منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 القرامطة في الخليج العربي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75519
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرامطة في الخليج العربي Empty
مُساهمةموضوع: القرامطة في الخليج العربي   القرامطة في الخليج العربي Emptyالإثنين 29 يوليو 2013 - 2:13




 القرامطة في الخليج العربي 16290_image002
القرامطة في الخليج العربي
لا بد من الإشارة ها هنا إلى أن الحركة القرمطية من الحركات الباطنية المتطرفة التي لم تدرس في عصرنا الدراسة الموضوعية؛ التي تلتزم جانب الإسلام وتعالج هذا الموضوع بأمانة وتجرد، بعيدًا عن الغرض والهوى والإسقاط التاريخي.
فالباحثون ذوو الاتجاه الماركسي لم يدّخِروا جهدًا في كيل المديح لهذه الحركة الهدَّامة والثناء عليها، والدعوة إلى اتباع نهجها وفاءً لها وإيمانًا بأفكارها؛ لأنها قضت في زعمهم على التميز الطبقي، وأنصفت الفقراء والعمال والفلاحين.
ونذكر -على سبيل المثال- كتابًا ألفه أحد الباطنيين سماه "الحركات السرية في الإسلام"، وخص القرامطة بفصل عنوانه: (القرامطة.. تجربة رائدة في الاشتراكية)[1]، وقال عنهم كلامًا أكثر مما يقوله أبو سعيد الجنّابي عن نفسه. وهذه جرأة لا يحمد عليها مؤلف الكتاب الدكتور محمود إسماعيل، أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة عين شمس بالقاهرة.
وهؤلاء قد اتبعوا المستشرقين في افتراءاتهم؛ إذ يرى فان فولتن وبيكر بأن الإسلام لم يكن في أدواره الأولى دينًا بقدر ما كان علامة امتياز للأرستقراطية المنتصرة والمذهب الرسمي للدولة التي تمثله. وعلى هذا فإن الشيعة الثورية (القرامطة) كانت النتيجة الطبيعية في وسط ثيوقراطي لثورة الطبقات المظلومة؛ الفارسية والسامية على السواء[2].
إن الدارس للحركة القرمطية يلاحظ أنها عملية مرحلية لها أهداف معينة في تلك الفترة، وتعد خطوة من خطوات الدعوة الإسماعيلية التي كانت تتحرك وفق مخطط عملي مدروس ومنظم، يقوم على خداع الجماهير باستغلال عاطفتهم نحو آل البيت، وتعتمد على التنظيم السري والعسكري، وهدفها: إحياء أمجاد فارس، وإبطال حقيقة الإسلام.
والناظر في أوائل زعماء ودعاة القرامطة يجد أنهم من الفرس: كأبي سعيد الجنابي -وهو من أهل جنابة بفارس- وزكرويه بن مهرويه، وذكيرة الأصفهاني، والفرج بن عثمان، ودندان، وعبد الله بن ميمون القداح، وغيرهم[3].
أما إذا بحثنا في مضمون حركة القرامطة فسوف نجد أن هذه الحركة استفادت من ظروف البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في سواد العراق؛ حيث كان منظمها الأكبر "حمدان قرمط" قرويًّا عارفًا بالمساوئ التي يشكو منها أهل السواد. ولا يمكن فهم روح الحركة إلا بعد معرفة:
أ- ما المبادئ التي بشرت بها؟
ب- ما الجماعات التي انتظمت لها؟
ظروف نشأة حركة القرامطة
جدير بالإشارة أن إلقاء الضوء على أحوال العصر وظروف نشأة هذه الحركة سيمكننا -بلا ريب- من الإجابة على السؤالين المهمين السابقين.
الحالة السياسية:
كان للضعف الذي ألمَّ بالخلفاء العباسيين بعد موت الواثق سنة 232ه-، وسيطرة الأعاجم عليهم وضياع نفوذ الخلافة، الأثرُ الكبير في كثرة الانفصالات عن الدولة العباسية، واستقلال بعض الأسر المشهورة؛ كالصفاريين والسامانيين والعلويين واليعفريين والطولونيين[4]. ولم يبقَ للعباسيين في كثير من الأقاليم سوى الدعاء لهم يوم الجمعة والعيدين، ونزر يسير من الهدايا[5].
كما أثار الزنج -وهم طائفة من عبيد إفريقية- القلق والرعب في حاضرة الخلافة العباسية، وكان مسرح ثورتهم الجامحة العنيفة التي دامت أكثر من أربع عشرة سنة المستنقعاتُ الممتدة بين البصرة وواسط. وقد كلفت هذه الثورة الدولة العباسية كثيرًا من الجهود والأموال والأرواح[6]. وظهر القرامطة في سواد العراق والبحرين؛ حيث أعانهم على ذلك تشاغل الخليفة العباسي بفتنة الزنج[7]، وظهر ابن حوشب في اليمن حيث نشر دعوة المهدي، وظهر أبو عبد الله الشيعي الذي نشر الدعوة الفاطمية في المغرب[8].
الحالة الاجتماعية والاقتصادية:
أما الحالة الاجتماعية والاقتصادية، فإن المجتمع العباسي في هذه الفترة كان ينقسم إلى ثلاث طبقات رئيسة:
أ- الطبقة العليا: وتشتمل على الخلفاء والوزراء والقادة والولاة، ومن يلحق بهم من الأمراء وكبار التجار وأصحاب الإقطاع.
ب- الطبقة الوسطى: وتشتمل على رجال الجيش وموظفي الدواوين والتجار والصناع[9].
ج- الطبقة الدنيا: وتشمل أغلبية الناس من الزراع وأصحاب الحرف الوضيعة والخدم والرقيق[10].
وفي خضم هذه الظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي طبَعَها ما روي من الترف والمجون والفساد والفقر والجهل، وما صاحب ذلك من دجل وخرافة وشعوذة وسحر وطلاسم وتنجيم[11]، ظهر القرامطة واستغلوا هذه الأجواء المشحونة لإذكاء نار الفتنة بين الناس، مذكرين إياهم ما يلقونه من ظلم وعنت، وأن ساعة الخلاص من الظلم والاضطهاد قريبة؛ مما جعل هؤلاء إزاء هذه الحالة الاقتصادية والاجتماعية السيئة على أتم استعداد للخروج على ولاة أمورهم.
وكذلك انتشرت هذه الدعوة بين أهل الحرف وعوام المدن الذين كان مستوى معيشتهم متواضعًا وظلوا جهلة لا يفهمون الشريعة، ويرون أوامرها يمكن تركها متى تطلّبت المصلحة ذلك. وهذا الجهل جعلهم طعمة سهلة للدعوة القرمطية الماكرة، خاصة في مدن الأحساء والقطيف والبحرين حيث استمرت دعوة حمدان قرمط؛ إذ أنشأ أحد دعاته وهو الحسين الجنابي دولة في الخليج، مطبقًا روح تعاليم سلفه بكل حماس، مستغلاًّ حالة التذمر من الفقر والفاقة التي كانت سائدة في تلك الجهات، خاصة بين أهل البادية الذين كان فقرهم مضرب الأمثال.
تعاليم القرامطة وعلاقتهم بالباطنية
من الثابت أن الحركة القرمطية فرقة باطنية من جماعات الدعوة الإسماعيلية؛ حيث من المسَلَّم به وجود علاقات عضوية أساسية بين الفئتين في مجال العقائد والأفكار[12]، بينما مر تاريخ العلاقات السياسية بينهما بأطوار تباينت فيه المواقف، ووصلت إلى حد المواجهات المسلحة في بعض الأحيان[13].
ومعلوم أن من أسماء الإسماعيلية التي اشتهرت بها "الباطنية"؛ ذلك لأنها قالت بالتأويل وبوجود علم ظاهري عام وعلم باطني خاص. وعلى هذا الأساس يكون معنى القرامطة هو الباطنية؛ لأنهم ادعوا أن: "لظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري مجرى اللب من القشر، وأنها تُوهم الأغبياء صورًا، وتُفهم الفطناء رموزًا وإشارات إلى حقائق خفية، وأن من تقاعد عن الغوص على الخفايا والبواطن متعثر، ومن ارتقى إلى علم الباطن انحط عن التكليف واستراح من أعبائه"[14].
تعريف القرامطة:
ومن أفضل ما قيل في تعريف القرامطة ما أورده ابن العديم في كتابه (بغية الطلب) حيث قال: "... زعموا أنهم يرجعون إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر بن علي، ونسبوا إلى قرمط؛ وهو حمدان بن الأشعث، كان بسواد الكوفة، وإنما سمي قرمطًا؛ لأنه كان رجلاً قصيرًا وكانت رجلاه قصيرتين، وكان خطوه متقاربًا؛ فسمي بهذا السبب قرمطًا.. وذكر بعض العلماء أن لفظة قرامطة: إنما هي نسبة إلى مذهب يقال له: (القرمطة) خارج مذاهب الإسلام، فيكون على هذه المقالة عزوُه إلى مذهب باطل لا إلى رجل"[15].
ثم إن الرأي الأخير يتوافق مع ما ذهب إليه بعض الباحثين المعاصرين من القوم بأن كلمة "قرمطة" هي كلمة أرامية تعني العلم السري[16].
وقد استغل القرامطة وغيرهم من الباطنية الأوضاع الاجتماعية المتدهورة، والأحوال الاقتصادية المزرية، والنزاعات السياسية، فبثوا فكرة الإمام المهدي المنتظر الذي سيحرر الناس من الظلم والحيف، ومن كافة الأغلال والقيود.
وعن طريق هذه الفكرة تغلغل تأثيرهم الموجه إلى محيط العامة وجميع الفئات المهمشة اجتماعيًّا، خاصة في الأرياف، وبعثوا في نفوسهم الأمل بدنوِّ النصر وقرب ساعة التحرير، وما ذلك إلا وسيلة لاستقطابهم وجذبهم إلى عقائدهم وأفكارهم.
عقائدهم:
تقوم تعاليمهم في مجال العقائد (الإلهيات والنبوات) على إنكار وجود الله I وجحد أسمائه الحسنى وصفاته العُلا، والقول بقدم العالم، وتحريف شرائع النبيين والمرسلين، مع التستر بدعوى التأويل حينًا والتجديد حينًا آخر، وتذرعوا بأحاديث يختلقونها أو بنصوص يحرفونها أو يؤولونها، وعامة تأويلاتهم مبنية على أصول المجوس وبعض نظريات الفلاسفة كأرسطو.
وقد نقل الغزالي مذهبهم في الإلهيات في كتابه (فضائح الباطنية) بقوله: "وقد اتفقت أقاويل نقلة المقالات من غير تردد أنهم قائلون بإلهين قديمين لا أول لوجودهما من حيث الزمن؛ إلا أن أحدهما علة لوجود الثاني، واسم العلة السابق واسم المعلول التالي، وأن السابق خلق العالم بواسطة الثاني لا بنفسه، وقد يسمى الأول عقلاً والثاني نفسًا"[17]، وهذا إلحاد لا شك فيه.
أما اعتقادهم في النبوات فهو قريب من اعتقاد الفلاسفة: وهو أن النبي عبارة عن شخص فاضت عليه من السابق بواسطة الثاني قوة قدسية صافية مهيأة لأنْ تنتقش عند الاتصال بالنفس الكلية بما فيها من الجزئيات، كما قد يتفق ذلك لبعض النفوس الزكية في المنام حتى تشاهد من مجاري الأحوال في المستقبل. ويعتقدون أن جبريل عبارة عن العقل الفائض عليه، لا أنه شخص متجسم متركب عن جسم لطيف أو كثيف يناسب المكان حتى ينتقل من علو إلى أسفل[18].
والقرآن الكريم في نظرهم عبارة عن ظواهر هي رموز إلى بواطن يفهمها -بزعمهم- الإمام المعصوم فيتعلمونها منه[19]. وقد أنكروا القيامة، وأوَّلوا القيامة الواردة في النصوص وقالوا: إنها رمز إلى خروج الإمام وخروج قائم الزمان، وأنكروا بعث الأجساد والجنة والنار[20].
أما اعتقادهم في التكاليف الشرعية فهو الإباحة المطلقة، واستحلال المحرمات، ورد أحكام الشريعة بحجة أن المدركين للحقائق تسقط عنهم التكاليف[21].
وفي الإمامة يقولون بأنه لا يكون بعد النبي محمد إلا سبعة أئمة هم: علي الإمام الرسول، الحسن، الحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، ومحمد بن إسماعيل بن جعفر؛ وهو الإمام القائم وخاتم النبيين. وقالوا: إن الرسول انقطعت رسالته في حياته في اليوم الذي أمر فيه بتنصيب أمير المؤمنين علي بغدير خم، فصارت الرسالة من ذلك اليوم إليه، وصار النبي تابعًا لعلي محجوبًا به[22].
ومن جهة استحلالهم للأموال والفروج وسفكهم دماء المخالفين والشهادة عليهم بالكفر والشرك[23]؛ فهم على مذهب البهيسية والأزارقة من الخوارج.
حالهم عند التمكين:
وعلى العموم، فإن السرية والتكتم غالبان عليهم في حالة الاستضعاف، أما عند الظهور والغلبة فكانوا ينادون بآرائهم جهارًا ويعلنون ما كانوا يخفون؛ فعندما وقع لهم التمكين في البحرين أظهروا تكذيب الأنبياء وتعطيل الشرائع، وأخذوا الناس بلعن الأنبياء جهارًا في الأسواق، وتصدروا لإحراق المصاحف، وأعلنوا براءة الذمة ممن ترك عنده شيئًا من المصاحف أو التوراة والإنجيل وجميع ذلك كله، والأمر بطرحه في الحشوش والاستنجاء به، ونادوا بنكاح الأمهات والأخوات وذوات المحارم، وإباحة اللواط[24].
وفي زمن الخليفة المقتدر، كان مَنْ في بغداد من الباطنية قد راسلوا أبا طاهر بن أبي سعيد في البحرين بضعف السلطان، وطلبوا منه أن يركب إلى بغداد ليستولي عليها، فسار القرامطة إلى العراق يقتلون وينهبون، وقال قائلهم: ما بقي شيء ينتظر، وما جئنا لإقامة دولة ولكن لإزالة شريعة[25].
ومن أعمالهم الشنيعة أنهم أغاروا على الحُجاج في بيت الله، وسلبوا البيت وقلعوا الحجر الأسود وحملوه معهم إلى الأحساء[26]، وسبوا من النساء العلويات والهاشميات وسائر الناس نحو عشرين ألفًا[27].
أساليب القرامطة في الدعوة
- إظهار الإسلام وإبطان الكفر:
فهم يتسترون بالإسلام وبقراءة القرآن وبالصلاة والصيام[28]، ويظهرون حب آل البيت والعفاف والزهد وترك الدنيا والإعراض عن الشهوات، ويأمرون بالصدق والأمانة والمعروف[29]، وفي حقيقة الأمر هم على خلاف ذلك؛ إذ يبطنون الكفر والزندقة والتعطيل وبغض الأنبياء والرسل، ويميلون إلى المجون والخلاعة والانغماس في اللذات والشهوات[30].
وفي كل ذلك قد أوثقوا أمورهم بالسرية، وبأخذ الأيمان والعهود على من أجابهم بكتمان ما يبوحون له به من أسرارهم، ولا يكشفون أمرهم إلا بالتدرج على قدر طمعهم في الشخص[31].
- الاستدراج والحيلة:
إنهم يتصلون بالناس سرًّا، وينقلونهم عن الإسلام بالحِيَل والأيمان الخادعة، ويستدرجونهم إلى مذهبهم من حيث يوافق رأيه لا يشعرون شيئًا فشيئًا، ويخاطبون كل فريق بما يوافق رأيه بعد أن يظفروا منه بالانقياد لهم والموالاة لإمامهم[32]؛ إذ يوصون دعاتهم فيقولون للداعية: إذا وجدت من تدعوه فاجعل التشيع دينك، وادخل عليه من جهة ظلم الأمة لعلي، وقتلهم الحسين وسبيهم لأهله، والتبرأ من تيم وعدي وبني أمية وبني العباس، وقل بالرجعة، وأن عليًّا يعلم الغيب. فإذا تمكنت منه أوقفته على مثالب علي وولده، ثم بيَّنت له بطلان ما عليه أهل ملة محمد وغيره من الرسل[33].
وإن كان يهوديًّا فادخل عليه من جهة انتظار المسيح، وأن المسيح هو محمد بن إسماعيل بن جعفر؛ وهو المهدي، واطعن في النصارى والمسلمين، وإن كان نصرانيًّا فاعكس، وإن كان صابئيًّا فتعظيم الكواكب، وإن كان مجوسيًّا فتعظيم النار والنور، وإن وجدت فيلسوفًا فهم عمدتنا؛ لأننا نتفق وهم على إبطال النواميس والأنبياء، وعلى قدم العالم[34].
ومن رأيته زيديًّا أو إماميًّا فأظهر له بغض أبي بكر وعمر، ثم أظهر له العفاف والتقشف وترك الدنيا والإعراض عن الشهوات، ومر بالصدق والأمانة، فإذا استقر عنده ذلك فاذكر له ثلب أبي بكر وعمر[35]، وإن كان سنيًّا فاعكس[36]، وإن كان مائلاً إلى المجون والخلاعة فقرِّر عنده أن العبادة بَلَهٌ والورع حماقة، وإنما الفطنة في اتباع اللذة وقضاء الوطر من الدنيا الفانية[37].
- خداع الناس:
وقد اتخذوا التظاهر بحب آل البيت والتستر بالتشيع وسيلة للتحايل على الناس، وخداعهم أثناء دعوتهم لهم.
ومن أساليبهم في خداع الناس اتخاذ الدين مطية لبلوغ أهدافهم، واستغلال ظروف الناس المعيشية المتدنية وعواطفهم الملتهبة للإصلاح برفع شعارات براقة؛ فعندما ثار القرامطة سنة 315هـ كانت لهم أعلام بيض مكتوب عليها: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ[القصص: 5][38].
- مكان دعوتهم:
كانوا يقصدون بدعوتهم الأماكن النائية والمنعزلة التي يوجد بها الديلم والأعراب الذين قلَّ بحثهم ونظرهم، ويذهبون إلى الأطراف البعيدة التي استولى على أهلها الغفلة والجهلة والطيش[39]، ويقطعونهم عن البحث والاستدلال بالعهود والأيمان المغلظة، ويجتهدون في زلزلة عقائد الناس بإلقاء المتشابه؛ فإن سكت محدثهم سكتوا، وإن ألحَّ قالوا: عليك العهد والميثاق على كتمان هذا السر، ثم يخبرونه ببعض الشيء ويقولون: هذا لا يعلمه إلا آل رسول الله القرامطة في الخليج العربي R_20، ويقولون: هذا الظاهر له باطن، وفلان يعتقد ما نقوله ولكنه يستره، ويذكرون له رجلاً فاضلاً ببلد بعيد[40].
[b style="border: 0px; margin: 0px; padding: 0px; font-size: 17px; color: rgb(102, 0, 0);"]د. محمد أمحزون[/b]
المصدر: موقع مجلة البيان.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75519
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرامطة في الخليج العربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: القرامطة في الخليج العربي   القرامطة في الخليج العربي Emptyالإثنين 29 يوليو 2013 - 2:15




خطط القرامطة لإغواء الناس
القرامطة في الخليج العربي 16291_image002المتأمل في خطط القرامطة يجد أنها تدل على دهاء وخبث وحنكة وذكاء في الأمور السياسية والاجتماعية، ومعرفة بنفسيات الناس وبظروفهم وبيئاتهم؛ فقد كانوا يختارون بعناية الزمان والمكان والأشخاص.
أما الزمان: فهو ضعف الدولة العباسية في العصر العباسي الثاني المعروف بعصر نفوذ الأتراك؛ حيث أخذت الرغبة تزداد في نفوس القادة الأتراك بانتزاع السلطة منذ عهد المتوكل، وقويت شوكتهم وتوطد سلطانهم، وأصبحوا هم أصحاب الحل والعقد، يدبرون المؤامرات لعزل الخلفاء أو قتلهم واستبدالهم بغيرهم[1].
وقد كان للضعف الذي ألمّ بالدولة العباسية أثر واضح في انفصال كثير من الأقاليم عن جسم الدولة وظهور حركات مناوئة تحكمهم؛ كحركتي القرامطة والزنج.
أما المكان: فكانوا يختارون الأقاليم والمدن المغمورة الواقعة في أطراف الدولة أو في المناطق النائية، كوقوع اختيارهم على مدينة سلمية بالشام إلى الشرق من حماة، وهي تتمتع بموقع ممتاز؛ إذ بالإضافة لخصبها فهي وثيقة الصلة بالبادية وأهلها، ووقع اختيار الدعوة الإسماعيلية عليها لهذه المزايا[2].
كما أن الأحساء واحة ينبغي لبلوغها من العراق -مركز الدولة العباسية- اجتياز صحراء واسعة[3].
أما الأشخاص: فكانوا يختارون لدعوتهم أناسًا تظهر فيهم صفات: الصبر، والجلد، وعلو الهمة، والذكاء، والمعرفة بنفسيات الناس ومظاهر التذمر والرضا لديهم؛ فعندما وقع اختيار ميمون القداح على شاب يدعى علي بن الفضل للدعوة إلى مذهبه، قام بالعمل لصالحهم داعيةً لمذهبهم في نواحي اليمن وإليه ينتسب الباطنية هناك.
لقد كانوا قوة خفية نشطت واستعملت أساليب متنوعة ووسائل مختلفة، وبرعت في استغلال سخط مجموعة من الفئات الاجتماعية ودفعها إلى التخريب والإفساد، وتغيير الحياة العامة في كثير من مظاهرها.
الفئات التي انضمت إلى الحركة القرمطية
فإذا كانت تلك هي أساليبهم وطرقهم في الدعوة...؛ فمن أتباعهم إذًا؟
1- ضعاف العقول: الذين قلّت بصائرهم، وغلبت عليهم البلادة والسذاجة والبَلَه، ولم يعرفوا شيئًا من العلوم؛ كعوام المدن، وأهل البوادي والأرياف، وجفاة الأعاجم، وسفهاء الأحداث.
2- الحاقدون: وهم المجوس والشعوبية من أهل فارس الذين انقطعت دولة أسلافهم بدولة الإسلام؛ كأبناء الأكاسرة والدهاقين، فهؤلاء موتورون قد استكنّ الحقد في صدورهم، ويعملون لإزالة دولة الإسلام وإعادة الملك إلى العجم.
3- الطامعون: الذين لهم تطلّع إلى التسلط والاستيلاء، ولكن الظروف لا تساعدهم، فإذا رأوا طريق الظفر إلى مقاصدهم سارعوا إليه.
4- الشاذون في آرائهم: الذي يحبون التميز عن الناس ويزعمون أنهم يطلبون الحقائق، وأن أكثر الخلق في رأيهم كالبهائم.
5- أتباع الإلحاد والزندقة: كالفلاسفة والثنوية الذين اعتقدوا الشرائع السماوية قوانين مصطنعة، والمعجزات مخاريق مزخرفة، فإذا رأوا من يتجاوب معهم مالوا إليه.
6- أصحاب اللذة المباحة: الذين مالوا إلى اللذات العاجلة بإطلاق، ولم يكن لهم علم ولا دين صحيح، فإذا صادفوا من يرفع عنهم الحجر والمنع مالوا إليه[4].
كيان القرامطة على الصعيد السياسي
من المعلوم أن القرامطة فرقة سياسية وحركة عسكرية؛ لم تكن دولة بالمعنى الصحيح، ولكنها كانت كيانًا منظمًا يعتمد على البدو، ويستطيع إقلاق راحة الدول المجاورة، ويعتمد في حياته على الغارات التي يشنها على البلاد المجاورة، ويغنم منها وتعود جيوشه إلى مركزها في الأحساء والبحرين.
على أن القرامطة كانوا أعداء ألداء للدولة العباسية؛ لأنها كانت دولة سنية تقف بالمرصاد لغلاة الشيعة من الباطنية[5]. أما علاقتهم مع الفاطميين أو العبيديين فكانت علاقة مذهبية في أول الأمر. ولما أصبح العبيديون حكام مصر انقلب عليهم القرامطة، وأخذوا يشنون الغارات على مصر والشام[6].
وهذا الموقف لا ينبغي أن ينسينا أن الحزب الواحد يتمزق ويرمى أفراده بعضُهم بعضًا بأقسى التهم وأشنعها، ومردُّ ذلك إلى التنافس على السلطة؛ فالملك عقوق عقيم، والإنسان في السلطة هو غيره في الواقع النظري، ومقتضيات السياسة شيء ومقتضيات المثل والمبادئ شيء آخر، لا سيما في الكيانات التي اتخذت الدنيا غاية تتصارع على حطامها ومتاعها.
لكنْ رغم ذلك لم تنقطع العلاقات بالكلية بين العبيديين والقرامطة؛ إذ ظل أولئك يمارسون نوعًا من الضغط والتأثير على هؤلاء؛ فعندما أغار القرامطة على مكة وسرقوا الحجر الأسود وأخذوه إلى الأحساء، بقي هناك حتى أعادوه بواسطة الحاكم العبيدي عبيد الله المهدي[7].
لقد ظلت الدعوة القرمطية تنشط في السر إلى أن جاء أبو سعيد الجنابي، الحسينُ بن بهرام، من جنابة ببلاد فارس، فأقام في البحرين تاجرًا، ثم جعل يدعو الناس إلى نِحْلته الفاسدة، فانتشرت في البحرين، كما أنشأ لها فرعًا كبيرًا في الأحساء، وتبعها فئام من الناس[8].
وحين ظهر أمر أبي سعيد وقوي صيته قاتل بمن أطاعه مَنْ عصاه، فنزل الأحساء[9]، ثم حاصر القطيف، وحاصر هجر عاصمة البحرين آنذاك شهورًا يقاتل أهلها، فاستولى عليها[10]، وقتل كثيرًا من الناس، وخرب المساجد وأحرق المصاحف، وفتك بالحُجَّاج وهاجم قوافلهم[11]. ثم خلفه ابنه سعيد الذي سلم الأمر إلى أخيه أبي طاهر بعد ذلك[12]، فسار هذا الأخير من البحرين، وخرب منازل الحاج وقد كانت في الأمن والعمارة كالأسواق القائمة، وأغار على مكة، وقتل وسلب ونهب، وأثخن في المسلمين[13].
وتذكر المصادر أن قتلاه أكثر من قتلى بابك وصاحب الزنج[14].
وقد ملك القرامطة كثيرًا من البلدان هي: البحرين، والأحساء، والقطيف، واليمن، وعمان، وبلاد الشام، وجنوب العراق، وحاولوا احتلال مصر، لكن محاولتهم باءت بالفشل[15].
أما كيانهم السياسي فكان يحكمه شخص واحد هو أبو سعيد الجنابي، يعاونه في الحكم مجلس مؤلف من أتباعه المقربين، وممن تربطه بهم رابطة العقيدة القرمطية والنسب. ويذكر ابن حوقل بعض الأفراد ووظائفهم[16].
ولما توفي أبو سعيد الجنابي انتقلت الحكومة إلى مجلس شورى مؤلف من ستة دعاة ينظرون في القضايا والمسائل المختلفة، ويصدرون أوامرهم بالاتفاق، ولهم ستة وزراء[17].
سياسة فرض الضرائب المختلفة على الأتباع
يؤكد القرامطة على أهمية الناحية المادية. ولاستقطاب الناس، خاصة الفقراء والمنعدمين وذوي الحاجة منهم؛ فقد اتسمت سياستهم المالية في بادئ الأمر بفرض حمدان قرمط الضرائب على أنصاره، وكانت هذه الضرائب على نوعين؛ إجبارية واختيارية. وكانت تسمى بأسماء متعدد، منها "الفطرة": وهي درهم على الجميع، ومنها "الهجرة": وهي دينار على البالغين، ومنها "البلغة": وهي سبعة دنانير، زعموا أن ذلك بلاغ من يريد الإيمان[18].
كما فرضوا على أتباعهم دفع "أخماس" ما يملكون وما ينتجون؛ فكانت المرأة تُخرِج خُمس ما تغزل، والرجل خمس ما يكسب. وفرضوا على أتباعهم "الألفة": وهي أن يجمعوا أموالهم في موضع واحد ويشتركوا فيها؛ حيث تكون ملكًا للجميع، فلا يملك أحد منهم إلا سلاحه[19].
وكان القرامطة يغرون بنصيب من هذه الأموال الفقراءَ لاجتذابهم بإعطائهم جزءًا مما يجمعون، ويمنّونهم بأن تكون لهم الخيرات التي يتمتع بها الموسرون والحكام، قائلين لهم: إن ساعة الخلاص منهم ومن استعبادهم قريبة، وأظهروا للناس إبطالاً للسلم والرفاه اللذين وعد بهما العباسيون من قبل ولم يحققوها، فأطاعوهم وساروا وراءهم[20].
وعلى العموم، تمكن القرامطة بمقتضى سياستهم المالية المتدرجة من أن يعدوا العُدَّة لصراع طويل ضد السلطة الحاكمة، فاشتروا السلاح الكثير بالمال الذي جمعوه من الضرائب المختلفة.
- مجال الخدمات:
عندما قام سلطان القرامطة في الأحساء والبحرين تغيرت سياستهم المالية لكسب ولاء وود الأنصار والأتباع من جهة، وللدعاية للمذهب من جهة أخرى.
فقد كانوا لا يأخذون عشورًا من الرعية، وإذا افتقر إنسان أو استدان يتعهدونه حتى يتيسر عمله، وكل غريب ينزل في مدينتهم وله حرفة يعطى ما يكفيه من المال حتى يشتري ما يلزم صناعته من عدد وآلات، ويرد إلى الحاكم ما أخذ حيث يشاء. وإذا خرب بيت أو طاحون أحد الملاك، ولم يكن لديه القدرة على الإصلاح، أمروا عبيدهم أن يذهبوا إليه ويصلحوا المنزل أو الطاحون، ولا يطلبون من المالك شيئًا[21].
وفي الأحساء مطاحن مملوكة لزعيمهم تقوم بطحن الحبوب للرعية مجانًا، ويدفع هو أجور العمال ونفقات الإصلاح[22].
- تغطية النفقات:
كانت تغطية تلك النفقات وسد النقص في موارد الدولة تتم عن طريق أسلوب الغزو والنهب والسلب؛ إذ كانوا يشنون الغارات على البصرة والكوفة تارة، وعلى الحجاز تارة أخرى، ويعترضون قوافل الحجاج في طريق مكة؛ فينهبون الأموال ويسبون النساء[23]. ويتم كذلك فرض الإتاوات والغرامات التي كانت تدفعها مدن وقرى العراق وبلاد الشام[24].
ومن ناحية ثانية كان الكيان القرمطي يبحث عن موارد تقوم باحتياجاته بدون أن يشعر الناس للحفاظ على ولائهم؛ فوضعوا ضريبة على المراكب التي كانت تمخر الخليج العربي، ثم ضريبة على الحجاج، وضريبة على صيادي اللؤلؤ في مياه البحرين[25].
- التجارة:
وفي ميدان التجارة احتكرت الحركة القرمطية التجارة الداخلية؛ إذ وضع أبو سعيد الجنابي مالية جماعية بين يديه يقوم بتوزيعها على أتباعه؛ فلا يأخذ أحدهم إلا ما يعينه له؛ حيث قبض على منتجات البلد من ثمار وحنطة وشعير، واستولى على المواشي والحيوانات وعيّن لها رعاة، ومعهم قوم، لحفظها والتنقل معها على نُوب معروفة[26].
كما احتكر القرامطة التجارة الخارجية، وفتحوا سوقًا لهم بالخارج (البصرة)، وضربوا نقودًا لهم من الرصاص لا تصرف خارج منطقة نفوذهم[27]؛ وذلك حتى لا تتسرب الثروة العامة إلى الخارج.
- الزراعة وتنظيم أعمال الحرف:
في ميدان الزراعة قام أبو سعيد الجنابي بإصلاح أراضي المزارع وأصول النخل، ونصّب الأمناء على ذلك[28]، وأسس ما يمكن أن يطلق عليه مصرفًا زراعيًّا لتسليف الفلاحين وتشجيعهم في أعمالهم[29]، وكان يشتغل بالزراعة وفلاحة البساتين ثلاثون ألف زنجي وحبشي[30].
أما أعمال الحرف والمهن فأقام العرفاء على أصحابها، وكانت الشاة إذا ذبحت يتسلم هؤلاء العرفاء اللحم ليفرقوه على من يُرسم لهم، ويدفع الرأس والكراع والبطن إلى العبيد والإماء، ويجز الصوف والشعر من الغنم ويفرق على من يغزله، ثم يدفع إلى من ينسجه عبيًا وأكسية وغرائر وجوالقات، ويفتل منه الحبال، ويسلم الجلد إلى الدباغ ثم إلى خرازي القرب والروايا بعد ذلك، وما كان يصلح منه نعالاً وخفًّا عمل منه، ثم توضع هذه المنتوجات في خزائن[31]؛ استعدادًا لتوجيه ذلك لاقتصاد الغزو وتوظيفه في أعمال النهب والسلب.
وهكذا استولى القرامطة في البحرين والأحساء -آنذاك- على وسائل الإنتاج، واحتكروا الحوانيت والمستودعات والأفران والحمامات، واحتكروا مصادر الثروة الزراعية؛ للإمساك بزمام القوى الاقتصادية والسياسية والعسكرية والتشريعية، والتحكم في مجتمعهم وتوجيه وجهة تتفق مع الأهداف التي رسموها لحركتهم.
على الصعيد الاجتماعي
في هذا المجال: يروى ارتباطهم بمذهب مزدك الذي كان يحل النساء ويبيح الأموال، ويجعل الناس شركاء فيهما كاشتراكهم في الماء والكلأ والنار، بذريعة استئصال أسباب المباغضة بين الناس؛ لأن ما يقع -في زعمهم- من الخالفة والبغضاء إنما هو بسبب النساء والأموال[32].
والثغرة الخطيرة في كيان القرامطة هي مشكلة الرقيق؛ ذلك أنهم احتفظوا بنظام الرقيق وجعلوه أداة للإنتاج، وقامت دولتهم من حيث الواقع على طبقتين اجتماعيتين، الأولى: الأحرار وجلهم من المقاتلين الأعراب[33]، والثانية: العبيد؛ إذ كان لهم في ذلك الوقت ثلاثون ألف زنجي وحبشي يشتغلون بالزراعة وفلاحة البساتين[34].
وهذا الوضع يصطدم مع العدالة والمساواة التي كانوا ينادون بها. على أن مبدأهم -الذي يجعل ما يأخذه الفرد يتناسب وحاجتَه، بينما جعل مركزه الاجتماعي يتناسب وقدرتَه على خدمة الجموع- يذهب أدراج الرياح ويفقد مصداقيته على أرض الواقع.
وقد دفع هذا التناقص، بين الواقع الاجتماعي والبنية الفكرية للقرامطة، بعض الباحثين إلى القول بأن دولة القرامطة لم تكن دولة اشتراكية، وإنما كانت دولة تطبق رأسمالية الدولة (دولة المحاربين)، بينما صنفها آخرون دولة اشتراكية، بينما ذهب فريق ثالث إلى أن دولة القرامطة في البحرين والأحساء قامت في منطقة خضعت دائمًا للتأثير الفارسي في الإقطاع الساساني الذي عرف بنظام إقطاعيات الفرسان[35].
على الصعيد الديني
في مجال التدين يروى أن أبا سعيد أعفى أتباعه من الصلاة والصوم، وأصبح مرجعهم في كل شيء، ولذلك حين يُسألون عن مذهبهم يقولون: (إنا أبو سعيديون)[36]. وليس بمدينة الأحساء -آنذاك- مسجد جمعة، ولا تقام بها صلاة أو خطبة[37].
ويؤمن القرامطة بالرجعة؛ لذا كانوا قد وضعوا على باب قبر أبي سعيد حصانًا مهيأ بعناية، عليه طوق ولجام، يقف بصفة مستمرة، معتقدين أن أبا سعيد سيركبه حين يرجع إلى الدنيا[38].
وحين أغاروا على مكة في موسم الحج انتزعوا الحجر الأسود من مكانه ونقلوه إلى الأحساء، زاعمين أنه مغناطيس يجذب الناس إليه من أطراف العالم[39]، وما فقهوا أن اعتدال الإسلام وعدله هما اللذان يجذبان الناس.
وفي عاصمتهم الأحساء -آنذاك- تباع لحوم الحيوانات كلها؛ الحلال والمحرمة: من قطط وكلاب وحمير وبقر وخراف وغيرها. ويسمنون الكلاب كما تعلف الخراف، ثم يذبحونها ويبيعونها لحمًا[40].
وفي موقفهم هذا إشارة إلى استباحة المحظورات، وعدم انقيادهم للشرع في مسائل الأحكام.
في الميدان الحربي
كان زعيمهم أبو سعيد الجنابي يجمع الأطفال الذين تعرضوا للسبي في دور خاصة، ويجعل لهم علامة يُعرفون بها لئلاّ يختلطوا بغيرهم، وينصِّب لهم عرفاء، ثم يأخذ في تدريبهم على ركوب الخيل والرماية وأساليب الفروسية، وبذلك ينشئون لا يعرفون إلا الحرب، وتصير دعوته طبعًا لهم[41]، حتى يكون ولاؤهم له وحده.
الخاتمة
إن تقويم حركة القرامطة بعد دراسة ظروف نشأتها وتعاليمها، وأساليبها في الدعوة، وكيانها، والنظر في أسلوب عملها ونمط حياة زعمائها، يقود إلى القول بأنها حركة باطنية إباحية هدَّامة قامت على الأشلاء والدماء، وعبثت بالقيم والأخلاق؛ فدمرت القرى والمدن، وقتلت الشيوخ والنساء والأطفال، ووصل بها الأمر إلى انتهاك حرمة الأماكن المقدسة، وقتل حجاج بيت الله الحرام.
إنها لا تختلف عن الحركات الثورية اليسارية التي شهدها العالم المعاصر؛ إذ نجد قاسمًا مشتركًا بينها وبين المنظمات السرية كالماسونية، والمذاهب الفوضوية كالشيوعية، التي تنادي بالإباحية والحرية بلا قيود، والمساواة دون النظر إلى الجنس والدين، وترى أن الدين هو العدو الحقيقي للبشرية، وأنه لا بد من العمل لتهميشه والقضاء عليه.
المصدر: موقع مجلة البيان.



[1] الطبري: تاريخ الرسل والملوك 11/62، 75، 97 (طبعة دار الفكر).
[2] الجامع في أخبار القرامطة، حاشية رقم 2، ص212.
[3] ناصر خسرو: سفرنامة ص158.
[4] ابن الجوزي: المنتظم 12/297، 298؛ والبغدادي: الفرق بين الفرق ص227، 228.
[5] ثابت بن قرة: تاريخ أخبار القرامطة (انظر: الجامع في أخبار القرامطة) ص16، 17.
[6] المصدر نفسه، (انظر: الجامع ص5763).
[7] ابن الأثير: الكامل 6/204؛ والمقريزي: اتعاظ الحنفاء ص185.
[8] الطبري: تاريخ الرسل والملوك 10/75؛ والقاضي عبد الجبار: تثبيت دلائل النبوة 2/378.
[9] المقريزي: المقفى 3/294.
[10] القاضي عبد الجبار: تثبيت دلائل النبوة 2/380.
[11] البغدادي: الفرق بين الفرق ص218؛ والحفني: موسوعة الفرق ص319.
[12] ثابت بن قرة: تاريخ أخبار القرامطة (الجامع ص35).
[13] القاضي عبد الجبار: تثبيت دلائل النبوة 2/384، 385.
[14] الجامع في أخبار القرامطة ص157168.
[15] المقريزي: اتعاظ الحنفاء ص160، 161، 166، 177، 182، 188؛ والمقفى الكبير؛ ومحمد بن مالك: كشف أسرار الباطنية، (الجامع ص222225) 3/294297.
[16] ابن حوقل: المسالك والممالك.
[17] ناصر خسرو: سفرنامة ص159.
[18] المقريزي: المقفى 3/289، 290.
[19] المصدر نفسه 3/290.
[20] محمد علي حيدر: الدويلات الإسلامية في المشرق ص38.
[21] ناصر خسرو: سفرنامة ص160.
[22] المصدر نفسه ص160.
[23] النويري: نهاية الأرب 25/176، 284، 285؛ والجامع في أخبار القرامطة ص157.
[24] مصطفى غالب: الحركات الباطنية في الإسلام ص172.
[25] المرجع نفسه ص172.
[26] المقريزي: اتعاظ الحنفاء ص161.
[27] ناصر خسرو: سفرنامة ص160.
[28] المقريزي: اتعاظ الحنفاء ص164.
[29] مصطفى غالب: الحركات الباطنية في الإسلام ص172.
[30] ناصر خسرو: سفرنامة ص159.
[31] المقريزي: اتعاظ الحنفاء ص164.
[32] الشهرستاني: الملل والنحل 1/249.
[33] مثل: بني الأضبط من كلاب، وبني عقيل وبني سنبر. انظر: المقريزي: المقفى الكبير 3/289؛ والطبري: تاريخ الرسل 10/71؛ وابن كثير: البداية 11/92.
[34] ناصر خسرو: سفرنامة ص159.
[35] سهيل زكار: مقدمة الجامع ص31.
[36] ناصر خسرو: سفرنامة ص159.
[37] المصدر نفسه ص160.
[38] المصدر نفسه ص160.
[39] المصدر نفسه ص160.
[40] المصدر نفسه ص167.
[41] المقريزي: اتعاظ الحنفاء ص161.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75519
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرامطة في الخليج العربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: القرامطة في الخليج العربي   القرامطة في الخليج العربي Emptyالإثنين 29 يوليو 2013 - 2:18




 القرامطة في الخليج العربي 19508_image002


ثورة قرامطة البحرين.. الإصدار الأخير


من أبجديات الثورات الناجحة أن تكون مطالبها عادلة ومحل اتفاق بين جميع مكونات الشعب، بحيث يتسق المواطنون في أهداف واحدة ومحددة، لعل هذا كان السبب وراء نجاح ثورتي تونس ومصر على التوالي، وعندما تنحرف أجندة مطالب الثورة لتصبح أهدافًا فئوية وذات طابع خاص، إما طائفي أو عرقي أو ديني، فإن الوطن عادة هو الضحية، وهو ما يجري الآن على أرض البحرين من ثورة شيعة البحرين، أو بالأدق قرامطة البحرين في ثوبها الجديد.
ثورة البحرين طائفية بامتياز
هذا هو أدق وصف لما يجري الآن على أرض البحرين؛ إذ إن النفس الطائفي في هذه الثورة قد أصبح مثالاً للعيان، بحيث لا يختلف عليه اثنان، حتى ممن كان يؤيد مطالب ثوار البحرين ويراها عادلة ومشروعة من قبل (مثل الدكتور طارق سويدان)، وإن كنا نؤيد الثورات العربية التي قام بها الأحرار والشرفاء من أبناء مصر وتونس وليبيا ضد أنظمتهم الدكتاتورية المستبدة، فإن الذي يجري الآن على أرض البحرين لا يمتد من قريب أو بعيد لما جرى في مصر وتونس وليبيا، فهي ليس ثورة تحرير وانتفاض على الظلم والاستبداد كما وصفها كُتّاب إيران من جملة الأقلام المأجورة والممولة إيرانيًّا، بل هي ثورة طائفية بامتياز، الهدف منها نسف الوطن وتذويبه ونقله بالكلية لصالح إيران، وبنظرة سريعة على الشعارات التي رفعها المتظاهرون في دوار اللؤلؤة بالمنامة، يتضح لنا مدى صحة ودقة هذا الوصف.
فعلى سبيل المثال وردت عدة شعارات دينية تتعلق بالمهدي لدى المتظاهرين على مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والتويتر وفي الأفلام المسجلة من موقع التظاهر، وهي منشورة على اليوتيوب، وذلك مثل قولهم: (يا صاحب الزمان العجل العجل، يا مولاي فقد طال الانتظار.. اظهر لتنصر الإسلام والمسلمين وتقضي على الظلم...)، ويقصدون بذلك المهدي في عقيدتهم، وقول أحدهم ينادي المهدي: (مات التصبُّر بانتظارك أيها المحيي للشريعة، إلى متى التّصبر وديننا هدمت قواعده الرفيعة، يا رب عجل لوليك الفرج واجعلنا من أنصاره وأعوانه وانصر المؤمنين والمؤمنات على الظالمين).
وفي خلال الأيام الأولى بدأت معالم التظاهر وطبيعته الطائفية تظهر بوضوح من خلال الشعارات التي رفعت، وبدأ الوجه الطائفي يتجلى وذلك حينما أعلن المنظمون للتظاهرة أن اللبس الموحد لكل المتظاهرين هو اللون الأسود، ومعروف لدى الجميع في البحرين أن لبس السواد هو طقس شعائري يمارسه الشيعة في مآتمهم ولطمياتهم الجنائزية، مع وضع عصابة على الرأس تحمل عبارة (يا حسين)، وكذلك رفعهم إلى جانب أعلام البحرين الأعلام السوداء، وهي أعلام لا ترفع إلا في مناسبتهم الدينية.
وللأعلام السوداء هذه بعدٌ عقائديّ في التراث الشيعي، فهي ترتبط بخروج أنصار المهدي من خراسان الذين يحملون رايات سوداء كما يقولون، ولهاجس فكرة المهدي في الذهنية الشيعية ارتباط وثيق في كل تحركاتهم ومن ضمنها التحرك السياسي، فكل الأعمال والممارسات مصبوغة باللون الطائفي الشيعي عند رجل الشارع الشيعي العادي، فما بالك بالثوار والمتظاهرين!
أما في أدبيات الشيعة وعقائدهم، فإن البحرين تحتل مكانة بارزة في الإرث الطائفي للمعتقد الشيعي، ففي كتاب (الجفر) المعظّم عند الشيعة بكل طوائفها وفرقها الكثيرة، وهو كتاب ينسبه الرافضة زورًا وكذبًا لأمير المؤمنين علي القرامطة في الخليج العربي T_20، ولا تكاد ترى منه نسخة تتطابق مع الأخرى، فهو يزاد فيه وينقص حسب الأهواء والحاجات المتجددة، نجد في هذا الكتاب المزوّر سياقات عديدة تخص البحرين منها: "يا ويل لأهل البحرين من وقعات تترادف عليها من كل ناحية ومكان، فتؤخذ كبارها وتسبى صغارها". وفي هذا تهديد صريح وواضح لأهل البحرين بما سيقع لهم على يد ثوار الشيعة؛ لذلك فلا عجب أن نرى قرامطة البحرين يشتبكون مع أهل السنة بلا أدنى داعي في الجامعات والأماكن العامة، ويعتدون حتى على النساء بصورة وحشية وغير مبررة، ولكنها الطائفية السوداء التي تعمي الأبصار وتغلق العقول.
لماذا الإصرار على استدعاء التاريخ ؟
وكما لا يمكننا أن نعزل ما يجري اليوم على أرض البحرين عن بُعده الطائفي، فإننا لا يمكننا أيضًا أن نعزله عن سياقه التاريخي، فثمة مزج متعمد بين الطرفين ،وهذا المزج هو الذي أنتج لنا ثورة مطورة ونسخة حديثة تمثل الإصدار الأخير لثورة قرامطة البحرين التي وقعت في نفس المكان منذ أكثر من ألف ومائة سنة، وهذا المزج كان ظاهرًا من أول يوم لثورة قرامطة البحرين، فثمة استدعاء للتاريخ في شعارات هذه الثورة الطائفية نقرؤه على لافتة أحد الثوار القرامطة وعليها كتب: (يا علي يا صاحب الزمان أدركنا بني أمية ذبحونا). فما استدعاء ذكر بني أمية من التاريخ في أحداث البحرين اليوم إلا استدعاء واستنفار للذاكرة الشيعية المشحونة بكل قوة تجاه بني أمية الذين يمثلون رمزًا للطغيان والمذابح التي وقعت بحق آل البيت في اعتقاداتهم.
ثم نقرأ شعارًا أشد منه إجرامًا وخبثًا، وفيه كتب أحد القرامطة المعاصرين: (لعنة الله عليكم يا صهاينة آل السقيفة). وكما هو معلوم أن آل السقيفة هم خيار وكبار الصحابة الذين اجتمعوا لاختيار خليفة لرسول الله القرامطة في الخليج العربي R_20 بعد موته، فانظر كيف ربط هؤلاء الأرذال الضّلال بين خير الناس وشرهم وهم الصهاينة! في إشارة منهم لاستلابهم الأمر من آل البيت على حد زعمهم، هذا الإصرار الشيعي من ثوار البحرين الطائفيين على استدعاء التاريخ وربطه بالواقع، يدفعنا للتنقيب في تاريخ البحرين، لعلنا نخرج بمسلمة تاريخية تفسر لنا كثيرًا من الأحداث الدائرة على أرض البحرين والهدف الحقيقي منها.
قرامطة البحرين بين الماضي والحاضر
القرامطة حركة باطنية هدامة، اعتمدت التنظيم السري العسكري، ظاهرها الرفض وباطنها الإلحاد والزندقة والإباحية، استغلت أحداث ثورة الزنج في جنوبي العراق سنة 255هـ للتمكين لنفسها في البحرين (ولاحظ تطوُّر ثورات شيعة البحرين بعد الغزو الأمريكي للعراق، وإقامة حكومة شيعية موالية لإيران فيها). من البحرين استطاع القرامطة أن ينتشروا في ثلاثة اتجاهات في العالم الإسلامي، في العراق، والشام، والبحرين، وقد أبيدت القرامطة في العراق والشام، في حين استطاع القرامطة في البحرين إقامة كيان قوي هدد العالم الإسلامي لفترة طويلة، وقد وصفهم المؤرخون الشيعة (الإسماعيلية تحديدًا) مثل مصطفي غالب، وإسماعيل الميرعلي بأنهم "روَّاد الإصلاح والتغيير الاجتماعي والاقتصادي في العالم الإسلامي"، وهو الوصف الذي يحب ثوار البحرين اليوم أن يطلقوه على أنفسهم أنهم يبحثون عن العدالة الاجتماعية والتغيير السياسي، فتأمل مدى الشبه بين اليوم والأمس.
القرامطة كانوا أكبر من مجرد حركة ثورية تريد نشر الانحلال والإلحاد، فلقد كانت جزءًا من مخطط مدروس ومحكم بدقة من أجل نشر فوضى اجتماعية وأخلاقية في العالم الإسلامي، والعجيب أن مؤسس فرقة القرامطة في البحرين كان رجلاً إيرانيًّا، ولد في قلب الهضبة الإيرانية اسمه "أبو سعيد الجنابي"، وكان رجلاً ذكيًّا استفاد من طول إقامته بالبحرين في توثيق علاقاته مع القبائل العربية هناك (لاحظ ما فعله المرجع الشيعي هادي المدرسي خلال إقامته بالبحرين بعد أن جاءها فارًّا من العراق سنة 1969م، ورده لجميل الأسرة المالكة هناك والتي منحته الجنسية البحرينية بمحاولة الانقلاب عليها سنة 1981م).
استطاع أبو سعيد أن يشكل جيشًا حربيًّا من البدو، ومد سلطته إلى خارج البحرين حتى شملت الأحساء، وشكل تهديدًا خطيرًا للخلافة العباسية، وكان أبو سعيد يتمتع بإمكانات عسكرية وإدارية كبيرة مكَّنته من توطيد نفوذه.
بعد وفاة أبي سعيد تولى مكانه ابنه أبو طاهر، وهو من أخطر الشخصيات في تاريخ القرامطة، والمؤسس الحقيقي لدولة القرامطة التي امتدت آثارهم حتى اليوم في البحرين والأحساء، وكان يسعى لهدم الإسلام بالكلية وإزالة شعائره من الوجود، من أجل ذلك قاد حملة عسكرية سنة 317هـ هجم بها على مكة يوم التروية وأحدث مجزرة بشعة قتل خلالها ثلاثين ألفًا من حجاج بيت الله، وردم بئر زمزم، وقلع الحجر الأسود من مكانه، ونقله إلى بيتٍ أعده في عاصمة دولته "هجر"، ودعا الناس لزيارته والطواف به، وظل ذلك الطاغية شوكة حادة في خاصرة العالم الإسلامي حتى هلك.
القرامطة وإن كانوا قد انتهوا كدولة قائمة لها كيان عسكري واجتماعي وسياسي منتظم، وذلك في أواخر القرن الرابع الهجري، إلا إن الفكر والأيدلوجية والمرجعية الثقافية والبنية العقائدية بكل ما تحمله من ضلالات وانحرافات ومخططات، ما زال موجودًا ويسكن عقول الكثيرين من أبناء الطائفة الشيعية في هذه المنطقة تحديدًا (البحرين - الأحساء)، وهنا مكمن الخطر، فزوال الدول أهون بكثير من زوال الأفكار والعقائد التي عادةً ما تستغرق قرونًا حتى تندثر؛ فالعقائد والأفكار والمخططات تظل ساكنة في قلوب وعقول أصحابها حتى تحين اللحظة المناسبة لإنزالها لأرض الواقع أو لإعادة أمجاد الماضي، حتى ولو كان هذا الماضي بعيدًا جدًّا لألف سنة وزيادة إلى الوراء.
من الولاء العقدي إلى الولاء السياسي
فالهدف الواضح لثورة قرامطة البحرين اليوم هو إحياء فكرة الدولة الشيعية الكبرى التي بدأت كهلال شيعي يمتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان، وهو الهلال الذي أخذ في الاكتمال والوصول لمرحلة القمر ليلة البدر، بفضل الدعم الإيراني الضخم لكافة الأقليات الشيعية في العالم الإسلامي، ولكن على ما يبدو من تصاعد وتيرة الاحتجاجات وتنامي معدلات العنف فيها أن قرامطة البحرين ينوون هذه المرة إشعال منطقة الخليج كلها بحرب عارمة وفتن داخلية طاحنة يتحول خلالها كل شيعي في الخليج لمشروع جاسوس لإيران، بحيث يتحول الولاء العقدي لإيران لولاء سياسي أيضًا، يعمل خلاله كل شيعي في البحرين خاصة والخليج عامة ضد المصالح العليا لوطنه ودينه وهويته، لصالح أجندة إيرانية مفضوحة الأهداف والنوايا.
فما الذي يدفع ثوار يطالبون بالعدالة الاجتماعية والمساواة والقضاء على البطالة والفساد، برفع شعارات تشتم العرب والعروبة، كأنها ليسوا من العروبة في شيء؟ وفي الوقت نفسه وعلى نفس اللافتة ترفع عبارات تمجيد وإشادة بإيران مثل عبارة "لا للعربي الخوان تحيا تحيا إيران"؟! ثم ما حاجة الثوار الذي يبحثون عن رقي بلادهم وتقدمهم وتخليصها من الظلم والاستبداد بزعمهم لئن يرفعوا أعلام إيران وأعلام حزب الله الشيعي اللبناني؟! أليس هذا استعداء متعمدًا للنظام الحاكم لئن يبالغ في رد فعله وهو يرى بلاده تتعرض لعملية استلاب منظمة تهدف إلى تذويب هذا البلد لصالح دولة أخرى؟!
لذلك أقول: إن الثوار برفعهم لسقف المطالب ومجاهرتهم بولاية إيران ومساعدتها يريدون دخول أطراف أخرى في البحرين، وهو حدث مع دخول قوات دول التعاون الخليجي (السعوديَّة والإماراتيَّة)؛ لأن هذا الدخول سيعطى المبررات لنشر حالة الفوضى العارمة، ويفتح الطريق أمام كل الاحتمالات، ويجعل أمن الخليج كله في خطر، وهو عين ما تبحث عنه إيران في الوقت الحالي؛ للرد على ثورات العرب في الشمال الإفريقي، والتي بالنظر الدقيق تصب في غير صالح النفوذ الإيراني في المنطقة.
لذلك كان على صانع القرار في البحرين الانتباه لخطورة المخطط الصفوي الإيراني الذي تجري فصوله على أرض البحرين؛ لأنها مسألة مصير أكبر من كونها ثورة صغيرة في بلد صغير؛ فالبحرين في خطر حقيقي، وانهيار السد البحريني سيعني في النهاية طوفان إيراني سيكتسح المنطقة كلها, وإفشال ذلك المشروع الطائفي بات اليوم أمرًا لا مناص منه, وعروبة واستقلال وسيادة وحرية الخليج العربي باتت مرتبطة جذريًّا اليوم بنتائج إدارة الصراع في البحرين؛ فأمن الخليج كله على المحك إذا لم يتم التعامل بقوَّة وحسم مع هؤلاء الثائرين، الذين يمثلون آخر إصدارات الفكر القرمطي الخبيث في بلاد الإسلام.
المصدر: موقع مفكرة الإسلام.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
القرامطة في الخليج العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» هل تتعلم دول الخليج العربي من أخطائها؟
» القرامطة
» القرامطة والباطنية
» الخليج العربي أم الفارسي؟ صراع يتجاوز الاسم
»  “طائرات بدون طيّار” تتكدّس في محيط الخليج العربي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: