|
| العالم الذي نعيش فيه | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: العالم الذي نعيش فيه الأحد 19 أغسطس 2018, 10:52 am | |
| العالم الذي نعيش فيه (1) عالم واقعي: اللاعبون يتغيرون، لكن اللعبة تبقى
ستيفن كوتين* - (فورين أفيرز) عدد تموز (يوليو)/ آب (أغسطس) 2018
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
ليست الجغرافيا السياسية عائدة من أي مكان؛ لأنها لم تذهب أبداً إلى أي مكان. وقوس التاريخ ينحني في اتجاه الوهم. كل مُهيمن يعتقد أنه الأخير؛ وكل العصور تعتقد أنها ستدوم إلى الأبد. وفي الواقع، بطبيعة الحال، تنهض الدول، وتسقط، وتتنافس واحدتها مع الأخرى على الطريق. والكيفية التي تفعل بها ذلك تقرر مصير العالَم. الآن، كما دائماً، سوف تُحرك سياسات القوة العظمى الأحداث، وسوف تتقرر الخصومات والمنافسات الدولية بالقدرات النسبية للمتنافسين -رأسمالهم المادي والبشري، وقدرتهم على حكم أنفسهم وإدارة شؤونهم الخارجية بفعالية. ويعني هذا أن مسار العصر المقبل سوف يتحدد إلى حد كبير بالكيفية التي تدير بها الصين والولايات المتحدة موارد قوتيهما، والعلاقة بينهما. تماماً كما سمحت المملكة المتحدة صاحبة التجارة الحرة لمنافستها، ألمانيا الإمبريالية، بأن تصبح قوية، فعلت الولايات المتحدة صاحبة التجارة الحرة الشيء نفسه مع الصين. لم يكن خطيراً على المُهيمن الليبرالي أن يسمح للمنافسين المستبدين بأن يكسبوا الأرضية، كما جرى المنطق، لأن المتحدِّين سوف يواجهون بالضرورة خياراً قاسياً: أن يظلوا مستبدِّين وراكدين، أو أن يصبحوا ليبراليين حتى يستمروا في النمو. وفي كلتا الحالتين، سوف يكون المهيمِن على ما يرام. ولم تنتهِ الأمور إلى خير في المرة الأولى، وهي تبدو موضع شك في هذه المرة، أيضاً. سوف يكون لدى الصين قريباً اقتصاد أكبر بطريقة يعتد بها من اقتصاد الولايات المتحدة. وهي لم تتحول إلى الديمقرطية بعد، ولن تفعل في أي وقت قريب، لأن البناء المؤسسي الشيوعي لا يسمح بالدمقرطة الناجحة. لكن الاستبدادية لم تعنِ الركود، لأن المؤسسات الصينية تمكنت من مزج الجدارة بالفساد، والكفاءة بعدم الكفاءة، واستطاعت بطريقة ما إبقاء البلد ماضياً إلى الأمام والأعلى. وربما يبطئ البلد الخطو، بل وحتى ينفجر بسبب تناقضاته التي لا تُحصى. لكن التحليلات كانت تتنبأ بذلك بالضبط منذ عقود، وكانت مخطئة دائماً حتى الآن. في الأثناء، وبينما كانت الصين تزداد قوة وتمضي قدُماً -إلى حد كبير ضد التوقعات- وقعت الولايات المتحدة والديمقراطيات المتقدمة الأخرى في اختلال وظيفي محلي، جاعلة قوتها المستقبلية الخاصة موضع شك. وقد تمكنت نخبها من إدارة أجيال العولمة بما يكفي من النجاح لتمكين حراك اجتماعي واسع وتقدم بشري مهم في كل أنحاء العالم، وأبلت حسناً على طول الطريق. لكنها تجاهلت، بينما تشبع حتى التخمة، الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية لكل هذا على المواطنين في أطرافها وهوامشها الداخلية. وقد صنع ذلك فُرجة ليستغلها الديماغوجيون، وهو ما فعلوه بحماس المنتقِم.
كان الركود العظيم قد وضع نهاية لعصرٍ سابق من العولَمة -واحد بدأ في أواخر القرن التاسع عشر. واعتقد البعض أن الأزمة المالية العالمية للعام 2008 ربما تفعل الشيء نفسه بالموجة الحالية. وقد نجا النظام، لكن تدابير الطوارئ التي استُخدِمت لإنقاذه –بما فيها عمليات إنقاذ البنوك، وإنما ليس الناس العاديين- كشفت تناقضاته الداخلية وسلطت الضوء عليها. وفي العقد الذي تلا، نمت الحركات المناهضة للمؤسسة مثل الفطر. ليست المنافسة القائمة بين الصين والولايات المتحدة اليوم سوى تطور جديد في قصة قديمة. فحتى بداية القرن العشرين، كانت الصين -وإلى حد كبير- أكبر اقتصاد وأقوى بلد في العالم، مع حصة تقدر بنحو 40 في المائة من الناتح المحلي الإجمالي العالمي. ثم دخلت في طور هبوط طويل، في الداخل والخارج –حول نفس الوقت الذي وُلدت فيه الولايات المتحدة وبدأت طريق صعودها الطويل إلى الهيمنة العالمية. وما كان صعود الولايات المتحدة ليحدث من دون ضعف الصين، بالنظر إلى مدى أهمية هيمنة الولايات المتحدة على آسيا للتفوق الأميركي. ولكن، ما كان انبعاث الصين ليحدث أيضاً من دون قيام الولايات المتحدة بتوفير الأمن والأسواق المفتوحة أيضاً. هكذا هيمنت كلتا الدولتين على العالم، ولكل منهما نقاط قوتها وضعفها، ولأول مرة، أصبحت كل منهما تواجه الأخرى كنظير. ومن المبكر كثيراً معرفة ما الذي ستكشف عنه الأشواط القادمة. لكننا نستطيع أن نكون على ثقة من أن اللعبة سوف تتواصل. احذر إزاء ما تتمناه حتى تفهَم عالم الغد، انظر وراء إلى الأمس. في السبعينيات، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها أغنياء، وإنما غير منظمين وراكدين؛ كان الاتحاد السوفياتي قد حقق التكافؤ العسكري وكان يواصل التسلُّح؛ وكانت الصين تعاني من الاضطرابات الداخلية والفقر؛ وكانت الهند أفقر من الصين؛ وبالكاد كان لدى البرازيل، التي كانت تحكمها طغمة عسكرية، اقتصاد أكبر من اقتصاد الهند؛ وكانت جنوب أفريقيا مقسمة إلى أوطان تحت نظام من العنصرية المؤسسية. بعد أربعة عقود من ذلك، تحلَّل الاتحاد السوفياتي، واعتنقت الدول التي خلفته نظام الرأسمالية والمُلكية الخاصة. والصين، التي ظلت شيوعية سياسياً، اختارت الأسواق وفضلتها على التخطيط، ونمت لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم. والهند التي كانت معدمة ذات مرة، أصبحت الآن سادس أكبر اقتصاد. وأصبحت البرازيل ديمقراطية، وشهدت إقلاعاً اقتصادياً، ولديها الآن ثامن أكبر اقتصاد في العالم. وجنوب أفريقيا أطاحت بنظام الفصل العنصري وأصبحت الآن ديمقراطية متعددة الأعراق. لم يكن مسار هذه التغيرات عرَضياً. فبعد الحرب العالمية الثانية، عملت الولايات المتحدة وحلفاؤها جاهدين من أجل خلق عالم مفتوح، بتجارة تزداد حرية باطراد، وبتكامل عالمي يتسع بلا توقف. وقد راهن صانعو الساسة على أنهم إذا بنوا هذا العالَم، فإن الناس سيأتون. وكانوا مُحقّين. وإذا ما أُخِذت معاً، فقد كانت النتائج استثنائية قطعاً. لكن نفس صانعي السياسة هؤلاء والذين جاؤوا بعدَهم لم يكونوا مستعدين للنجاح عندما حدث. تخلق العولمة الثروة عن طريق إغواء المراكز الحضرية الدينامية في الدول الأغنى بالاستثمار في الخارج بدلاً من الاستثمار في الأطراف والمناطق الهامشية داخل الوطن. وهذا يزيد فعالية الاقتصاد والعوائد المطلقة، كما تقترح النظرية الاقتصادية التقليدية، أكثر أو أقل. وقد أفضى إلى التقليل من عدم المساواة على المستوى العالمي، عن طريق تمكين مئات الملايين من الناس من النهوض من ربقة الفقر المدقع. ولكن، في الوقت نفسه، كان هذا الاقتصاد مُعاد التوجيه يزيد من عدم تكافؤ الفرص المحلية والشعور بالخيانة السياسة في داخل الدول الغنية نفسها. وبالنسبة لبعض الخاسرين، يصبح الجرح أكثر إيلاماً بسبب ما يبدو إهانة ثقافية، بينما تصبح مجتمعاتهم أقل ألفة باطراد. وقد ركزت النخب الغربية على حصاد منافع العولمة بدلاً من تقليل كلفها، ونتيجة لذلك، زودت العملية بشحنات من القوة الإضافية، لتزيد بذلك من عواقبها المدمرة. أقنع كثيرون جداً أنفسهم بأن التكامل العالمي يتعلق أساساً بالاقتصاد والتماثل، وبأنه سوف يمضي قدماً بصورة حتمية. ولم يكن سوى بضع متنبئين، مثل العالِم السياسي صامويل هنتغنغتون، هم الذين أشاروا إلى أن الثقافة تظل أقوى، وأن التكامل يمكن أن يبرز الاختلافات بدلاً من أن يحلها، سواء في الوطن أو في الخارج. وفي العام 2004، لاحظ هنتنغتون: "في أميركا اليوم، توجد فجوة رئيسية بين نُخب الأمة والجمهور العام حول بروز الهوية الوطنية مقارنة بالهويات الأخرى وحول الدور المناسب لأميركا في العالم. وأصبحت عناصر مهمة من النخبة تنفصل بشكل متزايد عن بلدها، وفي المقابل، أصبح الجمهور الأميركي يشعر بخيبة أمل متزايدة من حكومته". وسرعان مع اغتنم رجال الأعمال السياسيون "الخارجيون" اللحظة. بعد أن اعتنقت أيديولوجية العولمة، تركت النُخب الغربية نفسها مكشوفة أما تحدٍ سياسي جماهيري متأسس في الأغلبية القومية التي كانت هذه النُخب قد تخلَّت عنها. وربما تكون حجج المدافعين عن التمردات الشعبية مليئة بالزيف، لكن عواطف ناخبيهم حقيقية، وتعكس المشكلات الرئيسية التي تجاهلها الخبراء المفترضون أو رفضوها. كان ذلك حينذاك مع كل التغيرات الهائلة التي حدثت على مدى القرن الماضي، فإن الصورة الجيوسياسية الماثلة اليوم تشبه إلى حد كبير تلك التي كانت حاضرة في السبعينيات، بل وحتى العشرينيات من القرن الماضي، ولو مع اسثناء واحد حاسم. القوة الروسية المتناقصة -وإنما المقيمة- في أوراسيا؟ صحيح. وجود ألمانيا في قلب أوروبا قوية، وإنما عقيمة؟ صحيح. عملاق أميركي مشتت الانتباه، قوي بما يكفي ليقود، لكنه متردد في فعل ذلك؟ صحيحي. برازيل وجنوب إفريقيا تهيمنان على مناطقهما؟ صحيح. ولكن، وبصرف النظر عن المؤشرات على بداية حركة لمراكز القوة الهندية والعثمانية والفارسية، فإن الفارق الأكثر أهمية اليوم هو حلول الصين محل اليابان لتكون اللاعب الأساسي في ميزان القوى الآسيوي. كان اجتهاد الصين هائلاً ومشهدياً، وكسب ذلك البلد بالتأكيد موقعه الجديد عن جدارة. لكنه ما كان يمكن أن يحقق ما حققه على مدى الجيلين الماضيين من دون الانفتاح الاقتصادي والأمن العالمي اللذين وفرتهما الولايات المتحدة كقوة مهيمنة ليبرالية. ومنذ أواخر القرن التاسع عشر وإلى القرن العشرين، وعلى النقيض من الأوروبيين واليابانيين، أنفقت الولايات المتحدة القليل من الجهد –نسبياً- في محاولة إقامة حكم استعماري مباشر في أراض أجنبية. وقد اختارت بدلاً من ذلك تعزيز مصالحها أكثر من خلال التحالفات الطوعية، والمؤسسات متعددة الأطراف والتجارة الحرة. وجاء هذا الاختيار مدفوعاً إلى حد كبير بالمصلحة الذاتية المستنيرة أكثر من كونه مدفوعاً بالإيثار والغيرية، وكان مدعوماً بهيمنة عسكرية عالمية. وبهذا، فإن الهيئات العديدة متعددة الأطراف وعمليات نظام ما بعد الحرب تُفهم أفضل ما يكون -ليس كمفهوم خيالي جديد يدعى "النظام العالمي الليبرالي"، وإنما كآليات لتنظيم وتوسيع مدار النفوذ الجديد والهائل للولايات المتحدة. تحاول الدول القوية ذات الأيديولوجيات المتميزة بشكل عام أن تمارس التبشير، وعادة ما يتقاطر المتحوِّلون بشكل عام إلى فائز. ولذلك يجب أن يكون مفاجئاً بالكاد أن تصبح الديمقراطية، وحكم القانون، والقيم الأميركية الأخرى، شعبية على نطاق عالمي خلال سنوات ما بعد الحرب، بالنظر إلى قوة المثال الأميركي (حتى على الرغم من حقيقة أن المثُل الأميركية كانت تُكَّرم من خلال انتهاكها أكثر من احترامها). لكن القوة النسبية للولايات التحدة تراجعت الآن، وأصبحت الماركة التجارية الأميركية تواجه المتاعب، وتكشَّفت هشاشة نظام ظلَّ معتمداً على قوة الولايات المتحدة وكفاءتها وصورتها. هل ستجد القوتان العظميان الجديدتان طريقة لإدارة منافستهما من دون السير إلى الحرب؟ إذا لم تتمكنا من فعل ذلك، فيحتمل كثيراً أن يكون السبب هو تايوان. ويشكل هذا النمر الآسيوي المزدهر أيضاً شيئاً آخر يُعزى إلى العولمة، بعد أن أصبحت تايوان غنية وقوية ومزدهرة بعد بدايتها غير المثيرة للإعجاب قبل سبعة عقود. لكن بكين ظلت حازمة في إصرارها على استعادة الأراضي كافة التي تعتبرها ممتلكاتها التاريخية، وقد أعاد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، شخصياً التأكيد على أن تايوان هي أرض صينة و"مصلحة جوهرية". كما أن جيش التحرير الشعبي، من جانبه، حشد القدرة بالتدريج من أجل الاستيلاء على الجزيرة بالقوة. ربما تبدو هذه الخطوة المتطرفة مجنونة، بالنظر إلى حجم الفوضى التي يمكن أن تثيرها، وبكم من العمق يعتمد نجاح الصين الداخلي المستمر على الاستقرار الخارجي. لكن استطلاعات الرأي بين سكان الجزيرة سجلت اتجاهاً حاسماً نحو الإبقاء على كيان تايواني منفصل، على النقيض مما كانت بكين قد توقعته من التكامل الاقتصادي. (ليست النخب الغربية هي الوحيدة التي تنطوي على الأوهام). فهل ستقف بكين تزداد قوة باطراد على الهوامش وتشاهد جائزتها التي سعت إليها طويلاً وهي تنسرب من يدها؟ هكذا هي الأمور الآن على مدى العقد الأخير، أربكت روسيا التوقعات حين تمكنت من النجاة من أسعار النفط المتقلبة والعقوبات الغربية. وقد يكون نظام فلاديمير بوتين حكومة عصابة من اللصوص، لكنه ليس ذلك فحسب. فحتى الأنظمة الاستبدادية الفاسدة يمكن أن تعرض حكماً رشيداً مستداماً في بعض المجالات الرئيسية، وقد تمكنت سياسة اقتصاد كلي ذكية من إبقاء روسيا عائمة. لدى الصين، أيضاً، نظام استبدادي بلطجي وفاسد، وقد أثبتت هي أيضاً كونها أكثر تكيفاً بكثير مما تخيل معظم المراقبين أنه ممكن. وقد تمكنت نُخبها من تطوير بلد بحجم قارة بسرعة ونطاق لم يسبق لهما مثيل، إلى درجة يتساءل معها الكثيرون عما إذا كانت الصين ستهيمن على العالَم. وكان المرء ليتوقع في العام 1800 أن تهيمن الصين بعد قرن لاحقاً –لكن القوة الصينية انهارت بدلاً من ذلك وحلَّقت القوة الأميركية. لذلك تبقى إسقاطات الخط المستقيم محفوفة دائماً بالمخاطر. ولكن، ماذا لو أن تلك النبوءة من بواكير القرن التاسع عشر لم تكن مخطئة، وإنما كانت مبكرة فحسب’ مع أن النظم الاستبدادية قوية جداً، فإنه هشة مع ذلك؛ في حين أن الديمقراطية بائسة ومثيرة للشفقة، وإنما مرنة وقادرة على المقاومة. وما تزال الصين الآن سائرة في شوط طويل من النجاح المستقر، لكن الأمور يمكن أن تتغير بسرعة. فبعد كل شيء، قاد ماو تسي تونغ نفس النظام بالضبط، وكان واحداً من القادة الأكثر بربرية وتدميراً للذات في التاريخ. وتماماً كما افترض الكثير من الناس ذات مرة أن الصين لا يمكن أن تقطع أبداً هذا الشوط البعيد بهذه السرعة الكبيرة، فإن البعض يفترضون الآن أن صعودها يجب أن يتواصل بشكل حتمي -ولو مع القليل من التبرير. جاء قرار شي جين بينغ مركزة السلطة من مصادر متعددة، لكن واحداً منها بالتأكيد هو تقدير لكَم هي المشاكل التي تواجهها الصين صعبة. وردة الفعل الطبيعية للأنظمة الاستبدادية على الأزمات هو تشديد قبضتها على القمة. ويسمح ذلك باستغلال أكبر للأحداث في المدى القريب، وينتج أحياناً نتائج قصيرة الأجل مثيرة للإعجاب. لكنه لم يكن حتى الآن وصفة للنجاح الأصيل على المدى الطويل. مع ذلك، في الوقت الحالي، تتطلع الصين –مدعومة باقتصادها الهائل- إلى بسط سلطتها في كل الاتجاهات، من بحر الصين الشرقي إلى بحر الصين الجنوبي، إلى المحيط الهندي، إلى آسيا الوسطى، بل وحتى إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية. وقد اجتمعت الثروة مع الثبات لخلق صورة مثيرة للإعجاب للقوة الناعمة إلى جانب صورة القوة الصلبة، والتي تمكِّن الصين من شق الطرق إلى تخوم مناطق منافستها نفسها. على سبيل المثال، تشكل أستراليا ديمقراطية غنية وقوية بدرجة عالية من التضامن الاجتماعي، وعموداً حاسماً للنظام الأميركي -ويصادف أنها تقع في طريق توسع الصين. وكان نفوذ الصين وتدخلها هناك ينموان بثبات على مدى الجيل الأخير، كنتيجة طبيعة للاعتمادية الاقتصادية المتبادلة، وبفضل حملة مثابِرة طويلة الأمد شنتها الصين لإغواء أستراليا لتكون نسخة القرن الحادي والعشرين من تطبيع فنلندا Finlandization. (1) وتجري عمليات مشابهة عبر كل آسيا وأوروبا، بينما تعكف الصين على بناء "أوراسيا كبرى" متمحورة حول بكين، بل وربما تحويل وجهات أوروبا نفسها بعيداً عن الأطلسي. في الوقت الحالي، يعطي تراجع الولايات المتحدة دفعة للصين. لكن هناك في الحقيقة، كما لاحظ آدم سميث، "قدر كبير من الدمار في الأمة"، وتبقى الولايات المحدة أقوى قوة في العالم، وبمسافة كبيرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه ستكون لعبة ثنائية صرفة. نعم، لقد سمحت المملكة المتحدة لألمانيا بأن تصعد وتقود تحدياً للهيمنة ضدها –مرتين. لكنها سمحت أيضاً للولايات المتحدة بأن تصعد، وهكذا، عندما جاءت تلك التحديات، كان من الممكن –كما فهم ونستون تشرشل- أن يأتي "العالم الجديد"، بقدرته وقوته، لنجدة "العالم القديم". بنفس الطريقة، سمحت الولايات المتحدة للصين بأن تصعد، لكنها سهّلت أيضاً نمو أوروبا، واليابان، والهند، والبرازيل والكثير من الآخرين. ومهما كان مقدار احتمال ضيق هؤلاء اللاعبين بعناصر من القوة الأميركية أو مطاردة الاستثمار الصيني، فإنهم سيفضلون استمرار الترتيبات الحالية على إجبارهم على الخضوع للـ"المملكة الوسطى". قد تبدو قضية اليوم متعلقة بما إذا كان مجال النفوذ الصيني يمكن أن يتسع من دون أن ينقض النظام الحالي الذي صنعته الولايات المتحدة والنظام الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. لكن السفينة أقلعت فعلاً: فقد توسع مجال الصين بشكل مذهل وسوف يواصل ذلك. وفي الوقت نفسه، كسب انبعاث الصين لها الحق في أن تكون صانعاً للقواعد. وبذلك، يكون السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت الصين ستعامل الدول الأخرى بازدراء وقسوة، لأنها تستطيع -وما إذا كانت الولايات المتحدة ستتقاسم معها القيادة العالمية، لأنها يجب أن تفعل. هل تكون التزامات المُهيمن متعالقة، بحيث يعني التخلي عن بعض منها تقويض البقية؟ هل يمكن أن تتحلل التحالفات والضمانات في مكان بينما تبقى تلك الموجودة في مكان آخر متماسكة؟ باختصار، هل إعادة التخندق ممكنة، أم أن أدنى إلماح إلى التراجع يجب أن يتحول إلى هزيمة؟ ربما يكون انتقال أميركي منفذ جيداً من نشاط الهيمنة المفرط إلى انخراط عالمي أكثر انتقائية على أساس المصالح الجوهرية موضع ترحيب في الوطن والخارج على حد سواء، مهما كان مقدار شكوى الساسة والمفكرين من هذا الاتجاه. لكن حالات إعادة التخندق السلمي تظل نادرة، ولم تبدأ أي منها من مثل هذه القمة. لا يخبرنا التاريخ بأي شيء عن المستقبل سوى أن المستقبل سيفاجئنا. ربما تعمل تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، والذكاء الاصطناعي والثورات الرقمية والجينية، على إحداث انقلاب في التجارة وتزعزع استقرار العالم بشكل جذري. لكن النتائج الجيدة في الجيوسياسة تبقى ممكنة أيضاً –فليست الواقعية مشورة لليأس. وحتى يتمكن مجالدو اليوم من اجتياز المتناقضات وتجنب التشاجر والإطباق على حناجر بعضهم البعض مثلما فعل معظم أسلافهم، ثمة أربعة أشياء ستكون ضرورية. على صانعي السياسة الغربيين أن يجدوا طرقاً لجعل أغلبيات كبيرة من مواطنيهم تستفيد من -وتعتنق عالماً مفتوحاً ومتكاملاً. ويجب على صانعي السياسة الصينيين أن يواصلوا صعود بلدهم بشكل سلمي، من خلال التسويات، بدلاً من التحول إلى الإكراه في الخارج أيضاً. وتحتاج الولايات المتحدة إلى إيجاد التوازن الصحيح تماماً بين الردع القوي والطمأنة القوية مع الصين، وأن تعيد ترتيب بيتها محلياً. وأخيراً، سيكون على نوع من المعجزة أن يعتني بتايوان.
*مؤرخ وأكاديمي ومؤلف أميركي. وهو حالياً أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة برينستون، وزميل معهد هوفر في جامعة ستانفورد. آخر كتبه هو الثاني مما يفترض أن تكون ثلاثة مجلدات، والذي يناقش حياة وأوقات الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، "ستالين في انتظار هتلر، 1928-1941". (2017).
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Realist World: The Players Change, but the Game Remains
هامش: (1) تطبيع فنلندا، هو العملية، أو النتيجة التي دفعت فنلندا -لأسباب اقتصادية- إلى تفضيل، أو على الأقل عدم معارضة، مصالح الاتحاد السوفياتي السابق على الرغم من عدم تحالفها سياسياً معه.
