سوريا: قواعد عسكرية للتحالف بدعم عربيّ لرصد تحركات إيران… والأكراد يعلنون سحب قواتهم من منبج
خلاف بين روسيا وقوات موالية لطهران بعد نشر موسكو عسكريين على حدود لبنان
Jun 06, 2018
دير الزور ـ «القدس العربي»: اشتعلت جبهات القتال على ضفتي نهر الفرات من جديد، حيث تمكن تنظيم «الدولة الإسلامية» من عبور ضفة الفرات وقطع الأوتوستراد الرابط بين مدينتي دير الزور والميادين، في وقت يعتزم التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، إنشاء مراكز رصد ومراقبة، شرقي نهر الفرات، لوضع الانتشار العسكري الإيراني تحت مجهر التحالف.
تزامناً صرحت قوات الوحدات الكردية بأنها سحبت «خبراءها ومستشاريها العسكريين» من مدينة منبج، ليأتي ذلك متماهياً مع التفاهمات الأمريكية التركية التي توصل إليها وزيرا خارجية البلدين أخيراً في واشنطن.
وفي التفاصيل، نقل موقع «باسنيوز»، عن مصدر مطلع، أن التحالف الدولي سيقوم بإنشاء نقاط ومراكز مراقبة، ضمن المنطقة الجغرافية الهامة، شرقي الفرات، وذلك بدعم من دول عربية عدة. وأشار المصدر إلى أن هدف التحالف الدولي من نقاط الرصد والمراقبة، هو التخلص من الوجود الإيراني بشكل نهائي في سوريا. مراكز الرصد، لن تكون، وفق ما ذكره المصدر «قواعد حربية»، فقط قواعد تبنى فيها مراكز رصد كامل، وذلك بدعم من دول خليجية وعربية، وعلى رأسها السعودية.
كما قال المصدر إن «قوات التحالف الدولي تعتزم تأسيس قوات نظامية بتمويل عربي وإدارة دولية، لتتولى حماية حدود المناطق التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية، ذات الغالبية الكردية. وزاد: هناك محاولات حثيثة لدول خليجية لتأسيس (قوة عربية) من العشائر العربية في مناطق شرق الفرات في سوريا، فيما قام مسؤولون سعوديون، قبل أيام، بالتواصل مع وجهاء بعض العشائر العربية السورية، ضمن مساعيهم لإنشاء «قوة عسكرية»، من أبناء شرق الفرات، وذلك برعاية تامة من التحالف الدولي.
ولفت المصدر إلى أن شيخ عشائر شمر، حميدي دهام الجربا، يريد أن يكون رئيساً لهذه القوات، لكن السعودية ترفض ذلك، لأنها على خلاف معه، وأن النظام السوري قام بعقد مؤتمر في ريف حلب لوجهاء بعض العشائر العربية قبل يومين، كردٍ أولي على المشروع السعودي شرقي الفرات.
وقال مسؤولان في التحالف الإقليمي الداعم لدمشق إن نشر عسكريين روس في سوريا قرب الحدود اللبنانية هذا الأسبوع أثار خلافا مع قوات مدعومة من إيران ومنها جماعة حزب الله اللبنانية التي عارضت هذه الخطوة غير المنسقة.
وقال أحد المسؤولين وهو قائد عسكري في تصريح لرويترز شريطة عدم نشر اسمه إنه جرى حل الموقف أمس الثلاثاء عندما سيطر جنود من الجيش السوري على ثلاثة مواقع انتشر بها الروس قرب بلدة القصير في منطقة حمص يوم الاثنين.
وبدا أنها واقعة منفردة تصرفت فيها روسيا دون تنسيق مع حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد المدعومين من إيران. وكان الدعم الإيراني والروسي حاسما للأسد في الحرب.
وقال القائد العسكري «الخطوة غير منسقة». وتابع «القصة انحلت ورفضنا هالخطوة وعم ينتشر جيش سوري عالحدود من الفرقة 11» مضيفا أن مقاتلي حزب الله لا يزالون بالمنطقة.
ولم يرد تعليق من الجيش السوري بشأن الحادث. ودعت إسرائيل الحكومة الروسية لكبح جماح إيران في سوريا حيث شن الجيش الإسرائيلي هجمات متعددة ضد حزب الله وغيره من الأهداف التي وصفها بأنها مدعومة من إيران.
من جهة أخرى ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن النظام السوري والميليشيات الموالية له، تكبدوا خسائر بشرية خلال هجمات التنظيم، وأن ما لا يقل عن 28 من عناصر موالية لنظام الأسد قتلوا، منوهاً إلى وجود خسائر للتنظيم أيضاً وصلت إلى 16 قتيلاً. التطورات الأخيرة لصالح تنظيم الدولة، جاءت بعد نجاح التنظيم في عبور نهر الفرات، ليستعيد السيطرة على قرية «الباغوز» الواقعة على الحدود السورية – العراقية، بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي، منها.
تزامناً أفاد مصدر في مجلس مدينة دير الزور التابع للمعارضة السورية بأن عدداً من قادة تنظيم الدولة قتلوا ليل الإثنين/ الثلاثاء في قصف لطائرات التحالف الدولي. وقال المصدر «قتل عدد من قياديي تنظيم داعش في قصف استهدف منزلاً على أطراف بلدة الباغوز التي يسيطر عليها مسلحو «قسد» (الكردية) بعد أن شن عناصر التنظيم هجوماً على البلدة ما دفع طائرات التحالف للتدخل وصد هجوم داعش».
ميدانياً وبخصوص مصير منبج في شمالي سوريا أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية الثلاثاء سحب آخر قواتها من المدينة بعدما هددت تركيا مراراً بشن هجوم عليها، في خطوة من شأنها تخفيف حدة توتر طال بين أنقرة وحليفتها واشنطن. وقالت الوحدات الكردية التي تعتبرها أنقرة منظمة «إرهابية» وتخشى أن تؤسس حكماً ذاتياً كردياً على حدودها، في بيان الثلاثاء «قررت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب سحب مستشاريها العسكريين من منبج». وقررت الوحدات سحب مستشاريها حالياً بعد «وصول مجلس منبج العسكري إلى الاكتفاء الذاتي» وفق البيان.
وفي نفي تركي لذلك قالت وكالة الاناضول إن تنظيم ب ي د/ بي كاكا «الإرهابي» يواصل وجوده في مدينة منبج شرقي حلب شمالي سوريا، رغم إعلان التنظيم انسحابه من المدينة. وقالت مصادر محلية في المدينة لمراسل الأناضول، إن «عناصر التنظيم ما زالوا موجودين بمكانهم، وقد تخفى معظمهم تحت زي ما يسمى (قوات سوريا الديمقراطية)، و(مجلس منبج العسكري) التابعين أساسًا للتنظيم». في حين أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو أن مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية سيُنزع سلاحهم لدى مغادرتهم مدينة منبج في شمال سوريا في إطار خريطة طريق مُتفق عليها مع الولايات المتحدة.
ويأتي البيان الكردي غداة لقاء بين وزيري الخارجية الأمريكي مايك بومبيو والتركي مولود تشاويش أوغلو في واشنطن، أكدا خلاله «دعمهما لخريطة طريق» حول تعاونهما بشأن المدينة الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي وتبعد نحو 30 كيلومتراً عن الحدود التركية. ولم يتطرق البيان إلى «خريطة الطريق»، إلا أن المتحدث باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش قال لوكالة فرانس برس الثلاثاء إن «هذا الانسحاب جاء بعد الاتفاق الأمريكي – التركي».
من جهته قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «ليس هناك خطط لسحب القوات الأمريكية من منبج»، مشيراً إلى أن تفاصيل من خريطة الطريق لا تزال تنتظر تحديدها، بينما حذر الباحث في المعهد الأطلسي أرون شتاين من أن انسحاب الوحدات من منبج لا يضمن عدم عودة التوتر. وقال «إذا تعرقل تطبيقها قد يعود الفريقان إلى المربع الأول»، مشيراً إلى أنه على قوات سوريا الديمقراطية أن «تتخذ خطوات تمنع توسيع نموذج منبج ليشمل بلدات أخرى».
الباحث السياسي سعد الشارع قال إن الاتفاق بين الولايات المتحدة الامريكية وأنقرة حول منبج، يشير إلى عودة الحلف الطبيعي بين واشنطن وتركيا. وأشار إلى أن الحل سيكون بتشكيل إدارة محلية لهذه المدينة بإشراف الجانب التركي، على أن تكون كوادرها من أهالي المنطقة». أما الباحث في الشؤون الروسية – التركية. باسل الحاج جاسم فرأى أنه من المبكر الحديث عن مصير الميليشيات الكردية، لكنه أعرب عن ضرورة رصد ما سيحدث على أرض الواقع في منبج، لأنها ستكون بمثابة ساحة اختبار للتفاهم الأمريكي – التركي، مضيفاً «إذا نجحت سيتم نقلها إلى معظم مناطق شرق الفرات من عين العرب إلى تل أبيض والرقة والحسكة والقامشلي».