خبير إستراتيجي يقرأ تداعيات الحرب المقبلة في "إدلب"
عمان – رائد الحساسنة
أكد الخبير الاستراتيجي الدكتور نبيل العتوم أن المعركة المرتقبة في إدلب معركة مهمة ومصيرية لإيران وروسيا على وجه التحديد، مشددًا على أن هناك حمّى تصريحات بين الجانب الروسي والإيراني فيما يتعلق بالمعركة حول النصر النهائي في سوريا والتمهيد للتسوية فيما بعدها.
وقال العتوم في تصريحات لـ "البوصلة" إن هناك تسابقًا للمسؤولين والوفود الإيرانية لزيارة سوريا، حيث كانت زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ووزير الدفاع الإيراني، وهذا الأمر لا يعكس مدى عمق إيران واهتمامها فيما بعد انتهاء العمليات العسكرية في سوريا بل يتعلق بنصيب إيران من الكعكة السورية.
وأشار إلى أن وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي أعلن عن توقيع على اتفاقيات فيما يتعلق بإعادة تهيئة البنية التحتية الدفاعية للجانب السوري، وهذه الاتفاقيات لم تمر بمجلس الشورى الإيراني ولا بمجلس الشعب السوري؛ بل تمّ تفعيلها مباشرة، وكان الرد الإسرائيلي واضحاً من خلال الهجوم على مطار المزة العسكري لتوجيه رسائل لكلا الطرفين الإيراني والسوري، بأنّ الإسرائيليين لن يسمحوا لإيران بالتواجد في سوريا من ناحية، ومن ناحية أخرى توجيه رسالة لرأس النظام السوري أنهم معنيون أكثر من أي وقت مضى بوقف التعاون الإيراني السوري، والكف عن التعاون مع إيران، على حد تعبيره.
وشدد على أن هناك عددًا من الجهات المستفيدة من الضربات الإسرائيلية على سوريا، بالذات الجانب الروسي الذي بات يطالب أكثر من أي وقتٍ مضى بخروج جميع المليشيات من الأراضي السورية بما فيها المليشيات الإيرانية.
ونوه العتوم إلى أن الرئيس الروسي ألقى بالكرة إلى ملعب الرئيس ترامب في "قمة هلسنكي" أثناء المؤتمر الصحفي الذي جرى بينهما، وأن الحل بيد أمريكا فيما يتعلق بالأزمة السورية.
العبء الإيراني على أطراف الصراع
وتابع المحلل الاستراتيجي حديثه بالقول: "أعتقد أن الوجود الإيراني بات يشكل عبئًا على الأطراف الثلاثة روسيا من ناحية وأمريكا وإسرائيل، وأيضًا على رأس النظام السوري الذي بات يبحث عن مخرج للخلاص من النفوذ الإيراني المتعاظم، ويحاول أن يلعب بهذه الورقة لتحقيق أكبر المكاسب الممكنة على الأرض".
وشدد العتوم على أن معركة إدلب في واقع الأمر معركة مصيرية وهناك اختلاف في وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة المتمثلة في النظام السوري وروسيا وإيران، الذين هم على خلاف مع الجانب التركي، الذي لديه عدد من الخيارات والسيناريوهات المقترحة فيما يتعلق بإدلب، وذلك عبر اقتراح حل جبهة تحرير الشام إما بالإذابة أو إخراجها لمناطق تشكل مناطق نفوذ للجانب التركي مثل منطقة عفرين، وغيرها من المناطق، وذلك في سعيٍ منها لمحاولة أن تكون الضربات العسكرية موجهة فقط لجبهة النصرة ولداعش وأخواتها التي انطلقت إلى تلك المناطق.
واستدرك بالقول: إن الخيارات باتت محدودة أمام الجانب التركي، ومسألة الحرب العسكرية باتت مسألة وقت".
وفي تعليقه على تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وغيرها من التصريحات الغربية مثل تصريح الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمعركة إدلب المرتقبة، أكد العتوم أنها لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكنّها بمثابة ضوء أخضر لتدشين عملية عسكرية.
وحول التوقيت المرتقب للمعركة، أشار المحلل الاستراتيجي إلى ان العملية العسكرية ستبدأ بعد اللقاء الثلاثي المزمزع إجراؤه في 7 سبتمبر الجمعة القادم في طهران والذي سيجمع إيران مع تركيا والجانب الروسي.