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 02 سبتمبر 2018, 6:12 am عدل 1 مرات |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العالم الذي نعيش فيه الأحد 19 أغسطس 2018, 10:56 am | |
| Realist World The Players Change, but the Game RemainsGeopolitics didn’t return; it never went away. The arc of history bends toward delusion. Every hegemon thinks it is the last; all ages believe they will endure forever. In reality, of course, states rise, fall, and compete with one another along the way. And how they do so determines the world’s fate. Now as ever, great-power politics will drive events, and international rivalries will be decided by the relative capacities of the competitors—their material and human capital and their ability to govern themselves and their foreign affairs effectively. That means the course of the coming century will largely be determined by how China and the United States manage their power resources and their relationship. Just as the free-trading United Kingdom allowed its rival, imperial Germany, to grow strong, so the free-trading United States has done the same with China. It was not dangerous for the liberal hegemon to let authoritarian competitors gain ground, the logic ran, because challengers would necessarily face a stark choice: remain authoritarian and stagnate or liberalize to continue to grow. Either way, the hegemon would be fine. It didn’t end well the first time and is looking questionable this time, too. China will soon have an economy substantially larger than that of the United States. It has not democratized yet, nor will it anytime soon, because communism’s institutional setup does not allow for successful democratization. But authoritarianism has not meant stagnation, because Chinese institutions have managed to mix meritocracy and corruption, competence and incompetence, and they have somehow kept the country moving onward and upward. It might slow down soon, and even implode from its myriad contradictions. But analysts have been predicting exactly that for decades, and they’ve been consistently wrong so far. Meanwhile, as China has been powering forward largely against expectations, the United States and other advanced democracies have fallen into domestic dysfunction, calling their future power into question. Their elites steered generations of globalization successfully enough to enable vast social mobility and human progress around the world, and they did quite well along the way. But as they gorged themselves at the trough, they overlooked the negative economic and social effects of all of this on citizens in their internal peripheries. That created an opening for demagogues to exploit, which they have done with a vengeance. Today’s competition between China and the United States is a new twist on an old story. The Great Depression ended an earlier age of globalization, one that began in the late nineteenth century. Some thought the global financial crisis of 2008 might do the same for the current wave. The system survived, but the emergency measures implemented to save it—including bailouts for banks, but not for ordinary people—revealed and heightened its internal contradictions. And in the decade following, antiestablishment movements have grown like Topsy. Today’s competition between China and the United States is a new twist on an old story. Until the onset of the nineteenth century, China was by far the world’s largest economy and most powerful country, with an estimated 40 percent share of global GDP. Then it entered a long decline, ravaged from without and within—around the same time the United States was born and began its long ascent to global dominance. The United States’ rise could not have occurred without China’s weakness, given how important U.S. dominance of Asia has been to American primacy. But nor could China’s revival have occurred without the United States’ provision of security and open markets. So both countries have dominated the world, each has its own strengths and weaknesses, and for the first time, each confronts the other as a peer. It is too soon to tell how the innings ahead will play out. But we can be confident that the game will continue. BEWARE OF WHAT YOU WISH FORTo understand the world of tomorrow, look back to yesterday. In the 1970s, the United States and its allies were rich but disordered and stagnant; the Soviet Union had achieved military parity and was continuing to arm; China was convulsed by internal turmoil and poverty; India was poorer than China; Brazil, ruled by a military junta, had an economy barely larger than India’s; and South Africa was divided into homelands under a regime of institutionalized racism. Four decades later, the Soviet Union has dissolved, and its successor states have embraced capitalism and private property. China, still politically communist, chose markets over planning and has grown to have the world’s second-largest economy. Once-destitute India now has the sixth-largest economy. Brazil became a democracy, experienced an economic takeoff, and now has the eighth-largest economy. South Africa overturned apartheid and became a multiracial democracy. The direction of these changes was no accident. After World War II, the United States and its allies worked hard to create an open world with ever-freer trade and ever-greater global integration. Policymakers bet that if they built it, people would come. And they were right. Taken together, the results have been extraordinary. But those same policymakers and their descendants weren’t prepared for success when it happened. - اقتباس :
Globalization creates wealth by enticing dynamic urban centers in richer countries to invest abroad rather than in hinterlands at home. Globalization creates wealth by enticing dynamic urban centers in richer countries to invest abroad rather than in hinterlands at home. This increases economic efficiency and absolute returns, more or less as conventional economic theory suggests. And it has reduced inequality at the global level, by enabling hundreds of millions of people to rise out of grinding poverty. But at the same time, such redirected economic activity increases domestic inequality of opportunity and feelings of political betrayal inside rich countries. And for some of the losers, the injury is compounded by what feels like cultural insult, as their societies become less familiar. Western elites concentrated on harvesting globalization’s benefits rather than minimizing its costs, and as a result, they turbocharged the process and exacerbated its divisive consequences. Too many convinced themselves that global integration was fundamentally about economics and sameness and would roll forward inexorably. Only a few Cassandras, such as the political scientist Samuel Huntington, pointed out that culture was more powerful and that integration would accentuate differences rather than dissolve them, both at home and abroad. In 2004, he noted that - اقتباس :
in today’s America, a major gap exists between the nation’s elites and the general public over the salience of national identity compared to other identities and over the appropriate role for America in the world. Substantial elite elements are increasingly divorced from their country, and the American public, in turn, is increasingly disillusioned with its government. Soon enough, “outsider” political entrepreneurs seized the moment. Having embraced an ideology of globalism, Western elites left themselves vulnerable to a mass political challenge based on the majoritarian nationalism they had abandoned. The tribunes of the popular insurgencies may traffic in fakery, but the sentiments of their voters are real and reflect major problems that the supposed experts ignored or dismissed. THAT WAS THENFor all the profound changes that have occurred over the past century, the geopolitical picture today resembles that of the 1970s, and even the 1920s, albeit with one crucial exception. Diminished but enduring Russian power in Eurasia? Check. Germany at the core of a strong but feckless Europe? Check. A distracted U.S. giant, powerful enough to lead but wavering about doing so? Check. Brazil and South Africa dominating their regions? Check. Apart from the stirrings of older Indian, Ottoman, and Persian power centers, the most important difference today is the displacement of Japan by China as the central player in the Asian balance of power. China’s industriousness has been phenomenal, and the country has certainly earned its new position. But it could never have achieved what it has over the last two generations without the economic openness and global security provided by the United States as a liberal hegemon. From the late nineteenth and into the twentieth century, the United States—unlike the Europeans and the Japanese—spent relatively little effort trying to establish direct colonial rule over foreign territory. It chose instead to advance its interests more through voluntary alliances, multilateral institutions, and free trade. That choice was driven largely by enlightened self-interest rather than altruism, and it was backed up by global military domination. And so the various multinational bodies and processes of the postwar system are actually best understood not as some fundamentally new chimera called “the liberal international order” but as mechanisms for organizing and extending the United States’ vast new sphere of influence. Strong countries with distinctive ideologies generally try to proselytize, and converts generally flock to a winner. So it should hardly be surprising that democracy, the rule of law, and other American values became globally popular during the postwar years, given the power of the U.S. example (even in spite of the fact that U.S. ideals were often more honored in the breach than the observance). But now, as U.S. relative power has diminished and the U.S. brand has run into trouble, the fragility of a system dependent on the might, competency, and image of the United States has been exposed. Will the two new superpowers find a way to manage their contest without stumbling into war? If not, it may well be because of Taiwan. The thriving Asian tiger is yet another tribute to the wonders of globalization, having become rich, strong, and democratic since its unprepossessing start seven decades ago. But Beijing has been resolute in insisting on reclaiming all territories it regards as its historical possessions, and Chinese President Xi Jinping has personally reaffirmed that Taiwan is Chinese territory and a “core interest.” And the People’s Liberation Army, for its part, has gradually amassed the capability to seize the island by force. Such a radical move might seem crazy, given how much chaos it could provoke and how deeply China’s continued internal success depends on external stability. But opinion polls of the island’s inhabitants have recorded a decisive trend toward a separate Taiwanese identity, the opposite of what Beijing had expected from economic integration. (Western elites aren’t the only ones who harbor delusions.) Will an increasingly powerful Beijing stand by and watch its long-sought prize slip away? THIS IS NOWOver the last decade, Russia has confounded expectations by managing to weather cratering oil prices and Western sanctions. Vladimir Putin’s regime may be a gangster kleptocracy, but it is not only that. Even corrupt authoritarian regimes can exhibit sustained good governance in some key areas, and smart macroeconomic policy has kept Russia afloat. China, too, has a thuggish and corrupt authoritarian regime, and it, too, has proved far more adaptable than most observers imagined possible. Its elites have managed the development of a continent-sized country at an unprecedented speed and scale, to the point where many are wondering if China will dominate the world. In 1800, one would have expected China to dominate a century later—and instead, Chinese power collapsed and American power skyrocketed. So straight-line projections are perilous. But what if that early-nineteenth-century forecast was not wrong but early? Authoritarianism is all-powerful yet brittle, while democracy is pathetic but resilient. China is coming off a long run of stable success, but things could change quickly. After all, Mao Zedong led the exact same regime and was one of the most barbaric and self-destructive leaders in history. Just as many people once assumed that China could never rise so far, so fast, now some assume that its rise must inevitably continue—with as little justification. Wealth and consistency have combined to yield an increasingly impressive soft-power portfolio along with the hard-power one, enabling China to make inroads into its opponent’s turf. Xi’s decision to centralize power has multiple sources, but one of them is surely an appreciation of just how formidable the problems China faces are. The natural response of authoritarian regimes to crises is to tighten their grip at the top. This allows greater manipulation of events in the short term, and sometimes impressive short-term results. But it has never yet been a recipe for genuine long-term success. Still, for now, China, backed by its massive economy, is projecting power in all directions, from the East China and South China Seas, to the Indian Ocean, to Central Asia, and even to Africa and Latin America. Wealth and consistency have combined to yield an increasingly impressive soft-power portfolio along with the hard-power one, enabling China to make inroads into its opponent’s turf. Australia, for example, is a rich and robust liberal democracy with a high degree of social solidarity and a crucial pillar of the American order—and it happens to be smack in the path of China’s expansion. Beijing’s influence and interference there have been growing steadily over the last generation, both as a natural consequence of economic interdependence and thanks to a deliberate long-term campaign on the part of China to lure Australia into a twenty-first-century version of Finlandization. Similar processes are playing out across Asia and Europe, as China embarks on building a Grand Eurasia centered on Beijing, perhaps even turning Europe away from the Atlantic. Right now, the United States’ debasement is giving China a boost. But as Adam Smith noted, there is indeed “a great deal of ruin in a nation,” and the United States remains the strongest power in the world by far. Furthermore, this will not be a purely bilateral game. Yes, the United Kingdom allowed Germany to rise and lead a hegemonic challenge against it—twice. But it also allowed the United States to rise, and so when those challenges came, it was possible, as Winston Churchill understood, for the New World, with all its power and might, to come to the aid of the Old. In the same way, the United States has allowed China to rise but has also facilitated the growth of Europe, Japan, India, Brazil, and many others. And however much those actors might continue to chafe at aspects of American leadership or chase Chinese investment, they would prefer the continuation of the current arrangements to being forced to kowtow to the Middle Kingdom. The issue of the day might seem to be whether a Chinese sphere of influence can spread without overturning the existing U.S.-created and U.S.-dominated international order. But that ship has sailed: China’s sphere has expanded prodigiously and will continue to do so. At the same time, China’s revival has earned it the right to be a rule-maker. The real questions, therefore, are whether China will run roughshod over other countries, because it can—and whether the United States will share global leadership, because it must. RELATEDAre a hegemon’s commitments co-dependent, so that giving up some undermines the rest? Can alliances and guarantees in one place unwind while those in another remain strong? In short, is retrenchment possible, or does even a hint of retreat have to turn into a rout? A well-executed U.S. transition from hegemonic hyperactivity to more selective global engagement on core interests might be welcome both at home and abroad, however much politicians and pundits would squeal. But cases of successful peaceful retrenchment are rare, and none has started from such an apex. History tells us nothing about the future except that it will surprise us. Three-D printing, artificial intelligence, and the onrushing digital and genetics revolutions may upend global trade and destabilize the world radically. But in geopolitics, good outcomes are possible, too—realism is not a counsel of despair. For today’s gladiators to buck the odds and avoid falling at each other’s throats like most of their predecessors did, however, four things will be necessary. Western policymakers have to find ways to make large majorities of their populations benefit from and embrace an open, integrated world. Chinese policymakers have to continue their country’s rise peacefully, through compromise, rather than turning to coercion abroad, as well. The United States needs to hew to an exactly right balance of strong deterrence and strong reassurance vis-à-vis China and get its house in order domestically. And finally, some sort of miracle will have to take care of Taiwan. |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العالم الذي نعيش فيه الأحد 19 أغسطس 2018, 10:57 am | |
| العالم الذي نعيش فيه (2) عالَم ليبرالي: النظام المرِن
دانيال ديودني؛ وجيه. جون إكينبيري - (فورين أفيرز) عدد تموز (يوليو)/ آب (أغسطس) 2018
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
بعد عقود مما يُفترض أن يكون ذهابها من الغرب، أعادت القوى الظلامية في عالم السياسة –اللا-ليبرالية، والأوتوقراطية، والقومية، والحمائية، ومدارات النفوذ، والتحريفية الإقليمية- تأكيد حضورها فيه. وحطمت الصين وروسيا كل الآمال في انتقالهما سريعاً إلى الديمقراطية ودعم النظام العالم الليبرالي. وقامتا، على النقيض من ذلك، بتقوية نظاميهما الاستبداديين في الوطن، واستهانتا بالأعراف والقواعد في الخارج. بل أن ثمة ما هو أكثر إدهاشاً؛ فبتصويت المملكة المتحدة لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، "بريكسيت"، وانتخاب الولايات المتحدة دونالد ترامب رئيساً، يكون الرعاة الرائدون للنظام العالم الليبرالي قد اختاروا تقويض نظامهم نفسه. وعبر العالم، ظهرت عقلية قومية جديدة، والتي تنظر إلى المؤسسات الدولية والعولمة كتهديدات للسيادة الوطنية والهوية أكثر من كونها فُرصاً. لا شك في أن الصعود الراهن للقوى غير الليبرالية والقادة غير الليبرالين يثير القلق. ومع ذلك، ما يزال من المبكر كثيراً كتابة نعي الليبرالية كنظرية للعلاقات الدولية، والليبرالية الديمقراطية كنظام للحكم، أو النظام الليبرالي كإطار شامل للسياسة العالمية. وتبقى الرؤية الليبرالية للدول القومية وهي تتعاون معاً لتحقيق الأمن والازدهار ضرورة حاسمة اليوم كما كان حالها في أي وقت في العصر الحديث. وعلى مدى مسيرة التاريخ الطويلة، واجهت الديمقراطية الليبرالية أوقاتاً عصيبة في الماضي، وتعرضت لعدة ضربات قوية، فقط لتعود وتنتعش وتكسب الأرضية. وقد فعلت ذلك بفضل القبول الذي تتمتع به قيمها الأساسية، وقدراتها الفريدة على التصدي بفعالية لمشكلات الحداثة والعولمة. وسوف يدوم هذا النظام الآن، أيضاً. وحتى مع أن القوة النسبية للولايات المتحدة تتضاءل، فإن النظام الدولي الذي حافظت على ديمومته لسبعة عقود يبدو قادراً على التحمل والبقاء بطريقة مدهشة. وطالما كانت الاعتمادية المتبادلة –الاقتصادية، والأمنية، والبيئية- مستمرة في النمو، فإن الناس والحكومات في كل مكان سيكونون ملزمين بالعمل معاً لحل المشكلات أو أنهم سيعانون من ضرر بليغ. وبالضرورة، سوف تبني هذه الجهود على –وتعزِّز- مؤسسات النظام الليبرالي. الرؤية الليبرالية تعتقد الليبرالية الحديثة بأن سياسة العالم تتطلب مستويات جديدة من التكامل السياسي استجابة للترابط والاعتمادية المتبادلة المتزايدة بلا هوادة. لكن الأنظمة السياسية لا تصعد بتلقائية، ويجادل الليبراليون بأن عالماً يضم المزيد من الدول الرأسمالية الديمقراطية الليبرالية سوف يكون أكثر سلاماً وازدهاراً واحتراماً لحقوق الإنسان. ولكن، ليس من المحتم أن ينتهي التاريخ بانتصار الليبرالية، وإنما من المحتم أن يكون أي نظام عالمي محترم ولائق ليبرالياً. ربما يبدو الصعود الحالي للقوى غير الليبرالية والركود البائن للنظام العالمي الليبرالي وكأنه يضع هذه المدرسة في التفكير في موضع الشك. لكن الدول، على الرغم من بعض الاستثناءات الملحوظة، ما تزال تتفاعل في المعظم من خلال المؤسسات الدولية المتآكلة، بروح التكيف البراغماتي الخادم للذات. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن جزءاً من السبب في أن الليبرالية قد تبدو غير مناسبة لهذه الأوقات هو أن الكثير من منتقديها يهاجمون نسخة ضعيفة من النظرية. وعادة ما يتم تصوير الليبراليين على أن لديهم افتراضات مفرطة في التفاؤل –بل ويوتوبية- عن مسار التاريخ البشري. لكن لديهم في الواقع تفاؤلية مشروطة وأكثر اعتدالاً بكثير، والتي تعترف بالمقايضات المأسوية، وهم واعون بشدة لإمكانيات حدوث الكوارث الكبيرة. ومثل الواقعيين، يدرك الليبراليون أنها الطبيعة البشرية هي التي تسعى دائماً إلى السلطة، وهو السبب في أنهم يؤديون وضع الضوابط الدستورية والقانونية. لكن الليبراليين، على عكس الواقعيين الذين ينظرون إلى التاريخ على أنه دوري، هم ورثة المشروع التنويري للابتكار التقني، الذي يفتح إمكانات جديدة لكل من التقدم البشري والكوارث على حد سواء. الليبرالية برغماتية في جوهرها. ويعتنق الليبراليون المعاصرون الحكومات الديمقراطية، ونظم الاقتصاد القائمة على السوق، والمؤسسات الدولية –ليس من منطق المثالية وإنما لأنهم يعتقدون بأن هذه الترتيبات هي أكثر تأهيلاً لتحقيق المصالح في العالم الحديث من البدائل الأخرى. وفي الحقيقة، ولدى التفكير في العالم، فإن المتغير الذي يهم أكثر ما يكون بالنسبة للمفكرين الليبراليين هو الاعتمادية المتبادلة. ولأول مرة في التاريخ، أصبحت المؤسسات العالمية الآن ضرورية لتحقيق المصالح الإنسانية الأساسية؛ والأشكال الكثيفة من التعالق والاعتمادية المتبادلة التي كانت حاضرة ذات مرة على مستوى أصغر فحسب، أصبحت الآن موجودة على نطاق عالمي. وعلى سبيل المثال، في حين كان يتم احتواء المشكلات البيئية داخل البلدان أو الأقاليم إلى حد كبير، أصبح التأثير التراكمي للنشاطات البشرية على نظام دعم الحياة البيولوجية-الكوكبية الآن كبيراً جداً بحيث تتطلب اسماً جيولوجياً جديداً في الفترة الحالية –الأنثروبوسين. وعلى النقيض من منافستَيها، القومية والواقعية، اللتين تنظران إلى الوراء، تتميز الليبرالية بقدرة على التكيف البراغماتي وتنطوي على ميل إلى الابتكارات المؤسسية الضرورية للاستجابة للتحديات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي، والحرب السيبرانية، والهندسة الجينية الوراثية. بشكل عام، تبقى الليبرالية جذابة عالمياً وعلى الدوام لأنها تتكئ على التزام بكرامة وحرية الأفراد. وهي تكرس فكرة التسامح، التي ستمس الحاجة إليها بشدة بينما يصبح العالم أكثر تنوعاً وتعالقاً باطراد. وعلى الرغم من أن هذه الأيديولوجية نشأت في الغرب، فإن قيمها أصبحت عالمية، وقد اتسع أبطالها ليضموا المهاتما غاندي، وميخائيل غورباتشيف، ونيلسون مانديلا. وحتى مع أن الإمبريالية والعبودية والعنصرية لطخت كلها التاريخ الغربي، فقد كانت الليبرالية دائماً في مقدمة الجهود –السلمية والمسلحة على حد سواء- للإصلاح وإنهاء هذه الممارسات. وبالقدر الذي ينحني فيه قوس التاريخ الطويل نحو العدالة، فإنه يفعل ذلك بفضل النشاط والالتزام الأخلاقي لليبراليين وحلفائهم. التراجع الديمقراطي في المنظور بالعديد من الطرق، تجيء الضائقة التي تعانيها الليبرالية اليوم كنتيجة غير مباشرة لنجاح النظام العالمي الليبرالي. فبعد الحرب الباردة، أصبح ذلك النظام عالمياً، يمتد أبعد من مسقط رأسه في الغرب. لكن المشاكل شرعت في الظهور مع انتشار الأسواق الحرة: تعاظمت اللامساواة الاقتصادية؛ وانهارت التسويات السياسية القديمة بين رأس المال والعمالة؛ وتآكل الدعم الاجتماعي. وتم توزيع فوائد العولمة والتوسع الاقتصادي بشكل غير متناسب لصالح النُّخب. وازدهرت سلطة القلة. وتحول شكل معدل من الرأسمالية إلى شيء من نوع "الفائز يأخذ كل الكازينو". وتبين أن الكثير من الديمقراطيات الجديدة تفتقر إلى التقاليد والعادات الضرورية لإدامة المؤسسات الديمقراطية. وأثارت تدفقات كبيرة من المهاجرين رد فعل عنيف من كراهية الأجانب. ومعاً، ساهمت هذه التطورات في التشكيك بمشروعية الحياة الديمقراطية الليبرالية وخلقت فُرَجاً للديماغوجيين الانتهازيين. تماماً كما أن أسباب التوعك واضحة، فكذلك هو الحل: عودة إلى أساسيات الديمقراطية الليبرالية. وبدلاً من تحدي المبادئ الأولى للديمقراطية الليبرالية بعمق، تدعو المشكلات الحالية إلى إجراء إصلاحات من أجل تحقيقها بشكل أفضل. فلتقليل عدم المساواة، يحتاج القادة السياسيون للعودة إلى السياسات الديمقراطية الاجتماعية المتضمنة في "الصفقة الجديدة" New Deal، وإقرار المزيد من الضرائب التصاعدية، والاستثمار في التعلم والبنية التحتية. ولتعزيز إحساس بهوية الديمقراطية الليبرالية، سوف يحتاجون إلى التأكيد على التعليم كمحفز لاستيعاب وتعزيز الخدمات الوطنية والعامة. وبعبارات أخرى، فإن علاج مشاكل الديمقراطية الليبرالية هو المزيد من الديمقراطية الليبرالية؛ حيث تنطوي الليبرالية على بذور خلاصها الخاص. في واقع الأمر، تعافت الديمقراطيات الليبرالية مراراً من الأزمات الناجمة عن تجاوزاتها الخاصة. في الثلاثينيات، تسبب الإفراط في الإنتاج وتكامل الأسواق المالية إلى حدوث كساد اقتصادي، والذي آذن بصعود الفاشية. لكنه تسبب أيضاً في إبرام "الصفقة الجديدة" وظهور الديمقراطية الاجتماعية، مما أنجب شكلاً أكثر استقلاراً من الرأسمالية. وفي الخمسينيات، شكل "مشروع منهاتن"Manhattan Project ، مقروناً بالخصومة الأميركية-السوفياتية المتصاعدة، خطراً حقيقياً من هولوكوست نووي على مستوى العالم. وأدى ذلك التهديد إلى نشوء معاهدات السيطرة على الأسلحة والاتفاقيات الخاصة بحكم الفضاءات العالمية، وهي صفات أبرمتها الولايات المتحدة بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي. وفي السبعينيات، أفضى استهلاك الطبقة الوسطى الناهضة إلى نقص في إمدادات النفط، وركود اقتصادي وتدهور بيئي. وفي الاستجابة، أسست الديمقراطيات الصناعية المتقدمة اتفاقيات تنسيقية للنفط، واستثمرت في الطاقة النظيفة، وأبرمت العديد من الاتفاقيات البيئية الدولية التي تهدف إلى الحد من الملوِّثات. ومع أن المشكلات التي تواجهها الديمقراطيات الليبرالية اليوم كبيرة، فإنها ليست أكثر تحدياً من تلك التي واجهتها وتغلبت عليها في تلك العقود الأخيرة تاريخياً. وبطبيعة الحال، ليست هناك أي ضمانات بأن الديمقراطيات الليبرالية سوف ترتقي إلى مستوى التصدي لهذه المهمة بنجاح، لكن استبعادها سوف يتعارض قطعاً مع التجارب التاريخية المتكررة. تتجاهل التنبؤات القاتمة هذه النجاحات السابقة لليبرالية. وهي تعاني من نزعة آنية مُعمِية. ويشكل أخذ الجديد والمهدِّد على أنه النمط السيد رد فعل انعكاسي مفهوم في وجه التغيير، لكنه لا يشكل أبداً دليلاً إرشادياً للمستقبل. فالترتيبات البشرية كبيرة النطاق مثل الديمقراطية الليبرالية نادراً ما تتغير بسرعة أو بشكل جذري كما تبدو أنها تفعل في الوقت الحالي. وإذا كان التاريخ ليشكل أي دليل، فإن شعبويي اليوم غير الليبراليين والسلطويين سوف يتسببون في ظهور المقاومة والحركات المناهضة. النظام المرِن بعد الحرب العالمية الثانية، انضمت الديمقراطيات الليبرالية معاً لإنشاء نظام عالمي يعكس مصالحها المشتركة. وكما هو الحال مع الديمقراطية الليبرالية نفسها، فإن النظام الذي ظهر ليرافقها لا يمكن نقضه بسهولة. فهو من ناحية، مندغم عميقاً. وقد وجه الملايين من الناس، إن لم يكن المليارات، أنشطتهم وتوقعاتهم نحو مؤسسات هذا النظام وحوافزه، من المزارعين إلى صانعي الرقاقات الإلكترونية الدقيقة. ومهما تكن بعض عناصره غير جذابة، فإن استبدال النظام الليبرالي بشيء مختلف جوهرياً سوف يكون صعباً للغاية. وعلى الرغم من التوقعات العالية التي تولدها، فإن الحركات الثورية كثيراً ما تفشل في إحداث تغييرات دائمة. ومن غير الواقعي اليوم التفكير بأن بضع سنوات من الديماغوجية القومية سوف تفكك الليبرالية بشكل جذري. تجعل الاعتمادية المتبادلة المتنامية من الصعب تفكيك هذا النظام بشكل خاص. فمنذ تأسيسها في القرن التاسع عشر، كانت الليبرالية ملتزمة بعمق بالتحسن التقدمي التدريجي للحالة الإنسانية من خلال الاكتشافات العلمية والتقدم التقني. وقد شرع هذا المشروع التنويري بطرح الثمار العملية على نطاق واسع في القرن التاسع عشر، حيث أحدث تغييراً في كل عنصر من عناصر الحياة البشرية. وقد تدفقت التقنيات الجديدة للإنتاج، والاتصالات، والنقل، والتدمير. وكان النظام الليبرالي في المقدمة، ليس فقط في إذكاء جذوة الابتكار، وإنما في التعامل مع التداعيات السلبية أيضاً. وعلى سبيل المثال، تعززت أطروحة آدم سميث للتجارة الحرة عندما أصبح من الأسهل تأسيس سلاسل التوريد عبر المسافات العالمية. وتعززت قضية السلام الممتدة بطول قرن عندما تحولت الأسلحة من كونها بسيطة ومحدودة في قدرتها التدميرية إلى صواريخ الحقبة النووية القادرة على تدمير مدن بأكملها. وازدهرت المجتمعات الرأسمالية في الديمقراطيات الليبرالية وتوسعت لأنها برعت بشكل خاص في تحفيز واستغلال الابتكار وفي التأقلم مع تأثيراته غير المباشرة وجوانبه الخارجية السلبية. وباختصار، تتفوق الحداثة الليبرالية في حصاد ثمار التقدم المعاصر وفي الحماية من مخاطره على حد سواء. الآن، يبدو أن هذه الدينامية من التغير المستمر والثابت، والاعتمادية المتبادلة المتزايدة باطراد، تتسارع فحسب. ومع أن التقدم البشري تسبب بضرر بليغ للكوكب وغلافه الجوي، فإن التغير المناخي سوف يتطلب أيضاً مستويات غير مسبوقة من التعاون الدولي. ومع صعود الأسلحة البيولوجية والحرب السيبرانية، فإن قدرات إيقاع دمار شامل تصبح أرخص كلفة والوصول إليها أكثر سهولة، مما يجعل التنظيم الدولي لهذه التقنيات ضرورة حاسمة للأمن القومي لكل البلدان. وفي الوقت نفسه، جذبت الرأسمالية العالمية مزيداً من الناس والبلدان إلى شبكات التبادل عبر الحدود، جاعلة كل فرد معتمداً فعلياً على الإدارة الكفؤة للتمويل والتجارة الدوليين. وفي عصر الاعتمادية الكونية المتبادلة، يتحتم حتى على الواقعي أن يكون أممياً. من المرجح أن يستمر النظام الدولي في الوجود لأن بقاءه لا يعتمد على كون كل أعضائه ديمقراطيات ليبرالية. وعلى السطح، لا يبدو أن عودة الانعزالية، وصعود الأنظمة غير الليبرالية مثل الصين وروسيا، والركود العام للديمقراطية الليبرالية في أجزاء كثيرة من العالم، تبشر بخير للنظام الليبرالي العالمي. ولكن، وخلافاً للحكمة التقليدية، فإن العديد من مؤسساته ليست ليبرالية الطابع بشكل فريد. إنها بدلاً من ذلك "ويستفالية" Westphalian، في كونها مصممة فقط لحل مشكلات الدول ذات السيادة، سواء كانت ديمقراطية أو استبدادية. والعديد من المشاركين الرئيسيين في هذه المؤسسات هم أي شيء سوى أن يكونوا ليبراليين أو ديمقراطيين. فلنفكر في الجهود التعاونية للاتحاد السوفياتي خلال حقبة الحرب الباردة. في ذلك الحين، كان النظام العالمي الليبرالي بشكل أساسي ترتيباً بين الديمقراطيات الليبرالية في أوروبا، وأميركا الشمالية، وشرق آسيا. وحتى مع ذلك، عمل الاتحاد السوفياتي في كثير من الأحيان مع الديمقراطيات للمساعدة في بناء المؤسسات الدولية. ولم يكن موقف موسكو الملتزم بمناهضة الليبرالية سبباً يمنعها من التعاون مع واشنطن من خلال "منظمة الصحة العالمية" لقيادة حملة عالمية للقضاء على وباء الجدري، والتي نجحت في القضاء على المرض نهائياً في العام 1979. وفي وقت أقرب، وضعت البلدان من كل الأطياف قواعد عالمية للحماية ضد الدمار البيئي. ويضم الموقعون على اتفاق باريس للمناخ، على سبيل المثال، أوتوقراطيات مثل الصين وإيران وروسيا. كما ازدهرت المناهج الويستفالية أيضاً عندما تعلق الأمر بحكم الفضاءات المشتركة، مثل المحيطات، والغلاف الجوي، والفضاء الخارجي، والقارة القطبية الجنوبية. ولذكر مثال واحد فقط، فإن بروتوكول مونتريال للعام 1987، الذي أحبط تدمير طبقة الأوزون، تلقى دعماً نشطاً من الديمقراطيات والدكتاتوريات على حد سواء. ولا تشكل مثل هذه الاتفاقيات تحديات لسيادة الدول التي تصنعها، وإنما هي تدابير جماعية لحل المشكلات التي لا تستطيع هذه الدول معالجتها بمفردها. لا تتطلب معظم المؤسسات في النظام الليبرالي أن يكون داعموها ديمقراطيات ليبرالية؛ إنها تتطلب فقط أن يكونوا من قوى الوضع الراهن وأن يكونوا قادرين على الوفاء بالتزاماتهم. وهي لا تتحدى النظام الويستفالي؛ وإنما توثِّقه. وعلى سبيل المثال، تكرس الأمم المتحدة مبدأ سيادة الدولة، ومن خلال الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن فكرة إسناد اتخاذ القرار إلى القوى العظمى. كل هذا يجعل النظام أكثر ديمومة. ولأن الكثير من التعاون الدولي ليست له أي علاقة بالليبرالية أو الديمقراطية، فإنه يظل بإمكان الساسة المعادين لكل شيء ليبرالي حين يكونون في السلطة الاحتفاظ بأجنداتهم الدولية والإبقاء على النظام حياً. وقد وفر استمرار المؤسسات الويستفالية أساساً دائماً يمكن عليه بناء مؤسسات ليبرالية وديمقراطية بشكل متميز في المستقبل. ثمة سببٌ آخر للاعتقاد بأن النظام الليبرالية سوف يبقى، والذي يدور حول عودة المنافسة الأيديولوجية. كانت فترة العقدين ونصف العقد الماضية ناشزة بشكل خاص في أنه لم يكن لليبرالية منافس موثوق. وخلال بقية وجودها، كانت الليبرالية قد واجهت المنافسة التي جعلتها أقوى. وطوال القرن التاسع عشر، سعت الديمقراطيات الليبرالية إلى التفوق في الأداء على الأنظمة الملَكية والوراثية والأرستقراطية. وخلال النصف الأول من القرن العشرين، خلق المنافسون الأوتوقراطيون والفاشيون حوافز قوية للديمقراطيات الليبرالية لتقوم بترتيب بيوتها الخاصة ولكي تنضم معاً. وبعد الحرب العالمية الثانية، أنشأت النظام الليبرالي، في جزء منه، لاحتواء تهديد الاتحاد السوفياتي والشيوعية الدولية. الآن، يبدو من المرجح بازدياد أن يسعى الحزب الشيوعي الصيني إلى عرض بديل عن مكونات النظام القائم التي لها علاقة بالليبرالية الاقتصادية وحقوق الإنسان. وإذا انتهى به المطاف وهو يتنافس مع الديمقراطيات الليبرالية، فإنها ستواجه الضغط مجدداً للإعلاء من شأن قيمها وتعزيزها. وكما كان الحال خلال الحرب الباردة، سوف تكون لديها الحوافز لإجراء إصلاحات محلية وتقوية تحالفاتها الدولية. وكان لانهيار الاتحاد السوفياتي، ولو أنه شكل علامة فارقة في تقدم الديمقراطية الليبرالية، تأثير منطوٍ على مفارقة، هو القضاء على واحد من محركاتها الأساسية للتضامن. والأخبار السيئة بالنسبة للمنافسة الأيديولوجية المتجددة يمكن أن تكون أخباراً جيدة للنظام العالمي الليبرالي. انصهار المركز في تحديه لالتزام الولايات المتحدة بحلف الناتو والقواعد التجارية لاتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) ومنظمة التجارة العالمية، وضع ترامب موضع الشك دور الولايات المتحدة التقليدية كزعيم للنظام الليبرالي. وبالتصويت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي، دفعت المملكة المتحدة بنفسها إلى بحار المجهول التي ينطوي عليها الانسحاب الكامل من المؤسسة الأوروبية الأكثر قيمة في فترة ما بعد الحرب. وفي خطوة غير مسبوقة، يبدو المركز الأنجلو-أميركي للنظام الليبرالي وأنه عكس وجهة المسار تماماً. على الرغم مما يعِد به مؤيدو ترامب و"بريكسيت"، فإن إنجاز انسحاب حقيقي فعلاً من هذه الالتزامات القائمة منذ وقت طويل سيكون صعباً للغاية، لأن مؤسسات النظام الدولي الليبرالي، على الرغم من أنها تُعامَل دائماً على أنها هشة وسريعة الزوال، هي في الحقيقة مرنة ومقاوِمة تماماً. إنها لم تظهر بالصدفة، وإنما كانت نتاجاً لمصالح عميقة. وعلى مر العقود، أصبحت أنشطة ومصالح فاعلين لا حصر لعددهم –من الشركات، والمجموعات المدنية والبيروقراطيات الحكومية- متشابكة بطريقة معقدة في هذه المؤسسات. وقد يبدو قطع هذه الروابط المؤسسية بسيطاً، لكنه في الممارسة معقد إلى حد بعيد. أصبحت الصعوبات واضحة بوفرة مسبقاً مع "بريكسيت". وكما يتبين، فإنه ليس من السهل أن يتم بضربة واحدة نقض مجموعة من الترتيبات المؤسسية التي كانت قد تطورت على مدى خمسة عقود، والتي تلامس عملياً كل عنصر من عناصر الحياة والحكومة في بريطانيا. ويعني الانفصال عن الاتحاد الأوروبي التخلي عن الحلول للمشكلات الحقيقية، والمشاكل التي لم تذهب. وفي إيرلندا الشمالية، على سبيل المثال، وجد المفاوضون في التسعينيات حلاً أنيقاً للصراع الذي طال أمده هناك من خلال السماح للمنطقة بأن تبقى جزءاً من المملكة المتحدة، إنما مع الإصرار على عدم وجود ضوابط على الحدود بينها وبين جمهورية إيرلندا –وهي صفقة سوف تنقضها مغادرة السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي واتحاده الجمركي. وإذا نجح المسؤولون حقاً من تطبيق "بريكسيت" بالكامل، فسوف يسفر ذلك كما يبدو عن النتيجة الحتمية المتمثلة في انخفاض الناتج الاقتصادي للمملكة المتحدة ونفوذها العالمي. وبالمثل، كشفت الجهود الأولية التي تبذلها إدارة ترامب لتغيير شروط التجارة مع الصين من جانب واحد والتفاوض على "نافتا" مع كندا والمكسيك، عن مدى تشابك اقتصادات هذه الدول مع الاقتصاد الأميركي. وقد خلفت الروابط الدولية للإنتاج والتجارة خاسرين بكل وضوح، لكنها أنجبت أيضاً الكثير من الكاسبين الذين لديهم مصلحة أصيلة في الحفاظ على الوضع الراهن. وقد حصد المزارعون والمصنِّعون، على سبيل المثال، مكاسب هائلة من "نافتا" وضغطوا بقوة من أجل أن يبقي ترامب الاتفاقية قائمة، مما يجعل من الأصعب عليه، سياسياً، أن ينفذ انسحاباً كاملاً وفورياً. بل إن حوافز واشنطن للبقاء في المؤسسات الأمنية الدولية أعظم. فالتخلي عن حلف الناتو، كما اقترح المرشح ترامب أن على الولايات المتحدة أن تفعل، سوف يعطل بشكل كبير نظاماً أمنياً وفر سبعة عقود من السلام لقارة مزقتها الحرب تاريخياً –وسوف يكون القيام بذلك في وقت يشهد عودة صعود روسيا خطيراً بشكل خاص. كما أن مصالح الولايات المتمحدة تُخدم جيداً بوضوح بالنظام الأمني القائم بطريقة تجعل أي إدارة أميركية ملزمة بإدامته. وفي الحقيقة، بدلاً من الانسحاب من الناتو، حوَّل ترامب تركيزه –كرئيس- إلى التقليد الأميركي العريق المتمثل في محاولة جعل الأوروبيين يزيدون إنفاقهم الدفاعي وتحمل قدر أكبر من العبء. وبشكل مشابه، تشهد قِطع رئيسية من عمارة السيطرة على الأسلحة النووية من نهاية حقبة الحرب الباردة تفككاً وتنتهي أوقات صلاحيتها. وما لم تكن القيادة الدبلوماسية الأميركية قادمة في القريب، فإن العالم قد يجد نفسه وقد أعيد مرة أخرى إلى سباق تسلح نووي غير منظم إلى حد كبير. خلقت مبادرات إدارة ترامب حول التجارة وسياسات التحالفات قدراً كبيراً من القلق وعدم اليقين، لكن تأثيرها الحقيقي أقل تهديداً –أقرب إلى مراجعة للصفقات منها إلى الانسحاب من النظام نفسه. وبوضع تهديدات ترامب بالانسحاب الكامل وأسلوبه الفوضوي والمتهور جانباً، فإن بالإمكان النظر إلى مفاوضاته على الاتفاقيات التجارية والتحالفات الأمنية كجزء من عملية مستمرة وضرورية –ولو أنها قبيحة في بعض الأحيان- لموازنة الترتيبات التي تقوم عليها مؤسسات النظام العالمي الليبرالي. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من إهانات ترامب التي لا تهدأ للنظام الدولي، فإنه تصرف في بعض الأحيان بطرق تلتزم بالدور الأميركي التقليدي أكثر من كونها تخرج عليه. كان استخدامه الأكثر إدهاشاً للقوة حتى الآن هو قصف سورية بسبب انتهاكاتها الصارخة للقواعد الدولية باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين. وفي حين أن سياسته تجاه روسيا تبقى ملتفة ومختلة، فقد كانت بشكل أساسي نفس السياسات التي اتبعتها إدارتا جورج دبليو بوش وأوباما: فرض العقوبات على روسيا بسبب نزعاتها التحريفية في شرق أوروبا والفضاء السيبراني. وربما يكون الأهم هو أن تركيز ترامب على الصين كقوة عظمى منافسة قد يجبره هو أو أي إدارة أميركية مستقبلية على تجديد وتوسيع تحالفات الولايات المتحدة بدلاً من الانسحاب منها. وفي القضايا الأكثر أهمية، فإن سياسة ترامب الخارجية، برغم حديثها عن "أميركا أولاً" وتطبيقها الفوضوي، تستمر في المضي في مسارات النظام الذي بنته الولايات المتحدة. في مجالات أخرى، بطبيعة الحال، يقوم ترامب فعلياً بتقويض النظام الليبرالي. ولكن، بينما تراجعت الولايات المتحدة إلى الوراء، فإن آخرين تقدموا إلى الأمام للحفاظ على المشروع. وفي خطاب ألقاه أمام الكونغرس الأميركي في نيسان (إبريل)، تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باسم العديد من حلفاء الولايات المتحدة عندما دعا المجتمع الدولي إلى "رفع مستوى لعبتنا وبناء النظام العالمي للقرن الحادي والعشرين، على أساس المبادئ الخالدة التي أسسناها معاً بعد الحرب العالمية الثانية". ويفعل الكثير من الحلفاء هذا بالضبط مُسبقاً. وحتى مع قيام ترامب بسحب الولايات المتحدة من الشراكة عبر الأطلسي، فإن الصفقة التجارية ما تزال حية، مع قيام 11 دولة أخرى من الدول الأعضاء بتطبيق نسخها الخاصة من الاتفاقية. وبالمثل، لم يوقف انسحاب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ عشرات الدول الأخرى عن العمل على تطبيق أهدافها الطموحة، ولا هو يمنع الكثير من الولايات، والمدن، والشركات والأفراد الأميركيين من بذل جهودهم الخاصة في هذا المجال. وربما يفقد النظام الليبرالي راعيه الأعلى، لكنه يقوم على أكثر بكثير من مجرد القيادة من المكتب البيضاوي. النظرة طويلة الأمد من السهل رؤية التطورات التي حدثت على مدى السنوات القليلة الماضية على أنها تعنيف للنظرية الليبرالية وإشارة على كسوف الديمقراطيات الليبرالية ونظامها العالمي. لكن هذا التصور سيكون خطأ. وعلى الرغم من أنه لا يجب التقليل من أهمية التحديات الحالية، فإن من المهم إدراك أنها تظل أقرب إلى القاعدة منها إلى الاستثناء. وعلى خلفية ما حدث في التسعينيات، عندما بدا أن نهاية الحرب الباردة تؤذن بالانتصار النهائي والدائم للديمقراطية الليبرالية و"نهاية التاريخ"، فإن الانتكاسات والشكوك الأخيرة تبدو غير قابلة للحل. لكن "بريكسيت"، وترامب، والقومية الجديدة، لن تبدو -إذا ما وضعت في السياق الأوسع للتاريخ- غير مسبوقة أو محملة بالخطر. وقد نجت الديمقراطيات الليبرالية وازدهرت في وجه تحديات أكبر بكثر ("الركود العظيم"، وقوى "المحور"، والحركة الشيوعية العالمية. وهناك كل سبب للاعتقاد بأنها ستستطيع تجاوز هذا التحدي الأخير أيضاً. فوق كل شيء، ترتكز قضية التفاؤل بشأن الليبرالية على حقيقة بسيطة: أن الحلول لمشاكل اليوم هي المزيد من الديمقراطية الليبرالية والمزيد من النظام الليبرالي. فالليبرالية فريدة بين النظريات الرئيسية للعلاقات الدولية في رؤيتها المتلونة والمرنة للاعتمادية المتبادلة والتعاون –وهي خصائص العالم الحديث التي ستصبح أكثر قوة فقط بينما يتكشّف القرن. وعبر مسار التاريخ، كان التطور والأزمات والتغير المضطرب هي القاعدة، والسبب الذي جعل الليبرالية تبلي حسناً على هذا النحو هو أن طرقها في الحياة ماهرة في ركوب العواصف المضطربة للتغير التاريخي. وفي الحقيقة، لم يكن التأثير التراكمي لخطاب ترامب المتعصب للمحلية وسياساته الخطيرة هو الإطاحة بالنظام، وإنما تحفيز التعديل في داخله. ذات مرة، قارن فيشر آميس، النائب عن ولاية مساشوستس في الكونغرس الأميركي الأول، النظم الاستبدادية بالسفينة التجارية، "التي تبحر بشكل جيد، لكنها تصطدم في بعض الأحيان بصخرة، وتذهب إلى القاع". أما الجمهورية، كما قال، فهي "طوف عائم، والذي لا يمكن أن يغرق أبداً، لكن قدميك تكونان دائماً في الماء". وسوف يسود النظام الليبرالي وديمقراطياته لأن السفينة الفخمة للا-ليبرالية يمكن أن تجنح بسهولة في الأوقات المضطربة، في حين أن طوف الليبرالية المرن سوف يمضي، ولو بطيئاً ومتثاقلاً، إلى الأمام.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Liberal World: The Resilient Order |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العالم الذي نعيش فيه الأحد 19 أغسطس 2018, 11:09 am | |
| [size=33]Liberal World[/size] The Resilient OrderDecades after they were supposedly banished from the West, the dark forces of world politics—illiberalism, autocracy, nationalism, protectionism, spheres of influence, territorial revisionism—have reasserted themselves. China and Russia have dashed all hopes that they would quickly transition to democracy and support the liberal world order. To the contrary, they have strengthened their authoritarian systems at home and flouted norms abroad. Even more stunning, with the United Kingdom having voted for Brexit and the United States having elected Donald Trump as president, the leading patrons of the liberal world order have chosen to undermine their own system. Across the world, a new nationalist mindset has emerged, one that views international institutions and globalization as threats to national sovereignty and identity rather than opportunities. The recent rise of illiberal forces and leaders is certainly worrisome. Yet it is too soon to write the obituary of liberalism as a theory of international relations, liberal democracy as a system of government, or the liberal order as the overarching framework for global politics. The liberal vision of nation-states cooperating to achieve security and prosperity remains as vital today as at any time in the modern age. In the long course of history, liberal democracy has hit been hard times before, only to rebound and gain ground. It has done so thanks to the appeal of its basic values and its unique capacities to effectively grapple with the problems of modernity and globalization. chrome-extension://mhjfbmdgcfjbbpaeojofohoefgiehjai/index.html
|
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العالم الذي نعيش فيه الثلاثاء 28 أغسطس 2018, 12:47 pm | |
| العالَم الذي نعيش فيه (3) عالَم قبَلي: هوية المجموعة هي كل شيء
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
آمي تشو – (فورين أفيرز) عدد تموز (يوليو)/ آب (أغسطس) 2018
يمكن أن تصبح مرتبطة بها بقوة. وسوف يسعون إلى إفادة أعضاء مجموعتهم حتى عندما لا يكسبون أي شيء شخصي. وسوف يعاقِبون الغرباء، مجاناً وبلا مبرر على ما يبدو. وسوف يُضحَّون، بل ويَقتلون ويموتون، من أجل مجموعتهم.
ربما تبدو هذه هي الفطرة السليمة. ومع ذلك، فإن قوة القبَلية نادراً ما تؤثر في المناقشات رفيعة المستوى التي تُدار حول السياسة والشؤون الدولية، وخاصة في الولايات المتحدة. وفي السعي إلى تفسير السياسة العالمية، عادة ما يركز المحللون وصانعو السياسة الأميركيون على دور الأيديولوجيا والاقتصاد، ويميلون إلى رؤية الدول القومية على أنها أكثر وحدات التنظيم أهمية. وبفعلهم ذلك، فإنهم يقللون من شأن الدور الذي تلعبه هوية المجموعة في تشكيل السلوك البشري. كما أنهم يتغاضون أيضاً عن حقيقة أن الهويات التي تهم في بعض الأماكن أكثر ما يكون -تلك التي يضحي الناس بأرواحهم من أجلها- ليست قومية، وإنما هي عرقية، وإقليمية، ودينية، وطائفية، أو مُستندة إلى القبيلة. وقد أسهم الفشل المتكرر في فهم هذه الحقيقة في التسبب ببعض من أسوأ كوارث السياسة الخارجية الأميركية في السنوات الخمسين الماضية، والتي ظهرت أوضح ما يكون في أفغانستان والعراق -وإنما أيضاً في فيتنام.
هذا العمى عن قوة القبَلية لا يؤثر فقط على الكيفية التي يرى بها الأميركيون بقية العالم، وإنما في الكيفية التي يفهمون بها مجتمعهم أيضاً. ومن السهل على الناس في الدول المتقدمة، خاصة النُخب الكوزموبوليتانية، أن يتصوروا أنهم يعيشون في عالَمٍ ما- بعد- قبَلي. ويبدو مفهوم "القبيلة" نفسه وكأنه يعبر عن شيء بدائي ومتخلِّف، بعيد تماماً عن تطوُّر الغرب، حيث يفترض أن الناس تخلصوا من الدوافع الرجعية لصالح الفردانية الرأسمالية والمواطنة الديمقراطية. لكن القبَلية تبقى قوة جبارة في كل مكان؛ وفي الحقيقة، بدأت في السنوات الأخيرة بتمزيق نسيج الديمقراطيات الليبرالية في العالم المتقدم، بل وحتى النظام العالَمي الليبرالي لما بعد الحرب نفسه. وحتى يتمكن المرء من فهم عالَم اليوم وإلى أين يتجه حقاً، فإن عليه يعي ويعترف بقوة القبَلية. وسوف يؤدي الفشل في القيام بذلك إلى جعل هذه القوة أقوى فحسب.
غريزة أساسية
من شبه المؤكد أن الغريزة البشرية للتماهي مع مجموعة هي شيء مقرر جينياً، وقد أكدت الأدلة التجريبية مراراً على الكيفية التي تعبر بها عن نفسها في مرحلة مبكرة من الحياة. وفي إحدى الدراسات الحديثة، قام فريق من باحثي علم النفس بوضع مجموعة من الأطفال بأعمار بين الرابعة والسادسة إما في مجموعة حمراء أو أخرى زرقاء، وطلبوا منهم أن يرتدوا قميصاً باللون المطابق. ثم جعلوهم يرون صوراً معدّلة بالحاسوب لأطفال آخرين، ظهر أن نصفهم يرتدون قمصاناً حمراء ونصفهم يرتدون قمصاناً زرقاء، وسُئلوا عن ردود أفعالهم. وحتى مع أنهم لم يكونوا يعرفون قطعاً أي شيء عن الأطفال الذين في الصور، فإن المشاركين قالوا باستمرار إنهم أحبوا الأولاد الذين بدوا من مجموعتهم الخاصة، واختاروا تخصيص المزيد من الموارد لهم افتراضياً، وعرضوا تفضيلات لاشعورية قوية تجاههم. وبالإضافة إلى ذلك، عندما قيلت لهم قصص عن الأطفال في الصور، أظهر هؤلاء الأولاد والبنات انحرافات منهجية في الذاكرة، مع ميل إلى تذكر الأفعال الإيجابية للأعضاء من داخل المجموعة، والأفعال السلبية للأعضاء من خارج المجموعة. ومن دون "أي معلومات اجتماعية داعمة من أي نوع"، كما استنتج الباحثون، كان تصوُّر الأطفال للأولاد الآخرين "محرَّفاً بشكل كبير لمجرد العضوية في مجموعة اجتماعية".
تؤكد الدراسات العصبية أن هوية المجموعة يمكنها حتى أن تنتج مشاعر فيزيائية بالرضا. ويبدو أو رؤية أفراد المجموعة وهم يزدهرون تنشط "مراكز المكافأة" في أدمغتنا، حتى لو أننا لا نتلقى أي نفع نحن أنفسنا. وتحت ظروف معينة، يمكن أن تتنشط مراكز المكافأة لدينا عندما نرى أعضاء في مجموعات خارجية وهم يفشلون ويعانون. وقد لاحظت مينا سيكارا، وهي عالمة نفس تدير "مختبر علم الأعصاب بين المجموعات" في هارفارد، أن هذا ينطبق بشكل خاص عندما تخشى إحدى المجموعات مجموعة أخرى أو تحسدها -على سبيل المثال، عندما "يكون هناك تاريخ طويل من الخصومة بينهما ولا تحب إحداهما الأخرى".
هذا هو الجانب القاتم من الغريزة القبَلية. وتؤدي رابطة المجموعة، كما لاحظ عالم الأعصاب، إيان روبرتسون، إلى زيادة منسوب هيرمون الأوكسيتوسين، الذي يحفز "ميلاً أكبر إلى شيطنة المجموعة الخارجية وتجريدها من الخصائص الإنسانية"، والذي يقوم نفسياً بـ"تخدير" التعاطف الذي ربما يشعر المرء به -بخلاف ذلك- تجاه أحد يعاني. وتظهر هذه التأثيرات في وقت مبكر من الحياة. ولنفكر في دراستين حديثتين عن توجهات المجموعة الداخلية والمجموعة الخارجية للأطفال العرب واليهود في إسرائيل. في البداية، طُلب من الأطفال اليهود أن يرسموا رجلاً "يهودياً عادياً" ورجلاً "عربياً عادياً". ووجد الباحثون أنه حتى بين اليهود في مرحلة ما قبل المدرسة، كان يتم تصوير العرب بشكل أكثر سلبية، وكأشخاص "أكثر عدوانية بشكل كبير" من اليهود. وفي الدراسة الثانية، سُئل طلبة عرب في المدارس الثانوية عن ردود أفعالهم على حوادث متخيلة تتضمن الوفاة العرَضية (غير المتصلة بالحرب أو العنف المتبادل بين المجتمعين) لطفل عربي أو طفل يهودي -على سبيل المثال، موت ناجم عن صعقة كهربائية أو حادث دراجة هوائية. وقد عبَّر أكثر من 60 في المائة من المشاركين عن الحزن على موت طفل عربي، في حين أعرب 5 في المائة فقط عن الحزن على موت طفل يهودي. وفي الحقيقة، قال 70 في المائة تقريباً إنهم شعروا "بالسعادة"، أو "السعادة البالغة" إزاء موت طفل يهودي.
الهوية فوق الأيديولوجيا
نادراً ما أسهمت نظرة عميقة في قوة هوية المجموعة في تشكيل رأي النخبة الأميركية حول الشؤون الدولية. ويميل صانعو السياسة في الولايات المتحدة إلى رؤية العالم من منظور الدول القومية الإقليمية المنخرطة في صراع سياسي أو أيديولوجي: الرأسمالية مقابل الشيوعية؛ الديمقراطية مقابل الاستبدادية؛ "العالم الحر" مقابل "محور الشر". وعادة ما يعميهم هذا النوع من التفكير عن ملاحظة قوة هويات المجموعات الأكثر بدائية -وهو عمى قاد واشنطن باستمرار إلى ارتكاب الأخطاء في الخارج.
يمكن القول إن الحرب الفيتنامية كانت الهزيمة العسكرية الأكثر إذلالاً في التاريخ الأميركي. وبالنسبة للعديد من المراقبين في ذلك الوقت، بدا من غير المعقول أن تخسر قوة عظمى أمام ما وصفه الرئيس ليندون جونسون بأنه "بلد ضئيل تافه" -أو، بشكل أكثر دقة، أمام نصف ذلك البلد. ومن المعروف الآن تماماً أن صانعي السياسة الأميركيين، الذين ينظرون إلى فيتنام بصرامة من خلال عدسات الحرب الباردة، قللوا من شأن مدى التحفيز الذي شعر به الشعب الفيتنامي في كل من الشمال والجنوب من مسعاهم إلى الاستقلال الوطني، في مقابل التزام أيديولوجي بالماركسية. لكن الأميركيين ما يزالون لا يفهمون، حتى في هذا اليوم، البُعد العرقي للقومية الفيتنامية.
نظر صانعو السياسة الأميركيون إلى النظام الفيتنامي الشمالي الشيوعي على أنه بيدق للصين -مجرد "حصان راكض لبكين في جنوب شرق آسيا"، كما وصفه الخبير العسكري جيفري ريكورد. وكان هذا التقدير خاطئاً بمقادير مذهلة. فقد قبلت هانوي الدعم العسكري والاقتصادي من الصين، لكن ذلك كان في معظمه تحالف مصلحة. فبعد كل شيء، ظل معظم الفيتناميين لأكثر من ألف عام يخشون الصين ويكرهونها. وقد تعلم كل طفل صيني عن المآثر البطولية لأسلافه/ أسلافها الذين قاتلوا وماتوا من أجل تحرير بلدهم من الصين، التي كانت قد غزت فيتنام في العام 111 ق.م، ثم استعمرتها لألف عام. وفي العام 1997، التقى روبرت ماكنمارا، الذي شغل منصب وزير دفاع الولايات المتحدة خلال الحرب الفيتنامية، مع نغوين كو تاك، وزير الخارجية الأسبق لفيتنام. وتذكر ماكنمارا لاحقاً قول تاك:
"لا بد أنكم لم تقرؤوا أبداً كتاب تاريخ. ولو أنكم فعلتم، لكنهم قد عرفتم أننا لسنا بيادق للصينيين... ألا تفهمون أننا كنا نحارب الصينيين على مدى 1.000 عام؟ كنا نقاتل من أجل استقلالنا. ويجب أن نحارب حتى آخر رجل... ولن يستطيع أي قدر من القصف؛ أي قدر من الضغط الأميركي أن يوقفنا أبداً".
وفي الحقيقة، بعد بضع سنوات فقط من انسحاب القوات الأميركية من فيتنام، أصبح البلد في حرب مع الصين.
كما فوَّتت واشنطن أيضاً بعداً عرقياً آخر للصراع: كانت لدى فيتنام "أقلية مهيمنة على السوق"، وهو مصطلح نحتُّه في العام 2003 لوصف الأقليات العرقية الخارجية التي تمتلك مقادير غير متناسبة مطلقاً من ثروة أمة. وفي فيتنام، كانت هناك أقلية صينية مكروهة بعمق، تعرف باسم "هُوا" والتي تشكل 1 في المائة فقط من السكان، لكنها سيطرت تاريخياً على ما يعادل 80 في المائة من تجارة البلد وصناعته. وبعبارات أخرى، لم يكن معظم رأسماليي فيتنام من الفيتناميين العرقيين. وإنما كانوا بدلاً من ذلك أعضاء في عرق الـ"هُوا" المحتقَر -وهي حقيقة استغلها قادة فيتنام الشيوعيون وبالغوا في تضخيمها فيها، مدّعين أن "الصينيين العرقيين يسيطرون على 100 في المئة من تجارة الجملة المحلية في جنوب فيتنام، وواصفين "تشولون"، وهي منطقة ذات أغلبية من السكان الصينيين العرقيين، بأنها "القلب الرأسمالي الذي يدق داخل جسد فيتنام الاشتراكية".
لأن صانعي السياسة الأميركيين فوّتوا تماماً هذا الجانب العرقي من الصراع، فإنهم فشلوا في رؤية أن كل خطوة مؤيدة للرأسمالية اتخذوها في فيتنام، ساعدت عملياً في تحويل مشاعر السكان المحليين ضد الولايات المتحدة. وعملت سياسات واشنطن في زمن الحرب على تكثيف ثروة وسطوة الأقلية العرقية الصينية، التي تولى أفرادها –كوسطاء- تزويد معظم إمدادات الجيش الأميركي، وتموينه ولوجستياته (بالإضافة إلى بيوت الدعارة والأسواق السوداء في فيتنام). وهكذا، كانت الأنظمة التي تنصِّبها واشنطن في سايغون تطلب من الفيتناميين الجنوبيين أن يقاتلوا ويموتوا -ويقتلوا إخوانهم الشماليين- من أجل إبقاء الصينيين العرقيين أثرياء. ولو أن الولايات المتحدة أرادت فعلاً تقويض أهدافها الخاصة، لما كانت ستأتي بصيغة أفضل لتحقيق ذلك.
قوة الباشتون
تشكل الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن في فيتنام جزءاً من نمط في السياسة الخارجية الأميركية. فبعد هجمات 11/9، أرسلت الولايات المتحدة قواتها إلى أفغانستان لاستئصال شأفة تنظيم القاعدة والإطاحة بطالبان. ونظرت واشنطن إلى مهمتها هناك بشكل كامل من خلال عدسات "الحرب على الإرهاب"، مركِّزة على دور الأصولية الإسلامية –ومفوِّتة مرة أخرى الأهمية المركزية للهوية العرقية.
تشكل أفغانستان موطناً لشبكة معقدة من الجماعات العرقية والقبَلية التي لها تاريخ طويل من التنافس والعداوة المتبادلة. ولأكثر من 200 عام، كانت المجموعة العرقية الأكبر، الباشتون، تهيمن على البلد. لكن سقوط النظام الملَكي الباشتوني في البلد في العام 1973، والغزو السوفياتي في العام 1979، والسنوات اللاحقة من الحرب الأهلية، قوضت هيمنة الباشتون. وفي العام 1992، استولى تحالف يسيطر عليه الطاجيك والأوزبك العرقيون على السلطة.
وبعد بضع سنوات لاحقاً، ظهرت حركة طالبان على هذه الخلفية. وليست طالبان مجرد حركة إسلامية فحسب، وإنما هي أيضاً حركة عرقية. فقد أسس الباشتون المجموعة، وهم الذين يقودونها ويشكلون الغالبية العظمى من أعضائها. وقد ساعدت التهديدات لهيمنة الباشتون في صعود طالبان ومنحت المجموعة قوتها المقيمة.
لم يولِ صانعو السياسة والاستراتيجيون الأميركيون أي اهتمام تقريباً بهذه الحقائق العرقية. وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2001، عندما غزت الولايات المتحدة البلد وأطاحت بحكومة طالبان في غضون 75 يوماً فقط، عمدت إلى ضم قواها مع التحالف الشمالي الذي يقوده أمراء الحرب الطاجيك والأوزبِك، والذي ويُنظر إليه بشكل واسع على أنه مناهض للباشتون. ثم نصَّب الأميركان في ذلك الوقت حكومة اعتقدَ الكثير من الباشتون أنها همَّشتهم. ومع أن حامد كرزاي، الذي اختارته واشنطن ليقود أفغانستان، كان من الباشتون، فقد ترأس الطاجيك معظم الوزارات الرئيسية في حكومته. وفي الجيش الوطني الأفغاني الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة، شكل الطاجيك نحو 70 في المائة من قادة الكتائب في الجيش، هذا مع أن 27 في المائة فقط من الأفغان هم من الطاجيك. وفي حين بدا أن الطاجيك يزدادون غنى بينما تقصف الغارات الجوية الأميركية المناطق ذات الأغلبية الباشتونية، انتشرت مقولة مريرة بين الباشتون الأفغان: "إنهم يحصلون على الدولارات، ونحن نحصل على الرصاص". ومع أن الكثير من الباشتون يكرهون طالبان، فإن قلة منهم كانوا راغبين في دعم حكومة رأوها على أنهم تُخضع مصالحهم لمصالح منافسيهم العرقيين الذين يشعرون إزاءهم بازدراء عميق.
الآن، بعد سبعة عشر عاماً من غزو الولايات المتحدة لأفغانستان، ما تزال طالبان تسيطر على أجزاء كبيرة من البلد، وما تزال أطول حرب في التاريخ الأميركي مستمرة. واليوم، أصبح العديد من الأكاديميين والنخب السياسية الأميركية مدركين للتعقيدات العرقية لأفغانستان. وللأسف، جاء هذا الإدراك لمركزية هوية المجموعة متأخراً كثيراً، وهو ما يزال يفشل في إرشاد السياسة الأميركية بطريقة يعتد بها.
هذه الأشياء تحدُث
كما ساعد عدم فهم القوة السياسية للمجموعة أيضاً على الحكم بالفشل على حرب الولايات المتحدة في العراق. فقد فشل مهندسو وأنصار الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 في رؤية (أو التقليل إلى الحد الأدنى من) عمق الانقسامات بين الشيعة والسنة والأكراد العراقيين، وكذلك الأهمية المركزية للولاءات القبَلية والعائلية في المجتمع العراقي. كما فوّتوا أيضاً ملاحظة شيء أكثر تحديداً: وجود أقلية مهيمنة على السوق.
كان السنة قد سيطروا على العراق منذ قرون، أولاً تحت الحكم العثماني، ثم في عهد البريطانيين الذين حكموا بشكل غير مباشر من خلال النُخب السُنية، ثم بالطريقة الأكثر فظاعة، في عهد صدام حسين الذي كان هو نفسه سُنياً. وقد فضل صدام السُنيين، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى عائلته الخاصة، واضطهد بلا رحمة شيعة البلد وأكراده. وعشية الغزو الأميركي، كان العراقيون من العرب السنة الذين يشكلون 15 في المائة تقريباً من سكان البلد يهيمنون على البلد اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. وعلى النقيض من ذلك، شكل الشيعة الأغلبية الساحقة من فقراء المناطق الريفية والحضرية على حد سواء.
في ذلك الوقت، حذر عدد صغير من النقاد (بمن فيهم كاتب هذه السطور) من أن محاولة الدمقرطة السريعة للعراق تحت هذه الظروف ستكون مزعزعة للاستقرار إلى حد هائل. وفي العام 2003، حذرتُ من أن الانتخابات يرجح أن لا تنتج عراقاً موحداً وإنما حكومة انتقامية يهيمن عليها الشيعة، والتي ستعمد إلى استبعاد السنة والانتقام منهم، وهو ناتج سوف يغذي صعود الحركات الأصولية المناهضة لأميركا بكثافة. ولسوء الحظ، تحقق هذا السيناريو بالتحديد: فبدلاً من جلب السلام والازدهار إلى العراق، أفضت الديمقراطية إلى اندلاع حرب طائفية، والتي أدت في نهاية المطاف إلى صعود ما يدعى تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضاً باسم "داعش")، وهو حركة سنية متطرفة مكرسة لقتل "المرتدين" الشيعة، بقدر ما هي ملتزمة بقتل "الكفار" الغربيين.
توفر نتيجة زيادة عديد القوات الأميركية في العراق في العام 2007 دليلاً على أنه لو كانت واشنطن أكثر انتباهاً لأهمية هويات المجموعة في العراق، لكان الغزو والاحتلال بداية قد اتخذ مسارات بالغة الاختلاف. وكان تدفق 20.000 جندي أميركي إضافي مهماً، لكن الزيادة ساعدت في إضفاء الاستقرار على العراق فقط لأنها كانت مصحوبة بتحول 180 درجة في النهج الأميركي تجاه السكان المحليين. فلأول مرة خلال الحرب العراقية، ثقف الجيش الأميركي نفسه حول الديناميات الطائفية والعرقية المعقدة في البلد –ليدرك، بكلمات الجنرال العميد جون ألين، أن "المجتمع القبَلي يشكل الصفائح التكتونية في العراق، والتي يرتكز عليها كل شيء". وعن طريق إقامة تحالفات بين الشيوخ الشيعة والسنة، وبتأليب المعتدلين ضد المتطرفين، حقق الجيش الأميركي نجاحات كبيرة، بما فيها انحسار كبير في العنف الطائفي وفي الخسائر بين العراقيين والجنود الأميركيين على حد سواء.
قبيلَة ترامب
ربما تبدو فيتنام، وأفغانستان والعراق عوالِم بعيدة عن الولايات المتحدة، لكن الأميركيين ليسوا محصنين ضد السياسات القبَلية التي دمرت تلك البلدان. ويميل الأميركيون إلى التفكير في الديمقراطية على أنها قوة موحِّدة. لكن الديمقراطية يمكن أن تحفز الصراع بين المجموعات في ظل ظروف معينة -كما أظهرت خبرة العراق، وكما يتعلم الأميركيون الآن عن كثب. وفي السنوات الأخيرة، شرعت الولايات المتحدة في عرض ديناميات سياسية مدمرة أقرب من نمط الدول النامية وغير الغربية: صعود الحركات القومية-العرقية، وتآكل الثقة في المؤسسات والنتائج الانتخابية، والديماغوجية المحرِّضة على الكراهية، وردة فعل شعبية ضد كل من "المؤسسة" والأقليات الأجنبية -و، فوق كل شيء، تحويل الديمقراطية إلى محرك لنزعة قبَلية سياسية محصلتها صفر.
ترجع هذه التطورات في جزء منها إلى تحول ديمغرافي هائل. فلأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، أصبح البيض على أعتاب فقدان وضعهم كأغلبية في البلد. وبدرجات متفاوتة، شعرت الأقليات في الولايات المتحدة منذ وقت طويل بأنها ضعيفة وتحت التهديد؛ واليوم، يشعر البيض أيضاً بهذه الطريقة. وقد أظهرت دراسة في العام 2011 أن أكثر من نصف الأميركيين البيض يعتقدون بأن "البيض حلوا محل السود في كونهم ‘ضحايا أساسيين للتمييز’". وعندما تشعر الجماعات بالتهديد، فإنها تتراجع إلى القبَلية. وتقوم برص الصفوف وتصبح أكثر انعزالية، وأكثر دفاعية، وأكثر تركيزاً على فكرة "نحن مقابل هُم". وفي حالة الأغلبية البيضاء الأميركية المتقلصة، اندغمت ردود الفعل هذه في رد فعل قوي، مثيرة التوترات في مناخ اجتماعي مستقطَب سلفاً، والذي تشعر فيه كل مجموعة -البيض، والسود، واللاتينيون، والآسيويون، والمسيحيون، واليهود والمسلمون؛ والأسوياء والمثليون؛ والليبراليون والمحافظون؛ والرجال والنساء- بأنها تحت الهجوم، وتتعرض للتنمر، والاضطهاد، والتمييز ضدها.
لكن هناك سبباً آخر يكمن وراء ظهور هذه الأمراض القبَلية اليوم. تاريخياً، لم يكن لدى المتحدة أبداً أقلية مهيمنة على السوق. بل على النقيض من ذلك، هيمنت على البلد في أغلب فترات تاريخه، اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، أغلبية بيضاء موحَّدة نسبياً، -وفي حالة مستقرة، ولو أنها خادعة.
لكنّ شيئاً ما تغير في سنوات الحرب. ففيما يعود جزئياً إلى مستويات قياسية من عدم المساواة الاقتصادية وإلى تراجعات مدهشة في المرونة الجغرافية والاجتماعية، أصبح الأميركيون البيض الآن منقسمين بشكل كثيف على أساس خطوط طبقية أكثر مما كانوا على مدى أجيال. ونتيجة لذلك، ربما تشهد الولايات المتحدة ظهور نسختها الخاصة من الأقلية المهيمنة على السوق: الجماعة التي كثيراً ما تُناقش وكثيراً ما يشار إليها باسم "النخب الساحلية". ومن المؤكد أن "النخب الساحلية"، هو مصطلح مضلِّل –كاريكاتيري ببعض الطرق. فأعضاء المجموعة ليسوا ساحليين ولا كلهم نخبة، على الأقل بمعنى كونهم أثرياء. ومع ذلك، ومع بعض المحاذير المهمة، تحمل النخب الساحلية الأميركية شبهاً قوياً بالأقليات المهيمنة على السوق في العالم النامي. وتتركز الثروة في الولايات المتحدة في أيدي عدد صغير نسبياً من الناس، معظمهم يعيشون على السواحل. وتهيمن هذه الأقلية على قطاعات رئيسية من الاقتصاد، بما فيها "وول ستريت"، والإعلام، ووادي السيليكون. ومع أن النخب الساحلية لا تنتمي إلى أي إثنية واحدة، فإنها متمايزة ثقافياً، وتتقاسم في كثير من الأحيان قيماً عالمية مثل العلمانية، والتعددية الثقافية، والتسامح مع الأقليات الجنسية، والسياسات المؤيدة للمهاجرين والتقدمية. ومثل الأقليات الأخرى المهيمنة على السوق، فإن النُخَب الساحلية الأميركية منعزلة للغاية، ويتفاعل أفرادها ويتزاوجون بشكل أساسي بين أنفسهم، ويعيشون في نفس المجتمعات، ويرتادون نفس المدارس. وبالإضافة إلى ذلك، ينظر الكثير من الأميركيين العاديين إلى هذه النخب على أنها لا مبالية، بل وحتى معادية لمصالح البلد.
ما حدث في الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2016 هو بالضبط ما كنت لأتنبأ بحدوثه في بلد نامٍ يقيم انتخابات في ظل وجود أقلية مهيمنة على السوق محتقرَة بعمق: صعود حركة شعبوية تدعو فيها أصوات الديماغوجيين الأميركيين "الحقيقيين"، بكلمات دونالد ترامب، بنداء: "استعيدوا بلدنا". وبطبيعة الحال، وعلى النقيض من معظم ردات الفعل الارتدادية ضد الأقليات المهيمنة على السوق في العالم النامي، فإن شعبوية ترامب ليست مناهضة للأغنياء. بل على العكس من ذلك، فترامب نفسه ملياردير معلَن، وهو ما يقود الكثيرين إلى التساؤل عن كيف يمكن أن يكون قد "خدع" قاعدته المناهضة للمؤسسة إلى دعم عضو من فائقي الثراء، والذي ستجعل سياساته فائقي الثراء أكثر ثراءً فحسب.
تكمن الإجابة في القبَلية. بالنسبة للبعض، فإن القبول الذي يتمتع به ترامب عرقي: كمرشح وكرئيس، أدلى ترامب بتصريحات، إما صريحة أو مشفرة، والتي تروق لبعض الانحيازات العنصرية للناخبين البيض. لكن هذه ليست الصورة كاملة. ففيما يتعلق بالذوق، والحساسيات والقيم، فإن ترامب يشبه حقاً بعض أعضاء الطبقة العاملة البيضاء. والغريزة القبَلية هي كل شيء في فكرة التماهي، ويتماهى الكثير من قاعدة ترامب معه على مستوى الحدس. يتماهون مع الطريقة التي يتحدث بها والتي يلبس بها. ويتماهون مع الطريقة التي يستجيب بها للمواقف بتسرع وبلا تفكير -حتى (وربما بشكل خاص) عندما يتم الإمساك به وهو يرتكب خطأ، أو يبالغ، أو يكذب. وهم يتماهون مع الطريقة التي يصبح بها تحت الهجوم من المعلقين الليبراليين -النخب الساحلية في الجزء الأكبر- لأنه يفتقر إلى الصواب سياسياً، ولأنه ليس نسوياً بما يكفي، ولأنه لا يقرأ ما يكفي من الكتب، ولغرامه بالتهام الوجبات السريعة.
في الولايات المتحدة، ليس كون المرء مناهضاً للمؤسسة هو نفس كونه مناهضاً للأغنياء. والذين لا يمتلكون لا يكرهون الثروة: فالكثيرون منهم يريدونها، أو يريدون لأولادهم محاولة امتلاكها، حتى لو اعتقدوا أن النظام متصلب ضدهم. ويتوق الأميركيون الفقراء، ومن الطبقة العاملة والطبقة الوسطى من كل الأعراق إلى تحقيق "الحلم الأميركي" عتيق الطراز. وعندما يغويهم الحلم الأميركي –بل وحتى عندما يسخر منهم- فإنهم سرعان ما ينقلبون على المؤسسة، أو القانون، أو المهاجرين والخارجيين الآخرين، أو حتى على العقل، بدلاً من الانقلاب على الحُلم نفسه.
الحدّ من مدّ القبَلية
تتسبب السياسية القبَلية بتصدع الولايات المتحدة، وتحوّل البلد إلى مكان حيث ينظر الناس من إحدى القبائل إلى الآخرين -ليس فقط كمعارضة، وإنما أيضاً كأناس غير أخلاقيين، شريرين، ومعادين للأميركانية. وإذا كان ثمة طريق للخروج، فإنه ينبغي أن يعالج كلاً من الاقتصاد والثقافة على حد سواء.
بالنسبة لعشرات الملايين من الأميركيين من الطبقة العاملة، قُطعت الطرق التقليدية إلى الثروة والنجاح. وأظهر عالم الاقتصاد، راج شيتي، أن فرص الطفل الأميركي خلال السنوات الخمسين الماضية في تحقيق دخل أفضل من والديه/ أو والديها هبطت من نحو 90 في المائة إلى 50 في المائة. ووجدت دراسة حديثة نشرتها صناديق بيو الخيرية أن "43 في المائة من الأميركيين الذين نشأوا في قاع سلم الدخل يظلون عالقين هناك كبالغين، وأن 70 في المائة لا يتمكنون أبداً من الانتقال إلى الوسط". وبالإضافة إلى ذلك، وإلى حد ربما لا تدركه النخب الأميركية، فإن مكانتها الخاصة أصبحت وراثية. وأكثر من أي وقت مضى، أصبح تحقيق الثروة في الولايات المتحدة يتطلب تعليماً نخبوياً ورأس مال اجتماعي، ولا تستطيع معظم العائلات ذات الدخل المتدني أن تنافس في هذه المجالات.
تزدهر القبَلية السياسية تحت ظروف انعدام الأمان الاقتصادي والافتقار إلى الفرصة. ولمئات السنين، كانت الفرص الاقتصادية ومرونة الانتقال إلى أعلى قد ساعدت الولايات المتحدة في دمج شعوب مختلفة إلى حد هائل بنجاح أكثر من أي أمة أخرى. ويجب النظر إلى انهيار مرونة الانتقال إلى أعلى في الولايات المتحدة على أنه حالة طوارئ وطنية.
لكن مواطني الولايات المتحدة سوف يحتاجون إيضاً إلى اجتراح هوية وطنية قادرة على أن تروق للأميركيين من كل الأنواع وتجمعهم معاً –كباراً وصغاراً، مهاجرين ومولودين في البلد، حضريين وريفيين، أغنياء وفقراء، من نسل العبيد أو من نسل مالكي العبيد. وإحدى الخطوات الأولى ستكون الشروع في جسر فجوة الجهل والازدراء المتبادلين التي تفصل بين الساحل والداخل. وإحدى الأفكار ستكون وضع برنامج للخدمة العامة، والذي يشجع -أو يتطلب من- الأميركيين الصغار قضاء سنة بعد المدرسة الثانوية في مجتمع آخر، بعيد عن مجتمعهم الخاص، وليس بهدف "مساعدة" أعضاء المجموعة الأخرى، وإنما لغاية التفاعل مع أناس ما كانت طرقهم لتتقاطع معهم بخلاف ذلك، والعمل معاً -في الوضع المثالي- في اتجاه تحقيق غاية مشتركة.
مع ذلك، ليست القبَلية المتصاعدة مشكلة أميركية فقط. ثمة تنويعات من الشعبوية القبَلية المتعصبة تنفجر عبر كامل أوروبا، وتؤدي إلى تآكل دعم الكيانات الفوق-وطنية مثل الاتحاد الأوروبي، بل وتهدد النظام الليبرالي العالمي نفسه. وكان "بريكسيت"، على سبيل المثال، ردة فعل شعبوية ضد النخب في لندن وبروكسل، والتي يرى الكثيرون أنها تسيطر على المملكة المتحدة عن بُعد وبأنها منفصلة عن البريطانيين "الحقيقيين" -"المالكين الحقيقيين" للأرض، والذين ينظر الكثيرون منهم إلى المهاجرين كتهديد. وعلى المستوى الدولي، كما في الولايات المتحدة، لن تأتي الوحدة كمُعطى، وإنما فقط من خلال العمل الدؤوب والشاق، والقيادة الشجاعة، والإرادة الجمعية. ويمكن أن تؤدي النخب الكوزموبوليتانية دورها بالاعتراف بكونها هي نفسها جزءا من قبيلة تقودها درجة عالية من الإقصاء وإصدار الأحكام، والتي تكون في كثير من الأحيان أكثر تسامحاً تجاه الاختلاف في مجرد المبدأ أكثر من الممارسة، والتي تسهم بشكل غير مقصود في إثارة الضغينة والانقسام.
*نشر هذا الموضوع تحت عنوان:
Tribal World: Group Identity Is All |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العالم الذي نعيش فيه الثلاثاء 28 أغسطس 2018, 12:48 pm | |
| Tribal World: Group Identity Is AllDate: 22-06-2018 Source: Foreign Affairs By Amy Chua Humans, like other primates, are tribal animals. We need to belong to groups, which is why we love clubs and teams. Once people connect with a group, their identities can become powerfully bound to it. They will seek to benefit members of their group even when they gain nothing personally. They will penalize outsiders, seemingly gratuitously. They will sacrifice, and even kill and die, for their group. This may seem like common sense. And yet the power of tribalism rarely factors into high-level discussions of politics and international affairs, especially in the United States. In seeking to explain global politics, U.S. analysts and policymakers usually focus on the role of ideology and economics and tend to see nation-states as the most important units of organization. In doing so, they underestimate the role that group identification plays in shaping human behavior. They also overlook the fact that, in many places, the identities that matter most—the ones people will lay down their lives for—are not national but ethnic, regional, religious, sectarian, or clan-based. A recurring failure to grasp this truth has contributed to some of the worst debacles of U.S. foreign policy in the past 50 years: most obviously in Afghanistan and Iraq, but also in Vietnam. This blindness to the power of tribalism affects not only how Americans see the rest of the world but also how they understand their own society. It’s easy for people in developed countries, especially cosmopolitan elites, to imagine that they live in a post-tribal world. The very term “tribe” seems to denote something primitive and backward, far removed from the sophistication of the West, where people have supposedly shed atavistic impulses in favor of capitalistic individualism and democratic citizenship. But tribalism remains a powerful force everywhere; indeed, in recent years, it has begun to tear at the fabric of liberal democracies in the developed world, and even at the postwar liberal international order. To truly understand today’s world and where it is heading, one must acknowledge the power of tribalism. Failing to do so will only make it stronger. BASIC INSTINCT The human instinct to identify with a group is almost certainly hard-wired, and experimental evidence has repeatedly confirmed how early in life it presents itself. In one recent study, a team of psychology researchers randomly assigned a group of children between the ages of four and six to either a red group or a blue one and asked them to put on T-shirts of the corresponding color. They were then shown edited computer images of other children, half of whom appeared to be wearing red T-shirts and half of whom appeared to wearing blue, and asked for their reactions. Even though they knew absolutely nothing about the children in the photos, the subjects consistently reported that they liked the children who appeared to be members of their own group better, chose to hypothetically allocate more resources to them, and displayed strong subconscious preferences for them. In addition, when told stories about the children in the photos, these boys and girls exhibited systematic memory distortion, tending to remember the positive actions of in-group members and the negative actions of out-group members. Without “any supporting social information whatsoever,” the researchers concluded, the children’s perception of other kids was “pervasively distorted by mere membership in a social group.” Neurological studies confirm that group identity can even produce physical sensations of satisfaction. Seeing group members prosper seems to activate our brains’ “reward centers” even if we receive no benefit ourselves. Under certain circumstances, our reward centers can also be activated when we see members of an out-group failing or suffering. Mina Cikara, a psychologist who runs Harvard’s Intergroup Neuroscience Lab, has noted that this is especially true when one group fears or envies another—when, for example, “there’s a long history of rivalry and not liking each other.” This is the dark side of the tribal instinct. Group bonding, the neuroscientist Ian Robertson has written, increases oxytocin levels, which spurs “a greater tendency to demonize and de-humanize the out-group” and which physiologically “anesthetizes” the empathy one might otherwise feel for a suffering person. Such effects appear early in life. Consider two recent studies about the in-group and out-group attitudes of Arab and Jewish children in Israel. In the first, Jewish children were asked to draw both a “typical Jewish” man and a “typical Arab” man. The researchers found that even among Jewish preschoolers, Arabs were portrayed more negatively and as “significantly more aggressive” than Jews. In the second study, Arab high school students in Israel were asked for their reactions to fictitious incidents involving the accidental death (unrelated to war or intercommunal violence) of either an Arab or a Jewish child—for example, a death caused by electrocution or a biking accident. More than 60 percent of the subjects expressed sadness about the death of the Arab child, whereas only five percent expressed sadness about the death of the Jewish child. Indeed, almost 70 percent said they felt “happy” or “very happy” about the Jewish child’s death. IDENTITY OVER IDEOLOGY Insight into the potency of group identity has rarely shaped elite American opinion on international affairs. U.S. policymakers tend to view the world in terms of territorial nation-states engaged in political or ideological struggle: capitalism versus communism, democracy versus authoritarianism, “the free world” versus “the axis of evil.” Such thinking often blinds them to the power of more primal group identities—a blindness that has repeatedly led Washington into blunders overseas. The Vietnam War was arguably the most humiliating military defeat in U.S. history. To many observers at the time, it seemed unthinkable that a superpower could lose to what U.S. President Lyndon Johnson called “a piddling, pissant little country”—or, more accurately, to half of that country. It’s now well known that U.S. policymakers, viewing Vietnam through a strictly Cold War lens, underestimated the extent to which Vietnamese people in both the North and the South were motivated by a quest for national independence, as opposed to an ideological commitment to Marxism. But even today, most Americans don’t understand the ethnic dimension of Vietnamese nationalism. U.S. policymakers saw North Vietnam’s communist regime as China’s pawn—merely “a stalking horse for Beijing in Southeast Asia,” as the military expert Jeffrey Record put it. This was a mistake of staggering proportions. Hanoi accepted military and economic support from Beijing, but it was mostly an alliance of convenience. After all, for over a thousand years, most Vietnamese people had feared and hated China. Every Vietnamese child learned of the heroic exploits of his or her ancestors who had fought and died to free their country from China, which conquered Vietnam in 111 BC and then colonized it for a millennium. In 1997, Robert McNamara, who had served as U.S. secretary of defense during the Vietnam War, met Nguyen Co Thach, the former foreign minister of Vietnam. “Mr. McNamara,” he later recalled Thach saying, You must never have read a history book. If you’d had, you’d know we weren’t pawns of the Chinese. . . . Don’t you understand that we have been fighting the Chinese for 1,000 years? We were fighting for our independence. And we would fight to the last man. . . . And no amount of bombing, no amount of U.S. pressure would ever have stopped us. Indeed, just a few years after U.S. forces withdrew from Vietnam, the country was at war with China. Washington also missed another ethnic dimension of the conflict. Vietnam had a “market-dominant minority,” a term I coined in 2003 to describe outsider ethnic minorities that hold vastly disproportionate amounts of a nation’s wealth. In Vietnam, a deeply resented Chinese minority known as the Hoa made up just one percent of the population but historically controlled as much as 80 percent of the country’s commerce and industry. In other words, most of Vietnam’s capitalists were not ethnic Vietnamese. Rather, they were members of the despised Hoa—a fact that Vietnam’s communist leaders deliberately played up and exaggerated, claiming that “ethnic Chinese control 100 percent of South Vietnam’s domestic wholesale trade” and calling Cholon, an area with a predominantly ethnic Chinese population, “the capitalist heart beating within socialist Vietnam’s body.” Because U.S. policymakers completely missed the ethnic side of the conflict, they failed to see that virtually every pro-capitalist step they took in Vietnam helped turn the local population against the United States. Washington’s wartime policies intensified the wealth and power of the ethnic Chinese minority, who, as middlemen, handled most of the U.S. military’s supplies, provisions, and logistics (as well as Vietnam’s brothels and black markets). In effect, the regimes that Washington installed in Saigon were asking the South Vietnamese to fight and die—and kill their northern brethren—in order to keep the ethnic Chinese rich. If the United States had actively wanted to undermine its own objectives, it could hardly have come up with a better formula. PASHTUN POWER Blunders of the sort that Washington made in Vietnam are part of a pattern in U.S. foreign policy. After the 9/11 attacks, the United States sent troops to Afghanistan to root out al Qaeda and overthrow the Taliban. Washington viewed its mission entirely through the lens of “the war on terror,” fixating on the role of Islamic fundamentalism—and yet again missing the central importance of ethnic identity. Afghanistan is home to a complex web of ethnic and tribal groups with a long history of rivalry and mutual animosity. For more than 200 years, the largest ethnic group, the Pashtuns, dominated the country. But the fall of the country’s Pashtun monarchy in 1973, the 1979 Soviet invasion, and the subsequent years of civil war upended Pashtun dominance. In 1992, a coalition controlled by ethnic Tajiks and Uzbeks seized control. A few years later, the Taliban emerged against this background. The Taliban is not only an Islamist movement but also an ethnic movement. Pashtuns founded the group, lead it, and make up the vast majority of its members. Threats to Pashtun dominance spurred the Taliban’s ascent and have given the group its staying power. U.S. policymakers and strategists paid almost no attention to these ethnic realities. In October 2001, when the United States invaded and toppled the Taliban government in just 75 days, it joined forces with the Northern Alliance, led by Tajik and Uzbek warlords and widely viewed as anti-Pashtun. The Americans then set up a government that many Pashtuns believed marginalized them. Although Hamid Karzai, whom Washington handpicked to lead Afghanistan, was a Pashtun, Tajiks headed most of the key ministries in his government. In the new, U.S.-supported Afghan National Army, Tajiks made up 70 percent of the army’s battalion commanders, even though only 27 percent of Afghans are Tajik. As Tajiks appeared to grow wealthy while U.S. air strikes pounded predominantly Pashtun regions, a bitter saying spread among Afghan Pashtuns: “They get the dollars, and we get the bullets.” Although many Pashtuns loathed the Taliban, few were willing to support a government they viewed as subordinating their interests to those of their deeply resented ethnic rivals. Seventeen years after the United States invaded Afghanistan, the Taliban still controls large parts of the country, and the longest war in American history drags on. Today, many American academics and policy elites are aware of the ethnic complexities of Afghanistan. Unfortunately, this recognition of the centrality of group identity came far too late, and it still fails to meaningfully inform U.S. policy. STUFF HAPPENS Underestimating the political power of group identity also helped doom the U.S. war in Iraq. The architects and supporters of the 2003 U.S. invasion failed to see (or actively minimized) the depth of the divisions among Iraq’s Shiites, Sunnis, and Kurds, as well as the central importance of tribal and clan loyalties in Iraqi society. They also missed something much more specific: the existence of a market-dominant minority. Sunnis had dominated Iraq for centuries, first under Ottoman rule, then under the British, who governed indirectly through Sunni elites, and then, most egregiously, under Saddam Hussein, who was himself a Sunni. Saddam favored Sunnis, especially those who belonged to his own clan, and ruthlessly persecuted the country’s Shiites and Kurds. On the eve of the U.S. invasion, the roughly 15 percent of Iraqis who were Sunni Arabs dominated the country economically, politically, and militarily. By contrast, Shiites composed the vast majority of the country’s urban and rural poor. The result of the surge of U.S. forces into Iraq in 2007 provides evidence that had Washington been more attentive to the importance of group identities in Iraq, the initial invasion and occupation could have turned out very differently. At the time, a small number of critics (including me) warned that under these conditions, rapid democratization in Iraq could be profoundly destabilizing. In 2003, I cautioned that elections could well produce not a unified Iraq but a vengeful Shiite-dominated government that would exclude and retaliate against Sunnis, an outcome that would further fuel the rise of intensely anti-American fundamentalist movements. Unfortunately, that precise scenario unfolded: instead of bringing peace and prosperity to Iraq, democracy led to sectarian warfare, eventually giving rise to the so-called Islamic State (also known as ISIS), an extremist Sunni movement as devoted to killing Shiite “apostates” as it is to killing Western “infidels.” The result of the surge of U.S. forces into Iraq in 2007 provides evidence that had Washington been more attentive to the importance of group identities in Iraq, the initial invasion and occupation could have turned out very differently. The influx of 20,000 additional troops was important, but the surge helped stabilize Iraq only because it was accompanied by a 180-degree shift in the U.S. approach to the local population. For the first time during the Iraq war, the U.S. military educated itself about the country’s complex sectarian and ethnic dynamics—recognizing, in the words of U.S. Brigadier General John Allen, that “tribal society makes up the tectonic plates in Iraq on which everything rests.” By forging alliances between Shiite and Sunni sheiks and by pitting moderates against extremists, the U.S. military achieved dramatic successes, including a precipitous decline in sectarian violence and in casualties among Iraqis and U.S. troops alike. THE TRUMP TRIBE Vietnam, Afghanistan, and Iraq may seem worlds away from the United States, but Americans are not immune to the forces of tribal politics that have ravaged those countries. Americans tend to think of democracy as a unifying force. But as Iraq has illustrated, and as Americans are now learning firsthand, democracy under certain conditions can actually catalyze group conflict. In recent years, the United States has begun to display destructive political dynamics much more typical of developing and non-Western countries: the rise of ethnonationalist movements, eroding trust in institutions and electoral outcomes, hate-mongering demagoguery, a popular backlash against both “the establishment” and outsider minorities, and, above all, the transformation of democracy into an engine of zero-sum political tribalism. These developments are due in part to a massive demographic transformation. For the first time in U.S. history, whites are on the verge of losing their status as the country’s majority. To varying degrees, minorities in the United States have long felt vulnerable and under threat; today, whites also feel that way. A 2011 study showed that more than half of white Americans believe that “whites have replaced blacks as the ‘primary victims of discrimination.’” When groups feel threatened, they retreat into tribalism. They close ranks and become more insular, more defensive, more focused on us versus them. In the case of the shrinking white majority, these reactions have combined into a backlash, raising tensions in an already polarized social climate in which every group—whites, blacks, Latinos, and Asians; Christians, Jews, and Muslims; straight people and gay people; liberals and conservatives; men and women—feels attacked, bullied, persecuted, and discriminated against. But there’s another reason these new tribalistic pathologies are emerging today. Historically, the United States has never had a market-dominant minority. On the contrary, for most of its history, the country has been dominated economically, politically, and culturally by a relatively unified white majority—a stable, if invidious, state of affairs. But in recent years, something has changed. Owing in part to record levels of economic inequality and to stark declines in geographic and social mobility, white Americans are now more intensely split along class lines than they have been in generations. As a result, the United States may be seeing the emergence of its own version of a market-dominant minority: the much-discussed group often referred to as “coastal elites.” To be sure, “coastal elites” is a misleading term—a caricature, in some ways. The group’s members are neither all coastal nor all elite, at least in the sense of being wealthy. Still, with some important caveats, American coastal elites bear a strong resemblance to the market-dominant minorities of the developing world. Wealth in the United States is concentrated in the hands of a relatively small number of people, most of whom live on the coasts. This minority dominates key sectors of the economy, including Wall Street, the media, and Silicon Valley. Although coastal elites do not belong to any one ethnicity, they are culturally distinct, often sharing cosmopolitan values such as secularism, multiculturalism, toleration of sexual minorities, and pro-immigrant and progressive politics. Like other market-dominant minorities, U.S. coastal elites are extremely insular, interacting and intermarrying primarily among themselves, living in the same communities, and attending the same schools. Moreover, they are viewed by many middle Americans as indifferent or even hostile to the country’s interests. What happened in the 2016 U.S. presidential election is exactly what I would have predicted would happen in a developing country holding elections in the presence of a deeply resented market-dominant minority: the rise of a populist movement in which demagogic voices called on “real” Americans to, in Donald Trump’s words, “take our country back.” Of course, unlike most backlashes against market-dominant minorities in the developing world, Trump’s populism is not anti-rich. On the contrary, Trump himself is a self-proclaimed billionaire, leading many to wonder how he could have “conned” his antiestablishment base into supporting a member of the superrich whose policies will make the superrich even richer. The answer lies in tribalism. For some, Trump’s appeal is racial: as a candidate and as president, Trump has made many statements that either explicitly or in a coded fashion appeal to some white voters’ racial biases. But that’s not the whole picture. In terms of taste, sensibilities, and values, Trump is actually similar to some members of the white working class. The tribal instinct is all about identification, and many voters in Trump’s base identify with him at a gut level. They identify with the way he talks and the way he dresses. They identify with the way he shoots from the hip—even (perhaps especially) when he gets caught making mistakes, exaggerating, or lying. And they identify with the way he comes under attack by liberal commentators—coastal elites, for the most part—for not being politically correct, for not being feminist enough, for not reading enough books, and for gorging on fast food. In the United States, being antiestablishment is not the same as being anti-rich. The country’s have-nots don’t hate wealth: many of them want it, or want their children to have a shot at it, even if they think the system is rigged against them. Poor, working-class, and middle-class Americans of all ethnicities hunger for the old-fashioned American dream. When the American dream eludes them—even when it mocks them—they would sooner turn on the establishment, or on the law, or on immigrants and other outsiders, or even on reason, than turn on the dream itself. STEMMING THE TRIBAL TIDE Political tribalism is fracturing the United States, transforming the country into a place where people from one tribe see others not just as the opposition but also as immoral, evil, and un-American. If a way out exists, it will have to address both economics and culture. For tens of millions of working-class Americans, the traditional paths to wealth and success have been cut off. The economist Raj Chetty has shown that during the past 50 years, an American child’s chances of outearning his or her parents have fallen from roughly 90 percent to 50 percent. A recent study published by the Pew Charitable Trusts found that “43 percent of Americans raised at the bottom of the income ladder remain stuck there as adults, and 70 percent never make it to the middle.” Moreover, to an extent that American elites may not realize, their own status has become hereditary. More than ever before, achieving wealth in the United States requires an elite education and social capital, and most lower-income families can’t compete in those areas. Political tribalism thrives under conditions of economic insecurity and lack of opportunity. For hundreds of years, economic opportunity and upward mobility helped the United States integrate vastly different peoples more successfully than any other nation. The collapse of upward mobility in the United States should be viewed as a national emergency. But U.S. citizens will also need to collectively fashion a national identity capable of resonating with and holding together Americans of all sorts—old and young, immigrant and native born, urban and rural, rich and poor, descendants of slaves as well as descendants of slave owners. A first step would be to start bridging the chasm of mutual ignorance and disdain separating the coasts and the heartland. One idea would be a public service program that would encourage or require young Americans to spend a year after high school in another community, far from their own, not “helping” members of another group but interacting with people with whom they would normally never cross paths, ideally working together toward a common end. Increasing tribalism is not only an American problem, however. Variants of intolerant tribal populism are erupting all across Europe, eroding support for supranational entities such as the European Union and even threatening the liberal international order. Brexit, for example, was a populist backlash against elites in London and Brussels perceived by many as controlling the United Kingdom from afar and being out of touch with “real” Britons—the “true owners” of the land, many of whom see immigrants as a threat. Internationally, as in the United States, unity will come not by default but only through hard work, courageous leadership, and collective will. Cosmopolitan elites can do their part by acknowledging that they themselves are part of a highly exclusionary and judgmental tribe, often more tolerant of difference in principle than in practice, inadvertently contributing to rancor and division. |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العالم الذي نعيش فيه الإثنين 10 سبتمبر 2018, 7:57 am | |
| العالم الذي نعيش فيه (4) عالم تقني: أهلاً بكم في الثورة الرقمية
- صوفيا، الإنسانة الآلية التي تحمل الجنسية السعودية، تتفاعل خلال معرض الابتكار في كاتماندو نيبال في 21 آذار (مارس) 2018 -
كيفن دروم – (فورين أفيرز) عدد تموز (يوليو)/ آب (أغسطس) 2018 ترجمة: علاء الدين أبو زينة التنبؤ بالمستقبل مرتقى صعب. لذلك دعونا نبدأ بتفسير الماضي. ما هي أفضل عدسة لتقييم مسار تاريخ العالم خلال القرن التاسع عشر؟ كبداية، شكل ذلك القرن فجر الديمقراطية الليبرالية. كان الفرنسيون قد أعدموا ملكهم بالمقصلة مسبقاً، كما أسست حفنة من عشاق جون لوك عبر المحيط الأطلسي جمهورية وليدة. وفي المملكة المتحدة، كان الفيلسوف جون ستيوارت ميل يدافع باقتدار عن الديمقراطية الليبرالية وكرامة الإنسان. وبدأ الأمر يبدو وكأن النظام الملكي ترجل عن ذروته . ثم كانت ثورة رأسمالية السوق الحرة، ونجومية الاقتصاديين من نوع توماس مالتوس وديفيد ريكاردو. وكان كارل ماركس يجلب الاقتصاد إلى طبقة البروليتاريا. كما شكل القرن التاسع عشر أيضا ذروة الامبراطورية والاستعمار الغربيين. وكان بداية حقبة الحرب الشاملة، وبداية انحدار الدين كقوة سياسية واستبداله بصعود القومية. كما كان أيضا، إذا دقق المرء بما يكفي من العناية، بداية حقبة المساواة الإنسانية. فقد طالبت النساء بحقوق متساوية في سينيكا فولز ونيوروك، وأصبحت نيوزيلندا أول بلد يمنحهن حق التصويت. وجرمت المملكة المتحدة تجارة الرقيق، وحررت الولايات المتحدة عبيدها، وحررت روسيا أقنانها. وإذن: كانت الديمقراطية، والرأسمالية، والاستعمار، والحرب الحديثة، والقومية، والمساواة الإنسانية. وكلها عناصر هائلة في تداعياتها، وكلها شكلت حافزا لإنتاج الآلاف من الكتب. ولم يكُن أيها مهما أيضا. فعندما ننظر إلى الوراء اليوم، نجد أن أهم سمة جيوسياسية للقرن التاسع عشر واضحة تمام الوضوح: كانت حقبة "الثورة الصناعية". ومن دون هذه الثورة، ما كان ليتسنى صعود الطبقة الوسطى ولا وجود ضغط حقيقي من أجل الديمقراطية. وما كانت لتظهر ثورة الرأسمالية لأن الدول الزراعية لا تحتاج إلى مثلها. وما كان الاستعمار واسع النطاق ليحدث، لأن هناك حداً واضحاً لشهية الاقتصادات غير الصناعية للمواد الخام. وما كانت الحرب الشاملة لتندلع من دون وجود الصُّلب الرخيص والتصنيع الدقيق. ومع بقاء العالم عالقاً إلى حد كبير في ثقافةٍ واقتصاد قائمين على زراعة الكفاف التقليدية، ربما لم نكن لنشهد على الإلب نهاية للعبودية، ولا بداية للنسوية. كانت المحركات الرئيسية لتلك الحقبة هي المحرك البخاري، ونظرية الجراثيم، والكهرباء والسكك الحديدية. ومن دون النمو الاقتصادي الهائل الذي جعلته هذه المحركات ممكناً في القرن العشرين، كان كل شيء آخر سيهم فقط بمقدار ما سيهم لو أنه حدث في العصور الوسطى. ولم يكن أحد يعرف ذلك في العام 1800، لكن المستقبل الجيوسياسي للقرن العشرين كان قد شرع في التكون مسبقاً قبل تسعة عقود، عندما اخترع توماس نيوكومين أول محرك بخاري عملي. وقد لا يحب المؤرخون وصانعو السياسة الخارجية سماع هذا، لكن كل الأشياء التي يدرِّسونها ويكتبونها عن الجغرافيا السياسية للقرن التاسع عشر هي مجرد هوامش وحواشٍ للثورة الصناعية، فحسب. ويرجح أن ينطبق الأمر نفسه بالضبط عندما نكتب –نحن أو نسلنا من الروبوتات- تاريخ الثورة الرقمية للقرن الحادي والعشرين. التحول إلى الذكاء ليس من الممكن تحديد التيارات الجيوسياسية للقرن الحادي والعشرين بنفس الثقة التي يمكن بها تحديد نظيراتها في القرن التاسع عشر، لكن هناك بعض التيارات الواضحة مع ذلك. هناك صعود الصين. وهناك تصاعد القبلية السياسية، وانهيار محتمل للديمقراطية الليبرالية يلوح في الأفق. وفي المدى الأقرب، ثمة الإرهاب الجهادي. وفي حقبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من الصعب عدم التساؤل عما إذا كان العالم يتجه نحو مستقبل من تدهور التعاون وعودة إلى منافسة القوى العظمى الواضح الذي محصلته صفر. ولكن، مع الحذر المعتاد الذي ينبغي أن يصاحب كل تكهن عن القرن الحادي والعشرين –بالتحديد، ما يتعلق بما إذا كان هذا القرن سيعتمد على البشر الذين ما يزالون موجودين في الجوار- فإن أيا من هذه القوى المذكورة لن تكون مهماً حقاً، أيضاً. في الوقت الراهن، يشهد العالم انبلاج فجر "ثورة صناعية" ثانية - ثورة رقمية هذه المرة. وسوف يكون تأثيرها، إذا كان ثمة شيء، أكبر من تأثير الثورة الأولى. ولكن، حتى مع ذلك، فإن هذه الثورة لمّا تبدأ بعد. ثمة روائع التقنية الحديثة وأعاجيبها في كل مكان، لكن كل ما تم ابتكاره حتى الآن هو مجرد ألعاب أفضل فحسب. وسوف يكون من شأن قيام ثورة تقنية جديدة أن يزيد الإنتاجية الكلية للاقتصاد العالمي، تماماً كما حدث خلال حقبة "الثورة الصناعية"، عندما سمحت الآلات للشركات بأن تنتج قدرا أكبر بما لا يقاس من البضائع بقدر بنفس العدد من الناس. لكن هذا لا يحدث الآن. وبعد تراجع كبير في السبعينيات، اتجه نمو إنتاجيه العمل إلى الصعود ببطء خلال العام 2007 –فيما يعزى الفضل في معظمه إلى التبني واسع الانتشار للوجستيات المحوسبة وسلاسل التوريد العالمية في مجتمع الأعمال- لكنه عاد فهبط بحدة. وعلى الرغم من عجائبنا التقنية التي نراها اليوم، فقد ظل نمو الإنتاجية بطيئا بعناد على مدى العقد الماضي، وهو ما يشير إلى أن آخر جيل من الآلات لا يقوم بإنجاز الكثير حقاً. لكن كل هذا يوشك أن يتغير. كان الذكاء الاصطناعي مصدر هوس للتقنيين عمليا منذ اختراع الحواسيب، لكن التفاؤل البدئي الساذج للخمسينيات سرعان ما أخلى مكانه لـ"شتاء الذكاء الاصطناعي" في السبعينيات، بينما أصبح واضحا أن الحواسيب في ذلك الوقت كانت تفتقر إلى قوة المعالجة الأساسية اللازمة لمضاهاة الدماغ البشري. ولكن، تماما كما تنبأ "قانون مور" (1)، فإن قوة الحواسيب استمرت في التضاعف كل عام أو اثنين، وكذلك فعل التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد أخلت الشبكات العصبية مكانها لأنظمة الخبراء، التي أخلت مكانها بدورها للتعليم الآلي. وأدى ذلك إلى ظهور حواسيب يمكن أن تقرأ الكلمات المطبوعة وأن تنجز عملا أفضل في البحث في شبكة الإنترنت، لكن الكأس المقدسة للذكاء الاصطناعي –صناعة حاسوب يستطيع أن يمر وكأنه كائن بشري في محادثة عادية- ظلت بعيدة المنال. حتى في هذا اليوم، ما يزال الذكاء الاصطناعي في مرحلته الجنينية –الإجابة عن أسئلة "جيوباردي" (2)، الفوز في لعبة شطرنح، العثور على أقرب مقهى- لكن الشيء الحقيقي الذي ينبغي أن ينجزه ليس بعيداً كثيراً. وللوصول إلى هناك، فإن ما يلزم هو أجهزة قوية بنفس طاقة الدماغ البشري، وبرمجيات يمكن أن تفكر بنفس الاقتدار. بعد عقود من الاحباط، أصبح الجزء الخاص بالأجهزة جاهزا تقريبا: فالحواسيب الأكثر قدرة في العالم وصلت مسبقاً إلى نفس قدرة العقل البشري. وتقاس قدرة الحاسوب عادة بعمليات الفاصلة العائمة لكل ثانية، أو "فلوبس" flops (3)، وتقترح أفضل التقديرات اليوم أن الدماغ البشري له قوة حوسبة فعالة تعادل ما بين 10 إلى 100 بيتافلوبس (كوادريليون من العمليات في الثانية). (4) وكما يحدث، فإن قدرة أكثر الحواسيب قوة في العالم الآن تقدر بما بين 10 إلى 100 بيتافلوبس أيضاً. ولسوء الحظ، فإن حجم الواحد منها يعادل غرفة الجلوس، ويكلف أكثر من 200 مليون دولار، ويولد فواتير كهرباء بقيمة 5 ملايين دولار. ما نحتاجه الآن هو جعل هذه الحواسيب أصغر وأرخص بكثير. وسوف يعمل مزيج من المُعالجات microprocessors الأسرع، والشرائح الميكروية microchips المحسنة، وقدرة أكبر على إجراء حسابات متعددة بالتوازي، وخوارزميات أكثر فعالية، على إغلاق الفجوة في غضون عقدين آخرين أو نحو ذلك. ويبقى جانب البرمجيات أكثر ضبابية بطبعه، لكن التقدم فيها خلال العقد الماضي كان هائلاً. ومن الصعب وضع أرقام دقيقة حول تقدم البرمجيات، لكن الناس الذين يعرفون أكثر ما يكون عن الذكاء الاصطناعي –الباحثون أنفسهم- متفائلون بقدر ملحوظ. وفي مسح لخبراء الذكاء الاصطناعي، والذي نُشر في العام 2017، وافق ثلثا المستجيبين على أن التقدم في البرمجيات قد تسارع في النصف الثاني من حياتهم المهنية. وتوقعوا أن تكون هناك فرصة بنسبة 50 في المائة لأن يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على أداء كافة المهام البشرية بحلول العام 2060، في حين توقع المستجيبون الآسيون أن ذلك يمكن أن يحدث أقرب إلى العام 2045. ولا يعتقد هؤلاء الباحثون أن الآلات ستكون قادرة على أداء العمل الروتيني فحسب؛ بل إنها ستكون قادرة على أداء عمل أي شخص في كل شيء: من تقليب البيرغر إلى كتابة الروايات إلى إجراء عمليات جراحة القلب. وبالإضافة إلى ذلك، ستكون الآلات أسرع بكثير، ولا تتعب مطلقاً، ولديها وصول فوري إلى جميع المعارف في العالم، وسوف تتباهى بقدرة تحليلية أكثر من أي إنسان في العالم. ومع الحظ، سوف يؤدي هذا في النهاية إلى إنتاج يوتوبيا عالمية، لكن الوصول إلى سيكون غير مؤكد. وفيما سيبدأ في غضون بضعة عقود، ستجعل الروبوتوت ملايين الناس عاطلين عن العمل، ومع ذلك ما تزال أنظمة العالم الاقتصادية والسياسية قائمة على افتراض أن الكسل هو السبب الوحيد لعدم الحصول على وظيفة. وهذا في الحقيقة مزيج حارق. الترحيب بسادتنا الجدد: الروبوتات ولكن، لا يخطئن أحد: سوف تكون الثورة الرقمية أكبر ثورة جيوسياسية في التاريخ البشري. كانت الثورة الصناعية قد غيرت العالم، وكان كل ما فعلته هو مجرد استبدال العضلات البشرية، وإنما ظلت الحاجة ماسة إلى العقول البشرية لكي تبني الآلات وتقوم بتشغيلها وصيانتها، وقد أنتج ذلك الكثير من الوظائف جيدة الأجور للجميع. لكن الثورة الرقمية سوف تستبدل العقل البشري. وبالتعريف، فإن أي شيء يستطيع الإنسان أن يفعله، سوف يكون الذكاء الاصطناعي من درجة البشر قادراً أيضاً على فعله –وإنما بشكل أفضل. وسوف يكون لدى الروبوتات الذكية كل من العضلات لأداء العمل والقوة العقلية لإدارة وتشغيل أنفسها. وبوضع الجدالات الفلسفية الهوائية حول ما إذا كان يمكن للآلة أن تفكر حقاً جانباً، فإن الروبوتات ستجعل جنس الإنسان العاقل (الهوموسابين)، لكل الأسباب العملية، كائنا عفا عليه الزمن وفائضا عن الحاجة. سوف يبدو أي اتجاه جيوسياسي آخر في القرن الحادي والعشرين ضئيلا وتافها بالمقارنة. ولنأخذ صعود الصين. ملايين الكلمات قيلت عن هذا التطور، والتي غطت التاريخ الصيني، والثقافة والديمغرافيا والسياسة الصينية. وسوف تكون لكل هذا أهمية على مدار العشرين سنة القادمة أو نحو ذلك، أما بعده، فإن شيئاً واحداً فقط هو الذي سيهُم: هل سيكون لدى الصينيين أفضل ذكاء اصطناعي في العالم؟ إذا فعلوا، فإنهم سيسيطرون على العالم إذا أرادوا ذلك. وإذا لم يفعلوا، فلن يفعلوا. الإرهاب الجهادي؟ حتى لو صمد لعقد آخر أو نحو ذلك –وهو أمر مشكوك فيه، بالنظر إلى تناقص نجاحاته باطراد منذ 11/9- فإنه سرعان ما سيصبح ضحية للذكاء الاصطناعي. وقد تمكنت الطائرات المسيرة البكماء، مصحوبة بالتحليل الآلي لقواعد البيانات الهائلة لإشارات الاستخبارات، من رد مجموعات الإرهاب على أعقابها مسبقاً. وبينما تصبح الطائرات المسيرة أكثر قدرة وتصبح برمجيات التوجيه أكثر ذكاء، فلن تمتلك أي منظمة منخفضة التقنية أي فرصة للبقاء. بشكل أكثر عمومية، سوف تصبح أعمال الحرب مقودة بالآلة بالكامل. وفيما ينطوي على مفارقة، فإن هذا ربما يجعل الحرب فكرة عتيقة ولا لزوم لها. إذ، ما الفكرة من القتال عندما لا تكون الشجاعة الإنسانية والمهارة البشرية مطلوبتين؟ وإلى جانب ذلك، فإن الدول التي لا تمتلك الذكاء الاصطناعي ستعرف أنها لن تكون لها أي فرصة في الفوز، في حين ستكون لدى الدول التي لديها ذكاء اصطناعي من الطراز الأعلى طرق أفضل للحصول على ما تريد. وسوف تخلي حاملات الطائرات وصواريخ كروز مكانها لحملات الدعاية الدقيقة والحرب السيبرانية التي لا يمكن كشفها أو تعقب مصدرها. ثم هناك الديمقراطية الليبرالية. إنها تحت الضغط مسبقا –على السطح بسبب العاطفة المناهضة للهجرة، وعلى مستوى أعمق بسبب القلق العام بشأن الوظائف. وكان هذا جزءا من العوامل التي دفعت ترامب إلى سدة الرئاسة. لكن ما حدث حتى الآن هو مجرد هزة صغيرة، والتي تسبق التسونامي القادم. وفي غضون عقد، ثمة احتمال كبير لأن يصبح كل سواقي شاحنات الرحلات الطويلة بلا عمل بفضل تقنية المركبات ذاتية القيادة. وفي الولايات المتحدة، يوفر هذا القطاع مليوني وظيفة، وبمجرد أن يصبح الذكاء الاصطناعي جيداً بما يكفي لقيادة شاحنة، فإنه ربما يكون قد أصبح جيداً بما يكفي ليقوم بأي عمل آخر ربما يتحول إليه سائق الشاحنة أيضا. كم هو عدد الوظائف التي ستُفقد في نهاية المطاف، وبكم من السرعة ستختفي؟ يعرض الخبراء المختلفون تقديرات مختلفة عن خسارة الوظائف، لكنهم يتفقون جميعاً على أن الأعداد ستكون كبيرة إلى حد مفزع، وأن الأطر الزمنية قصيرة إلى حد مرعب أيضاً. وقد تنبأ تحليل أجرته في العام 2017 شركة التدقيق PwC بأن 38 في المائة من كل الوظائف في الولايات المتحدة "تحت خطر كبير من الأتمتة بحلول بواكير عقد الثلاثينيات"، ومعظمها مهن روتينية، مثل مشغلي الرافعات الشوكية، وعمال خطوط التجميع، وموظفي صناديق المحاسبة في المحلات ومراكز التسوق . وبحلول عقد الأربعينيات، كما يتوقع باحثو الذكاء الاصطناعي، سوف تكون الحواسيب قادرة على إجراء أبحاث أصلية في الرياضيات، وإجراء العمليات الجراحية، وكتابة الروايات الأفضل مبيعاً، والقيام بأي عمل آخر يتطلب ملكات إدراكية ومعرفية مماثلة. في عالم حيث تُعَد نسبة 10 في المائة من البطالة ركوداً رئيسياً وحيث تشكل نسبة 20 في المائة حالة طوارئ عالمية، يحتمل كثير أن تؤدي الروبوتات ربع مجموع العمل أو أكثر. وهذا هو عمل الثورات العنيفة. وعلى النقيض من الثورة الصناعية، التي استغرقت أكثر من 100 العام حتى تتكشف نتائجها حقاً، فإن خسران الوظائف خلال الثورة الرقمية سوف يتسارع في مجرد عقود. وهذه المرة، لن تحدث الثورة في أمة من أصحاب الدكاكين والمحلات، وإنما في عالم من الشركات متعددة الجنسيات عالية التعقيد والتطور، والتي تطارِد الأرباح بلا رحمة. وسوف يكون الذكاء الاصطناعي أكثر التقنيات التي شهدها العالم ربحيةً على الإطلاق. احتدام الغضب ضد الآلة ما الذي يعنيه كل هذا للسياسة؟ في حقبة من البطالة الجماعية، يمكن للمرء أن يجادل بأن شكل الحكومة سيكون أكثر الأشياء أهمية في العالم، بما أن الحوكمة الحديثة تتعلق في معظمها بإدارة الاقتصاد والسيطرة عليه من أجل الصالح الأفضل. لكن المرء يستطيع بنفس السهولة أن يقيم القضية بأن ذلك لن يكون مهماً على الإطلاق: إذا كانت الروبوتات تستطيع أن تنتج إمداداً لا نهاية له من السلع المادية، فما الذي يتبقى بالضبط لإدارته والسيطرة عليه؟ سوف يكون الرهان الوحيد الأكيد هو أن شكل الحكومة الذي سيظهر على القمة هو واحد سيثبت أنه الأكثر قدرة على تحشيد واستثمار قوة الذكاء الاصطناعي وتوجيهها إلى معظم الناس. ولدى الماركسيين مسبقاً الكثير من الأفكار عن كيفية التعامل مع هذا الوضع –دع الروبوتات تسيطر على وسائل الإنتاج، ثم قم بتوزيع الغنائم على الجميع، كلٍّ وفقاً لحاجاته/ حاجاتها- لكن الماركسيين لا يمتلكون احتكاراً للحلول. ما تزال لدى الديمقراطية الليبرالية فرصة، وإنما فقط إذا أخذ قادتها على محمل الجد الطوفان الذي يوشك أن يضربهم ويخمنون كيف يمكن مؤاءمة الرأسمالية مع عالم يصبح فيه إنتاج السلع منفصلاً تماماً عن العمل. ويعني ذلك كبح جماح قوة الأثرياء، وإعادة التفكير في كل فكرة ماهية الشركة، والقبول حقاً –وليس على مضض فقط- بمستوى معين من المساواة في توزيع الحصص من السلع والخدمات. تبدو هذه رؤية قاتمة. لكن هناك بعض الأخبار الجيدة أيضاً، حتى في المدى المتوسط. سوف يكون التطوران الأكثر أهمية في القرن الحادي والعشرين هما البطالة الجماعية الناجمة عن الذكاء الاصطناعي، والتغير المناخي الناجم عن الوقود الأحفوري –ويحتمل كثيراً أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من حل مشكلة التغير المناخي إذا ما تطور بسرعة كافية. فبعد كل شيء، يمتلك العالم مسبقاً معظم التكنولوجيا اللازمة لإنتاج الطاقة النظيفة: أي، طاقة الرياح والطاقة الشمسية. والمشكلة هي أنه يجب بناؤها على نطاق كبير وبكلف كبيرة. وهنا حيث يمكن أن تأتي الروبوتات الرخيصة الذكية، لتقوم بإنشاء بنية تحتية ضخمة لكل شيء تقريباً. ولا تضحك! ولكن بمجرد أن يصبح الذكاء الاصطناعي من المستوى البشري حقيقة واقعة، فلن يكون هناك سبب للتفكير بأن التقدم سيتوقف. وقبل أن يمضي طويل وقت، ربما تساعد مستويات فوق-بشرية من الذكاء الاصطناعي العلماء أخيراً على تطوير الكأس المقدسة للطاقة النظيفة: الاندماج النووي. لا شيء من هذا سيحدث على الفور. فتكنولوجيا اليوم بالنسبة للذكاء الاصطناعي الحقيقي هي مثل طائرة الأخوين رايت Wright Flyer لمكوك الفضاء. وعلى مدى العقدين التاليين، سوف تكون الحركات العالمية الأكثر أهمية هي كل المشتبه بهم المعتادون أعلاه. لكن الذكاء الاصطناعي، بعد كل شيء، سيشرع في جعل كل ذلك يبدو تافها. سوف تكون المنافسة بين القوى العظمى بشكل أساسي منافسة بين تقنيات الذكاء الاصطناعي لدى البلدان المختلفة. ولن تكون القبَلية مهمة: من يعبأ بشأن الهوية إذا كان كل العمل تقوم به الروبوتات؟ وربما ستظل الديمقراطية الليبرالية تهُم، وإنما فقط إذا عرفت كيف تتعامل مع البطالة الجماعية بطريقة أفضل من أنظمة الحكم الأخرى. وسوف يواجه الدين أوقاتاً صعبة أيضاً، عندما تصبح تفاعلات الناس مع العالم تتم باطراد بوساطة تكوينات تبدو في كل تفصيل مفكِّرةً وخلّاقة مثل البشر، وإنما التي ليست –بوضوح- من خلق الله ولا يبدو أن بها أي حاجة إلى قوة علوية. لقد حان منذ وقت طويل للشروع في أخذ هذه الأمور على محمل الجد. ويمكن حتى للمصابين برهاب التقنية أن يروا أين تهب الرياح : على مر التاريخ، أنتج الحرمان الاقتصادي الجماعي إصلاحات تقدمية مدروسة أقل مما أنتج من الثورات والحروب العنيفة. وغني عن القول أن ذلك لا ينبغي أن يكون بالضرورة واقع الحال هذه المرة. ربما يكون من المستحيل إيقاف وقف مسيرة التقنية، لكن من الممكن فهم ما هو قادم والاستعداد لاستجابة مستنيرة. *نشر هذا المقال تحت عنوان: Tech World: Welcome to the Digital Revolution هوامش المترجم: (1) قانون مور (بالإنجليزية: Moore's law) هو القانون الذي ابتكره غوردون مور أحد مؤسسي إنتل في العام 1965. حيث لاحظ مور أن عدد الترانزستورات على شريحة المعالج يتضاعف تقريباً كل عامين في حين يبقى سعر الشريحة على حاله. (2) Jeopardy!، هي لعبة تلفزيونية أميركية ابتكرها ميرف غريفين. ويتكون البرنامج من منافسة مكونة من أسئلة، حيث تُطرح على المشاركين إلماحات معرفية عامة على شكل إجابات، حيث يجب أن يصوغوا إجاباتهم في شكل أسئلة. (3) (فلوبس (بالإنجليزية FLOPS في الحوسبة، هي اختصار للجملة (FLoating-point Operations Per Second) والتي تعني عملية النقطة العائمة بالثانية، وهي مقياس لأداء الحاسوب، وخصوصاً في حقل الحسابات العلمية والتي تستخدم بشكل كثيف حسابات عدد فاصل عائم بشكل مشابه للنموذج الأقدم :أوامر للثانية (Instructions per second). (4) كوادريليون: هو عدد يساوي مليون مليار. . يكتب الكوادريليون كما يلي: 000 000 000 000 000 1 (واحد عن يمينه خمسة عشر صفراً) 10^15. |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العالم الذي نعيش فيه الإثنين 10 سبتمبر 2018, 7:58 am | |
| Tech World: Welcome to the Digital Revolution
Predicting the future is hard, so let’s start by explaining the past. What’s the best lens for evaluating the arc of world history during the nineteenth century? For starters, it’s the dawn of liberal democracy. The French have already guillotined their king, and a handful of John Locke enthusiasts across the Atlantic have established a nascent republic. In the United Kingdom, the philosopher John Stuart Mill is ably defending liberal democracy and human dignity. It’s starting to look like monarchy has had its day. Then there’s the laissez-faire capitalist revolution, starring such economists as Thomas Malthus and David Ricardo. Karl Marx is bringing economics to the proletariat.
The nineteenth century is also the height of Western empire and colonization. It’s the start of the era of total war. It’s the beginning of the decline of religion as a political force and its replacement with the rise of nationalism. It’s also, if one squints hard enough, the start of the era of human equality. Women demand equal rights in Seneca Falls, New York, and New Zealand becomes the first country to give them the vote. The United Kingdom outlaws the slave trade, the United States emancipates its slaves, and Russia frees its serfs.
So: democracy, capitalism, colonization, modern war, nationalism, and human equality. All of them vast in their implications, and all of them the catalyst for thousands of books.
And none of them mattered. When looking back today, the most important geopolitical feature of the nineteenth century is obvious: it was the era of the Industrial Revolution. Without it, there’s no rising middle class and no real pressure for democracy. There’s no capitalist revolution because agrarian states don’t need one. There’s no colonization at scale because there’s a hard limit to a nonindustrial economy’s appetite for raw materials. There’s no total war without cheap steel and precision manufacturing. And with the world still stuck largely in a culture and an economy based on traditional subsistence agriculture, there’s quite possibly no end to slavery and no beginning of feminism.
The key drivers of this era were the steam engine, germ theory, electricity, and railroads. Without the immense economic growth they made possible in the twentieth century, everything else would matter about as much as if it had happened in the Middle Ages. Nobody knew it in 1800, but the geopolitical future of the nineteenth century had already been set in motion nine decades earlier, when Thomas Newcomen invented the first practical steam engine. Historians and foreign policy experts may not like to hear it, but all the things they teach and write about the geopolitics of the nineteenth century are mere footnotes to the Industrial Revolution. And exactly the same thing is likely to be true when we—or our robot descendants—write the history of the digital revolution of the twenty-first.
A true technological revolution would increase the overall productivity of the global economy, just as it did during the Industrial Revolution, when machines allowed companies to produce vastly more goods with the same number of people.
GETTING SMART
It’s not possible to itemize the great currents of twenty-first-century geopolitics with the same confidence as those of the nineteenth, but there are a few obvious ones. There’s the rise of China. There’s increased political tribalism and a possible breakdown of liberal democracy on the horizon. In the nearer term, there’s jihadist terrorism. And in the era of U.S. President Donald Trump, it’s hard not to wonder if the world is headed toward a future of declining cooperation and a return to naked, zero-sum great-power competition. But with the usual caveat that accompanies every prediction about the twenty-first century—namely, that it depends on humans still being around—none of these forces really matters, either. Right now, the world is at the dawn of a second Industrial Revolution, this time a digital revolution. Its impact will be, if anything, even greater than that of the first.
That said, this revolution hasn’t started yet. The marvels of modern technology are everywhere, but so far, all that has been invented are better toys. A true technological revolution would increase the overall productivity of the global economy, just as it did during the Industrial Revolution, when machines allowed companies to produce vastly more goods with the same number of people. That is not occurring now. After a big decline in the 1970s, labor productivity growth inched steadily upward through 2007—mostly thanks to the widespread adoption of computerized logistics and global supply chains in the business community—and then sank. Despite today’s technological marvels, productivity growth has been stubbornly sluggish for the past decade, which suggests that the latest generation of machines is not truly accomplishing much.
But all of this is on the verge of changing. Artificial intelligence, or AI, has been an obsession of technologists practically since computers were invented, but the initial naive optimism of the 1950s quickly gave way to the “AI winter” of the 1970s, as it became clear that the computers of the time lacked the raw processing power needed to match the human brain. But just as Moore’s law predicted, computer power kept doubling every year or two, and so did advances in AI. Neural networks gave way to expert systems, which in turn gave way to machine learning. That resulted in computers that could read printed words and do a better job of searching the Internet, but the holy grail of AI—a computer that could pass for a human being in normal conversation—remained elusive.
Even today, AI is still in its prenatal phase—answering Jeopardy! questions, winning at chess, finding the nearest coffee shop—but the real thing is not far off. To get there, what’s needed is hardware that’s as powerful as the human brain and software that can think as capably.
After decades of frustration, the hardware side is nearly ready: the most powerful computers in the world are already as powerful as the human brain. Computer power is normally measured in floating point operations per second, or “flops,” and the best estimates today suggest that the human brain has an effective computing power of about ten to 100 petaflops (quadrillions of operations per second). As it happens, the most powerful computers in the world right now are also rated at about ten to 100 petaflops. Unfortunately, they’re the size of living rooms, cost more than $200 million, and generate annual electricity bills in the neighborhood of $5 million.
What’s needed now is to make these supercomputers much smaller and much cheaper. A combination of faster microprocessors, improved custom microchips, a greater ability to conduct multiple calculations in parallel, and more efficient algorithms will close the gap in another couple of decades. The software side is inherently fuzzier, but progress over the past decade has been phenomenal. It’s hard to put solid numbers on software progress, but the people who know the most about AI—the researchers themselves—are remarkably optimistic. In a survey of AI experts published in 2017, two-thirds of respondents agreed that progress had accelerated in the second half of their careers. And they predicted about a 50 percent chance that AI would be able to perform all human tasks by 2060, with the Asian respondents figuring that it could do so closer to 2045.
These researchers don’t think that machines will be able to perform only routine work; they will be as capable as any person at everything from flipping burgers to writing novels to performing heart surgery. Plus, they will be far faster, never get tired, have instant access to all of the world’s knowledge, and boast more analytic power than any human. With luck, this will eventually produce a global utopia, but getting there is going to be anything but. Starting in a couple of decades, robots will put millions of people out of work, and yet the world’s economic and political systems are still based on the assumption that laziness is the only reason not to have a job. That’s an incendiary combination.
WELCOMING OUR NEW ROBOT OVERLORDS
Make no mistake: the digital revolution is going to be the biggest geopolitical revolution in human history. The Industrial Revolution changed the world, and all it did was replace human muscle. Human brains were still needed to build, operate, and maintain the machines, and that produced plenty of well-paying jobs for everyone. But the digital revolution will replace the human brain. By definition, anything a human can do, human-level AI will also be able to do—but better. Smart robots will have both the muscle to do the work and the brainpower to run themselves. Putting aside airy philosophical arguments about whether a machine can truly think, they will, for all practical purposes, make Homo sapiens obsolete.
Every other twenty-first-century geopolitical trend will look piddling by comparison. Take the rise of China. Millions of words have been spilled on this development, covering Chinese history, culture, demographics, and politics. All of that will matter over the course of the next 20 years or so, but beyond that, only one thing will matter: Will the Chinese have the world’s best AI? If they do, then they will take over the world if they feel like it. If they do not, then they won’t.
Jihadist terrorism? Even if it holds on for another decade or so—which is doubtful, given its steadily diminishing success since 9/11—it will soon become a victim of AI. Dumb drones, paired up with machine analysis of massive databases of signals intelligence, have already set terrorist groups back on their heels. As the drones become more capable and the guidance software becomes smarter, no low-tech organization will stand a chance of survival.
More generally, warfare itself will become entirely machine-driven. Paradoxically, this might make war obsolete. What’s the point of fighting when there’s no human bravery or human skill required? Besides, countries without AI will know they have no chance of winning, whereas those countries with top-level AI will have better ways of getting what they want. Aircraft carriers and cruise missiles will give way to subtle propaganda campaigns and all-but-undetectable cyberwarfare.
Then there’s liberal democracy. It is already under stress—on the surface, due to anti-immigrant sentiment, and on a deeper level, due to general anxiety about jobs. That is partly what propelled Trump to the presidency. But what has happened so far is just the mild tremor that precedes the tsunami to come. Within a decade, there is a good chance that nearly all long-haul truckers will be out of work thanks to driverless technology. In the United States, that’s two million jobs, and once AI is good enough to drive a truck, it will probably be good enough to do any other job a truck driver might switch to.
How many jobs will eventually be lost, and how quickly will they disappear? Different experts offer different estimates of job losses, but all agree that the numbers are frighteningly large and the time frames are frighteningly short. A 2017 analysis by the auditing firm PwC predicted that 38 percent of all jobs in the United States are “at high risk of automation by the early 2030s,” most of them routine occupations, such as forklift operator, assembly-line worker, and checkout clerk. By the 2040s, AI researchers project, computers will be able to conduct original math research, perform surgery, write best-selling novels, and do any other job with similar cognitive demands.
In a world where ten percent unemployment counts as a major recession and 20 percent would be a global emergency, robots may well perform a quarter or more of all work. This is the stuff of violent revolutions. And unlike the Industrial Revolution, which took more than 100 years to truly unfold, job losses during the digital revolution will accelerate in mere decades. This time, the revolution will take place not in a nation of shopkeepers but in a world of highly sophisticated multinational corporations that chase profits mercilessly. And AI will be the most profitable technology the world has ever seen.
RAGING AGAINST THE MACHINE
What does all of this mean for politics? In an era of mass unemployment, one could argue that the form of government will be the most important thing in the world, since modern government is mostly about managing and controlling the economy for the greater good. But one could just as easily make the case that it will not matter at all: If robots can produce an unending supply of material goods, what exactly is there to manage and control?
The only sure bet is that the form of government that will come out on top is the one that proves most capable of marshaling the power of AI for the most people. Marxists already have plenty of ideas about how to handle this—let robots control the means of production and then distribute the spoils to everyone according to his or her needs—but they don’t have a monopoly on solutions. Liberal democracy still stands a chance, but only if its leaders take seriously the deluge that’s about to hit them and figure out how to adapt capitalism to a world in which the production of goods is completely divorced from work. That means reining in the power of the wealthy, rethinking the whole notion of what a corporation is, and truly accepting—not just grudgingly—a certain level of equality in the allocation of goods and services.
This is a sobering vision. But there’s also some good news here, even in the medium term. The two most important developments of the twenty-first century will be AI-driven mass unemployment and fossil-fuel-driven climate change—and AI might well solve the problem of climate change if it evolves soon enough. After all, the world already has most of the technology needed to produce clean energy: that is, wind and solar power. The problem is that they need to be built out on an enormous scale at huge expense. That’s where cheap, smart robots could come in, constructing a massive infrastructure for almost nothing. And don’t laugh, but once human-level AI is a reality, there’s no reason to think progress will stop. Before long, above-human levels of AI might help scientists finally develop the holy grail of clean energy: nuclear fusion.
None of this is going to happen immediately. Today’s technology is to true AI as the Wright Flyer is to the space shuttle. For the next couple of decades, the most important global movements will be all the usual suspects. But after that, AI is going to start making them seem trivial. Great-power competition will basically be a competition between different countries’ AI technology. Tribalism won’t matter: Who cares about identity if all the work is done by robots? Liberal democracy might still matter, but only if it figures out how to deal with mass unemployment better than other systems of government. Religion is going to have some tough times, too, as people’s interactions with the world become increasingly mediated through constructs that seem every bit as thoughtful and creative as humans but rather plainly weren’t constructed by God and don’t seem to have any need for a higher power.
It’s long past time to start taking this stuff seriously. Even technophobes can see which way the wind is blowing—and historically, mass economic deprivation has produced fewer thoughtful progressive reforms than violent revolutions and wars. Needless to say, that doesn’t have to be the case this time around. It may be impossible to halt technology in its tracks, but it is possible to understand what’s coming and prepare for an enlightened response
|
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العالم الذي نعيش فيه الإثنين 10 سبتمبر 2018, 8:00 am | |
| العالَم الذي نعيش فيه (5) عالَم مُحتَرّ: لماذا التغير المناخي أكثر أهمية من أي شيء آخرجوشوا بوسبي – (فورين أفيرز) عدد تموز (يوليو)/ آب (أغسطس) 2018 ترجمة: علاء الدين أبو زينة يعيش عالَمنا مع حالة من الأزمة الدائمة. فالنظام الدولي الليبرالي محاصر من الداخل والخارج. والديمقراطية في تراجع. ويفشل انتعاش اقتصادي باهت في زيادة دخول معظم الناس في الغرب بقدر يُعتد به. وتهدد صينٌ صاعدة هيمنة الولايات المتحدة، وتزيد التوترات الدولية العائدة إلى الصعود بنشوب حرب كارثية. مع ذلك، هناك تهديد واحد يحتمل أن يُعرِّف -مثله مثل كل من هذه العناصر- هذا العصر: التغير المناخي. سوف يستدعي الإخلال بمناخ الأرض في نهاية المطاف قدراً أكبر من الانتباه والموارد، وسيكون له تأثير أكبر على الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية من أي قوة أخرى مرئية في عالَم اليوم. ولن يعود تغير المناخ تهديداً بعيداً وسيصبح واحداً تفرض تأثيراته القيام بعمل فوري. أصبح تركيز ثاني أكسيد الكربون -الغاز الرئيسي الذي ينبعث من الدفيئات- في الغلاف الجوي يتجاوز الآن 410 أجزاء لكل مليون، وهو أعلى مستوى له في 800.000 عام. وأصبح متوسط درجات الحرارة السطحية العالمية أعلى بـ1.2 درجة مئوية مما كان عليه قبل الثورة الصناعية. والإجماع العلمي المتفق عليه هو أن الحد الأقصى لارتفاع درجات الحرارة الذي يمكن أن يمر من دون إحداث تغير خطير في المناخ هو درجتان مئويتان. وما يزال لدى البشرية نحو عشرين عاماً قبل أن تصبح إمكانية الوقوف قبل اجتياز تلك العتبة مستحيلاً بشكل أساسي، لكن معظم التوقعات المعقولة تظهر أن العالَم سوف يعبرها. يبقى ارتفاع درجات الحرارة شأناً عشوائياً إلى حد كبير؛ ليس هناك أي ضمان للآثار الدقيقة التي يمكن أن تنجم عن أي تغير في درجات الحرارة. لكن هناك فرقاً هائلاً بين درجتين من الاحترار ودرجتين ونصف، أو ثلاث أو أربع درجات. وسوف يقود الفشل في كبح جماح الانبعاثات العالمية إلى مفاجآت غير سارة. وبينما ترتفع درجات الحرارة، سوف يشهد توزيع الظواهر المناخية تحوُّلاً: الفيضانات التي اعتادت أن تحدث مرة كل 100 عام سوف تحدث كل 50 أو كل 20 عاماً. وسوف تصبح المخاطر التي تأتي في أعقابها أكثر تطرفاً، جاعلة من الأحداث الغريبة، مثل هطول 50 بوصة من الأمطار خلال 24 ساعة، كما حدث في هاواي في وقت سابق من هذا العام، أكثر وشيوعاً. الذي يجعل التغير المناخي أكثر إثارة للرعب بما لا يقاس هو آثاره على الجغرافيا السياسية. سوف تؤذن أنماط الطقس الجديدة بحدوث الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية. وسوف تؤدي البحار المرتفعة، والأراضي الزراعية الميتة، والعواصف والفيضانات التي تزداد قوة باطراد، إلى جعل بعض البلدان غير صالحة للسكن. وسوف تختبر هذه التغيرات النظام الدولي بطرق جديدة وغير متوقعة. تتطلب التهديدات العالمية التاريخية الدعوة إلى مستويات تاريخية من التعاون العالمي. وفي حال تمكنت البشرية من مواجهة هذه المشكلة بنجاح، فإن ذلك سيحدث لأن القادة سيكونون قد حقنوا النظام العالمي بحسّ بالهدف المشترك، وأدركوا التحديات الهائلة التي ينطوي عليها توزيع السلطة. وسيتعين على الصين والولايات المتحدة أن تعملا معاً بشكل وثيق، وسيكون على كافة اللاعبين الآخرين، مثل الحكومات دون الوطنية، والشركات والمؤسسات الخاصة، والمنظمات غير الحكومية، أن تؤدي جميعاً أدوارها. مسألة درجة تشرع آثار التغير المناخي في الكشف عن نفسها بوضوح. فمن بين أسخَن 17 عاماً تم تسجيلها، كانت 16 منها في الفترة منذ العام 2001. وفي الشتاء الأخير، قفزت درجات الحرارة في بعض أجزاء القطب الشمالي صاعدة 25 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي. ويعني التغير المناخي أكثر بكثير من مجرد كوكب يسخُن. ويدخل العالم فترة أطلقت عليها عالمة المناخ، كاثرين هايهو، اسم "الإجهاد العالمي". وتزحف الأنماط المناخية الغريبة على كل مكان. وقد ربط العلماء بعضها بالتغير المناخي؛ وبالنسبة لأخريات، لم يتضح بعد ما إذا كانت ثمة صلة لها بالمناخ. الفصول تتغير. وتحدث نوبات الجفاف عندما ينبغي أن يتوقع خبراء الأرصاد -طبيعياً- هطول المطر. وتزيد ندرة الأمطار من مخاطر نشوب حرائق الغابات، مثل تلك التي حدثت في كاليفورنيا العام الماضي. وعندما يسقط المطر، أيضاً، فإن ذلك يحدث في كثير من الأحيان كله دفعة واحدة، كما حدث في هيوستن خلال الإعصار هارفي. ومع ارتفاع مستويات البحر وازدياد قوة العواصف، فإن ما كانت ذات مرة أحداث مدّ مرتفع فحسب سوف تغرِق الآن البنية التحتية الساحلية، كما حدث مسبقاً في ميامي في السنوات الأخيرة، وعلى نحو يستدعي تركيب أنظمة لضخ مياه العواصف بكلفة مئات الملايين من الدولارات. بحلول منتصف القرن، يحتمل كثيراً أن تكون المحيطات قد ارتفعت بما يكفي لأن تدمر المياه المالحة الأراضي الزراعية وتلوث مياه الشرب في كثير من الدول الجُزُرية المنخفضة، مما يجعلها غير صالحة للسكن قبل وقت طويل من غمرها بالمياه فعلياً. وما تزال الأدلة على آثار التغير المناخي على الأعاصير المدارية والعواصف أكثر اختلاطاً، لكنها تقترح أنه على الرغم من احتمال انخفاض عدد مثل هذه العواصف، فإن التي ستحدث فعلاً ستكون أسوأ على الأغلب. سوف تُحدِث هذه التطورات تغيرات جذرية في السياسة العالمية. ثمة العديد من الدول الكبيرة، بما فيها الصين والولايات المتحدة، التي تضم أعداداً كبيرة من السكان ولديها بنية تحتية قيِّمة، والتي ستكون مكشوفة أمام التغير المناخي. وسوف تجد حكوماتها نفسها وهي تقوم بتحويل الموارد العسكرية لتنفيذ عمليات الإنقاذ وإعاة بناء البلدات والمدن المدمَّرة. وسوف يشغَل ذلك أعداداً كبيرة من الجنود والمعدات العسكرية عن الاستعداد للصراعات مع المنافسين والخصوم الخارجيين. في العام 2017، عندما ضربت ثلاث عواصف كبيرة الولايات المتحدة بتعاقب سريع، اضطرت سلطات الكوارث المدنية إلى الاستعانة بدعم الجيش للحيلولة دون وقوع خسائر فادحة في الأرواح. وتمت تعبئة عشرات الآلاف من أفراد الحرس الوطني لإنقاذ الناس، وتقديم إمدادات الإغاثة، واستعادة الخدمات الرئاسية وحكم القانون. وتسببت العاصفة الثالثة، الإعصار ماريا، بنحو 1.000 وفاة وتركت كل جزيرة بورتوريكو بلا طاقة كهربائية. واستغرق الأمر أشهراً حتى تتمكن الحكومة من استعادة التيار الكهربائي إلى الـ3.5 ملايين أميركي الذين يعيشون هناك. وما يزال بعضهم بلا كهرباء حتى الآن. وفي أعقاب العاصفة، غادر أكثر من 100.000 بورتوريكي إلى الولايات المتحدة القارية. وبلغت الكلفة الإجمالية التي تحملتها الولايات المتحدة نتيجة لهذه العواصف وغيرها من أوضاع الطوارئ المتصلة بالطقس في العام 2017 نحو 300 مليار دولار. ولدى الصين مجموعتها الخاصة من المشاكل. ففي ساحلها الجنوبي، هناك العديد من المدن الكبيرة، مثل غوانزهاو وشنغهاي، التي تبقى عرضة للفيضانات. وفي الشمال، في قلب البلد الصناعي، أصبحت مناطق واسعة كاملة تنفد من المياه، مما يؤثر على 500 مليون نسمة. وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، اختفى نحو 28.000 من أنهار الصين. ولن يكون حل هذه المشاكل رخيصاً؛ فقد كلف مشروع واحد طموح للبنية التحتية، يهدف إلى نقل المياه من الجنوب إلى الشمال، الحكومة الصينية مسبقاً ما لا يقل عن 48 مليار دولار. ولم يكتمل هذا المشروع بعد، لكن الصين تزعم أنه حسَّن الأمن المائي لبكين وأفاد 50 مليون شخص. وللتعامل مع الفيضانات في مناطق مثل شنغهاي، عكفت الصين على مبادرة "المدن الإسفنجية" لتعزيز آليات التصريف الطبيعي للمياه. ومنذ العام 2015، استثمرت الصين نحو 12 مليار دولار في هذا الجهد، وسوف تصل الفاتورة في نهاية المطاف إلى مئات المليارات من الدولارات. مع ذلك، تبقى الصين والولايات المتحدة غنيتين بما يكفي بحيث من المرجح أن تكونا قادرتين على تحمل هذه الكلف. لكن آثار التغير المناخي في البلدان الأفقر ستخلق مشاكل عالمية. في كل عام، تجلب الأمطار الموسمية الفيضانات إلى نهر السِّند في باكستان. لكن الفيضان اتخذ في العام 2010 أبعاداً ملحمية، حين شرد نحو 20 مليون شخص وقتل نحو 2.000 آخرين. وقدمت الولايات المتحدة 390 مليون دولار من التمويل للإغاثة الفورية، وقدم الجيش الأميركي نحو 20 مليون رطل من الإمدادات. وفي العام 2013، تم نشر أكثر من 13.000 جندي أميركي للمساعدة في أعمال الإغاثة بعد أن ضرب الإعصار هايان الفلبين. تُحدث العواصف المفردة ضرراً هائلاً، والتي عادة ما تتعافى بعهدا المجتمعات وتعود إلى سابق عهدها. لكن التغير المناخي سوف يُحدِث مشكلات أكثر ديمومة. وتشكل مستويات البحر المرتفعة، ونوبات العواصف التي تُفاقِمها، وتطفل المياه المالحة، تهديدات وجودية لبعض البلدان الجُزُرية. في العام 2017، بعد أن ضرب الإعصار إيرما جزيرة باربودا، تعين إجلاء كامل سكان الجزيرة الكاريبية -نحو 1.800 شخص. وعمدت كيراباس، وهي مجموعة من جزر الباسيفيكي التي يرتفع معظمها بضعة أمتار فقط عن مستوى سطح البحر، إلى شراء أرض من فيجي المجاورة كملاذ أخير في وجه ارتفاع منسوب مياه البحر. وحتى بينما تُغرق المياه بعض البلدان، فإن أخريات تعاني من الافتقار إليها. وفي السنوات الأخيرة، وضعت نوبات الجفاف في كل من القرن الأفريقي وبلدان جنوب القارة ملايين الناس تحت خطر العطش أو المجاعة. وفي العام 2011، شهدت الصومال، التي مزقتها مسبقاً عقود من الحرب، موجة جفاف ومجاعة لاحقة تسببت في وفاة نحو 260.000 إنسان. وفي وقت سابق من هذا العام، تمكنت كيب تاون في جنوب أفريقيا، المدينة التي تضم نحو أربعة ملايين نسمة، من مواجهة النفاد من المياه فقط من خلال تدابير بطولية للترشيد. وسوف يؤدي تغير المناخ الناجم عن درجات الحرارة المرتفعة وتغير أنماط الهطول المطري، إلى تلقي بعض المناطق هطولات مطرية غير كافية وغير منتظمة، مما يفضي إلى فشل الحصاد وعدم كفاية المياه لتلبية الحاجات البشرية. منذ العام 1945، وعلى الرغم من انقسام بعض الدول أو فشلها، فإن القليل منها اختفت من الوجود. أما في القرن المقبل، فربما يجعل التغير المناخي من موت الدول ظاهرة مألوفة عندما يجعل تطفل المياه المالحة وهبوب العواصف عدداً من البلدان الجُزُرية غير صالحة للسكن. وعلى الرغم من أن معظم الجزر المهددة بالتغير المناخي تؤوي أعداداً صغيرة من السكان، فإن الاضطراب لن يتم احتواؤه. وحتى في البلدان الأخرى، سوف يؤدي تراجع الإنتاجية الزراعية والمخاطر المناخية الأخرى إلى إجبار الناس على الانتقال من الريف إلى المدن، أو حتى عبر الحدود. وسوف تنجم حاجة إلى إعادة توطين عشرات الآلاف من الناس. وعندئذٍ، ماذا عن أولئك الذين يعبرون الحدود؟ هل سيبقون بشكل دائم، وهل سيصبحون مواطنين في الدول التي تستقبلهم؟ هل ستنال الحكومات التي تحوز على مناطق داخل بلدان أخرى حق السيادة على تلك الأرض؟ في الآونة لاأخيرة، اتخذت نيوزيلندا خطوات تجريبية بمنح فئة جديدة من تأشيرات الدخول لأعداد صغيرة من لاجئي المناخ القادمين من دول جزر الباسيفيكي، لكن هناك غياباً لأي قواعد دولية تعالج أوضاع أولئك الذين يجبرهم التغير المناخي على مغادرة ديارهم. وسوف يزداد إلحاح هذه الأسئلة فحسب في السنوات القادمة. بالإضافة إلى خلق أزمات جديدة، سوف تؤدي العوامل المناخية إلى تفاقم الأزمات القائمة. وقد فر نحو 800.000 من مجموعة أقلية الروهينجا في ميانمار إلى بنغلادش، مدفوعين بحملة تطهير عرقي. وتقع الكثير من مخيمات اللاجئين التي يسكنونها الآن في مناطق معرضة للفيضانات البرقية السريعة خلال فترة الأمطار الموسمية. وحتى تصبح الأمور أسوأ، كانت الكثير من الأراضي التي تحيط بمخيماتهم قد جُرِّدت من غطائها من الغابات، وهو ما يترك الخيام والأكواخ عرضة للانجراف. ومع أن العالم أصبح أفضل كثيراً في منع خسارة الأرواح نتيجة حالات الطوارئ المناخية، فإن التغير المناخي سوف يختبر أنظمة الاستجابة الإنسانية والكوارثية، والتي تعاني مسبقاً من الضغوط الشديدة بسبب الصراعات التي لا يبدو أن لها نهاية في الصومال، وجنوب السودان، وسورية واليمن. حروب المناخ سوف يجعل التغير المناخي التوترات الدولية أكثر حدة أيضاً. وقد حذرت التحليلات بشكل دوري من حروب المياه الوشيكة، لكن الدول تمكنت -حتى الآن- من حل معظم النزاعات سلمياً. وعلى سبيل المثال، تستمد كل من الهند وباكستان قدراً كبيراً من المياه من نهر السند، الذي يمر عبر منطقة متنازع عليها. ولكن، على الرغم من أن البلدين خاضا عدة حروب مع بعضهما بعضا، فإنه لم يسبق لهما وأن تصادمتا مطلقاً بسبب تقاسم المياه، بفضل "معاهدة مياه السند" للعام 1960، التي توفر لهما آلية لإدارة النهر معاً. ومع ذلك، أدى ارتفاع الطلب وتزايد ندرة المياه إلى إثارة التوترات حول السِّند. وقد اعترضت باكستان على جهود الهند لبناء سدود في أعالي النهر، وفي العام 2016، علَّق رئيس الوزراء الهندي، نانديرا مودي، مؤقتاً مشاركة الهند في الاجتماعات المشتركة لإدارة النهر. وسوف يكون التعاون السلمي بين الدول أكثر صعوبة في المستقبل. بل إن الشراكات بين بلدان أخرى تتقاسم أحواض الأنهار تصبح أكثر هشاشة. وتتعاون بلدان شرق-آسيوية عدة بشأن نهر ميكونغ من خلال لجنة نهر ميكونغ، لكن الصين، الكبرى بين الدول الست التي يتدفق عبرها النهر وحيث ينبع النهر أساساً، ليست عضواً في اللجنة. وقد بنت الحكومة الصينية والبلدان الأخرى في أعالي النهر سدوداً على ميكونغ، والتي تهدد بحرمان مجتمعات صيد الأسماك والزراعة في فيتنام والدول الأخرى أسفل النهر من سبل عيشها. وقد أصبحت المنافسة على تدفق النهر أسوأ فحسب بينما تصبح نوبات الجفاف في المنطقة أكثر تكراراً. وثمة ديناميات مشابهة قيد العرض حول نهر النيل. وتقوم إثيوبيا ببناء جسر هائل على النهر من أجل الري وتوليد الطاقة، وهي خطوة ستقلل من تدفق النهر إلى مصر والسودان. وحتى الآن، تمتعت مصر بحقوق غير متناسبة في النيل (كإرث من الحقبة الاستعمارية)، لكن ذلك يوشك أن ينتهي، مما يتطلب خوض مفاوضات حساسة على تقاسم المياه وعلى سرعة إثيوبيا في ملء الخزان خلف السد. مع أن العنف لن يكون حتمياً، فإن التوترات بسبب المياه في داخل وبين الدول سوف تخلق نقاط اشتعال جديدة في المناطق حيث الموارد الأخرى نادرة وحيث الحواجز المؤسسية ضعيفة أو غائبة. ربما يتبين أن الطرق التي تستجيب بها الدول لتأثيرات التغير المناخي في بعض الأحيان ستكون أكثر أهمية من الآثار نفسها. ففي العام 2010، على سبيل المثال، وبعد أن دمر الجفاف نحو خُمس محصول القمح في روسيا، حظرت الحكومة الروسية صادرات الحبوب. وقد تسببت تلك الخطوة -إلى جانب تراجع الإنتاج في الأرجنتين وأستراليا اللتين تأثرتا هما أيضاً بالجفاف- في ارتفاع أسعار الحبوب العالمية. وساعدت تلك الارتفاعات في الأسعار على زعزعة استقرار بعض البلدان الهشة مسبقاً. وفي مصر، على سبيل المثال، بلغ التضخم السنوي في أسعار السلع الغذائية 19 في المائة في أوائل العام 2011، وهو ما غذى الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك. كما أدت استجابات الدول لظواهر مناخية أيضاً إلى زيادة التوترات. فقد فتح ذوبان جليد البحر في القطب الشمالي طرقاً جديدة للشحن وحقولاً لاستكشاف النفط والغاز، مما قاد كندا، وروسيا، والولايات المتحدة ودولاً أخرى في القطب الشمالي إلى التشاجر حول حقوق السيطرة على هذه الموارد الجديدة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الاندفاع إلى تخفيض انبعاثات الكربون، ولو أنه موضع ترحيب، إلى زيادة حدة المنافسة بين الدول. فبينما يتنامى الطلب على الطاقة النظيفة، سوف تتنازع الدول بسبب التعريفات الجمركية والإعانات بينما تحاول كل منها تعزيز موقعها في الاقتصاد الأخضر الجديد. وقد تسببت إعانات الصين الجسورة التي تقدمها إلى قطاع صناعة الطاقة الشمسية لديها في ردة فعل من صانعي الألواح الشمسية في البلدان الأخرى، مع فرض الولايات المتحدة تعريفات جديدة في العام 2017، وحيث تدرس الهند القيام بشيء مشابه. بينما تتزايد حدة المخاوف المناخية، سوف تصبح المناقشات بين الدول أكثر حدة وأكثر ظهوراً. وبما أن تصنيع البطاريات التي تستخدم في السيارات الكهربائية يحتاج إلى المعادن الثمينة، مثل الكوبالت والليثيوم والنيكل، التي توجد إلى حد كبير في أماكن مثقلة بالصراعات مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، فإن صعود المركبات التي تعمل بالبطاريات يمكن أن يسبب تدافعاً خطيراً جديداً على الموارد. وعلى الرغم من أن المصنعين سيبتكرون لتقليل اعتمادهم على هذه المعادن، فإن مثل هذا الضغط سوف يصبح أكثر شيوعاً بينما يحرز الانتقال إلى الطاقة النظيفة التقدم. وسوف تقاوم الدول التي تعتمد بكثافة على الوقود الأحفوري، على سبيل المثال، الضغوط التي تمارس عليها لإبقائه في الأرض. هناك العديد من السياسات التي تنطوي على إمكانية إثارة النزاع، والتي قد تطبقها الحكومات في سياق الاستجابة لتغير الظروف المناخية. هناك حظر صادرات الموارد الجديدة النادرة، وحيازة أراضٍ في الخارج، والتخويل باستخدام أنواع الوقود الحيوي، وسن القوانين للحفاظ على الغابات، وألف خيار آخر، والتي ستعمل جميعاً على إنتاج كاسبين وخاسرين وإشعال التوترات المحلية والدولية. ومع تزايد المخاوف من حدوث تغير مناخي متطرف، سوف تخضع الحكومات باطراد إلى إغواء اتخاذ خطوات جذرية أحادية الجانب، مثل الهندسة الجيولوجية، وهو ما قد يتبين أنه مزعزع للاستقرار بشكل كبير. مسألة مشتعلة ليست هذه السيناريوهات المرعبة حتمية، لكن الكثير سيعتمد على ما إذا وكيف ستعمل البلدان معاً للحد من انبعاثات الكربون ودرء أسوأ آثار التغير المناخي. في العام الماضي، عندما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نيته سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، ردت العديد من الدول الأخرى، بما فيها الصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، والمملكة المتحدة، بمضاعفة دعمها للاتفاق. واستضاف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مؤتمراً دولياً حول التغير المناخي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بل وأنشأ صندوقاً لاجتذاب العلماء البارزين في مجال المناخ، خاصة من الولايات المتحدة، إلى فرنسا. سوف يبقى التغير المناخي قضية بارزة بالنسبة للسياسيين في معظم البلدان، بينما يتوقع الناس في كل أنحاء العالم إجراءات يتخذها قادتهم. وحتى الولايات المتحدة ما تزال موجودة رسمياً في اتفاق باريس؛ وسوف يصبح انسحابها ساري المفعول فقط في اليوم الذي يلي الانتخابات الرئاسية المقبلة، في العام 2020. وفي حالة عدم إعادة انتخاب ترامب، فإن الرئيس القادم يمكن أن يعود مباشرة إلى المعاهدة. بالإضافة إلى ذلك، وحتى لو ابتعدت الحكومة الأميركية الاتحادية عن القيادة المناخية الدولية وشرعت في التراجع عن سياسات المناخ المحلية في عهد أوباما، فقد ظل حكام الولايات في أميركا، وعمداء المدن ورؤساء البلديات والرؤساء التنفيذيون متلزمين بالعمل المناخي. وفي العام الماضي، شكل عمدة نيويورك السابق، مايكل بلومبيرغ، مبادرة "نحن ما نزال في الائتلاف"، والتي تضم الآن نحو 2.700 قائد من كل أنحاء البلد، والذين تعهدوا باتخاذ إجراءات بشأن التغير المناخي، والتي ستفي -في حال تطبيقها- بنحو 60 في المائة من هدف الولايات الأصلي المتعلق بخفض الانبعاثات بموجب اتفاق باريس. ويضم الائتلاف حاكم كاليفورنيا، جيري براون، الذي تتباهى ولايته بأنها خامس أكبر اقتصاد في العالم. وفي أيلول (سبتمبر)، ولمنح زخم للعمل قبل مفاوضات المناخ في الشتاء القادم في بولندا، من المقرر أن يستضيف براون قمة العمل المناخي العالمي في سان فرانسيسكو. وسوف يكون ذلك مشهداً رائعاً: حاكم على رأس عمله يطبق دبلوماسيته العالمية باستقلال عن الحكومة الفيدرالية. ولا تنتهي مساهمة كاليفورنيا عند هذا الحد، إذ تشكل شركات التقنية الرائدة المتمركزة في كاليفورنيا، مثل "غوغل، جزءاً من الائتلاف. وقد وضعت أهدافاً داخلية طموحة للطاقة المتجددة، والتي تغطي عملياتها بالكامل. وبالنظر إلى حجمها الهائل وسلاسل توريدها العالمية، فإن لدى هذه الشركات إمكانيات هائلة للتأثير. حتى بينما استثمر القادة الوقت والجهد في عقد الاتفاقيات بين الدول، فقد بنوا عمليات أقل استعراضية، وإنما ليس أقل أهمية، لتشجيع العمل من أجل المناخ. ولأن تغير المناخ يشمل مجموعة من المشاكل في النقل، والطاقة، والإنشاءات، والزراعة والقطاعات الأخرى، فإن التجريب يتيج مجالات متنوعة لمعالجة المشكلات المختلفة في الوقت نفسه -التداعيات الأمنية في مجلس الأمن التابع للأمن المتحدة؛ دعم الوقود الأحفوري في مجموعة العشرين، الغازات قصيرة العمر مثل مركبات الهيدروفلوروكربون من خلال "تروتوكول مونتريال"، وإزالة الغابات من خلال جهود مثل "إعلان نيويورك للغابات"، على سبيل المثال. وربما تكون هذه المجموعة من الجهود أكثر فوضوية بالقياس إلى مركزة كل شيء من خلال اتفاق عالمي واحد، لكن تجنب نقطة فشل واحدة وجعل مجموعات واتفاقيات مختلفة تتعامل مع المشكلات التي هي أكثر أهلية لإصلاحها ربما تؤدي إلى نتائج أكثر ديمومة. لطالما ثبت أن البشر قادرون على التكيف بشكل كبير، لكن الآثار الجماعية للتغير المناخي على المدن، وإنتاج الغذاء، وإمدادات المياه تشكل تحدياً هائلاً لكوكب الأرض. وسوف تكون الصين والولايات المتحدة بالتي الأهمية في الاستجابة العالمية؛ فهاتان الدولتان مسؤولتان معاً عن أكثر من 40 في المائة من الانبعاثات العالمية؛ وتسهم الصين وحدها بنحو 28 في المائة منها. في الفترة التي سبقت مفاوضات باريس، استثمر الرئيس الأميركي باراك أوباما رأس مال سياسي هائل في سبيل التوصل إلى تفاهم ثنائي مع الصين. ويقوم ارتداد ترامب عن العمل المناخي بزيادة الضغط على الصين لكي تتعامل مع كل من انبعاثاتها في الوطن، والنظر في الآثار البيئية لأفعالها في الخارج من خلال "مبادرة الحزام والطريق" و"البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية". معم أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة توترت مؤخراً، فإن البلدين يحتاجان إلى العمل معاً، لأن العالم سيتضرر من خصومة شاملة بينهما. وسيكون عليهما بناء نظام يسمح بتجزيء القضايا، والذي يمكن أن تتنافسا فيه على الأمن الإقليمي في آسيا، على سبيل المثال، لكنهما تتعاونان مع ذلك في القضايا التي ترتبط فيها مصائرهما، مثل التغير المناخي والأوبئة. ستكون الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي إقرار نظام يعترف بتوزيع القوة. وبنفس المقدار، يبدو هذا التوزيع للقوة جارياً مسبقاً، حيث تتخلى الولايات المتحدة عن السيطرة المهيمِنة في عالم يصبح متعدد الأقطاب باطراد، والذي يُتوقع فيه المزيد من الصين الصاعدة. لكن العملية يجب أن تقطع شوطاً أبعد بكثير. سوف تحتاج الحكومات إلى التنسيق مع الوحدات دون الوطنية، ومع الشركات والمؤسسات الخاصة، والمنظمات غير الحكومية، والأشخاص فائقي الثراء. وحول التغير المناخي والعديد من المشكلات الأخرى، يكون هؤلاء الفاعلون أكثر قدرة بكثير من الحكومات على تغيير الأشياء على المستوى المحلي. ولن يكون خلق نظام مناسب مهمة سهلة. لكن المزيج الناشئ من الاتفاقيات الدولية والشبكات والمنظمات والناس الذين كرسوا أنفسهم لحل مشكلات محددة، سيوفر أفضل فرصة لتجنب حدوث تغير كارثي للمناخ.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Warming World: Why Climate Change Matters More Than Anything Else |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: العالم الذي نعيش فيه الإثنين 10 سبتمبر 2018, 8:03 am | |
| Warming World Why Climate Change Matters More Than Anything ElseThe world seems to be in a state of permanent crisis. The liberal international order is besieged from within and without. Democracy is in decline. A lackluster economic recovery has failed to significantly raise incomes for most people in the West. A rising China is threatening U.S. dominance, and resurgent international tensions are increasing the risk of a catastrophic war. Yet there is one threat that is as likely as any of these to define this century: climate change. The disruption to the earth’s climate will ultimately command more attention and resources and have a greater influence on the global economy and international relations than other forces visible in the world today. Climate change will cease to be a faraway threat and become one whose effects require immediate action. The atmospheric concentration of carbon dioxide, the main greenhouse gas, now exceeds 410 parts per million, the highest level in 800,000 years. Global average surface temperatures are 1.2 degrees Celsius higher than they were before the Industrial Revolution. The consensus scientific estimate is that the maximum temperature increase that will avoid dangerous climate change is two degrees Celsius. Humanity still has around 20 years before stopping short of that threshold will become essentially impossible, but most plausible projections show that the world will exceed it. Two degrees of warming is still something of an arbitrary level; there is no guarantee of the precise effects of any temperature change. But there is a huge difference between two degrees of warming and two and a half, three, or four degrees. Failing to rein in global emissions will lead to unpleasant surprises. As temperatures rise, the distribution of climate phenomena will shift. Floods that used to happen once in a 100 years will occur every 50 or every 20. The tail risks will become more extreme, making events such as the 50 inches of rain that fell in 24 hours in Hawaii earlier this year more common. Making climate change all the more frightening are its effects on geopolitics. New weather patterns will trigger social and economic upheaval. Rising seas, dying farmlands, and ever more powerful storms and floods will render some countries uninhabitable. These changes will test the international system in new and unpredictable ways. World-historical threats call for world-historical levels of cooperation. If humanity successfully confronts this problem, it will be because leaders infused the global order with a sense of common purpose and recognized profound changes in the distribution of power. China and the United States will have to work closely together, and other actors, such as subnational governments, private companies, and nongovernmental organizations, will all have to play their part. A MATTER OF DEGREEOf the 17 warmest years on record, 16 have occurred since 2001. The effects of climate change are starting to make themselves apparent. Of the 17 warmest years on record, 16 have occurred since 2001. This past winter, temperatures in parts of the Arctic jumped to 25 degrees Celsius above normal. And climate change means far more than a warming planet. The world is entering a period that the climate scientist Katharine Hayhoe has called “global weirding.” Strange weather patterns are cropping up everywhere. Scientists have linked some of them to climate change; for others, whether there is a connection is not yet clear. The seasons are changing. Dry spells are occurring when meteorologists would normally expect rain. Lack of rain increases the risk of forest fires, such as those that occurred in California last year. When it does rain, too often it is all at once, as happened in Houston during Hurricane Harvey. As sea levels rise and storm surges get stronger, what were once normal high-tide events will flood coastal infrastructure, as has already happened in Miami in recent years, necessitating the installation of storm water pumping systems at the cost of hundreds of millions of dollars. By the middle of the century, the oceans may well have risen enough that salt water will destroy farmland and contaminate drinking water in many low-lying island nations, making them uninhabitable long before they are actually submerged. The evidence on the effects of climate change on tropical cyclones and hurricanes is murkier, but it suggests that although there may be fewer such storms, those that do occur are likely to be worse. These developments will fundamentally transform global politics. Several major countries, including China and the United States, have large populations and valuable infrastructure that are vulnerable to climate change. Their governments will find themselves diverting military resources to carry out rescue operations and rebuild devastated towns and cities. That will take large numbers of soldiers and military hardware away from preparing for conflicts with foreign adversaries. In 2017, when three huge storms battered the United States in quick succession, civilian disaster authorities had to be backstopped by the military to prevent huge losses of life. Tens of thousands of members of the National Guard were mobilized to rescue people, provide relief supplies, and restore essential services and the rule of law. The third storm, Hurricane Maria, caused some 1,000 deaths and left the entire island of Puerto Rico without power. It took months for the government to restore electricity to the 3.5 million Americans who live there. Even now, some remain without power. In the wake of the storm, over 100,000 Puerto Ricans left for the continental United States. The total cost to the United States of these storms and other weather-related emergencies in 2017 was $300 billion. The total cost to the United States of these storms and other weather-related emergencies in 2017 was $300 billion. COURTESY NOAA NATIONAL WEATHER SERVICE NATIONAL HURRICANE CENTER / REUTERS Hurricane Irma is driving toward Florida passing the eastern end of Cuba in this NASA's GOES-16 satellite image taken at about 0800 EDT on September 8, 2017. China has its own set of problems. On its southern coast, several huge cities, such as Guangzhou and Shanghai, are vulnerable to flooding. In the north, in the country’s industrial heartland, whole regions are running out of water, affecting more than 500 million people. Over the past 25 years, some 28,000 Chinese rivers have disappeared. Solving these problems will not be cheap. A single ambitious infrastructure project to transport water from the south to the north has already cost the Chinese government at least $48 billion. The project is not yet complete, but China claims that it has improved Beijing’s water security and benefited 50 million people. To deal with flooding in places such as Shanghai, China has embarked on a “sponge cities” initiative to boost natural drainage. Since 2015, China has invested $12 billion in this effort, and the price tag will ultimately run into the hundreds of billions of dollars. Both China and the United States are rich enough that they will likely be able to cope with these costs. But the effects of climate change in poorer countries will create global problems. Each year, the monsoon brings floods to the Indus River in Pakistan. But in 2010, the flooding took on epic proportions, displacing as many as 20 million people and killing nearly 2,000. The United States provided $390 million in immediate relief funding, and the U.S. military delivered some 20 million pounds of supplies. In 2013, over 13,000 U.S. troops were deployed for disaster relief after Typhoon Haiyan buffeted the Philippines. Individual storms do tremendous damage, but communities usually bounce back. Climate change, however, will cause more permanent problems. Rising sea levels, the storm surges they exacerbate, and the intrusion of salt water pose existential threats to some island countries. In 2017, after Hurricane Irma hit Barbuda, the entire population of the Caribbean island—some 1,800 people—had to be evacuated. Kiribati, a collection of Pacific islands, most of which rise only a few meters above sea level, has purchased land in neighboring Fiji as a last resort in the face of rising seas. Even as some countries are inundated by water, others are suffering from a lack of it. In recent years, droughts in both the Horn of Africa and the continent’s southern countries have put millions at risk of thirst or famine. In 2011, Somalia, already riven by decades of war, experienced a drought and subsequent famine that led to as many as 260,000 deaths. Earlier this year, Cape Town, South Africa, a city of nearly four million people, was able to avoid running out of water only through heroic conservation measures. Climate change, through rising temperatures and shifting rainfall patterns, will subject some regions to inadequate and irregular rains, leading to harvest failures and insufficient water for human needs. Since 1945, although some states have split or otherwise failed, very few have disappeared. In the coming century, climate change may make state deaths a familiar phenomenon as salt-water intrusion and storm surges render a number of island countries uninhabitable. Although most of the islands threatened by climate change have small populations, the disorder will not be contained. Even in other countries, declining agricultural productivity and other climate risks will compel people to move from the countryside to the cities or even across borders. Tens of thousands of people will have to be relocated. For those that cross borders, will they stay permanently, and will they become citizens of the countries that take them in? Will governments that acquire territory inside other countries gain sovereignty over that land? New Zealand has taken tentative steps toward creating a new visa category for small numbers of climate refugees from Pacific island states, but there are no international rules governing those forced to leave home by climate change. The urgency of these questions will only grow in the coming years. As well as creating new crises, climate factors will exacerbate existing ones. Some 800,000 of Myanmar’s Rohingya minority group have fled to Bangladesh, driven out by ethnic cleansing. Many of the refugee camps they now occupy are in areas prone to flash floods during the monsoon. To make matters worse, much of the land surrounding the camps has been stripped of its forest cover, leaving tents and huts vulnerable to being washed away. Although the world has gotten much better at preventing loss of life from weather emergencies, climate change will test humanitarian- and disaster-response systems that are already stretched thin by the seemingly endless conflicts in Somalia, South Sudan, Syria, and Yemen. CLIMATE WARS
Climate change will also make international tensions more severe. Analysts have periodically warned of impending water wars, but thus far, countries have been able to work out most disputes peacefully. India and Pakistan, for example, both draw a great deal of water from the Indus River, which crosses disputed territory. But although the two countries have fought several wars with each other, they have never come to blows over water sharing, thanks to the 1960 Indus Waters Treaty, which provides a mechanism for them to manage the river together. Yet higher demand and increasing scarcity have raised tensions over the Indus. India’s efforts to build dams upstream have been challenged by Pakistan, and in 2016, amid political tensions, Indian Prime Minister Narendra Modi temporarily suspended India’s participation in joint meetings to manage the river. Peaceful cooperation will be harder in the future. Partnerships among other countries that share river basins are even more fragile. Several Southeast Asian countries cooperate over the Mekong River through the Mekong River Commission, but China, the largest of the six countries through which the river flows and where the river originates, is not a member. The Chinese government and other upstream countries have built dams on the Mekong that threaten to deprive fishing and agricultural communities in Vietnam and other downstream countries of their livelihoods. Competition over the river’s flow has only gotten worse as droughts in the region have become more frequent. Similar dynamics are at play on the Nile. Ethiopia is building a vast dam on the river for irrigation and to generate power, a move that will reduce the river’s flow in Egypt and Sudan. Until now, Egypt has enjoyed disproportionate rights to the Nile (a colonial-era legacy), but that is set to end, requiring delicate negotiations over water sharing and how quickly Ethiopia will fill the reservoir behind the dam. Violence is far from inevitable, but tensions over water within and between countries will create new flash points in regions where other resources are scarce and institutional guardrails are weak or missing. The ways countries respond to the effects of climate change may sometimes prove more consequential than the effects themselves. In 2010, for example, after a drought destroyed about one-fifth of Russia’s wheat harvest, the Russian government banned grain exports. That move, along with production declines in Argentina and Australia, which were also affected by drought, caused global grain prices to spike. Those price rises may have helped destabilize some already fragile countries. In Egypt, for example, annual food-price inflation hit 19 percent in early 2011, fueling the protests that toppled President Hosni Mubarak. State responses to other climate phenomena have also heightened tensions. Melting sea ice in the Arctic has opened up new lanes for shipping and fields for oil and gas exploration, leading Canada, Russia, the United States, and other Arctic nations to bicker over the rights to control these new resources. Moreover, the push to reduce carbon emissions, although welcome, could also drive competition. As demand for clean energy grows, countries will spar over subsidies and tariffs as each tries to shore up its position in the new green economy. China’s aggressive subsidies for its solar power industry have triggered a backlash from the makers of solar panels in other countries, with the United States imposing tariffs in 2017 and India considering doing something similar. As climate fears intensify, debates between countries will become sharper and more explicit. Since manufacturing the batteries used in electric cars requires rare minerals, such as cobalt, lithium, and nickel, which are found largely in conflict-ridden places such as the Democratic Republic of the Congo, the rise of battery-powered vehicles could prompt a dangerous new scramble for resources. Although manufacturers will innovate to reduce their dependence on these minerals, such pressures will become more common as the clean energy transition progresses. Companies and countries that depend heavily on fossil fuels, for example, will resist pressure to keep them in the ground. There are myriad potentially contentious policies governments might enact in response to changing climate conditions. Banning exports of newly scarce resources, acquiring land overseas, mandating the use of biofuels, enacting rules to conserve forests, and a thousand other choices will all create winners and losers and inflame domestic and international tensions. As fears grow of runaway climate change, governments will be increasingly tempted to take drastic unilateral steps, such as geoengineering, which would prove immensely destabilizing. THE BURNING QUESTION
These scary scenarios are not inevitable, but much depends on whether and how countries come together to curb carbon emissions and stave off the worst effects of climate change. Last year, when U.S. President Donald Trump announced his intention to withdraw the United States from the Paris climate agreement, many other countries, including China, France, Germany, India, and the United Kingdom, responded by doubling down on their support for the deal. French President Emmanuel Macron hosted an international meeting on climate change last December and even set up a fund to attract leading climate scientists, especially those from the United States, to France. Climate change will remain a salient issue for politicians in most countries as people around the world expect action from their leaders. Even the United States is formally still in the Paris agreement; its withdrawal only takes effect the day after the next presidential election, in 2020. Should Trump not be reelected, the next president could have the country jump right back in. Moreover, even as the U.S. federal government has stepped away from international climate leadership and begun to roll back Obama-era domestic climate policies, U.S. governors, mayors, and chief executives have remained committed to climate action. Last year, former New York Mayor Michael Bloomberg formed the We Are Still In coalition, which now includes some 2,700 leaders across the country who have pledged action on climate change that would, if fulfilled, meet 60 percent of the original U.S. emission-reduction target under the Paris agreement. The coalition includes California Governor Jerry Brown, whose state boasts the world’s fifth-largest economy. In September, to create momentum for action before next winter’s climate negotiations in Poland, Brown is scheduled to host the Global Climate Action Summit in San Francisco. That will be a remarkable spectacle: a sitting governor carrying out his own global diplomacy independent from the federal government. California’s contribution does not end there. Leading technology companies based in California, such as Google, are also part of the coalition. They have set ambitious internal renewable energy targets covering their entire operations. Given their vast size and global supply chains, these companies have enormous potential reach. Even as leaders have invested time and energy in international agreements between countries, they have built parallel, less showy, but no less important processes to encourage action. Because climate change encompasses a constellation of problems in transportation, energy, construction, agriculture, and other sectors, experimentation allows different venues to tackle different problems at the same time—the security implications in the UN Security Council, fossil fuel subsidies in the G-20, short-lived gases such as hydrofluorocarbons through the Montreal Protocol, and deforestation through efforts such as the New York Declaration on Forests, for example. This collection of efforts may be messier than centralizing everything through one global agreement, but avoiding a single point of failure and letting different groups and deals tackle the problems they are best suited to fix may produce more durable results. Humans have proved highly adaptable, but the collective effects of climate change on cities, food production, and water supplies present an enormous challenge for the planet. Humans have proved highly adaptable, but the collective effects of climate change on cities, food production, and water supplies present an enormous challenge for the planet. China and the United States will be central to the global response. Together, the two countries are responsible for more than 40 percent of global emissions; China alone accounts for 28 percent. In the lead-up to the Paris negotiations, U.S. President Barack Obama invested enormous political capital to come to a bilateral understanding with China. The Trump administration’s backsliding on climate action elevates the pressure on China to both address its emissions at home and consider the environmental effects of its actions abroad through the Belt and Road Initiative and the Asian Infrastructure Investment Bank. Realist World
Relations between China and the United States have soured recently, but the countries need to work together, as the world will be ill served by an all-encompassing rivalry between them. They will have to build a system that allows issues to be compartmentalized, in which they can jockey over regional security in Asia, for instance, but still cooperate on issues on which their fates are linked, such as climate change and pandemics. The only way of achieving that is through a system that recognizes the diffusion of power. To some extent, that diffusion is already under way, as the United States is ceding hegemonic control in an increasingly multipolar world, in which more is expected of a rising China. But the process will have to go much further. Governments will need to coordinate with subnational units, private corporations, nongovernmental organizations, and very rich individuals. On climate change and many other problems, these actors are much better able than governments to change things at the local level. Creating an order fit for purpose will not be easy. But the nascent combination of international agreements and networks of organizations and people dedicated to solving specific problems offers the best chance to avoid cataclysmic climate change |
| | | | العالم الذي نعيش فيه | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |