تفسر تلك الاختلافات. وبذلك تصبح مطالبات الأضرار نسبة لكل صاروخ "قياسي" نحو 4.4، و3.9، و4.3، و1.5 على التوالي. ويقترح تقارب الأرقام الثلاثة الأولى أنه كان لأنظمة "القبة الحديدية" تأثير قليل في العام 2012. لكن الانخفاض اللاحق الكبير يشير إلى أنها أصبحت مؤثرة جداً في العام 2014.
تقدير الأداء
يحقق بحثي الجديد في هذا الموضوع بمزيد من التفصيل. ويقترح أن أنظمة "القبة الحديدية" تمكنت من اعتراض 59 إلى 75 في المائة من كل الصواريخ المهدِّدة خلال عملية "الدرع الواقية" قبل أربع سنوات. وتعني "مهدِّدة" تلك الصواريخ التي ضربت المناطق المأهولة أو تم اعتراضها قبل ذلك. وقد تجنبت عمليات الاعتراض على الأرجح ما يُقدر بما بين 42 و86 مليون دولار من الأضرار في الممتلكات. كما أنها حالت أيضاً دون وقوع ما بين ثلاث وست وفيات، وما بين 120 و250 إصابة.
تشمل هذه النسب الصواريخ التي أطلقت على أي مكان في إسرائيل. وبذلك، فإن الزعم بنسبة 92 في المائة كمعدل للاعتراض الناجح بالنسبة للمناطق التي دافعت عنها أنظمة "القبة الحديدية" يبدو معقولاً.
وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن العمليات الاعتراضية في عملية "عمود الدفاع" أوقفت أقل من 32 في المائة من الصواريخ المهدِّدة. وقد منعت في الحد الأعلى وقوع وفاتين، و110 إصابات، ونحو 7 ملايين دولار من الأضرار في الممتلكات.
كما تشير هذه البيانات أيضاً إلى أن عدد ضربات الصواريخ في المناطق المأهولة كان أقل من الواقع. وفي المقابل، يبدو أن عدد الصواريخ المهدِّدة كان مبالغاً فيه. وبذلك، ربما كان معدل الاعتراض الفعال في عملية "عمود الدفاع" أقل كثيراً من نسبة 85 في المائة التي تم الإبلاغ عنها.
محسَّنة، وإنما ليست عصية على الاختراق
تشير نتائج البحث إلى أن الجدل حول أهلية أنظمة "القبة الحديدة" كان مستقطباً للغاية. وربما كانت القيمة الأولية لهذه الأنظمة رمزية إلى حد كبير، لكنها أصبحت فيما بعد مؤثرة للغاية.
هذه أخبار جيدة لإسرائيل وممولها الأميركي. كما أنها مطمئنة أيضاً للمشترين المحتملين لأنظمة "القبة الحديدة" الذين يواجهون تهديدات من الصواريخ في الأماكن الأخرى من العالم.
وفي الحقيقة، لم يشتر أحد أياً من هذه الأنظمة حتى الآن -باستثناء أذربيجان. لكن الجيش الأميركي ربما يشتري بعضاً من الدفاعات الجوية قصيرة المدى. (اشترت كندا راداراً فقط).
ومع ذلك، لا تشكل هذه الأنظمة "نهاية الصواريخ" حقاً. ويمكن للمهاجمين أن يواجهوا هذه الأنظمة الاعتراضية بإطلاق الصواريخ في حزم كبيرة. وفي الحقيقة، يستمر خصوم إسرائيل في حيازة المزيد من الصواريخ. ويقال أن حماس، في غزة التي تمور بالصراع، لديها 10.000 صاروخ. ولدى حزب الله في لبنان 120.000. وسوف يكون من شأن هذه الترسانة الأخيرة أن ترهق بشكل خطير صواريخ الاعتراض الإسرائيلية خلال أي "حرب شمالية" مستقبلية.
وبالمثل، يستخدم المهاجمون المتطورون تقنيات تعمل على جعل صواريخهم صعبة الاعتراض. وفي ضربتهم لسورية، استخدم الأميركان وحلفاؤهم صواريخ كروز من النوع الذي يصعب تعقبه. ولا يستطيع المدافعون أن يعترضوه ما لا تستطيع راداراتهم أن تراه.
*أستاذ مشارك في أبحاث العمليات، كلية غودمان للأعمال، جامعة بروك.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان:
As missiles fly, a look at Israel’s Iron Dome interceptor