الحشود الأمريكية
أما بخصوص الحشود الأمريكية المتعاظمة في المنطقة فأكد العتوم أن المعلن من هذه الحشود هو ثلاثة أهداف أساسية تمثل استراتيجية أمريكية واضحة المعالم؛ الهدف الأول هو محاربة تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية، والهدف الثاني توجيه ضربة لنظام بشار الأسد في حال اللجوء لما يسمّى بالسلاح الكيماوي، والهدف الثالث هو تحجيم الوجود الإيراني المتعاظم في المنطقة خاصة في العراق وسوريا.
واستدرك بالقول: "بالإضافة لذلك فإنه في حال توسل إيران بإغلاق مضيق هرمز أو اللجوء إلى أحد الخيارات العسكرية عبر اللجوء إلى تفخيخ المضيق، خاصة نحن مقبلون على أعتاب عقوبات أمريكية ستكون في 5 نوفبمر، وسوف تصل إلى حد محاصرة موانئ إيران ومنعها من تصدير النفط، خاصة أن أمريكا أعلنت تصيفير تصدير النفط الإيراني للخارج".
وأضاف أنه بالتالي فإن تكثيف الحشود الأمريكية هي رسالة للجانب الإيراني أن الخيارات أمامها ستكون ضيقة وأن رد الولايات المتحدة سيكون مدمّرًا في هذه الناحية.
وعبر العتوم عن قلقه ممّا ورد في تغريدة ترامب من حديث عن سقول مئات آلاف القتلى في إدلب، مؤكدًا أن المقلق في الامر أنه لا يوجد أي جدية أمريكية في مواجهة إيران وبشار الأسد، وإدلب يوجد فيها 4 مليون مدني وهناك تيارات وتنظيمات مسلحة بدأت تتغلغل في جانب القطاعات الشعبية المختلفة.
وأوضح أن الأسلحة والمضادات الجوية والأسلحة الثقيلة موجودة بين مناطق سكنية، وهذا الأمر مقلق، لنظام بشار الأسد الذي لا يوجد ما يردعه، بالتزامن مع إعلان وزير الدفاع الروسي أنه لا مفر من العملية العسكرية التي ستكون في أقرب وقت والجانب الإيراني شاطرها ذلك.
ونوه إلى أن زيارة الحاتمي وزير الدفاع الإيراني ثم زيارة جواد ظريف إلى سوريا والتصريحات التي أعلنت عن ضرورة إجراء عسكري، كحلٍ لا مفر منه لمعالجة مشكلة الإرهابيين في إدلب كما يزعمون.
العجز العربي
وأكد العتوم أن العالم العربي ليس لديه القدرة بشكل او بآخر لتقديم أي شيء في القضية السورية، وهناك أطراف عديدة إقليمية ودولية منخرطة في الأزمة السورية.
وشدد على أن هناك عوامل عديدة أضعفت الموقف العربي من ضمنها الخلافات البينية الخليجية أثرت بشكل كبير، والأمر الآخر هو حالة التجاذب غير المسبوقة في العلاقات الخليجية التركية على وجه التحديد، وهذا الأمر أضعف الموقف العربي في الأزمة السورية، وأيضًا ما يتعلق بوجود متغيرات إقليمية، متمثلة في المتغير الإسرائيلي ونحن نتحدث عن أن "إسرائيل" قامت بأكثر من مائة عملية عسكرية ضد الوجود الإيراني.
وأضاف أن هناك "وحدة حال" بين إسرائيل والدول العربية فيما يتعلق بتحجيم الوجود الإيراني المتعاظم في المنطقة خاصة من خلال "الحريق الإقليمي" ومداخل الأزمات الإقليمية لا سيما الأزمة السورية.
ونوه إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان أصدر تحذيرًا واضحًا إلى الإيرانيين من محاولة نقل صواريخ متوسطة المدى للأراضي العراقية واعتبر ذلك تهديدًا لأمن إسرائيل، وتعهد بالرد على توسيع رقعة الرد على إيران لتشمل العراق.
وختم الخبير الاستراتيجي بالقول: "نحن نتحدث عن متغيرات دولية أكبر من قدرات العالم العربي والعلاقات الأمريكية الروسية وحالة المد والجزر في هذه العلاقة وهذا يضعف الموقف العربي لأننا نتحدث عن دول كبرى باتت تتصارع من خلال الأزمة السورية".